245 - الاختراق

جلس باسل متدبّرا تحت نفس الشجرة التي اعتاد أن يتظلّل بها في هذا العالم الثانويّ، وبدأ عمليّة الاختراق إلى المستويات الروحيّة.

عندما يخترق الشخص إلى المستويات الروحيّة، يملك مهلة محدودة حتّى يجعل روحه الكاملة مكتملة حقّا بالاستحواذ على روح وحش، وإذا لم ينجح في ذلك في الوقت المناسب، فستتفجّر روحه لعدم استقرارها الكلّيّ.

كان الاختراق عمليّة تتطلّب غالبا وقتا من شهر إلى سنة حسب موهبة الشخص. فأولئك من استطاعوا النجاح في شهر فقط كانوا عباقرة بلا شكّ، ولكن لم يستطع المرء أن يكون متيقّنا بشأن من يتأخّر كثيرا. فحتّى لو أخذ ساحر ما سنة كاملة لا يعني أنّه فاشل.

كانت الطاقة الروحيّة التي استجمعها باسل تغمر بحر روحه من كلّ جهة، وتلك كانت الإشارة على أنّ لحظة بدء الضغط قد وصلت، وتأخير الأمر أكثر سيكون بلا فائدة.

بدا كما لو أنّ كلّ تلك الطاقة الروحيّة الخالصة قد اختفت لكنّها في الواقع قد اندمجت مع آفاق بحر الروح الذي ظهرت حدوده بفضل تلك الطاقة الروحيّة.

كان لباسل خبرة معلّمه لذا لم يكن هذا بالأمر الصعب بالنسبة له؛ كان يعلم تماما كيف يتحكّم بشكل سليم ومثاليّ في هذه الطاقة؛ علم كم يجب أن يستمر في عمليّة الضغط قبل أن يريح بحر روحه، ومقدار القوّة التي كانت مطلوبة لإتمام كلّ مرحلة.

كان حاليا في حالة 'الصفاء الذهنيّ والروحيّ'، فانعزل عن العالم وبدأ يركّز على عالمه، والذي يجب أن يصنع له فضاءه الخاصّ. كانت الروح هي الفضاء الذي يكوّن فيه الشخص عالمه.

اقتربت تلك آفاق بحر الروح مع مرور الوقت، وبدأ باسل يشعر بالإرهاق الشديد. كانت دورته الدمويّة سريعة حتّى صار لون بشرته ورديّا وجسده يبعث بخارا، وبدأ شعره يتساقط شيئا فشيئا، وبعد فترة طويلة صار جسده جافّا حتّى أمسى مجرّد جلد على عظم.

كان باسل يبدو كعجوز مقهور لم يأكل لأسابيع، لكنّه بدا جليلا بالهالة المشعّة التي أنعشت الأرض تحته فتفتّحت فيها زهور سحريّة، وزهت تلك الشجرة كما لو أنّها سعدت بوجوده بجانبها. أضفى شعورا بالسكينة جعله يبدو كقدّيس يريح الأنفس بمظهره فقط.

ولكن بالرغم من المظهر المسالم الذي كان يبعثه، كانت حالته من الداخل عويصة إذ بدأت إحدى المشاكل التي توقّع مواجهتها بالحصول؛ وصل لمرحلة حيث لا يمكنه ضغط بحر روحه أكثر بسبب عدم استقرار عناصره الثلاثة.

في الحالات الطبيعيّة، سيواجه الساحر وقتا عصيبا في الحفاظ على استقرار عنصريه السحريّين، لكنّه سينجح في النهاية لو كان جيّدا كفاية، ولكن حالة باسل كانت مختلفة. كان من الصعب للغاية أن يحافظ على استقرار ثلاثة عناصر بينما يضغط بحر روحه.

بدأت المشاحنات تحدث بين العناصر الثلاثة، وبدأ بحر الروح يهتزّ ويتموّج كما لو أنّه على وشك الانفجار. كان باسل يحاول بكلّ جهد وتركيز أن يتجنّب ترك بحر الروح يتصدّع. فلو ظهر فيه ولو شقّ في هذه المرحلة، حيث كان مضغوطا بشكل كبير، فستتسرّب الطاقة المركّزة مرّة واحدة وينفجر بحر الروح.

لم يمكنه استخدام الحكمة السياديّة خشية أن يستغلّ السارق الخسّيس الفرصة للظهور من جديد عندما يكون هو يواجه وقتا عصيبا وفي حالة ضعيفة. كان عليه أن يتجاوز هذا الوضع بنفسه ولا شيء آخر.

"سلامة العقل تعني سلامة الروح؛ سلامة الروح تعني سلامة العقل؛ سلامة العقل والروح تعني سلامة الصفاء الذهنيّ الروحيّ؛ سلامة الصفاء تعني سلامة المسار الروحيّ."

كرّر باسل تلك الجمل، وحاول أن يهدّئ عقله ويتعمّق أكثر في حالة الصفاء الذهنيّ والروحيّ من أجل اكتساب تحكّم أكبر. شعر أنّه قد انفصل عن العالم الخارجيّ كلّيّا.

"هيّا يا إرادة بحر روحي، فلتكوني ذات عون!"

صرخ بينما يستخدم مسار نقط أصله المرتبطة ليتحكّم في جريان الطاقة الروحيّة والسحريّة في بحر روحه بشكل سلس.

تزعزع بحر روحه فجأة ولكنّه لم يزد الوضع سوءا، بل على العكس، كان بذلك يوقف تموّجه وعدم استقراره.

"هذه هي يا إرادة بحر روحي، هذه هي إرادة بحر الروح التي ساعدتني ذات مرّة في التغلّب على السارق الخسّيس. هيّا فلنصبح واحدا ونغدو روحا كاملة معا."

كانت إرادة بحر الروح كتلك الغريزة التي تكمن في بحر الروح، وتتفعّل عندما يجب حماية بحر الروح من أيّ خطر. كان يمكن أن تنقذ الساحر من انفجار الروح لو لم يكن بيده حيلة حتّى لو استوفيت بعض الشروط.

شعر باسل بأنّ الارتباط بينه وبين إرادة بحر روحه يختفي تدريجيّا، وكان ذلك بسبب استجابة الإرادة له وبداية اندماجها مع إرادته الخاصّة. وعندما ينتهي هذا الأمر، لن يكون هناك إرادة بحر روح كما لن يكون هناك بحر روح أصلا.

هدأت العناصر الثلاثة بعدما كسب باسل تحكّما لا مثيل له على بحر روحه، وبدأ يجذبها نحو جسده كما لو أنّه يحاول امتصاصها. كان يجب عليه أن يدمج كلّ شيء بجسده قبل أن ينتهي من الضغط كلّيّا.

بدأ بعنصر النار فنجح في إدخاله إلى الجسد، ثمّ عنصر التعزيز، وأخيرا عنصر الريّاح الذي واجه معه وقتا أطول بما أنّ الجسد صُنِع لعنصرين في المقام الأوّل. شعر كما لو أنّ أحدهم يملأ شرايينه بسوائل أخرى إلى جانب دمه، فأحسّ بالاحتراق كما لو أنّ جسده ينصهر.

وعندما انتهى أخيرا، كان جسده الجافّ قد بدأ يتحلّل كما لو أنّه حجر مرّ عليه من الزمن ما يكفي لتفتيته. كان جلده يتساقط ويتطاير مع الرياح كغبار معصوف.

كانت الحكمة السياديّة تقمع القطعة الأرضيّة التي يقف عليها الجسد حتّى الآن، ولكن عندما ضُغِط بحر الروح لدرجة صار فيها هو الفضاء الذي يستغلّه الجسد والقطعة الأرضيّة فقط، أطلقت هذه الأخيرة ردّة فعل غريبة جعلت باسل يتأهّب للأسوء.

بدأت القطعة الأرضيّة تحاول أن تأخذ زمام الأمور وتسيطر على بحر الروح الضيّق، ولكن الحكمة السياديّة قمعتها بشكل مثاليّ.

"يبدو أنّه عليّ ضغط بحر الروح على جسدي دون القطعة الأرضيّة. ولكن ماذا سيحدث لها بعدما تصير منعزلة عن روحي؟"

سيكون باسل قد انتهى من التحوّل روحيّا عندما ينتهي من ضغط بحر روحه بالكامل إلى جسده.

أكمل ضغط بحر الروح الذي تقلّص وتجاوز القطعة الأرضيّة كما لو أنّها لا توجد. وفي تلك اللحظة، أحسّ باسل كما لو أنّ روحه تتقطّع لجزأين ممّا سبّب له آلاما لم يشعر بمثلها فيما سبق.

"لقد بقيت هذه القطعة الأرضيّة في بحر روحي لوقت طويل حتّى صارت جزءا منه تقريبا، والآن الارتباط بينهما يجعلني أكاد أموت."

مرّ بوقت عصيب: "ليس كما لو أنّه يمكنني قطع الارتباط أصلا بما أنّها صارت جزءا لا تتجزّأ منّي، ولكن فقط عزلها عن الروح التي أحاول صنعها يجعلني أمرّ بكلّ هذه المعاناة."

عُزِلت القطعة الأرضيّة أخيرا واختفى بحر الروح في جسد باسل، وفي هاته اللحظة شعر بإحساس لا مثيل له. اختفت كلّ الآلام والضوضاء، وشعر بدفء مريح.

استبدل لحمٌ جديدٌ القديمَ، ونمت عضلاته كخيوط تلتفّ حول العظام التي بدت أقسى من الفولاذ بمراحل. نما شعره من جديد حتّى بلغ منتصف ظهره، واختفت كلّ التجاعيد التي جعلته يبدو عجوزا. بدا عندئذ كمخلوق سامٍ على الأرض، يمكنه التحرّك بزهو وجلال.

"يبدو أنّك نجحت يا شقيّ، لقد مللت من الانتظار هنا. هيّا، فلنخرج حالا، لقد صبرت بما فيه الكفاية."

كان ذلك صوت الرمح الطاغيّة الذي راقب اختراق باسل بصمت طوال المدّة الماضية.

"لا تقلق، أنا أيضا أريد الخروج كما تعلم. فالعالم الواهن سيستجيب لاختراقي ويبدأ تحوّله الروحيّ. يجب أن أكون مع من أهتمّ لهم في تلك الأثناء."

كان وجه باسل عازما.

ضحك الرمح: "فافافا، وأخيرا يمكنني..."

توقّف الرمح فجأة عن الكلام، والسبب كان أمام عينيه؛ كان باسل ساقطا على الأرض عاجزا عن الحركة، يصرخ كما لم يصرخ من قبل. لقد مرّ بالعديد من الآلام والعقبات فيما سبق، لكنّه لم يتلوّى كحشرة تُحتَرَق كما كان يفعل في مكانه.

"أيّـ...أيّها الشقيّ، ما الذي يحدث لك؟"

كانت صرخات الرمح بلا فائدة. ولم يستطِع أن يفعل شيئا لمساعدة باسل الذي لا يسمعه.

"هل... هل يمكن أن القطعة الأرضيّة غير مستقرّة؟ لا يجب أن يكون ذلك بسبب عدم وجود بحر روح، فهي بذاتها تُعدّ روحا مستقلّة... انتظر... هل يمكن؟ كيف يمكن أن يحدث هذا؟ يا للهول...! كيف لم أفكّر فيها؟"

كان الرمح مصعوقا من الدهشة بعدما استنتج شيئا: "إنّها تُعدّ روحا بنفسها، ولهذا وجود روح أخرى معها يُعدّ أمرا في غاية الغرابة. لم يسبق لأحدهم أن امتلك روحين في التاريخ، لذا ليس هناك طريقة لمعرفة طريقة حلّ هذا الأمر."

"اللعنة، لا تمزح معي! هيّا، حاول أن تفعل شيئا يا أيّها الشقيّ، فإنّي لن أقبل بمكوثي هنا أكثر."

***

قبل أسابيع، في مكان ما بجنوب إمبراطوريّة الشعلة القرمزيّة، تحرّكت عربة بقيادة أربعة خيول يتحكّم فيها حوذي يرتدي زيّ الخدم.

كان هناك أربعة أشخاص يستقلّون هذه العربة؛ أوبنهايمر فرانكنشتاين، وأخوا القطع غايرو وكاي، وأختهما الصغرى صفاء.

جلس الإخوة في جهة من العربة بينما جلس أوبنهايمر في الجانب الآخر. كانت نظرات أخويْ القطع متجهّمة تجاه الشخص أمامهما كما لو أنّهما يريدان الانقضاض عليه وقتله حالا.

تنهّد أوبنهايمر ورفع يده: "لقد أخبرتكما مرارا، إنّني حقّا لم أكن بصدد شيء سيّئ. كلّ ما أردت فعله هو اختبار عيّنة من دمها ورؤية الفارق بين حالها الآن والحال الذي كانت عليه قبل ذلك. هذا ضروريّ من أجل سلامتها إن أردتما رأيي."

ارتفع حاجب كاي ووقف في مكانه: "من أجل سلامتها؟ هل تمزح معنا يا أيّها الوغد؟ من سيثق بعالم مجنون مثلك على أيّ حال؟"

تنهّد العالم المجنون ونظر إلى صفاء بنظرة متحسّرة، فانكمشت الفتاة الصغيرة على نفسها واختبأت خلف أخيها الأكبر، غايرو، كما لو أنّها نعجة مهدّدة بالأكل من طرف ذئب.

"لا داعٍ لتكوني بهذه الحيطة، كلّ ما أرد..."

أراد العالم المجنون إيضاح نفسه، لكنّ غايرو قاطعه: "لا تضف كلمة أخرى، ألا ترى أنّك تزيد الأمر سوءا فقط؟ إنّك لا تروق لأختنا الصغرى، لذا كفّ عن المحاولة. لقد سمحنا لك بالاقتراب منّا هكذا فقط لأنّك ساعدتنا ولأنّ سيّدنا باسل أخبرنا أن نتركك ترافقنا على الأقلّ لتراقب. نعم، لتراقب. حاول أن تفعل أكثر من ذلك من جديد وسنفعل ما بوسعنا من أجل إبادتك من على وجه البسيطة."

حدّق أوبنهايمر فرانكنشتاين ببرودة إلى غايرو الذي هدّده ولم يجبه. غيّر وجهة نظره نحو الخارج ثمّ استمتع بالمناظر في الطريق.

تكلّم الحوذي بعدما قلّل من سرعة العربة: "يبدو أنّنا اقتربنا من وجهتنا. لن يمكننا التقدّم بالعربة يا سادة بعد الآن، لذا هذا أقصى ما يمكنني إيصالكم إليه."

أطلّ كاي من النافذة: "لا عليك، هذا ما اتّفقنا عليه. يمكنك العودة والانضمام لعائلتك في الملجأ الذي يقيمون فيه."

نزل الأربعة من العربة فغادر الحوذي بها بعدما ودّعهم.

اقترب أوبنهايمر فرانكنشتاين من صفاء التي بدورها حاولت الابتعاد عنه. حاول أن يقلّل من المسافة مرّة أخرى لكن اعترض غايرو طريقه وأحكم القبض على عنقه واقترب من وجهه ثمّ قال بينما يحملق إلى عينيه: "هذا يكفي يا أيّها الوغد! ألا تفهم معنى ابتعد عنها؟!"

حدّق أوبنهايمر فرانكنشتاين ببرودة إلى يد غايرو التي تشنقه، وتنهّد ثمّ قال: "إنّنا على وشك الدخول إلى المناطق المحظورة التي تحيط ببحيرة العالم المباركة المحاصرة، لذا فكّرتُ أنّ كوني قريبا منها سيجعلها في مأمن. لا داعٍ لأن تكون بهذا الانفعال يا هذا."

وضع كاي يده على كتف أخيه غايرو وحاول تهدئة الوضع: "هيّا يا أخي، لدينا موعد مع السيّدة أنمار ولا يجب أن نتأخّر. لقد أخبرتنا أنّها تريد أن تقابل صفاء وتمضي معها بعض الوقت قبل تحوّل العالم الروحيّ. إن انزعجنا بكلّ تصرّف منه، فلن نتحرّك من مكاننا."

تراجع غايرو بعدما أفلت العالم المجنون، فحملق كاي إلى هذا الأخير وقال: "لا نحتاج لحمايتك اللعينة. لقد تكلّفت قوّات أكاديميّة الاتّحاد العظمى بكلّ الوحوش السحريّة ذات المستويات العليا، لذا يجب أن نكون قادرين على الوصول إلى هدفنا دون أيّ مشكلة."

نظر أوبنهايمر فرانكنشتاين إلى الأخوين بعيون خالية من المشاعر، ثمّ نظر إلى صفاء بعمق وقال: "سيأتي وقت، وستندمان فيه على هذا، ولن ينفعكما الندم عندئذ. نيّتي حسنة، لكنّكما قابلتماني بسوء نيّة. فليكن. تقدّموا وسألحقكم بينما أضع مسافة محترمة بيني وبينكم."

استنكر غايرو كلامه وردّ عليه: "همف، أيّ نيّة حسنة؟ إنّك تحاول حمايتها فقط لأنّ لها قيمة كأداة لك، وليس لأنّك تعزّ شخصها بالذات."

ارتفع حاجب أوبنهايمر فرانكنشتاين مستغربا: "وما العيب في ذلك؟ إنّه لا يغيّر حقيقة أنّني أريد حمايتها."

تنهّد غايرو والتفت ثمّ قال لأخيه: "هيّا بنا نتحرّك، كيف لي أن أحاول الشرح له حتّى؟ لشخص لا يفهم معنى العاطفة حتّى."

لقد كان أوبنهايمر فرانكنشتاين لا يهتمّ بتاتا بالبشر، أو بالأحرى، لا يبالي بأيّ مخلوق إلّا إذا كان له قيمة يحدّدها هو بنفسه. فمن الوهلة الأولى، قد يبدو يراعي لصفاء، لكنّه بمجرّد ما أن يفرغ من ما يريده منها، فلن يعتريه أيّ قلق بشأنها.

هز أوبنهايمر فرانكنشتاين رأسه وتحرّك بعدما غادر الثلاثة بفترة قصيرة: "ولهذا البشر أغبياء. ألا يكفي أنّ لها قيمة عندي؟ قيمة تجعل حمايتها من أولويّاتي. كيف للبشر أن يتخلّوا عن مثل هذه الفرص؟ هل تلك العاطفة مهمّة لهذه الدرجة؟"

تنهّد مرّة أخرى وأكمل طريقة.

***

من تأليف Yukio HTM

أعتذر عن التأخّر؛ لقد كنتُ طريح الفراش لأيام عدّة.

أتمنّى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة إلى أيّ أخطاء إملائيّة أو نحويّة.

إلى اللّقاء في الفصل القادم.

2019/12/15 · 870 مشاهدة · 1944 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024