توضيح هام :

هذا الفصل مهم جدا لفهم الأحداث القادمة من الأفضل أن لا تستهين به لمجرد أنه *فلاش باك

...

..

.

" يبدو أن شكوك زعيمة العشيرة صحيحة ،هذا الشخص قد يكون مشعوذا أو له صلة بهم...أو..ماذا لو كان مجرد دمية تجسس أرسلها هؤلاء الأوغاد ؟..،ينبغي أن نسجنه و نبدأ التحقيق معه بشكل أكثر صرامة " اقترح المدير زيك تخميناته و أمسك بقوقعة الاتصال ،على وشك إرسال أوامره بالقبض على رادون

" توقف..إنه ليس مشعوذا ،و لن أسمح لك بالقبض عليه " قاطعه اوروك على عجل

" ماذا تعني؟ ،و كيف تعرف أنه ليس مشعوذا؟ "

" بما أنني قبلته كتلميذ، فقد قمت مسبقا باختبار طاقته السحرية و تبين أنه خال من السحر تماما "

" لكن...ماذا لو كان يستعمل خدعة ما أو لعنة لإزالة قواه السحرية مؤقتا؟ "

" أنا لا أهتم ،ذلك الفتى تحت حمايتي الآن " التفت و غادر مع هيرميس

".."

بعد رحيلهما أغلق زيك باب مكتبه و تغير تعبيره المسالم إلى غاضب ،لكم الحائط بقوة و بدأ في شتم اوروك

" تبا لك..أيها العجوز المتغطرس ،لا أعلم لماذا امرأة بمثل قوتها تترك له حرية التصرف كيفما يشاء في هذه الأكاديمية؟ ،كأن وضعي هنا كمدير كان لمجرد ملء الفراغ..,حسنا...لنر كيف ستتعامل مع هذا؟ " وضع ورقة على مكتبه و بشكل عجيب حلقت الريشة من المحبر ،ثم بدأت في كتابة شيء ما..

***

" العرّاب..لماذا أخذته كمتدرب رغم أنه مجرد شخص عادي و عندما سألتك أن تعلمني رفضت؟ "

" هاهاها...هيرميس..صغيرتي يا لك من ساذجة ،من سيصدق أن بشريا هزم ساحرا هجينا في عراك بالأيادي ثم يطلق عليه شخصا عاديا ،ثم ما يدريك أن لدي ما أعلمه إياه؟ ،أما مسألة رفضي فقد أخبرتك بالفعل أنه لا أستطيع تعليمك شيئا...فأنت ساحرة بالفطرة "

" إذا فمسألة تعليمه كانت مجرد عذر ،لكن...أليس البشر أضعف الأجناس؟..أم أنه يستعمل أداة مثل هذه لإيهامنا أنه محض إنسان " أشارت إلى قلادة أرجوانية معلقة حول رقبتها

" في شبابي كنت أعتقد نفس الشيء ،لكن ما حدث اليوم غير طريقة تفكيري كليا.."

و هما يمشيان جنبا إلى جنب، رفع رأسه و تأمل في السماء ثم تمتم بخفة

" حكاية المسافر ليست مجرد أسطورة "

تذكر جدته وهي تقول هذا كل مرة قبل أن تشرع في سردها

***

" اليوم...سأروي لكم إحدى الأساطير القديمة "

جلس حكيم مملكة ليثيوس و أحاطه مجموعة من الصبية ،أنصتوا باهتمام و بدوا متحمسين للغاية ، ما عدا رادون الذي لم يبدو مهتما كالعادة

" كالعادة ،سيقوم باختلاق بعض الهراء مجددا..." غمغم رادون بطريقة هزلية

" اصمت رادون..لا أحد طلب رأيك " عاتبه أحد الصبية

" منذ أزيد من ألفي سنة أي في *عصر ما قبل السحر..حيث كان البشر همجيين و جاهلين لمدى اتساع العالم ، *استرال أمير من أمراء الجان..في إحدى رحلاته الشيقة تمكن بطريقة أو بأخرى من دخول عالم البشر و بدأ مغامرته ،وحيدا يتنقل من قرية لأخرى و من مكان لآخر..أخذ يستكشف المخلوقات حتى قادته قدماه إلى مدينة آشور عاصمة العالم و منبع العلم و الثقافة ، ترمز هذه المدينة آنذاك للتحضر و الرقي..خلال مروره من القرى تعلم استرال لغة البشر و عاداتهم لا أحد شكك في آدميته..كان أقرب ما يكون إلى بشري منه إلى جني ،ما عدا أذناه الطويلتان و أجنحته المخفية خلف لباسه "

" حكيم ،هل الجان طيبون ؟" سألت فتاة صغيرة مع فضول

" ههه..الجان عرق كالبشر فيهم الطيبون و فيهم الأشرار ،لكن عكسنا نحن..الشرير عندهم لديه سمات واضحة...حسنا لنكمل حيث توقفنا ،مدينة آشور اكتسبت شهرتها من برج يدعى المكتبة العظمى ليست أي مكتبة بل هي أول واحدة بنيت منذ عمارة الإنسان..معها ارتفع وضع الكتّاب و مكانتهم ، استرال لم يستطع المقاومة و دخلها لإشباع فضول معرفته..و هناك حيث وقع في حب شاعرة مشهورة كانت تدرس فيها تدعى *إيسلا ،تحدثا و توطدت علاقتهما مع مرور الوقت و أخبرها عن قصته و حقيقته..حتى أنه حلّق بها في جولة رومانسية ، في أحد الأيام قدم لخطبتها من والديها لكنه تلقى رفضا جارحا بحجة أنه لا ينتمي لأسرة عريقة ويريد استغلال ابنة الوزير الأول لمصالحه ،على الرغم من أنها أحبته حقا إلا أن والدها لم يهتم بمشاعرها وفضل طموحاته السياسية في النهاية قررت الفرار معه..هذه العلاقة المحرمة أدت لمطاردتهم من طرف الأمير الغيور ،سرعان ما تمت محاصرتهم في القرية التي ظهر فيها استرال لأول مرة..*تنهد..آه كم تمنى لو أن تلك البوابة الغريبة تفتح مجددا حتى يتسنى له الهرب هو و عشيقته "

توقف عن السرد و نظر لوجوه الأطفال المملوءة بالخوف و الترقب ،فابتسم ثم أكمل " حين أدركوا أنّ لا مفر لهم ظلوا يستنجدون بأهل القرية ،غير أنهم تجاهلوهم و استأنفوا أشغالهم اليومية...بعد فوات الأوان على الهرب ،في النهاية قاموا بإحاطتهم و اعتقل استرال على إثر ذلك أمّا إيسلا فقد احتجزها والدها لعصيانها أوامره ،لكن كان هناك مشاهد لم يكن أحد على علم به ،قيل إنه الخادم الملكي الذي تولى مهمة البحث عن الأمير استرال و يبدو أنه وجد وسيلة للسفر إلى *الأرض أيضا...خلف مجموعة من الشجيرات على حافة غابة قرب القرية ،انتظر حتى غادر الأمير و حاشيته ثم تراجع إلى عمق الغابة ،بالطبع لاحظه بعض أهالي القرية لكن لا أحد اكترث..ما عدا فتى صغير فضولي اندفع لملاحقته ،بينما كان يتتبعه بعينيه رأى مشهدا عجيبا ،شاهد رجلا ذو أجنحة واقفا وسط صرح قديم به ثماني أعمدة ،أنارت تلك الأعمدة و تجمع ضوءها في الوسط حيث يوجد الشخص بالضبط ،عندما تلاشى السطوع..اختفى الشخص دون أثر ،عاد الصبي للقرية و أخبر الناس بما رآه لكن لا أحد صدقه..و يقال أنه بعد بضعة أيام خرج الفتى مستاءا و لم يعد بعد ذلك أبدا..من جهة أخرى وصل الخادم لمملكة الجان و حكى كل شيء بالتفصيل ،حين علم ملك الجان عن ما حدث لابنه سارع لإنقاذه و حشد جنوده استعدادا للحرب في حالة رفض العدو تسليم الرهينة ،لكن لأن البشر آنذاك كانوا جهلة حين اكتشفوا أن استرال جني لم يكتفوا بوضعه في السجن بل عذبوه حتى الموت ضنّا منهم أنه وحش..و لكم أن تتخيلوا ما حدث عند قدوم ملك الجان لشراء حرية ابنه ،لم يتوقف جهل ملك البشر عند ذلك الحد بل حتى أنه رمى جثة الأمير استرال بغطرسة و أعلن الحرب ضد مملكة الجان ،تلك الحرب التي لم تدم سوى يوم واحد ،تم فيها ذبح كل كائن حي في العاصمة و شيئا فشيئا قام ملك الجان باستعباد البشر في القرى المجاورة للتنفيس عن حزنه و غضبه..هكذا كان أجدادنا..ضعفاء و جاهلين ،لم تكن هذه سوى مملكة واحدة في عالم الجن ،يشاع أنه هناك الكثير غيرها..لكن بفضل هذه الكارثة علمنا عن السحر و مدى قوته "

(//تعليق الكاتب : الأرض اسم يطلق على عالم البشر)

" لك..لكن..ماذا حدث لإيسلا؟..هل ماتت أيضا؟ " سألت نفس الفتاة بقلق

" هربت قبل وقوع الكارثة لأنها لم تستطع تحمل موت استرال و محاولة والدها لإجبارها على خطبة الأمير ،ربما لولاها لما وصلت القصة إلى مسامعنا "

" أين البطل؟..لابد أن يكون لكل حكاية بطل ،لا تخبرني أن استرال هو البطل فهو لم ينقذ أو يضحي بأي شيء "

" *هاااهاهاا...رادون..يتضح أنك تنصت لما أقوله رغم جحودك "

" كل ما في الأمر أنه لا يمكنني إغلاق أذني " رد بعناد

" حسنا..استرال ليس هو البطل ،لقد ذكرته في القصة لكنك لم تنتبه ،إنه ذلك الصبي الذي غادر القرية "

" أتمزح معي أيها العجوز...كيف يكون ذلك الشخص بطلا؟..بالكاد ذكر مرة واحدة "

" هل قلت أنها نهاية القصة؟..عليك أن تتحلى بالصبر قليلا..لنكمل حيث توقفنا ،بعد رحيل الفتى *رافل عن القرية عاد للصرح القديم لمحاولة اكتشاف أسراره فلمس عن طريق الخطأ حجرا غريبا بأحد الأعمدة الثمانية مما أدّى لانتقاله بنفس الطريقة إلى عالم الجان ،هناك وجد نفسه في منتصف صرح قديم يشبه ما عرفه سابقا ،يحيط به أبنية مهدمة أكل عليها الدهر وشرب وخارج الخراب وجد غابة ضخمة و مليئة بكل أنواع النباتات الغريبة..اشتد جوعه و حاول أن يبحث عن طعام ،لكن حدث عكس ما أراده أوشك أن يكون طعاما لوحش سحري ،لحسن الحظ أنقذه جني شاب صادف أنه كان يصطاد الوحش ذاته هناك تعارفا وصارا صديقين ،فذهب معه في مغامرة استمرت قرنا من الزمن تجوّلا في عالم الجان و سافرا لعوالم أخرى ،حتى أنه علمه السحر و قاتلا معا في العديد من المعارك..للأسف مات ذلك الجني بسبب لعنة من عدو قديم كان يحاول التخلص منها منذ زمن بعيد لكنه لم يفلح ،حزن كثيرا على فراق صديقه الوحيد لكن ما باليد حيلة..عندما لاحظ أنه لم يعد هناك سبب له للبقاء من أجله..قرر العودة للأرض ،رافل الآن رجل مسن تجاوز المائة عام يحمل حقيبة مملوءة بكتب و سجلات عن رحلاته ،ما إن وصل إلى موطنه حتى فوجئ بما آلت إليه أحوال الناس ،استعبد القرويون و سلبت أموالهم و اغتصبت نساءهم ،هذا المنظر المروع أغضبه فقتل الجان داخل القرية و حرر الناس منهم ثم استفسرهم عن ما حدث قبل مئة عام فأبلغه بعض الشيوخ بما حصل..لمّا أدرك ما وقع مرر إليهم كل معرفته بالسحر حتى يتمكنوا من حماية أنفسهم و مساعدته على تحرير الباقين ،لكن خطته لم تكتمل لأن ملك الجان قد علم بقوته بطريقة ما و هدده بقتل مزيد من البشر إن لم يسلم نفسه ،هنا ضحى البطل بنفسه و ترك كل مخطوطاته لدى القرويين ما عدا كتاب واحد فضل إبقاءه لنفسه و أخبرهم أن يستعدوا سرا لبدأ الحرب بعد إعدامه مباشرة ،وصل الوقت المعلوم و تم إلقاءه في *هاوية قلب الجبل ،مباشرة بعدها تم تنفيذ الخطة و وقع انقلاب غير متوقع ضد الجان ساهم في انتصار البشر و تحررهم من عبودية دامت أكثر من قرن...هذه نهاية أسطورة المسافر..أول ساحر عرفه التاريخ. "

***

ما علاقة أوروك بهيرميس؟ و ما هو السر وراء تلك القلادة التي ترتديها؟ و ما الكتاب الذي فضل رافل الاحتفاظ به؟

كل هذا و أكثر سنكتشفه مع توالي الفصول ان شاء الله

2020/03/17 · 310 مشاهدة · 1511 كلمة
kelsier
نادي الروايات - 2024