-همم هذا ما حدث اذن .."
شد الرجل يده حول ذقنه مفكرا وهو ينظر الى يده الاخرى التي تحمل قلادة لازوردية منقوشة بدقة ،
كان ثيودور يحدق به بشدة يلهث بحثا عن الهواء جراء حديثه المطول وهو يركض
حتى الآن لم يفهم كيف أن الرجل يمشي بهدوء ولا يزال يلحق به دون جهد يذكر ، كان الأمر وكأنه يقطع عدة خطوات في خطوة واحدة .
-اذن هل تقول انك هربت لأن رجلا في احلامك حاول قتلك ، وان هذا كان بسبب هذه القلادة ؟
اومأ بوجه شاحب .
كان اخباره عن قلادته مخاطرة كبيرة لغريب . الأدهى من ذلك انه قد يكون عدوا في المستقبل اذا عادت ذكرياته .
،لكنه لم يستطع إلا الشعور بإلحاح وضعه وحاجته الى مناقشته مع شخص ما لديه معرفة كافية .
لم يستطع اخبار سيرينا بالامر لقد كان خائفا مما قد يحصل بسبب هذا والمخاطر التي قد تتحملها لاجله ،
كان كل حلم للرجل المقنع له في ذهنه يصرخ بضرورة الهرب والابتعاد عن من حوله.
-ايها المعلم ماذا عن ممر النقل الآني المحطم !"
اخبره بهذا سابقا لكن الرجل قد تجاهل ذلك تماما وحدق بالقلادة في انبهار وكأنه ليس هنالك غد .
تساءل للحظة عما اذا كان معلمه قد تم التحكم فيه مجددا .
لمفاجأته رد ليوبارد هذه المرة بعد إبعاد نظراته عنها
-لا تهتم بذلك ، من ذكرياتي ، من المفترض أن اصلاح ممر مكاني بسيط لإخراجنا من الغابة حول القصر على الاقل لن يكون مشكلة كبيرة مادام ان هناك حجارة مكانية كافية "
انبهر من رده حقا ، لقد علم سابقا كم كان الأمر صعبا فقط من خلال النظر للاحجار ،
اذا قال معلمه هذا ،فهذا يعني انه يحمل على الاقل شهادة عالم اول في هندسة النقل .
كان هذا شيئا نادرا حتى في الدول العشر مجتمعة ، تساءل بجدية حقا عن هوية معلمه وقرر البحث عنها حال خروجه .
لقد اضاء كلامه الامل في روحه مجددا !
خرج من افكاره لما شعر بشيئ يقذف نحوه.
مد ثيودور يديه ليمسك بها متعثرا وشعر بانزعاج طفيف لرمي الأخير تذكار امه الوحيد بلامبالاة هكذا
-انه حجر امانيسيا "
-امانيسيا ..كاسم القارة!؟ "
اومأ معلمه شارحا
-اسم امانيسيا في اللغة من اطلال الحضارة القديمة يعني" القارة المنسية"، ولكن في بعض الكتب القديمة هناك مرادف آخر للكلمة ويعني الذكرى الأخيرة ،
حجر أمانيسيا كان أحد الاحجار النادرة التي وُجدت في الاطلال واطلق الناس عليه فيما بعد اسم "حجر الذكريات " .
-حجر الذكريات لما ٱعطي هذا الاسم ؟ "
-حسنا هناك سبب لهذا ..لكن ذكرياتي القديمة تحثني بطريقة ما على عدم اخبارك "
عبس ثيودور لكلام معلمه الغريب سائلا
-اذن لن تخبرني ؟ "
-في الواقع لا ! لكن استطيع ان اشرح لك بعض وظائف الحجر.
-مثل ماذا ؟"
-الذكريات !"
-؟؟؟"
-خبرات صاحب هذه القلادة سابقا قد تكون مسجلة في الداخل .
أخبرتني سابقا عن حلمك الغريب أليس كذلك ؟
يمكنك القول أن القلادة تخزن أثرا للرجل المقنع في حلمك ولأنه قد يحمل سوء النية اتجاه صاحب القلادة السابق فقط تم تعديله بحيث يُحذره حال اقتراب المقنع من الوصول اليه .
قد يتم ذلك بعدة طرق وأدناها هو استخدام مخاوف الشخص لإبراز أكثر السناريوهات احتمالا لحدوثها اثناء لقائه وكانت أحلامك احداها !
-ماذا !!كيف يتم تحذيري من اقتراب الرجل حتى ؟ كذلك هل تعني ان احلامي وموت سيرينا كان مجرد اوهامي !
إذن كيف تفسر معرفتي بكتب لم اقرأها في الواقع وماذا عن الممر السري !! "
تردد ليوبارد للحظة في مواجهة اسئلته ليابع شرحه
- يمكنك القول ان حجر الذكريات هو حجر مميز يستطيع التواصل مع الاحجار من نفس النوع في نطاق معين منه اعتمادا على مدى نقاءه ،
في النهاية حتى الاحجار لها رتب كذلك ،
-مادام الشخص الذي حدده الحجر يمر في نطاق اكتشافها فهي تستطيع اخبارك ،
لكنني مدهوش من حقيقة انه بدأ بإعلامك بنية المقنع منذ عامين عندما وجدته اول مرة! يا لها من مثابرة !
هذا يعني فقط ان الرجل كان يبحث عنك او عن المالك السابق لمدة أطول من تاريخ عثورك على القلادة !"
-كذلك الطاقة التي يحتاجها الحجر لدعم نفسه لتحذيرك كل هذا الوقت هي كبيرة حقا ،
عليك الاحتفاظ بهذه القلادة بعيدا في مكان آمن، رتبة حجر أمانيسيا التي صنعت منه لا يجب ان تكون منخفضة وقد تُقتل لو اكتشف احد ذلك "
كانت نصيحة جادة رسمت على تعابير وجه ليوبارد المرتاحة سابقا ليتابع
-الاحتمالات التي تراها في أحلامك استندت على قياس الأثير الذي يقوم به الحجر للشخصايات حولك ومقارنتها بالتهديد الذي تواجهه .
من هذا ، من المؤكد أن الساحرة ستعاني موتا رهيبا لو قابلت الرجل حتى في الواقع "
تيبست أطراف ثيودور وهو يسمع هذه الكلمات ، إلا أن معلمه لم يعطه وقتا لالتقاط انفاسه وهو يتابع
-اما عن المعرفة بالكتب أو الممر في حلمك والنضوج الذي شعرت به فجأة في طريقة تفكيرك وتصرفاتك ،
فهي على الاغلب نفسها خبرات الشخص السابق حامل القلادة،بالاضافة الى معرفته المسجلة فيها والتي انعكست بلا وعي في تصرفاتك !"
-لو عاودت تذكر احلامك جيدا والانتباه لها للاحظت أنك تمارس عادات ليست لك في الأصل،
بالإضافة إلى أن حبك للقراءة وتأثرك بها دفع الحجر لمزج بعض هذه المعارف في أحلامك و بالمثل مع رغبتك في الخروج والممر "
ضحك وكأنه يتذكر شيئا
-عادة تستعمل هذه الطريقة من طرف النبلاء لتعليم اطفالهم ذوي القدرات الذهنية البسيطة دروس قواعد الآداب"
شعر ثيودور بالسوء وهو ينظر لمعلمه الذي يحاول إزعاجه بكلماته الجارحة لكنه كان ممتنا له لاخراجه من حالة تفكيره الكئيب سابقا
-هل تعني ان الشخص الذي حمل القلادة سابقا قد قرأ كل الكتب التي قرأتها ؟ هل هي امي ؟ "
تمتم بآخر كلماته بصوت منخفض
-نعم من المؤكد أنه فعل ،وقد تكون هناك معارف اخرى في الحجر لكن مستواك لا يسمح بوصولك إليها ،في النهاية لست سوى طفل لم يمر بالإيقاظ بعد "
-لكن ..." تابع ليوبارد في حيرة
-اشعر بوجود أكثر من علامة على الحجر !
عادة أصحاب أحجار الذكريات لا يسمحون للآخرين بوضع علاماتهم عليها ،
السماح بواحدة يعني شيئا كرمز وصول لما بداخله ويمكنهم حتى التغيير فيه ،وهذا يتنافى مع خصوصية الافراد الحاملين له ،
لكن خاصتك مختلف ، يمكنني الشعور بالعديد... ستة على الاقل ! "
لم يستطع ليوبارد تفسير هذه الظاهرة الغريبة وعزى ذلك للطبيعة غريبة الاطوار للحامل السابق
لم يكن لثيودور رأي في هذا ايضا، لقد وجد القلادة منذ سنتين لذلك هو يعلم فقط انها كانت تخص امه سابقا،
كما ان نعت معلمه له بالطفل قد أسكته وآذى كبرياءه بشدة عندما علم أن كل ما حدث كان في خياله كطريقة تعليم.
- لا زلت شخصا عاش 24 سنة ..حتى لو في احلامي! "
نفخ خديه الغاضبين بهذا متمتما