خبروني إذا كان في شيء غير مفهوم.
قراءة ممتعة💞
.
.
.
نادي الروايات~ترجمة: White.Snake
.
.
.
الحلقة 486 الجزء الثانى سلسلة هطول المطر الرمادي 18
.
.
.
كان بحرًا حقيقيًا.
"النهاية—"
لم يكن له نهاية تُرى.
ارتفعت موجة هائلة حتى حجبت الجبال.
وفي تلك اللحظة، أدرك الجنرال مول،
'إذن، لم يكن ذلك سوى لعب.'
الموجة التي حطّمت القلعة في المرة السابقة لم تكن سوى جزء يسير مما يملكه الإمبراطور الثالث.
أجل… بالنسبة له، لم تكن سوى ضربة مناسبة ضد خصم ضعيف.
صحيح أنّ الإمبراطور الثالث قد غضب لأن كايل هينيتوس تفادى تلك الضربة وهرب، لكن—
'لا، هذا غير صحيح.'
كايل هينيتوس هرب من تلك الهجمة، لكنه لم يصدّها بالكامل.
في النهاية، تحطّمت القلعة بأكملها تحت ذلك البحر الجارف.
"آه…"
والآن، أمام عينيه، موجة أضخم بكثير… لا، بل بحر كامل يندفع نحوه.
سسشششوااا—— (صوت هطول المطر الغزير)
اختلط المطر المنهمر من السماء بتلك الموجة، ومع كل قطرة، كان البحر يتضخّم أكثر فأكثر.
'هذه المدينة ستختفي.'
أدرك الجنرال مول ذلك على الفور بحدسه.
إن ابتلعهم ذلك البحر، فلن تصمد المدينة أبدًا.
'كايل هينيتوس مُحق.'
ملك الشياطين، الذي يتقدّم الآن مبتسمًا نحو الإمبراطور الثالث، لن يمسّه ذلك البحر أبدًا.
"أيها الإمبراطور الثالث."
كان وجه ملك الشياطين يوحي بالمتعة، وكأنه يستمتع بالمشهد.
"مثل هذه الحيل التافهة لا تجدي معي."
سسشششوااا—— (صوت هطول المطر الغزير)
الإمبراطور الثالث، الذي استحضر بحرًا هائلًا خلفه، ضحك ساخرًا حين رأى مظهر ملك الشياطين.
"همف! صحيح، معك قد لا يجدي نفعًا!"
كان كلّ من ملك الشياطين والإمبراطور الثالث يعرف نوايا الآخر بوضوح.
لكن الإمبراطور الثالث لم يكن قد فهم ملك الشياطين تمامًا بعد.
"اليوم ستفقد كل ما تملكه!"
كما فقدتُ أنا تنّين الماء،
ستفقد أنت أيضًا أعوانك، وشعبك، وأرضك… وحتى الأطلال.
'بالطبع، سيحاول كايل هينيتوس صدّها كما فعل في المرة الماضية.'
كان الإمبراطور الثالث قد عرف بعض الأمور عن كايل هينيتوس، لأنه سبق أن خاض تجربة معه.
بطل.
أنه رجل مهووس بهذا اللقب.
يكفي النظر إلى الطريق الذي سلكه ليدرك المرء ذلك.
وأمثاله، الذين يندفعون بتهوّر لإنقاذ الجميع، لا يكون مصيرهم في النهاية سوى الموت.
أما ضربة الحظ تلك التي حصلت له في المرة السابقة، فلن تتكرر هذه المرة.
'حتى لو للحظة واحدة.'
عندما يتردّد كايل هينيتوس، أو يحاول الوقوف في وجهه ولو لحظة—
'سيموت.'
لن يتمكن من الفرار من هذا البحر.
فهذه المرة كان بحرًا حقيقيًا.
لم يدّخر الإمبراطور الثالث شيئًا من قوته.
'فقط هكذا يمكنني النجاة من الموت.'
لقد كان رجلاً يعرف كيف يقاتل.
عندما يواجه المرء خطر الموت، لا بد أن يسكب كل ما في جعبته ليفتح لنفسه منفذًا للهروب.
'وأيضًا، حتى ملك الشياطين سيتردد.'
فأليس رفاقه الأعزاء الذين رافقوه طوال طريقه حتى صار ملك الشياطين موجودين هناك ايضا.
حتى هو، عندما يحين وقت فقدان أولئك الأشخاص، سيتردد في النهاية.
حوّل الإمبراطور الثالث بصره عن ملك الشياطين المقترب، وألقى نظرة من فوق كتفه نحو مدينة ميكا، نحو الأطلال، نحو مدينة ميدي بأكملها، نحو الشياطين والبشر المتحصنين على الأسوار، ثم فتح فمه وقال.
"أيها البحر، اجرف كل شيء."
أيها البحر،
من أجلك ستتحرك كل مياه هذا العالم.
فأليس البحر بالذات هو قمة جميع المياه؟
لأنه الأضخم، والأكثر احتواءً، والأقدر على إطلاق أعظم قوة.
شوآآآآآآآ— (صوت انسياب الماء)
بدأ البحر بالتحرّك.
تحرّك ببطء في البداية.
ولكن—
شووآآآآآآآآآآآآآه—— (صوت انسياب قوي للماء)
سرعان ما اندفعت موجةُ مدٍّ جبّارة لا يُرى لها نهاية نحو أعداء الإمبراطور الثالث.
شووآآآآآآآآآآآآآه—— (صوت انسياب قوي للماء)
أثناء نظره إلى البحر القادم، فكّر ملك الشياطين في نفسه،
'إنه لا يعرفني جيدًا.'
الإمبراطور الثالث لا يعرفني حقّ المعرفة.
ارتسمت ابتسامة على شفتيه.
'أليوم ستفقد ما تملكه!'
كم بدت كلمات الإمبراطور الثالث تلك مثيرةً للسخرية.
ما الذي أملكه أنا؟
'هل لديّ شيء أملكه؟'
لا.
ما دمتُ غير قادر على الاحتفاظ بأي شيء في قلبي، فماذا يمكن أن أملك؟
ملك الشياطين… ليس لديه شيء ثمين، بل لقد اختفى كل شيء.
شووآآآآآآآآآآآآآه—— (صوت انسياب قوي للماء)
تقدّم ملك الشياطين نحو البحر الهادر.
فانشقّ البحر أمامه، راسمًا طريقًا.
لم يَمسّ ملك الشياطين، غير أن البحر ظل يتدفّق.
ولأنّ الإمبراطور الثالث قد صبّ فيه كل قوّته، لم يتحطّم ذلك السيل العارم رغم رفض ملك الشياطين له، بل مضى متجاوزًا إياه،
من اليمين، ومن الشمال، ومن فوقه أيضًا.
ومع ذلك، لم يُعر ملك الشياطين أيّ نظرةٍ لذلك البحر الجارف المنساب من حوله.
فقط مضى بخطوات ثابتة،
نحو الإمبراطور الثالث.
"!"
نحو الإمبراطور الثالث، الذي تجمّد وجهه رعبًا وهو يراه يبتسم.
واصل ملك الشياطين السير ببساطة.
فكل ما عليه فعله هو الإمساك بالإمبراطور الثالث.
"… أيها الوغد المجنون—"
عندما تفوّه الإمبراطور الثالث بذلك وهو يحدّق به، ابتسم ملك الشياطين ابتسامةً أعمق وأكثر ظلمة.
شووآآآآآآآآآآآآآه—— (صوت انسياب قوي للماء)
اندفعت الأمواج الجارفة متجاوزة جسده، متوجّهة نحو المدينتين.
كان يعرف تمامًا ما الذي سيحدث بعدها،
لكن ذلك لم يكن من شأنه.
المستشار إد.
الجنرال مول.
قائدة الحرس الملكي.
وأولئك الأتباع الذين ساروا معه حتى صار ملك الشياطين.
مدينة ميكا. مدينة ميدي. الأطلال.
وفي الشياطين الموجودين في تلك الأماكن الثلاثة، والجيش، وجنود الإقطاعات.
وحتى مجموعة كايل هينيتوس.
جميعًا ليسوا ملكًا لي.
حتى كايل هينيتوس لم يوقظ فيه سوى بعض الفضول، دون أن يكون له تأثير عميق عليه.
هو لا يملك شيئًا، لذا لا شيء لديه ليخسره.
'لكنّه مثير للاهتمام حقًا.'
كايل هينيتوس.
ذلك الرجل المثير للاهتمام، أيّ فعل سيُقدِم عليه يا ترى؟
إن كان بوسعي فقط أن أشهده، فلن يكون سيئًا أن أدع البحر يتّجه نحوه.
للتخلّص من الملل، لم يُبالِ ملك الشياطين إن اختفى أيّ شيءٍ ليس ملكه.
شووآآآآآآآآآآآآآه—— (صوت انسياب قوي للماء)
ولذلك لم يكن هناك ما يوقف البحر.
شووآآآآآآآآآآآآآه—— (صوت انسياب قوي للماء)
صوتٌ لا تقوى حتى ضوضاء المطر على حجبه، صوتُ القوّة العظمى التي أبدعتها الطبيعة.
كووونغ- كونغ— (صوت اهتزاز أرضي)
تحت تلك القوّة، ارتجّت الأرض، وبدا أن الهواء نفسه يتغيّر.
بام! (صوت فتح باب مفاجئ)
كلان، كلانك! (صوت فتح أقفال حديدية)
في مدينتي ميكا وميدي، وحتى قرية الشجرة الرمادية قرب الأطلال، أُضيئت الأنوار في كل مكان.
لم يتمكّن الشياطين من النوم.
في السابق كان ذلك بسبب المرض الرمادي والتطهير، ثم بسبب الضجيج المفاجئ العالي.
لكن الآن، حين ارتفع الضجيج إلى مستوى مختلف تمامًا عمّا مضى واهتزّت الأرض، اندفع الجميع نحو النوافذ والأبواب ليروا ما يحدث.
"!"
"السماء—!"
أول ما وقعت عليه أعينهم كانت السماء.
مظلمة...
أكثر ظلمة مما كانت من قبل.
بسبب تكتل سحب المطر كلها فوق المكان، بدت السماء سوداء حقاً.
وكان المطر المنهمر أعنف من أي وقت مضى، كما لو أنه خطوطٌ بيضاء لا تُعد ولا تُحصى تنغرس في الأرض.
شووآآآآآآآآآآآآآه—— (صوت انسياب قوي للماء)
ثم أداروا جميعًا رؤوسهم.
"…موجة؟"
"بحر؟"
لم يستطيعو تصديق ما تراه عيونهم.
فخلف الأسوار، كان يرون بحرًا أضخم من الأسوار نفسها يندفع نحوهم.
لم يكن من الممكن تسميته مجرّد موجة.
ذلك الشيء الهائل الذي لا نهاية له لم يكن يمكن وصفه إلا بالبحر.
"آه، آه—"
سقط أحدهم جالسًا.
الموجة القادمة، التي بدت وكأنها تحمل نية لاجتياح المكان وإبادة كل الكائنات الحية، كانت مظلمة كستار أسود، لأنه لم ينعكس عليها أي نور.
ذلك البحر… بدا متوحشًا بشكل مروّع.
لم يكن يشبه البحر الجميل الذي رأوه عند الشاطئ في نزهاتهم.
"استفيقوا جميعًا!"
حتى في ذلك الوضع، كان هناك من يتوجب عليه أن يتحرك.
"أيها السحرة! انشروا الحاجز حالًا!"
"مـ... أيها المستشار، هل سيصمد الحاجز؟"
صرخ المستشار إد — الواقف فوق أسوار قلعة مدينة ميدي — ردًّا على تابعه.
"أهذا وقت للتساؤل؟!"
ذلك البحر — قوة الإمبراطور الثالث — سيجرف المكان بأسره.
وكما دائمًا، سيستهدف ملك الشياطين عدوه فقط، من دون أن يفكر في الحلفاء الذين قد يتضررون.
"علينا أن نحميه مهما كان الثمن!"
لذلك، عليّ أن أكون من يحمي هذا المكان.
"اتصلوا بالجنرال مول أيضًا!"
مدينة ميكا، مدينة ميدي...
"...والأطلال—"
حتى الموقع الأثري أيضًا.
لكن كيف لنا أن نحمي هذه الأماكن الثلاثة من ذلك البحر؟
للحظة، لم يستطع إد التفكير في أي شيء ليقوله.
"تبًّا!"
وانفلتت الشتيمة من فمه دون وعي.
لكن عليه أن يصمد.
لكي يصبح ملك الشياطين إله الشياطين، ولكي يعلو عالم الشياطين فوق عالم السماويين وعالم الآلهة.
على عالم الشياطين أن ينظر إلى ملك الشياطين كإله حقيقي، لذلك لا يجب أن يُسمح بوصمة أخرى أن تلتصق به.
ملك الشياطين الذي فقد مدينتين وموقعًا أثريًا...
لا!، لا يجوز أن يُعلَّق مثل هذا اللقب بملك الشياطين.
المستشار... إد الذي وُجد ليكرّس كل وجوده لملك الشياطين.
"اصمدوا قدر المستطاع!"
عرف أنه يجب أن يحمي هذا المكان.
يجب صدّ تلك الموجة، مهما كان الثمن.
"سيدي المستشار—"
"الدرع وحده لا يكفي!"
لكن الأتباع والسحرة صاحو.
"إنه أمر مستحيل!"
ثم ارتفع صوت أحدهم برجاء.
"علينا أن نهرب!"
"...هروب؟"
اختفت التعابير من وجه المستشار إد.
"نعم! الهروب! ألم تكن تقول إن في مثل هذه المواقف يكون الهروب هو الخيار الأمثل؟ ويجب أن نحافظ على قوة حصن ملك الشياطين قدر المستطاع!"
أجل...
حينها أدرك إد شيئًا.
"لقد كان الأمر هكذا دائمًا."
نظر إلى الشياطين من حوله الذين أصغوا إلى كلمات تابعه، فرأى في أعينهم الموافقة.
لكن ما إن وقعت عيناه على وجوه جيش ملك الشياطين وجنود الإقليم فوق الأسوار…
"هاها-"
حتى انفلتت من شفتيه ضحكة قصيرة.
لطالما ضحّى بالصغائر في سبيل المصلحة العليا.
و'المصلحة العليا' بالنسبة له كانت ملك الشياطين، والحفاظ على قوة حصنه.
لكن هذه المرة وجد نفسه يبتكر أعذارًا واهية محاولًا إنقاذ الصغائر، شياطين هذه الأرض، أولئك المتمردين الذين لا نفع لهم.
ما السبب يا ترى؟
"……."
ساد الصمت لوهلة، قبل أن تتجه عينا إد نحو مدينة ميكا.
وعندها فقط خرجت منه ضحكة ساخرة.
"ها... هاها–"
على أسوار قلعة مدينة ميكا، كان جميع الشياطين هناك يثبتون أبصارهم في اتجاه واحد.
لا نحو ملك الشياطين، ولا نحو الإمبراطور الثالث...
بل نحو شخص ليس من الشياطين أصلًا.
"كايل هينيتوس–"
كان قد صعد إلى حافة السور، وكأنه يستعد لمواجهة البحر الهادر المتقدم بمفرده.
"...لقد أصبتُ بالعدوى."
في تلك اللحظة فقط، أدرك المستشار إد السبب.
السبب الذي جعله يرغب في حماية هذا المكان.
كايل هينيتوس.
ذلك الرجل… هو السبب.
لقد رأى بأمّ عينيه ذلك الرجل، الذي لم يكن حتى شيطانًا، ينقذ الشياطين طوال اليوم من المرض الرمادي.
صحيح أنه تصرّف وكأنه يفعل ذلك ليحصل على شيء ما لنفسه، لكن ما الذي يمكن أن يحصل عليه حقًا؟
مساعدة ملك الشياطين؟
لا شك أن كايل هينيتوس قد فهم جوهرَ ملك الشياطين إلى حدٍّ ما.
ملك الشياطين الذي لا يعرف حليفًا ولا عدوًا، الملك الذي يقف دائمًا بمفرده.
مساعدته لن تكون ذات فائدة كبيرة.
ومع ذلك، أنقذ كايل هينيتوس الشياطين.
والنتيجة، أنّ ليالي المدينتين والموقع الأثري — التي لطالما أضمر أهلُها الكراهية تجاه ملك الشياطين — قد امتلأت بمنازل مضاءةٍ على طول الطريق الذي سار فيه.
"بعد أن رأيتُ ذلك، كيف لي أن أبقى ساكنًا؟"
المستشار، إد... هو أيضًا شيطان.
"انشروا الحاجز!"
نعم. سنفعل ذلك حتى النهاية.
سأصمد قدر ما أستطيع.
"وأيضًا، فعِّلوا دائرة النقل الآني في قلعة اللورد! قوموا بإجلاء سكان الإقليم أولًا! أسرعوا!"
وووووم— وونغ---! (صوت الدائرة السحرية)
في اللحظة التي أُقيم فيها الحاجز، أدرك المستشار إد أن خياره قد لا يقود بالضرورة إلى نتيجةٍ حسنة.
رفع رأسه.
هناك، كانت موجةُ المد قد ارتفعت عاليًا، أعلى بكثيرٍ من أسوار القلعة الشاهقة.
سواء أكان بسبب ضوء الليل المنعكس عليها، أم لأنها احتوت الغيوم السوداء،
فإن الأمواج المتلاطمة كانت سوداءَ للغاية.
الموجة السوداءُ الشاهقة كانت تحدّق من السماء نحو الأرض.
"آه."
سأموت.
قد يكون موتي اليوم.
ليس وأنا أقاتل ملكَ الشياطين السابق.
ولا وأنا أقاتل السماويين.
بل سأموت وأنا أحاول إنقاذ هؤلاء الشياطين التافهين؟
يا له من أمرٍ يفوق الوصف.
أترى… هل سيطلق مولاي، ملك الشياطين، حتى ضحكةً فارغة على موتي؟
ما هو هدفي؟
وسط كل تلك الأفكار، لم يستطع المستشار إد إلا أن يضحك.
"!"
لكن ضحكته سرعان ما تلاشت.
إذ شعر بقشعريرة تجتاح جسده كله.
لقد أحس بطاقة هائلة...
طاقة لم يسبق أن أحسّ بها لا من ملك الشياطين، ولا حتى من الإمبراطور الثالث.
"أ.. كـ.. كيف–"
ارتجف صوته لا إراديًا.
على سور قلعة ميكا، هناك على حافة الجدار، كان كايل هينيتوس واقفًا.
ومنه كانت تنبعث تلك الطاقة الهائلة.
لكنها لم تكن وحشية،
ولا عنيفة أيضًا.
ومع ذلك، كانت قوة تبعث الرعشة في الجسد كله بلا شك.
ماذا عساها تكون؟
وسرعان ما سيتضح الجواب عن ذلك التساؤل.
"……."
كايل، الذي كان قد أغمض عينيه، فتح فمه وهو يستشعر المطر الذي بلّل جسده بالكامل، وقال.
وفي اللحظة ذاتها، نطقت المياه آكلة السماء أيضًا.
"امنعوه."
- امنعوه.
بينما كانت الكائنات على الأرض تقاتل،
بدأت الكائنات التي تسقط من السماء نحو الأرض، والتي راقبت كل شيء بصمت حتى الآن، بالتحرك.
"……!"
أدرك المستشار إد أن تلك القوة الهائلة التي زلزلت كيانه… لم تكن سوى المطر الذي يهطل عليه.
"!!"
وعندها شهد كلُّ الشياطين —
كيانًا يقف سدًّا في وجه البحر الأسود العظيم المتماوج القادم نحوهم.
كان الإمبراطور الثالث يظنّ أن البحر هو قمّةُ جميع المياه،
ولأنه الأضخمَ والأكثرَ احتواءً، والأقدرَ على إطلاق أعظمِ قوّة،
فإن كلَّ مياه العالم ستتحرّك لأجل ذلك البحر.
- كايل.
تكلّمت المياه آكلةُ السماء بابتسامة، وكانت نبرتها تحمل شيئًا من الراحة.
- أنا أحب المطر.
المياه آكلة السماء، التي كُبِلت لزمن طويل في أعماق البحيرة،
- سواء أكان بحرًا أم أرضًا أم نهرًا، فالمطرُ يهطل على كلّ مكانٍ في العالم. إنه يسقط نفسه بنفسه.
كان صوتُها كصوتٍ وجدَ إجابةً.
- فقط وحدهم من سقطوا يعرفون كيف يصعدون.
لأنها قد جُرّت إلى قاع البحيرة وسُجنت هناك، استطاعت المياه آكلة السماء أن ترفع حدّتها نحو السماء.
- والمطر أيضًا كارثةٌ طبيعية.
فليس البحر وحده ما يبعث الرهبة،
حتى من لم يعرف البحر قط، حتى من لم يره طوال عمره، يعرف كم أن المطر مرعب.
- ماذا سيحدث لو اصطدمت كارثتان معًا؟
كايل، الذي قرأ الحرارة المتدفقة داخل الصوت الهادئ، أجاب ببرود وهو يمد يديه إلى الأمام.
"إن لم يكن صدّها كافيًا، فجربي دفعَه بعيدًا."
- حتى لو كان الأمر مرهقًا قليلًا — لا بأس؟
"طالما أنه ليس عسرَ هضم."
حينها — تحرّك المطر.
"آه…"
"…آه—"
ارتفعت صيحات الدهشة من كل صوب،
فالمطر الذي كان ينهمر من السماء السوداء لم يعد يسقط مباشرة إلى الأرض،
بل انحرف في اتجاهٍ غريب وتوجّه إلى مكانٍ آخر.
جميع قطرات المطر التي كانت تهطل بغزارة وقوة، إلى حد رسم خطوط بيضاء، تحركت الآن في اتجاه واحد.
أطاع المطر إرادة كايل.
لقد اختارت المياه آكلة السماء بدلًا من بحر الإمبراطور الثالث،
لأن المياه آكلة السماء تعرف جيداً معنى السقوط.
ششششش—! (صوت انهمار المطر بقوة)
من السماء التي غمرها السواد، هبط ستار أبيض،
على مدينة ميكا، ومدينة ميدي، وحتى على أرض الأطلال.
وأمام أعينهم، شهدوا ستارًا أبيض يهبط من السماء إلى الأرض، ليواجه ذلك البحر.
غووووشششششش —— (صوت اصطدام هائل بين قوتين مائيتين ضخمتين)
بدأ البحر والمطر يتصادمان.
أحدهما ليجرف، والآخر ليصدّ.
"...هذا مستحيل."
لم تستطع المتجولة ريون أن تصدق ما تراه عيناها.
"أي قوة تلك؟"
وهي تنظر إلى المطر الذي يتحدى بحر الإمبراطور الثالث، وإلى القوة الهائلة التي يطلقها كايل، ارتجفت ريون بكل كيانها.
المياه آكلة السماء — تلك القوة التي اضطرّ إلهُ الحرب نفسه إلى حبسها — كانت قوة عظيمة إلى ذلك الحد.
تحت سلطة إله الحرب،
تحت قعر البحيرة،
تحت سيطرة شخص آخر، كانت المياه آكلة السماء محبوسةً، جاهلة الكثير عن ذاتها.
المياه آكلة السماء... لم تكن تدرك بعد معنى الاسم الذي أطلقته على نفسها، ولا معنى إعلانها أنها ستقبض على الإله،
ولا تعرف أن حدود إمكاناتها لم يصلها أحد، ولم يرَها أحد من قبل.
- …أشعر أنني بدأت أفهم.
لكن اليوم.
بعد أن واجهت الإمبراطور الثالث، والآن وهي تقف أمام بحر يضاهي قوة الإله، بدأت المياه آكلة السماء تشعر بإمكاناتها.
'همم.'
أما كايل…
'…أشعر أنني سأتقيأ مرةً أخرى.'
بالطبع لم يكن ماءً ما سيخرج، بل بدا كما لو أنه سيتقيأ هذه المرة دمًا بعد فترة طويلة.
إذا كانت مشكلة الشرهة هو الإفراط في الأكل،
فالمياه آكلة السماء…
'ألا تبدو وكأنها ستستخدم قوةً كبيرة جدًا؟'
ومع ذلك لم يكن باستطاعته أن يطلب منها التوقف،
لأنها بدت وكأنها تدرك شيئًا...
ولم يكن ذلك مجرد نمو، بل كان أشبه باستعادة جوهرٍ كانت تملكه منذ البداية.
'هل سيكون الأمر بخير؟ هل من المقبول الاستمرار على هذا المنوال؟'
شعر كايل ببرودة تزحف في مؤخرة رأسه،
وتملكه إحساس ثقيل ينذر بالشؤم.
غووووشششششش —— (صوت اصطدام هائل بين قوتين مائيتين ضخمتين)
ارتطم البحر بالمطر،
وفي قلب ذلك المشهد وقفَ كايل، صانع ستار المطر الأبيض ذاك.
وعلى الرغم من تعقّد أفكاره الداخلية، إلا ان ملامحه كانت شامخةً مهيبة،
أما وجوه الشياطين التي كانت تراقبه فقد ارتسمت عليها الدهشة.
فذلك الستار الأبيض نزل من السماء ليحمي المدينة… ليحميهم.
.
.
.
نادي الروايات~ترجمة: White.Snake