عندما قام الفتى الصغير سابقاً بتمزيق جثة الفأر، لم يجد فيها سوى اللحم والعظام. ولكن عندما مزق جثة الذئب القرمزي، وجد داخل صدره نواة كبيرة قرمزية اللون تشع بهالة قوية.
على الرغم من أن الفتى الصغير رأى هذه النواة لأول مرة، إلا أنه تعرف عليها عندما قرأ كتاب التعليمات الرث سابقاً. كان الكتاب يحتوي على شرح مفصل للنواة، واستخداماتها المتعددة، مثل مصدر للطاقة أو كمادة لصنع الدروع والأسلحة.
عندما كان ممسكاً بها شعر برغبة قوية في تناولها. لم يكن يعرف السبب وراء هذه الرغبة، هل كان جائعاً بعد قتاله مع الذئاب القرمزية أم أن هذا نتيجة غريزته.
تردد الفتى الصغير في تناول النواة بسبب عدم ذكر تناول نواة الوحوش في كتاب التعليمات الرث، إلا أنه لم يستطع مقاومة رغبته في تناولها. بعد أن وضع النواة في فمه، قام على الفور بابتلاعها منتظراً ما سيحدث له. في البداية، لم يحدث شيء، لكن هذا الهدوء لم يدم طويلاً حتى اجتاحت نيران قوية جسده بالكامل، مما حول لون بشرته إلى الوردي.
بقي الفتى الصغير يصارع الألم للحظات. على الرغم من كل التحديات الشاقة التي مر بها، كان من المستحيل عليه مقاومة هذا النوع من الألم وبدأ يفقد وعيه ببطء. في تلك الأثناء، بدأت الصخرة العملاقة الغامضة بالاهتزاز، مستشعرة موقف الفتى الصغير وكونه في خطر. فبدأ أحد النقوش بالتوهج، وانطلق بسرعة كبيرة نحو الفتى الصغير.
في نفس اللحظة، بدأ الفتى الصغير في فقدان وعيه والاستسلام للأمر، ولكن عندما كان متشبثاً بخيط وعيه الأخير، اندمج النقش مع جسده عند موضع قلبه. شعر الفتى الصغير بالبرد الذي كان يتمناه، حيث بدأت برودة عجيبة تسري في جميع أنحاء جسده، مخترقة النار المشتعلة فيه.
بعد عدة لحظات، انحسرت النار والبرودة التي كانت تسري في جسده في نقطة معينة داخل صدره، مكونة شكلاً يشبه كرتين تدوران عكس بعضهما، يوازن أحدهما الآخر. جلس الفتى الصغير متأملاً التغيرات التي تسري داخل جسده، وأثناء تأمله بدأت معلومات جديدة تتدفق إلى رأسه تعلّمه كيفية تحقيق التوازن بين أي قوتين والاستفادة منهما.
على عكس النقوش الأخرى التي استحوذ عليها والتي لم تحتوي سوى على بعض المعلومات، كان النقش الجديد الذي حصل عليه يحمل اسماً، فقد دُعي بنقش "التوازن"، كما يحوي اسمه، فهذا النقش يقوم بوزن أي قوتين في الكون.
بعد أن قام الفتى بوزن القوتين والسيطرة عليهما داخل جسده، لاحظ تطوراً غريباً، كما لو كان هناك مجرى جديد داخل جسده تتدفق فيه هذه الطاقة الغامضة مثل الشريان، لكنها بدلاً من أن تتدفق إلى القلب، كانت تتدفق إلى صدره. كانت مثل حفرة سوداء تبتلع هذه الطاقة ثم تعيد نشرها إلى كامل جسده.
استيقظ الفتى الصغير من تأمله بعدما كان مندهشاً مما حصل داخل جسده، لكن اندهاشه لم ينته بعد، فقد اكتشف أيضاً تغيرات كبيرة في جسده الخارجي؛ إذ نما ليكون ضعف طوله السابق، وجسده كان مدججاً بالعضلات التي حصل عليها من النقوش السابقة.
على الفور، مع كامل حماسه ونشاطه، قفز الفتى وبدأ يدور في أرجاء الغابة كما لو أنه ولد من جديد، وبدأ في استكشاف كل شبر منها. ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل بدأ في التعمق فيها أكثر واستكشاف أماكن لم تطأ قدمه إليها من قبل. وكما هو متوقع، وجد أزهاراً جديدة، وأشجاراً غريبة، ونباتات متنوعة، ودباً عملاقاً.
"..."
"إيه!"
دب عملاق كثيف الشعر، مغطى بالشعر الأبيض في نصفه السفلي، والشعر الأسود في نصفه العلوي، ونجمة حمراء مشعة في وسط جبهته.
عند التقاء أعينهما، بدأ كلاهما ينظر إلى الآخر بنظرات حمقاء، وتجمد كل منهما لثوانٍ حتى بدأ الدب العملاق بالصراخ على الفتى وتدمير كل شيء في طريقه. هرب الفتى بالكاد من قبضة الدب، الذي بدا وكأنه اقتحم منطقته، وهمّ بالتراجع. بعد أن وصل إلى بيته، قرر تأجيل استكشاف أعماق الغابة إلى يوم آخر.