265 – الهجين الروحيّ

اهتزّ جسد أنمار بشدّة بعدما رأت إبلاس ينظر إلى جهة الجنرال منصف والآخرين وعلمت أنّه سيفعل ما فعل بالكبير أكاغي مرّة أخرى.

صرخت في وجه خليفة التيّار اللامحدود: "اتركني! هل تحرمني من محاولة إنقاذ عائلتي؟ أبعد يديك اللعينتين عنيّ!"

نظر خليفة التيّار إليها بدون الردّ عليها.

"لو نجوتُ اليوم ومات من أعزّ وأنا عاجزة عن فعل شيء بسببكم، فلأنحرّن عنوقكم واحدا بواحد. أفلتني!"

صرخت مرارا بينما تحاول الهرب من قبضة خليفة التيّار، لكنّها لم تستطع الإفلات منه مهما حاولت؛ لقد كان عازما على عدم تركها.

لم يحاول الاعتذار ولم يشعر بالذنب أبدا كما لو أنّه يظنّ أنّه يفعل الشيء الصحيح.

حاول التنّين الصغير منع شيطان اليأس من بلوغ الآخرين، لكنّه كان يفشل في النهاية تماما كما حدث مع الكبير أكاغي، وهذه المرّة كان إبلاس يحمل الجنرال منصف كما فعل مع حماه.

ابتسم إبلاس بينما يقول: "انظري إليه، ها هو الثاني."

*سحق*

بتلك البساطة، بدون أيّ وزن، بلا قيمة، كـكابوس، مات الجنرال منصف بعدما سُحِق رأسه قبل أن يعلم أنّه قبض عليه من شدّة صدمته بموت الكبير أكاغي.

صرخت أنمار وانهمرت دموعها، لكن إبلاس لم يتوقّف، بل ازداد حماسا مع مرور الوقت بينما يرى عينيْ أنمار تفرغان من الأمل وتمتلئان يأسا.

أشار بإصبعه إلى أخويْ القطع ثمّ قال: "أنتما التاليين."

حاول قادة التشكيل والآخرون مساعدة الكبير أكاغي والجنرال منصف لكنّهم لم يستطيعوا، وهذا لم يتغيّر الآن أيضا، فتوجّب على أخويْ القطع رفقة الآخرين الاعتماد على أنفسهم.

شحنوا طاقاتهم السحريّة وشحذوا أسلحتهم الأثرية، وحاول كلّ شخص منهم اعتراض طريق إبلاس بالرغم من الصدمات التي تلقّوها قبل قليل، إلّا أنّ فارق القوّة كان كبيرا لدرجة لا توصف. لم يكن هناك فرصة لهم في المقاومة أصلا.

حمل إبلاس كلا الأخوين في السماء، كلّ واحد بيد، ثمّ نظر إلى أنمار وقال: "هذا لن ينتهي أبدا حتّى تعلمين أنّني اليأس بحدّ ذاته، حتّى أصبح أنا كلّ ما يجول في خاطرك، حتّى يكون الهدف الوحيد من حياتك هو الانتقام منّي."

"توقّف!"

توقّع الجميع أنّ أنمار ستكون الشخص الذي سيصيح بذلك، لكنّها لم تنطق بشيء.

التفت شيطان اليأس ليجد طفلة تبدو في الثانيّة عشر من عمرها تحملق إليه بعينين خاليتين من الخوف.

صاح الأخ الأكبر، غايرو: "لماذا أتيتِ إلى هنا يا صفاء؟ عودي من حيث جئتِ حالا!"

ابتسم إبلاس وقال: "ليس جيّدا، ليس جيّدا، أو لم تأتِ كلّ هذا الطريق إلى هنا من أجلكما؟ كيف لكما أن تكونا بهذه القساوة؟ دعونا نستقبلها جيّدا."

صرخت أنمار: "ابتعد عن أخوَيّ!"

نظر إبلاس إليها بعينيْ الحقيقة للحظات طويلة قبل أن يضيق عينيه ثمّ يقول: "هذا... ليس سيّئا، ليس سيئّا. مثير للاهتمام! إنّ هذا العالم الواهن ما يزال يبهرني حقّا."

استغرب التنّين الصغير والآخرون من طريقة تصرّفه قبل أن يسمعوه يكمل كلامه: "من كان ليتوقّع وجود مخلوقا نادرا مثلك هنا؟ متى كان للعالم الواهن معرفة كافيّة حتّى يُصنع فيه هجينا هكذا؟"

عبس القوّاس النجميّ والآخرون بعدما سمعوا ما قاله وحدّقوا إلى صفاء بعناية كما لو أنّهم يحلّلونها بعيونهم الروحية، فوجدوا طاقتها السحريّة غريبة للغاية، إذ كانت كثافتها وكمّيّتها كبيرة جدّا بالرغم من أنّ تلك كانت مجرّد فتاة في الثانيّة عشر من عمرها، هذا بدون ذكر اليشم القرمزيّ الغريب البارز في جبهتها.

حملقت صفاء في هذه الأثناء إلى إبلاس ثمّ شحنت طاقتها السحريّة التي توهّجت بشكل غريب، إذ بدا الأمر كما لو أنّ هناك طاقتيْن سحريّتين متعارضتين لكن منسجمتان في نفس الوعاء.

لم تختلط الطاقتان ببعضهما لكنّ كلّ طاقة دعمت وعزّزت قدرات الطاقة الأخرى فنشأ بسبب ذلك طاقة جديدة تماما تحمل كلا مواصفات الطاقتيْن.

كانت تلك طاقة حياة الساحر، وطاقة حجر أصل الوحوش السحريّة، وكلاهما كوّنا طاقةَ ما كان يُدعى في العوالم الروحيّة بـ'الهجين الروحيّ'.

فتح التنّين الصغير عينيه على مصراعيهما مثل ما فعل الآخرون بعدما كادوا لا يُصدّقون ما يرون.

قال شبح أرض الموتى: "كيف لهذا العالم أن ينجح في صنع هجين روحيّ؟ هذا نادر للغاية حتّى في العوالم الروحيّة ولا يوجد سوى قلّة قليلة من يملك المعرفة الكافيّة من أجل هذا!"

ضحك شيطان اليأس وقال: "لكن ليس ذلك ما فاجأني، فهجين روحيّ ليس بذلك الشيء المميّز بالنسبة لي. ما أثار اهتمامي هو حجر الأصل الموجود فيها."

أعاد الآخرون النظر وركّزا هذه المرّة على الحجر الأصليّ، فتفاجؤوا أكثر من السابق، إذ لاحظوا هذه المرّة ما لم يسبق لهم رؤيته أو السماع به في العوالم الروحيّة.

قال أمير مملكة الصقيع مندهشا: "كيف لهذا أن يكون ممكنا؟ هذا يجب أن يكون مستحيلا. كيف لهم أن ينجحوا في صنع هجين روحيّ بحجر أصل بالمستوى الرابع عشر؟"

علّق القوّاس النجميّ: "من المعلوم أنّ الهجين يُصنع بحجر أصلٍ بالمستوى الأوّل ولا يمكن النجاح في العمليّة أبدا بحجر بمستوى أكبر، ولكن هذا العالم نجح في هذا. هذا يطرح العديد من التساؤلات، وأهمّها حاليا هو من كان وراء نجاح هذه العمليّة أصلا؟"

تمتم الشبح: "هل يمكن أنّ للحكيم السياديّ علاقة بهذا أيضا؟ لو اتّبعنا النمط حتّى الآن فسنجد أنّـ..."

قاطعه التنّين الصغير: "توقّف هناك يا هذا. هل تظنّ أنّ الحكيم السياديّ شخص قد يُقدم على مثل هذا الفعل الشنيع؟"

عبس الشبح لكنّه اتّفق مع التنّين الصغير.

لم يهتمّ إبلاس بمن كان وراء هذا الفعل، بل كان فقط مهتمّا بمتعته الشخصيّة حاليا. قال بينما ينظر إلى صفاء: "هذان سيموتان، ولا شيء سيمنع حدوث ذلك، فما الذي ستفعلينه يا هجينة؟"

انفجرت طاقة صفاء السحريّة الفريدة قبل أن يبدأ شكل جسدها يتغيّر تدريجيّا، إذ نمت عليها قشور صلبة كقشور التنّين، ونما لها ذيل وجناحين فكانت قد صارت تبدو كتنّين اتّخذ هيئة بشريّة.

صُدِم الحاضرون بأجمعهم، ولم يهم إن كانوا سحرة روحيّون أم مجرّد سحرة؛ فالسحرة اندهشوا فقط من مظهر صفاء الحالي والطاقة السحريّة التي انبعثت منها، بينما انذهل السحرة الروحيّون من الشكل الذي تحوّلت إليه وأصله.

بلع الشبح ريقه ثمّ قال: "هل... هل ذلك التحوّل بسبب دم التنانين؟!"

عبس التنّين الصغير وردّ بسرعة: "هذا مستحيل. ذلك على الأغلب دم الوايفرن، ولكن متى كان للعالم الواهن حجر أصل ودم وايفرن؟ هذا غير طبيعيّ. هذا كثير على أن يكون محض صدفة. فقط ما الذي حدث في العالم الواهن طيلة السنوات الماضية دون علمنا؟"

"حجر أصل ودم وايفرن! هجين روحيّ بحجر أصل وحش الوايفرن ودمه؟" لم يصدّق أمير مملكة الصقيع الأمر كذلك.

اندفعت صفاء نحو إبلاس في السماء بينما تبعث نيّة قتلها وهالتها في كلّ مكان؛ كانت هائجة وغاضبة لدرجة لا توصف. لم يكن أحد ليتخيّل أنّ تلك الطفلة الهادئة يمكنها أن تصير هذا المخلوق المفزع.

ضحك إبلاس وقال: "إنّك في المستوى الرابع أصلا، لكنّ الطاقة السحريّة التي اكتسبتها عند تحوّلك فجأة جعلتك تبلغين المستوى السابع من مستويات الربط، هذا منظر مدهش حقّا."

نظر أخوا القطع إلى وجه إبلاس المتحمّس فـعَلِما ما ينتظر أختهما الصغيرة، لذا صرخ بكلّ ما بوسعهما: "لا تقتربي يا صفاء! ابتعدي! أرجوك استمعي إلى أخويك هذه المرّة فقط. فلينقذها أحد من فضلكم. اللعنة!"

رفع إبلاس يده للأعلى ثمّ استعدّ ليخفضها من جديد حتّى تنفّذ ما خشي أخوا القطع حدوثه.

صرخ كاي: "اللعنة، أين أنت يا أيّها اللعين؟ ألست تتبعها في أيّ مكان؟ ألا يجب أن تكون حاضرا الآن وتمنع موتها؟"

عبس إبلاس كما لو أنّه لاحظ شيئا، وفي اللحظة التالية تغيّر مسار صفاء.

كان المنظر عجيبا، وخصوصا عندما لمح الجميع أنّ هناك شخص يبدو كنسخة كبرى من صفاء بشكلها الحالي.

لقد كان ذلك أوبنهايمر فرانكنشتاين!

ابتسم العالم المجنون وقال بدون مراعاة: "لقد أخبرتكما، أليس كذلك؟ أخبرتكما أنّكما ستندمان على جعلي أبتعد عنها."

بكى الأخوان بعدما تأكّدا من سلامة أختهما أخيرا وابتسم غايرو ثمّ خاطب إبلاس: "بؤسا لك يا أيّها اللعين. لن يسير كلّ شيء كما تريد."

التفت إليه إبلاس ثمّ قال: "هل تظنّني لم أكن قادرا على قتلها فقط لأنّ ذلك الشخص تدخّل؟ أنا فقط أردت رؤية تطوّر الأحداث بظهور الشخصيّة الجديدة."

حدّق أمير مملكة الصقيع إلى العالم المجنون ثمّ قال: "انتظر... انتظر، انتظر، هل هذا هجين روحيّ آخر؟ وبدم الوايفرن؟"

عبس التنّين الصغير وقال بعد فترة طويلة من الحيرة: "هناك اختلاف، فذلك الشخص لا يملك على الأقلّ حجر أصل بداخله كتلك الفتاة."

قال القوّاس النجميّ دون أن يفتح عينيه: "هذا يزيد الأمور تعقيدا فقط. كيف له أن يكتسب تلك الخواصّ إذن؟"

لم يجبه أحد على سؤاله المحيّر.

نظرت صفاء بغضب إلى أوبنهايمر فرانكنشتاين الذي كان يقيّد ذراعيها ويضغط عليها بمستواه السحريّ الذي كان يساوي ضعف مستواها. حاولت الإفلات من قبضتيه بينما تصرخ: "اتركني، يجب عليّ مساعدة أخويّ."

لم يجبها العالم المجنون، وقال غايرو بدل ذلك: "اثبتي في مكانك يا صفاء. اسمعي جيّدا، يجب عليك البقاء هناك مهما حدث. وأنت اسمعني يا أيّها المتربّص، لا تطلق سراحها أبدا. اهرب من هنا حالا."

ضغط إبلاس على رقبة غايرو وقال: "أنا من يحدّد من يمكنه المغادرة أم لا."

ضحك كاي وقال: "لقد أخبرناك، لن نجعل الأمور تسير كما تريد."

ابتسم إبلاس وقال: "لا، في الواقع، لقد قرّرت إعادة الترتيب. سأقتلكم وأجعلها تشاهد هذا قبل أن أقتلها وأجعل ذلك الشخص الذي ظهر يشاهد هذا. هذا سيكون ذلك مثيرا للاهتمام أكثر."

بدأ إبلاس يضغط على رأسيهما في نفس الوقت، فصرخ الأخوان بشدّة من قساوة الألم. صرخ غايرو في نفس الوقت: "تذكّري يا صفاء، لا تثقي في أيّ أحد سوى من وضعنا نحن ثقتنا فيه."

صرخت صفاء وثابرت حتّى تتحرّر لكنّها لم تنجح. نظر أوبنهايمر فرانكنشتاين إلى الأخوين مرّة أخيرة قبل أن يهمّ مغادرا كما أُخبِر.

سُحِق رأسا أخويْ القطع في الآن ذاته فانتهت معاناتهما، فانهمرت الدموع من عينيْ صفاء بينما تضرب العالم المجنون بجنون.

"لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ لقد أخبرتك أن تتوقّف، قلت لك حرّرني. إنّهما عائلتي الوحيدة. لقد كانا عائلتي الوحيدة. سأقتلكم! سأقتلكم!"

لم يتوقّف العالم المجنون بالرغم من كلّ هذا، لكنّه توقّف أخيرا وذلك لأنّ شيطان اليأس ظهر أمامه.

تفاجأ العالم المجنون لأنّه كان واثقا في سرعته المدهشة إلّا أنّ إبلاس تفوّق عليها بكلّ بساطة.

أشار إبلاس إلى صفاء وقال: "لقد حان دورها الآن."

عبس العالم المجنون وقال: "لن أسمح بذلك."

اختفى إبلاس قبل أن يظهر أمام أوبنهايمر فرانكنشتاين، فحاول هذا الأخير التراجع إلّا أنّه علم أنّ الأوان قد فات وأنّ صفاء ستُؤخذ منه ليشاهد موتها.

وفي تلك اللحظة، ظهرت المطرقة 'ميولنير'، لكن هذه المرّة ظهر معها صاحبها الذي لوّح بها فنزلت صاعقة من السماء مصحوبة بهدير رعد هزّ الأرض المباركة. لم يحدث لإبلاس شيئا بالرغم من أنّه تلقّى تلك الصاعقة، لكنّها أجبرته على التراجع.

تكلّم التنّين الصغير بعدما جعل إبلاس يتراجع: "لقد قرّرت. هذان يعودان لي الآن."

تكلّم العالم المجنون فجأة: "لست أعود لأحد يا عجوز، وهذه الفتاة تعود لي أنا."

"هذا يا هذا♪" ضحك التنّين الصغير: "إذن، هل يمكنك حمايتها وحماية نفسك ضدّه؟"

قطب العالم المجنون لكنّه لم يستطِع الردّ على ذلك السؤال.

قال إبلاس: "هل يمكن أنّك نسيت أنّه يمكنني جعلك تلاحقني في الأرجاء مرّة أخرى بلا فائدة قبل أن أمسك بفريستي في نهاية المطاف؟"

استنكر التنّين الصغير كلام شيطان اليأس وقال: "ألاعيبك تنتهي هنا. لقد قرّرت أخذ هذين، ولن أسمح لك بمسّهما."

"جيّد، جيّد!" ضحك إبلاس بصوت مرتفع وقال: "هل تلمّح إلى أنّك لم تعد مهتمّا بما قد يحلّ بالآخرين طالما يمكنك حماية هذين؟"

لم يجبه التنّين الصغير ونظر إلى الشروخ الفضائيّة التي أتوا منها وقال: "أنا فقط أظنّ الوقت لألاعيبك لن يكون متاحا لفترة طويلة. هل تظنّ أنّ مكوثنا هنا غير مقيّد؟"

نظر إبلاس إلى الشروخ الفضائيّة وقال: "بالطبع لا أظنّ ذلك. لقد علمت منذ قدومنا إلى هنا أنّ هذه الممرّات الشاذة ستُقفل بعد فترة بعدما يستقرّ الختم الذي وضعه ذلك اللعين. ولكن هذا لا يهمّ، ما زال هناك وقت كافٍ لي."

صاح التنّين الصغير: "هل سمعتم يا رفاق؟ علينا المماطلة فقط حتّى يحين أوان المغادرة."

أومأ الأربعة الآخرون له.

تحرّكت الملكة الشريرة وخادمها وفيّ الذي يقبض شيرايوكي بعدما بدت كما لو أنّها قد رأت ما يكفي، ونوت المغادرة.

كان الحال نفسه مع عنقاء الشفاء، لكنّها اتّجهت نحو مجموعة الإمبراطورين. كان نظرها يركّز على الشخص الذي ظهر متأخّرا. لقد كانت تراقب هيل، ساحر العلاج من إمبراطوريّة الأمواج الهائجة.

من تأليف Yukio HTM

أتمنّى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة إلى أيّ أخطاء إملائيّة أو نحويّة.

إلى اللّقاء في الفصل القادم.

2020/04/27 · 697 مشاهدة · 1844 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024