-كارل-

كان يوماً مثل أي يوم عادي، ما ميزه عن غيره من الأيام..هو أن أحد أصدقائي فقد جلّ مايملك...

توفي إبنه الوحيد ذو الثمانية أعوام أثر إنقلاب السيارة التي كان فيها..والتي كنت أقودها أنا...

وبعدها بمدة ليست طويلة، طلبت زوجته الطلاق لعدم مسؤوليته وإهماله إياها بعد وفاة إبنه، ترك عمله وضاع مستقبله وتدمرت حياته..وأسوء مافي الأمر هو أنه قد ألقى كل اللوم علي...

قد يكون محقاً في ذلك..فأنا من أصرّ على إيصاله ذلك اليوم للمدرسة كي أوفر عناء ذلك لوالده لاسيما أنه كان منشغلاً في عمله بجد...

لكنه كان حادثاً..كان مقدراً له أن يحدث...

متأكد من أنه وحتى هذا اليوم مازال يكن لي حقداً وكرهاً عميقين..بل ومازال يؤمن بأنني السبب في وفاة إبنه وتدمير حياته، لم يسمح لي بمقابلته..ولم أره منذ ذلك الحين قط...

***

لندن_ 2012/02/08_ الوقت الحاضر

جمع (مايسون) الأوراق وقام بفتح الدرج ليرمي بهم وسط الملفات التي تحتاج للإستئناف لاحقاً...

-" هل إنتهيت؟" سأل كارل بينما يمدد جسمه وذراعيه بإسترخاء، ثم وقف من على كرسيه وربت على كتف مايسون الذي أجابه بصوت هادئ" أجل إنتهيت.."

إبتسم كارل بمرح وقال" هيا لنأخذ إستراحة قصيرة..ما رأيك بالذهاب للمطعم؟"

نظر إليه مايسون بينما يرفع نظارته وعلى وجهه إبتسامة طيبة"لابأس..إذهب أنت، سأنهي الملف السادس وبعدها ألحق بك.."

تنفس كارل الصعداء وقال بضجر" بحق..ألا يمكنك أن تعطي لنفسك إستراحة؟ لهذا السبب تملك مثل هذا الجسم الهزيل"

هز مايسون رأسه نفياً وأتبع" كلا..سأبقى أكثر بعد"

هز كارل كتفيه بإستسلام بينما يقول" كم أنت عنيد.." حمل سترته وغادر المكتب...

نزل الشركة بالمصعد الزجاجي الذي يسهل عليك رؤية كل شيء من خلاله..تلك المباني العالية، والمطر الخفيف الذي يهطل مبللاً تراب النباتات، صانعاً تلك الرائحة السحرية التي تفتح الأنفاس...

لكن كانت بالنسبة لكارل معضلة..فلا يمكنه العودة تحت المطر هكذا فهو لايملك مظلة، نظر بطرف عينه للمرأة الفاتنة التي تجلس على كرسي الإنتظار وبجانبها مظلتها...

جلس بجانبها وتمتم مكلماً نفسه بصوت مسموع" يا إلهي ماهذه الأمطار..وفي شهر أغسطس؟ غير معقول.."

عقدت المرأة حاجبيها ونظرت إليه بفضول...

إدعى عدم المبالاة وكأنه لايعلم بأنها تنظر إليه، ثم فتح بضع أزرار من قميصه سامحاً لتلك العضلات الحديدية بالبروز...

حدقت فيه بإعجاب، لتردف" مرحباً..هل تحتاج مساعدة"

نظر إليها متصنعاً الدهشة..ثم قال بنبرة صوته الجذابة" آه..فقط أتضايق من الأيام الممطرة..تعلمين، تجعلك تشعرين بالإكتئاب"

هزت رأسها إيجاباً عدة مرات وأردفت بنعومة" يمكنك إستعمال مظلتي إن أردت.."

إرتسمت على وجهه إبتسامة شيطانية، ثم أسرع بإخفائها وقال مدعياً الرجولة" كلا..لايمكنني حقاً أخذ مظلة إمرأة يافعة مثلك، كبريائي لايسمح لي بفعل ذلك.."

إبتسمت بإعجاب وأردفت بتسرع" لاتقلق لدي مظلتين!"

نظر إليها بتعجب..ثم إبتسم بجاذبية ينظر إليها بعيونه ذات اللون الأخضر الزيتوني...

-" شكراً لكِ..أعتقد أنني سأقبلها بنهاية المطاف.."

حملها وأتبع مدعياً البراءة" هل لي برقمك؟ تعلمين..كي أتمكن من لقائك وإعادة المظلة لكِ.."

إبتسمت بمكر وأجابت" بالتأكيد سأفعل.."

دونته على ورقة وأعطته إياه، هز رأسه إيجاباً ووقف متجهاً نحو الباب...

-" هاي كارل~ إنتظر!" نادى مايسون بصوت عالي بينما يركض محاولاً اللحاق به، إستدار كارل بخفة ينظر إليه رافعاً حاجبيه..وعلى وجهه إبتسامة النصر...

-" غيرت رأيك صحيح؟"

رفع مايسون نظاراته وأردف" ليس هناك فائدة من إنهاء ذلك الملف الآن..يمكنني تأجيله لاحقاً.."

نظر للمرأة بعدم مبالاة، ثم نظر إلى كارل بعتاب وأردف بصوت خافت" رأيتك جالساً بجانبها..ألن تنتهي من تصرفات المراهقين هاته؟ أنت متزوج!"

إبتسم كارل بسخرية وأجاب" ومن قال أن المتعة ممنوعة بعد الزواج؟ مازلت شاباً وسيماً مفتول العضلات.."

إبتسم بتفاخر وأتبع" ضربت عصفورين بحجر واحد! أخذت مظلة ورقمها معاً"

أرخى مايسون عينيه ينظر إليه بضجر بينما يمشي بجانبه وهما يخرجان سوية من الشركة...

فتح مايسون مظلته وقطع الطريق..بينما إنشغل كارل بفتح تلك الورقة عازماً على تدوين رقمها بتلهف...

-" اللعنة إكتشفت أمري! تظن أنها صعبة المنال هاه؟" أردف كارل بغضب ممتزج بخيبة أمل...

قرب مايسون رأسه يود أن ينظر لما بداخل الورقة..وقد كان كالتالي:

* إبحث عن إمرأة غيري يازير النساء!*

قهقه مايسون بإستمتاع، بينما يرمقه كارل بنظرات غيظ...

_" عد إلى زوجتك وتوقف عن هذه الألاعيب يارجل!"

أردف مايسون ناصحاً لصاحبه الذي لم ينضج عقله بعد..لكنه أجابه بمرح" لست مثلك مايس..أنا لا أكتفي بإمرأة واحدة!" قال وضحك بإستمتاع، لينظر إليه مايسون بطرف عينه ويبتسم...

دخلا إحدى المقاهي..وجلسا...

_" كيف حال كتابك؟ أمازلت تعمل عليه؟"

أردف كارل بينما يشير للنادل بالمجيء وأخذ طلباتهم، إبتسم مايسون بسعادة وأردف" أولاً..إنها رواية وليست كتاباً، ثانياً..بالتأكيد لازلت أعمل عليها..لكن في أوقات فراغي فقط.."

هز كارل رأسه إيجاباً وأردف متكئاً على الطاولة بكوعه" هممم يعني أنك لم تتخلى عن حلمك بأن تصبح كاتباً بعد صحيح؟"

_" بالتأكيد لم أفعل.." أجاب مايسون بينما يرتشف من كوب قهوته الساخنة...

أخذا إستراحة نصف ساعة وعادا إلى عملهما من جديد...

***

_الساعة8:00_

حل المساء..ورحل أغلب موظفوا الشركة لديارهم..عدى مايسون وكارل اللذان كلفا بعمل إضافي بسبب تجبر المدير عليهما...

تنفس كارل الصعداء وأردف بضجر" ألن تنتهي هذه الملفات!؟"

لم يرد عليه مايسون وكان منغمساً في عمله..إلى أن رن هاتفه فجأة...

نظر إلى المتصل وكانت زوجته كارولين، قرب كارل رأسه بفضول رافعاً حاجبيه..محاولاً قراءة إسم المتصل...

_" هوووه جميلتنا كارو تتصل.." أردف كارل بمرح، ليرمقه مايسون بنظرات حادة ويردف بإنزعاج" لاتتكلم عن زوجتي بهذه الطريقة.."

هز كارل يده مشيراً بالنفي وأردف" كم أنت متشدد..كن متفتح العقل يارجل! كن راقي مثلي مثلي.."

لم يرد عليه مايسون بل أجاب على الإتصال متجاهلاً حديثه...

_" مرحباً عزيزتي.."

_" إلحقني مايسون إلحقني!"

وقف مايسون من على كرسي بإنفعال..ليجيب بتوتر" ما الذي حدث!؟ كارولين أجيبيني!"

لكن زوجته كانت قد فصلت الخط بالفعل..عقد كارل حاجبيه وسأل بقلق" ما الذي حدث؟"

_" سأتصل بك حين أعرف!"

حمل مايسون معطفه ومظلته وخرج مسرعاً من الشركة..إستقل سيارة أجرة وإتجه نحو المنزل...

وهاهو قد وصل، نزل مهرولاً وصفع باب السيارة خلفه يركض نحو العمارة دون توقف...

طرق باب الشقة بجنون" كارولين! كارولين إفتحي الباب!"

لم تجبه..فأسرع بسحب المفاتيح من جيبه وفتح الباب...

إتسعت عيناه فور دخوله إليها..الأضواء مغلقة، والشموع تنير المكان بجو رومانسي مذهل...

أغلق المظلة ودخل إلى غرفة الضيوف، ليفاجأ بالطاولة مليئة بالشموع وعلى أطباقها عشاء فاخر...

_" مرحباً بعودتك عزيزي~"

أردفت كارولين بمرح جالسة على الطاولة تنتظره..وهي متأنقة ككل ليلة بالرغم من بطنها المنتفخة بسبب الحمل...

نظر إليها بخيبة أمل وهو يعاتبها بنظراته فقط...

وقفت من على الطاولة وعلى وجهها تلك الإبتسامة المشرقة..مشت نحوه وأردفت" أعتذر عن إقلاقك..لكن المقلب قد نجح صحيح~؟"

قلب عينيه وتنفس الصعداء" سيأتي يوم..أجل سيأتي يوم وأصاب بسكتة قلبية بسبب مقالبك الصبيانية!"

قهقهت بإستمتاع بينما تزيل عنه سترته، أشارت له بالجلوس..لكنه وقف أمام كرسيها وأردف" السيدات أولاً"

إبتسمت ووضعت معطفه..ثم جلست على كرسيها سامحة له بأن يدفعه من أجلها...

جلس على كرسيه وأردف" كنت سأشتري لكِ بعض الفواكه والحلويات لولا أنكِ قد عجلتني.."

تأففت بخيبة أمل وقالت" بجدية؟ أوووه لما لم تخبرني بذلك؟ كان نفسي في قطعة شوكولاتة مرة!"

ضحك وقد تعمد مضايقتها، ليردف بحنو" غداً سأجلب لزوجتي أفضل قطعة شوكولا في لندن كلها.."

رفع نظارته وقد تذكر شيئاً، وقف من على الطاولة وأخذ يفتش في جيب قميصه حتى حصل على الظرف المطلوب...

_" هاكِ..مصروفكِ الشهري" أردف بينما يمده لها..إلتقطته وشكرته قائلة" سأخرج غداً لأشتري ملابس لطفلنا..تعلم لقد دخلت اليوم في الشهر الثامن.."

هز رأسه إيجاباً وقال" قررت ماذا سأسميه.."

_" ماذا ستسميه؟"

_" غابرييل"

هزت رأسها برضى وأردفت" جميل~"

ليرن هاتفه فجأة، رفع السماعة وأردف" نعم كارل.."

_" لم تخبرني ما الذي حدث؟ هل زوجتك بخير!؟"

إبتسم مايسون وأردف بضجر" لاشيء حقاً..مجرد مقلب آخر منها.."

تنفس كارل الصعداء وأردف" جيد..أراك غداً"

أغلق كارل الخط ودخل شقته..إستقبله إبنه موزيس ذو الأربع سنوات يحتضنه بإشتياق، ليردف والده مداعباً:

_" أوهوو بطلي لايزال مستيقظاً حتى هذا الوقت المتأخر!"

خرجت زوجته ليلي من المطبخ وقد إنتهت من الغسيل، لتردف بإبتسامة" مرحباً بعودتك عزيزي"

إبتسم بسعادة وأردف" أهلاً بأميرة الدنيا.." أسرع بتقبيل يديها بحنو ويردف" آااه لو تعلمين كم أني مشتاق لكِ.."

ضحكت وسألته" هل تناولت عشائك؟"

هز رأسه إيجاباً وأجاب" أجل تناولت.." وضع يده على بطنها وأتبع" ماذا عن هذا البطل الصغير؟ هل تناول عشائه؟"

ضحكت وأجابته" لو تعلم كم يتناول في اليوم"

_" لاتلقي اللوم عليه..أنتي هي من تأكل كثيراً وليس هو.." نظر إليها وسأل" في أي شهر أصبحتِ؟"

_" الثالث..لايزال أمامي الكثير~"

حمل إبنه وقال" هيا هيا إلى النوم.."

قبل أن يدخل غرفة نوم إبنه نادته ليلي" سأخرج غداً مع أمي لشراء بعض اللوازم.."

هز رأسه إيجاباً وسأل" هل تحتاجين نقوداً؟"

هزت رأسها بالنفي وأجابت" كلا، لازلت أملك البعض.."

أومئ بإيجاب ودخل الغرفة...

***

_غداً صباحاً_

دبت أشعة الشمس في وجه (شارلوت) التي كانت نائمة بعمق معانقة وسادتها، سحبت الغطاء ووضعته على وجهها بإنزعاج...

_" هيا هيااا إستيقظي!" أردفت ليلي بينما تسحب عنها الغطاء، لتتتذمر شارلوت بقولها" أتركيني وشأني..أنتِ من أزلت الستائر ليلي!؟"

نظرت إليها ليلي بعدم مبالاة وأردفت" ألا تدرسين اليوم؟؟"

_" أجل فقط خمس دقائق أخرى"

_" إستيقظي أيتها الكسولة!" صرخت ليلي وقد سحبت الغطاء عنها ورمته، لتجلس شارلوت بشعرها المجعد تعاتبها" ما الذي جلبكِ إلى هنا في مثل هذا الصباح المبكر!؟"

وضعت ليلي يديها على خاصرتها وأردفت بحدة" ولما لا؟ هل ستطردين أختك الكبرى الآن أم ماذا؟ هذا منزلي وآتي متى ماشئت!"

نظرت إليها شارلوت وتمتمت بغيظ" سأخبر كارل أن لايجلبك في الصباح الباكر المرة القادمة.."

قاطع كلامهما نداء والدتهما" ليلي~ أيقظيها وتعاليا لتناول الإفطار!"

أسرعت ليلي بالنزول تاركة شارلوت خلفها تتذمر، دخلت إلى الحمام تفرش أسنانها وتنظر لوجهها في المرآة بشرود...

عينان عسليتان..شعر بني لامع..بشرة بيضاء عادية وعليها نمش...

مشطت شعرها وظفرت ظفيرتين مثل الأطفال، ثم أسرعت بالذهاب للمطبخ لتناول الإفطار...

جلست على الطاولة بخمول وأردفت" صباح الخير.."

وضعت والدتها الأطباق على الطاولة وقالت" صباح النور..سهرتي البارحة أليس كذلك..لهذا السبب لم تستطيعي الإستيقاظ"

نظرت إليها ليلي بتعجب وسألت" ليس من عادتك أن تسهري..ما الذي حدث؟"

تثائبت شارلوت وأجابت" إمتحانات البكلوريا إقتربت..سهرت الليل كله أحفظ.."

هزت ليلي رأسها بإيجاب وأردفت" جميل~ أحسنتِ..كما هو متوقع من ألطف كائن في الكون"

نظرت إليها بطرف عينها وعادت تتناول طعامها، لتردف والدتهما" شارلوت..سنخرج أنا وأختك لشراء بعض الأغراض اللازمة..سنترك موزيس عند الجارة نانسي، حين تعودين من دوامك أحضريه من عندها وإبقي معه حتى نعود.."

هزت شارلوت رأسها إيجاباً وأردفت" سأفعل.." إستدارت بإتجاه ليلي وأتبعت" هل لكِ أن تنتقي لي حقيبة أختي؟ الحقيبة التي أذهب بها كل يوم إهترئت..سأدفع لكِ"

ضربتها ليلي على رأسها بخفة وأردفت ببرود" ليس هذا كلاماً تقولينه لأختك، لاتقلقي بشأن المال.."

_" شكراً.." أردفت شارلوت مبتسمة، ثم وقفت من على الطاولة وأردفت" شكراً على الطعام..سأذهب لأغير ملابسي"

قالت ودخلت غرفتها..غيرت ثيابها وخرجت إلى المدرسة...

صعدت الحافلة..وهاهي قد وصلت، فور دخولها أمسكتها كل من ديلا وآنا من كتفيها قائلتين" صباح الخير شيري~"

إبتسمت شارلوت وأردفت" صباح النور.."

نظرت إليها ديلا وترجتها بقولها" هلا ساعدتني في حل هاتين المسألتين؟..رجاااءاً"

لتسرع آنا بالتكلم" لاتستمعي لها شيري..هل لكِ أن تساعديني في مسألتي لطفاً~"

أخذت شارلوت نفساً عميقاً وأردفت" بالتأكيد سأفعل"

صرختا بسعادة وقبلتاها قائلتين" شكراً عزيزتي~"

أوصلاها إلى صفها ودخلت...

رن الجرس، وهاهي الحصة تبدأ ككل الحصص المملة، وقف المعلم مبتسما..ليردف" شارلوت غارسيا..الأولى على الصف مبارك لكِ" أخفضت شارلوت رأسها خجلً بينما الجميع يصفقون لها بسعادة...

نظر إليها الشاب الذي يجلس بجانبها وأردف" يمكنكِ أن تصبحي عالمة آثار"

نظرت إليه بطرف عينها وقالت" بل سأصبح عالمة كيمياء!" حرك وجهه بطريقة مستفزة..لتشيح هي نظرها عنه بغيظ...

***

صعدت ليلي ووالدتها على إحدى الحافلات، جلستا وفور صعودهما إمتلئت الحافلة بالناس حتى إختنقتا...

لتلمح ليلي إمرأة شابة بطنها تصل حتى آخر الشارع، ترددت قليلاً..ثم نادتها" سيدتي..سيدتي"

نظر إليها الركاب..ثم أشاحوا بأنظارهم بعيداً، لكن تلك المرأة لم تعلم أنها تناديها، لتعقد ليلي حاجبيها وتصرخ" يا أيتها الحامل في الشهر التاسع أو ربما العاشر!"

نظر إليها الركاب بدهشة، لتستدير كارولين تنظر إليها بتعجب، كانت شخصية ليلي قوية واثقة..وقليلة حياء نوعاً ما..أشارت لكارولين بالمجيء إليها وقد فعلت...

إقتربت منها كارولين بخطوات عريضة غاضبة..وعاتبتها" ماخطبك؟ هل تهينينني وسط الحافلة!"

ضحكت ليلي وأردفت" أعتذر لكنني لم أجد حلاً آخر، تعالي..إجلسي في مكاني"

وقفت ليلي عنها، نظرت إليها كارولين شاكرة ثم جلست..قضيا طول الطريق يتكلمان في مواضيع نسائية مملة، ضغط السائق على المكابح فجأة تنقلب الحافلة وسط الطريق كالكرة تتدحرج ويتدحرج الناس بداخلها وهم يتهشمون...

حتى أصبح حديدها كقطعة ورق تم تكويرها ورميها في القمامة...

***

خرج الجميع عدى شارلوت التي بقيت لتوصل الأوراق لمكتب المدير..بعد أن طلب منها زميلها فعل ذلك نيابة عنه، وفور خروجها إصطدمت بزميلتها جيسيكا لتسقطا أرضاً وتتشتت الأوراق...

حكت جيسيكا رأسها بألم وأردفت" ياااإلهي وأنا التي ظننتك فارس أحلامي وإصطدمت به!"

ضحكت شارلوت بينما تحك رأسها هي الأخرى" ما الذي تفعلينه هنا؟"

_" كنت أنتظرك..بجدية لما تنفذين طلبات كل أولائك الإستغلاليين!؟" قالت جيسيكا بينما تجمع الأوراق من الأرض، لتجيب شارلوت بينما تساعدها" كل مافي الأمر هو أنني لا أستطيع الرفض حين يطلبون مني بطريقة مهذبة..يجعلونني أخجل من نفسي.."

تنفست جيسيكا الصعداء وقالت" لا أمل منكِ..هيا لنذهب، سيغلق متجر الحلويات قبل أن نصل إليه!"

_" متجر الحلويات؟" سألت شارلوت بتعجب، لتجيب جيسيكا" ألم تنفق على هذا قبل يومين؟"

شهقت شارلوت بفزع قائلة" آسفة..لقد نسيت!"

_" لامشكلة..هيا لنذهب"

_" المشكلة هي أنه لايمكنني المجيء، أختي تركت إبنها عند الجارة ويجب علي إحضاره من هناك والبقاء معه لحين عودتها.."

نظرت جيسيكا إليها بعتاب، لتردف بإنزعاج" كما تشائين.."

قبل أن تواسيها شارلوت تلقت إتصالاً، توقفتا عن المشي وسحبت شارلوت الهاتف" أختي تتصل" تمتمت ورفعت السماعة...

_" هل عدتما للمنزل ليلي؟"

_" عذراً..صاحبة الهاتف في المشفى الآن"

إتسعت عينا شارلوت وأخرجت الكلمات بصعوبة من فمها" ماذا؟ هل حدث شيء للطفل؟؟"

_" لقد تعرضت لحادث سير..فالتأتِ لمشفى(****)"

هزت شارلوت رأسها عدة مرات وفصلت المتصلة الخط، شحب وجه شارلوت بخوف وتوتر، لتسأل جيسيكا" ما الذي حدث؟؟"

ترقرقت الدموع في عيني شارلوت وأجابت وسط شهقاتها" أختي..في المستشفى.."

***

تلقى كارل إتصالاً هاتفياً، نظر إلى إسم المتصل..ليسأله مايسون" من المتصل؟"

نظر إليه قالباً شفتيه بتعجب" حماتي شارلوت..لا أدري ما الذي تريده حقاً"

رفع السماعة وأردف" مرحباً"

_" أين أنت كارل؟؟"

_" في العمل..هل حدث شيء ما؟"

_" أنا في المستشفى، أمي وليلي تعرضا لحادث سير وحالتهما خطرة" أجابت شارلوت بصوت باكي وسط شهقاتها، فز كارل من مكانه ووقف بإنفعال..أغلق الخط بعد أن أعطته العنوان وركض متجه نحو الباب، ليوقفه مايسون بسؤاله" إلى أين؟"

_" ليلي..زوجتي تعرضت لحادث!" أجاب كارل بوجه شاحب، لتتسع عينا مايسون ويردف بتسرع" إنطلق إليها وأنا سأنهي ملفاتك واغطي غيابك!"

أومئ كارل بإيجاب وخرج مهرولاً..ليتنفس مايسون الصعداء بقلق، ثم ورده إتصال هو الآخر فأجاب" نعم.."

_" هل أنت مايسون؟"

_" أجل..من المتصل؟"

_" أتصل بك من مستشفى(****)، تعرضت زوجتك لحادث سير.."

نزل ذلك الخبر كالصاعقة على مايسون..ترك الأوراق مرمية على الأرض وهرول خارج الشركة دون تفكير...

يتبع...

توقعاتكم؟ أرائكم؟؟

نلتقي بالفصل الجاي إن شاء الله👋😊

شكراً على القراءة..أنرتم 💜 ✥ بقلم إيمان إيدا

2020/03/03 · 423 مشاهدة · 2250 كلمة
47ImaneEdda
نادي الروايات - 2025