انتهى صوت الخطوات الصغيرة والاخرى الاكبر لما وصلا نحو باب عليه خدش ضخم وكأنه تم قطعه

-اووه هذا سيء يبدوا الباب أثريا "

تمتم ليوبارد ليرد ثيودور باستياء

-انها أسوء بالداخل ، الشخص الذي اتى هنا قبل اربع سنوات احدث دمارا كبيرا "

دفعا الباب مفتوحا ليدخلا

-انه حقا سيء ! "

- هل تتعرف على الجداريات يا معلم ؟ "

نظر ثيودور نحو ليوبارد بشوق

اومأ المعلم لبرهة لينفي بعد ذلك

-ليس حقا لكنها مألوفة ، المعرفة في ذهني ليست كاملة لذلك هناك أشياء لا اتذكرها "

تنهد بأسف لسماع هذه الكلمات ليوجه بصره نحو المنصة

-الأحجار المكانية هناك لقد جمعت ما استطعت ايجاده "

لم ينتهي من كلامه حتى رأى معلمه يتجوه صوبها

-هل تستطيع اصلاحه ؟"

سأل ثيودور بعد صعوده المنصة كذلك وبعد ان ما عاد يتحمل صمت معلمه

الطويل وهو يتأمل الاحجار .

-لدي طريقة ، لكن ..

-ما الامر ؟

-همم من المستحيل اصلاح او معرفة وجهة النقل السابقة بدقة ، لقد فُقدت الكثير من الاحجار ! حتى انني أشك ان الشخص الذي اتى هنا سابقا دمر ممر النقل عمدا وقد لا يكون اِستخدمه بالضرورة "

-لم يستخدمه ! اذن كيف خرج من هنا !؟"

-حسنا من يدري ، هناك العديد من الوسائل في ذاكرتي قد تسمح بذلك لكن كلها قطع اثرية "

اومأ ثيودور في فهم ليسأل بعدها بقلق

-اذن لا نستطيع الخروج ؟"

-ليس حقا, قد لا استطيع اصلاح ممر النقل ليأخدنا الى وجهته السابقة لكن استخدامه لحساب موقع قريب من المستعمرة لن يكون مشكلة "

-ليس خارج الغابة ولكن المستعمرة ككل !؟

هتف ثيودور في مفاجأة

-لكن لما ؟ واين ؟ "

نظر اليه ليوبارد بطرف عينه بعد ان وجه يديه مستعملا اياهما في تحريك الأثير للعبث بالأحجار المكانية في الهواء في حركات غريبة

-هل سمعت عن محطات النقل من قبل ؟"

اومأ ثيودور

-أليست مدنا عائمة صغيرة منفصلة عن مدن الامبراطوريات تُستعمل في السفر من والى المستعمرات ؟"

-نعم ، لقد صُنعت كذلك كنقطة تفتيش لفحص الأشخاص والجنود قبل دخولهم المدن ، لن يكون من الرائع إن تسلل عدو او مرض غريب يحمله احد المستكشفين الى الدول فجأة ،

-معلم تقصد ..هل ستبني نفقا لنقلنا هناك ؟"

-نعم ! لن يكون الذهاب لهناك مشكلة لكن حاجز التفتيش بعدها للدخول نحو المدن العائمة سيمثل معضلة عليك حلها بنفسك !"

-ماذا !؟ الم تقل انك ذاهب معي !؟ "

استدار معلمه نحوه وأضاءت يده فجأة مشكلة فقاعة أثير بداخلها حذاء !

-آه ..حذائي متى اخذته !؟"

-ليس مهما ..سأصنع بوابتين مختلفتين ، هناك ثلاث محطات نقل قريبة من هذه المستعمرة ، سننفصل وكل منا سيذهب لاحداها "

سؤلغي أثيري عند وصولي ، سيسمح هذا للساحرة بتتبعي معتقدة انه انت ! اعتبر هذا كشكر على احضاري لهنا .."

شعر ثيودور باختلاط مشاعره ، لقد أراد ان يرافقه ليوبارد ، علم انه معه لن يواجه مشاكل عند هروبه . لكنه فهم ان خيار الانفصال كان الآمن للاثنين ، في النهاية كان من المفترض ان يكونا عدوين حسب الظروف !

تردد للحظات ليسأل بعدها

-معلم ! عند خروجك من هنا هل ستعود لجسدك الرئيسي ؟

-لا !

تفاجأ ثيودور باجابته القاطعة ، كان يشعر بالخوف قليلا مما إذا كان ليوبارد سيستخدمه لقيادة سيرينا نحو جسده الرئيسي بحثا عن الانتقام .

فكر ليوبارد قليلا قبل ان يقدم اجابته

-مهارة الاستنساخ هي مهارة عُليا لكنها معيبة في الأصل ! اذا ما خرج الاستنساخ عن سيطرة الجسد الرئيسي فهو يتمتع بحرية كاملة مادام يزود جسده بكميات كبيرة من الأثير كل فترة ."

هتف ثيودور في دهشة

-لكن الا يعني هذا ان المكان خارجا سيكون مليئا بالاستنساخات المستقلة ذاتيا!"

شعر بالرعب من هذا الفكر إلا ان نظرة معلمه المليئة بالمرارة اسكتته

-انه من المستحيل ! بدون وسائل خاصة فهذا الحل المؤقت سيمنعني من التبدد لعشر سنوات قادمة على الأكثر ! واذا ما كان حظي سيئا وقابلت الجسد الرئيسي فسأختفي قبل ان اتمكن من تحريك عضلة !"

كان لكل مهارة ايجابياتها وسلبياتها ولم يكن نتاجا سوى عن عيب في احداها !

صمت ثيودور طويلا يشعر بقليل من الشفقة على معلمه لكن لم يلبث طويلا حتى قاطعه صوت ليوبارد المتحمس

-حسنا انتهيت !"

-بهذه السرعة ؟"

تسربت ابتسامة رائعة على وجهه الصغير لم تُرى منذ فترة جراء هول الأحداث التي حصلت معه اليوم

تراجع ليوبارد للخلف قليلا

سمح هذا للاثنين برؤية الاحجار المكانية تتبع ترتيبا غريبا وهي تربط نفسها بالاثير مشكلة بوابتي نقل .

-الاماكن التي نذهب اليها قريبة من بعضها لذلك لن يكون تداخل الفضاء مشكلة ! يمكنك الذهاب اولا "

امسك ثيودور بحقيبته متحمسا وخائفا في نفس الوقت ،

ألقى نظرة أخيرة على معلمه والقاعة حوله ليتجه صوب احدى البوابات التي اشار نحوها الاخير

-تذكر ان لا تتمسك بالآداب كثيرا في الخارج ، سيكون وضعك محفوفا بالمخاطر إذا ادرك أحد انك لست من العامة ، ايضا لا تنسى دروسك ومراجعة ما تعلمته مني سابقا !

ترددت صدى ضحكات ثيودور في القاعة، كان سماع معلمه وهو ينصحه بترك آدابه التي بذل جهدا كبيرا في تعليمه اياها ممتعا جدا لأذنيه، لكنه كان ممتنا لخيط الحزن الذي استشعره من نبرة صوته،

كانت هذه اول مرة له في العالم الخارجي ! وربما يمر وقت طويل قبل ان يلتقيا مجددا !

- سيرينا ..رئيس الخدم وداعا "

همس بهذه الكلمات قبل ان يختفي شكله في ممر الفضاء فجأة !

لم تمض نصف ثانية على دخوله حتى دخل ليوبارد الممر الثاني ايضا

-آمل ان نتلتقي مجددا !

اختفى صوته وشكله هو الآخر لتسقط الاحجار ارضا ويعود الهدوء مخيما على هذه الغرفة الكئيبة

°°°°°°

-اذن هذا ما هو عليه ممر الفضاء !"

نظر حوله في إعجاب ،كان الوقت هنا متوقفا لذلك لن تمر سوى ثواني قليلة بالخارج مهما طال بقاءه هنا ، لكن هذا كان مستحيلا بسبب الضغط الذي على الجسم تحمله كلما ارتفع مستوى قوة الشخص ،

كانت الثواني الاضافية التي يستطيع قضاءها هنا هي مكافأة رائعة للعاديين مثله الذين لم يوقظوا بعد.

-هووه كل ما علي فعله هو المرور هناك "

كانت مجرد طريق صغير مضيء بلون فضي يبلغ طوله ستة أمتار ينتهي بهوة سوداء غريبة ،

حوله كانت التشوهات المكانية محيطة بحاجز بلوري يحمي الممر

-اذن هذه هي قدرة الاحجار المكانية !

إن انشاء العازل الذي يحمي الطريق هي القدرة العجيبة لهذه الاحجار والتي تجعلها نادرة وقيمة .

-اتساءل ان كان قويا كما يشاع ؟

كان الاختلاف بين الحاجز المستقر والمضطرب كبيرا جدا، بدون قوة كبيرة تمارس من الخارج او الداخل فلن يتحطم الممر بسهولة ابدا .

وقد كان هذا احد الاسباب التي لم تجعل ثيودور يخاف ان يغدر به ليوبارد عند مروره .

سار بخطوات طويلة وحذرة بأقصى ما يستطيعه بقدميه القصيرتين ، لم يُرد الجري خشية أن يحدث خطأ ما حتى مع ثقته ،

-صحيح ان الحاجز الداخلي التي تضعه الأحجار اقوى من ذاك عند المدخل لكن اغلب جهوده تذهب في صد الشقوق المكانية خارجه "

كان ثيودور قلقا قليلا لأن هذه كانت أول مرة يعبر فيها ممرا مكانيا، ولمكافأة فطنته تجنب حادثا مروعا جعل وجهه الابيض يشحب اكثر فجأة

على بعد خطوات منه تم قطع جزء من الطريق العريض بصدع فضي لم يرى نهايته

-كيف !! "

فزع ثيودور مرتجفا مدركا أن اسوأ افكاره قد تجسدت امامه.

لم يستطع إلا اطلاق صرخة ألم عندما تم كشط جُرح طويل في ذراعه لمّا ظهر صدع اخر بجانبا . اكتشف في خضم ألمه ان ضوءا فضيا قد احاط جسده في وقت ما وكان سببا في حمايته الآن

-اركض !! "

كانت افكاره الفوضوية تتجلى في فكرة واحدة حث بها قدميه المرتجفتين على التحرك.

لم يلبث ان سار خطوتين حتى تغنّى لمسامعه صوت تصدعٍ للحاجز فوق رأسه.

-لماذا حدث هذا !! لماذا ينكسر الممر فجأة ! "

لم يستطع ترتيب أفكاره وأنفاسه المتخبطة والخائفة وهو يحاول تنظيمها في أملٍ لمنح صدره الضيق متنفسا وقد صار بصره مشوشا بسبب تداخل التشوهات المكانية في الطريق امامه .

-فقط تابع للامام ثيودور !"

حث نفسه على المشي بعد علمه بأنه لا يستطيع التقدم او التراجع .

تشبث بأمله الضئيل في الضوء الذي يحمي جسمه لكي لا يُقطع في فوضى دموية،

بالكاد تمسك بوعيه إثر ألمه الناجم عن الجروح التي تخدش جسده في كل ثانية تمر إلا انه سرعان ما فقده عندما انتهت قدرته على الاحتمال تماما .

خفت الضوء حول جسده لثانية ليندلع بعدها بعد ان اضاءت القلادة حول عنقه ،

وعكس المتوقع إمتصت كل الاثير من التشوهات حوله ليختفي مع الصبي من الممر فجأة !

2022/01/22 · 290 مشاهدة · 1318 كلمة
Kirara
نادي الروايات - 2025