1 - تمهيد : تهديد قادم من الشمال

كل الأحداث الحالية ما هي إلا سرد لماضي القصة ، كل تشابه في الأحداث وأو الأسماء ما هو إلا صدفة ...



قبل زمن طويل ، كانت الوثنية هي الديانة الأكثر انتشارا في "الماذرلاند" (القارة الأم) ، لكنها تخلت عن أصلها كديانة تدعو إلى الخالق الأعظم ، و أصبح هم كهنتها السلطة و الثروة و النفوذ ، و على مر التاريخ لم تكن هناك مملكة تحكمهم او تقيد اعمالهم ، لكن عصرهم الذهبي بدأ يؤول إلى الزوال فأصبحوا غير قادرين على التقرب من العائلات الغنية و النبيلة ، لهذا لجأوا إلى فرض الضريبة على الفقراء و الضعفاء ، فكانوا يقتسمون مع الحطاب اذا احتطب و مع الفلاح اذا زرع و مع الصياد اذا اصطاد متجاهلين حاجة هؤلاء ، و حجتهم في هذا أنه بسبب تعبدهم لآلهتهم الوثنية فهي تمن على الناس ما يجنونه ، و أن الفضل يعود إليهم و إلى عبادتهم قبل كل شيئ ، لكن دينا جديدا قد ظهر في الشرق و أخذ يدق المسامير في نعش الوثنية بسبب أنه لم يكن يطلب شيئا غير الإلتزام بالمعاملة الجيدة و التضرع لخالق كل شيئ . كان سكان الشمال تجارا بالفطرة ، لهذا خلال تنقلهم إلى الشرق احتكوا بتعاليم الدين الجديد و اعجبوا به ، حتى اعتنقه الكثيرون ولم يعد بالإمكان إخفء هذا الإعتناق أكثر ، كان ذلك عصر الإنحطاط لديانة الوثنيبن فهم ما عادوا قادرين على الكسب من العائلات الغنية في الجنوب و الآن صار معظم من في الشمال لا يدينون بدينهم و لا ينصاعون لأوامرهم و لا يخشون سخط آلهتهم . فكر الكاهن الأعظم المسمى " نيفيريس" رئيس كهنة معبد الوثنيين المدعو ب "الكاتالا" في حل و لم يجد سوى طلب العون من سكان الجنوب الذين قابلوهم بالرفض المطلق . كان سكان الجنوب أناسا متحضرين تحكمهم عائلات نبيلة و بالضبط كان هناك عشرة عائلات موزعة من الجنوب و حتى الوسط ،و لكل عائلة منها قلعة خاصة بها ، و رعية يعيشون بها ، يخدمون أفراد العائلة ، و بسبب تحسن المعيشة فقد كان لكل عائلة جيشها الخاص و أرضها الخاصة ، و أشهر هذه العائلات هي عائلة دي روز و عائلة ميتز اللتين تملكان أوسع الأراضي و أضخم القلاع و أقوى الجيوش من بين كل العائلات ، و كانتا في تنافس دائم و صراع ، يتكرس في جمع أكبر عدد من الحلفاء لضمان البقاء في القمة . كان اللورد "إليوت دي روز" شديد الفخر و الكبرياء ، و كان دائما يريد أن يرى نفسه و عائلته أكثر نبلا و ريادة من العائلات الأخرى ، لكن يجد الفرصة لإثبات ذلك ، و مع أن الوثنية كانت ديانة أهل الجنوب إلا أنه لا أحد اهتم بما يحدث في الشمال ، هم الجنوبيين كان الحصول على القوة و السيطرة و إجراء التحالفات و الخيانات و ما إلى ذلك ، لا وقت لديهم لمشاكل عباد الحجارة . فكر نفيريس كبير الكهنة جيدا ، و لم يجد حلا أفضل من آل دي روز أو آل ميتز ، كلمتهما مسموعة و إذا وافقت إحداهما ، فالنصر مسألة وقت فقط ، لكن المفاجئة كانت عكس المراد ، لم تقبل أي منهما الدخول في صراع عقيم مع أهل الشمال الصعب مراسهم ، كما أنه لا أحد قد يرسل جيشه إلى الشمال و يترك قلعته بدون حماية معرضة للغزو ، اشتد انتشار الدين الجديد و ادانت به عائلتين من العوائل النبيلة ، و هما الأقرب للشمال في الموقع ، هنا تعاظم الخطر و أحس الكاهن الأعظم بضرورة التحرك لإقناع أحد النبلاء الملاعين بالمساعدة ، لكن ليقبل أحدهم لابد أن يكون هنالك أخذ و عطاء ، فكر نفيريس أن إليوت دي روز قد يقبل عرضه إذا احتوى على شيئ لا يمكن رفضه ، ماذا لو أثمرت مساعدته الوثنيين أن يصبح ملكا !! . إنطلق نفيريس بنفسه لمقابلة اللورد إليوت ، و شرع في عرض فكرته القائمة على الإدعاء أن الدين الجديد ينتشر بالسيف و أن العائلتين النبيلتين اللتين أدانتا به قادمتين إلى الجنوب للغزو و التوسع تنفيذا لأفكار دينهم الجديد ، هذا سيعطي الجنوبيين دافعا للتحرك ، هنا يأتي دور كهنة و خدام معبد الكاتالا في التوغل في القلاع التابعة للعائلات النبيلة و الإختلاط بين الرعية و الترويج لهذه الفكرة بل و سيدعون أنه اذا استطاع الدين الجديد الوصول إلى أراضيهم فسيجعلهم معتنقوه عبيدا لديهم أو يقتلونهم شر قتل ، هنا ستتأجج الحمية الدينية في قلوب الناس و يطالبون حكامهم بضرورة التحرك ، لهذا دور إليوت دي روز سيكون تأجيج عقول قادة القلاع و أن يوحدوا جيوشهم من أجل دفع الخطر المقبل إليهم ، العقبة الوحيدة هي عائلة ميتز ، فهي لن تقبل ببساطة الدخول في حرب يقودهم فيها آل دي روز ، هنا وضح نفيريس وجهة نظره في الأمر ، كل ما يحتاجه إليوت دي روز هو النجاح في إقناع أكبر عدد من العائلات ، الآخرون سيأتون تباعا عندما يرون النصر المحقق ، في النهاية ما ستجنيه عائلة دي روز من هذا كله هو توحيد العائلات تحت قيادتها ، غزو الشمال و السيطرة عليه ، و بذلك التفوق على الغريم عائلة ميتز و تأسيس مملكة من الشمال إلى الجنوب ، العائلة الحاكمة فيها تكون عائلة دي روز .

هذا ما حدث بالفعل ، نجح إليوت في توحيد الصفوف رغم رفض آل ميتز المشاركة ، و شنت الجيوش المتحالفة هجومها على العائلتين الواقعتين شمالا و أسقطت قلاعهما و أبادت سكانها و من ثم انطلقت الجيوش إلى الشمال لتغزوه ، رأى نفيريس خطته تتحقق لكن الشمال واسع و القبائل فيه متعصبة صعبة المنال ، و طال الأمر بالجيوش الجنوبية فرغم انتصاراتها إلا أن الوضع يستنزف منهم الكثير حتى أن البعض أراد التراجع ، علم إليوت أن الوضع قد يتأزم في أي لحظة ، لكن لا مجال للتراجع قبل تحقيق غايته ، لهذا أصر على التوغل أكثر في الشمال ، و حشر الجنود و نادى فيهم قائلا " أتينا إلى هنا استجابة لتعاليم ديننا لنصر آلهتنا ، فأعداء آلهتنا هم أعداؤنا ، و لقد تم اختياري لقيادتكم إلى النصر المبارك لهذا لن نعود إلى بيوتنا قبل أن نطهر الشمال من أعدائنا و ها أنا أعلن قيام أول حملة تطهير مباركة للتخلص من أعدائنا و أعداء آلهتنا " ، كان هذا الخطاب وسيلة للمماطلة وكسب وقت أكثر ، في نفس الوقت إحتشد أكبر عدد من الشماليين للدفاع عن أنفسهم ضد هذا العدوان الغير مبرر ، و التقى الجمعان في معركة طاحنة ، أهل الشمال مسلحين بإمانهم بأنهم جانب الحق و الجنوبيون متبعين القائد إليوت دي روز الطامح للملك ، لكن لم تكن هناك فئة غالبة حتى حدث شيئ غير نتيجة المعركة ، جيش عائلة ميتز قدم للمساعد جيش الحلفاء الذي يقوده إليوت دي روز قاطعا كل تلك المسافة ، و هنا كتبت آخر فصول الصراع و تغلب القوي على الضعيف . بعد هذا عذب و أحرقوا الشماليون أحياءا ، كانوا يكومون فوق بعضهم البعض و تضرم في أجسادهم النار و يموتون بصراخهم "لماذا تفعلون هذا بنا ؟" و الجواب الذي كانو يحصلون عليه هو "بلا سب !". و في مشهد نهائي ركع جميع قادة الجيوش و العائلات النبيلة حتى ميتز أمام إليوت دي روز معلنين إياه ملكا عليهم ، ليبدأ عصر جديد في التاريخ و أصبحت الحملات المقدسة على الشمال و كل المناطق التي دخلها الدين الجديد تسمى حملات التطهير و صارت حدثا سنويا مباركا من قبل نفيريس و الآلهة ....

يتبع

2018/02/11 · 404 مشاهدة · 1140 كلمة
Leo
نادي الروايات - 2024