انتهت قمة بلغراد، وتم وضع اللمسات الأخيرة بالفعل.

...

يمكن القول الآن، أن فراي و رفاقه قد باتوا على مشارف نقطة قطع اللاعودة .

على نهاية القمة، حدث موقف غريب بين أوريل بلاتيني و فراي ستاريلايت، مرشحة القديسة قد بدت و كأنها قد فتحت قلبها له، موجهة طلباً غريباً إليه..

أرادته أن ينقذها، لكن من ماذا؟

فراي لم يعرف الإجابة، لكنه قرر أن يحقق لها أمنيتها على أي حال، واضعاً حملاً آخر على أكتافه..

لكن الأمر لم يؤثر باللورد ستاريلايت كثيراً، فقد اعتادت أكتافه تلك على هذا النوع من العبئ بالفعل.

كان الحديث بينهما سلساً، لكن الغرابة كانت تكمن بما حدث بالنهاية.

بدون سابق إنذار، أوريل تراجعت بعيداً عن فراي، بينما

ارتجفت يداها بدون وعي منها.

أمام أعين فراي الذي استغرب من تصرفها، أوريل لم تعرف ما تقول..

'ما الذي رأيته الآن بالضبط ؟'

ماذا كان ذلك؟

رؤية؟ وهم؟ أو كما قال لها ذلك الشخص ... كابوس؟

تلك الرؤية جاءت بعد ملامستها لفراي ما جعل شيئاً ما يتفعل بينهما .. تلك الرؤية بدت واقعية جداً، لدرجة أنها أحست وكأنها واقع عاشته.

ذلك المقنع، هل كان فراي حقاً؟ هل هو لربما .. ما سيصبح عليه بالمستقبل؟

أوريل تساءلت عن مصير الشاب الماثل أمامها ..

لكنها سرعانما نفت الفكرة .. ذلك ليس فراي ..

"يستحيل أن يكون ذلك الشيء فراي"

حاولت أوريل إقناع نفسها، بينما اقترب منها فراي مرة أخرى.

"هل أنت بخير؟"

ردت فعلها سابقاً أثارت العديد من علامات الاستفهام، وهذا ما جعل فراي يقترب منها مرة أخرى ماداً يده إليها.

كانت حركة جاءت عن حسن نية منه.

أوريل علمت ذلك، لكنها لم تستطع سوى أن تنأى بعيداً عن تلك اليد التي رأت بها ظلاله ..

ظلال وحش ملطخ بالدم ..

"آسفة .."

هي إعتذرت، أما فراي فلم يعرف لماذا قد فعلت من الأساس ..

"لا بأس"

أجاب بخفة، بينما حاول استعمال نظام المودة لقراءة أفكارها، ليتفاجأ بذلك الارتباك والخوف اللذان نالا منها ..

مالذي حدث بالضبط؟

هذا ما أراد الحصول على إجابته، لكن ثالثاً قد قاطعهم كما كان متوقعاً ..

لقد كانت سانسا ..

"ما هذا الذي أراه .. أوريل بلاتيني .. ظننتك تجيدين استغلال الفرص عندما رأيتك تختلين به، لكن ها أنت ذي تدمرين كل شيء"

ضحكت سانسا بخفة، متخذة جانب فراي ..

لقد كانت تشاهد منذ البداية، ولم تزد أن تتدخل وكأنها قد عرفت أن هذا ما سيحدث.

"أراك لاحقاً .. فراي"

أوريل رفضت أن تتجاوب مع سانسا ..

رغم أنها كرهت أن تترك الأمر هكذا مع فراي، إلا أن انسحابها حالياً كان أفضل قرار قامت به .. ألا أن تستوعب ما رأته قررت الابتعاد.

"مالذي حدث لها؟"

سأل فراي، بينما استدارت سانسا نحوه.

"هي ببساطة لم تستطع تحمل ظلامك"

"تحمل ماذا؟"

لم يفهم فراي ما الذي عنته سانسا بالضبط، بتلك اللحظة، هو كان يجهل أن سانسا رأته بشكل مختلف هي الأخرى لوهلة ..

رأت ذلك الوحش المقنع الذي اشتعلت النيران من حوله.

لكن لسانسا، ذلك لم يغير أي شيء ..

"حتى لو تحولت لمسخ يعيش على دماء ضحاياه ... لا شيء سيتغير"

على عكس أوريل النقية، سانسا كانت النقيض تماماً ..

مخلوقاً يملك من الظلام بداخله ما يكفي، للسير بنفس الطريق معه .. حتى النهاية.

"فلتنسى الأمر فحسب، و لنغادر هذا المكان"

ساحبة إياه معها .. غادر فراي القاعة الملكية، ليتم اسدال الستار على القمة بشكل نهائي.

-منظور فراي ستاريلايت-

منذ إنتهاء القمة، مر الوقت بسرعة شديدة ..

بعدما قسمت أيامي الماضية بين التدريب تارةً، و التواجد بشكل عشوائي مع أختي آدا، أو سانسا التي أصبحت أرى وجهها كثيراً مؤخراً.

بالأيام القليلة الماضية، تم تشكيل الأسطول الأول الذي سيقطع البحر الشيطاني، نحو قارة العدو.

طوال الأشهر القليلة الماضية، كانت تحدث الكثير من المناوشات هنا و هناك بين الإمبراطورية والالتراس.

لكن المعركة التي ستبدأ هذه المرة قد كانت مختلفة تماماً.

10 آلاف مقاتل من العوائل الكبرى، و خيرة مقاتلي الإمبراطورية، بقيادة الفرقة الانتحارية التي كنت أحد أعضائها.

نقطة الانطلاق تم تحديدها لتكون من ميناء وينترفيل بالغرب.

بذلك المكان رأيت أختي آدا تركض بكل مكان ..

صحيح أن ايفون هو القائد الأعلى لمجلس الحرب، إلا أن آدا تولت معظم العمل فعلياً بصفتها نائبته ..

تجهيز الجيش، و تنظيم شؤونه بشكل كامل قد وقع على عاتقها، و قد كان هذا هو مجال تخصصها.

بوقت قياسي، تمكنت آدا من تنظيم جيش قوامه 10 آلاف رجل بدون أخطاء، و بشكل مثالي.

رابطة شعرها على شكل ذيل حصان، كانت تتفقد مختلف المرافق و الوحدات باستمرار و بدون كلل بينما اتبعتها رفقة كارمن ..

هذه الأخيرة كانت ملتصقة بها على مدار 24 ساعة بطلب مني، أما انا فكنت آتي من وقت لآخر ..

عندما رأيت أختي تصرخ بوجه رجل تجاوزه طوله المترين بكتلة عضلات هائلة و ضفف أورا من الفئة S ..

بدأت أفهم لماذا وضعها ألون كنائبة للقائد الأعلى.

فرغم أن ذلك الرجل قد كان أحد قادة العوائل، مقاتلاً قديماً فخوراً، إلا أنه لم يفعل شيئاً سوى إنحناء رأسه أمام آدا معتذراً على أخطائه بينما عكست اعينه احتراماً حقيقياً.

إحتراماً رأيت معظم الجنود الذين تجمعوا هنا بميناء وينترفيل يكنونه تجاهها ..

"إنها مذهلة حقاً"

واقفاً بجانب كارمن، شاهد كلانا من بعيد إياها وهي تعمل.

كارمن التي راقبت أختي لوقت أطول مني قد ادركت مدى روعتها منذ وقت طويل ..

"في البداية، كنت اضطر للتدخل بنفسي من أجل جعل الجنود يطيعونها .. آدا ستاريلايت، فتاة ضعيفة D أنت من العدم مملية عليهم الأوامر .."

"لكنها بطريقة ما، عكست الموقف بوقت وجيز ... جاعلة إياهم يتبعونها الان بشكل أعمى"

لقد كانت تمتلك سحراً من نوع خاص، سحراً جذب الناس إليها.

"أظنها ولدت لتحكم، على عكسي أنا الذي ولد ليتمرغ بتراب قارة الأعداء"

ضحكت بخفة، بينما فعلت كارمن المثل.

"كلاكما مميز بطريقته الخاصة"

"أراك صرتي تفضلينها علي، ألم أكن انا الذي جذب إهتمامك بالماضي؟"

سألت كارمن متذكرة أولى ايامي بعائلة ستاريلايت، و كيف كانت هي من انقذني عندما اوشكت على الموت ..

لقد قطعنا شوطاً طويلاً حقاً.

"أتغار من أختك الآن؟ إذا إرتدني بجانبك فلم يكن عليك جعلي أبقى معها طوال الوقت بالمقام الأول"

ما قلته كان صحيحاً، فأنا من جعلها تتبع آدا بالمقام الأول، لكن عند التفكير بالامر .. كارمن تتبعني بكل مكان مثلما تفعل الآن مع اختي، وجدت الفكرة مضحكة تماماً.

"بعد التفكير بالامر، أظن مكانك الحالي بجانب آدا"

يناسبك اكثر، كما ان العديد من السيدات قد إقتحمن حياتي مؤخراً ...

لم يكن هناك مكان لكارمن بينهن ..

"لقد مر وقت طويل يا فراي .. منذ تلك الايام التي كان اكبر همنا فيها التعامل مع ليونيداس العجوز .."

"أنت لم تتغيري منذ ذلك الوقت"

"لكنك فعلت"

كارمن استدارت نحوي ..

لقد عاشت بنفسها لوقت طويل جداً، ما جعل بضع سنين غير كافية لتصنع تغييراً حقيقياً بها ..

لكن على عكسها، السنين الاخيرة قد غيرت الكثير بي، سواءاً للأفضل او الاسوء.

"لا داعي للتراجع بعد الان يا فتى، لقد كنت تكبح

نفسك طيلة الايام الماضية اليس كذلك ؟"

لقد لاحظت اذا ..

رافعا راحة يدي، ألقيت بنظرة على جسدي ...

"لقد أمضيت وقتا طويلا بين الوحوش، لدرجة أنني لم اعد أعرف كيف اعيش بين البشر"

لقد دربت جسدي الى أقصى حالاته مثالية ... و عقلي و سرعة بديهتي .. مكرسا نفسي للمعركة و لا شيء سواها ..

بسبب ذلك، أصبح هذا الجسد يتعطش لها ..

يتعطش للحرب.

كل خلية كانت تصرخ علي، لاطلق العنان لذلك الضغط الذي كبحته حتى الان بداخلي ..

من شدة حملي للسيف، أصبحت يداي تنملان اكثر و

اكثر كلما طال الوقت الذي لا أمسكه فيه ..

سواءا باليريون، او الدارك سيستر.

لأول مرة بحياتي، وجدت نفسي اتطلع للحرب ..

"إجعلهم يعرفون معنى الرعب يا فراي .. إجعلهم يشهدون ولادة نجمه مرة أخرى .. نجم ابراهام ستاريلايت ."

واضعة يدها فوق رأسي، ابتسمت كارمن مرة اخيرة .

"لكن تذكر .. لا تفقد نفسك أبدا ."

"لن افعل ."

أجبت ببساطة، بينما إستغلبت هذه اللحظات القليلة مع أحد الاشخاص القلائل الذين اهتممت لهم بهذه الحياة كارمن ..

كارمن شعرت بالمثل.

لكن بذلك الوقت، لم أكن ادرك ان جسدي بدأ يمر بتلك التحولات الغريبة التي صنعت ما سأصبح عليه لاحقا ..

فبدون سابق انذار، ضربت شرارة بنفسجية غريبة من مكان ملامسة كارمن لرأسي ..

شرارة كانت هي الوحيدة التي رأتها. لكنها كانت كافية.. ليحدث ذلك التحول المفاجئ، و تنهار ابتسامتها و يظلم وجهها. كارمن كانت تملك من الخبرة و ضبط النفس الكثير، ما جعلها تتمالك نفسها رغم ما رأته للتو.. لكن هذا لم يمنعها من إبراز وجه كئيب قليلًا ما رأتها تبرزه. "ملامح؟"

سألت لتجيب هي الأخرى على الفور.. "لا شيء .." بتنهيدة مثقلة سيطرت كارمن على تعابير وجهها بينما سحبت يدها بعيدًا. "أظنني متعبة فحسب، بعدما لاحقت اختك طوال الأشهر الماضية" "فلتأخذي بعض الراحة إذا ما دمت بالجوّار" أظهرت بعض المراعاة لها، لكنها رفضت بخفة. "لا تستخف بي، قد أكون مجرد سيدة عجوز، إلا أنني لا أزال قادرة على تحقيق الكثير ." "بالطبع ستفعلين"

واقفين هناك بينما هطلت الثلوج فوق رؤوسنا، بميناء وينترفيل الصاخب.. تبادلنا أطراف الحديث لبعض الوقت قبل أن تأتي آدا أخيرًا منضمة إلينا. "انظري إلى حالتك يا أختاه، بطريقة ما أنتِ تذكريني بنفسي"

التعب بدا جليًا على وجهها، كما أنها حصلت على أكياس النوم السوداء هي الأخرى بعدما عانت مؤخرًا من قلة النوم بسبب الضغط المسلط عليها، نظرًا لمنصبها العالي داخل الجيش. "لازلت لم أقدم ما يكفي" قالت آدا بعبوس، بينما هززت رأسي. ".. لا.. أنتِ قدمتِ ما يكفي بالفعل ."

ملقيًا بنظرة على معسكر الحرب الصاخب الذي تم تشكيله هنا بالأراضي المتجمدة لعائلة مونلايت . و تلك السفن التي غطت البحر على مرمى النظر، و كمية التجهيزات التي حضرتها آدا من أجلي .. أنا لم أكن لأطلب ما هو أكثر.. "مثل هذه التفاصيل البسيطة هي ما يحسم الحروب، كوني فخورة بنفسكِ آدا، لقد أثبتِ نفسكِ كلورد لهذه العائلة"

جاملتها بصدق، ما جعل ابتسامة مريرة تتشكل على وجهها. "لماذا تتصرف و كأنك الأخ الأكبر فجأة؟ هذا لا يناسبك"

على عكس ما قالته للتو، إلا أنني شعرت بسعادة حقيقية تنشأ داخل قلبها بعد سماع كلماتي الأخيرة.. هي حقًا لم تكن تعرف كيف تخفي مشاعرها الحقيقية عني..

ابتسامة آدا اللطيفة لم تدم طويلًا، عندما حدقت بعيدًا نحو الأفق.. ناحية الشمس التي كانت ستغرب قريبًا. "حان الوقت إذا .." أومأت لها. "أجل، سيتم شن الحملة الإمبراطورية الأولى و ستنطلق السفن فجر هذا اليوم" سأكون موجودًا بالسفينة التي ستقود هذه الغارة من الأمام. "ها نحن ذا نفترق مرة أخرى" أومأت. "أجل"

هذا كان يتكرر كثيرًا طيلة السنين القليلة الماضية، لدرجة اننا بدأنا نعتاد عليه بالفعل .. آدا أصبحت تعلم انها لا تستطيع إيقافي، فمهما حاولت .. سيجد اخوها طريقه إلى ساحة المعركة .

لقد كان ذلك المكان الذي إنتميت اليه الآن . "لن اطلب الكثير يا فراي ." مقتربة مني ، قالت آدا بحزم . "كل ما أطلبه ، هو أن تعود لي قطعة واحدة" مادمت حيا .. "؛مادمت بخير اتنفس ، مادمت اعود اليها في النهاية . آدا لم تطلب أكثر ..

و ها انا ذا، وجدت نفسي مضطرًا لقطع وعد آخر لم أكن أعلم ما إذا ساستطيع الحفاظ عليه .. "أعدك"

آدا التي ستخوض معركتها الخاصة هناك بالقيادة .. متمركزة"بالخلف، و انا الذي سيخوض غمار الحرب من الخطوط الأمامية.

في تلك اللحظة، ادركت انني و بمجرد ان انطلق قاطعًا البحر الشيطاني ، انا لن اراها لوقت طويل جدا ..

لذلك و بدون وعي مني، وجدت نفسي اخذ اختي بين ذراعي محتضنًا اياها مرة أخيرة .. كارمن راقبت ما حدث بابتسامة من الجانب ، تاركة ايانا نعيش اللحظة . تم بعد بضع ثواني ، اطلقت سراحها .. لكنها ظلت متمسكة بي .. راغبة مني ان ابقى . لكنني لم أستطع تلبية أمنيتها هذه .. "أنا آسف يا آدا ." مقبلاً جبهتها ، اخذت خطوتي الاولى بعيدا عنها . "اراك لاحقاً ."

بكلمات الوداع هذه ، غادرت المكان ، تاركا اياها خلفي قبل ان تغمرنا العاطفة اكثر .. "اراك لاحقاً .. فراي " رددت آدا كلماتها هذه بصوت خافت بدا اشبه بالهمس ، بينما تتلاعب باداة غريبة بين يديها .. كان هنالك الكثير يشغل بالها مؤخرا .. حاليا هي لم تكن آدا ستارلايت، بل كانت القائدة بالقيادة الإمبراطورية العظيم.

اما أنا. فكنت مجرد جندي بسيط لعب دوره بالطليعة . لكن في نهاية المطاف كلانا أشوكنا على خوضها .. الحرب ..

حرب الظلمات .

...

"منظور فراي ستارلايت-

بينما تساقطت الثلوج دون توقف هنا بغرب الإمبراطورية .. وينترفيل.

تجهزت السفن الواحدة تلو الأخرى بينما لطمتها أمواج البحر الباردة بدون توقف ..

أسطول الإمبراطورية كان على وشك الانطلاق بغارته المصيرية على الالتراس ..

من بين سفن الإمبراطورية، كانت هناك سفينة واحدة مميزة، سوداء اللون، بأعلام حاملة لشعارات مختلفة للعوائل الكبرى و القوى الحاكمة لجانب البشر ..

سفينة اتخذت الطليعة ، و أنا كنت موجودًا على متنها .

على عكس السفن الأخرى التي إمتلأت بالجنود ، فسفينتنا لم تحمل سوى أعضاء فرقتنا الخاصة ما عدا ربان السفينة الذي تولى القيادة ...

هذا الأخير قد كان رجلاً عجوزاً بملامح وجه خشنة و عين مفقوغة جعلته يبدو مثل القراصنة بنظري.

العجوز قضى معظم وقته مع بلودمادير يتحدثان دون توقف عن مختلف جوانب الحياة ، و عن أحداث الماضي التي عاصرها كلاهما ..

ذلك العجوز لم يكن طبيعيًا ، يمكن اعتباره مجنونًا حتى .."

"فقلائل هم الذين قد يوافقون على التواجد بهذه السفينة التي قدر لها أن تكون أول من سيتعرض لعدوان الالتراس .

لكن عند التفكير بالامر ، لربما يملك ذلك العجوز من الذكاء ما لم يملكه غيره .

فنظرا للقوى القتالية الموجودة بهذه السفينة ، يمكن القول ان فرص ابادتنا بشكل كامل قد كانت قليلة جدا ..

واقفًا بالجانب الايمن من السفينة ، حدقت بفراغ ناحية

الافق البعيد للبحر شبه المتجمد الذي اوشكنا على قطعه قريبًا .

"ستأخذ الرحلة منا يومين كاملين لكي نبلغ خليج شيزكلار .. المكان عينه الذي جرت به المعركة الاخيرة"

بينما كنت منهمكا بالتحديق بالبحر ، جاء احد أصدقائي و شريكي بالجريمة .. غوست اومبرا منضما الي .

هذا الاخير ارتدى ملابس سوداء كاملة بدت مثل تلك التي إرتداها المقتالون بالعاب مثل اساسينز كريد .. مع غطاء رأس و عتاد كامل خفيف الوزن سهل عليه الحركة ..

لم يكن ما إرتديته انا الآخر مختلفًا كثيرًا ، لكني خاصتي كان اثقل وزنًا بكثير .

"لم يبقى الكثير اذا" "

"علقت بلا مبالاة على ملاحظته السابقة ، بينما وقفنا كتفا لكثف نحدق بالامواج .

"عند التفكير بالامر ، لقد أثلجت كثيرًا بتلك الليلة ايضا"

"اجل ، الاحمر و الابيض يليقان ببعضهما البعض كثيرًا ، فهذا الثلج شديد النقاء من السهل أن يصبغ بالاحمر"

قال غوست ، بينما تذكر كلانا تلك الليلة ..

الليلة التي قتلنا بها الشخص الذي اعتبرناه بمثابة اخ لنا .

عند التفكير بالامر ، اتذكر ان غوست قال شيئا ما بذلك الوقت عن الحساب و دفع الثمن ..

اننا أصبحنا آثمين الآن ، و سننال عقابنا على ما إقترفناه عاجلاً أم آجلاً ..

"لربما سندفع الثمن قريبًا"

"سنفعل"

رد غوست أكد لي اننا كنا نفكر بنفس الشيء ، ليبتسم .

كلانا متكئين على حواجز السفينة ..

"تأكد من أن نقتل أبناء العاهرة الذين تسببوا بذلك قبل أن يأتي العقاب ، لنجعلهم يدفعون الثمن"

"قال غوست ما كان بديهيا، هو لم يحتج لإخباري بذلك حتى ..

"أوه لا تقلق، تأكد أنهم سيفعلون"

بالكاد استطعت الحفاظ على نية القتل خاصتي بموقفي الحالي، بينما ارتجعت السيوف النائمة بداخلي.

الالتراس ، غفارديول ، ربما بياتريس ايضا بما انها كانت المسؤولة عن تلك اللعبة الملعونة .

جميعهم سيحصلون على حصتهم العادلة.

"ما الذي تفعلانه بمفردكما ، منعزلين عن الجميع بمكان كهذا؟"

مرتديًا درعه المبهرج ، اطل علينا صديقنا الثالث ..

لقد كان سنو ..

"على عكسك أنت و مظهرك الساطع ذاك ، نحن نفضل التواجد بالظلام"

كنت جديا ، نحن بدوننا فاترين جدا مقارنة به .

كرد على ملاحظتي ، تنهد سنو باحياط بعدما وجد نفسه يتم استبعاده كثيرًا مؤخرا .

"ليس و كأنني انا من أخترت الحصول على كل هذه الاضواء"

"أعلم، لكن هذا لا يغير حقيقة انك نجم الليلة أليس كذلك ؟"

"لا تعليق لدي"

حك سنو رأسه منزعجًا بوضوح من المسؤولية التي القيت عليه مؤخرًا من العدم .

بما انه البطل المتوج و حامل الفيرميتور ، إختير هو ليلقي الخطاب قبل بدأ الغارة ..

كلماته ستكون مسموعة من قبل اسطول يبلغ قوامه 10 آلاف رجل ، بالإضافة الى كل القوة المعاملة بميناء وينترفيل العسكري ، و كل المتواجدين بالجوار .

وجدت هذا الوضع المزعج له مسليًا لي ، بما ان وجهي لم يكن محبوبًا ليتم إختياري من الاساس .

"لماذا تصنع هذا الوجه الان ؟ كل ما عليك فعله هو الصعود هناك و القاء بعض الهراء المنمق و سينجح الامر ."

"القول اسهل من الفعل"

واصل سنو التذمر ، بينما اتكأ على حاجز السفينة بجانبنا ..

بدا متوترا حيال الامر أكثر من توتره بشأن الحرب حتى .."

"دعني أسديك نصيحة إذا قد تساعد على جعل عرضك افضل"

"أوه ؟ كلي آذان صاغية"

بعدما اظهر اهتمامه ، اخبرته بالحيلة .

"الامر أبسط مما تظن ، كما ترى البشر مخلوقات يسهل إقتيادها ، كل ما عليك فعله هو إفتعال شيء مبهرج ، مثل إنفجار ساطع ، او العاب نارية مباشرة عندما توشك على انهاء خطابك "

كنت جديا بكلامي ، لكن سنو لم يأخذني على محمل الجدية على ما يبدو .

"و انا من ظن انك تملك نصيحة حقيقية"

"انا جاد لعلمك"

"هذا يزيد الامر سوءا"

حتى غوست وافقه الرأي ..

"لا أظن أن شيئًا كهذا قد ينجح ."

بدت الفكرة غريبة له هو الآخر .

"كلاكما لا يفقه شيئا عن كيفية تقديم العروض"

لم يكن بيدي شيء ، إذا لما يصدقاني .. "

"بعد الحديث عن الامر، تحدثنا لوقت اطول ، بينما عشنا لحظات كثيرًا ما اختبرنا مثيلها بالماضي .. قبل ان يعم الصمت لبعض الوقت

"هذه المرة الاولى لنا منذ لوندور اليس كذلك ؟"

اشار سنو لمغامرتنا القديمة .. عندما شددنا الرحال لكوكب آخر بحثا عن المجهول ..

هذه المرة ، نحن كنا على وشك فعل المثل ، لكن الهدف كان قارة أخرى ، و ليس كوكبًا آخر ..

"أجل .. هذه المرة سيكون الامر اشد صعوبة"

فهي حرب بعد كل شيء .

"لنذل جهدنا ... من أجل كل الاحياء الذي يعيشون امامنا .. و الموتى الذين ماتوا و تركناهم خلفنا "

شد سنو قبضته بينما اضاءت اعينه الذهبية .

اما انا و غوست ، فقد اظلمت تعابيرنا بينما سكت كلانا ..

سنو كان يفكر به على الارجح...

بدانزو .."

"شعرت ببعض الذنب ، لانه كان الوحيد الذي جعلناه يبقى لوحده بالظلام جاهلاً لما حدث .

سنو هو المعنى الحرفي للبطل ، شيء ساطع جدا مقارنة بشخص مثلي .. او مفتال مثل غوست ..

هو لم يكن ليوافق ابدا على ما فعلناه ، و لم يكن ليقتل دانزو مطلقًا حتى اللحظة الاخيرة .. لربما كان سيتركه ليتحول الى شيطان و يحاربه وقتها فقط ..

لانه كان هذا النوع من الناس بالضبط .. كنا مجبرين على إستبعاده ..

شعر كلانا ببعض الذنب ازاء ذلك ، و لم نستطع حتى تخيل ردة فعله عندما يعلم أنني انا من قتل دانزو .. ولا احد سواي ..

تساءلت كثيرًا كيف ستكون ردة فعله ؟

لربما سيمقتني .. لربما سيكرهني ..

لا اعلم ، لكن ما اعلمه .. ان صداقتي مع بطلي الموعود قد بدأ تثقلها الاسرار ، ولا اعلم اي مستقبل ينتظرنا ..

2025/07/28 · 137 مشاهدة · 3004 كلمة
Song
نادي الروايات - 2025