طقطقة...!

طقطقة...!

أصوات صرير مقلقة تملأ المكان.

..

شعرت بألم حاد في رأسي وجسدي، الذي بدا وكأنه لا يمت إليّ بصلة، وكل شيء من حولي كان غارقاً في الظلام الدامس.

...

-"أوه! هل استيقظت؟"

كان الصوت رقيقاً وحنوناً، يشبه صوت والدتي، التي رحلت عن هذه الدنيا.

هل أنا أحلم؟

لا، لا يمكنني أن أكون كذلك...

فقد تذكرت كل شيء! تذكرت ما حدث، حريق قريتي... وفاة أمي وأختي...

يا إلهي!، هذا ليس حلمًا. هذا الواقع المر.

فتحت جفني ببطء، ووجدت نفسي في غرفة مظلمة، أتأمل سقفاً داكناً يحاوطني.

أين أنا بالضبط؟

هل أنا في مكان آمن؟

ثم سمعت طقطقة حذاء يقترب، فحاولت النهوض بصعوبة، مستندًا على الجدار خلفي.

اكتشفت أنني على سرير، وأن هناك رجلًا وامرأة يقفان أمامي.

المرأة كانت تحمل وعاءً من الطعام، كان صوتها اللطيف هو من أزعجني.

أما الرجل، فقد كان ينظر إليّ بنظرة غريبة، كأنما يحمل في عينيه مزيجاً من الكراهية والفضول والارتباك، نظرة غير مريحة على الإطلاق.

اقتربت المرأة مني وقالت:

-"تفضل هذا الحساء، لابد أنك متعب وجائع."

لماذا هي لطيفة معي؟

من تكون هذه المرأة؟

-"أين أنا؟"

سألتها بصوت خافت.

قالت مبتسمة:

-"أنت في ميتم، وأنا المديرة. رأوك بعض الرجال وأنت مغمى عليك بالقرب من هنا، فأخذناك. هل يمكنك إخباري بما حدث؟ لابد أنك من تلك القرية المحترقة."

لم أرد الإجابة، فصمتت وتجاهلت كلامها، لكن الكلمات كانت تتردد في ذهني.

-"حسنًا... لابد أن هناك أمرًا مريعًا قد حدث. لا بأس، سأترك لك الطعام هنا. تفضل به، وبالمناسبة، اسمي إيليزابيث."

ميتم؟ لا أذكر أن هناك ميتمًا في المنطقة. لكن، لا داعي للتفكير في ذلك الآن.

أسندت يدي خلف رأسي وأخذت أتأمل السقف بتشتت، بينما استرجع عقلي تفاصيل ما حدث لي، وأسأل نفسي:

ماذا أفعل الآن؟ ولماذا حدث كل ذلك لي؟ لماذا الحياة ليست عادلة؟

ثم شعرت فجأة بصوت معدتي، جوعي الذي طالما أخفيته عن نفسي. لحظتها تذكرت الحساء...

رغم أنني لم أكن أرغب به، إلا أن الجوع كان أقوى من ترددي.

-"آه... أشعر بالراحة... لكني أشعر بالملل، ماذا أفعل الآن؟"

قررت الخروج لاستكشاف المكان الذي أنا فيه. خرجت من الغرفة الصغيرة المظلمة، التي كانت تشبعها رائحة غريبة، واتجهت في ممر ضيق.

ثم سمعت أصواتًا عالية... ضحك وصراخ أطفال.

-"أوه، يالغبائي! إنه ميتم، وأنا لست الوحيد هنا."

ولكن فضولي كان أكبر، أردت أن أعرف المزيد عن هذا المكان.

استمريت في المشي في الممر الضيق، حتى وصلت إلى ساحة مفتوحة تحتوي على طاولة وكراسي قليلة. أمامي كان هناك درج.

-"اوه! انه مبنى ذو طابقين!" ونافذة صغيرة، ومن خلفها الباب الأمامي.

تقدمت نحو الباب الأمامي، وكانت الأصوات تتعالى من خلفي مع كل خطوة. وعندما وصلت إلى عتبة الباب، فوجئت بالمشهد الجميل أمامي.

حقول الزهور الملونة تمتد أمامي، وأعشاب خضراء تحت سماء زرقاء صافية. لكن... لماذا يحدق بي هؤلاء الأطفال؟

-"من هذا الطفل؟"

-"لماذا ينظر هكذا؟"

-"ألم تقل السيدة إيليزابيث أن هناك طفلًا جديدًا؟"

-"لابد أنه هو."

بدأ الأطفال ينظرون إليّ بنظرات مليئة بالاستغراب والازدراء. ولكن لماذا؟

هل أنا المسؤول عن شكلي الغير مألوف؟ لماذا يسخر الناس من شيء لا يمكنني تغييره؟ هل أستحق ذلك؟

سواء كنت مخلف او غير مختلف،سيسخرون منك الناس لا محال...ياللابتذال....

تقدمت نحوي فتاة تبدو في مثل سني، ذات ملامح حادة، وحاذقه ، وقالت بحماس:

-"مرحبًا! اسمي ميري! أنت جديد هنا، أليس كذلك؟"

ارتبكت قليلاً، لكنني أجبت ببطء:

-"أنا... ليون."

-"ليون! سعيده بلقائك!" قالت بابتسامة.

أعطاني آخرون أنفسهم أيضًا.

.

-"أنا إيثان!"

-"وأنا سيرينا! صديقة ميري!"

-"هل من المفترض ان اعرف عن نفسي؟"

-"هههه! هو دائما يتصره هكذا انه اوين وانا كولتون!"

أعربوا عن سرورهم بلقائي رغم صمتي وخجلي، ولم أصدق ذلك.

هل كنت على خطأ في تقديرهم؟ هل حقًا كانوا لطيفين؟ هل أسأت الظن بهم؟

ثم جاء كولتون قائلاً:

-"لنلعب كرة! هيا!"

أمسك بيدي وجذبني نحو ملعب صغير. لم أكن جيدًا في الألعاب، وكان جسدي ضعيفًا، لكنني جلست على الهامش، أراقبهم وهم يلعبون كرة الطائرة.

أدركت أن أوين كان جالسًا بقربي في صمت، وعيناه كانتا غارقتين في شيء عميق اشبه بالهاويه كمل لو انزعت منهما الامل والحياه، وكأنها تحمل قصة حزينة.

ولكن، كطفل في ميتم، لا يمكن أن تكون قصته قصيرة أو سعيدة.

آه، عذرًا... لابد من أنني بحاجة إلى استخدام المرحاض.

استأذنت منهم ودخلت إلى المبنى بحثًا عن المرحاض.

كانت خطواتي مليئة بالفضول وانا اتجول مثل التأئه، حتى سمعت صوتًا غريبًا من أحد الغرف.

تتبعت الصوت حتى توقفت أمام الباب، وراقبت من بعيد حتى لا تتم رؤتي.

كان هناك رجل طويل القامة بصوت خشن جدًا، بدا وكأنه في أواخر العمر، مرتديًا قبعة تغطي ملامحه.

ملابسه كانت أنيقة جدًا.

كان يتحدث مع المديرة إيليزابيث. لم أستطع فهم ما كانا يقولان، لكن شعرت بشيء غريب. لماذا أنا فضولي لهذه الدرجة؟ كل ما أريد هو أن أتمكن من قضاء حاجتي!

أشعر بالإحراج، ولكن هل هذه هي الحياة التي فرضت عليّ؟

...

..

.

2024/12/06 · 7 مشاهدة · 746 كلمة
Lk
نادي الروايات - 2025