لقد رأى الكثير خلال هذا الوقت،
وخاصة فيما يتعلق بالسرعة.
بدأ الأمر مع المبارز الذي يقف خلف ذلك الأحمق بوليد،
لكن حتى قبل ذلك، كان يشهد نفس المشاهد مرارًا.
اللحظات التي واجهها في كل تمرين.
ضربات الفأس التي كانت تلسع كالسوط.
ذلك المبارز الذي تبِع بوليد،
وضربات ريم بالفأس،
وما خاضه وتعلّمه في ساحات المعارك،
وما دربه وتأمل فيه بمفرده،
بل حتى الجسد الذي تغيّر بفضل "تقنية العزلة".
كل ذلك اندمج واستقر في ذهنه.
شعور لا يمكن وصفه استولى عليه.
دخل إنكريد حالة "نقطة التركيز".
عالم لا يوجد فيه سوى السيف ونفسه.
حتى الإحساس بيده تلاشى.
ما رآه كان خطوطًا تربط بين نقاط.
كل ما احتاجه هو القوة لربط تلك الخطوط.
في اللحظة التي التقت عيناه بعيني ريم، أطلق العنان لسيفه.
رأس نصل السيف، الذي كان متدليًا، رسم أقصر خط بين النقاط.
اخترق طرف السيف العنق.
رأى وهماً، حيًا لدرجة يُمكن أن يُظن أنه واقع.
في ذلك الوهم، سيف إنكريد يخترق عنق ريم.
سقط ريم بثقب في عنقه،
الدم تدفق وغمر الأرض،
وعيناه الواسعتان لا تحملان سوى المفاجأة، بلا أي كراهية.
"اللعنة، هذه المرة كنت سريعًا حقًا."
انهار الوهم مع كلمات إنكريد المذهولة.
تفتّت المشهد كزجاج محطم.
ومن خلف تلك الشظايا، رأى عيني ريم المندهشتين.
لكن المفاجأة لم تدم طويلًا.
سرعان ما لانت نظرات ريم،
كأنها عيون طفل عثر على لعبة مسلية.
"ماذا فعلت؟"
كان هناك أثر دم على عنق ريم – النصل قد خدشه فقط.
"كدت أذهب إلى الجانب الآخر."
فتح إنكريد فمه قائلاً: "آسف، كدت أقتلك."
"...لم أتخيل أنني سأقول هذا يومًا، لكن قائد وحدتنا كان كبيرًا حقًا."
"ألستُ في الأصل أكبر منك؟"
وكان إنكريد أطول كذلك.
"أنت رجل مثير للاهتمام."
قال ريم ثم هاجم بفأسه فجأة.
عندما أدار إنكريد رأسه ليتفادى الضربة،
بدأ نصل الفأس يتبع تقوس خده.
استمر التمرين.
بعد ذلك، كان على إنكريد أن يتراقص بين الحياة والموت مع ضربات ريم.
"هل أدركت معنى أن تضرب بسرعة؟ جيد. لنكمل."
هل بسبب الخدش على عنقه؟ يبدو أن هناك بعض الغضب.
ومع ذلك، لم يتراجع إنكريد.
"هل تتردد لأنك خائف من قتلي مجددًا؟ لا تقلق، سأقتلك أولًا."
تلألأت عينا ريم بشراسة.
ثم تحرك ذراعه لا كالسوط، بل كوميض ضوء.
وصل نصل الفأس إلى عنق إنكريد، دون أن يجرحه.
ربّت النصل على عنقه ثم انسحب.
بما أن النصل لم يكن حادًا، لم يُحدث إصابة، فقط الشعور البارد.
"إذا لم تستطع التحكم الكامل في سلاحك، فأنت نصف رجل فقط."
قال ريم ذلك، مشيرًا إلى نهاية التمرين.
بينما كان إنكريد مستلقيًا، بدأ يفكر:
ما هي السرعة؟
توصل إلى نتيجة: إنها المسار، خط الحركة.
رسم خط بين نقاط في حركة واحدة سلسة.
ما يلزم لتحقيق ذلك؟
رسم الخطوط في العقل، ثم تنفيذها بدقة.
وهذا يتطلب الجسد – الجسم يجب أن يطيع. لذا التدريب الجسدي ضروري.
لماذا يبدو الفأس كالسوط؟
"القوة، العضلات المدربة، القدرات الجسدية."
هذه الأمور التي طالما أوصاه أودين بتطويرها.
نفس ما منحه إياه "تقنية العزلة".
القوة هي الأساس.
القاعدة التي ترتكز عليها السرعة.
ثم يأتي مفهوم المسار.
وبعد رسم الخط في العقل، تنفيذه فورًا.
"هذه هي السرعة."
توازن سليم وحركات خاطفة.
جزء من تقنية السيف السريع.
ضحك إنكريد وهو مستلقٍ،
"هاه..."
حتى دون تكرار اليوم.
حتى دون مواجهة الموت.
حتى دون لقاء عَبّار نهر الظلمات.
سيف الغد.
شعر بنموه.
كان هذا أمرًا قد توصّل إليه بنفسه،
ولهذا شعر بالفخر أكثر.
في حياة قيل له فيها دائمًا أنه بلا موهبة،
من كان يتوقع أن يمر بهذه التجربة؟
"أستطيع فعل المزيد."
بدأ قلبه يخفق.
غاص في كلمات ريم الأخيرة،
تأمل وتفكر.
كان الوقت قد حان ليغوص في أعماقه.
"إن لم ترد أن تتجمد حتى الموت، من الأفضل أن تدخل."
قالها جيسون الذي عاد من الخارج،
بوجهه الهادئ، يقترب وهو يضع عباءة جلدية دافئة على كتفيه.
نهض إنكريد، وغمد سيفه،
ومع كل خطوة شعر بقشعريرة غريبة.
توترت عضلاته – ردة فعل غريزية.
استدار وسحب سيفه مجددًا.
تشينغ!
رنّ صوت النصل وهو يخرج من غمده.
مصدر نية القتل كان خلفه بثلاث خطوات – جيسون، كالعادة.
لكن هناك اختلافًا: ذراعه اليمنى كانت متدلية.
"ليس سيئًا."
قال جيسون،
ثم أكمل:
"خنجر كارمن خنجر جيد جدًا."
تحدث عن السبب خلف التدريب الحسي.
كيف يمكنك تفادي خنجر من الخلف دون رؤيته؟
عندما تنوي قتل خصم، تصدر منك هالة لا شعوريًا – نُسميها نية القتل.
الهالة، النية، الطاقة، الإرادة – كلها مفاهيم متقاربة.
"ما أريتك إياه الآن كان قويًا لدرجة أن طفلًا عابرًا كان سيشعر به ويرتعب.
استمر بالشعور بها، استخدم كل حواسك.
هذه هي المرحلة التالية من 'إحساس النصل'، تُسمى 'بوابة الحاسة السادسة'."
دقّ قلب إنكريد من جديد.
كما حدث عندما فكّر بمفهوم السرعة.
"فهمت."
رغم إجابته بهدوء، كان قلبه يضج بالحماسة.
كان الأمر ممتعًا حد الجنون تقريبًا.
التغيير الأكبر فيه هو هذا:
أصبح يستمتع بكل يوم.