244 - سرّ الوحشِ السحريِّ ذي الحكمة

244 – سرّ الوحشِ السحريِّ ذي الحكمة

مرّت أيّام أخرى في العالم الثانوي أمضى فيها باسل وقته في الانتفاع من الطاقة الروحيّة حتّى يبدأ تكوين روحه الكاملة بعدما ينتهي من جمع الطاقة الروحيّة اللازمة لفعل ذلك.

كان على الشخص أن يكون حذرا في التعامل مع الطاقة الروحيّة ولو كان صاعدا، فبحر الروح لم يكن يتحمّلها حتّى بتلك المرحلة ووجب على الساحر المحافظة على استقرارها طوال الوقت دون أن يفقد تركيزه أبدا.

في حالة باسل، كان بحر روحه معتادا على الطاقة الروحيّة، لذا سَهُل عليه الأمر كثيرا، وخصوصا بما أنّه امتلك الحكمة السياديّة التي جعلت من العمليّة سلسلة بشكل كبير، هذا دون ذكر أنّ باسل كان قد ربط نقط أصله عندما كان في المستوى السادس، وارتبط بإرادة بحر روحه في المستوى الثامن.

كانت خبرات إدريس الحكيم في مساره الروحيّ تتمثّل في الحكمة السياديّة، لذا عندما ورث باسل ما خلّفه له فقد ورث كلّ المعرفة حول المهارات والتقنيّات التي كسبها إدريس الحكيم في حياته وتعلّمها وتدرّب عليها بالحكمة السياديّة.

كان هذا هو السبب الأكبر في نموّ باسل السريع بالرغم من تأخّره لستّة أشهر لم يرد أن يتقبّل فيها حقيقة مفارقة معلّمه للأبد. عندما اكتسب كلّ تلك المعرفة، استطاع أن يصبح استثنائيّا في التعامل مع الطاقة السحريّة كما كان معلّمه، حتّى أنّه فاقه كونه يمتلك موهبة مذهلة على عكس إدريس الحكيم.

أصبح فهمه لأسرار مختلف الطاقات في مستوى آخر تماما. كان كأنّما إدريس الحكيم دُمِج مع روحه.

كان يجلس في هذه الأثناء تحت تلك الشجرة التي أمضى فيها غالب وقته هنا، ثمّ فتح عينيه فجأة وعبس وقال: "لكلّ شيء ثمن في العالم. لا أعلم متى سيأتي الوقت الذي أدفع فيه ثمن حيازتي لشيء لا يحقّ لي امتلاكه."

كانت الحكمة السياديّة هبة يكسبها شخص في كلّ جيل، وكانت رتبتها في قمّة الترتيب بجوار بعض الهبات الأسطوريّة الأخرى، لذا كان باسل يعلم أنّ امتلاكه لشيء مثلها سيجعله يقابل شيئا ما في المستقبل.

مُنِحت الحكمة السياديّة، مثلها مثل أيّ هبة في العوالم، إلى الأجدر بها فقط، لذا بالطبع كان هناك اختبار جدارة. فكيف لباسل أن يتحصّل على شيء كهذا بدون مجهود؟ طريقة عمل العالم لم تكن هكذا.

"يا شقيّ،" تكلّم الرمح الذي كان بجانب باسل: "يبدو أنّك قد تجهّزت بالكامل تقريبا لتحويل بحر روحك."

ابتسم باسل وقال: "ذلك صحيح، ولكن هناك شيء يزعجني نوعا ما."

قال الرمح: "أعلم، إنّه الشيء الذي تقمعه بالحكمة السياديّة."

أماء باسل رأسه وأجاب: "ذلك صحيح، فبسبب السارق الخسّيس، امتلكتُ أرضا روحيّة في بحر روحي كما لو أنّني دخلت إلى نطاق السيّد الروحيّ، ولا أعلم ما الذي سيحدث ما إذا جعلت بحر روحي روحا كاملة وبدأت أكوّن أرضي الواسعة الخاصّة. هل ستندمج تلك الأرض مع أرضي الخاصّة أم أنّها ستؤثّر عليها بطريقة ما؟ هذا هو السؤال الذي لا يسعني إيجاد إجابته."

قال الرمح: "اشهد المعلّم العظيم كيف سينير عقلك؛ لقد قلتَ أنّ تلك الأرض قد كسبتها بسبب ذلك الشخص، لذا يمكن القول أنّه كان يحاول العودة بتكوين روح أساسها هو تلك الأرض. أنت تعلم أنّ أساس أيّ روح ساحر روحيّ هي الأرض الواسعة، أوّل مستوى في المستويات الروحيّة."

أماء باسل رأسه موافقا، فأكمل الرمح: "في نظري، يمكن القول أنّك تملك روحا بداخل بحر روح، ليس تماما ولكن ليس خاطئا أيضا."

وضع باسل يده على ذقنه وفكّر في ما قال الرمح. اقتنع بما قيل له للتوّ، لكن لبّ المشكلة لم يُحلُّ؛ فهو ما زال لا يعلم ما التأثير الذي سيحدث عندما يكوّن روحه الكاملة. هل ستتأثّر الروحان ببعضهما في ذلك الوقت؟ هل ربّما سيستغلّ السارق الخسّيس هذه الفرصة ليكتسب السيطرة؟

كانت جميع الاحتمالات تدور في باله، وبسبب هذا أخذ وقتا طويلا للغاية في تقرير خطوته التاليّة. أمضى شهرا كاملا محاولا إيجاد إجابة، ولكن حتّى بالحكمة السياديّة لم يستطِع المعرفة. لقد كانت حالته بلا سابقة.

فجأة عندما كان باسل يستريح في ينبوعٍ حارٍّ أحاطته البراكين من كلّ جهة، وبدا كبحيرة بالأحرى، قال الرمح: "ما الذي تنوي فعله يا أيّها الصعلوك؟ لقد انتظرتُ هنا كفاية؛ أريد أن أجوب العوالم الرئيسيّة والثانويّة." كان الرمح في هذه الأثناء على صخرة وسط الينبوع.

"العوالم تقول." تنهّد باسل وقال: "ذلك مستحيل في الوقت الحالي يا أبله. حتّى لو خرجت من هنا، فلن يسعك سوى تمنّي الترحال في هذا العالم الواهن."

تعجّب الرمح ممّا قال باسل: "ماذا تقول؟ هل يمكن أنّك لا تعلم عن إحدى قدراتي؟ شاهد هذا العظيم هنا يريـ..."

قاطعه باسل: "بالطبع أعلم، ولكن العوالم قد عُزِلت تماما قبل أكثر من سنة، والرابط بينها ختم لا يمكن خرقه من طرف مجموعة سلاطين أصليّين حتّى، وذلك يشمل حتّى قدرتك تلك."

"ما...ذا؟!" صُدِم الرمح كلّيّا فقال بعد ذلك: "كيف يمكن هذا؟ هل يمكن أنّ شخصا بلغ ذلك المستوى الخرافيّ وفعل هذا؟"

ضحك باسل قبل أن يردّ: "لا تقلق، تلك القمّة ما زالت غير مقبوضة حتّى الآن. لقد كان سلطانا أصليّا من فعلها. لا أعلم كيف نجح في ذلك، ولكن نظرا لهويّته، فلا عجب أنّه استطاع النجاح."

"هذا جنون!" صرخ الرمح: "كيف لشخص أن يفكّر هكذا؟ ألا يعلم أنّ السحرة الروحيّين سيلعنونه ويكرهونه على فعله هذا؟ التنقّل بين العوالم الروحيّة ضرورة قصوى للذين يسعون إلى نهاية المسار الروحيّ. هناك أماكن يجب على الشخص زيارتها وأشياء يبحث عنها. ألا يعلم أنّه يزيل الفرص من أياديهم هكذا؟"

أماء باسل رأسه: "ذلك صحيح، ولكن فقط لبضعهم. فمثل عالمنا، نحن ممتنّون كثيرا له. هكذا سنكسب بعض الوقت لننمو فيه حتّى يحين أوان عودة الرابط بين العوالم."

"أتحدّثني عن تلك الشياطين؟" قال الرمح بصوت مرتفع: "ليست لديّ أيّ ذكرى تتعلّق بذلك الشخص، لكنّني أتذكّر تماما أنّه عندما هيمنت على العوالم، لم يكن هناك من يجرؤ على مناداة نفسه بالشيطان. لقد علموا ماهية الشيطان الحقيقيّة آنذاك، ولكن يبدو أنّ العصور أنست بعض الأشقياء وجعلتهم يغترّون بأنفسهم. أيّ شياطين؟ دعهم يأتون وسيعلمون عند مواجهتي أنّهم كانوا يلعبون لعبة الصالح والطالح فقط."

ابتسم باسل وقال: "دعنا نتمتّع بالهناء الذي لدينا حاليا، فذلك الوقت آتٍ لا محالة. كن صبورا، كن صبورا."

"همف،" استنكر الرمح كلام باسل: "تقولها مرارا وتكرارا كما لو أنّك تعلم معنى الصبر؛ ليس وكأنّك الذي أمضى عصورا، صبورا. لا تخبرني أن أصبر مرّة أخرى، فقد مللت من ذلك بما يكفي."

نظر باسل إليه ولم يجبه.

***

أتى اليوم المنتظر أخيرا، ليبدأَ تحويل بحر روحه إلى روح كاملة.

كانت هذه العملّيّة تستوجب شرطين هامّين: أوّلهما أن يكون الساحر صاعدا حقيقيّا، أيّ أنّه قد بلغ قمّة المستوى الرابع عشر وأكمل ربط نقط أصله كلّها وارتبط بإرادة روحه، وثانيهما أن يملك طاقة روحيّة كافية ليبدأ عمليّة الاختراق.

عندما يستوفي هذين الشرطين، يحين وقت ضغط بحر الروح ودمجه بالجسم الأبيض بداخله، أو ما يكون جسد الساحر نفسه بعدما يرتبط هذا الأخير بإرادة بحر روحه.

تُستخدم الطاقة الروحيّة التي استُجمِعت من أجل عمليّة الضغط، وأيّ خطأ بسيط يمكن أن يؤدّي إلى انفجار بحر الروح بعدما يُضغط بتلك الطريقة.

كانت تلك عمليّة حسّاسة إذ استطاع قليل من السحرة فقط النجاح فيها. كان هناك عباقرة كانوا ملوكا بالمسار الروحيّ*، ولكنّهم فشلوا في الصعود بسبب تسرّعهم أو ثقتهم الزائدة بأنفسهم.

*(يمكن مراجعة الفصل 138 لفهم مفهوم "ملك بالمسار الروحيّ". سيُذكر بالمستقبل كثيرا ومراجعة ذلك سيجعلكم قادرين على فهم القصّة وأحداثها دون ضياع.)

كان هناك تساؤلات عن الكيفيّة التي اخترق بها أوّل ساحر إلى المستويات الروحيّة عندما لم تكن العوالم روحيّة. بمعنى آخر، إذا كانت العوالم في وقت ما كلّها سحريّة، فكيف لأوّل ساحر صاعد أن يجد الطاقة الروحيّة اللازمة للاختراق؟

ولهذا كان هناك بعض النظريّات؛ إحداها تقول أنّ العالم الأوّل كان روحيّا أصلا ويشكّون في أن يكون العالم الأصليّ، وهناك من يقول أنّ العالم السحريّ الأوّل قد واكب نموّ الساحر الصاعد وكوّن بعض المناطق الروحيّة قبل أن يصير روحيّا بشكل كامل فأصبح الساحر والعالم روحيّيْن في آن واحد، وهناك من قال أنّ الساحر الصاعد قد وجد بعض الأحجار الروحيّة بطريقة ما.

ومع كلّ هذا، كان بال باسل مشغولا فقط بتلك المسألة. لم يكن قلقا بشأن الاختراق، بل ما يمكن أن يلحق ذلك من مشاكل.

وضع شكوكه في الجانب واستعدّ لبدء عمليّة الصعود: "لن أصل لنتيجة هكذا. ما يهمّ حاليا هو الغدوّ ساحر روحيّ وتحويل العالم الواهن إلى عالم روحيّ."

تكلّم الرمح فجأة: "بالمناسبة، هل قرّرت أيّ وحش ستستحوذ على روحه؟"

هزّ باسل رأسه: "ليس بعد. على ذكر ذلك، هل كنتَ السبب في اكتساب أحد الوحوش السحريّة بالمستوى الرابع عشر حكمة لا تُكتسب إلّا بعد الاختراق إلى المستويات الروحيّة؟"

"آه، ذلك." ضحك الرمح بغرور: "فافافافا!"

عبس باسل منزعجا وانتظر الرمح حتّى أكمل: "أرأيت ما أنا قادر عليه؟ يمكنك الانحناء تجليلا لي إذا أردت."

كان باسل عابسا طوال الوقت ويحدّق بجدّيّة كبيرة إلى الرمح بينما يفكّر في بعض الأشياء: "يا أبله. أخبرني لمَ فعلت شيئا مثل هذا؟"

استغرب الرمح: "ها؟ ألن تسأل عن كيف فعلتها؟ ظننت أن فضولك سيميل إلى ذلك الاتّجاه."

قرّبه باسل إلى وجهه وقال بوجه جادّ: "فقط أجبني بسرعة!"

لاحظ الرمح أنّ هناك شيئا غريبا، فردّ: "ما بالك يا أيّها الوغد تصرخ هكذا؟ فلتتحلَّ بكلّ الاحترام تجاهي. تسألني لمَ فعلتُ ذلك؟ هذا بالطبع لأنّني..."

سكت الرمح فجأة ولم يكمل. ضاقت عينا باسل كما لو أنّه كان يتوقّع ذلك، لكنّه أراد يستوضح الأشياء فسأل: "ماذا هناك؟"

أجاب الرمح: "أنا... إنّني... كيف يمكن هذا؟ لا أستطيع تذكّر السبب."

"اللعنة، علمت هذا." قال باسل: "الأمر ليس أنّك لا تتذكّر، بل إنّك لا تعلم."

"ها؟" تعجّب الرمح: "ما الذي تقصده؟"

تنهّد باسل بعدما هدأ وقال: "أقصد أنّ السارق الخسّيس كان المسؤول. لقد غُرِز فيك هذا الأمر لتنفّذه بشكل تلقائيّ دون أن تشعر بأيّ غرابة بشأن ذلك. لو أنّني اختلست النظر أكثر لاستطعت أن أعرف، ولكنّني لم أستطع أن أعلم كلّ الخطط التي حبكها."

"انتظر، انتظر، انتظر،" هرع الرمح في كلامه: "هل تخبرني أنّني فعلت شيئا كهذا دون اكتراث؟ انتظر، لقد تذكّرت. لقد نسيت لوهلة لأنّني بحثت عن سبب معقول يبرّر فعلي لشيء كهذا لكنّني لم أجده، ولكنّني أتذكّر أخيرا. لقد فعلتها لأنّني مللت."

قال باسل بجدّيّة: "ذلك هو الأمر الذي تلقّيته؛ أن تفعل ما فعلت ويكون السبب هو الملل."

صات الرمح: "ما الذي يجعلك واثقا هكذا؟"

قال باسل: "اكتساب وحش سحريّ حكمة لا يجب أن يكسبها لشيء بدون سابقة، وحتّى الآن، كلّ ما شهدته بدون سابقة كان له علاقة بطريقة ما بالسارق الخسّيس. والأكثر من ذلك، لا يمكن أن تقدر أنت على فعل شيء كهذا."

صاح الرمح: "هذا ليس كافٍ حتّى تكون متأكّدا مئة بالمئة."

هزّ باسل رأسه: "ستفهم عندما تلاحظ النمط. لقد استعدّ السارق الخسّيس لهذا جيّدا جدّا. ليس هناك شكّ أنّ السارق الخسّيس أراد من الوحش الروحيّ الذي يستحوذ عليه أن يكون استثنائيّا مثل الجسد الذي جهّزه، جسدي أنا."

صمت الرمح لمدّة قصيرة كما لو كان يفكّر قبل أن يقول: "ما زالت ليس مئة بالمئة."

تنهّد باسل: "إذن دعني أعود إلى سؤالك الأوّل الذي كنت متحمّسا بشأنه. كيف فعلتَها؟"

سكت الرمح ولم يجب، فقال باسل: "كما توقّعت، إنّك لا تعلم ذلك أيضا. لقد أخبرتك، إنّ السارق الخسّيس لا يثق في أحد. أظنّ أنّه زرع فيك شيئا يزيل ذاكرتك عمّا يتعلّق بأسرار هذه المسألة."

"ابن العاهرة!" صرخ الرمح وهاج: "سأريه الجحيم عندما تواتيني الفرصة."

أكمل باسل: "يبدو أنّه استطاع منعِك من إدراك الأمر الذي تبِعته دون درايتك، وتذكّرِ الطريقة كما استطاع أن يزرعهما فيك دون أن تعلم، ولهذا تتذكّر الحادثة ولكن لا تعلم شيئا عن الأمر الذي تلقّيته أو العمليّة."

سأل الرمح بعدما هدّأ من روعه: "ولكن لماذا قمتُ بذلك في ذلك الوقت بالضبط وليس غيره؟"

وضع باسل يده على ذقنه وأجاب: "لا يسعني سوى تخمين أنّ شرط ذلك كان أن يكون الوحش بالمستوى الرابع عشر، وذلك لم يحدث حتّى الآن."

فتح عينيه على مصراعيهما كما لو أنّه اكتشف شيئا: "انتظر، هكذا إذن، هكذا هو الأمر."

"ماذا هناك؟" سأل الرمح بفضول بعدما رأى نظرة باسل.

ردّ باسل: "إنّه حقّا كان يجهّز روحَ وحشٍ أيضا، وقد حسب بشكل عظيم للغاية. لم تكن الوحوش السحريّة لتبلغ المستوى الرابع عشر لولا ارتفاع السحرة في المستوى، لذا كان واثقا أنّه عندما يبلغ وحش سحريّ المستوى الرابع عشر فسيكون بعض السحرة بمستوى مقارب، وبالتأكيد سيكون ورثة الشخص الذي اختاره من بين هؤلاء الذين اقتربوا من المستوى الرابع عشر أو سيكونون الأوّلين في تحقيق ذلك حتّى."

"...عندئذ، سيكون صاحب الجسد المثاليّ قد ظهر أو ظهوره قريب على الأقلّ، وعندما يستحوذ السارق الخسّيس على الجسد المثاليّ سيأتي دور روح الوحش الروحيّ."

قال الرمح بسرعة: "انتظر، انتظر، هناك بعضٌ من الثغرات في استنتاجك هذا. كيف له أن يعلم أنّ ورثة سلفك سيكونون من الأشخاص السابقين في الوصول إلى المستويات العليا أو أنّهم لن يموتوا؟ ولو نجح ذلك بطريقة ما، كيف له أن يكون واثقا أنّ أحدهم لن يستحوذ على روح الوحش الروحيّ قبله؟"

ردّ باسل بجدّيّة: "لقد قلتُ لك أنّه حسب ذلك بشكل عظيم. لقد علم أنّ ورثة الشخص الذي اختاره سيحملون دما وقوّة كبيرين كلّما مرّ الوقت، لذا كان من المستحيل ألّا يكونوا من بين الأوائل الذي يبلغون المستويات العليا، وأنّ فرصة موتهم جميعا قريبة للمستحيل كون موهبتهم متفوّقة تماما على أيّ شخص من العالم الواهن، وأنّهم لن ينقرضوا على الأقلّ حتّى لو حصل هجوم من قوّة عظيمة من العوالم الأخرى لسبب ما."

"...وكان واثقا أنّه لا أحد سيستطيع الاستحواذ على روح ذلك الوحش لأنّه علم أنّه لا أحد غيره قادر على ذلك. لا بدّ وأنّه شيء لا يمكن لأحد معرفة الفائدة منه أو طريقة استخدامه سواه."

"...عندما قلتُ أنّه حسب ذلك بشكل عظيم، كنت أعني أنّه قد حسب الوقت الذي يحتاجه العالم الواهن حتّى يظهر فيه وحش بالمستوى الرابع عشر نظرا لسرعة نموّه، والوقت الذي سيحتاجه الجسد المثاليّ للظهور، وعلم أنّ الوقت بينهما ليس متباعدا جدّا. فأراد توفير الوقت وتجهيز روح وحش بدل أن ينتظر حتّى يجهّزها عند عودته."

تعجّب الرمح: "ألست تبالغ في تفكيرك يا هذا؟ وهناك نقطة أخرى، لم يأخذ مثل هذه المخاطرة ولا ينتظر حتّى يعود ثمّ يبحث عن الوحش المناسب بنفسه ويمنحه تلك الحكمة؟"

ردّ باسل بنفس الوتيرة: "هذا على الأغلب له علاقة بتحوّل العالم الواهن إلى عالم روحيّ؛ قد يكون في حاجة إلى روح أوّل وحش يخطو إلى المستويات الروحيّة في العالم الواهن؛ فلو انتظر حتّى يعود، لن يكون ذلك بفائدة لأنّ الوحش الأسبق إلى التحوّل سيكون في المستويات الروحيّة بالفعل، وتلك الحكمة يجب منحها قبل أن يدخل الوحش الأوّل إلى المستويات الروحيّة."

أكمل باسل بعدما تنهّد: "هذه مجرّد استنتاجات مبنيّة على حدسي، ولكنّها تفسّر الأمر الذي تلقّيتَه بمنح وحشٍ حكمة كتلك. سنعلم عن الفرق بينه وبين بقيّة الوحوش عندما أذهب للاستحواذ على روحه."

"هوه،" قال الرمح: "يبدو أنّك قرّرت الروح التي ستستحوذ عليها. ولكن تعلم أنّه يجب أن يكون الوحش يملك عنصر سحر يملكه الساحر. بالإضافة إلى ذلك، تعلم أنّه بفعلك لهذا ستمنح لذلك الشخص فرصة كبرى في كسر الختم. ستكون تلك روح الوحش التي جهّزها كما تعلم."

"بالنسبة لعنصر السحر، فأنا شبه واثق أنّه إذا كان كلامي السابق صحيحا فسيكون عنده إمّا عنصر النار أو عنصر التعزيز، فكلا هذان العنصران كسبتهما بسبب السارق الخسّيس. وأمّا عن المسألة الثانية، فأنا لا أحتاج أن أكرّر ما قلته مسبقا عن عزمي."

"ألا يمكنك البحث عن روح وحش آخر فقط؟"

سأل الرمح، فأجاب باسل: "إن كان السارق الخسّيس قد جهّز روحَ وحشٍ، فلا بدّ وأنّها استثنائيّة، فكيف لي أن أجلس مكتوف اليدين ولا أستخدمها؟ قد تكون خطرة عليّ، لكنّها تبقى مفيدة للغاية وتستحقّ المخاطرة. سأسلبه كلّ ما يملك."

***

من تأليف Yukio HTM

أتمنّى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة إلى أيّ أخطاء إملائيّة أو نحويّة.

إلى اللّقاء في الفصل القادم.

2019/11/25 · 890 مشاهدة · 2370 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024