أول مرة تقتل فيها، تموت مع ضحيتك. الفرق الوحيد أنك لا تسقط.
***
سادت في المقطورة هالةٌ خانقة من التوتر وصمتٌ مشوبٌ بالخوف، بينما كان الناجون يحاولون استيعاب ما يجري من حولهم. كانت أعينهم مسلطةً على نافذة الرسالة الثلاثية الأبعاد التي تحوم فوقهم، متوهجةً كأنها تذكارٌ للمأساة التي على وشك الانفجار.
تردد صدى صوت أحد الركاب بصوتٍ خافت بالكاد يُسمع وهو يتمتم:
"إثبات القيمة...؟"
لم تدم هذه اللحظة الهادئة طويلاً، إذ قُطعها وقع خطوات ثقيلة يرافقها صدى مدوٍ يملأ المكان. تقدم رجل ضخم البنية، تتجلى عليه ملامح غاضبة وقسوة مطلقة على وجهه، عضلاته المفتولة واضحة تحت قميصه.
همس الرجل بنبرة أجشّة وهو يحدّق في الرسالة الزرقاء قائلاً:
"هذه مجرد لعبة سخيفة."
ثم التفت مبتسمًا بابتسامة تحمل شيئًا من الجنون نحو باقي الركاب، وأضاف:
"حسنًا... إن كنا سنثبت قيمتنا، فليكن هذا البداية."
توجه الرجل نحو شاب نحيل يجلس في الزاوية مرتجفاً، يكاد جسده لا يتوقف عن الأرتجاف وأمسك برقبته! ذعر الشاب و صرخ وهو يتمسك بذراعي الرجل و يلكمها محاولاً التملص من قبضته:
"لا! تـ.. توقف! أرجوك!"
صرخ الشاب المذعور، لكن توسلاته لم تجد أذنا صاغية. رفع الرجل الضخم قبضة يده وضرب بها رأس الشاب بقوة هائلة، حطمت جمجمته، وانتشر الدمُّ على الجدران.
" كيااااااااه"
فوق رأس الرجل الضخم، أنبثقت نافذة زرقاء أخرى.
[حققت أول قتل.]
[ حصلت على 300 قطعة نقدية]
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي الرجل الضخم بينما نظر حوله بتحدٍ.
"مقابل كل شخص؟ 300 نقطة؟ أسهل مما توقعت. هيا، من التالي؟"
سادت لحظات من الصمت الثقيل في القطار قبل أن يتحول إلى فوضى مطلقة؛ تراجع الركاب إلى زوايا المقطورة في رعبٍ خالص، بينما وقف الرجل وسط الجثث المتناثرة، يمسح يديه الملطختين بالدم على قميصه، وعيناه الجاحظتان تتألقان بشراسة كأنما وجد متعته في هذا الجنون.
تصدّرت صرخات متقطعة مزيجًا من الذعر والرفض:
"إنه قاتل! قاتل... لقد قتل أحدهم!"
ثم تردد صوت آخر متوسلًا:
"دعوني أخرج، أرجوكم!"
وتبعه صرخات:
"ساعدوني!"
"أرجوك، لا تقتلني!"
لم يجد اليائسون مهربًا من المقطورة المغلقة، إذ كان الرجل قد استمر في سفك الدماء، حتى تراكمت نقاطه وتحولت معركة النجاة إلى معركة شرسة بين الركاب أنفسهم، فتصاعدت أصوات الضرب والصراخ حتى أصبح المكان ساحة قتل مرعبة.
بينما كان الآخرون يتوسلون أو يحاولون الهرب، وقفت بارك يون جي في زاويتها، تمسك بحقيبتها الجلدية السوداء بإحكام. عيناها كانت متسعة في حالة من الذهول والخوف، وعقلها يحاول استيعاب هذا الجحيم الذي تجسد أمامها.
لحضاتٌ قليلة بعد ذلك، ألتفت إليها الرجل الضخم الذي بدا وكأنه ملك هذه الفوضى، توقفت عيناه القاسيتان عندها، وابتسم بسخرية.
"هاه... أنتِ هناك!"
شعرت يون جي أن دماءها تجمدت في عروقها مع اقتراب خطواته الثقيلة، التي كانت كأنها نداء للموت. وقف أمامها مباشرة، ونظر إليها بازدراء قائلاً:
"أأنتِ جالسة تنتظرين موتك؟ أم تريدين أن أعجّله لكِ؟"
قبضت يون جي على حقيبتها بقوة، كانت تعلم أنها حتى لو نجت منه، فلن تبقى على قيد الحياة بعد أنتهاء الأختبار، بل كانت أفضل من يعرف هذا. لكن، أن تزهق روحاً بشرية، كان هذا ما يمنعها من سحب ذلك السيف النائم في الحقيبة.
" أنا أتحدث معكِ يا هذه " صاح الرجل بغضب.
’ لكن، ماذا لو اعتبرتهم مجرد شخصيات في رواية؟ هل سيخفف هذا ولو قليلاً من الذنب الذي سيجتاحني اثر قتلي لشخص؟ أو ماذا لو اعتبرته مجرد دفاع عن النفس؟ اجل هذا سيكون التبرير الأفضل، فما من خيار لدي ‘
فكرت يون جي قبل ان تخرج سيف الكاتانا من حقيبتها بيد مرتجفة، السيف المعدني يلمع تحت الضوء الخافت. أمسكت بالمقبض بشدة مترددة، بينما كان الرجل يضحك بصوت عال.
"أوه، فتاة تحمل سيفاً ؟ هل قررتِ مواجهتي؟ هذا مثير! هيا هلمّي"
ضرب الرجل قبضتيه معاً في وضعية الأستعداد، وشقت أبتسامة مجنونة وجهه، بينما ارتفعت شرارة سوداء من جسده!
" هاه؟ "
ارتفعت عينا يون جي بدهشة، وتقلص بؤبؤها في وسطها حينما لاحظت الشرارة المتصاعدة من جسده.
’ هل تمكن من استخدام مهارة قبل أنتهاء الاختبار الاول؟ تباً، سيكون هذا عسيراً‘ فكرت يون جي
’ لكن.. ‘
أغمضت عينيها وتنهدت بعمق.
’ لا يمكنني الخسارة ضد شخصية غير مذكورة بالعمل حتى‘
اخذت نفساً عميقاً، وأرتفعت هالة بيضاء نقية من جسدها، وفتحت عينيها، كانت الجدية تكسو ملامحها، تقوس حاجبيها قليلاً بتعبير صارم. كانت تبدو كشخص مختلف تماماً. اخذت وضعية الأستعداد بالسيف، ثم تقدمت بقوة إلى الأمام.
لكن الرجل كان أسرع مما توقعت؛ رفع ذراعه الضخمة ليصد الضربة، وارتطم السيف بعضلاته كأنه يضرب صخرة.
”هل هذا كل ما لديكِ؟ "
سخر منها بينما أمسك بالسيف بيديه العاريتين وحاول سحبه بعيدًا عنها.
لكن يون جي، رغم ضعفها النسبي، لم تكن مستعدة للتخلي عن حياتها بهذه السهولة، باستخدام كل قوتها سحبت السيف فجأة للخلف، تاركة قطعًا عميقا على ذراع الرجل وتدفق الدم من خلاله!
” ماذا؟"
شعر الرجل أنه سيلقى حتفه إذا استخف بها، فتوجه نحوها بينما كانت تتراجع وألقى لكمة قوية نحوها. بالكاد تمكنت من تفاديها، لكن القوة الهائلة للكمة جعلتها تتعثر وتسقط على الأرض بينما انزلق السيف من يدها وطار بعيداً.
’ لا يمكنني الاستسلام الآن... ليس بعد... ‘
فكرت وهي تحاول النهوض ببطء. لكن قدميه الثقيلتين كانت اسرع، فوجه لها ركلةٌ على وجهها دفعتها بعيداً واصدمت بحقيبتها الجلدية.
"أنتِ أكثر إزعاجًا مما توقعت، لكن أنتهى أمركِ الآن."
كان وجه يون جي متورماً أثر الضربة، وكانت تستمع لخطوات قدمه التي كانت تقترب منها شيئاً فشيئاً.
’ ما الذي علي فعله؟ هل سأموت هكذا من الفصل الأول؟ ‘
فكرت يون جي قليلاً قبل ان تلمح شيئاً لامعاً من حقيبتها الجلدية.
اقترب الرجل و جلس كالقرصفاء بجانبها؛ امسكها من شعرها المربوط ورفع رأسها للاعلى ليتفحص وجهها عن قرب قائلاً:
” بالنظر لوجهك عن قرب، فأنتِ جميلة، ربما يجب أن استمتع بكِ قبل موتك، مارأيكِ"
حدقت يون جي بعينيه و شقت ابتسامة ساخرة وجهها قبل أن تطعن عينه اليمنى بدبوس الشعر الذي وجدته في الحقيبة آنفاً.
" اذهب واستمتع بالجحيم "
صرخ الرجل من الألم، متراجعًا إلى الخلف وهو يترنح.
استغلت يون جي الفرصة، ووقفت بسرعة، ثم امسكت السيف بيديها المرتعشتين. لكن الرجل على الرغم من إصابته، لم يتراجع، اندفع نحوها للمرة الأخيرة، لكن هذه المرة كانت أكثر استعدادًا. تراجعت بخفة، ثم قامت بمناورة جانبية، وفي اللحظة التي فتح فيها دفاعه، وجهت السيف إلى رقبته.
" انت من انتهى أمرك! "
بضربة حاسمة، اخترق النصل رقبته، تجمد الرجل في مكانه، قبل أن ينهار جسده الثقيل على الأرض، مخلفاً بركة من الدماء.
[ لقد حققت قتل]
ظهرت الرسالة فوق رأسها، لكنها لم تستطع الاحتفال. يداها كانتا ترتجفان، وعيناها مليئتان بالرعب مما فعلته.
"لقد قتلت ... لقد قتلت شخصًا..."
لكنها لم تمنح الوقت للتفكير أو الحزن، الركاب الآخرون الذين كانوا يراقبون القتال، شعروا بالخوف منها، لكن في نفس الوقت رأوها كتهديد يجب التخلص منه.
" إ..إنها وحش! وحش، اقتلوها قبل أن تقتلنا جميعًا!"
اندفعوا نحوها واحدًا تلو الآخر، مما أجبرها على رفع سيفها مجدداً.
لم يكن أمام يون جي خيار آخر. مع كل خطوة يقتربون منها، كانت تضطر إلى القتال من أجل البقاء، الدماء كانت تتطاير في كل اتجاه، وصوت النصل الذي يخترق اللحم كان يملأ المقطورة.
’ إن لم أفعل هذا ... سأكون أنا الضحية التالية!‘
ظلت يون جي تردد هذا بينما تقتل كل شخص يندفع نحوها.
لكن مع كل شخص تسقطه، كانت تشعر بعبء يثقل كاهلها عيناها كانت تملأهما الدموع، لكنها لم تتوقف. لم يكن هناك مجال للتردد.
عندما انتهى كل شيء، كانت يون جي واقفة وسط بحر من الجثث، سيفها يقطر بالدماء، وأنفاسها متقطعة.
المقطورة أصبحت صامتة، لم يسمع سوى صوت نبضاتها المضطربة. نظرت حولها محاولة استيعاب ما حدث. كانت يداها ترتعشان، لكنها قبضت عليهما بشدة، محاولة السيطرة على نفسها.
"إذا كنت أريد النجاة... إذا كنت أريد العيش... فلا مجال للتردد. هذا العالم لا يرحم، أما أن تقتل أو تُقتل."
رفعت رأسها للأعلى و تنهدت، من الآن لم تعد الرواية التي قرأتها مجرد رواية، بل اصبحت حقيقة واقعة، لم يعد هناك واقع و خيال، أنما الخيال اصبح هو الواقع.
***
مارأيكم بالفصل حبايب؟
هذا كبداية القتال يكون عادي لكن بالفصول المستقبليه سيتطور أكثر.
اتمنى انكم استمتعتوا ♡