كان عشاءا هادئا عكس ما ظنه ثيودور بالأحرى لم ينبس الجميع بالطاولة ببنت شفة عدى هيلين التي بدت سعيدة بتجمع عائلتها ولم تتوقف عن الكلام.
وضع جايدن سكينه وشوكته على الطاولة قبل تمني ليلة سعيدة لهيلين والجميع ليغادر إلى مكتبه قائلا أنه سيكون مشغولا الليلة .
لم ينسى الاشارة لثيودور أن يتبعه لأجل التحقق من صفاته .
نظر "دايان" نحوهما يلوي شفتيه قبل أن يُنزل عينيه للطاولة يغرس شوكته في آخر قطعة لحم بطبقه .
-هل هو لذيذ دايان ؟ "
أومأ الفتى بهدوء قبل أن يبتسم
- طبخك هو دائما الافضل ٱمي ! لا تعرفين كم سئمت الطعام بالمقصف ! "
-ساحرص على إشباع براعم تذوقك قبل عودتك ! بالمناسبة كم ستدوم عطلتك هنا ؟"
أمال الصبي رأسه مفكرا قبل أن يجيب .
-شهر واحد .."
-هذا يكفي بالفعل " ردت هيلين بلطف تمشط شعر ابنها .
°°°°°°°°°°°°°°
مثل المرة السابقة استخرج سيفاتور الكتاب مقربا إياه نحوه
لم يتردد ثيودور في وضع يده عليه.
أضاء الكتاب مقلبا صفحاته ليتوقف في صفحته الشخصية مجددا .
أنزل بصره يتبعه الآخران نحو الكلمات الجديدة بملفه.
الحالة : مستيقظ
الهالة : مستقرة
التخصص : فارس، متحكم أثير
العنصر : فحم ييغرو
ملاحظة من محكمة المواطنة:" إن لم تجد وظيفة يرجى الالتحاق بالمناجم في أقرب وقت !"
ارتعدت جفون ثيودور لمّا لمح ماهيتة عنصره المستيقظ !
لم يكن حبس الإمبراطورية أبناء وأحفاد عُمال المناجم بالمستعمرات دون سبب،
كان عنصر ييغرو شيئا شائعا بين المستيقظين فيهم وكان الأفضل عند العمل بالمناجم، ذلك لأن مناجم احجار القمر كانت تعج بهذه المادة وسيكون من السهل ابعادها وتعدين الأحجار !
تنهد جايدن بخفة شاعرا بالذنب لإحساسه بالإرتياح قليلا بسبب النتيجة
رفع رأسه محدقا في ثيودور الذي شحب وجهه ومد يده لرأسه مربتا عليه
- ليس عليك أن تشعر بالحرج من هذا، في الواقع سيكون من الغريب لشخص أتى من مستعمرات منخفضة المستوى أن يوقظ شيئا خاصا .
-لما هذا ؟ "سأل ثيودور بصوت ممتعض
- تعتمد المواهب بالكامل على السلالات ، إذا كان أحد أسلافك قد وصل شمسه الرابعة مثلا فهناك فرصة أكبر لنسله بالوصول لتلك المرحلة أيضا .
العناصر كذلك ، إذا كان والداك أو اسلافك عمالا بالمناجم فمن المحتمل أن يتأثروا بالهالة هناك وتكون فرص استيقاظ هذا العنصر أكبر لهم ولأطفالهم " .
-اذا ماذا عن الأسلاف ؟ كيف لهم أن يصبحوا اقوياء دون موهبة السلالة ! "
ابتسم جايدن على كلامه
- إنه بسبب الحظ والكنوز الخاصة بالطبع ،
تُصنف العائلات القديمة على أنها نبيلة لأن لديها يدا أكبر على الموارد والبتالي يتمتع نسلهم بذلك ويصبحون أقوى جيلا بعد جيل ومن المستحيل كسر هذه الحلقة دون ظروف خاصة !
لماذا تعتقد أن النبلاء رفيعي المستوى يحتقرون النبلاء الجدد ؟ انه لهذا السبب بالذات!
لأن سلالتهم لم تخضع لمحاكمة كافية من الزمن ويمكن أن تندثر في أي وقت مع مواردهم القليلة"
تابع جايدن مازحا في ثيودور
- لأكون صادقا رغم أني من اخترتك بنفسي لكني كنت قلقا بشأن ماضيك .
لكن الآن أنا واثق من أنك تنتمي للمستعمرات ،
لن يكون عنصرك المستقظ هو فحم ييغرو إن لم يكن والداك او أجدادك عمال مناجم من قبل ."
همهم ثيودور في فهم ولم يلم جايدن على شكه، لكنه لا يزال يشعر بالإستغراب من الوضع الحالي
-هل كنت مخطئا ؟ هل والداي هم عمال مناجم، لكن ماذا عن القصر ؟
تذكر ٱمه قبل يخمن
- ربما والدي كان واحدا ؟ "
قطع أفكاره صوت الشاب الذي تكلم بصوت فيه شيء من الأسف
- لكن ليس عليك أن تحزن ، إن إيقاظ موهبة مزدوجة في التحكم بالأثير وكونك فارس شفق هي نادرة بالفعل،
حتى أني بالكاد أستطيع عد اسماء لشخصيات كهذه "
لم يعقب ثيودور على كلامه أو أظهر أي رد فعل للفرح بهذا الشأن ،
كان يعلم أن الشاب ظن أنه جاهل فاستغل هذا لتعزيته .
لكن حسب معرفته لم يستطع جايدن عد الأسماء لأنها سرعانما سقطت في التاريخ الطويل !
كان الحصول على موهبة القدرة على امتصاص الأثير والشفق تبدو رائعة لكنها ستزيد من صعوبة اختراق المستوى التالي فقط .
لانه بدل ملئ وعاء واحد كان عليه الآن ملؤ اثنين !
احتاج إقامة عقد مع بلورتي جوهر إذا أراد موازنة قواه وعدم تعثره ،
لكن شراء واحد كان مكلفا جدا ناهيك على حاجته لمضاعفة تدريبة وكسب أحجار القمر !
شعر بالدوار من التفكير بهذا !
لفت جايدن انتباه الطفل الشارد عندما ظهر بيده صندوق في وقت ما ومده نحوه .
- إنها هديتي على استيقاظك الناجح !"
فتح ثيودور الصندوق ليشهق في مفاجأة
- بلور جوهر ! "
اومأ جايدن مجيبا
- إنه جوهر عنصر من نوع الرياح ، قد يكون التوافق مع بلور عنصر من نوعك أفضل لكن جوهر الرياح الذي ٱقدمه لك قادم من وحش نادر وسيزيد من مواهبك ولن يعيق تقدمك كثيرا لاحقا ،
للأسف لست سوى نبيل ساقط ولم أستطع مد يدي إلا على هذا .."
ارتجفت يد ثيودور التي تمسك الصندوق.
بلور نادر ؟! كان هذا شيئا ثمينا جدا !
يمكن تصنيف البلورات حسب الوحوش التي ٱخدت منها في خمس أنواع -عادي- مختلف-نادر-غامض واسطوري .
كان آخر اثنين شيئا لا يُرى إلا مرة كل دهر بسبب أن الوحوش التي تُؤخد منها قوية جدا وتعيش بقلب أمانيسيا .
لذلك يمكن القول أن البلور المصنف ك"نادر" كان السقف الذي يتطلع الجميع للحصول عليه .
-لا يمكنني قبول هذا " رد ثيودور بحسرة
نفى جايدن بابتسامة
- أنت بريتيا الآن وأنت واحد منا ،ليس عليك ان تخجل من أخذها .."
شكره ثيودور يمسك بالصندوق بشوق ، كان على شفى الإنهيار عندما علم أن عنصره مصنف كالأدنى.
لم يكن هذا لأنه احتقره بل واقعا ، إذ أن جميع عمال المناجم لا يستطيعون تكوين شمسهم الأولى وكانوا أضعف فئات المجتمع.
لذلك احتاج للتّمسك بأي شيء يمكنه تغيير وضعه ،
كان التجول عبر الإمبراطورية خطيرا ويحتاج القوة لحماية نفسه عندما يترك هذه العائلة بالمستقبل !
- أيضا ٱريد منك أن تتدرب مع سيلفاتور على حمل السيف ابتداءً من الغد ! " أضاف جايدن .
تردد ثيودور قبل أن يجيب
- لكن أليس من المفترض أن اتظاهر فقط بأني متحكم أثير ؟"
لم ينسى مشكلة مرض آيس ، لم يستطع التجول والقول أنه فارس وإلا سيشك الجميع بأمره، حتى "هيلين" قد تدرك الخطأ وتبدءُ التساءل بشأن الحقيقة !
فهم جايدن المعضلة التي يسأل حولها فأشار للجبل البعيد قائلا .
- لن تتدرب هنا بل ستذهب للقصر الذي وجدته أنت وصديقك ، القاعة الرئيسية كبيرة جدا وتكفيك لاستخدامها .
يمكن اعتبار السفر من و إلى القصر كتدريب لتحمل جسمك ، سيشرف سيلفاتور على هذا وسيرافقكم دايان .
- دايان سيذهب كذلك ؟ هل سيوافق ؟ "
ابتسم جايدن مغمضا عينيه بتأمل
- حسنا إن أخبرته أن باب القصر يحوي عدة تشكيلات منقوشة عليه فسيذهب بالتأكيد ! "
-هل يستطيع فهمها ؟"
لقد أدرك ثيودور أن هناك العديد من النقوش على الباب عندما فتح الممر السري نحو التابوت ، إذا كان يوجد فخاخ فلابد أن الباب أو الارضية حول القاعة عليها تشكيلات مختلفه.
-لا اعلم ولكن دايان هو الشخص الأفضل الذي أعرفه ويدرس هذا التخصص "
-فهمت .."
جلسوا للدردشة بعدها قليلا قبل أن يستأذن ثيودور عائدا إلى غرفته.
جلس على سريره يفكر طويلا في أي قرار يتخذه .
كان جايدن قد أخبره أن لا يتسرع في إقامة عقد مع جوهر الرياح حتى يتأكد من أي طريق سيختاره للمستقبل لأنه لن يستطيع إلغاء العقد حال ارتباطه .
- لكن لا توجد خيارات ٱخرى ! أشك في أنني قد أجد أي بلور نادر في أي وقت قريب !
لدي جوهر الأرض كذلك لا ٱدرك مستواها مذ أنها لم تتشكل بالكامل بعد ،ولكن لأنها جاءت من تنين من سلالة الحامي فلا يجب أن تكون عادية .
سيتحول الجوهر لشكل بيضة وحش مائن يتعاقد معه وكانت فكرة حصوله على تنين كمرافق مغرية للغاية، لكن عدم معرفته بمستوى البلورة المتشكل في النهاية سيكون مشكلة .
- هل علي الانتظار حتى تستعيد طاقتها بشكل ما ؟ أم علي تجاهلها والاكتفاء بجوهر الرياح .
حسب ما سمعته الأشخاص ذوي الأنواع المزدوجة مثلي يستطيعون إقامة شراكة مع جوهرين، لكن ذاك سيصعب ٱمور اختراق مستواي فقط بالمستقبل"
آلمه رأسه من كثرة التفكير وأغمض عيناه يتنفس بهدوء قبل أن يفتحما بقرار.
- لا أستطيع الانتظار ، يمكنني فقط اختيار أحدهما والارتباط معه.
لن ادري أبدا متى قد يعاود المقنع الظهور مجددا لقتلي ."
تذكر كلام معلمه ليوبارد بأن الرجل قد يكون يبحث عنه لأكثر من عامين وشعر بالبرد في عظامه .
-كان قويا حتى أنه قتل رجلا في شمسه الٱولى دون أن يتحرك او تطرف عينه ! "
مد يده نحو فمه يقضم إصبعه .
كان يتم التعامل مع هذه البلورات بحذر لأنها سترتبط بالشخص مائن تلمس دمه.
ستختفي لتظهر بقلب جوهره حيث من المفترض أن يستقر عنصره وتدور حوله.
انزل يده نحو جوهر الرياح وقد اختاره ليكون شريكه لكن مائن لمس دمه البلور حتى ذاب يتسلل من الجرح بإصبعه إلى جسده
- ماذا حدث ؟!"
أراد الصراخ لكن المفاجأة كانت أقوى من ان يتكلم