خبروني إذا كان في شيء غير مفهوم.
قراءة ممتعة💞
.
.
.
الحلقة 401 الجزء الثانى سلسلة كيف تجرؤ على ضرب مؤخرة رؤوسنا؟ 4
.
.
.
على عكس كايل الذي بدا مبتهجًا، كان الثلاثة من مملكة لان في غاية التوتر.
طق. طق.طق.
لم يكن يُسمع في المكان سوى صوت خطوات الأقدام.
لم يكن هناك أي محارب، ولا حتى خادم واحد، في هذا الطريق الذي تسير فيه الملكة تاماهي.
كان هناك فقط، الملكة تاماهي، المعلم شارون، رئيس الخدم، كايل، وارحابين.
قصر صغير يقع في زاوية قصر مملكة لان.
كان هذا المكان في الأصل مهجورا، لكنه أصبح منذ فترة ما، مكانًا تستخدمه الملكة تاماهي للتأمل.
'في الحقيقة، كان مكان للالتقاء بالمتجولة.'
لم تنسَ تاماهي تلك اللحظة التي التقت فيها بالمتجولة لأول مرة في هذا المكان، برفقة الأمير هينبا.
'لأنه كان وقتَ خضوعنا.'
دق، دق، دق.
كان قلبها ينبض بعنف.
غمر التوتر جسدها بالكامل.
بلع-
سمعت صوت شارون وهو يبتلع ريقه، غير قادر على تحمّل التوتر.
نظرت إليه من طرف عينها، فرأت العرق البارد يتصبب من جبين هذا المعلم العجوز.
وكان وجه رئيس الخدم متيبسًا أيضًا.
'نعم...'
بينما كنا نحن بهذا القدر من التوتر...
كان التنين، وكايل هينيتوس، في قمة الهدوء.
دق، دق، دق.
عندما رأت وجهيهما، بدا وكأن دقات قلبها قد ازدادت.
لكن تاماهي لم تكره هذا التوتر.
'...عندما كنت آتي إلى هذا المكان، كنت دائمًا مشبعة بالعجز.'
ومع مرور الوقت، تحوّل ذلك الشعور بالعجز إلى هزيمة، ثم إلى يأس.
ولهذا، ومنذ فترة، لم تعد تشعر بأي توتر عندما تأتي الي هذا القصر.
لأنها أدركت أن لا شيء يمكن تغييره.
'لكن الآن الأمر مختلف. '
الآن، هي، المعلم شارون، ورئيس الخدم، جميعهم كانوا متوترين.
لأنهم أصبحوا قادرين على فعل شيء.
'بل حصلنا على فرصة لتوجيه ضربة إلى المتجولة، وإلى قوى إله الفوضى. '
فكيف لا ينبض القلب إذن؟
ذلك التوتر الذي شعر به المعلم العجوز شارون ورئيس الخدم، لم يكن بسبب الخوف، بل كان بسبب الإثارة.
'فلنتوتر.'
انغمست تاماهي تمامًا في هذا التوتر.
لأن هذه المشاعر كانت الأنسب للوضع الحالي.
"افتحه."
"أمرُك، جلالتك."
عند مدخل القصر، الذي كان ساكنًا بطريقة مرعبة، أسرع رئيس الخدم نحو الباب فور سماع أمرها.
وبالتزامن مع ذلك، تحرك ارحابين وكايل معًا لفتح الباب ايضا.
كييييك—
بمجرد أن فُتح الباب الواقع وسط الجدار الحجري، ظهرت الساحة الأمامية للقصر.
ساحة أمامية لا يوجد فيها سوى التراب الجاف.
مناسبة تماما للتأمل.
لكن كان هناك شخص واحد واقف في ذلك المكان.
"……."
امرأة تنظر إليهم بوجهٍ جامد.
وفي اللحظة التي وقعت فيها عيون المرأة على تاماهي، ارتسم التوتر على وجه تاماهي بالكامل.
تخطّت عين المرأةُ تاماهي، وفحصت كل فرد من المجموعة بعينيها، ثم أعادت النظر إلى تاماهي مجددًا وقالت.
"تفضلوا بالدخول."
لا يمكن للملكة أن تدخل إلى هذا المكان إلا بموافقة المتجولة.
يا له من مشهد مثير للسخرية حقا.
بالتزامن مع ذلك، دخلت تاماهي القصر، والتوتر لا يزال يغمرها.
"ابقَ هنا في الخارج."
وفي تلك الأثناء، أمرت الحارس المرافق بأن ينتظر عند مدخل القصر.
دق، دق، دق.
كان قلبها ينبض بقوة.
كييييك—
أغلق الحارس الباب من الخارج.
طق.
أُغلق الباب بالكامل, ودخلت الملكة إلى منطقة المتجولة، معزولًة تمامًا عن العالم الخارجي.
"……."
كانت المتجولة لا تزال تحدّق بها.
ابتلعت تاماهي ريقها بصمت.
"……."
فتحت المتجولة، التي كانت تحدّق بها بصمت، فمها أخيرًا.
"لقد بدا عليكِ الخوف المفرط. وكأن—"
تصلب جسد تاماهي من شدة التوتر.
"وكأن هناك الكثير مما يؤنبك عليه ضميرك."
وما إن أتمّت المتجولة عبارتها، حتى أغمضت الملكة تاماهي عينيها بقوة.
"……."
ساد الصمت من جديد.
لم تهب حتى نسمة هواء حول المرأة الواقفة في منتصف الفناء.
كان الجو ساكنًا إلى درجة خانقة، ومع ذلك، بدا سلميًا أيضًا.
"……."
لم ينبس أحد ببنت شفة.
كان الجميع باستثناء الملكة تاماهي مطأطئي الرؤوس، وحتى رئيس الخدم كان منحنيًا حتى خصره، دون أن يبدي أي حركة.
"……."
فتحت تاماهي عينيها التي كانت قد أغلقتهما.
وتلاقت عيناها بعيني المتجولة.
امرأة لا تعرف حتى اسمها، كل ما تعرفه عنها أنها المتجولة.
"تحدثي."
أخيرًا، حصلت تاماهي على الإذن.
فبدأت بالكلام ببطء.
كان حلقها جافًا تمامًا، وشفتيها جافتين ايضا.
"كُح-هم."
لم تستطع النطق فورًا، مما جعل مظهرها مثيرًا للشفقة جدا من شدة التوتر.
لكن لم يكن لدي تاماهي وقت للاهتمام بذلك.
"ذاك—"
كانت المتجولة تراقب كل ذلك بصمت.
وأخيرًا تمكنت تاماهي من الكلام.
"ذاك، نعم. يؤنبني ضميري."
أجابت تاماهي على سؤال المتجولة المبطّن بشأن ما إذا كانت تُخفي شيئًا.
"الكذب سينكشف عاجلًا أم آجلًا."
دق، دق، دق.
كانت تاماهي متوترة للغاية.
فرصة لتوجيه ضربة إلى العدو...
كان توترها ناتج عن تلك الفرصة.
لكنه سيبدو للعدو كخوف أو رهبة.
"لقد لاحقتُ وهماً، وهو وهم الانفلات من قبضتك، ولو لوهلة."
"أتعنين بطولة القتال؟"
"نعم."
أجابت الملكة بأدبٍ على سؤال المتجولة.
لكنها عبّرت في الوقت ذاته عن شعورها بالظلم.
"لكن حتى تلك البطولة فشلت، وبسبب ما حدث—"
"……."
تجنّبت تاماهي نظرات المتجولة وأكملت كلامها بصوت مرتجف.
"أدركتُ أنه لا يجب ملاحقة الأوهام."
نعم.
يجب ملاحقة الواقع، لا الاوهام.
"……."
كانت المتجولة تراقبها بصمت.
ومن خلال نظراتها، فهمت تاماهي أنها كانت تطلب منها المتابعة بالكلام.
'عليّ أن أكون ماهرة.'
من الآن فصاعدًا، عليها أن تخلط بين الكذب والصدق بشكل متقن.
دق، دق، دق.
كان قلبها ينبض بشدة.
وكان جسدها يتصبب عرقا.
"لقد جئتِ بحثًا عن المتجولة سوهِي والأمير هينبا، أليس كذلك؟"
اهتز صوت تاماهي.
"لقد قال الأمير هينبا—"
في الواقع، لم يقل الأمير هينبا شيئًا.
"قال إنه إذا أقمنا بطولة القتال، فسنجذب المتجولين. وإن حدث ذلك—"
لم يقل شيئًا من هذا إطلاقًا.
دق، دق، دق.
بدأ خفقان قلبها يهدأ تدريجيًا.
غريب.
انها تكذب، ومع ذلك تشعر بالهدوء. [*كايل شو عملت]
"وإن حدث ذلك، فسيتولى هو بنفسه أمر المتجولين الذين سيتم جذبهم... هذا ما قاله الأمير هينبا.."
تذكرت حديثها مع كايل هينيتوس.
'في الحقيقة، أنا أخشى المتجولة. لا أدري إن كنت سأستطيع أن أكذب بسهولة أمامها.'
'فقط تكلّمي براحتك.'
قال كايل ذلك بلا مبالاة.
'فقط، ألقِ اللوم في كل شيء على الأمير هينبا، وسيكون كل شيء على ما يرام.'
نعم. سأفعل كما قال.
"قال الامير هينبا إنه سيتعامل مع المتجولين بقوته الخاصة."
لم يقل الأمير هينبا شيئًا من هذا قط.
"وقال أيضًا إن قوته هي قوة تابعة لإله الفوضى، وأن المتجولة لا يمكنها أبدًا هزيمة الإله، وأضاف أن ما دمتِم تعبدون طائفة إله الفوضى، فلن يتدخلوا أبدًا في شؤون المملكة ككل."
حقا، لم يحدث هذا، لم يقل الامير هينبا شيئًا كهذا ابدا.
لكن الميت لا يمكنه الدفاع عن نفسه. [*اوتش، حاقدة الف هههه]
ازداد صوت تاماهي ثقة وقوة شيئًا فشيئًا.
"بصراحة، رأيت أنه من الأفضل أن نخدم إله الأمير هينبا، بدلًا من أن تُنتزع هذه المملكة من قبلكم انتم المتجولين. ولهذا، مضيتُ قدمًا في تنفيذ كل ما قاله لي."
حتى لو متُّ ثم عدت إلى الحياة، فلن أفكر أبدًا في خدمة إله الفوضى.
"ولكن—"
فجأة توقفت تاماهي في منتصف كلامها.
"!"
هبّت طاقة غريبة و استقرت على كتفها.
"هممم."
ابتلع رئيس الخدم ريقه.
ارتعشت أطراف المعلم شارون.
وأغمضت الملكة عينيها بقوة.
إنه جليد.
استقر الصقيع على كتفيها.
وبالإضافة إلى ذلك، انتشرت طاقة باردة ومثلجة من رأسها إلى أسفل جسدها.
'اللعنة!'
المتجولة.
قوة هذه المرأة تظهر هكذا دون سابق إنذار، متسببة في تجمد كل شيء حولها.
'…القلب.'
في إحدى المرات، جمّدت المتجولة قلب أحد حراس تاماهي.
ربما كان لتخويفها.
وقد نجحت بالفعل، لأن تاماهي شعرت حينها بخوف حقيقي.
الحارس الذي مات بلا صوت...
ذلك الجليد... مرعب، صامت، وقاتل.
من يقدر علي مجابهة هذه المرأة التي تنسج الموت بصمت؟
'تمتلك هذه المرأة قوة قادرةً على تغطية العالم بالثلج والجليد'
عاد التوتر يتغلغل في جسدها.
لكن، وعلى الرغم من ذلك، أصبحت نظرات تاماهي أكثر ثباتًا.
'لانني رأيت مشهدًا مختلفًا بأمّ عيني'
كايل، الشيطان السماوي، وتشوي-هان.
ذلك المشهد الذي صنعه أولئك الثلاثة...
كان مذهلًا بحق.
هؤلاء الثلاثة، يمكنهم بالتأكيد مقاتلة المتجولة التي أمامها.
"لكن في اللحظة التي رأيت فيها المُعاون الذي جاء به الأمير هينبا، أدركت أنني ارتكبت خطأً فادحًا."
توقفت الطاقة الباردة للحظة.
"…معاون؟"
كانت هذه أول مرة تُبدي فيها المتجولة ردّة فعل.
"نعم."
أغمضت تاماهي عينيها.
"ذلك المعاون هو من قمع سوهِي، وأسكت كل الفوضى."
انه—
"ولكن بدلاً من القول بأنه أسكت الفوضى، كان هو نفسه تجسيدًا للفوضى."
"!"
توهجت عينا المتجولة بضوء غريب.
فتحت تاماهي عينيها.
"الخوف الذي بعثه فينا جعلنا نستسلم دون مقاومة. جعلنا عاجزين عن التفكير في أي شيء سوى الخضوع له. وكأنه يفرض سيطرته على الفضاء نفسه."
شعرت المتجولة أن ما تقوله تاماهي ليس كذبًا. فلم يكن في عينيها، ولا في صوتها، أي كذب أو تزييف.
كانت تلك مشاعر حقيقية نابعة من تجربة عاشتها بنفسها.
"خوف وفوضى، إذًا."
"نعم. لقد كنت مشوشة تمامًا من تلك الهالة التي لم أشعر بها من قبل في حياتي. ولم تتمكن المتجولة سوهِي من القيام بأي مقاومة تُذكر. ولكن—"
توقفت تاماهي عن الكلام للحظة، ثم تابعت.
"…خاض ذلك الشخص قتالًا مع الامير هينبا."
اصبحت نظرات تاماهي أكثر صلابة.
"وانفجر جسد الامير هينبا ومات."
كانت عينا تاماهي صافيتين إلى حد لا يدع مجالًا للشك في صدق حديثها.
وبصراحة، كان هناك أيضًا شيء من السرور الخفيف في كلامها حول موت هينبا.
وذلك لم يكن شعورًا يمكن اختلاقه بالكذب.
"…فهمت."
فتحت المتجولة فمها.
واختفى الصقيع الذي كان قد نزل على أكتاف الجميع.
'لقد اقتنعت.'
قبلت المتجولة بكلام تاماهي.
وعندما أدركت تاماهي ذلك، تنفّست الصعداء بارتياح.
لقد تصرفت ببساطة دون كذب.
وحتى هذا، تأكدت منه المتجولة قبل أن تحوّل نظرها.
"إذًا، هل هذا هو الشخص الذي شهد موت الامير هينبا؟"
كانت تلك هي المعلومات التي أعطاها شارون للمتجولة قبل أن يذهب لمرافقة الملكة.
المعلومات التي أوضحت لها سبب تأجيل الاجتماع لنصف يوم.
"نعم."
أومأت الملكة تاماهي إلى رئيس الخدم، فتقدم الأخير وقاد شخصًا إلى الأمام.
"كان علينا الانتظار حتى يستعيد وعيه للاستماع إلى شهادته، وقد تطلب الأمر وقتًا لإحضاره أمامكِ، أيتها المتجولة."
بينما كانت تاماهي تتحدث، بقيت نظرة المتجولة مثبتة على شخصٍ واحد.
ذلك الشخص الذي كان وجهه مغطى بالضمادات حتى فوق فمه.
وفي الأماكن التي لم تتمكن الضمادات من تغطيتها، ظهرت جروح مقطوعة وبشرة مشوّهة كأنها محترقة.
كانت يداه ترتجفان بشدة، وجسده كله منكمشًا.
لا، بل كان جسده كله يرتجف.
طق. طق. طق.
رغم أن الجو لم يكن باردًا، إلا أن أسنانه كانت تصطك ببعضها البعض. لقد كان مرعوبًا إلى لا يُمكن تصوره.
"كان واحدًا من الخدم الصغار الذين خدموا الامير هينبا."
شرحت تاماهي عن هوية ذلك الشخص.
فتحت المتجولة فمها، موجهة حديثها إلى الخادم الذي لم يجرؤ حتى على النظر إليها.
"هل يمكننا التحدث؟"
عند ذلك السؤال، تنهدت الملكة تاماهي.
"هممم."
وهزّت رأسها نفيًا.
"إنه يكرر نفس الكلام فقط، ولست متأكدة إن كان ما يقوله يعدّ معلومات فعلاً. لذا أحضرته لتتحدثي معه بنفسك"
"……"
راقبت المتجولة الخادم لفترة، ثم فتحت فمها أخيرًا.
"ما الذي رأيته؟"
في الحقيقة، لم تكن المتجولة قد اقتنعت بكلام تاماهي بالكامل بعد.
'سوهِي ليست ضعيفة.'
'حتى وإن كانت تمتلك تفردًا من مستوى متوسط، إلا أنها تملك صلابة أشد من أولئك الذين وُلدوا في هذا العالم وهم يملكون صفات الأبطال.'
فهل يعقل أن تُهزم تلك المرأة بهذه السهولة؟ وتنقطع كل الاتصالات بها تمامًا؟
صحيح أن آخر ما أرسلته كان يتضمن فيه قولها بأن إله الفوضى هو من هاجمها.
'..و احتمال أن يكون ذلك صحيحًا مرتفع بالفعل...'
فلا يمكن لأي شخص أن يجابه متجولًا إلا إذا كان بمستوى إله الفوضى.
ومهما حاولت الملكة التمرد، فلن تستطيع أبدًا قمع سوهِي بتلك الطريقة.
انقطاع الاتصال مع الأمير هينبا,
واختفاء سوهِي،
كل ذلك يثير الشكوك حول إله الفوضى.
'ثم، في الآونة الأخيرة، بدأت تُسمع بعض الأحاديث عن إله الفوضى في نيو وورلد.'
من المؤكد أن هناك شيئًا ما يحدث في ذلك الجانب.
لكنها لم تكن متأكدة بعد.
'و هذا وقت يجب أن نكون فيه حذرين—'
إنها المرحلة الأخيرة نحو لإله المطلق.
لذلك، يجب أن نكون حذرين حتى في أصغر الأمور الآن.
"إله الفوضى...
إن كان هو من وقف في طريقهم فعلًا...
وإن كان استنتاجها هذا صحيحًا...
فلن يُترك أبدًا دون حساب.
'لأنه تجرأ على التدخل في شؤوننا.'
النهاية.
لا يُسمح لأحد أن يعيق النهاية التي تحلم بها عائلة دو ألالوان الخمسة.
"ماذا..."
وجهت سؤالها مجددًا إلى الخادم الذي لا يزال يرتجف، غير قادر على النظر إليها.
"ما الذي رأيته؟"
في تلك اللحظة—
رفع الخادم رأسه ببطء، بينما كانت يداه المرتجفتان تغطيان وجهه.
فتح فمه، وما إن نطق بكلماته الأولى، حتي تأكدت المتجولة من شيء واحد.
"ع.. عي.."
صدرت كلمات مرتجفة ومتقطعة، من شخص فقد القدرة على التحدث بشكل سليم.
"العين.. العيون...!"
عند تلك الكلمات، تأكدت المتجولة.
'إله الفوضى.'
لقد رأى هذا الرجل قوة إله الفوضى.
العين.
ذلك أمر لا يُمكن معرفته إلا من عاش التجربة بنفسه.
"ع-عين رمادية... العيون... تندفع كالموج...!"
"!؟"
تندفع كالموج.
كانت تعرف تلك الصفة جيدًا.
من بين القوى التي يستخدمها إله الفوضى كثيرًا، كانت هناك عين رمادية تشبه الموجة المتدفقة.
استمر الخادم في ترديد هذه الكلمات، بينما أخذ يرتجف أكثر فأكثر.
كشخص مرعوب تمامًا، انكمش بكل ما أوتي من قوة، غير آخذ المتجولة في حسبانه أبدًا.
كأنه محاصر بجدار أو محاط بأمواج تندفع نحوه من كل مكان.
كان يتمتم فقط عن العين، دون أن يكترث بأي شيء آخر.
"هاه..."
خرجت ضحكة لا إرادية من فم المتجولة.
"إذًا، هي الحقيقة."
إله الفوضى هو من قبض على المتجولة سوهِي، وهو الذي ينوي التدخل في شؤون المتجولين.
حولت المتجولة بصرها عن الخادم، الذي لا يزال عاجزًا عن مواجهة عينيها أو النظر إليها.
وفي تلك اللحظة—
"يا إلهي!"
تحرك المعلم شارون بسرعة، ويبدو عليه الاضطراب.
"!؟"
عندما التفتت المتجولة، توقفت على الفور.
كان الخادم يحاول خنق نفسه بيديه.
ويصرخ قائلًا.
"عُد إلى البداية... إلى البداية! سأضحي بحياتي...!"
"توقف، لا!"
لكن الخادم لم يتمكن من المضي في فعلته.
فقد اندفع شارون ورئيس الخدم نحوه بسرعة وشلّا حركته.
أخرج شارون حبلًا من بين ملابسه، وقيّد الخادم بإحكام.
كان الخادم في حالة يرثى لها.
لمع بريق غريب في عيني المتجولة وهي تحدق في الخادم من الأعلى.
'العودة إلى البداية والتضحية بالحياة؟'
كانت المتجولة وحدها من فهمت تمامًا معنى تلك الكلمات في هذا المكان.
"أعتذر. لقد استمر في قول تلك الكلمات محاولًا الموت، ولتهدئته... اضطررت لتأخير لقائكم"
"لا بأس."
استمعت المتجولة إلى تبريرات الملكة بلا اهتمام، بينما كانت تفكر.
'ليلة البداية.'
لم يكن ذلك المكان يضم فقط أتباع إله الفوضى، بل متطرفين متعصبين مجانين.
كان ذلك المكان المقدس والمجنون الذي شيده أولئك المعتوهون من أجل إلههم، يرتكبون فيه أفعالًا جنونية.
"أفهم."
…أستطيع أن أرى الصورة بوضوح الان.
باتت المتجولة تعرف الآن ما هي خطوتها القادمة.
لكن كان عليها أن تتحقق من أمر أخير.
وفجأة، سألت الملكة سؤالًا مباغتًا.
"لماذا مات الأمير هينبا؟"
"لا أعلم. لم يتبقَّ من جثته شيء، لذلك لا يمكن تحديد سبب الوفاة."
هزّت الملكة رأسها نافية.
فأومأت المتجولة برأسها وقالت.
"صحيح. لا يمكن أن تعرفي."
لو أنها تظاهرت بالمعرفة أو قدّمت عذرًا، لزاد ذلك من شكوكي حولها.
لم تلحظ المتجولة أي أثر للكذب في كلام الملكة تاماهي،لأنها بالفعل لم تكن تعرف السبب الحقيقي لانفجار الأمير هينبا ومقتله المفاجئ. فقد كان يقاتل كايل، ثم فجأة فجّر نفسه.
"……"
نظرت المتجولة للحظة إلى الخادم المقيّد، الذي هدأ أخيرًا واستلقى على الأرض الموحلة.
كان مغطى بالغبار بالكامل، بعد أن صارع بقوة.
"...هاه... هاه..."
كان الخادم يتنفس بصعوبة وهو مستلقٍ على وجهه، وكأن محاولاته اليائسة السابقة قد استنزفت كل قواه.
صرفت المتجولة نظرها عنه دون تردد.
سيموت هذا الإنسان الذي أصيب بقوة الفوضى قريبًا.
ولم يكن ذلك من شأنها.
"هل لا يزال قصر الأمير هينبا على حاله؟"
"نعم. هل تريدين الذهاب إليه؟"
"نعم، أرجو ذلك."
تحركت الملكة تاماهي لتقودها، فتبعَتها المتجولة من الخلف.
بدأت المتجولة في تنفيذ المهمة التالية التي يجب عليها القيام بها.
"……"
وفي تلك الأثناء، رفع الخادم - كايل - رأسه ونظر مباشرة إلى ظهر المتجولة.
كان يُسجّل في ذهنه شكلها، وهيئتها، وكل تفصيلة منها.
حينها، سمع صوت سوبر روك.
- التفرد... إنها تشبه القوى القديمة حقًا.
تلك الطاقة التي استخدمتها المتجولة.
الصقيع الذي انساب على كتفيها.
ذلك التأثير الذي غمر المكان حين استخدمت طاقتها، كان تمامًا كما تفعل هالة تشوي-هان وكايل.
ثم عبّر سوبر روك عن رأيه.
- إنها أقوى من سوهِي. لا مجال حتي للمقارنة.
وافقه كايل الرأي.
رغم أن الطاقة التي أظهرتها كانت ضئيلة، إلا أن القوة الكامنة داخلها بدت بلا حدود.
وكان من السهل الشعور بذلك، لأن هدوءها الشديد كشف عن عمق قدرتها.
'حتى لو اجتمع الشيطان السماوي وتشوي-هان… فلن يتمكنا من هزيمتها.'
تلك المتجولة…
إنها قوية حقًا.
'ما هو مكانتها؟'
كان يتساءل عن مرتبتها بين متجولي عائلة دم الالوان الخمسة.
من المؤكد أنها من الرتب العليا، على الأقل.
- جليد، هاه—
بينما كان كايل يُسجّل كل ما يخص المتجولة…
استجابت إحدى القوى القديمة لذلك...
- الجليد...
منذ أن بدأ الصقيع يتشكل على كتف كايل، بدأت تلك القوى تُبدي تفاعلًا غريبًا.
- بارد وصامت.
كأنه وحش مفترس يُراقب فريسته الشهية وهو يلعق شفتيه.
- أما أنا… فأنا حار، وصاخب.
نار الدمار.
لم يُخفِ نار الدمار اهتمامه.
'همم؟'
وفي اللحظة التي بدأ كايل يشعر فيها بشيء من القلق من ذلك التفاعل…
قال البخيل جملة واحدة.
- أنه يستحق التجربة...
المتجولة الجديدة.
على نحو غير متوقع– كان الشخص الذي أبدى أكبر قدر من الاهتمام بذلك الكائن،هو البخيل، نار الدمار.
.
.
.