"منظور فراي ستارلايت-
...
منذ التقديم الرسمي للفرقة الخاصة التي ستتولى طليعة الحرب، استمرت القمة بسلاسة لما استعرض الأمير إيغون فاليريون مختلف جوانب الحرب .
كان هنالك الكثير للحديث بشأنه، سواءا من الجانب العسكري و القوات التي قدمتها العوائل الكبرى، و وصولا الى المساهمات المالية و الخدماتية بشكل عام.
تمويل جيش بذلك الحجم لم يكن بالامر الهين ، خصوصا عندما اعلن الامير انه سيتم تزويد كل جندي بعتاد من الفئة B على الاقل.
منح الجنود العاديين هذا القدر من الاهتمام قد كان ضروريا من أجل خطة إيغون الحيوي حاول بواسطتها كسب سكان الإمبراطورية لصالحه بالكامل .
لكن بنفس الوقت ، هذا الامر و ضع ضغطا هائلا على القوى الكبرى لكي توفر كل تلك الأسلحة و الدروع لجيش يبلغ قوامه 100 الف رجل .
يمكن القول أن الحرب القادمة ستستنزف الإمبراطورية بشكل كامل ، السيد ألون أراد حقا الرمي بكل شيء و انهاء الصراع مرة و الى الابد .
بمرحلة ما ، فقدت اهتمامي بالاجتماع بشكل كامل ، فما تمت مناقشته لم يعنيني مطلقا ..
و كأنها كانت تنتظر الفرصة ، اقتربت سانسا هامسة بإذني بعدما لاحظت ما كنت افكر به ..
"هاي، ما رأيك أن نهرب من هذا المكان الممل ؟ هذه المرة الاولى التي أستمع فيها لأخي الغبي و هو يتحدث لكل هذا الوقت لدرجة أنني بدأت أشعر بالغثيان"
"فعلا .. إيغون قد كان يتكلم بدون توقف ، لقد خطط لكل شيئ يخص الحرب بأدق التفاصيل .."
"من حيث التخطيط و التلاعب ، انا أؤمن أن ذلك الامير لم يكن ادنى من بياتريس بأي شكل من الاشكال ."
"مادام هو المسؤول عن القيادة ، فتلك الشيطانة ستعاني الامرين امامه . لقد كانت معركة متكافئة تماما من تلك الناحية بغض النظر عن القوة القتالية لكل منهما ."
"بالعودة الى سانسا .."
"هي حقا تفعل ما تشاء غير أبهة بأي شيء من حولها .."
"لا مانع لدي ، لكن اين نذهب بالضبط ؟"
"لقد قضيت معظم وقتي بأرض الكابوس مؤخرا ، لذلك لم يعد لدي اي حس سليم لمثل هذه المواقف ."
"يمكن القول أنني كنت أتوق للعودة إلى ساحة المعركة."
"لكن سانسا قد اقترحت شيئا مختلفا تماما ."
"لنتجول بالعاصمة ، مضى وقت طويل منذ سمح لي بالخروج و التجول بحرية"
ما ارادته سانسا يمكن اعتباره تماما كطلب للخروج ، بموعد ..
لربما كنت سأفكر بشيء آخر لو كانت الاميرة لا تزال نفس الشخص القديم الذي كانت عليه .
لكن بطبيعتها الحالية، لم يكن هنالك مجال للشك ان ذلك ما عنته .
"هل ستتجولين بين عامة الشعب بقرونك البارزة تلك ؟"
لم امانع شكلها الحالي، لكنني كنت متأكدا من انها ستجلب الانظار اينما ذهبت، لهذا السبب تم حظرها من التجول بين الناس منذ عودتها من قارة الالتراس ..
منذ ذلك الوقت، هي كانت تتجول بالظلال فقط، مخفية نفسها بظلمات قوتها الخاصة .
"لقد رآني العالم بالفعل، لم يعد هنالك ما أخفيه بعد الان"
و بالفعل، لقد تم بث صورتها الجديدة بالامبراطورية باكملها .
"أنت تستبقين الاحداث، صحيح انهم اصبحوا على دراية بك، لكن هذا لا يعني انهم قد تقبلوك"
هناك فرق كبير بين هذا و ذاك .
لكن على ما يبدو ، سانسا قد كانت مدركة للامر بالفعل ... كما قلت سابقا ، هي تفعل ما تشاء ..
أظنها كانت تنتظر الفرصة فحسب لجري معها إلى هذا الموعد الذي كانت تتطلع له .
لوهلة فكرت ، لربما يجب أن أوافق فحسب و اذهب معها ..
كل ما كان يفكر به عقلي مؤخرا هو الحرب ، و كيف وجب علي أن ازيد قوتي بأسرع وقت ممكن ..
لكن في الوقت الذي أوشكت فيه على الاجابة ، قاطعنا صوت ثالث لشخص التزم الصمت حتى الان ..
"لقد تغيرتم كثيرا .."
تحدث بلودمادير الذي لم تفارق اعينه ووجوهنا منذ ان شكلت فرقتنا الخاصة هذه .
"لطالما كان طلاب المعبد مجرد اطفال لا يعلمون شيئا حول حقيقة العالم الذي عاشوا فيه ، مخدرين بفكرة السلام الزائف الذين أوهمهم غيرهم انهم يعيشون فيه "
"لكن حين انظر الى وجوهكم ، لا يسعني سوى أن أتساءل ، هل هذه وجوه اشخاص يوشكون على خوض غمار الحرب ؟ "
جميع الماثلين امامه قد كانوا طلاب المعبد نفسه الذي تولى قيادته لسنين طويلة.
أوجه أولئك الطلاب أظهرت لا مبالاة عجيبة، وكأن ما يوشكون على خوضه ليس حرباً، بل نزهة بقارة أخرى بدلاً من ذلك.
لربما يمكن اعتبارها سذاجة، أو غرور حتى .
لكن بلودمادير أدرك أن تلك لم تكن الحقيقة .
الطلاب أمامه لم يعودوا طلابا، بل أصبحوا محاربين ..
محاربون حقيقيون خاضوا العديد من معارك الحياة والموت، معارك صقلتهم لدرجة أن معظمهم قد أصبح يملك من القوة ليس فقط لقتاله بالند للند، بل هزيمته حتى ..
رؤية تلك الجواهر الغير مصقولة التي راقبها لوقت طويل تبلغ إمكانياتها الحقيقية أخيرا .. بلودمادير شعر ببعض الراحة التي هونت على قلبه المتعب .
الراحة ، والخلاص ..
أنه لم يكن مخطئا عندما اتخذ قراره بالماضي ، عندما تسبب بموت مئات الطلاب ..
عميقا داخل قلبه ، آمن المدير السابق للمعبد أن ذلك كان
القرار الصحيح. ولربما ما كان يراه أمامه حاليا من طلابه لهو خير برهان .
لكنه كان مخطئا ..
"يبدو انك تسيء فهم شيء ما هنا، رافائيل بلودمادير ، فما تراه امامك الان ليس من صنع يدك ."
لتصحيح سوء الفهم للرجل العجوز، كنت أنا من تولى الكلام .
"ما نحن عليه الان ، لهو نتيجة اختياراتنا الخاصة ، و التجارب التي خضناها بأنفسنا ... ما قمت به أنت لم يكن سوى شرارة طفيفة بجحيم الاهوال الذي قطعناه حتى الان ."
بجدية ، هل كان من الجائز مقارنة ما حدث بالاقتحام الذي جرى بالمعبد ، بالمطاردة الاخيرة التي تعرضنا لها مؤخرا بقارة الالتراس؟
"لربما تعتقد انك ساهمت بما نحن عليه الان ، اراك
تحاول التخفيف عن نفسك بهذه الطريقة ، لكن ما تفعله ليس سوى نفاق من طرفك .. ففي النهاية ، انت اخترت تصديقه .. و اتبعت تلك الرؤى التي اراها لك ازرق العينين بشكل اعمى "
"أنت !"
بمجرد ذكري للمهندس، رأيت تعابير وجه بلودمادير تتقلب رأسا على عقب ..
لقد ضربت وترا حساسا ، بذكري لما يفترض أنه الوحيد الذي يعرفه .
لقد كان هو الوحيد الذي فهم ما عنيته، فالآخرون قد بدوا حائرين من كلامي، محاولين استيعاب ما كنت أتحدث عنه.
"أنت مغرور حقا يا بلودمادير، لكي تعتقد انك قادر على تغيير المستقبل بهذه السهولة"
بابتسامة ساخرة، تنهدت عندما فكرت بالامر ..
"مالذي تعرفه بالضبط ؟" هو سأل، بعدما لم يفهم كيف حصل الشاب الماثل أمامه على هذا القدر من المعرفة المسبقة بكل افعاله ..
"على أقل تقدير، أنا أعرف أكثر منك "
تغيير المستقبل ؟
محاربة المصير؟
إسألني أنا عن هذه الامور، فقد قضيت معظم حياتي هنا أحاول محاربتها ..
محاولا السباحة ضد التيار.
لا يمكن تغيير المستقبل الذي يراه أمثال المهندس بهذه البساطة .
فللهزيمة قدرة كاسرة لحدود العالم مثل الاستبصار الخاص به، الامر تتطلب قدرة مساوية لها أو أقوى منها
"من اجل عكس المستقبل الذي يراه .
كانت هذه حقيقة بلغتها بشق الانفس مؤخرا، بعدما عانيت الأمرين ..
لهذا كان المدير السابق للمعبد ساذجا حقا ، و مغرورا إذا ظن انه بتسببه بحدث تافه كالإقتحام، سيغير المستقبل المشؤوم الذي اراه إياه المهندس .
"من يدري يا بلودمادير ، لربما ما اقترفته بيديك ، سيكون هو الفتيل .. الشرارة الاولى لتحقيق ذلك المستقبل المشؤوم الذي تخاف منه "
مالم يتلاعب المهندس بالرؤية التي اراه اياها عمدا مثلما فعل مع اختي آدا . فتلك الرؤية ستتحقق لا محالة .
أمثال بلودمادير لا يملكون ما يلزم لعكس مستقبل كذلك ..
في تلك اللحظة ، تذكر بلودمادير ما اراه اياه المهندس ..
ذلك المستقبل المشؤوم ، عندما ابتلعت النيران هذا العالم ، و ملأت الدماء الانهار ، و مات الناس بدون حسيب ولا رقيب ..
لتجنب مصير كهذا ، بلودمادير حاول فعل ما استطاعه للهرب مما رآه .
لكن محاولاته قد كانت عقيمة تماما .
عندما أنكرت كل ما عاش من أجله حتى الآن .. و جعلت قضيته النبيلة تموت امام عينيه ..
رأت بلودمادير يتخبط .. بينما رفض التصديق .
هو وقف على الفور ضاربا الطاولة أمامه ، محاولا قول شيء ما .
لكن صوته قد اختفى تماما ، عندما انفجرت القاعة بصوت التصفيق الحاد ، بعدما انتهت القمة اخيرا ، و انتهى إيغون من عرض خطته .
يبدو ان خطته و إستراتيجياته الخاصة قد كانت مبهرة حقا لدرجة جعله القاعة الملكية تنفجر بذلك الشكل المرعب ..
مؤسف اننا لم نسمع ايا من هرائه ، ما دفعنا لتفويت القمة عمليا رغم اننا كنا حاضرين بها ..
"هذا مضحك حقا "
ضحكت سانسا بشكل مكتوم ، بعدما شهدت التبادل الاخير .
التوقيت كان مضحكا حقا ..
"أظن ان هذه هي نهاية اجتماعنا اللطيف .."
وقفنا جميعا مسدلين الستار على ذلك اجتماع القمة ، معطيا ظهري لبلودمادير الذي امتلك الكثير بخلده ليقوله .
للأسف ، لم املك الوقت لاشير اكثر من ذلك لمدى جهله .
سيكون عليه مواجهة مستقبله الخاص بنفسه ، كما فعل كل واحد منا .
كنت على وشك المغادرة ، لكنني توقفت عندما رأيت وجها مألوفا يشق طريقه نحونا ، ناشرا هالته النارية عن عمد جالبا جميع الانظار ناحيته ..
ذلك الضغط .
لقد كان بالفئة SS+ بالفعل ..
"أعذروا وقاحتي هذه ، على الرغم من أن القمة قد انتهت ، الا ان لدي ما أقوله قبل أن يغادر الجميع ."
بخطى ثاتية ، و اعين ركزت على السير ألون ، تقدم فينكس صنلايت مخاطبا الجميع .
يمكن القول أن معظم الحاضرين قد تفاجؤوا برؤيته قد
بلغ الفئة SS+ بالفعل بعمره ذاك ..
يمكن القول انه قد كان الاسرع منذ ابراهام ستاردلايت ..
"لورد صنلايت ، هل هناك سبب وراء نزول المتفجر هذا؟"
ابتسم السير ألون برؤيته لفرد قوي آخر يظهر أمامه ، بينما اوما فينكس .
"أرجوا ان تضعني بفرقة الطليعة الخاصة ببلودمادير"
ما طلبه فينكس لم يكن متوقعا لمعظم الحاضرين ..
فهاهم الان يرون شخصا آخر من بين الناجين من المطاردة، يرحب بفكرة العودة لتلك القارة المشؤومة التي عانى فيها الأمرين بإرادته الخاصة .
"هل لي ان أسأل عن السبب ؟"
سأل السير ألون ، بينما استدار فينكس ناحيتنا ..
الفرقة الخاصة المشؤومة ، الفرقة الانتحارية التي ستقود الحرب ..
"مهما نظرت اليهم ، أولئك المحاربون الماثلون هناك بزاوية هذا المكان هنا ليس وحوشا ... ليسوا فرقة انتحارية .. هم طلابي ."
"رغم تخرجهم المبكر من المعهد ، إلا أنني لازلت معلمهم ... أتطلب مني أن أقف بالجانب .. انظر اليهم و هم يغادرون للحرب بينما أبقى بالخلف ببساطة ؟"
ذلك خالف عقيدة فينكس بشكل كامل ...
في النهاية ، مثلي ، و مثل سنو ..
لقد امتلك هو الآخر سببه للعودة .
"هل حقا تريد العودة لذلك الجحيم مرة أخرى ، من اجل سبب كهذا ؟"
على هذا السؤال ، فينكس لم يملك سوى اجابة واحدة .
"هذا صحيح . كما انني أملك دينا يجب ان اسدده "
لقد مات الكثير من طلابه بالمطاردة ..
تلك الوفايات قد القت بظلالها على فينكس صنلايت ، و هذا الأخير لم يرد أن يتكرر الامر نفسه مرة أخرى .
لذلك اظهر استعداده للعودة إلى تلك القارة مرة أخرى .
إلى المكان الذي بدأ منه كل شيء .
تطوع فينكس المفاجئ جعل الكثيرين يتساءلون ، فقط كم عدد المجانين الانتحاريين الذي تواجودا بهذا العالم ؟
طليعة الحرب قد بدت حتى الان اشبه بفرقة انتحارية ، رأى الكثيرون انها مجرد فرقة ضمت مجرمي حرب حكم عليهم بالإعدام .
لكن الان ، تساءل الكثيرون ، هل حقا كانت تلك مجرد
فرقة انتحارية .
باختراق فينكس للفئة SS+ ..
بالإضافة الى كل القوى التي شاركت هناك .
لربما كانت هذه هي اقوى فرقة شكلتها الإمبراطورية منذ الازمنة الغابرة .
فرقة لربما ستكون هي العامل الحاسم بالحرب القادمة ..
موقف فينكس لاقى الموافقة من السير ألون .
عندما استدار اللورد الخاص بعائلة صنلايت ، ما وجده كان ابتسامة دافئة علت وجوه طلابه الذين قاتل معهم حتى الان ..
"سنكون برعايتك مرة أخرى ، استاذ فينكس"
كان سنو من تولى تحيته ، ليبتسم فينكس دون وعي منه ..
"مع معدل نموكم الجنوني هذا ، انا من سيكون برعايتكم يا رفاق "
"الذي اخترق الفئة SS+ مؤخرا يتحدث ، عن اي نمو تتحدث ؟ ألست موهبة عصرك ؟"
سنو كان محقا ، ايريس صنلايت عاش لوقت طويل جدا لكنه لم يستطع تجاوز الفئة SS مهما حاول ، ها هو الان فينكس يحقق ما عجز عنه و هو لا يزال بالخامسة والعشرين من عمره .
إضافة فينكس كانت امرا مرحبا به دوما .
وافقا بالجانب ، حدقت بالجميع و هم يتجمعون مع بعضهم البعض .
هؤلاء هم الاشخاص الذين ساقاتل بجانبهم من الان فصاعدا .
و انا احدق بهم من الجانب ، لم أستطع سوى ان اتساءل ..
مالذي خبأه لنا المستقبل يا ترى ؟
من سينجو ؟ من سيموت ؟
لقد تدربت بجنون طيلة الاشهر الماضية ، محاولا زيادة قوتي قدر المستطاع ، لعلي اتجنب تكرار ما حدث لي مع دانزو .
لكنني كنت اعلم بالفعل ، انه مهما كنت قويا بهذا الكون الشاسع ، فسيكون هنالك دوما من هو اقوى منك ..
بهذا الصدد ، لم يسعني سوى ان أمل مرة أخرى ، أن يكون ما أملكه تحت حزامي من قوة كافيا ..
من بين فرقتنا الانتحارية ، كان هنالك عضو معين كان يشغل بالي لبعض الوقت الآن ..
و اذا بذلك العضو بالذات يأتي الي وحده ، بينما وقف كلانا بالجانب ..
كانت لحظة نادرة تركت فيها سانسا جانبي ، ما جعل
اوريل تأتي الي اخيرا ..
"مرحبا .. فراي"
بعيدا عما حدث سابقا ، كانت هذه هي المحادثة الاولى بيني و بينها منذ وقت طويل ..
افترض ان هذا ما دفعها لتقوم بتحيتي .
"مضى بعض الوقت اوريل ، لازلت متألقة كعادتك ."
سأكون كاذبا إذا قلت انني لم أكن افكر بأوريل منذ بضع دقائق .
لاول مرة ، الفتاة الماثلة امامي ستقاتل بجانبي داخل ساحة المعركة .
لقد كانت احد البطلات الرئيسيات اللواتي كتبت عنهن ذات يوم ، بامكانيات هائلة بطبيعة الحال .
لكن من بين الحاضرين هنا ، كانت هي الحلقة الاضعف ..
لم يسعني سوى ان افكر بها بدون وعي ، على الرغم من انها ستكون آمنة معظم الوقت بما انه ستقاتل من المؤخرة ، الا انه داخل ساحة المعركة ، لا يمكن توقع ما قد تؤول اليه الامور ..
بابتسامة لطيفة ، ضامة يديها ، اوريل حزرت بالفعل ما كنت افكر به ..
"أعينك تقول كل شيء يا فراي ، أنت تراني كالحلقة الاضعف اليس كذلك ؟"
بابتسامة جوفاء ، لم احاول انكار الامر .
"لن اقول انك الحلقة الاضعف ، لكنني سأكون كاذبا إذا قلت انني لم أقلق عليك"
"انت تفكر بي إذا"
اقتربت اوريل خطوة أخرى ، بينما رفعت رأسها ما جعل اعيننا تتلاقى ..
"بصفتي القديسة القادمة ، أنا مجبرة على اتباع البطل دوما .. هذا كان مصيري منذ اللحظة التي ولدت بها ."
"المصير ، هاه ؟"
أن تعيش حياتك أكملها بناءا على مصير رسمه من اجلك شخص آخر .
كنت مألوفا مع الفكرة ، و قد كرهتها أكثر من أي شيء آخر .
"هل هو مصير وضعه حاكم الضوء من اجلك ؟"
"هذا صحيح"
أومأت اوريل .. في تلك اللحظة بدأت استوعب انني لم اكن الوحيد الذي حاولت الكيانات الموجودة بالاعلى التلاعب بمصيره ..
بالواقع ، ليس اوريل فحسب ، بل حتى سنو .. و معظم الكنيسة التي اتبعت حاكم الضوء .
الالتراس الذين اتبعوا اهواء الشياطين ..
المهندس الذي تلاعب بي ، و بالكثير من الناس ..
عند التفكير بالامر بهذه الطريقة ، نحن كنا اشبه بقطع شطرنج فوق لوح ضخم ، قطع حركها اولئك اللاعبين من الاعلى كيفما ارادوا .
عند التفكير بالامر بهذه الطريقة ، لم أستطع سوى أن اشعر كم كانت خانقة .. هذه الحياة التي التفت حولنا مثل حوض زجاجي .. محتجزة إيانا بداخله .
اوريل كانت أحد حبيسي ذلك الخوض الزجاجي ..
"اراك تكره الامر ."
"بالطبع سأفعل ، فهذا المصير المزعوم الذي تتبعه بشكل اعمى قد يقودك لقبرك "
هاهي الان توشك على مرافقتنا بطبيعة الحرب .
هذا كان علم موت بحجم السماء ، و كل ذلك بسبب اختيارها من ذلك الداعر المسمى حاكم الضوء الذي يجل هنا و تمت عبادته كإله ..
اوريل لم تستحق مصيرا كهذا بكل تأكيد .
"أخبرني ."
ممسكة بيدي من العدم ، بادرت اوريل بسؤالي .
"هل ستحزن لو مت يا فراي ؟"
سؤالها كان غريبا .. طفوليا ، و ملعونا لدرجة انني شعرت و كأن الامر سيحدث حقا .
"نعم .. لربما سأبكي من اجلك لو حدث ذلك "
"حقا ؟ لم اتوقع انك ستذهب لهذا الحد من اجلي "
ابتسمت اوريل بلاتيني ، تلك الابتسامة التي وضعتها
امام معظم الناس .
لكن لسبب ما ، رأيت شيئا مختلفا بعينيها .
"اتتذكر يا فراي ذلك الوعد الذي أعطيته لي ذلك اليوم .
لقد كانت تتحدث عن عدد المرات التي لا تعد و لا تحصى عندما ساعدتني دوما ، منقذة مؤخرتي من العديد من مواقف الحياة و الموت ..
"اتذكر ، لقد وعدتك أنني سأفعل اي شيء تطلبينه مهما كان "
"ارى انك جاد بشأن ذلك "
عم الصمت لبضع ثواني ، بينما شدت اوريل قبضتها على يدي .
لقد كان هنالك شيء ما يدور بخلدها ، هي لم تكن تتصرف على طبيعتها .
ارادت فوق كل شيء ، لكنها كانت لا تزال مترددة .
تم لم يكن لي سوى أن اعطيها تلك الدفعة الاخيرة التي احتاجتها .
ممسكا بيدها ، اقتربت منها خطوة أخرى ما جعل الموقف بيننا غريبا للاعين التي شاهدت من بعيد ..
"حتى لو قادك الهلك المزعوم ذاك لطريق يؤدي إلى موتك ، تأكدي أنني لن أسمح لذلك بالحدوث ."
"أينما كنت فوق هذه الأرض ، سأهرع اليك دوما و سأجدك . و سأقاتل العالم باكمله لو تطلب الامر .. لذلك لا تترددي ، و قدمي طلبك ، لانني سألبيه لك مهما كان "
لوهلة ، تفاجأت اوريل مظهرة وجها قليلا ما اظهرته لغيرها قبل ان تضحك بخفة ..
"أصبحت متحدثا سلسا يا فراي ، لقد كبرت حقا بهذا الوقت القصير الذي لم أراك به .."
أنزلت اوريل رأسها بعدما لم تعد تستطيع النظر لعيني ، ليس عندما يكون كلانا بهذا القرب ..
"لقد اصبحت رجلا رائعا .."
كلماتها الاخيرة قد كانت خافتة ، و قد اتبعتها بطلبها مباشرة ، ما جعلني غير قادر على التعليق على الامر ..
بالمقابل ، وجدت نفسي أستلم طلبا لم اتوقعه منها .
"فراي .. مرة واحدة ، لمرة واحدة فقط .. اريدك ان تأتي من اجلي ."
"عندما يحين الوقت اوريل ، أريدك أن تأتي و تنقذني لمرة واحدة ، أعلم أنني ابدوا أنانية حاليا ، لكنني أريدك ان تعدني ."
"عدني يا فراي ، عدني انك ستأتي من اجلي "
اوريل قدمت طلبها لي اخيرا .. بعدما ساعدتني بدون
شروط حتى هذه اللحظة ..
هاهو الوقت قد جاء لي لكي اكون أنا من سيساعدها ..
لكن طلبها هذا لم يكن شيئا قد توقعته منها ، و لسبب ما
شعرت انها لم تكن تتكلم عن الالتراس او الحرب القادمة ..
أرادتني أن أنقذها .. لكن من ماذا ؟
تساءلت للحظة ، هل يجوز لي أن اعدها ؟
أن اعدها وعدا لا أعلم ما إذا كنت قادرا على أن أفي به؟
لكنني هذه كانت اوريل .. شخص كنت مستعدا للذهاب لذلك الحد من اجلها .
"أعدك .. سأكون هناك من اجلك ، و ليس لمرة واحدة . سأتي قدريما تطلب الامر ، لذلك لا بأس بأن تكوني أنانية قليلا"
لقد استحقت ذلك ، حتى لو قدمت أكثر الطلبات جنونا ..
لم اكن لأصفها بالانانية ..
بعدما حصلت على الرد الذي ارادت سماعه ، رأيت السعادة تغمرها و لو لبعض الوقت متمسكة بي بدون وعي منها ..
"فراي .."
بنظرة حملت عاطفة لم أستطع تحديدها ، هي حدقت بي ، بينما زادت من شدة تمسكها بيدي .
لكن في تلك اللحظة ، حدث شيء غريب ..
شيء عاشته اوريل لوحدها .
داخل القاعة الملكية التي احتضنت قمة بلغراد .
وقف كل من فراي و اوريل ، ممسكين بأيادي بعضهم البعض ، كانا قريبين جدا لدرجة أنهما كادا يعانقان بعضهما البعض ..
اوريل كانت سعيدة حقا ، فهو قد جعلها تسمع للتو الكلمات التي طالما تاقت لسماعها بشدة ..
لكن في لحظة العاطفة النقية تلك .. و المشاعر التي تصاعدت بشدة رافعة اوريل بسلم نقاط المودة .
حدث شيء غريب ..
فمن بين قبضة فراي و اوريل ، ضربت شرارة بنفسجية .
مرت من فراي ، لتعبير مرشحة القديسة الذي ضربتها موجة غثيان جعلتها تترنح مكانها ، ما دفع فراي ليمسك بها على الفور .
اوريل لم تفهم ما كانت تراه ، فراي الماثل امامها كان لا يزال نفسه ، بشعره الابيض الذي اصبح اطول مؤخرا ، و ملامح النضج التي بدأت تظهر على وجهه .
و تلك الهالة الغامضة من حوله .. لقد كان مغربا بالنسبة لها .
هذا ما كانت تراه للحظة ، ثم باللحظة الموالية .. انقلب الواقع رأسا على عقب ، و تغير المشهد امامها بشكل كامل .
الان ، واقفة وسط حقل من النيران المستعرة ، و الجثث المتنامية .
كانت لا تزال هناك ، مع فراي .
المكان كان مرعبا ، و الدمار كان الصورة عنوانا .
داخل بؤرة الموت و الشؤم تلك .. رأت اوريل الكثير من اوجه الموتى مرميين هنا و هناك .
لكن جثة معينة قد شدت انتباهها بشكل خاص .
جثة جعلت الرعب يتملكها .
فتلك الفتاة الميتة هناك ، لم تكن سوى اوريل نفسها .
اوريل التي تم ذبحها ببشاعة .. حاولت الهرب بعيدا متمسكة باملها الوحيد بذلك المكان ..
"فراي .."
هي امسكت بقبضته مرة أخرى ، لكنها لم تكن تلك اليد الدافئة من السابق ..
لكنها كانت باردة ، موحشة .. و قاسية .
يد تلطخت بالدم .
رأت شبحه ، ما جعلها تتراجع عنه لا اراديا ، بعدما تملكها ذلك الشعور الذي لم تظن يوما انه ستحمله تجاهه ..
الخوف ."