تعلمت انا وأخي من والدتنا الا ننخدع بالمظاهر فمن يراها يسحر بجمالها وبشعرها الابيض الذهبي الطويل والعيون الحمراء كالزمرد والبشرة البيضاء كالثلج،حقا من يراها سيأخذ انطباعا رائعا عنها ويظن انها رقيقة ومسكينة فقد تخلى عنها زوجها وتركها مع ابنائها لتربيهم بمفردها.

لكن الحقيقة انها كانت تكرهني انا وأخي أشد الكره ولم نعرف لما حتى مع أنه واضح أن الامبراطور اعاطها قصرا فخما مع الكثير من الخدم ومن الواضح عليها انها تعيش حياة مرفهة وسهلة ومع كل ذلك كانت دوما ما تصب غضبها علينا فعندما تدخل في نوبة غضبها تلك تبدأ بضربنا سواء كان بيدها أو بحزام أو رمي اي شيء علينا فهي حقا لم تقصر في تجديد طرق تعنيفنا بل واحيانا تحرمنا من الطعام والشراب وتحتجزنا في غرفتنا.

وماذا عن الخدم؟ لم يكلف أحدهم نفسه عناء حمايتنا أو تقديم الطعام والشراب لنا بل عندما يرونها في حالة الغضب تلك يقفل كل منهم بابه على نفسه حتى تهدأ راشيل قائلين لأنفسهم أنه لا داعي لحماية أبناء غير شرعيين وخصوصا أبناء تلك المرأة لذا كنت انا وأخي فقط و لحسن حظنا ولدنا بقدرة على التخاطر وقراءة الأفكار هذا ساعدنا على معرفة متى و من اين ستأتي راشيل كما عثرنا أيضا على بعض المخابئ في القصر كنا نذهب للاختباء فيها وأما الطعام فكل ما كنا نستطيع الحصول عليه هو بعض أرغفة الخبز القديمة إضافة إلى التفاح من شجرة كنت وأخي نعتني بها بأنفسنا فهو الشجرة الوحيدة التي لم تمت في حديقة القصر البالية تلك،قد تبدوا حياة مأساوية لكن طالما كنا معا لم نهتم لاي شيء حقا انا وأخي في الثانية من العمر إذا حسبتها كما يفعل البشر لكن اطفال البشر وأطفال الالف يختلفون كثيرا في كثير من الأشياء.

اعتدت وأخي على نوبات غضب راشيل تلك ولكن لاحظنا انها بدأت تقل شيئا فشيئا يبدوا أنها ملت من تفريغ غضبها علينا دون نفع قررت الاستفادة منا واستغلال كوننا مزيج من نوعين لم يظن أحد أنهم قد ينتجا أطفالا وهذا لانه هناك الكثير من الشائعات تقول إنه إذا ولد طفل من الف العنقاء والتنانين فليس مقدرا له أن يعيش وان فعل فلن يكون لمدة طويلة وبهذا فنحن نعتبر اول مزيج من هذين النوعين وبالتأكيد عندما يظهر شيء جديد من نوعه وغامض لا يعرف احد عنه شيئا سيرغي الجميع في التعرف عليه مثلا ما هيا إمكانياته و حدود قوته ما المميزات والعيوب بماذا يمكن استغلاله

اشياء كهذة ويبدو أنه انا وأخي تم رؤيتنا هكذا تماما كأشياء جديدة وفريدة من نوعها لذا في أحد الأيام

ميراي :(نيه ميكا، رأيت امي تتحدث مع رجال لم ارهم من قبل في قاعة القصر،من تظنهم؟)

ميكايلا :(وما ادراني؟ ربما يكونون خدما جدد)

ميراي :(لكن من بكامل قواه العقلية سيأتي ويخدم في هذا القصر البائس والقذر؟ خصوصا تحت إمرة تلك المرأة المجنونة)

ميكايلا :(من يعلم ربما يكونون بحاجة إلى المال وهذه طريقتهم الوحيدة)

ميراي :(.......ما رأيك أن ننزل ونتصت على ما يقولونه؟)

ميكايلا :(هاه؟و لم قد أنزل من فراشي لأسمع حديث بين أناس لا اعرفهم؟!)

ميراي :(اوه هيا الان~ ألا تشعر بقليل من الفضول؟مازلنا أطفالا البقاء في الفراش أمر ممل)

ميكايلا :(بالضبط ولأنني مازلت طفلا اريد أن ارتاح بقدر ما استطيع،الان اتركيني واذهبي بمفردك أن كنت بهذا الفضول)

ميراي :(تسك،انت دائما كسول هكذا،حسنا إذا سأذهب بمفردي)

وقبل أن افتح باب الغرفة التفت إلى اخي وقلت بصوت ضعيف:(نيه....هل تظن أنهم قد يكونون...)

عندها رد علي ميكايلا بصوت حازم

ميكايلا :(ميراي،مستحيل أن يكونوا أشخاص من القصر الامبراطوري)

اخفضت رأسي قليلا وقلت بصوت حزين بعض الشئ

ميراي :(أجل....من غير المنطقي أن يتذكرنا فجأة هكذا....)

مرت لحظة من باردة من الصمت بيننا قبل أن أودعه وافتح الباب،نزلت إلى قاعة القصر ووقفت على السلم من زاوية حتى لا يراني أحد في الاسفل وحينها بدأت اسمع افكار راشيل

راشيل :"اخيرا، عندما يوافقون على أخذهم سأستطيع الاستفادة من هذين الجرذين"

ميراي :"حسنا،هذا متوقع سماعه منها "

عندها بدأ أحد الرجال في القاعة والذي كان جالسا على الأريكة في مقابلة والدتي في التحدث

:(حسنا إذا سنقول هذا مجددا،سنأخذ التوأمين من غروب الشمس و حتى شروقها اليوم التالي.ولا تقلقي سنعطيك حقك كاملا)

ميراي :"لحظة من سيعطي من ماذا؟ هل ستبيعنا لنعمل لدى احدهم؟....كلا أجسادنا ضعيفة ليست مناسبة للعمل...إذا ماذا يقصدون؟"

عندها سمعت افكار الرجل الذي كان يرتدي عبائة سوداء و يغطي رأسه :"هذه ستكون نقطة الانطلاق لمشروعنا، الرئيس كان محقا فهي لم تفكر للحظة قبل أن توافق على اخذهما. إن استطعنا اخذهما حقا...."

ظهرت ابتسامة واسعة على وجهه تشبه ابتسامة ذئب جائع وجد فريسة بعض ايام من صيد بلا جدوى، بينما أصبت انا بقشعريرة في ظهري

ميراي :" مشروع؟ هل ستبيعنا ليتم استخدامنا في شيء سيء؟ وهذا الرئيس...آنى له أن يكون متأكدا من موافقة والدتنا على بيعنا دون تفكير؟"

استمر الرجل ذو الرداء الاسود بالحديث أثناء اخراج حقيبة من الواضح أنها'حق' راشيل الذي تحدث عنه

:(ها هو نصيبك،الان هل يمكننا رؤية فئران التجارب خاصتنا؟)

وقعت تلك الكلمات علي كالصاعقة حيث شعرت أن جسدي تجمد للحظة

ميراي :"ف-فئران تجارب؟! سنصبح فئران تجارب!"

كانت تلك اول مرة اكون شاكرة فيها اني طفلة الف وليس طفلة بشرية فلو كنت طفلا بشريا في عمري هذا ما كنت لافهم شيئا مما يجري. لذا استجمعت قوتي وحاولت الانسحاب بحذر دون أن يلاحظني أحد فمن يعلم ماذا قد يحدث لو رآني احدهم؟ كل ما كنت افكر فيه هو الذهاب لإخبار اخي لكي نهرب من هنا فأنا لا أنوي أن اصير فأر تجارب لأحدهم! نجحت في الوصول للغرفة دون ملاحظة أحد لي.

فتحت باب غرفتنا ورأيت اخي جالسا يقرأ كتابا كنا قد اخذناه سرا من مكتبة القصر من قبل،فور رؤيتي له شعرت براحة و كأنني لم اسمع أنه سيتم تحويلنا لتجارب منذ لحظات لذا هرعت إليه بسرعه بتعبير مرتبك على وجهي

ميراي:(

ميكا!!

)

نظر إلي بتحير وآمال رأسه إلى الجانب قليلا متسائلا عن سبب صراخي،لذا قال بنبرة ممازحة

ميكايلا :(ما خطبك هل رأيت شبحا في الاسفل؟)

أمسكت يده بسرعه مما أسقط الكتاب منها

ميراي :( لا وقت للشرح علينا الهروب، الان! )

ارتسم تعبير من التفاجئ و الارتباك على وجهه

ميكايلا :(لحظة،لحظة.لما قد نهرب- لا الأصح القول إلى اين قد نهرب؟! ليس هناك مكان يمكننا الذهاب إليه!)

ميراي :(لا يهم إلى اين المهم أن نهرب من هنا بأسرع وقت ممكن!)

ميكايلا :(بحقك تمهلي! ماذا سمعتي في الاسفل بحق؟!)

ميراي :(حسنا إذا اسمع راشيل سوف تبيع-)

-بوم-

فتح باب الغرفة بقوة ودخلت راشيل خلفها الرجال ذوي الملابس السوداء،تفاجئت انا وأخي و تمسكنا ببعضنا بشدة لكن لأسباب مختلفة انا لأنني أدركت أن فرصتنا للهروب ضاعت ادراج الرياح وميكايلا تفاجأ لانه لم يعرف ما يحدث

بدأت راشيل بالتحدث بنبرة ساخرة:(هيا كلاكما ستحصلان على إقامة جديدة مع هؤلاء الناس)

ميكايلا :(م-ماذا تعنين بإقامة جديدة؟ لن نذهب مع أشخاص لا نعرفهم!!)

ضحكت راشيل باستهزاء ونظرت الينا

راشيل :(اوه هلا نظرتم إلى هذا! لقد احسنت تربيتهم حقا! هاهاهاهاها)

ملئ صوت ضحك راشيل الغرفة أثناء ارتجاف كلينا من الخوف، حينها تقدم نحونا الرجل الذي كان يتحدث مع راشيل بالاسفل انحنى أمامنا على ركبة واحدة وقال:( حقا أنهم اطفال جيدون،لديهم الحق في الرفض فنحن لم نتعرف بعد.انا ادعى لويس)

ارتفعت زوايا شفتيه حتى كاد فمه يلاقي أذنيه وأصبحت عينيه على شكل هلال:(مربيكم الجديد،يا حيواناتي العزيزة)

اقشعر جسد كلينا وتمسكنا ببعضنا بقوة أكبر حتى

ميكايلا :"ه-هاه؟...ما هذا لا افهم ما يقصد...؟"

ميراي :"....هذا ما كنت احاول اخبارك به....سيتم بيعنا كفئران تجارب لهم "

جفل جسد ميكايلا ونظر إلي بعينين يملؤهما التساؤل

ميكايلا :"ف-فئران تجارب؟! نحن سنصبح فئران تجارب لهم؟!"

اخفضت رأسي لأنني لم اتمكن من النظر الى وجهه المليئ بعدم التصديق و الخوف ذاك فنحن للتو خسرنا حريتنا فلا حول ولا قوه لنا أمامهم فهم يقوفوننا قوة وعددا وخبرة و نحن بأجسادنا الضعيفة تلك لا يمكننا الجري حتى...لا هذا ليس خطأنا الاطفال يولدون بأجساد ضعيفة و وظيفة اهلهم أن يربوهم ويساعدوهم حتى يكبروا و يتمكنوا من حماية أنفسهم ازداد غضبي ولم أدرك ان اخي يستمع لأفكاري تلك فتفاجئت قليلا عندما سمعت صوته في رأسي

ميكايلا :"أجل انت محق...لم نفعل شيئا خاطئا ضعف أجسادنا ليس خطأنا نحن بل خطأ والدينا الذان تركانا دون رعاية...لن اسامحهم ابدا!"

لكن غضبنا ذاك ما هو الا محاولة يائسة لتفريغ الخوف و القلق الذي شعرنا به

قام الرجال بأخذنا بعدها وبما أنه لا يوجد شيء كالسيارة لدى الالف فهم يفضلون الاعتماد على السحر رغم تقدم الزمن و تطور العالم لذا تم نقلنا بدائرة سحرية و بما انها اول مرة لنا فأغمي علينا لم نتمكن من رؤية اين وصلنا لكن كنا نعلم أنه ايا كان ما ينتظرنا فلا خيار أمامنا سوى التكيف معه.

2023/06/20 · 81 مشاهدة · 1318 كلمة
Malak
نادي الروايات - 2025