لا تدع القراءة تلهيك عن الصلاة و الذكر
جميع ما يتم ترجمته ينسب الى الكاتب و خياله
ادعوا لاخوتنا في سائر بلاد المسلمين
.
.
.
الحلقة 276 الجزء الثاني سلسلة بعد غروب الشمس . يأتي الليل 6
.
.
بداية الفصل :
.
نعيق، نعيق، نعيق…
ارتفعت أصوات الغربان التي تملأ السماء و التي كانت أول المخلوقات التي تجاوبت مع الهالة الغامضة التي أطلقها كايل هينتوس
كانت نغماتها القاتمة التي تنتشر في السماء هي من اشعلت بصيصًا من الأمل في عيني لوك، زعيم قبيلة الذئاب .
"آه!"
هذا التعجب الذي حمل بحمد خافت كان اول ما فلت من شفتَي لوك . كانت مجرد رؤية كايل هينتوس تبث في داخل ثباتا وهدوئا كفيلاً بتبديد القلق الثقيل الذي أثقل قلبه
' هل هذا هو ما يعنيه أن تكون قائدًا؟ '
مجرد وجود القائد لا يلهمهم الهدوء فحسب بل يلهم أتباعه ليحاربوا خوفهم . لمس لوك فجأة في أعماقه إدراكًا مفاجئًا، كأنه لمح جوهر القيادة يتجلى أمامه في تلك اللحظة الغامضة
" اهههه !! "
" اغممم !! "
غير بعيد عنه .
كانت صرخات الوحوش تصدح من كل جانب . كانت حدقات أعينهم تتوهج باللون الأحمر بينما يعلو السواد أجسادهم الصلبة
اي ما كان ما يصيب هذه المخلوقات الان فهو ابعد ما يكون عن الطبيعية لاي شخص ، إذ بدأت أجسادهم تتحول فجأة، ونما الفراء على جلودهم بينما امتدت المخالب وطالت أظافرهم بوحشية
كان هذا يظهر بوضوح أن ما يحصل لم تكن هذه بحالة هياج نموذجية بكل تأكيد بل بدى كأنه ما يحصل الان يعيدهم لأول مرة استسلموا فيها لذلك الجنون الذي دمر سلالاتهم قبل ثلاثة قرون في لحظة الفوضى
' انهم يبدون اكثر عذابا مما كانوا عليه قبلا '
"آآههه !"
اعاد صوت زعيم عشيرة ذئاب هذا العالم وهو يشهق بخوف نبض قلب لوك إلى سباقٍ محموم، وكأن كل شيء حوله بات ينهار في تسارع جنوني
دوم ! دوم ! دوم !
و عندها .. سمع صوتا غاضبا لشخص ما
" .. كيف! .. كيف لهم الجرأة على فعل هذا بنا ؟ !! "
أدار رأسه نحو مصدر الصوت، ورفع بصره ليرى تلك الأفعى البيضاء الهائلة المخلوق بحجم التنين و هي ترفع رأسها وسط السماء الفسيحة و الغضب الشرس يكتسي ملامحها
حولها بقايا تأثير السم الأخضر الذي نفثته و قشرة الارض التي دمرتها مترامية حولها في كل مكان كما لو ان اعصارا ضرب المنطقة و لم يترك فيها سوى الخراب
" نااار !! "
" هجوووم ! "
اسفلها تطايرت السهام و الرماح من السحرة و الفرسان المتعدين عليها محاولين ردعها
لكن الأفعى البيضاء لم تلق بالا حتى لرشقاتهم التافهة
" راياان !! "
بل صوّبت نظراتها الغاضبة نحو رايان الذي بدا كنقطة ضوء هشة في عاصفة هذا المخلوق الجبار
" سيد لوك !! "
خلفه من بعيد . صاحت الزعيمة نيا التي اتت معه من قرية سنو بخوف و قلق و إلى جوارها كان الصياد كوكان عاجزين عن اتخاذ خطوة أمام هذا الجنون المتزايد
" غاااارررر "
وفي تلك اللحظة الحاسمة، ظهر صوت اخر
ارتفع صوت عواء أنسن، زعيم الذئاب في هذا المكان ليملأ الهواء بصوت الحيوان متوحش
غااااااررر
" آآآآآآآآآهههه--"
و خلفهم ارتفع صدى العواء امتزج مع هدير السماء التي تحولت من لون الغروب القرمزي إلى الأسود الداكن، وانطفأت النجوم المتلألئة في السماء تدريجيًا منها
و هنا في أعلى الأسوار. كان يرى ..
الوحوش، التي سيطرت عليها قوة غامضة هي تقفز من فوق الأسوار وتندفع نحوهم بأعين حمراء متوهجة و اجساد سوداء صلبة تنذر بقدوم كارثة لا يمكن كبحها
~لقد أحكم رايان سيطرته عليهم تمامًا…~
تمتم لوك بحذر وهو يدرك أن المواجهة باتت حتمية.
كان أمامه خيار واحد الان؛ كبح جماحهم قبل أن يفقد السيطرة على الوضع كليا
"سنقمعهم أولاً!"
قالها لوك بصوت ثابت جعلت نبرته كل من نيا وكوكان يتوقفان عن التردد و يتجمدان مكانهما
"هااه …"
تنهد لوك ببطء على ما يراه ، إذ كان يعلم أن نيا وكوكان لم يصلا بعد إلى القدرة الكاملة للتحكم في مرحلة هياجهما بشكل صحيح.
لم تكن نيا قادرة على سيطرة على عقلها و اتستسلمت لها دون اي مقاومة ، بينما لم يكن كوكان قويًا بما يكفي حتى وهو قادر على السيطرة عليه
"لا بأس. سأفعل ذلك بنفسي."
أضاف بثقة، ثم تابع بنبرة عزم:
"سنجد حلاً قريباً."
كان لوك يثق تمامًا بأن سيده الشاب كايل . صاحب الحضور القوي، سيقوم بكل ما يلزم لإصلاح الوضع . على الأقل كان هذا ايمان لوك الذي ترسخ تجاه سيده و قدراته
"لوك، سأساعدك أيضًا!"
فجأة، اقترب منه حوت الأوركا آرتشي بينما يصيح قافزًا على رايان ليقف بجانب لوك
كان الجميع، من محاربي النمور إلى الجان الظلام من جماعة كايل قد تجمعوا بالفعل لقمع و ايقاف الوحوش التي اهتاجت وسط الفوضى
" انه موقف خطير تراجعوا !! "
قال لوك بجدية موجهاً تحذيره إلى نيا وكوكان، ثم أمسك ذراع وكتف الزعيم أنسن بثبات ليحاول السيطرة عليه ومنعه من فقدان عقله بالكامل
" !!! "
ولكن في تلك اللحظة، ارتجف لوك للحظة و نظر الى الانعكاسفي عينها . لقد فهم تماما ما الذي كانت عيونها تظهر
كانت مشاعر الاحباط و العجز تنعكسان بقوة في عيني نيا، التي كانت تتراجع بخطوات بطيئة، مكسورة الروح تتألم تحت ثقل المسؤولية، كانت تعتصرها بحكم دورها كزعيمة قبيلة الذئاب في دوقية سنو الكبرى
نيا كانت الزعيم . زعيمة قبيلة الذئاب في دوقية سنو التي بالكاد استطاعت ان تنجوا مختبئة بين الثلوج الباردة في الجبال
كانت لا تزال صغيرة، لكنها كانت مسؤولة عن حماية وقيادة شعبها لهذا السبب لحقت به . لانها شعرت بالعجز،كأن اتباعها له سوف يساعدها على ايجاد القوة لتكمل ما ينقصها. لوك أدرك تمامًا هذه المشاعر، فقد جربها سابقاً. لكنه لم يستطع إيجاد الكلمات المناسبة ليعزيها
و لكن . هل هناك فعلا شيئ يمكنني قوله لها ؟ هل هناك كلمات تعزية سوف توقف المها ؟
لا . لن يوجد .
اراد مساعدتها و لكنه لم يستطع التفكير في كيف يقوم بهذا و لهذا فضل فقط ان يلهي ابصاره بما يستطيع فعله فحسب
تمتم لوك بكلمات اعتذار خافتة تجاه أنسن:
"سيد أنسن، سامحني…"
وبحركة قوية، طرحه أرضًا ليمنعه من الاستسلام للسيطرة الخارجية
دوووم!
" غاااار !!! "
ارتفع صوت مؤلم من أنسن، بعواء مليء بالمعاناة تمزق عبر الساحة لكن لوك ظل ممسكا اياه باحكام وبدأ يبحث في جسده عن أي علامة تدل على سبب هذا الاضطراب
"لابد أن هناك شيئاً هنا… يسبب كل هذا."
كان يبحث بيأس، يحاول العثور على أدلة تكشف سر السيطرة التي تمارس على شعب الوحوش لا يفترض بسمات رايان ان تكون وصلت لهذه النقطة .
"ماذا فعل هذا الرجل بحق الجحيم؟!"
صراخة ارتشي جعلت لوك يتجهم بانزعاج ايضا .
لا شيئ ! لا شيئ ولا اي علامة على جسده .
لقد كان يتمنى ان كل هذا الهياج كان سببه علامة او لعنة ما . ولكن لم يكن هناك شيئ
ما الذي علي فعله ؟؟
امتلأت عينا لوك بالحيرة و الالحاح الشديدشين و كانت تلك هي اللحظة التي التقت فيها عيناه بأعين اينسن المتوهجة بوهج احمر و حدق فيه . حدقت بنوع من الوعي الخافت
" اغمم .... هذا ... "
لوك الذي سمع صوته المغموم المتألم و رأى الالم و السقم ينعكسان في عينيه علم ان انسن مازال يمتلك بعض السلطة على وعيه
" ل.. ليس انا .. "
بالكاد خرجت كلمات بسيطة من فاهه المترجف من الالم
" .. ليست .. ا .. ارادتي ..غااااار "
و في نهاية تلك الكلمات الخافتة . انطلق صوت انتحاب وحش عالي معنا ان اخر بقايا عقله قد اختفت
لم تكن ارادته
في اللحظة التي سمع فيها لوك هذه الكلمات . ايقن ان ما يحصل لهم الان كان بعيدا كل البعد عن ان يكون مجرد تحول هياج اولي . لم يكن ذلك الهياج الذي يجعلهم يفقدون عقولهم للغريزة البدائية فحسب . بل كان واضحا ان ما يحصل لهم الان كان خارجا عن نطاق سيطرة حتى غرائزهم الحيوانية
دوم دوم دوم
مجددا . اترفعت نبضات قلب لوك لشدة موترة جعلته يرفع عيونه لتقابل حوت الاوركا
" ماخطبك ؟ "
ارتشي توقف لا ارادي امام نظرات الذئب المراهق . لانه و لاول مرة شخص بالخوف من نظرات هذا الصبي الصغير الذي كان يبدوا عادة كمجرد جرو خجول
' ما خطب هذا الجرو الخجول بحق الجحيم ؟. "
في اللحظة التي رفع فيها لوك رأسه و التقت عيناه بعيني آرتشي، شعر بنوع من الرهبة لرؤية تلك النظرة في عيني الجرو الصغير
كانت نظرة لم تكن معتادة على وجهه الخجول المتوتر بل كانت هذه النظرات التي يعطيها له الان و لغرابة الوضع تذكره بالنظرة التي يعطيها له كايل هينتوس أو حتى بنظرات ويتيرا عندما يخطط هذان الاثنان لافتعال كارثة ما بأنفسهم و اخذ زمام الامور
"آرتشي، عليك احتواء الوضع هنا اما انا فسوف اكمل المهمة "
ترك لوك الباقي على عاتق آرتشي وشق طريقه وسط الفوضى و الدمار بعيدا عن البوابات نحو قلب المدينة حيث تتصاعد هالة غامضة وقوية
ويتيرا و الافعى البيضاء و غاشان . جميعهم كانوا يتجهون نحو مركز المدينة ايضا كما لو انهم فهموا جيدا ان المفتاح لكل كل هذه الفوضى يكمن في تلك المساحة الشاسعة التي بني المسرح عليها . في المكان الذي يتقاتل فيه اللعين رايان مع السيد ايرحابين
. كانوا يعلمون انهم لا يمكنهم فقط الاعتماد على كايل في حل كل شيئ
" كن حذرا يا لوك !! "
صول صدى صوت زعيم قبيلة النمور الى مسامعه و تابع الاخرون بعده
" لا تقلق علينا . سوف نعتني بهم !! "
و لم يكونوا يتحدثون فقط عن الوحوش التي تحولت الى حالة الهياج دون ارادتها و اصبح تعيث في المكان بل ايضا كل الوحوش المجنونة التي صعدت من الجدران و حاولت الوصول للمدينة لتكمل تدميرها ايضا . لقد قرر رفاقهم ان يتولوا مسؤولية ايقافها جميعا . و لوك الذي رأى هذا قرر الثقة برفاقه و إئتمانهم على ما يحصل هنا
" اذن انا .... "
في تلك اللحظة تحرك لوك بخطوات سريعة محدقاً بقلب المدينة .
المسرح الذي تتطاير منه الان هالة ذهبية مضيئة من موقع إيرحابين
ثم بخطوات اخرى تحت ستار الليل الذي بدأ يبسط جناحيه على المدينة بالفعل . بدأ الفرو الفضي اللامع للوك المشوب بالظل الأزرق يلمع تحت ضوء القمر، وكأن سحابة من الطاقة الزرقاء تحيط به . و لوك . الذي لم يسبق له ان قاتل في الظلام لم يدرك حتى ان شعب الوحوش الذين بدوا مذهولين من الفوضى حولهم، لاحظوا حضوره المتألق و انبهروا به .
لم يستطع ملاحظة تلك العيون التي تبرق نحوه . لانه انشغل بفكرة واحدة فقط . تحرير بني جلدته من حالة الهياج القصرية التي وضعهم فيها التنين رايان . و لكنه فجأة . شعر بشيئ غريب جعله ...
" هاهاه ههه "
يضحك بشفاه مرتفعة و مستمتعة
تذكر لحظتها شخصا ما . الهيونغ خاصته . تشوي هان . كما لو انه بدأ يفهم لماذا كان يضحك أحياناً في خضم المعارك المهمة مثل هذه
" صحيح . لابد ان هيونغ كان يؤمن به ايضا .. "
داخله . نبض شعور عميق بالايمان . ليس فقط لانه كان متواجدا هنا معه الان . بل لانه بطريقة ما يمتلك ايمان راسخا به.
لاشك ان هذا هو السبب وراء تقدم اخيه دائما في مقدمة المعارك دون اي خوف
" اغممم !! "
رايان الذي كان يتبختر بقوته . فجأة شعر بهالة ثقيلة و خانقة تلتف عليه و تخنقه هو و قلعته الضخمة
" تشييه ههه "
سيده الشاب قد بدأ التحرك . و معرفته بهذا جعلت سكينة غريبة تحط على قلبه و الروحه اللتان كانتا متوترتان منذ بدأ المعركة . و هذه الحقيقة جعلته يشعر برغبة في الضحك على نفسه و لكن .
بحق الجحيم هل تستطيع لومه على هذا الشعور ؟ فكايل هينتوس بالفعل يمتلك مكانة عظيمة في قلب هذا الذئب الصغير
بالنسبة له . كايل هينتوس كان تماما مثل اخيه و اخته الكبرى روزالين و تشوي هان و جده غاشان و اخيه الصغير راون . بالنسبة له . كايل هينتوس لم يكن مجرد سيد او وصي صدف انه قد تركه تحت وصايته بل هو ... عمه . كايل كان عمه ..... لا.
لا بل كان شيئا اعظم من هذا له ..
' لم يكن هذا فقط لي ...كان .. '
كان الاب . كايل هينتوس كان بمثابة اب له . في كل مرة ينظر له فيها كان ينظر الى ' اب ' له . كان هذا امرا غريبا بل و حتى قد يضحك البعض عليه ان سمعه تفكيره نظرا للفرق العمري الصغير بينهما . و لكن لم يستطع الا ان يشعر هكذا .
في كل مديح او اعتراف بالجدارة منه كان قلب لوك . قلب هذا الجرو يمتلئ بشدة .
وقوفه بجانبه وحده كان ينزل امانا غريبا عليه . و رؤية ظهره وهو يقف امامه يجعله لا ينظر لكايل الا بهذه الطريقة .
بالنسبة للوك . كان ظهر كايل هينتوس هو اعظم و اضخم ظهر له . [ ظهر الاب الذي يحمي اسرته . هذا اجمل صف لشخصية كايل ]
هذه حقيقة لم يستطع انكارها او مساعدة نفسه فيها .
و بالمثل كان هناك شخص اخر لم يستطع ان يساعد نفسه . كايل هينتوس
-هههف . سمة الهيمنة ؟ تشييه انه مضحك و مثير للشفقة فحسب
لان هالته ظلت تصدح بغرور مرارا و تكرارا داخل رأسه لدرجة ازعجته
-تشييه . اله للهيمنة ؟ ماهذا ؟ لم اسمع يوما بمثل هذا الشيئ . ماهو الخطب في عقل هذا التنين بحق الجحيم ؟
-ما الخطأ فيه ؟
-اهه بأي حال لنستخدم نصف القوة فحسب
و انساطا لكلماته . قرر كايل استخدام ما مقداره النصف فقط من قوته
وووووو
ووووش
و في نفس الوقت صعد برياحه على خشبة المسرح و نظر للتنين الذي كان يراقبه بهدوء و حذر منذ وقت طويل
' من هذا الانسان ؟ '
عيناه عكستا مشاعر الشك و الريبة الخفية كما لو انه لا يحاول اكتشاف المزيد عن البشري الذي ظهر حرفيا من العدم امامه . هو . لم يكن يقلل من شأن كايل ابدا . فحصت عيونه مظهر كايل و بسبب ذلك . استطاع الاخر ايضا ان يفحص نطاق قوته و بهذه الطريقة .
قام كايل الذي حرك قدمه بزيادة تركيز و قوته هالته للنصف
" اغممم !! "
و مجددا . تعالت اصوات الاختناق من فم التنين الذي كان حجمه وجسده الضخم يثيران رهبة شديدة . و للحظات ارتفعت رجفة شديدة من جسده الضخم و هزت اكتافه بقوة و جعلته يسقط على ركبة واحدة . و لكنه سرعان ما استقام مجددا
" ها هههاهاه ... "
خرجة ضحكة مختنفة من شفتيه ةكأنه يتحدى هذه القوة التي تحاول سحقه
-اووهوو ؟
تعجبت هالة الهيمنة للحظات
-اذن فأنت تقول انه الثاني في القيادة ؟ حسنا اعتقد انه من المنطقي ان تطمح للالوهية مع هذه القوة ؟
تزامنا مع تداخل اصوات تعجب هالته . سمع صوت رايان اخيرا
" حين سمعت ان كيندال و حتى سيسكو قد تم الاطاحة بهما من قبل بشري ما لم يستطع عقلي تصديق ذلك "
تزامنت كلماته مع تحول نظره الى التنين الذهبي ايرحابين الذي كان مرتفعا في السماء المظلمة الان
" لقد اعتقدت ان ذلك العجوز هو من كان يسبب تلك المتاعب "
حرك رايان رقبته كما لو انه يحاول التخلص من تشنجات عالقة فيها و ارخى عضلاته . ثم بعد فترة تحدث مناظرا كايل مجددا مع صوت يظهر بوضوح ان ما سيقوله هو امر مفروغ منه
" الشاولين . السهول الوسطى . كل ذلك كان من صنعك "
رايان الذي كان حجمه الحالي ينافس حجم لوك في حالة هياجه . استرخي و حرك عضلاته يديه و ساقيه معا و تزامنا مع هذه الحركات
ووووو
شعر مرة اخرى بتلك الهالة الثقيلة المرعبة وهي تلف جسده و تحاول خنقه و لكنه قوم نفسه و جسده و قاومها بكل قوته
لورد التنانين . كم من الوقت عاش تحت ظلال هذا الشخص كمجرد خادم وضيع ؟ من كان يخدمه كان يمتلك هالة الاهية . و لهذا . لتجاوزها . لتجاوز رعبها و سلطتها كان عليه المقاومة .
كان عليه مقاومتها .
لقد عاش بالفعل لفترة طويلة و رأسه منحني بخنوع ذليل للورد التنانين . و الان . الان اخيرا تحرر منها . اخيرا تحرر من سلطتها و بل لديه القدرة على توسيع نطاق سيطرته و الهيمنة على حكمه .
جميع الاستعدادات التي اعدها قد اكتملت بالفعل . كل اجزاء خطته قد اكتملت الان و لم يتبقى الا جزء واحد
~ لن يكون بأمر سهل ~
تمتم رايان وهو يراقب كايل . الرجل الذي يقف عائقا في واجهة مرحلته النهائية
~حقا . لن يكون سهلا بأي شكل من الاشكال ~
كان هذا البشري ذا الشعر الاحمر الذي ينظر له الان بكل تأكيد ليس بعقبة سهلة او مجرد خصم يمكن الاستهانة به .
" انت تجسيد للطبيعة "
جعلت كلماته لمحة من الفضول المشرق تمر عبر عيون كايل اللامبالية
-اووه . لقد لاحظ هذا ايضا ؟
كان تعجب هالة الهيمنة امرا مفهوما . لا احد من التنانين التي التقاها حتى الان امتلك البصيرة الكافية لاستبصار ما يكمن داخل جسد كايل بشكل صحيح . كان رايان هو اول تنين من هذا العالم يكتشف هذا الامر . و يفهمه بشكل صحيح
" و ليست تلك القوى هي وحدها ما يوجد داخلك . فإلى جانب هالة هيمنتك القوية . هناك المزيد .. "
كلمات رايان التي قالها وهو يهز رأسه كما لو انه يقول انه يفهم كل شيئ جعلت كايل يطرح سؤال ظهر في داله فجأة
" ان لم يكن هذا كل شيئ . فما المزيد الذي تراه داخلي ؟ "
تحدث كايل و اجابه التنين في نفس اللحظة بثقة
" مصدر العالم "
كلماته جعلت الصدمة ترتسم على وجه كايل و في نفس الوقت جعلت هذه الملامح التنين يضحك كما لو انه يسرد شيئا بديهيا
" يبدوا انك مررت على مصدر العالم و التقيت به " و تابع مشيرا باصبعه على الافعى البيضاء
" تلك الافعى الغبية حاولت فعل نفس الشيئ . لقد لمست مصدر العالم تماما كما فعلت الجان الحارس "
لم تكنل الصدمة فقط من كايل وحده بل قد ضربت حتى ايرحابين الذي اتسعت عيناه ايضا
و في تلك اللحظة . نزل إيرحابين إلى المسرح أيضاً و وقف بجانب كايل بخطوات قليلة عن ريان ليشكل ثلاثتهم معا مثلثاً متقابلاً
كل منهم يوجه نظراته نحو الآخر بحذر واستعداد.
"ماذا يحدث؟"
في مواجهة الكلمات مندهشة من ايرحابين و معالم الصدمة على وجه كايل ارتفعت ابسامة رايان بشكل مقيت على وجهه و تحدث بشر
" هل اعتقدتم انني لن اعرف ما يحصل في سطح ارضي و باطنها ؟ "
" شييه "
اطلق سخرية واضحة و تابع بسخرية
" قد اكون انشغلت مؤخرا ببعض الترتيبات و لهذا لم ادرك سريعا ان هناك من تسلل لارضي . اجل كان هذا خطأ مؤلما ارتكبته "
واااه
للحظة شعر كايل ان عليه التصفيق للوغد الذي امامه و لكنه بدلا من ذلك فتح فمه
" انت تبدوا ذكي جدا على ما يبدوا .. ؟ "
هز رايان كتفيه بلامبالات على هذه الكلمات و تحدث
" حسنا يعتقد الناس انني مجرد بربري بسبب حجمي العظيم و لكن . كيف يعتقدون انني كنت سأواصل حكمي لو كنت مجرد مغفل ؟ "
" تييك . صحيح "
خرج صوت بين اسنان كايل و في نفس ذلك الوقت تنهد رايان و تحدث بتعب
" لن يكون الامر سهلا ابدا "
تحدث هازا رأسه من جانب لاخر كما لو انه مرهق من الاحداث الجديدة و لكنه مع ذلك ظل هادئا . لم يظهر اي غضب او انزعاج
الغضب . اجل . كان بامكانه ان يسحب احد هذه الاوراق الرابحة التي لديه و ينهي الامر فحسب . صحيح ؟
سمع رايان فجأة صوت البشري ذا الشعر الاحمر . وهو يهز رأسه ايضا
" اجل . لن يكون سهلا بأي شكل من الاشكال "
تحدث الاثنان كما لو انهما بدأ يدركان أن هذا اللقاء سيكون أكثر بكثير من مجرد معركة بسيطة
رايان الذي سمع هذه الكلمات ابتسم للبشري الذي نطقها و تحدث بحماس
" صحيح . صحيح . لهذا لنختصر الامر و لنقاتل فهذا اكثر بساطة "
تبع البشري كلماته و تحدث بنفس النبرة وهو يهز رأسه بنفس الطريقة
" اجل . ان كانت نهايتنا هي القتال فعلينا القتال اذن . في النهاية هو الخيار الوحيد "
اومأ التنين على كلماته بينما هالة مرعبة تخرج منه
" هذا صحيح "
وووووووو
في تلك اللحظة . بدأت هالة ثقيلة تذكر المرء بالعواء المتوحش الذي يكسر عتمت الليل و سكونه و يسكن في قلوب الناس الرعب من صاحب الصوت الذي ينوي افتراسهم . من التنين الذي سمي بسيد الوحوش . رايان . بدأت ترتفع تلك الهالة المرعبة منه . و معها ارتفعت هالة جليدية و تدفقت منه لتزيد من رعب هذه الليلة المعتمة على كل مخلوق فيها
رايان سيد الهيمنة . الذي كان ينظر لكايل
بوومم!
دون سابق إنذار، أطلق سحرًا قويًا باتجاه كايل، لكن...
" سأتعامل مع الامر "
إيرحابين، الذي كان مستعدًا بالفعل تحرك في غمضة عين و أوقفه بدرعه القوي
كانت البسمة واضحة على وجه التنين الذهبي و لكن كايل كان يلمح الغضب و الانزعاج اللذان كان يتصاعدان دون حسيب داخل التنين الذهبي ايرحابين
" لم يتم معاملتي على انني مجرد عجوز خرف منذ وقت طويل " [ تخيل وجه زي وجهه ينادوه فيه بالعجوز ]
و لكن كايل لم يستمع لكلماته بل تحدث بشيئ اخر وهو ينظر الى احد جوانب المسرح
" اهه لن يكون بأمر سهل على اي احد "
تحدث كايل بنبرة غير رسمية و هادئة و اضاف كما لو انه لا يجد مجالا للشك وهو ينظر للمنظر الذي امامه
" فأي اب سوف يظل في كامل قواه العقلية بعدما يرى ما حدث لابنته ؟ "
دوووووم !!!
و مباشرة بعد كلماته . ارتفع صوت انفجار هائل هز المسرح بأكمله
بين الدخان و الغبار الذي بدأ يتبدد شاهد ايرحابين والد مارلين . ليتاو وهو يهاجم ملك الوحوش رايان بعنف و جنون شديدين لدرجة جعلت حتى اوعية عيونه تكاد تنفجر من شدة الاحمرار الذي غلفها .
عندها نظر ايرحابين نحو المكان الذي ينظر فيه الرجل الذي امامه . و هناك
توقف مصدوما .
هناك . بجانب راون . وقفت تنينة هزيلة كانت جراح جسدها الظاهرة حتى من مكانه تظهر بوضوح المعانات و الالم الذي عاشته . و في ظهرها . في المكان الذي يجب ان تكون فيه اجنحتها . كانت هناك فقط ندوب ضخمة
تنينة مقطوعة الاجنحة . تنينة قام هؤلاء الاوغاد بقطع اجنحتها بوحشية .
جعل هذا المنظر النيران في عيني ايرحابين تشتغل بغضب مخيف و المانا الذهبية الباهتة تبدأ في الارتفاع حوله
و لم يكن الوحيد الذي جعل منظر هذه التنينة الغضب الصارخ يرتفع داخله . فقريبا من مكانه ببضعة امتار فقط .
وقت شخص ما . تنين و اللهب الغاشم الذي يبدوا انه يتغذى من نيران غضبه يرتفع حوله بجنون شديد .
ليتاو لم يستطع تحمل هذا المنظر
" انا ... "
لم يستطع حتى ان ينهي عتابه من شدته غضبه .. كانت المانا الزرقاء الملتهب تلتف حوله كما لو انها نيران تجسد الغضب و الحقد الذي انفجر داخل صاحبها و تلهب المكان كله .
" .. سأقتلك .. حتى لو كان اخر شيئ افعله في حياتي "
نفث الكلمات المتوعدة مثل السم بين اسنان وهو بالكاد قادر على نطقها
و هكذا تواجه الاثنان . رايان بالمانا الزرقاء الشبيهة باللهب الازرق . و ليتاو التي كانت طاقته ذات لون اغمق من خاصة عدوه
" تسيك "
تقدم ايرحابين ناقرا على لسان و تحدث بهدوء
" اعادة تربية الاوغاد هو عمل الشيوخ "
تقدم ايرحابين ملفوفا بذرات الغبار نحو المكان الذي اختلطت فيه الطاقات الزرقاء كما لو انها امواج هائجة تتصارع
اما بالنسبة كايل
-تطهير اذن ؟
فقد كانت في حالة نقاش مع قوته القديمة . نار الدمار و لكن فجأة سمع صوتا اكثر اهمية جعله يستمع اليه اكثر
-شم شم . هاا من اين تأتي هذه الرائحة المقدسة ؟ رغم انني اشم رائحة شيئ فاسد مختلط معها
الاثر الالهي . عواء غروب الشمس .
الاثر الذي يحاول هؤلاء الاوغاد تلويثه . كان لابد لكايل ان يجد مكانه اولا
.
.
يتبع في الحلقة القادمة ...
..
.