القى ثيودور نظرة حوله قبل أن يجلس أخيرا على السرير البارد .
كانت الغرفة مصنوعة من معدن نادر يحبس الطاقة هنا من التسرب للخارج .
نشر احساسه وشعر بعد عدة دقائق بتسرب هالة الشفق والأثير ببطئ .
سيستمر الحال على هذا النحو لعدة ساعات حتى تستقر الهالتان بالتساوي تماما .
كان الاختبار يقتضي أن تملأ الغرفة عن آخرها بهالة الشفق والأثير ويجب أن تكون نسبهما متساوية في كل وقت من اجل منع تصادمهما وإلا سينتهي الأمر بكارثة .
لهذا مُنعوا من فتح البوابات بدون سبب خاص لأن الأمر سيخل بالتوازن بين الطاقتين محدثا رد فعل عنيف ،
كان عمود الضوء بالخارج والكرة آلة تتأكد من ضغط الطاقة وقياسها في كل وقت.
قرر الاستلقاء على السرير وافراغ حقيبته أولا
كان "سيلفاتور" قد حزم له بعض الحصص الجافة بالاضافة أنه تأكد من احضار كرة " إيشن" معه .
لم يكن القانون الذي ينص على الاستيقاظ للعامة على المدن في سن العاشرة مزحة ،
كان ذلك لأنه مائن تستقر الهالة هنا وتُضغط الى أقصى حالاتها يجب على الطفل تحفيزهما لدخول جسده ،
عندما يحدث ذلك ستجبر القوتان على الصراع وعلى الطفل محاولة التواصل مع أحدهما، ومائن ينجح ستقوم الهالة التي قبلها جسده بطرد الٱخرى وينتهي الاستيقاظ هنا معلنا كونك فارسا أم متحكم أثير .
لكن بنية الطفل الذي لم يبلغ العاشرة حسب دراسة العلماء بلونا أثبتت أنها غير قادرة على احتمال الضغط وقد يتم كسر عظام وأوتار الشخص في هذه العملية ،
لذلك تقوم العائلات النبيلة بسد هذا العجز بواسطة أحجار القمر عالية المستوى لدعم اطفالهم في هذا الاختبار.
لحسن حظه رغم أنه لا يستطيع استخدام " إيشن" ولكنها عبارة عن مخزن أثير متحرك ، لذلك لم يقلق من نقص الطاقة على الاقل .
ظل يحدق في السقف طويلاإالى ان جافا النوم عيناه بسبب شعوره بالملل .
°°
فتح عيناه بعد وقت لم يدركه ، كان هذا لأنه انتفض فزعا بعد أن أدرك أنه لا يستطيع حتى رؤية يداه
- هل انتهى تحميل الطاقة ! تحولت الأثير وهالة الشفق بالفعل الى ضباب كثيف .
في نظره، كانت الأضواء الغريبة تقترب من بعضها تارة وتبتعد تارة اخرى وكأنها تقيس بعضها البعض .
امتازت هالة الأثير باللون الفضي الأزرق في حين أن هالة الشفق كانت مزيجا من الأخضر والبرتقالي لذلك لم يخشى أن لا يفرق بينهما .
- لقد حان الوقت ! لا بل قد اكون متأخرا عن الأخرين بخطوة ! "
تحرك من مكانه على السرير مع " ايشن" يتحس الأرض بخطاه بحثا عن السجادة ،
جلس عليها وأغمض عيناه محاولا الشعور بالقوتين .
كان التواصل معهما سهلا ولم يتطلب جهدا لتوجيههما نحو مسام جلده.
شعر بتدفقها نحوه وحاولا تهدئتهما قدر استطاعته بعد احساسه بهياجهما .
كان الأمر وكأنك دست على ذيل قطة ، انطلقت القوتان فجأة معا في صراع شديد! .
شعر بعضامه تتصدع من الضغط ليصر على أسنانه ممسكا " إيشن" مستفيدا من طاقتها لدعم جسده.
ظل على هذا الحال لوقت طويل ربما ساعات حتى بدأ يشعر بالدوار .
- ألم تقرر بعد ؟ ما الأمر معك اختر واحدة فقط ! "
كان من المفترض لجسده أن يعطي رد فعل على أي من الهالتين ويمتصها للتخلص من الٱخرى أو سيموت .
كان السبب في بناء منصات الاختبار هو خفض نسب الوفاة جراء الاستيقاظ ،
قديما لم يكن للبشر وباقي الأجناس خيار سوى المخاطرة بدخول الحدود بين ضباب الأثير وهالة الشفق خارج المدن العائمة لايجاد فرصة !
اما الآن وبعد قرون، تقدمت الدراسات لتأمين هذا الحدث على المدن العائمة دون اللجوء لطريقة كهذه ! كان ذلك بتقديم بيئة مغلقة شبه مشابهة للوضع في ذلك المكان لكن مستقر أكثر بكثير .
أدى هذا لازدياد نسبة الاستيقاظ وخفض الحوادث لواحد في الألف !
- لن اكون غير محظوظ لهذه الدرجة صحيح ؟" لفظ الكلمات بين أسنانه قلقا من وقوع حادث .
زادت حدة الصراع بين الإثنين وزاد الضغط الذي عليه تحمله بمرور الوقت وفي وقت ما كاد يغمى عليه بالفعل .
فجأة ارتفعت هالة فضية حول جسده وبدأت بامتصاص الأثير بشراهة
-أخيرا !! "
كاد يطير من الفرح ولكنه لم يستطع إلا الارتجاف بسبب الارهاق .
كان يبذل جهده لدعم نفسه محاولا توجيه الأثير لطرد هالة الشفق رغم شعوره ببعض الأسف لعدم استيقاظه كفارس .
-ما الأمر الآن ؟"
اراد أن يصرخ بعد ان وجد مشكلة عند ظنه ان الٱمور انتهت
- الأثير لا يستجيب لي ! "
استمر جسده في امتصاص الأثير بطريقة تنذر بالخطر وفي وقت ما تحولت الهالة الفضية لحمراء قاتمة.
رغب في البكاء لكنه لم يستطع انتاج الدموع كان وضعه فوضويا وأنفاسه تزداد اضطرابا .
- هل لهذا منعتني سيرينا من الاستيقاظ ؟ هل كانت تعلم أن الامور ستنتهي هكذا ؟"
لم يستطع قطار تفكيره إلا أن ينقطع وهو يشاهد هالة ثالثة زرقاء امتدت لتمتص هالة الشفق والأثير معا ! .
تصادمت الهالات الثلاث فيما بينها وهي تدفع بعضها البعض .
-لا استطيع حتى التنفس ! "
مد ثيودور يده بعد أن يئس من وضعه داعما نفسه بصعوبة يريد ضغط الزر الأحمر على الباب.
لكنه لم يجد اي طريق للتحرك !
فجأة .شكل اضطراب القوى الثلاث عاصفة انتهت بانفجار هالة الشفق والأثير في وضع فوضوي !
سرعانما تحولت الغرفة المعدنية لركام وامتدت الفوضى لتطال باقي الغرف !!
°°°°°°°°°°°°
-سيد ألن تعود للمنزل لقد مر يوم بالفعل .."
نفى جايدن برأسه
- أخي يخوض الاختبار لأول مرة يجب ان ابقى وٱشاهد لحظة خروجه "
عبس الخادم للحظة قبل أن يقول
- لقد بقيت عند استيقاظ السيد " دايان" وانتهت ٱموره بخير ولكنك عانيت ليلتها بسبب الارهاق بعدها لوقوفك يومين متواصلين في نفس المكان ،
سأبقى هنا.. يمكنك العودة للمنزل والراحة.
- "سيلفاتور" ماذا تعتقد أن آيس سيصبح عندما يستيقظ ؟
لم يفهم الخادم لما غير الشاب الموضوع فجأة لكنه أجاب كالعادة
- للإجابة على سؤال السيد ، هذا الخادم لا يستطيع التخمين حقا لكن تبعا للظروف لن يكون في صالحنا إذا استيقظ كفارس ،
كان السيد الأصغر مصابا باضطراب الأثير ولن نستطيع شرح الأمر بعد كل شيء"
نظر جايدن بحدة لخادمه للحظة بطرف عينه قبل أن يعود لطبيعته قائلا
-" سيلفاتور" أعلم أنك لا تظهر أي ولاء حقيقي لآيس لأنه ليس بريتيا ، لكني من جررته لهذا وأصبحت الوصي عليه لذلك ٱعامله كفرد منا ، بريتيا حقيقي ولا أنوي التراجع عن قراري هذا لذلك ..."
استدار بكامل جسده نحو خادمه ينظر له بحزم وكأن الفرق في طولهما لا يؤثر على خط بصره ومن ذلك لثقة صوته
- ٱريدك ان تعامله هكذا ايضا ! "
أراد سيفاتور الإجابة لكن الانفجار الذي اندلع خلف سيده حال دون ذلك .
توسعت عينا الخادم وهو يجر الشاب للخارج.
- سيلفاتور انتظر ! ، آيس لا يزال بالداخل ! "
لم يرد العجوز على كلماته بل اختفى معه من القاعة في لحظة.
°°°°°°°°°°°°
كان لديه حلم طويل . . . لم يستطع ادراك ما حوله لكنه كان بإمكانه بشكل ما الشعور بتنفسه المضطرب .
هل كان يلهث ؟ لما ؟ لماذا يركض؟
لم يستطع التفكير في السبب لكن في نفس الوقت شعر بالحاجه لإيجاد شخص ما .
كان يشعر بإحساس قدميه المندفعتين على الأرضية الحجرية ومن لحظة لٱخرى يسمع بغموض صوت الصرخات العالية وطلبات استغاثة .
- لماذا يصرخون ؟ "
لم يستطع الفهم لكنه شعر بالغرابة أكثر لأنه تجاهلهم وواصل الركض إلى أن غطى بصره جدار أحمر عال ، وسطه كان هناك ظل لشخصية ضبابية تنظر نحوه .
تعرف بضعف فيه على الرائحة الكريهة للإحتراق .
- من ؟ "
اراد السؤال عن هوية الشخص لكن الصوت خلفه هزه بشده .
- اهرب !! "
احس بدفع شخص ما لظهره فجأة ليسقط وتختفي الصور من حوله معيدة كل شيء للظلام
°°°°°°°°°°°°
- أين انا ؟؟"
تكلم بضعف يفتح عيناه ذات المزيج الأزرق والفضي في تساؤل
حدق بالسقف وهو يشعر بالثقل على قدميه .
- أراد الصراخ على أحد لكن جفاف حلقه منعه من ذلك.
بقي على حاله لفترة طويلة محدقا بالمنظر خارج نافذته .
لقد عاد إلى غرفته بوقت ما ، لكنه تذكر بوضوح أنه كان يجري اختبار الإيقاظ بالمنصة.
عبرت ذهنه لحظات الكارثة التي مر بها ليرتجف خائفا
- كان ذلك قريبا ! كدت اموت ! "
تمتم شارد الذهن يتساءل عن ماهية الهالات الثلاث التي رآها ؟ هل كانت عناصر ؟ لكن أي عنصر يمتص الأثير وكأنه يبتلع خزان مياه.
كذلك لا ٱحس بأي من الأثير الممتص متبقيا على جسدي .
كانت هالته فوضوية واحتاج ليستقر لبعض الوقت قبل أن يستطيع التحقق من وضعه
- هل أنا متحكم أثير أم فارس ؟ هل استيقظت حتى ؟ "
تذكر الصراع والعاصفة التي حدثت ثم الانفجار ليمسك رأسه بألم
- ٱدرك الآن أن سيرينا ورئيس الخدم لم يسمحا لي بالتجربة فقط لمصلحتي"
كانت نجاته ٱعجوبة لم يفهم كيفية حدوثها .
نهض يتكئ على وسادته لتنحني تعابيره العبوسة بعد ذلك في لطف وهويحدق بالمرأة التي نامت برأسها عند قدميه من الارهاق .
- ٱمي . . . لا شك أنني اقلقتها كثيرا "
شعر بطعم الأسف في فمه ، كان متعلقا بهيلين كثيرا وخشي في نفسه أن يجعلها تحزن .
معها قريبة كان يشعر حقا بدفئ الٱسرة ، لم يكن هناك كلمات مثل أنا خادمة لذا لن أفعل هذا وذاك مثل سيرينا ، كانت " هيلين" تظهر حبها له دون أي حواجز .
آلمه قلبه في تفكير أنه سرق مكان ابنها الحقيقي وأنه يخدعها لكنه خاف أن قول الحقيقة لها قد يضاعف من اعراض مرضها، لذلك التزم الصمت عن وضعه مثلما اتفق مع جايدن .
سمع طرق الباب لتدخل كلارا بعدها حاملة صينية شاي تفوح برائحة طبية
- أنت مستيقظ ؟" شعرت بالدهشة للحظة قبل أن تقترب تتحسس حرارته .
- هذا مذهل ، حالتك استقرت بالفعل ويجب ان تعود على قدميك قريبا.
تركها حتى انتهت من فحصه ليسألها أخيرا عن ما يجول بخاطره .
- ماذا حدث ؟ "
رفعت حاجبها باستغراب تسأله
- هل لا تذكر حقا ؟ انفجر مكان الاختبار وسوي بالأرض تماما ، كانت تلك مأساة حقيقة ..
- ماذا !!