خبروني إذا كان في شيء غير مفهوم.
قراءة ممتعة💞
.
.
.
نادي الروايات~ترجمة: White.Snake
.
.
.
الحلقة 485 الجزء الثانى سلسلة هطول المطر الرمادي 17
.
.
.
حين أمسك الإمبراطور الثالث ياقة كايل هينيتوس،
لم تكن التخيّلات عمّا سيحدث لاحقًا تحمل أي بادرة خير،
بل ارتسمت أمامهم صور مستقبل مظلم ومروّع.
"هه."
توقّف ملك الشياطين عن الركض.
"وا-، أوااه—"
تمتم راون، الذي كان في ذراعي إرحابين، بانبهارٍ متلعثم،
ثم سارع بفتح فمه محاولًا أن يرتّب ما شاهده بالكلمات.
"حين أُمسك إنساننا من ياقته، انطلقت فجأة من يديه سهام مائية أصابت الإمبراطور الثالث."
ثم،
"ارتدّ الإمبراطور الثالث بعد أن اخترقته تلك السهام، وحتى إنساننا قذفته قوة الارتداد إلى الخلف."
كواااااك!
إيواك!
صرخ كل من الإمبراطور الثالث وكايل في آنٍ واحد.
"ثم لمس إنساننا بطنه، وبدا على وجهه علامات ارتياح."
تمتم راون بذهول.
أما الإمبراطور الثالث—
كوااااااااانغغ— (صوت اصطدام عنيف)
فقد اجتاحته قوة هائلة تكاد تقارب نصف قوة تنين الماء،
وبسبب قربه الشديد من كايل، لم يكن أمامه أي خيار سوى تلقّي ذلك البحر مباشرة.
لقد هاجمه البحر.
للحظة، غرق ذهن الإمبراطور الثالث في فراغ.
"ما هذا الهراء—!"
وفي اللحظة ذاتها التي صرخ فيها الامبراطور الثالث، اخترقه سهم ماء،
فاندفع جسده إلى الوراء بلا حول.
لكن في النهاية… هو البحر.
وذلك البحر المنبثق من تنين الماء، كان أساسًا نتاج قوته هو نفسه، لذلك لم تستطع تلك القوة أن تصيبه بضربة قاتلة.
"……."
حرّك الإمبراطور الثالث يديه.
تشوااااااا— (صوت اندفاع الماء)
تدفقت المياه من جسده،
وفي لحظة ابتلعت موجات البحر السهم المائي.
"…أيها اللعين!"
قبض الإمبراطور الثالث بكلتي يديه على السهم المائي العملاق— الذي بدا بحجم تنين ماء— ومزّقه إربًا.
تشوآآآك! (صوت انشطار مائي عنيف)
انشق البحر نفسه، وما تبقّى منه استقرّ بين قبضتيه.
ورغم تخلّصه من الموقف بسهولة،
إلا أن الغضب كان يشتعل في داخله بعنف.
وخزة مفاجئة—
شعر بألم في صدره حيث اخترقه السهم المباغت.
لم تكن إصابة خطيرة،
لكن ذلك الألم… كان شيئًا لم يذقه منذ زمن بعيد جدًا.
وأن يكون البحر ذاته هو السبب… جعل الغضب يتفجر في داخله بشكل لا يُطاق.
'كيف تجرؤ!'
السهم المائي بين يديه...
هذا البحر المشطور الى نصفين، كان يدور بعنف رافضًا الانصياع له.
"ها!"
هذا لا يُحتمل.
نعم، هذا أمر لا يُغتفر.
قبض الإمبراطور الثالث يديه بقوة—
تشوااااااا— (صوت اندفاع الماء)
وفي لحظة، تفجّرت المياه من قبضتيه بقوة أكبر من ذي قبل.
ثم أطلق السهم المائي الذي كان يمسكه، ومعه أطلق البحر الذي أثاره.
وهكذا، التقى البحران وتشابكا.
تشوااااااا— (صوت اندفاع الماء)
وفي النهاية ابتلع أحدهما الآخر.
تشوااااااا— (صوت اندفاع الماء)
بحر الإمبراطور الثالث التهم بحر كايل.
بعد أن ابتلع بحر كايل، أغمض الإمبراطور الثالث عينيه ببطء، وعلى جانبيه عمودان مائيان يدوران بعنف.
سسشششوااا—— (صوت هطول المطر الغزير)
وفي أذنيه اختلط هدير البحر بصوت المطر الغزير.
'أنا ابن البحر.'
وُلدت على ضفافه، وحين كنت إنسانًا… قضيت حياتي كلها معه.
أبي، وأمّي، وأخي… جميعهم ابتلعهم ذلك البحر الملعون.
آه… بالطبع، أنا من دفعتُ أخي نحوه، لأنّه كان يرغب في سفينة والده، الميراث الوحيد الذي تركه.
لكي أواصل العيش، لم يكن أمامي خيارٌ آخر.
على أيّ حال، سواء بسبب الإبحار على ظهر السفينة أو بفعل الكوارث الطبيعيّة،
ظلّ البحر يسرق منّي أحبّائي واحدًا تلو الآخر، لأسباب شتّى.
ومع ذلك، واصلتُ العيش معه.
فلم أعرف في حياتي سوى طريقة العيش في البحر، وبما أنني كنت مجرد إنسان ضعيف، فماذا كان باستطاعتي أن أفعل غير ذلك؟
ذلك البحر الملعون.
ذلك البحر البغيض.
رغم ذلك، كان البحر وحده من احتضنني.
عشتُ عمري كلّه برفقة البحر؛ كان بالنسبة لي أسرتي الوحيدة ورفيقي الوحيد.
حين جرفَ التسونامي قريته بالكامل،
كان هو الناجي الوحيد. فبقي هناك وعاش وحيدًا على ذلك النحو.
لكن، رغم كلّ شيء، لم يكن البحر سبب موتي.
بل كان بسبب ذلك التنين الملعون.
ذلك التنّين الذي، بعدما قال إنّ المنظر جميل، حاول الاستيلاء على القرية التي ابتلعها التسونامي، ولم يترك لها أثرًا.
تلك القرية المهجورة التي كان يحرسها بمفرده، وجد نفسه مجبرًا على تسليمها إلى التنين.
كره ذلك بشدة.
ولهذا هجم على التنين بمفرده.
غير أنه في النهاية لم يستطع سوى الفرار من التنين، فقفز إلى البحر.
ذلك البحر الملعون…
البحر الذي انتزع منه كل مَن أحب…
كان هو نفسه من احتضنني.
وفي النهاية، مات في أعماقه.
لكن بعد موته، صار متجولًا، وهناك أدرك تفرده.
وحين عرف أن تلك القوة لم تكن سوى البحر ذاته،
وأدرك أن البحر قد احتواه حقًّا في لحظته الأخيرة وفسح له موضعًا—
"أنا..."
حينها استوعب الإمبراطور الثالث تلك الحقيقة بعمق.
"أنا البحر."
نعم، أنا نفسي البحر.
وحدي، الذي وهبت حياتي كلّها للبحر، أستطيع أن أتحكم به.
البحر هو من منحني هذه القوّة.
سواء كان خصمي تنّينًا أو أيّ كائنٍ آخر، لم يعد هناك ما أخشاه.
وفوق ذلك، لم أعد بحاجةٍ إلى أن يُقيَّد بجسدٍ بشري.
لأنه متجول،
المتجوّل الذي أدرك تفدره،
المتجوّل الذي أدرك أنّه قادرٌ على أن يكون البحر ذاته—
ذلك الكيان العظيم والمرعب… لكنه في الوقت نفسه دافئ وحاضن.
"أتجرؤ على الطمع في مقامي؟"
لكن هذا الوغد، كايل هينيتوس…
تجرّأ الآن على التحكّم بالبحر.
لا، بل حاول أن ينتزع ما هو ملكي.
كما فعل أخي حين أراد الاستحواذ على السفينة وحده.
وكما فعل ذلك التنّين الذي طمع بأرض القرية— القرية التي لم يعد يسكنها أحد… فصارت ملكي.
"لن أغفر لك. لا يمكنني أن أغفر لك."
هذا أمرٌ لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام.
بااارررر—— (صوت اهتزازٍ مائي)
وكأنهم يتشاركون نفس المشاعر، اهتز العمودان المائيّان بعنف، كما لو أنهما لم يعودا قادرَين على كبح غضبهما العارم.
وفي تلك اللحظة…
"وماذا في ذلك؟"
حدّق كايل في الإمبراطور الثالث بوجهٍ متجهّم،
لكن الغريب أنّ ملامحه حملت راحةً وسكينةً عجيبتين، كأنّما تحرّر لتوّه من ثِقلٍ ما.
وبينما يربّت على بطنه بخفّة، ابتسم بسخرية وقال.
"ماذا تريد أن تغفر لي؟"
يا له من رجلٍ مثير السخرية حقًّا.
بالطبع، ليس عجيبًا أن يغلي في داخله شعور الظلم والغضب، فقد انتُزع منه تنّين الماء المصنوع من جوهره.
لكن… أيُعقَل أن يتجاهل وجود التنّين الآخر الذي لا يزال موجودًا؟
وفوق ذلك، هذا الذي يدّعي الظلم… ألم يشعر بشيءٍ وهو يحاول تدمير القلعة التي تضمّ بين جدرانها عددًا لا يُحصى من الأرواح؟
"ها…"
لم يملك كايل إلّا أن يزفر ساخرًا.
ثم، بكلّ ثقة، قال.
"يا ملك الشياطين! أمسك به!"
سسشششوااا—— (صوت هطول المطر الغزير)
"…."
"…."
للحظة، فقد كلٌّ من ملك الشياطين والإمبراطور الثالث القدرة على الكلام.
"أ...اأنا–"
صُعق الإمبراطور الثالث بشدّة.
كان قد تخلّى عن فكرة الفرار، وأعلن مباشرة أنّه سيقتل كايل هينيتوس بيديه هنا والآن…
ومع ذلك، أتكون هذه ردة فعله؟
"هل أنت مجنون؟!"
تفلتت الكلمات من فم الإمبراطور الثالث من غير وعي.
"ك، كيكي—"
في المقابل، اختفى الذهول من وجه ملك الشياطين،
"كوهاهاهاهاها!"
وانفجر ضاحكًا بصوتٍ عالٍ.
وفي عينيه لم يكن ينعكس سوى وجه كايل هينيتوس، الجريء الواثق.
"هكذا إذن… لقد كان مجنونًا حقًّا."
داس ملك الشياطين الأرض، فانطلق جسده ليتحرّك بين كايل والإمبراطور الثالث.
"!"
لم يكن لدى الإمبراطور الثالث وقتٌ للتحديق في جنون خصمه، فرفع يده على عجل—
تشواااااا— (صوت اندفاع الماء)
اندفع العمودان المائيّان بسرعة، أحدهما نحو ملك الشياطين، والآخر نحو كايل.
"أيها الإنسان!"
اعترض درع راون الأسود عمود الماء القادم، الذي بدا الآن أشبه برمحٍ ضخم.
تششش— (صوت تشقق سحري)
لكن الدرع لم يصمد طويلًا، وبدأ بالتصدّع بسرعة.
فسارع راون إلى تشكيل درع آخر.
لم يكن قد نسي بعد تلك المواجهة مع الإمبراطور الثالث؛ كان يعرف جيدًا كم هو قوي.
ومجرد تكسّر الدرع مرة واحدة لن يجعله يتراجع، فراون لم يكن يومًا من ذلك النوع.
وووونغ! (صوت تدفق الطاقة)
وفي اللحظة التي تشكّلت فيها ثلاثة دروع أخرى متتالية في محاولة لصد العمود المائي—
"هاه؟"
لاحظ راون شيئًا غريبًا في كايل.
"لماذا لا يستخدم البشري درعه؟"
كما قال راون، كان من المفترض أن يستخدم كايل درعه — الذي استعاد الآن بريقه الفضي — ليصمد أمام الهجوم.
"همم."
لكن كايل تردّد، ولم يفعل شيء، لأن—
- الأوراق لم تتفتح كلها بعد.
الكاهنة الشرهة قالت إن عليه الانتظار قليلًا.
'مهلًا، ألم يكن من المفترض أن يكتمل الأمر بمجرد أن تُهضم؟'
- أنا آسفة، فقط انتظر خمس دقائق.
خمس دقائق.
إنها مدة قصيرة جدًا…
لكن أمام خصم مثل الإمبراطور الثالث، تصبح الخمس الدقائق طويلة كأنها يوم كامل.
'تبا!'
وحين بدأت ملامح كايل تتجهم—
- أظن أنني سأصبح أقوى بخمس مرات.
قالت الكاهنة الشرهة بنبرة هادئة.
وفورًا، ارتسمت ابتسامة مشرقة على وجه كايل.
- خصوصًا، سأصبح أقوى أمام الفوضى وعنصر الماء.
ابتسامة مشرقة~ ابتسامة مشرقة~
بينما كانت ابتسامة كايل تزداد إشراقًا أكثر فأكثر.
"…لماذا يتصرف إنساننا هكذا؟"
تمتم راون بدهشة.
لكن، سواء كان الأمر غريبًا أم لا—
"كايل."
"كايل-نيم."
أعاد راون تركيزه من جديد لصد العمود المائي،
بينما كان تشوي هان وإرحابين يقتربان من كايل.
"لنتراجع."
كما قال إرحابين، كان الانسحاب الآن وترك ملك الشياطين والإمبراطور الثالث ليتقاتلا هو الخيار الأكثر حكمة.
ثم وقف تشوي هان أمام كايل.
"؟"
نظر كايل باستغراب إلى تشوي هان الذي كان يوجه ظهره إليه.
"اركب على ظهري."
"آه."
عندها، قفز كايل على الفور.
وهكذا، انطلق كايل بسرعة نحو الأسوار، بالطبع وهو مستريح على ظهر تشوي هان الذي يحمله.
-همم.
في تلك اللحظة، دوّى صوت المياه آكلة السماء.
- هل يستطيع ملك الشياطين هزيمة البحر؟
عند سماع ذلك، تغيّرت ملامح كايل إلى الهدوء.
'ملك الشياطين يملك القدرة على الإمساك بالإمبراطور الثالث.'
ولهذا استطاع أن يتحرك كما خطط تمامًا.
لا بد أن الإمبراطور الثالث يفكر بالهرب الآن.
كان كايل قد فهم ما كانت نوايا الإمبراطور الثالث عندما أمسكه من ياقة عنقه سابقًا.
'في الواقع… ربما يكون هذا الوضع فرصة.'
ربما سيكون بمقدوره اليوم إدراك القوة الحقيقية لكل من ملك الشياطين والإمبراطور الثالث معًا.
'يجب أن أسجّل هذا.'
فبتسجيل ما سيجري، سيتمكن إلى حد ما من تقدير قوة الإمبراطور الأول، زعيم عائلة دم الألوان الخمسة، وأيضًا المتجول القوي الآخر، الإمبراطور الثاني، اللذين سيتعين عليه مواجهتهما في النهاية.
'لقد أنجزتُ كل ما علي فعله.'
طهّرت المدينتين.
وتعاملت مع تنين الماء كذلك.
وكما هو واضح من وجود ملك الشياطين والامبراطور الثالث هنا، فإنه قد أوقف النبوءة.
'الآن حان الوقت لأن أرتاح قليلًا.'
ولهذا السبب، ألقى كايل نظرة سريعة على العمود المائي الذي كان يطارده بعناد، ثم قال لتشوي هان
"إلى ملك الشياطين!"
على الفور، اندفع تشوي هان نحو ملك الشياطين، بينما كان العمود المائي يلاحقهما.
"……"
وما إن التقت عيناه بعيني ملك الشياطين حتى صرخ كايل.
"تولَّ أمر هذا أيضًا!"
أجل. أنت قم بفعل كل شيء!
فالذي يحدث الآن يجري في عالم الشياطين!
أنت أيضًا عانِ قليلًا!
"تشوي هان، اقفز فوقه!"
أطاع تشوي هان أوامر كايل بكل جدية،
"أعتذر."
وقفز بخفة فوق ملك الشياطين، متجهًا نحو أسوار قلعة مدينة ميكا.
"هَه!"
لم يستطع ملك الشياطين إخفاء دهشته، لكن ذلك لم يكن من شأن كايل ولا تشوي هان.
بل على العكس، التفت كايل للخلف، يراقب.
'ملك الشياطين.'
ما هي قوة ذلك الوغد؟
حتى الآن لم يتمكن من الإحساس بها بوضوح.
"!"
ثم سرعان ما تمكن كايل من لمح جزءًا من تلك القوة.
تشوااااااا— (صوت اندفاع الماء)
تشوااااااا— (صوت اندفاع الماء)
اندفع العمودان المائيان نحو ملك الشياطين.
رغم أن أحدهما كان موجهًا إلى كايل، إلا أنه سرعان ما انحرف ليتحد مع الآخر في الاتجاه نفسه.
مدّ ملك الشياطين يديه.
تمامًا كما فعل كايل حين أفرغ البحر،
وكما فعل الإمبراطور الثالث عندما مزّقه.
بشكل طبيعي وتلقائي للغاية، رفع يديه الاثنتين—
بوم! بانج! (صوت ضربتين متتاليتين)
ثم هوى بهما على عمودي الماء.
"أيها الإنسان! لقد ضرب العمودين المائيين!"
وتمامًا كما قال راون الذي صرخ بدهشة...
ملك الشياطين، ومن دون أن يطلق أي طاقة خاصة، هوى بضربتين بيديه العاريتين على العمودين المائيين.
تشوآآآك! (صوت انشطار مائي عنيف)
شواااااااااااه— (صوت انفجار مائي)
انقسم العمودان المائيان إلى أشلاء وانفجرا.
"ما هذا؟"
في تلك اللحظة، بينما كان كايل مذهولاً، كان تشوي هان قد صعد بالفعل فوق أسوار القلعة.
وهناك، استقبلهم الجنرال مول الذي كان في انتظارهم، وقال.
"إله المعركة."
هاه؟
"ملك الشياطين بارع حقًا في القتال والمعارك."
آه…
عندها أدرك كايل شيئًا.
"… لم يبتل."
ملك الشياطين.
لم تمسّه حتى قطرة ماء واحدة.
حينها تذكر كايل أول لقاء له مع ملك الشياطين...
وقتها فتح البوابة بمجرد طاقته، أليس كذلك؟
هل تلك الطاقة نفسها هي التي تُغلف جسده بالكامل الآن؟
تابع الجنرال مول قائلًا، وهو ينظر إلى ملك الشياطين بعينين غامضتين.
"ما رأيك في قوة لا تقبل شيئًا… بل ترفض كل شيء؟"
كان ملك الشياطين يقترب من الإمبراطور الثالث.
"حتى أشعة الشمس الدافئة، وقطرات المطر المنعشة، ورائحة الزهور العطرة، بل وحتى الطعام اللذيذ… كلها قد تكون بلا قيمة عند شخص ما."
وفهم كايل أن المقصود هو ملك الشياطين.
"ملك الشياطين يمتلك قوة رفض أي شيء كان."
كما لم تستطع قطرات المطر أن تلمسه الآن،
فهو قادر على رفض أن يلمسه أي شيء.
أو بتعبير أدق، فهو قادر على دفعه بعيدًا،
لأنه لا يثير في قلبه أدنى أثر.
ما لا يصل إلى قلبه… يستطيع ملك الشياطين رفضه.
"البحر؟"
تشوااااااا— (صوت اندفاع الماء)
امتص البحر الذي استدعاه الإمبراطور الثالث زخات المطر، وتحول إلى ثعبان مائي ضخم، يندفع بشراسة نحو ملك الشياطين.
"بحر الإمبراطور الثالث لن يتمكن أبدًا من الوصول إلى ملك الشياطين."
فملك الشياطين رغم أنه واجه الإمبراطور الثالث طوال هذا الوقت، لم يبتل ولو بقطرة ماء واحدة.
"لأن ملك الشياطين سيرفضه."
طالما أن قلبه ثابت لا يتزعزع، وطالما أنه لا يشعر بأي شيء—
"فلن يستطيع أي هجوم، محمّل بصفة أو مفهوم، أن يمس إلى ملك الشياطين."
إنها قوة تدفع الخصائص والمفاهيم ذاتها بعيدًا.
ولهذا تحديدًا يُعَدّ ملك الشياطين الحالي أقوى مرشّح ليصبح إله الشياطين بين جميع ملوك الشياطين عبر التاريخ.
"الإمبراطور الثالث لن يستطيع زعزعة قلب ملك الشياطين."
لذلك،
"بحره لا يمكن أن يؤثر فيه."
ضحكة ساخرة—
أطلق الجنرال مول ضحكة خافتة وهو يخاطب كايل.
"بمعنى آخر، سيتعرض الإمبراطور الثالث للضرب."
وكأنه رد مباشر على كلماته—
شششوااااااك—— (صوت اندفاع ماء هائل)
اندفع ملك الشياطين مخترقًا التيار المائي بعنف، ولوّح بقبضته نحو الإمبراطور الثالث.
"آه، للتوضيح فقط، لا أحد في عالم الشياطين بأسره يستطيع التفوق على فنون القتال الجسدية لملك الشياطين."
وكما يليق بلقبه، إله المعركة،
فقد كان بارعًا في كل أشكال القتال، سواء بيديه العاريتين أو بالسلاح.
"كهَك!"
تمكّن الإمبراطور الثالث بالكاد من تفادي الضربة، لكن جسده ارتد إلى الوراء وهو يطلق أنينًا مكتومًا.
رغم أن الدرع المائي حاول حمايته، إلا أنه—
بووم! (صوت ضربة)
تحطم تحت وطأة قبضة ملك الشياطين وتناثر عاجزًا عن صد طريقه.
'انتهى الأمر.'
كان مول على يقين من ذلك.
فالإمبراطور الثالث لا يملك القوة الكافية ليمس قلب ملك الشياطين،
لا بالخضوع، ولا بالخوف، ولا بالرهبة،
ولا حتى بمشاعر حسنة.
ذلك البحر الذي لم يفلح في أن يولّد شيئًا، لم يكن في نظر ملك الشياطين سوى وجود بلا قيمة، بلا أثر.
"حتى الطبيعة، مهما بلغت عظمتها، تصبح مجرد وجود عديم الفائدة لمن لا يلتفت إليها."
ولهذا، كان النصر حليف ملك الشياطين أمام الإمبراطور الثالث.
في تلك اللحظة، قال كايل.
"يا."
التفت الجنرال مول إليه، فرأى ملامحه تتبدل.
"هل هذا كل شيء؟"
"…ماذا؟"
"أعني، ملك الشياطين قوي فعلًا، لكن…"
ازداد وجه كايل قتامةً، وارتسم عليه استياء عميق وضيق خانق.
"أليس معنى ذلك أنّه وحده القوي؟"
"…ماذا تقصد؟"
"أعني، في النهاية، هو الوحيد الذي لا يتأثر، أليس كذلك؟"
حدّق به الجنرال مول وكأنّه يسأله؛ وما المشكلة في ذلك؟
لكن وجه كايل ازداد تشوّهًا.
"يا، الإمبراطور الثالث ليس ضعيفًا إلى هذا الحد. أنا أعرف قوة ذلك الوغد."
قد يجهل الجنرال مول تفاصيل الأمر، لكن هو —الذي واجه قوة الإمبراطور الثالث مباشرةً—كان يعرف الحقيقة كاملةً.
لا شك أن ذلك الإمبراطور يخفي جزءًا من قوته الآن.
"مول، أيها الجنرال! يا! أخبر ملك الشياطين أن يقبض على الإمبراطور الثالث الآن! بسرعة! قبل أن يفوت الأوان!"
المعركة تحت المطر،
وهو يتحكم بالبحر.
فجأةً أدرك كايل المعنى الحقيقي لكلمات المياه آكلة السماء.
'- هل يستطيع ملك الشياطين هزيمة البحر؟'
ملك الشياطين قادر على الإمساك بالإمبراطور الثالث.
حتى بحر الإمبراطور الثالث لن يؤثر فيه.
لكن… هل سيتوجّه البحر نحو ملك الشياطين وحده؟
- حتى لو استطاع ملك الشياطين أن يرفض البحر، فإنه لا يستطيع أن يحمي أي شيء منه.
- البحر يملك قدرة تدمير كل شيء.
تردّدت كلمات المياه آكلة السماء في ذهن كايل.
- ملك الشياطين لا يعرف البحر لأنه رفضه.
- لكن الإمبراطور الثالث يعرف البحر جيدًا.
نعم…
الإمبراطور الثالث يعرف البحر أكثر من أيِّ أحد آخر.
"… الإمبراطور الثالث لم يستسلم بعد."
في اللحظة التي لمح فيها كايل جزءًا من قوّة الإمبراطور الثالث وهو يواجه ملك الشياطين،
وأدرك أنّه ما زال يحتفظ بجزءٍ من طاقته،
انكشفت له الحقيقة كوميض برق خاطف.
البشر لا يتغيّرون بسهولة.
وكذلك أفعال الإمبراطور الثالث لن تتغير بسهولة.
ذلك الرجل لا يكترث بأي شيءٍ حوله إن كان في سبيل هدفه.
ألم يكن هو نفسُه الذي، من أجل الإمساك بكايل، همّ بتدمير الغابة والقلعة، وحاول قتل كل من كان داخلها؟
والآن، هدفه الفرار— بل وقتل كايل أيضًا.
وأفضل وسيلة لتحقيق ذلك…
"… البحر."
إنه يخطط لجرف كل شيء بالبحر، ثم استغلال الفوضى الناجمة عن ذلك للهروب.
فالبحر لن يستهدف ملك الشياطين وحده.
هل سبق أن تحرّكت الطبيعة يومًا لتصيب كائنًا واحدًا دون سواه؟
"قد يأتي بحر يجرف كل شيء، كما حدث في المرة السابقة!"
خصوصًا وأن المطر يهطل بغزارة الآن، والماء يملأ المكان من كل صوب.
"كوكوونغ!— (صوت اهتزاز قوي)
فجأةً اهتزّت الأرض، وتحوّلت السماء على نحو غريب.
وفي اللحظة التي مدّ فيها الإمبراطور الثالث يده نحو السماء، راحت سحب المطر التي تغطي المنطقة كلها تتدفّق نحوه.
تجمّعت وتراكمت، حتى شكّلت مشهدًا لا يُصدَّق.
مدينتا ميكا وميدي، والآثار الواقعة بينهما… هناك تحديدًا كانت الغيوم تتجمع.
لا… لم تكن الغيوم، بل الماء نفسه هو من اندفع.
حتى قطرات المطر التي انسكبت على الأرض راحت تتدفّق بدورها نحو الإمبراطور الثالث.
ومرةً أخرى الماء—لا بل…
'البحر قادم.'
بحر أضخم وأعظم من الموجة العاتية التي واجهوها في المرة السابقة، يقترب منهم الآن.
وفي اللحظة التي تبيّن فيها هذا الإدراك، كان ملك الشياطين قد اندفع بالفعل نحو الإمبراطور الثالث.
صحيح أنّ الاحتمال الأكبر هو أن ملك الشياطين سيمسكه في النهاية، لكن… ماذا لو سبقهم البحر وجرف المكان كله؟
ماذا لو تكررت تلك الكارثة كما حدث سابقًا؟
شعر كايل بقشعريرة باردة تزحف على مؤخرة عنقه.
"أيها البشري–!"
مع كلمات كايل بدأ راون—الذي عاش تلك الكارثة سابقًا—يشعر بشيءٍ، وابتدأت وجوه رفاقه، وحتى الجنرال مول، تشحب تدريجيا.
- كايل.
قالت المياه آكلة السماء بهدوء.
- البحر، في النهاية، ليس سوى ماء.
وكان في نبرتها أثر ابتسامة خفية.
- دع الإمبراطور الثالث لملك الشياطين؛ فهو سيمسك به.
بدا وكأنها أدركت شيئًا ما، كأن حقيقةً غائبة انكشفت لها.
- عندما التهمتُ البحر… أدركتُ ما هو البحر حقًا.
هي التي لم تعرف في حياتها سوى البحيرة التي حُبست فيها—كيف لها أن تعرف البحر؟
لكن حين ابتلعت الكاهنة الشرهة البحر، شعرت أن معرفته ترسخت في داخلها.
في النهاية… كان ماءً فحسب.
تمامًا مثل هذا المطر المنهمر الآن.
- لنمسك نحن البحر.
بما أن ملك الشياطين سيمسك الإمبراطور الثالث، فلنمسك نحن البحر.
"…هل هذا ممكن؟"
سأل كايل، فأجابته المياه آكلة السماء.
- المطر ليس حليف الإمبراطور الثالث وحده.
سُحُبُ المطر المتجمّعة،
وبرك الماء التي كوّنها هطول المطر في كل مكان…
- هناك الكثير من الماء.
ثم تابعت المياه آكلة السماء قائلة.
- الإمبراطور الثالث لا بدّ أنه رأى البحر فقط، أمّا أنا فكنتُ دائمًا أنظر إلى السماء.
لذلك أعلنت المياه آكلة السماء بثقة.
- مياه السماء ملكي.
هاها.
أخيرًا، ارتسمت ابتسامة على شفتي كايل.
"حسنًا."
كان قد أصبح الآن في حالة جيدة بعد فترة طويلة بعد أن اكتمل الهضم.
بالطبع، ما زال هناك بعض الفوضى عند عظمة الترقوة، لكن رغم ذلك،
كانت هذه أفضل حالة جسدية له في الآونة الأخيرة.
- وحتى لو لم أتمكّن أنا من صدّ كل شيء، ففي ذلك الوقت، إذا خرج الدرع الذي صار أقوى بخمس مرّات، ألن يكون ذلك كافيًا؟
عند كلمات المياه آكلة السماء أومأ كايل بخفّة، ثم أدار بصره إلى الأمام مباشرة.
كان بحر الإمبراطور الثالث يرتفع،
وكان مشهد ملك الشياطين وهو يتقدّم نحوه خاليًا من أي تردّد.
لكنّ ملك الشياطين سيكتفي برفض البحر ويمضي عابرًا، بينما سيواصل البحر جريانه متجهًا صوب هذا المكان.
سسشششوااا—— (صوت هطول المطر الغزير)
نظر كايل إلى قطرات المطر المتساقطة على يده،
ثم شعر بوضوحٍ...
أن هذا المطر مستعد لأن يصغي إلى كلماته.
لقد استجاب المطر النازل من السماء لرغبة المياه آكلة السماء.
سسشششوااا—— (صوت هطول المطر الغزير)
فوق أسوار القلعة، وقف هناك كايل، مواجهًا البحر الذي ارتفع إلى علوٍّ يفوقه بأشواط وهو يندفع نحوه.
.
.
.
نادي الروايات~ترجمة: White.Snake