264 – متعة إبلاس (2)

كان التنّين الصغير والثلاثة الآخرون مشغولين مع مجموعتيْ الشياطين الأخريين بينما استغلّ إبلاس الفرصة من أجل القبض على أنمار.

لقد كان مجموعة ذوي مواصفات الوحوش ومجموعة الشخصين المجنّحين تملك أشخاصا أقوياء كفاية لعرقلة من كان هنا على ما يبدو.

أطال إبلاس التحديق إلى عينيْ أنمار فأمال رأسه قليلا وقال مبتسما: "إنّك حقّا تلميذته، فأنا لا يمكنني رؤية اليأس في عينيك أبدا. ربّما هناك خوف، لكنّك تغلّبت عليه وهذه هي الشجاعة الحقيقيّة. أمّا اليأس، فلا يسعني إيجاده."

حملقت أنمار إليه بدون الردّ عليه، كما لو أنّها تتحدّاه.

قال إبلاس: "لقد أتيت من أجل لعبتي الجديدة، لذا كنت أنوي البدء في تطويرها بقتل كلّ شخص يعزّه، لكن اهتماماتي قد تغيّرت قليلا، فالآن صرت أرى أنّ وجود لعبة أخرى لن تضرّني بشيء. ألا تتّفقين معي؟"

نظر شيطان اليأس بعد ذلك إلى قادة التشكيل والآخرين ثمّ إلى أنمار من جديد وقال: "هناك، لقد لمحته. لقد رأيت للتوّ جذر اليأس في أعماقك. سيكون هذا مثير للغاية، فقد مرّ وقت طويل منذ آخر لعبة طوّرتها."

كان قادة التشكيل والآخرون في موقف عصيب إذ كان عليهم التفكير في طريقة ما لإنقاذ أنمار من يد إبلاس، لكنّهم لم يفكّروا في خطّة قد تنجح.

صرخ تورتش: "لا تهمّني الخطط حاليا، سنقذ السيّدة الصغيرة بأيّ ثمن ولو عنى ذلك مقتلنا جميعا، وإلّا لن نقدر أبدا على مواجهة سيّدنا. هل سمعتم؟"

ابتسم إبلاس وقال: "انظري إليهم، مفعمون بالحيويّة، ممتلئون بالرغبة في إنقاذك بأيّ ثمن، ولو كان الثمن حياتهم. أتساءل كيف ستشعرين عندما تتحطّم رؤوسهم واحدا تلو الآخر أمام عينيك دون قدرتك على فعل شيء؟ لربّما تكونين تلميذة حكيم، لكن حتّى هو رضخ لي عندما تعلّق الأمر بأحبّته."

اتّسعت عينا أنمار وقالت: "لا تفعل ذلك، ليس لديهم علاقة بكلّ هذا. أنت تريدني، أنا تلميذة الحكيم السياديّ، أليس كذلك؟ إذن لا تدخل الآخرين في هذا."

هزّ إبلاس رأسه أفقيّا وقال: "ليس جيّدا، ليس جيّدا، إنّك لا تعلمين أنّه عندما يتعلق الأمر بمتعتي الخاصّة، عندما يتعلّق الأمر بتطوير لعبي، فكلّ شخص وكلّ حدث يكون له كلّ العلاقة."

صرخت أنمار بصعوبة: "لا تعبث معي! توقّف، اللعنة!"

انطلق قادة التشكيل والجنرال رعد وشيرايوكي والتاجر ناصر تجاه أنمار، وكلٌّ منهم استخدام طريقة في التحليق، فهناك من استخدم عناصر السحر وهناك من اعتمد على الفنون القتاليّة وهناك واعتمد على شخص آخر في هذا.

كان هدفهم الوحيد هو إنقاذ أنمار من يد العدوّ، ولم يشمل هذا الهدف بقاءهم أحياء بعد ذلك.

كانت الابتسامة تعتلي وجه إبلاس في هذه الأثناء، وانتظر بصبر بينما يستمتع بوجوههم الآملة التي كان يتخيّلها كيف ستصير بعد لحظات.

أدار أنمار لتراهم قادمين وقال: "انظري بعناية، احرصي على مشاهدة جماجمهم تتحطّم. نعم، هكذا سأقتل كلّ واحد منهم، سأحطّم جماجمهم وأعصّر أدمغتهم، فتذكرّي وجوههم قبل فوات الأوان، لأنّ هذه ستكون آخر مرّة ترينهم فيها."

كان كلام إبلاس ثقيلا للغاية على قلب أنمار، وخصوصا عندما كان عاجزة عن فعل شيئا حقّا.

رفع إبلاس يده بينما يقترب أولئك، ثمّ داعب أصابعه يده اليسرى ببعضها كما لو أنّه يجهّزها لما قال أنّه سيفعله.

استخدم قادة التشكيل والجنرال رعد فنونهم القتاليّة، لكنّ شيرايوكي سُحِبت قسرا فجأة فوجدت نفسها تحت قيد الخادم وفيّ.

ونفس الأمر حدث مع شي يو التي كانت في حيازة عنقاء الشفاء.

لقد علمت الملكة الشريرة وعنقاء الشفاء أنّ مصير قادة التشكيل واضح فلم تريدا من ذلك أنّ يشمل ما جاءتا من أجله.

تردّد تورتش والآخرون لوهلة بعدما حدث هذا لكنّ الأوان كان قد فات على التراجع الآن، وبالأحرى كان عليهم إنقاذ أنمار أوّلا لأنّها كانت تبدو في خطر أكبر من شيرايوكي وشي يو.

قال إبلاس: "بمن تريدينني أن أبدأ؟ هل هو الشخص الذي يقودهم؟"

"اللعنة!"

صرخت أنمار لكن بدون فائدة، وفقط عندما شاهدت يد إبلاس اليسرى تمتدّ لإمساك رأس تورتش، ظهر أمامها قوس قزح وشخص يركب تيّارا مائيّا كما لو أنّه يتزلّج بلباقة عليه.

صنع هذا الشخص حاجز مائيّا بين إبلاس ومجموعة تورتش ثمّ ظهر بعد ذلك خلف إبلاس كما لو أنّه انتقل عبر الفضاء حتّى وصل بتلك السرعة، فحاول قطع اليد التي تقبض عنق أنمار، لكنّه لم ينجح إذ كان إبلاس قد راوغ بالفعل.

ولكن، كانت أنمار قد تحرّرت من يده، فقال ذلك الشخص مبتسما بينما يحملها: "هل أنت بخير يا صغيرتي؟"

لقد كان هذا هو الشخص الجميل الذي ظهر في أحد الأرضي يبحث عن أقوى شخص في هذا العالم.

قال هذا الشخص: "يبدو أنّني تأخّرت عن الحفلة يا جماعة؛ اعذروني، فما كان هذا إلّا قدر."

توقّفت معركة الشياطين والآخرين فجأة عندما ظهر هذا الشخص وفعل ما فعل.

صاح التنّين الصغير: "أووه، حتّى أنت جئت يا أيّها الشقيّ الوسيم، هذا جيّد جدّا. ساعدنا هنا."

فتح القوّاس النجميّ عينيه وقال: "هذه ليست أوّل مرّة تصل متأخّرا. لقد بدأت أشعر أنّك تفعلها عن قصد حتّى تبدو بطلا يا أيّها الوسيم."

حدّق ذلك الشخص إلى الحاضرين وقال: "يبدو أنّ تجمّعا مثيرا للاهتمام يحصل هنا."

حدّق أمير مملكة الصقيع إليه وقال: "يا خليفة التيّار اللامحدود، هل ستساعدنا أم لا؟"

نظر خليفة التيّار إلى الأمير وقال: "طبعا، طبعا، ألم أفعل هذا قبل قليل؟ الأمر بسيط، أليس كذلك؟ نحن الأبطال، والشياطين هم الأشرار. هيّا، لنفعل هذا."

كان هذا الشخص الوسيم مرحا.

رفع يده كما لو انّه يطلب الإذن للتكلّم وقال: "ولكن قبل ذلك، أخبروني، لقد أتيت إلى هذا المكان بعد بحث طويل، قاصدا أقوى شخص في العالم الواهن، فهل وجدتموه؟"

عبس الآخرون وفكّر كلّ واحد منهم في الشخص الأقوى بهذا العالم. هل هو أحد هؤلاء؟ أمّ أنّه الشخص الذي قيل أنّه التلميذ الثالث للحكيم السياديّ؟

قال التنّين الصغير: "لا أعلم عن ذلك بالضبط، لكن هناك خبر سينال إعجابك يا أيّها الشقيّ. أترى الفتاة التي تحملها الآن؟ يبدو أنّها تلميذة للحكيم السياديّ."

"هاهاها." ضحك خليفة التيّار: "لا تمزح هكذا يا أيّها العجوز، حتّى أنا لن أنخدع هكذا."

نظر خليفة التيّار إلى التنين الصغير والآخرين فوجد نظراتهم في قمّة الجدّيّة، فقال: "بـ-بجدّيّة؟"

لم يجبه أحد لكنّ ذلك كان تأكيدا على سؤاله.

نظر إلى أنمار ثمّ قال: "هل أنت هي أقوى شخص في هذا العالم؟ لا، انتظري، لقد أخبِرت أنّ اسمه باسل. كيف يمكن لتلميذة الحكيم السياديّ ألّا تكون أقوى شخص في هذا العالم الواهن؟ هذا غريب للغاية. هل يمكن أنّك تخفين قوّتك عنهم؟"

تدخّل إبلاس هنا وقال: "ذلك بسيط يا أيّها التيّار، باسل ذلك أيضا تلميذ للحكيم السياديّ."

"هاا؟!"

صاح خليفة التيّار: "هل تخبرني أنّ ذلك العنيد الذي لم يتّخذ سوى تلميذا واحدا طوال الألف السنة الماضية قد جعل اثنين من العالم الواهن تلميذين له؟ هل هذه مزحة القرن؟"

لم يرد على سؤاله أحد مرّة أخرى لكن ذلك كان بمثابة الإجابة.

تدخّل إبلاس وقال: "والآن، دعنا نكمل. أيّها التيّار، يا ترى هل يمكنك حمايتها وحماية الآخرين منّي في نفس الوقت؟"

"هو ليس لوحده،" قال التنّين الصغير بعدما اقترب من خليفة التيّار: "سأساعده في هذا أيضا، فما رأيك الآن؟"

يبدو أنّ التنّين الصغير ترك القوّاس النجميّ يغطّي عنه فأتى إلى هنا حتّى يوازن الأمور.

ابتسم إبلاس وقال: "سيكون هذا صعبا، لكن ليس مستحيلا. ومع ذلك، يمكنني دائما جعل مهمّة الأبطال أصعب ممّا هي عليه. فمثلا، أترى ذلك الجمهور هناك؟ من سيحمي أولئك؟ لديّ شعور قويّ للغاية أنّ أولئك قيّمون لها."

تحرّك إبلاس تجاههم بسرعة كبيرة بينما يضحك.

ظهر أمام الأباطرة الثلاثة والآخرين، فتفاجؤوا كلّهم بظهوره المفاجئ وتراجعوا بضع خطوات للوراء بدون أن يشعروا بذلك؛ كانت تلك غريزة أجسادهم.

نظر بعد ذلك إلى أنمار من جديد وحدّق إلى عينيها مباشرة فابتسم ثمّ غيّر اتّجاه نظره إلى الكبير أكاغي وقال: "أنت، سأبدأ بك أنت."

تسارع التنّين الصغير بعدما حدث هذا مباشرة، فوضع إبلاس يده على رأس الكبير أكاغي الذي لم يستطِع هو الآخرون المقاومة تحت ضغط إبلاس.

ظهرت مطرقة التنّين الصغير بجانب رأس إبلاس، لكنّه كان قد رأى حدوث هذا بالفعل فراوغ واختفى بعدما كان قد تحرّك بسرعة فائقة؛ كان يستخدم فنّه القتاليّ بجانب طاقته الروحيّة.

ظهر هذه المرّة خلف تورتش والآخرين وحمل هذه المرّة شينشي وقال مبتسما: "هل تظنّ أنّه يمكنك هزيمتي في لعبتي الخاصّة؟"

حاول إبلاس الضغط على رأس شينشي لكنّ سهما بسرعة الضوء جعله يبتعد بأقصى سرعة يملك. كان ذلك سهم القوّاس النجمي الذي استهدف رأس شيطان اليأس بالرغم من أنّه كان منشغلا بمواجهة الاثنين المجنّحين في الآن ذاته.

ضحك إبلاس بينما يقول: "أتساءل إلى متى يمكنكم الاستمرار في هذا."

استهدف بعد ذلك عدّة مرّات برودي وتورتش والأباطرة الثلاثة ومن يرافقهم، لكنّ التنّين الصغير والآخرين كانوا يكونون له بالمرصاد في كلّ مرّة.

ومع ذلك، لم يتوقّف إبلاس عن محاولته التي صارت تبدو كما لو أنّ العشرات منها تحدث خلال ثوانٍ فقط من شدّة سرعة إبلاس وأعدائه.

وفي النهاية، وجد إبلاس تلك الثغرة التي كان يبحث عنها، ثغرة لم يظنّ أولئك السحرة أنّهم سيتركونها.

لقد كانت عينا الحقيقة بمقدورهما رؤية الخبايا وتحليل أرض المعركة ورؤية وتوقّع تحرّكات الآخرين، وبالطبع كانت عاداتهم في التحرّك التي حُفِرت فيهم لآلاف السنين ظاهرة له تماما.

بالرغم من أنّ هؤلاء كانوا سحرة روحيّون مهرة للغاية وحرصوا على عدم إظهار خطوتهم القادمة إلّا عند أوان وقتها، لم يستطيعوا خداع عينيْ الحقيقة الخاصّتين بإبلاس.

بدا الزمن بطيئا في عينيْ إبلاس، وأبسط الحركات صارت تصنع مجرى من الطاقة الروحيّة يوحي للخطوة القادمة.

وفي النهاية، كان إبلاس يحمل الكبير أكاغي مرّة أخرى، وهذه المرّة كان الجميع بعيدا عليه وكان له وقت كافٍ حتّى يفعل ما يريد برهينته.

تكلّم إبلاس بينما يحدّق إلى أنمار ويحمل الكبير أكاغي في السماء من رأسه: "انظري إلى عينيه، انظري إليهما تخرجان من مكانهما ببطء شديد بينما أسحق رأسه."

اتّسعت عينا أنمار بشدّة وصرخت مرارا وتكرارا: "توقّف! ألست تريدني؟ ها أنا ذا. فلتأتِ، أعدك أنّني لن أسمح لأيٍ من هؤلاء بحمايتي."

ضحك إبلاس وقال: "إنّك لا تعلمين شيئا عن هؤلاء يا صغيرتي، فهؤلاء سيحمون تلميذة الحكيم السياديّ بعناية شديدة ولو عنى ذلك التخلّي عن حياة أشخاص آخرين لا تزن قيمة حياتهم نفس قيمة حياتك."

"توقّف، أرجوك! إنّه جدّي!"

ابتسم إبلاس وردّ: "نعم، لهذا السبب أنا أفعل هذا، لأنّه جدّك الغالي."

ابتسم الكبير أكاغي في هذه الأثناء وقال بصوت مرتفع: "اسمعي يا صغيرتي أنمار، لقد عاش هذا العجوز بما فيه الكفاية واطمأنّ على مستقبل هذا العالم. إنّني أعلم أنّ ما خلّفته في أيدٍ أمينة، وهذه كانت أمنيّتي منذ أن التقيت باسلنا. عيشي، ابقي على قيد الحياة، ورافقي الشخص الأحبّ إليك في المسار الروحيّ، تذكرّي هذا."

التفت بعد ذلك إلى الجنرال منصف ثمّ قال: "اهتمّ بعائلتنا يا بنيّ."

ابتسم إبلاس وقال: "حسنا، يكفي هذا كـكلمات أخيرة، بورِكت على إكمال المسرحيّة."

ضغط إبلاس بيده على رأس الكبير أكاغي ببطء، فصرخ هذا الأخير بينما يعاني من ألم شديد.

أحسّ بصداع يشقّ الرأس في الأوّل، ثمّ شُقَّت جمجمته حقّا، ثمّ تكسّرت، فانغرست أصابع إبلاس بين فتات العظام ليعصر أخيرا الدماغ، فخرجت عينا الكبير أكاغي من مكانهما.

كانت أنمار تنظر إلى ما كان يحدث مكذِّبة لذلك، ولكنّها كانت تعلم في صميم قلبها أنّ ذلك كان حقيقة.

صرّ الجميع على أسنانهم وصرخوا بعدما كانت أفواههم خرساء.

"الإمبراطور أكاغي!"

"سيّدي الإمبراطور!"

"جلالتك!"

صرخ الجنرال منصف: "لماذا؟ لماذا؟ اللعنة! لقد فعلنا كلّ شيء حتّى لا يحصل هذا. لقد استعددنا جيّدا حتى لا نجد أنفسنا في هذا الموقف، والآن أبي قد مات، اللعنة! أين أنت يا باسل؟!"

صرخوا بكلّ قوّتهم، فقد رأوا شخصا عزيزا على قلوبهم يموت بتلك الطريقة القاسية.

نزلت الدموع من عيني أنمار اللتين تملؤهما الكراهيّة تجاه إبلاس.

اندفعت نحوه بجنون بينما تصرخ: "سأقتلك، سأقتلك، سأذبحك يا أيّها الشيطان اللعين!"

أوقفها خليفة التيّار عن التحرّك ولم تستطِع الإفلات منه مهما حاولت.

"اتركني! اللعنة، لقد قلت لك اتركني حالا!"

قال إبلاس: "أرأيت؟ لقد أخبرتك أنّهم لن يسمحوا بموتك، لكن لا تلوميهم، فليس بيدهم خيار، فهم عليهم الاختيار بينك وبين هؤلاء الذين يُعدّون قمامة مقارنة بك. وأيضا، لا تلومي نفسك، فذلك سيكون غير مثير للاهتمام بتاتا، بل لوميني."

صرخت أنمار: "إبلاس!"

ضحك وقال: "نعم، هكذا. حسنا، حان دور الثاني."

وضع عينيه بعد ذلك على الجنرال منصف.

***

من تأليف Yukio HTM

رمضان كريم يا شباب وبنات.

أتمنّى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة إلى أيّ أخطاء إملائيّة أو نحويّة.

إلى اللّقاء في الفصل القادم.

2020/04/23 · 536 مشاهدة · 1847 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024