الفصل المئة والحادي والثلاثون: سياف الألف عام
____________________________________________
تجمدت ملامح غي بان تشينغ للحظة، قبل أن تتضح له الصورة فجأة، فقال بإدراك: "يا سيد القصر شانغ قوان، ما تقوله عين العقل!"
أطلقتَ ضحكة جامحة، وصحتَ في غضبٍ عارم: "أيها المحتال، ذُق طعم نصلي!"
توهج نصل إيقاظ الروح في قبضتك بوميضٍ نجمي، وهوى جسده الضخم بضراوة لا مثيل لها. ارتسم الرعب في عيني غي بان تشينغ وهو يواجه تلك الضربة الجبارة التي هزت الأجواء، لكنه سرعان ما صرّ على أسنانه، وانبثق من نصل إيقاظ الروح المعتم الذي في يده ضياءٌ ساطعٌ مماثل.
حلق في الهواء، مستجمعًا كل ذرة من قوته ليتصدى لضربتك.
دوى انفجارٌ هائلٌ حين ارتطم نصلا إيقاظ الروح في عنان السماء. اجتاحت موجة الصدمة المكان، مثيرةً أمواجًا عاتية، فاهتز سطح البحر بعنفٍ لا ينقطع. انطلق غي بان تشينغ كقذيفة مدفعية، ليرتطم بالبحر محدثًا دويًا هائلًا، فانفجر الماء من تحته في موجة بيضاء عملاقة.
فقد غي بان تشينغ وعيه، وأخذ جسده يغوص ببطء نحو قاع المحيط. بلمحةٍ من وعيك، حددتَ موقعه، ثم أطلقتَ خيطًا من قوة المصدر لتلفه به. وفي لحظة، سحبتَ غي بان تشينغ ونصْلَه المقلد من أعماق الماء.
ألقيتَ بقرص علاجي في فمه، وما هي إلا لحظات حتى أفاق غي بان تشينغ ببطء. نظر إلى هيئته المبللة بالكامل، مدركًا أنك من أنقذه. هز رأسه بقوة لينفض مياه البحر عن جسده، ثم قال بامتنان وإجلال: "شكرًا لسيد القصر شانغ قوان على تساهله معي!"
نظرتَ إلى النصل في يده، ثم قلتَ بلهجة قاطعة: "نصلك هذا نسخة مقلدة."
تردد غي بان تشينغ لبرهة قبل أن يجيب: "لكن... لكنني صنعتُ نصل إيقاظ الروح هذا بنفسي، وقد استخدمته لسنواتٍ عديدة!"
كررتَ بهدوءٍ تام: "نصلك هذا نسخة مقلدة."
حدّق فيك غي بان تشينغ ذاهلًا، ثم قال في نهاية المطاف بيأس: "سيد القصر شانغ قوان على حق."
"قلها بصوتٍ مسموع."
"نصلي... نصل إيقاظ الروح خاصتي نسخة مقلدة."
ابتسمتَ ابتسامة عريضة وقلت: "أحسنت!"
شعر غي بان تشينغ أن هناك شيئًا غريبًا في هذا الموقف، لكنه لم يجد ما يقوله. مددتَ يدك اليمنى في الهواء، فانجذب نصله المقلد المعتمد رسميًا إلى قبضتك، ثم قلت: "كُفّ عن تقليدي من الآن فصاعدًا، واصنع لنفسك نصلًا آخر."
نظر غي بان تشينغ بحسرة إلى نصله وهو في يدك، وقال برجاء: "يا سيد القصر، عدني بأنك ستعتني به جيدًا!"
"لا تقلق، سأكون رفيقًا به."
وقبل أن يغادر، قال غي بان تشينغ بجدية مرة أخرى: "يا سيد القصر شانغ قوان، سأعود لتحديك مجددًا!"
رفعتَ عينيك نحوه، وشعرتَ في قرارة نفسك أن هؤلاء المهووسين بالفنون القتالية مزعجون حقًا. يقضون أيامهم في تحدي الآخرين، وكأن الناس ليس لديهم شؤون أخرى يهتمون بها، أو عمل يؤدونه، فيضيعون أوقاتهم الثمينة.
رمقته بنظرة فاحصة وقلت: "يمكنني قبول تحديك في أي وقت، لكنني لن أتساهل معك مرة أخرى. في نزالنا القادم، يجب أن يموت أحدنا، وخمّن من سيكون؟"
ارتعش جفن غي بان تشينغ، لكن ملامحه سرعان ما أصبحت حازمة وهو يقول: "لقد فهمت يا سيد القصر!"
لوحتَ له بيدك، فغادر المكان وهو يلتفت خلفه مع كل خطوة، حتى اختفى عن الأنظار.
مكثتَ وحيدًا في عرض البحر لعشرة أيام أخرى. خلال هذه الفترة، توقف السادة الأسمى عن المجيء طمعًا في مصدر الأرض هذا، فقد عاد أولئك الذين طردتهم ليخبروا الجميع بوجودك هنا، خاصة وأن صيتك المرعب كان يملأ عالم الفنون القتالية بأسره.
أدركوا أن المجيء لمنافستك على مصدر الأرض قد يمنحهم بصيص أمل ضئيل بالنجاة، لكن لا فرصة لهم بالبقاء على قيد الحياة. أما بعض السادة الأسمى الأكثر وقاحة، فقد ادعوا بعد عودتهم أنهم خاضوا معك معركة طاحنة، وأنه هُزم بفارق ضئيل في الضربة الأخيرة، مما اضطره للانسحاب. لم تستطع إنكار هذه الرواية، لأنك بالفعل لم توجه إليه سوى ضربة واحدة.
لم تكن أيامك في البحر مملة، فمساحة تخزينك كانت أشبه بجعبة ساحرٍ تحوي كل ما يخطر على البال. أخرجتَ قاربًا كبيرًا من مساحتك ووضعته على صفحة الماء. في النهار، كنت تجلس على حافة القارب مستمتعًا بنسيم البحر وأنت تصطاد الأسماك، وفي المساء، كنت تعد لنفسك عشاءً فاخرًا على ضوء الشموع، وترتشف شرابًا ممزوجًا صنعته بنفسك لتريح أعصابك.
وفي أحد الأيام، بينما كنت مستلقيًا تحت أشعة الشمس الدافئة، تغيرت الهالة فجأة على بعد ميلٍ واحد شرق جزيرة أفعى البحر. نهضتَ جالسًا في الحال وصرختَ بحماس: "لقد حان الوقت!"
حلقتَ في السماء، وفي لمح البصر وصلتَ إلى الموقع الذي سيظهر فيه مصدر الأرض. حمدتَ حظك في سرك لأن مصدر الأرض هذه المرة لم يظهر داخل ذلك الحاجز الضوئي الشبيه بدرع السلحفاة، وإلا لكانت رحلتك هباءً.
ظهر مصدر الأرض كالمعتاد، وتمايل في الهواء ثم تكثف، وبدروك، قمت بامتصاصه بنجاح تام. وبإشارة من فكرك، ظهر مصدر الأرض فجأة في مساحة تخزينك، حيث تراقص ذلك الضباب الأبيض النقي وكأنه ينتظر منك استكشافه.
ركزتَ وعيك على الفور وتوغلت في مساحة تخزينك. هناك، أزاح مصدر الأرض عن نفسه رداءه الضبابي، كاشفًا عن جوهره الحقيقي. غمرتك الإثارة حين رأيت طبيعته، فقد كان مصدر الأرض ذا طبيعة تشيان المعدنية التي كنت في أمس الحاجة إليها، ولم يكن سوى "سيفٌ يشق الجبال"، المصنف رابعًا بين مصادر هذه الطبيعة.
غمرتك سعادة عارمة وهتفت: "يا للروعة! حظي هذا لا يضاهى، فكل ما أتمناه يأتيني! الشكر للسماء، والشكر للأرض، والشكر لكاتبي العزيز على هذا الترتيب المتقن!"
بعد أن دمجتَ مصدرين للأرض، أصبحت بالفعل كائنًا لا يُقهر. ولو أضفتَ إليهما مصدرًا ثالثًا، فستتضاعف قوتك التي لا تقهر، وهو أمرٌ عظيمٌ بمجرد التفكير فيه. ازداد شوقك لمعرفة المدى الذي ستصل إليه قوتك بعد دمج تسعة مصادر، أو ربما عشرة، ففي ذلك الحين، ستتمكن حتمًا من تحطيم ذلك الحاجز الضوئي اللعين بقوتك المحضة.
كان مصدر الأرض "سيفٌ يشق الجبال" على هيئة لوحة، تصور سيافًا يدير ظهره للناظرين، وبضربة سيفٍ عابرةٍ منه، شق جبلًا شاهقًا إلى نصفين، في مشهدٍ يعكس قوة مرعبة.
تذكرتَ على الفور الحيرة التي انتابتك حين اطلعت على معلومات جميع مصادر الأرض من قبل، وتحديدًا المصادر الأربعة الأولى من طبيعة تشيان المعدنية. فالمصادر المصنفة من الرابع إلى الثاني، وهي "سيفٌ يشق الجبال" و"سيفٌ يغمر البحار" و"سيفٌ يسائل السماء" على التوالي، كانت جميعها مشاهد تصور السياف نفسه وهو يطلق ضربة سيفٍ ذات قوة مروعة.
أما مصدر الأرض الأول في طبيعة تشيان المعدنية، فلم يكن سوى السيف نفسه الذي كان يحمله ذلك السياف في المشاهد الثلاثة، سيف شوان شياو.
أمعنتَ النظر في مصدر "سيفٌ يشق الجبال" داخل مساحة تخزينك، وبينما كنت تتفحصه، تمتمتَ مندهشًا: "عجبًا! لماذا يبدو لي هذا السياف مألوفًا؟!"
راجعتَ في ذهنك سريعًا كل من عرفتهم من مبارزي السيوف، وكان أبرزهم لين جينغ تشي و لي آن لونغ، لكن هيئة أي منهما لم تتطابق مع صورة السياف. كما أن أسلوب ملابسه لم يكن من هذا العصر. بالعودة إلى المخطوطات التي قرأتها عن تاريخ وتقاليد أمة تشيان العظمى، بدا أن هذا السياف كان ينتمي إلى حقبة مضى عليها ألف عام على الأقل.
لم يظهر من السياف سوى ظهره، دون أي لمحةٍ لوجهه، لذا كان شعورك بالألفة مجرد إحساس غامض لا يمكنك تأكيده. ازددتَ حيرة وتساءلت: "كيف يمكن لشخصٍ عاش قبل ألف عام أن يبدو مألوفًا لي؟"
توقفتَ لتفكر لثانيتين. وفجأة، أضاءت فكرةٌ عقلك: "كتاب ذكريات السنين!"
تذكرتَ على الفور أنك رأيتَ شخصًا في كتاب ذكريات السنين. ورغم أن ذلك الشخص لم يكن سيدًا أعظم، إلا أنه كان قادرًا على مجاراة إمبراطورٍ من أمة تشيان العظمى كان سيدًا أعظم، بل والتفوق عليه بوضوح.
أخرجتَ كتاب ذكريات السنين من مساحتك، واستدعيتَ تلك الذكرى بسرعة. قارنتَ بعناية بين هيئة ذلك السياف وهيئة الرجل الذي رأيته في الكتاب. لم يكن الأمر مجرد تشابه، بل كان تطابقًا تامًا وكأنه نسخة مستنسخة.
ذلك السياف لم يكن سيدًا أعظم بعد، ورغم ذلك تمكن من قمع سيد أعظم بسهولة. لم تجرؤ على تخيل المدى الذي كانت ستصل إليه قوته لو أصبح سيدًا أعظم.
"لكن هناك أمرٌ غير منطقي!" فكرت فجأة. "بقوة ذلك السياف، لا بد أن الحصول على مصدر أرض كان أمرًا يسيرًا عليه، فلمَ لم يختر أن يندمج مع أحدها ليصبح سيدًا أعظم؟"