كان اسمه منير عماد سيد

كان فتى هادئ يحب القراءة هذا كان غريبا بالنسبة للناس في عصره فلا أحد يحب القراء اليوم, كان فتى ذا قامة معتدلة وبشرة سمراء قمحية وعيون سوداء تتسم دائما منذ ولد بالفراغ التام وشعره كعينة في اللون.

نادرا ما كان يظهر مشاعر قوية , وكان لديه أخت اسمها هبة كانت أصغر منه ببضع سنين .

في ذلك اليوم كان يجلس مع أصدقائه الثلاثة الذي كان يدعوهم بـ(المتخلفين) حسنا فقد كانوا على تلك الوتيرة في تعاملهم مع بعضهم –ولا يمكن انكار ان منير كان منهم- كانوا على شاطئ البحر , وصلوا أخيرا بعد تخطيط لمدة أسابيع وتوسل من منير لوالده الذي قد وصل عمره إلى الخمسين , لا يدري منير لماذا كان والده يرفض بتلك الشدة بالرغم من أنه سبق ووصل إلى سن العشرين ومع ذلك كان والده يعامله كطفل.

تغير كثيرا منذ أن أنهى كتابة روايته التي نشرت ولاقت رواجا كبيرا, كان لديه قلب قوي وحكمة أكتسبها من تجربته الغريبة مع شيء لم يفهمه, لكنه بعد ذلك وفي ليلة ما استيقظ مفزوعا من كابوس ما وظل يردد: لقد عاد الظل, لقد عاد

لم يفهم لكن أمه قد فهمت وكان الخوف باديا على ملامحها الرقيقة فجعلها قبيحة بعض الشيء ,لكن من قد يصف أمه بالقبح؟؟؟

لازالت تلك الحادثة عالقة ببالة ولا تفارق تفكيره يضع الاحتمالات الواحد تلو الآخر لأنه يعرف أن والده لن يجيب بهذا الشأن, لكن هو يعرف أن وراءها حكاية يجب أن تبقى مختومة في سجن النسيان ,نسي تماما أنه في الرحلة التي تطلبت منه مجهودا كبيرا لإقناع والده بأن يوافق عليها.

أفاقه من تفكيره صديقة عصام الذي قال له وهو يلوح بيده أمام وجهه: هل من أحد هنا ,استيقظ يا منير

-وهل كنت نائما) قالها وهو يحك عينه اليسرى

-لا لكنك كنت هادئا أكثر من المعتاد) كانت تلك من صديقه الثاني محمود, تابع ثالثهم والذي كان اسمه خالد: أهذا ما كنت تقوله عن عدم خروجك من المياه وما إلى ذلك؟

قال منير مدافعا عن نفسه وبهوء تام: كنت سأفعل ما قلته بالحرف لولا أن أحدا ما أصر على أن نأتي أبكر من ميعاد افتتاح الشاطئ بساعتين)

-الشواطئ في مصر هكذا- وأشار إلى محمود الذي دافع عن نفسه بغضب عديم الفائدة: ماكنت لأقول ذلك لولا أن عصام قال لي أنه شاطئ جيد والكل يتوافد عليه في الصيف ويكون الدخول صعبا بسبب الأعداد

فقال عصام: في الأساس من اقترح ذلك الشاطئ كان خالد وأنا قمت بالبحث عن معلومات عنه

فرد خالد: كان من اقترح فكرة الخروج إلى الشاطئ هو أنت يا عصام

كان النقاش محتدم ويتحدثون عن أشياء تافهة بشكل لا تراه إلا في نقاشات الأطفال وقد نسو أن منير هو من أشعل تلك المحادثة بجملة واحدة فقط.

وعلى الطرف الآخر كان منير يجلس مبتسما من سخفهم ويقول في نفسه: لهذا أدعوكم بالمتخلفين.

قد يبدو من هذا أن منير يكرههم أو شيئا كهذا لكن هذا خطأ كبير , كان يعتقد هذا حتى رآهم يندفعون ليدافعوا عن الفتى وقاموا بإبعادهم عن الفتى رغم الاختلاف العددي الهائل كان مواجه بين ثلاثة وعشرة أشخاص.

لقد ارتكب والدك الخطيئة الكبرى

كفر عن أخطائه بجسدك وروحك

تلك الكلمات سمعها منير وتلاها صفير حاد جعله يمسك برأسه من قوته, لاحظ الثلاثة تصرف منير فسألوه عما به بصوت واحد فأجابهم بأن لا شيء قد حصل سوى أنه شعر بقليل من الصداع ومن ثم قام متحججا بأنه سيذهب إلى الكافتيريا .

تشوش تفكيره وهو يحاول معرفة مصدر هذا الصوت و خطيئة أبيه الكبرى ,(الظل) تلك كانت أول كلمة تخطر بباله ما علاقته بهذا أم تلك كاتن تفاهات عجائز أم أن تفسير ذلك مختلف تماما , هل قتل؟ لا لكان قد سجن على الأقل سبع سنين , ما هذا بالضبط تبا يكاد رأسه ينفجر من شدة التفكير وتعدد الاحتمالات المتفرعة هل هذا هل ذاك.

قاطع تفكيره مشهد بدأ أمامه, كان رجل –في حالته ذكر في البطاقة الشخصية- يتحرش لفظيا بسيدة, لكن ما أثار غيظ منير جدا أنها كانت منقبة وترتدي ملابس فضفاضة جدا.

لكن بالرغم من غيظه إلا أنه فضل أن يشاهد المشهد إلى أن تصل الأمور إلى لحظة معينة.

كان زوجها قد جاء مهرولا من الكافتيريا على الأغلب كان يشتري شيئا ليأكله هو وزجته , وصل وبعدها استفسر من زوجته عما حصل , عندما علم احمر وجهه غيظا وضرب الفتى ضربة على وجهه جعلت وجهه يتمرغ بالتراب.

كان منير ينظر في قلق , تبا ما الذي يفعله هذ الأحمق ,سيقتل نفسه!!!!!!

هذه حقيقة استنتجها, فذلك الفتى كان جالسا مع ..... مع عائلة كانت مقاربة للثلاثين في عددها وأكثر من نصفها رجال ووجههم يحمل نفس العلامة(الفساد التام).

في لحظة واحدة قام كل الرجال وحمل كل منهم عصاة أو سكين أو أي شيء يمكن أن يضربوا به هذا المسكين الذي حاول الدفاع عن شرفه.

التفوا حوله جميعا وبدأ واحد منهم بالتحدث معه , لكن منير لم يقف ليشاهد بل ذهب إلى أصدقائه وأخبرهم بما حصل وطلب منهم أن يأتوا معه لكن طلبه قوبل بالرفض سألهم لماذا ,فأجابه عصام: عندما كنا ندافع عن شخص كنا نستطيع ذلك لأن الأرض كانت في صالحنا أما هنا فلا , لا تحزن من ردي يا عماد لكنك تطلب منا أن نفقد أرواحنا في معركة لا فرصة لنا فيها.

-ما ................ ما الذي تقوله؟

في تلك اللحظة شعر منير أن صورتهم بدأت تتحطم قطعة قطعة.

أخذ أشواك الطعام التي قد أحضروها معهم, كان عددها كبيرا بسبب مبالغة خالد , وحين هم بالرحيل أمسك به خالد وقال: لا تكن مجنونا منير ستفقد حياتك بلا فائدة

-لن أستطيع أن أعيش إن مات ذلك الرجل.

قالها بوجه غاضب إلى أٌقصى الحدود, فتركه خالد غريزيا.

كان يحمل 17 ملعقة في كلتا يديه بطريقة ما, وصل إلى المكان فوجد السيدة تصرخ تستنجد لزوجها من أي أحد لكن لا رد وكان هؤلاء الأوغاد يحيطون بالرجل ويربنه بالعصي ويجرحونه قليلا بالسكاكين.

اقترب منير من زوجة الرجل وقال: لقد أحسنتِ اختيار زوجك, سأنقذه لكي.

وقبل أن تستوعب ما قاله كان منير قد ركض إلى تلك الدائرة وأخذ يغرس الشوكات في ذراع شخص وقدم شخص , لم يكن يستهدف المناطق الحيوية لهم ولذلك لم يمت أحد لكنه قد أوقف معظمهم حين تلقى ضربة قوية على قدمه جعلته يسقط على الفور ومع سقوطه سمع صوت شيء يتهشم.

كان منير يفتخر بسرعته الشديدة دائما أمام أصحابه لكنه لن يقدر أن يفعل ذلك مجدداً أتعلمون لماذا؟ , لأن ما تهشم كانت قدمه اليمنى, شعر بألم شديد ودوار أشد, تلك الضربة كانت ممن بدأ بالمشكلة لذلك حين رآه منير نسي ألمه وانقض عليه فجعله يسقط على الأرض.

في ذلك الوقت كان أصداءه الثلاثة قد جمعوا ما يقرب من خمسين شخص من لديه شرف على الشاطئ وتوجهوا إلى المكان الذي كانت دماء كثيرة تلوثه ولعل أكثرها كانت دماء الرجل الذي فقد الوعي من شدة الضرب ودماء منير الذي كسرت قدمه للتو و حين رأوا المنظر وقدم منير التي تحطمت ومنظره وهو منقض على الفتى والناس الذين كانوا ينزفون بسبب طعنات الأشواك , صاح محمود : يا رجال الأعداء هم الذين لديهم آثار طعنات خفيفة .

وبسرعة الضوء انقلب الوضع لصالح الرجل الفاقد للوعي وزوجته التي لم يستوعب عقلها فظلت صامته وهي تراقب المشهد بذهول ومن ثم تتذكر الفتى الذي قال لها تلك الكلمات.

كان منير يجلس على بطن الفتى وبعد ثوان قال: هل تعلم؟ لم أرد أن أضرب كل هؤلاء , هل تعلم؟, هناك أناس يحبونك وسيفتقدونك بشدة إذا مت.

ووضع الشوكة على حلقه ثم تابع: هل تعلم؟, كم تعبت لآتي إلى هنا، هل تعلم؟, بسببك أنت تحطمت صورة أصدقائي في نظري, لا يمكن الغفران لك, أقل عقوبة تستحقها هي الموت بسبب أفعالك.

كان الفتى ينظر إلى منير الذي انفصل عن محيطه الخارجي بتعجب ومن ثم ابتسم , أدرك منير أن هناك شيئا سيحصل له لذلك غرز الشوكة في حلقه بقوة كبيرة.

كانت تلك آخر حركة يفعلها قبل أن يضرب بالعصا على رأسه بقوة ليفقد الوعي...........................

-----------------------------------------------------------------------

نهاية الفصل رجاء أخبروني بآرائكم ومقترحاتكم لهذه الرواية

وإلى اللقاء مع الفصل القادم إنشاء الله

2018/09/04 · 652 مشاهدة · 1237 كلمة
aasdfa
نادي الروايات - 2024