أصبحت عينا آني ضبابية عندما سمعت الصوت ، و كأنها تحلم .

« هيا .. الآن ! »

داينا أمرت آني بسرعة للمرة الثانية ، كانت آني غير مُدركة للوضع و إستولت داينا على عقلها.

لم تستطع داينا تفويت هذه الفرصة ، كلماتها فقط تستطيع سماعها تلكَ السيدة .

لم تكن مترددة أبداً لأنها كانت لحظة لطالما إنتظرتها بفارغ الصبر .

أخرجت كامل قوتها و عضت لسانها بقوة ، و أصابها ألم لم تكن تستطيع أن تتحمله .

' عُلم .'

عندها فقط ، ظهرت إبتسامة ضبابية على فم داينا التي كانت خالية من التعابير طوال الوقت.

" يا الهي !! آني !! ماذا تفعلين ؟! لا ! إستدعو القديسة الآن. "

صرخت داينا بعد أن أدركت حالة داينا في وقت متأخر ، وجهت هيلين كامل قوتها الإلهية إلى داينا لكنها كانت عديمة الفائدة .

كان ذلكَ بسبب أن داينا قد رُبط جسدها بالكامل بأداة سحرية كبحت قوتها المقدسة حتى لا تتمكن من إستخدامها .

تدهورت حالة داينا بشكل خارج عن السيطرة ، بم يتبقى لها وقتٌ طويل . و في غضون ثوانٍ ، توقف أنفاس داينا تماماً .

" مستحيل ."

جلست رايتشيل عبى المقعد بيئس . كانت هيلين التي لا تعرف ما الذي عليها فعلهُ ترتجف و تُحدق في داينا . أمامهم ، ماتت داينا على أرضية السجب الباردة . الموت بوحدة ، لقد كانت الميتة الرابعة عشر للقديسة الحقيقية ، و التي تم إخفاؤها تماماً .

***

" داينا ؟ "

كانت داينة متيقظة تماماً للصوت الذي ينادي بإسمها .

رمشت عدة مرات للتركيز لتستطيع رؤية هذا الوميض الباهت ، الصوت الذي كان ينادي داينا إقترب.

" داينا ، هل أنتِ بخير ؟ "

ببطء ، أدارت داينا رأسها نحو هذا الصوت .

' راڤيان . '

عندما رأيتُها ، سقط قلبي على الأرض .

كانت راڤيان الصغيرة هي التي قامت بمُناداة داينا ، حالما تفحصت وجهها أحاط غضب لا يوصف جسدها .

" مرة أخرى .... "

لم يأخذ الأمر وقتاً طويلاً حتى أدركت داينا أنها قد عادت إلى الماضي .

شعرت داينا بالقليل من الغثيان و كادت على وشكِ التقئ فأغلقت فمها .

" داينا .. هل أنتِ مريضة ؟ هل تريدين مني أن آخذكِ إلى غرفة العلاج ؟ "

بدت راڤيان قلقة للغاية على داينا التي أصبح وجهها شاحباً . كان مظهر راڤيان الحلو و اللطيف مُختلفاً تماماً عن مظهرها عندما كانت في الزنزانة .

" آه ، لا ... أنا بخير ، شكراً لكِ علر إهتمامكِ ، راڤيان . "

بالكاد إستطاعت داينا الرد و أغلقت شفتيها بسرعة حتى لا تتقئ.

" إن قلتِ ذلكَ مرة أخرى سأكون حزينة . ألسنا صديقتين ؟ "

" أجل ، نحن صديقتين . "

إبتسمت داينا بمرارة بسبب كلمات راڤيان ، في نفس اللحظة ، تبادر إلى ذهنها ذكرى قديمة من السجن .

*ذكرى *

' راڤيان ، دعيني أرجوكِ ، نحن صديقتين ، ألسنا كذلك؟ '

' ماذا ؟ هاهاها أصدقاء ؟ كيف أكون صديقة لشئ مثلكِ ؟ هل تعتقدين ذلكَ حقاً ؟ الهذه الدرجة أنتِ غبية .'

' لكننا ... كنا ... أصدقاء ... منذ .... '

' داينا ، إستمعِ جيداً ... أنا لم أُفكر فيكِ ولو للحظة واحدة كـ صديقة لي . كيف أكون أنا و أنتِ اليتيمة أصدقاء ؟ نحنُ نعيش في عوالم مُختلفة تماما . '

*إنتهت الذكرى *

كانت طبيعة راڤيان كُلها تظاهر ، الآن تبدو مقرفة في نظر داينا لأنها تعرف حقيقتها الآن .

" أنتِ غريبة جداً اليوم ، لما لا نتحدث إلى كبير الكهنة و تأخذين راحة اليوم ؟ "

" يجبُ علىّ ذلكَ . "

شعرتُ أنني لا يجبُ علىّ أن أثير ريبة راڤيان ، لذا أجبتُ بضحك حتى لا أثير الشك .

عندما نظرتُ من حولي في وقت متأخر ، بدا و أنه كان الوقت لفصول تقوية القوى الإلهية

" لماذا ريڤيان تتحدث لمثل هذه الفتاة ؟ "

" أجل ، هناكَ فارق بين مستوياتهما . "

حتى أن داينا قد سمعت صوت ثرثرتهم من بعيد ، و لكن بغض النظر عن ذلكَ ، أدارت داينا رأسها بعيداً عنهم لتخييل لهم أنها لم تسمعهم .

[ ريڤيان دي برونز ]

الإبنة الوحيدة لعائلة بونز ، تلكَ العائلة التي أنتجت معظم القديسين في التاريخ . كانت ريڤيان المرشحة الأولى بين المرشحين لتُصبحَ قديسة ، ليس فقط بسبب أصلها النبيل ، و لكن بسبب قدرتها الإلهية .

هي شخص قد وُلدَ بكل الميزات ، محبوبة من قِبل الجميع ، لم يشك أي أحد في كونها القديسة التالية .

أرادها الجميع أن تكون هي القديسة من أجل سلام المعبد و إزدهاره .

داينا قد تمنت هذا ايضاً ، ريڤيان كانت شخصاً لطيفاً ويعطي إهتماماً كبيراً بـ يتيمة مثلها .

توقفت داينا عن التفكير و نهضت .

عندما إقتربت داينا من فتاة ما تتحدث مع مرشحة عبست و ادارت رأسها .

" ماذا يحدث ؟ "

" لدىّ صداع ، هل يُمكنني الحصول على بعض الأدوية ؟ "

" أنتِ لستِ موهوبة لذا عليكِ أن تقومي بضعف ما يبذله الأطفال الآخرون للحصول على أي شئ. "

" أنا آسفة . "

" إذهبِ "

كانت داينا تنظر إلى لورا ، يُعاملونها و ينظرون اليها كما لو أنها حشرة .

كانت تلكَ النظرة مألوفة لدى داينا ، لم تتغير حتى بإمتلاكها القوة الإلهية .

إنحنت داينا بهدوء ثم غادرت الغرفة . بمُجرد خروجها من الغرفة حيث لم يكن هناكَ أي أحد تعثرت ساقاها ، هذا لأنها كانت متوترة .

" هاااه . "

وقفت داينا بجانب الحائط و أخذت نفساً عميقاً كانت تحبسه طوال الوقت . عندما عادت للإحساس بالواقع ، كانت غاضبة جداً .

' لقد عدتُ للحياة مرة أخرى . '

أريد الموت . ولكن لا يُمكنني الموت .

يبدو و كأنه لا أستطيع الهروب من ريڤيان ابداً .

في كل مرة كان يتم القبض عليها من قِبل ريڤيان و يتم سجنها ، واجهت نفس النهاية . كانت تعض لسانها و تموت . أُعيد أحيائها مراراً و تِكراراً و كانت تكرر الماضي في كل مرة .

" هاه .. "

أغلقت داينا عيناها و حاولت كبح غضبها ، لقد علمت أنهُ لا شئ سيتغير إن غضبت .

كل ما كانت تستطيع داينا فعلهُ الآن هو العودة إلى غرفتها .

" أحتاجُ أن أعرفَ ما هو تاريخ اليوم. "

نظرت داينا إلى الأمام و مشت بتثاقل.

****

عند عودتها إلى غرفتها ، أغلقت الباب بإحكام . كانت الغرفة التي رأتها بعد فترة طويلة لا تزال ديقة و مليئة بالعفن . كواحدة من أقدم الغرف في المعبد ، كانت على وشكِ الإنهيار .

ولكن مع ذلكَ ، كانت ملجأ داينا الوحيد ، عاشت داينا في تلكَ الغرفة لفترة طويلة.

" .... "

توقفت داينا عن النظر فب الغرفة و إقتربت من المكتب ، أخذت مذكراتها التي كانت تستخدمها كل يوم .

قامت يد داينا الصغيرة بتقليب صفحات المذكرة بعناية . توقفت بسرعة فب المكان الذي كتبت فيه الحرف الأخير .

4 أغسطس 381 في التقويم الراداني .

" عام 318 ؟ "

حتى الآن ، إهتزت عيون داينا التي لم تكن مرتعبة حتى من رؤية راڤيان ، كان ذلكَ لأن التاريخ الموجود في اليوميات كان مُختلفاً عن جميع توقعاتها .

جميع الأحداث التي مرت بها حتى الآن لم تتغير ، هي نفسها .

في عام 382 ، هو الوقتُ الذي كنتُ اعود فيه إلى الحياة ، في ابريل ، عندما يكون عمري 13 عاماً .. كان دائماً في نفس العام و نفس الشهر . لم يكن هناكَ وقتٌ للهروب لأنني كنتُ اعود عندما تكون القديسة السابقة على وشكِ الموت .

لكن هذه المرة لقد عدتُ قبلها بعام واحد ، الشئ الوحيد الذي كان ثابتاً في كل مرة قد تغير .

" هل هناكَ شئ مختلف ؟ "

أمسكت داينا بمذكراتها بقوة . على الرغم من أن تعبيرها لم يتغبر ، كانت شفتاها تهتزان قليلاً . ربما تكون هذه هي العودة الأخير ، و يكون هناكَ بصيص من الأمل هذه المرة .

لكن داينا هزت رأسها . كانت تتوقع هذا في كُل مرة تُعاد فيها إلى الحياة لكن دائماً ما يخيب ظنها و تسقط في اليأس ، لم ترغب في الشعور بهذا من جديد .

' لا تتوقعي أي شئ يا حمقاء .'

في المقام الأول ، سيكون من الجيد عدم توقع شئ.

أرجعت داينا رأسها إلى الوراء و نظرت إلى السقف ، من المؤسف أن المكان كان مُظلماً لذا كان السقف مُظلماً كذلكَ .

قد يُخفف البكاء من حالتها المزاجية ، لكنها لم تبكي . لقد بكت كثيراً سابقاً لدرجة أنها تشعر الآن أن الدموع قد جفت .

" ما الخطأ الذي إقترفتهُ ؟ "

كانت داينا لا تزال فتاة صغيرة في الثانية عشرة من عمرها ، كان صوتها قاتماً جداً و كئيباً . بعد التحديق في السقف بفراغ لفترة من الوقت ، شدت داينا على قبضتها كما لو أنها قررت فعلَ شئ ما ، ثم ركدت خارج الغرفة بوجه حازم .

كان المكان الذي توجهت إليه داينا كان معبداً تم تكريم الآلهة فيه .

كان المعبد فارغاً . الكهنة اللذين كانو يعتنون بالمعبد لسببٍ ما لم يكونو موجودين ايضاً . المعبد هو مكان لا يُمكن دخوله إلا للأشخاص المصرح لهم بهذا . أنه مكان لا يُمكن أن تدخله المُرشحة المبتدأة داينا.

في الماضي ، لقد كانت تخسى من الإله ، لذلكَ إتبعت بصرامة التعليمات و لم تقم بفعل المُحرمات ... لكن الآن لم تعد تخاف من إفتعال المُحرملت في المعبد . لقد كان إلهاً لا يستجيب لأي شئ حتى للمرأة التي كانت قديسة على أي حال .

إقتربت داينا بلا تردد من تمثال الإله . عندما وصلت إلى النقطة التي يُمكنها فيها رؤية التمثال ، نظرت إليه .

يقف تمثال الإله شامخاً بشخصية نبيلة .

حدقت داينا في تمثال الإله بعيون فارغة ، مشاعرها التي نمت داخل قلبها حتى الآن كانت مؤلمة .

" لقد أحببتُ أن اكون هنا ... "

داينا ، كانت يتيمة دخلت إلى المعبد عندما كانت في الخامسة من عمرها . حتى ذلكَ الحين ، كان المتسولون يدخلون إلى هنا و يتوسلون للعيش ، كانت تعيش حياتها .

ثم بالصدفة ظهر كاهن ، قام الكاهن الذي أدركَ قوة داينا الإلهية بشرائها بسعر رخيص و اخذها إلى المعبد ، لم يكن العديد من الناس لطفاء مع داينا ، لكنها كانت ممتنة لأن لديها مكان تعيش فيه . لكنها قد فقدت كل شئ بسبب قوة القديسة التي إكتسبتها عن طريق الخطأ.

" لماذا وُلدتُ ؟ "

لم أكن محبوبة من قِبل أي شخص ، لقد خانني من قمتُ بإعطائه ثقتي .

ريڤيان التي يعتز بها جميع الكهنة ، حنى كاليد الشخص الذي وقعتُ في حبه .

بعد تكرار الأحداث العديد من المرات أدركتُ أنني كائن بلا فائدة في هذا العالم ، كائن ملعون .

إن كنتُ سأعيش بهذا الشكل ، سأكون من الأفضل أن لا آتي إلى هذا العالم .

" أريد أن أتوقف . "

لا أريدُ أن أعيش كـ أداة ، حتى بو كان مصيري أن أعيش لتستخدمني ريڤيان.

ومع ذلكَ ، لم يكن الوضع يبعث الأمل بالنسبة لـ داينا .

لقد لمرات عديدة إيذاء نفسي حتى أموت ، لكن جميع تلكَ المحاولات باءت بالفشل .

إن حاولتُ ايذاء نفسي كان الجرحُ يُشفى على الفور ولا يُمكنني أن أموت . يبدو أن هذا الجسم لم يكن قادراً على قتل نفسه ، لكن فقط يشفي نفسه.

كانت تتأذى فقط حين يتم وضعها في السجن و تُربط بأداة سحرية تضخ فيها القوة الإلهية .

لم أُجرب من قبل أن أموت مقتولة علل يد شخص ما ، لأن الفترة التي كنت أعود فيها هي الفترة التي يتم فيها حظر الغرباء من الدخول إلى المعبد و يكون من الممنوع القتل في ذلكَ الحين .

' لا أستطيع الخروج من المعبد ... '

على الرغم من أن داينا تبقى لها عام كامل ، إلا أن أصلها كان هو المشكلة .

مُنع الأيتام من الذهاب إلى الضريح حتى بلوغهم سن الرشد ، لقد كان هذا بإسم حماية ممتلكات المعبد .

" لحظة. "

داينا التي كانت تُفكر لفترة من الوقت أصبح تعبيرها المظلم أكثر إشراقاً الآن.

" هناكَ إحتفال قادم قريباً !! "

يتبع ....

2021/01/11 · 1,574 مشاهدة · 1905 كلمة
نادي الروايات - 2025