"لا يوجد داعٍ لأن تكوني مهذبة جداً ، في المستقبل أنا ... لا ، لا يوجد هناكَ داعٍ للتعجل."

كان دي هين على وشكِ أن يقول أنه في المستقبل سيكون والدها لكنه سكت بسرعة.


ليس لأنه غير مألوف بالنسبة لها حتى الآن ، لكنه لم يرغب في إجبار آستر على فعل أي شئ.


إنهم يحتاجون لبعض الوقت للتعود على بعضهم البعض .


"لتكوني مُرتاحة."


كان دي هين يتعامل فقط مع أبناءه و لم يعرف ماذا يُـمكن أن يقول لفتاة .


على وجه الخصوص ، كان الأطفال في هذا العمر يخافون من دي هين لذا إعتقد أنه من الأفضل تركها و شأنها .


بالطبع ، لم تستطع آستر أن تشعر بالراحة حتى لو طُلـِبَ منها ذلكَ . بل كانت تحني رأسها في مكان ما .


'آستر....'


حتى أنها قد تلقت إسماً جديداً ، لكنها لازالت لا تشعر به.


لا يُـمكنها الوثوق بـدي هين الذي كان لطيفاً معها .


ما مرت به آستر حتى الآن كان قاسياً للغاية بحيث لا يُـمكنها الوثوق بمن يعاملها بلطف .


لذلكَ كان آستر حذرة بشأن سلوكها بحيث لا تسقط في نظر دي هين . لم تتكلم كثيراً لأنها كانت تخشى لأن تتعرض للإهانة .


مر الوقت قليلاً في صمت .


'نعسانة...'


إضطرت آستر لفتح جفنيها بقوة حتى لا يغلبها النوم .


بدأ النعاس ينهال عليها و لعبت قلة النوم دوراً في هذا.


كانت عيناها مفتوحتنا على مصرعهما و لكن رأسها منحني ووضعها غير منتظم ايضاً .


بعد فترة ، كان صوت تنفس آستر مسموعاً .


عندها فقط إنحرف رأي دي هين الذي كان ينظر إلى النافذة بزاوية .


حدق دي هين بآستر التي كانت نائمة و القى عليها نظرة فاحصة .


'أنتِ تنامين بشكل جيد أمامي.'


كانت عيناه تحدقان في آستر برفق .


وكلما سمع أنفاس آستر كانت عيناه تحدقان بها برفق .


'الآن تبدين كالأطفال بمثل عمركِ.'


كان كل ما يدور في ذهنه أن هذه الطفلة البالغة من العمر 12 عاماً بالغة جداً . لم يستطع قراءة أي مشاعر على وجهها.


ومع ذلكَ ، كان طفلة ذات وجه متعب . كان هناكَ الكثير من الطاقة المتعبة على الوجه الخطأ الذي لم يفقد شعره الرقيق .


'ما نوع الحياة التي عِشتِها؟'


مظهرها من أول مرة قابلها فيها .


العيون الشرسة و المستعدة للموت التي قابلها في ساحة المعركة .


طلب التحقيق لأنه ظن أن لديها ماضٍ مؤسف ، لكن لم يكن هناكَ شئ مميز .


مثل العديد من الأطفال ، نشأوا في أحياء فقيرة و تم بيعهم للمعبد لذلكَ كانو محظوظين.


بينما كان دي هين مرتبكاً ، سقط شعاع الشمس على وجه آستر .


وجه صغير و رموش طويلة و عيون كبيرة . على الرغم من أن خديها كانا نحيفين ، الا أنها كانت جميلة عندما كانت نائمة .


ظهرت إبتسامة لطيفة على فم دي هين ، إبتسامة لم يرها أحدٌ من قبل .


إعتقد أنه كان فقط يراقبها ، لكنه لم يكن يعرف مدى رقة التعبير الذي على محياه .


بعد فترة ، أصبح تعبير دي هين جاداً بطريقة ما .


'لماذا ملابسها قصيرة جداً؟'


في هذه اللحظة ، لفتت ملابس آستر إنتباهه .


لم يكن يعرف كيف يتم إرتداء الملابس ، لكن تلكَ الملابس لم تكن مناسبة .. كانت الأكمام قصيرة جداً و الثوب قصير و كافٍ لإظهار لحمها .


و لقد كان ممزقاً ايضاً ، و تمت خياطته عدة مرة .. حتى أقل الخدم في قصر دي هين لم يرتدو مثل تلك الملابس من قبل .

"هؤلاء الكهنة الأوغاد...."

عبس دي هين بغضب .

لقد كان يُـقدم تبرعاً للمعبد كل عام لكنهم لا يجعلون الطفلة ترتدي الملابس بشكل لائق .. حالياً ، هو يريد العودة و بدأ الشجار معهم .

زاد إنزعاجه و لأول مرة كان يريد فعل شئ لأستر .

فتح دي هين بسرعة ناقذة العربة . إقترب بن الذي كان يتبعه على ظهر الفرس من النافذة .

"ما الأمر؟"

"أريد ان أتوقف عند محل الملابس . سأذهب إلى شارع أودار "

كان حاجبيه لا يزالا مُجعدين بشدة .

بسبي صوت محادثتهم ، لم تستطع إكمال نومها .

"نامي أكثر ."

"لا ، أنا لستُ نائمة."

فتح دي هين عيناه و هز رأسه.

'علىّ البقاء مستيقظة .'

قد يكون الأمر على حين غرة ، و لكن قد يقوم برميها في مكان ما مرة أخرى .

عندما نظرت إلى الأمر الآن ، الا تتحول وجهة العربة إلى مكان آخر ؟

لم تسمع آستر سوى الكلمات الأخيرة ، وكانت قلقة من سماع إسم أودار

***

كانت تريزيا التي كان يحكمها دي هين منطقة مزدهرة يُمكن مقارنتها بالعاصمة .

كانت الشائعات أنه من الجيد العيش في هذا المكان . ولقد كان هناكَ منطقة تجارية مشهورة تدعى شارع أودار ليل .

أصبح شارع ليل ، الذي تتركز فيه الكثير من محللت الملابس مركزاً رائداً للعالم الإجتماعي .

محل ملابس «كريستين» هو أكثر الأماكن شهرة بالتأكيد .

كان هذا المكان مليئاً بالزوار ، ولقد كان محلاً فاخراً يتم إدارته بالحجز .

كانت السيدة كريستين تتعامل بإستمرار مع العملاء اليوم .

المرأة كانت تتناقش بجدية جداً عن فستان ما فوجئت بدخول خادمتها و همست في أذنها .

"ايه . الدوق الأكبر هنا ؟"

"نعم . بسرعة بسرعة لقد نزل بالفعل من العربة."

"لم يحضر شخصياً ابداً ... ما الذي حدث ؟؟"

كانت كريستين مُصممة ، و مسئولة عن فساتين زوجة دي هين عندما كانت حية ، و لم تنتهي العلاقة بينهم حين وفاتها ، فلقد كانت مسئولة عن ملابس دي هين و ملابس التوأم .

لكنها كانت تزور القصر في العادة . لم يأتي دي هين ابداً شخصياً إلى المحل .

طلبت كريستين من الضيف الذي كان موجوداً الصبر و المغادرة الآن . و ذهبت بسرعة إلى الطابق الأول .

ولقد كان دي هين موجوداً حقل و قد دخل بالفعل .

"جلالة الدوق ! لماذا أتيتَ إلى هنا من دون إخباري؟"

أخفت كريستين دهشتها ووضعت إبتسامة مشرقة على شفتيها .

تحولت عيون دي هين الباردة إلى كريستين . لقد دخل و أظهر نوعاً من أنواع الترحيب .

"لقد كنتُ قريباً من هنا فقط . هل لا بأس معكِ بدقيقة ؟"

"بالطبع ! فجلالة الدوق قد زارني بالفعل شخصياً."

إبتسمت كريستين بشكل مشرق. ثم توجهت عيناها إلى الفتاة الصغيرة التي تقف خلف دي هين .

'من هذه؟'

لقد كانت طفلة لم ترها من قبل في الدوقية . ملابسها قديمة و مرقعة و لم تكن تتوافق مع الدوق الأكبر .

و مع ذلك ، أبعدت كريستين نظرتها الفضولية على الفور . كان ذلكَ لأن دي هين نظر اليها نظرة تشبه نظرة التهديد .

كانت نظرته الباردة تخبرها بأن لا تكون فضولية.

لقد كانت تتصب عرقاً بارداً لأنها كانت خائفة من دي هين .

"ما نوع الملابس التي تريد مني تحضيرها لكَ؟"

أشار دي هين إلى آستر و قال بهدوء .

"جهزي فستاناً مناسباً لتلكَ الطفلة."

"نعم ، جلالتك."

بالطبع ، لن تسأل لماذا .

إن هذه غرفة ملابس ، و إن أتى الضيف فعلى كريستين أن تختار له الملابس .

إقتربت كريستين من آستر بإبتسامة ودية . لم تكن إستثناء ، لكنها تبذل قصارى جهدها لأي ضيف .

"يا فتاة ، هل يُمكنكِ إتباعي؟"

"..نعم."

نظرت آستر إلى السيدة في عجب.

لقد كانت سيدة في منتصف العمر ، لكنها كانت أجمل من أي قديسة راتها في المعبد . و لقد كانت أنيقة جداً .

قامت بإتباع كريستين وهي تتسائل ، كيف يُمكن لها أن تكون أنيقة للغاية ؟؟

تم تجهيز غرفة فوق غرفة الملابس في المبنى المكون من أربعة طوابق . كانت مساحة مخصصة للضيوف المميزين .

الجدران مكسوة بالبلاط و الثريات تتلألأ . كانت الأريكة فاخرة و مصنوعة بشكل مخصوص و منفوشة حيثُ يُمكن للضيوف الجلوس و إختيار الملابس بشكل مريح .

أشارت السيدة لآستر بالجلوس على الأريكة .

"يا آنسة ، إجلسي أرجوكِ."

"هل بإمكاني الجلوس ؟"

ترددت آستر بالجلوس على الأريكة .

لقد كان ذلكَ بسبب أن الأريكة بدت باهظة الثمن و نظيفة و ستتسخ إن جلست عليها .

و ذكرياتها من المعبد .

في المعبد ، كان لكل شخص مقعد مخصص له ، لقد كانت تُعاقب إن جلست على مقاعد الكبار .

جلعت ذكرى التمييز تلكَ آستر تتردد .

"نعم ، كما تحبين."

لكن تلكَ السيدة ، لقد كانت تبتسم وهي تجلس علر الأريكة بلطف لآستر .

'هذا ليس المعبد.'

جلست آستر على الأريكة و تذكرت انها قد تركت المعبد بالفعل .

كانت أريكة الكبار مرتفعة جداً بالنسبة لآستر ، لذا كان عليها الجلوس على الحافة .

جلست ، ولكن قدماها لم يكونا يلمسان الأرض . كانت قدميها تطفو في الهواء و تتحركان ذهاباً و إياباً .

حاولت آستر ان تحافظ على قدميها ثابتة و وضعت يداها بهدوء على فخذيها .

إبتسمت كريستين بسبب مظهرها اللطيف و طلبت منها الصبر .

"إنتظري من فضلكِ ، سأحضر لكِ الكُتَيب."

بينما كانت كريستين ذاهبة لرف الكتب ، وضع العديد من الخادمات الأطباق و أكواب الشاي على الطاولة .

تم وضع العديد من الأشياء أمامها في أطباق ملونة . أثار البسكويت إهتمامها .

'رائحتها لذيذة...'

نظرت آستر إليه وكان الأمر شاقاً .

لقد كان يبدوا لذيذاً جداً ، لدرجة أن الشوكولاتة السوداء كانت عالقة عليه . لقد كان لعابها يسيل.

بالتفكير في الأمر ، لم تستطع تذكر حتى أنها تناولت حلوى كـتلكَ من قبل .

عندما كانت في السجن ، كل ما كانت عليها فعله هو إبتلاع السوائل بالقوة .

حتى عندما كانت تتلقى الحصص في المعبد ، لم يتم تقديم مثل تلكَ الوجبات الخفيفة باهظة الثمن إلى آستر .

ربما لهذا السبب ، إستمرت آستر في الجفل و النظر إلى البسكويت .

'أريد تناولها .'

إهتزت عينا آستر بقوة . على الرغم من أنها إعتقدت أنها يجب أن تتحمل الأمر . إلا أنها لم تستطع إزالة عيناها من على الكعكات .

كانت الكعكات مكدسة على طبق واحد . و إن تناولت واحدة فقط على الأقل فلن يظهر الأمر .

'سيكون الأمر على ما يرام إن تناولت واحدة فقط صحيح؟'

في النهاية ، سألت آستر بصوت خافت بعد أن نفذ صبرها .

"أنا ... هل يُمكنني أن آكل واحدة فقط؟"

"بالطبع ، لدينا الكثير من الكعك .. كُل كما تشائين."

إبتسمت كريستين و أخرجت كتيب من رف الكتب برفق.

كانت عيون آستر تلمع عندما رأت الكعكة بشكل لطيف .

طوال الوقت ، لقد كانت فقط كالدمية و إتبعتها بهدوء . لم تكن مهتمة بالفساتين التي كانت تملأ الصالون ، ولكن اول شئ أظهرت إهتماماً به كان البسكويت .

هل يجب أن تقول أنها مقتصدة بالنسبة للطفلة التي قام بإحضارها الدوق الأكبر ؟

على أي حال ، لفد كانت مختلفة تماماً عن أي طفلة نبيلة في عمرها .

عندما منحت كريستين الإذن لآستر أشرق وجهها بشكل لطيف .

إختارت آستر بسكويتة ، لقد كانت تبحث بعناية كما لو كانت تختار عنصراً مهماً .

بعد أن أمسكته في يدها ، لقد كان من الخطأ الإسراف في الأكل . لذا قامت بشم رائحتها أولاً . ثم لم تستطع التحمل بعد الآن ، لذا قامت بعضها لتجربتها .

'لذيذة جداً.'

مع إنتشار الطعم الحلو في لسانها ، تأثر جسدها .

كان من الظلم انها عاشت من دون أن تعرف هذه الأطعمة اللذيذة.

في الواقع ، لقد إنهمرت دموعها.

"كح كح."

ضحكت كريستين بصوت عالي عندما رأت آستر . لقد كانت لطيفة جداً لدرجة أن رموشها كانت ترفرف فوق عيناها المستديرة .

عندما شجعتها على أكل المزيد فتحت الكُتيب الذي احضرته كريستين .

"هل ترغبين في رؤية هذا؟"

اومأت آستر و هي تُمسك البسكويت بكلتا يديها بسعادة .

يتبع .....

2021/01/27 · 1,262 مشاهدة · 1796 كلمة
نادي الروايات - 2025