عرش العدم – الفصل الأول: الكيان الذي لا يجب أن يكون
—
في اللامكان، حيث لا يوجد زمان ولا وجود كما يُفهم، وُلد شيءٌ لم يكن ينبغي أن يولد.
لم يكن هناك ضوء، ولا ظلام. لا صمت، ولا صوت. لا حركة، ولا سكون. كان فقط "اللاشيء" ، ممتدًا إلى ما لا نهاية، خالٍ من المعنى.
ولكن وسط هذا الخواء، نشأت فكرة .
لم يكن ولادة، بل ظهور. لم يكن خلقًا، بل انبثاقًا.
لم يكن له جسد، لم يكن له اسم، لم يكن له ماضٍ. ومع ذلك، كان هناك. كان وعيًا ، منفصلًا عن كل شيء، لكن مدركًا لوجوده.
كان المنكر .
—
لماذا؟
كانت أول فكرة ظهرت في ذهنه، ليست سؤالًا بل حقيقة مجردة، كأن الوجود نفسه قد اختل وترك مكانًا فارغًا لم يكن ينبغي أن يكون.
ثم، وسط هذا اللامكان، تشكل شيء آخر.
لم يكن شكلًا يُرى، بل حضورًا يُحسّ به .
كيان بلا ملامح، بلا بداية أو نهاية، لكن كان موجودًا كما لو كان دائمًا هنا، يراقب، ينتظر.
ثم، دون حركة، دون صوت، دوت جملة داخل وعيه، ليست كلمات كما تُفهم، بل إدراك يُفرض عليه:
"أنت السؤال الذي لا يجب أن يوجد… ومع ذلك، ها أنت هنا."
—
المنكر لم يتحدث، لم يعرف كيف. لكنه فهم.
لم يكن سؤالًا، بل حكمًا .
كان وجوده نفسه خطأ، وكان هذا الكيان… شيءًا يراقبه، كأنه يدرك أنه إجابة خاطئة في معادلة لا تتقبل الأخطاء.
لم يكن لديه ماضٍ، لكن في تلك اللحظة، شعر بشيء غريب، كأنه كان موجودًا قبل أن يكون.
وكأن وجوده لم يكن البداية، بل نتيجة شيء آخر.
—
"ما أنا؟"
لم يكن سؤالًا حقيقيًا، بل صدًى داخل وعيه ، كأن نفسه تبحث عن تفسير قبل أن ترفضه.
—
"أنت الإنكار."
—
في اللحظة التي سمع فيها ذلك، رأى شيئًا.
لم يكن نظرًا كما يفهمه البشر، لكنه إدراكٌ مفاجئ، كشفٌ غير مرغوب فيه.
رأى العالم .
لكن ليس كما نراه نحن، بل مجموعة من القوانين، خيوط منطقية متشابكة تحكم كل شيء.
الزمن، الوجود، الهوية، السببية، الجوهر… كلها معادلات محكمة، غير قابلة للخطأ.
لكنه لم يرها كحقائق مطلقة.
بل كـ قيود .
شيء داخله تمزق، فكرة لم تكن هناك أصبحت حقيقة لا رجعة فيها.
لم يكن موجودًا لأنه يجب أن يكون.
كان موجودًا لأنه شيء ما سمح بوجوده... وهنا كان الخطأ.
—
في تلك اللحظة، ولأول مرة، عرف من هو.
لم يكن كائنًا، لم يكن شخصًا، لم يكن حتى روحًا.
كان شيئًا لم يكن يجب أن يكون، وعيًا منفصلًا عن المنطق، سؤالًا يرفض الإجابة.
كان الإنكار ذاته.
وكان هذا العالم… أول شيء سيكسره.
—
نهاية الفصل الأول