بمجرد اختفاء جانب الالتراس ، عاد المكان لهدوئه و قفاره متأملين بالمكان الذي اختفى منه العجوز السكير ، التزم كلاهما الصمت لبعض الوقت قبل أن يحك سنو شعره مدركا شيئا مهما .."

"هل .. قطعنا كل هذه المسافة من أجل لا شيء ؟"

هو قال ملتفتا لفراي ، الذي بدوره تنهد غير قادر على الانكار.

أظن الامر كذلك بالفعل ...

كانت فرصة عقد تحالف مع ميرغو و رفاقه امرا جيدا لهم ، فبحصولهم على حلفاء داخل الالتراس كان ذلك سيساهم بزيادة قوتهم ، لتكون تلك بمثابة أول تحالف بين الإمبراطورية والالتراس منذ الازل تحالف يجمع كل قوة البشر ."

كان ذلك ليكون امرا رائعا حقا ، فتوحد جميع البشر تحت راية واحدة ضد الشياطين هو ما كان يفترض به أن يحدث منذ زمن بعيد ."

لكن وكما جرت العادة .. فشل الطرفان بالاتفاق مرة أخرى و لم يتم عقد التحالف ."

لكن على الاقل خرجنا بشيء .. ففي حال فوزنا بالمعركة القادمة التي تحدث عنها هو سيتبعنا رفقة منظمته طواعيةً ...

قال فراي ، ذاكرا رهانه مع ميرغو ازاء ذلك ، بدا سنو متشككا ."

"لا أميل لتصديق كلمات امثاله .. في المقام الأول ، إذا فزنا فستتم ابادة معظم منظمته وسط الحرب اليس كذلك ؟"

" على الارجح .."

مبتعدين عن مكان اللقاء ، انطلق كل من فراي و سنو بعيدا تاركين منطقة العدو خلف ظهورهم ."

فالننظر للجانب الايجابي ، نحن عرفنا على الاقل بانهم ينوون انهاء الحرب بالمعركة القادمة ...

"لهذا السبب على الارجح حاولوا القضاء علينا بهجومهم السابق ، يمكنني القول بوضوح أن امثال غافيد ليندمان كانوا جديين هناك على الاقل ...

لكن وعلى عكس غافيد .. كثيرون آخرون لم يكونوا و هذا ما جعل الفخ المحكم الذي جهزه الالتراس يبدو اشبه بمسرحية لا عملية ابادة ."

بما ان كل قوات الالتراس كانت هناك ، هذا يعني أن جبهات الحرب الأخرى قد اصبحت فارغة الآن ولم يعد من داعي لتفريق جانب الإمبراطورية ...

من الآن فصاعدا ، ستتوحد القوات جميعها من جديد و يتحركون كجيش واحد يضم كل جنود الإمبراطورية المتبقين ."

عندما بدأت الحرب ، كان عددهم يفوق ال 100 الف جندي .. فراي تساءل يا ترى ، كم منهم بقي على قيد الحياة ...

رغم أن احداث الحرب مرت بسرعة شديدة ، إلا انها شهدت الكثير من معارك الحياة والموت و الابادات الجماعية

على الارجح .. لم يتبقى الكثير ...

في احسن الاحوال ، لربما ربع ذلك العدد و ربما اقل حتى مع نزيف الرجال ، وفشل الفرصة لعقد تحالف بدا وكأنهم سيكونون مضطرين للاعتماد على أنفسهم فقط ، كما كانوا دوما لا بأس ، حتى و لو اضطررنا للقتال وحدنا ...

سنفوز مهما كلف الامر ، أنت و انا ، قال سنو بينما أومأ فراي مبتسماً .

"نعم .. مادمنا نقاتل معا ، فنحن لن نخسر .. لنفز بهذه الحرب يا أخي ."

بينما تراجع الاثنان شيئا فشيئا ، فراي لم يستعمل قدرة النقل الآني ، مانحا نفسه و سنو بعض الوقت بعيدا عن الآخرين بغية الحديث عن مختلف الامور ، و عن ما وجب عليهم القيام به من الآن فصاعدا .

كان كلاهما الوحيدين الذين يستطيعون القتال إذا جاء خصم من الفئة SSS و فقط هما من يعلمان الكثير عن اسرار الكون وما تواجد هناك بالاعلى لذلك تواجدت اشياء لا يستطيع سواهما الحديث عنها ."

و لسخرية القدر ، لم يكن أي منهما بشرا طبيعيين فأحدهما ينتمي لحاملي الضوء بدماء بشرية .. و الآخر يمتلك جسدا معدلا خارقا لا يشابه البشر بشيء ."

لكن ورغم كل ذلك ، هما اصبحا الامل الاخير للبشر و الآن اوشك الاثنان على خوض المعركة الأخيرة التي ستحدد مصير الحرب ضد الالتراس بدون علم منهما ، كان العد التنازلي على وشك الانتهاء ..

لحرب طالت كثيرا وبات من الضروري وضع نهاية لها بعيدا عن مكان فراي و سنو هناك بجانب الالتراس ، ظهر ميرغو و الآخرون معه من العدم بعدما انسحبوا هم الآخرون.

لورانس كان شاردا كعادته لا يدرك يمينه من يساره ولا يهتم أو يفهم مثل هذه الامور .

اما ماريا فظلت هادئة دون تغيير على ملامح وجهها و كأنها علمت بأن هذا ما سيحدث من جهة أخرى ، بدا ميرغو منزعجاً على غير عادته ممسكا قنينة الخمر خاصته ، هو حاول الشرب منها ليجدها فارغة ."

"اللعنة .. لقد نفذ شرابي .."

كانت هذه ردة فعل يبديها العجوز كلما نفذ شرابه الثمين دعك من مشروبك ، فقد فشل التحالف الذي ارضت عقده مع فراي ستارلايت ."

قالت ماريا محدقة بميرغو الذي اعطاها ظهره و لوح لها منزعجا .

أجل اجل .. إنهم يتوقون للقتال و رمي ارواحهم بعيدا و لا يبدو أنني قادر على ثنيهم عن ذلك ."

بين فراي الذي اراد القتال حتى الموت ، و ميرغو الذي رغب بالخضوع و انقاذ ما يمكن انقاذه كان هنالك تضارب واضح بالمصالح ."

لا فراي ستارلايت ولا سنو ليونهارت يعلمان ما يوشكان على التعامل معه ."

" قال ميرغو قبل ان يركل حجرا بطريقه هم لم يريا ما رأيت ، و لم يشهدا ما شهدت ."

فكرة القتال لطالما بدت رائعة .. القتال من أجل الحرية ، و التخلص من براثن الشياطين التي طالتهم لوقت طويل لكن هذه لم تكن سوى احلام وردية ."

"العالم الذي نعيش به ليس سوى جزء من عالم آخر أكبر بكثير لا نعلم شيئا عن حدوده ، ولا السقف الخاص به حتى بهذا الجهل .. لا يزالون ينوون القتال ."

الامر اشبه بتحدي السماء و الطمع بالانتصار ."

حدق ميرغو بالسماء ، تحديدا ذلك القمر المشقوق ، القمر الذي شقه فراي ستارلایت بنفسه ."

انهم اقوياء .. اقوياء حقا ، لكن مقارنة بأهوال هيلموند مالذي يأملون تحقيقه ؟"

بالكاد فاز فراي ستارلایت ضد نسخة زيبار التي لم تحمل سوى نصف قوة الاصلي و لم يستطع سنو ليونهارت لمس جيبيتو حتى ..

بل خسر فورا ضد احد الجثث الخاصة به في هذه الحالة .. ماذا بعد ؟

"ماذا لو جاء المقعد العاشر بنفسه ؟ بل اسوء .. ماذا لو كان الخصم شيطانا آخر اقوى من العاشر ؟"

"قال ميرغو عابسا بينما زم شفتيه ."

ضد الرابع الاعلى مثلا ؟"

ضد خصم كهذا .. مالذي يأمل فراي ستارلایت تحقيقه بالضبط ."

"كلامك صحيح .."

"قالت ماريا ، قبل أن تتابع لكنه فاز الم يفعل ؟"

بسماع ذلك ، التفت ميرغو اليها

"ماذا ؟"

"لقد فاز ... ضد نسخة العاشر ، وحتى سنو ليونهارت رغم خسارته قد نجا ."

'قالت ماريا ، بينما لمعت اعينها الحمراء . "

"انهما يتطوران بوتيرة سريعة جدا .. فما حققاه لحد الان بحد ذاته شيء كنا نعتبره بمثابة المستحيل ."

"لكنهما فعلاها ، و لا يزالان يريدان القتال ."

"ماريا .." همس ميرغو بينما ظهر عبوس طفيف على وجهه .

"لا تخبريني أنك تأثرت بهما ؟ ماذا ؟ هل تريدين القتال الآن ؟؟"

قال ميرغو بينما خسر صوته للحظة .

"أنسيتي مع من تتعاملين؟! إنهم مخلوقات لا يمكنك الهرب منهم حتى بعد الموت !"

بسماع ذلك ، ظهر تغيير طفيف على تعابير ماريا .. بينما ظهرت بشرتها بشكل أكثر شحوبا من العادة ..

و كأنها تنتمي لجثة ، لا لمخلوق حي .

"أنا أعلم مع من نتعامل ... و لم انسى يوما ما هم قادرون عليه ."

قالت ماريا ، بينما عدلت من قبعتها التي غطت شعرها الابيض ..

"لكن و بالوقت الحالي ، أريد أن اراقب لوقت اطول قليلا و أرى بعيني .. إلى أي مدى سيصلون ."

فراي و سنو .. هل كانت الاجابة معهما ؟

هل هما من سيحققان مع عجز عنه القدماء ؟

كان من الصعب الإجابة على ذلك ، لكن المعركة القادمة ستكون كفيلة بإعطاء الإجابة ، و وضع النقاط على الحروف أخيرا ..

كانت هذه افكار ماريا الحالية ، و التي لم تعجب ميرغو بكل وضوح .

لذلك غادر ببساطة تاركاً إياها ..

"فالتفعلي ما تشائين .. لكن إسديني خدمة و فالتخبري بقية البلاك اوردر بما حدث فلا رغبة لي بمحاضرتهم ."

"كرد ، أومأت ماريا قبل أن تسأل ."

"إلى أين ذاهب ؟"

"لأحصل على مشروبي بالطبع ، فأنا لا أستطيع العيش من دونه .."

قال ميرغو ، قبل أن يغادر ..

ماريا من جهة أخرى ظلت تراقبه لبعض الوقت ..

"مشروبك .."

ذلك الخمر الذي لطالما حمله معه ..

"ذلك ليس خمرا .. أليس كذلك ؟"

كان ميرغو بعيدا ، رغم ذلك التقطت حواسه ما قالته ماريا .

لكنه لم يلتفت ، و لم يجب ... بل واصل السير بعيدا .

ببطء ، اعينه كانت تظلم فشيئا الى أن أصبح بياضها أسودا ..

"نعم .. يا ماريا .."

همس ميرغو عندما أصبح بعيدا بما فيه الكفاية .

"ذلك لم يكن خمرا .."

بل شيء آخر تماما ..

ممسكا برأسه ، تنهد ميرغو بينما امسك بالقنينة و جرح نفسها جرحا عميقا .

و هذا ما جعل دماءهم تتسرب داخل القنينة مالئة إياها ..

ميرغو .. كان يشرب دمه الخاص ، بعملية غريبة لم يعلم أحد معناها ..

فقط هو من عرف ..

"اذا لم اشرب .. فلن تتوقف هذه الاصوات اللعينة عن الدوي برأسي .."

اصوات .. صدى .. لأيادي مظلمة تحاول اعادته من بعيد ..

ميرغو .. لورد القفير المظلم .

كان نصف بشري ، و نصف شيطان .

يعتبر عاديا ، رغم قوته إلا أنه لم يكن مميزا قط .

لكن هذا لم يكن صحيحا قط .. فعلى عكس ما قاله و أوحت به تصرفاته ..

ميرغو لم يكن قط كما ادعى .. أكثر من أي نصف شيطان آخر .. كان مميزا ..

لماذا ؟

كان السبب بسيطا .

"ميرغو .."

فجأة ، سمع العجوز صوتا عميقا ضرب بداخله كالرعد ..

و كان هو الوحيد الذي سمعه ، ما جعله يعبس بشدة ، و يظهر غضبه الذي نادرا ما ابداه ..

"إلى متى تنوي الهرب من مصيرك ... ميرغو ."

تردد الصدى ثانيةً ، و بدأ ميرغو يشرب دمه بنهم و بسرعة شديدة محاولا ابعاده ..

"لن تستطيع الهرب ، فدمائي تجري بداخلك "

تردد الصوت مرارا و تكرارا ، و استمر ميرغو بالشرب دون توقف ..

"أنا أراك .. ميرغو !"

هذه المرة كان الصوت اشد لدرجة أن ميرغو قفز من مكانه واقفا بينما ارتعش جسده ..

هو بدأ يهلوس ، و هلوساته اتخذت شكلا ضبابيا شيطانيا ، باعين اضاءت بضوء احمر مشؤوم .

ضوء دب الرعب بقلب العجوز السكير .

"مارفاس .."

نطق ميرغو باسمه ، بينما تراجع للخلف ..

"أبي .."

هامسا هذه الكلمة الصادمة من فمه .. سحب ميرغو الأوشيغتانا فورا قاطعا ذلك الشكل الضبابي بغضب .

"أتركني و شأني عليك اللعنة !!!!"

مرسلا سلاش عنيف جدا دمر المكان من حوله ..

ارتعش ميرغو قبل أن يسقط ارضا . و يشرب المزيد من دمه طاردا تلك الهلوسات بعيدا .

"علي... ان اقاوم .."

هو قال بصوت مكتوم .. قبل ان ينهض و يذهب بعيدا ..

لقد عاش طويلا ، و رأى الكثير .

لذلك هو يعرف أكبر من أي شخص آخر .. أن قتال الشياطين امر لا طائل منه ..

فبعد كل شيء ، هو رأى قوتهم بوضوح شديد.

ميرغو .. نصف شيطان و نصف بشري ..

ام بشرية ، و اب شيطان ..

لكن ذلك الاب و بشكل صادم .. لم يكن سوى مارفاس .. شيطان الرتبة الخامسة الاعلى الذي بدأ صداه هو الآخر يتردد بالارض .

2025/11/04 · 184 مشاهدة · 1763 كلمة
Song
نادي الروايات - 2025