طلب سيلفاتور منهم الراحة قليلا قبل أن يجهز العشاء ،لذلك لم يغادر ثيودور غرفته .
طوال هذا الشهر كان قد اكتشف شيئا أذهله حتى مع ممارسته القليلة لٱسلوب سيفه من حلمه.
كان هذا الأخير يتماشى تماما مع عنصره وكأنه صُمم لهذا فقط ! .
في رحلة الفرسان نحو تحقيق الهدف الأخير في جعل أنفسهم كأسلحة.
و عند تحقيق اختراقهم لشمسهم الخامسة تحديدا،
يستغنون تماما عن استخدام أي سلاح مادي ويتم بدل ذلك تكثيف عناصرهم في أسلحة ! .
لمفاجأة ثيودور كان لعنصره فحم ييغرو المتحول خصائص مشابهة تماما !
لم يستطع تحويله لجدار أرضي مثلا أو شفرة رياح مثل متحكمي الأثير لكنه استطاع تشكيله في أي شيء يمت للأسلحة بصلة .
كالدروع والسيوف والخناجر وحتى كرات للرمي أو شفرات! .
ولكن عكس الفرسان منخفظي الرتب استطاع التحكم بأسلحته بعيدا عن جسده وتزويدها بالعناصر .
مثل الآن !
طاف فوق يده سيف ودرع صغير رماديين ! رمى بالأول وكان سريع مثل الرياح في حين أن الدرع تشكل ليكون صلبا كالأرض .
- يمكنني التبديل بين العناصر الخاصة بأسلحتي بسرعة كما يمكنني جمع عنصرين في سلاح واحد "
تشكل الفحم الرمادي في هيئة خنجر طار بسرعة يثقب الأرضية عدة بوصات .
- سريع وصلب !! "
سُعد بهذا الاكتشاف لكن ما أثار اهتمامه حقا . أن تدريب ٱسلوب السيف في حلمه تغير تدريجيا وصار يعلمه طرقا مختلفة لاستخدام فحم ييغرو المتحول في القتال .
أشار للسائل الذي عاد لجسده مكونا واقيا درع رماديين لقدميه .
فجأة صارت سرعته كبيرة بسبب هذا !
- لا يزال حجم ييغرو في قلب جوهري صغيرا جدا وبالكاد استطيع تشكيل هذين"
طالما تطور الفحم لتشكيل درع كامل اعتقد ثيودور أنه سيكون محصنا تماما !
كانت هذه ميزة كبيرة !
ففي حين يفصل الفارس تركيزه بين استخدام سلاحه وتعميم هالة الشفق بجسده .
يمكنه هو أمر فحم ييغرو لتغطية جسده في لحظة لأنه كان مثل امتداد لجسده.
حتى أنه اكتشف أن للأخير استجابة تلقائية.
إن أراد تعيينه على الدفاع فسيدافع في كل مرة يتلقى هجوما دون الحاجة لأمرها في كل مرة .
وكما قال سيلفاتور كان فارق وقت سحب السلاح بينك وبين خصمك هو ما يحدد نتيجة المعركة ! لم يحتج لتقسيم انتباهه أبدا أثناء القتال !
أعاد ثيودور السائل ليده قبل أن يختفي في جسده .
خلال الشهر الماضي طلب من جايدن بحرج إن كان بإمكانه توفير بلورة أرضية عادية له وقد أوفى الأخير بطلبه .
لحسن حظه اخترق نجمه الثاني بعد أن امتصها ولم يحتج للمزيد.
- لا بالأحرى علي توفيرها بنفسي ! "
لم يستطع أن يطلب من جايدن كل مرة،
رغم أن الأخير طلب منه أن لا يشعر بالحرج لأنه كان بمقام أخيه ، لكن ثمن ما أعطاه الشاب حتى الآن باهض جدا ولم يعرف حتى كيف سيُسدد دين الامتنان هذا.
سمع طرق الباب ثم صوت "تيسا"
-العشاء جاهز سيد كلاود "
نزل لقاعة الطعام بالأسفل حيث وجد الجميع قد جلسوا بالفعل على الطاولة .
جلس على يمين جايدن يقابل وجه "هيلين" الذي انحنى في ابتسامة مكتومة عندما رأته .
- ما الأمر ؟ هل هناك خطب ما بوجهي؟"
سأل في نفسه يشاهد تصرفاتها الغريبة وكأنها تكتم حديثا ما .
احضرت تيسا الأطباق لتبدأ العائلة الصغيرة بتناول الطعام.
تكلم جايدن فجأة موجها حديثه لدايان
- هل انتهت أبحاثك حول الباب ؟ ما كانت النتائج ؟ "
تجاهل دايان سؤاله وتابع طعامه حتى رمق نظرات هيلين العبوسة نحوه .
ابتلع ممسكا بكوب الماء يشربه جرعة واحدة بعد أن كاد يختنق بطعامه ،
مسح فمه قبل أن يتحدث بصوت منزعج
- لقد انتهت ! لكني ٱخبرك الآن ، لا استطيع فتح التشكيلات على الباب بالكامل لكن يمكنني تأكيد أن هناك فخاخا خطيرة خلفه ! "
-انت لا تستطيع فتحها ؟"
-احتاج وقتا إضافيا !
-لكنك يجب أن تعود للأكاديمية غدا "
- هذا ما أقوله !! لماذا أذهب! ، المكان ممل جدا هناك ! "
عبس جايدن وقد صارت عيناه أكثر حدة
- ستذهب شئت أم أبيت !! "
لم يقل كلمات ٱخرى وحتى دايان صمت وكأنه يعلم أن أخاه لن يغير قراره مهما اعترض .
شخر بغضب قبل أن يتمتم
- المشكلة ليست الباب فقط ، يوجد ثلاث ممرات سرية متصلة به، همف حظا جيدا لك لإيجادها وأنا لست هنا !"
وسع ثيودور وجايدن عيناهما بصدمة على كلامه .
اذا كان ما قاله صحيحا فإن الممر السري الذي يقود للتابوت الحجري كان واحدا فقط من بين الثلاثة.
إذن أين يؤدي البقية ؟ لم يستطع التخمين وتساءل إن كانت ٱمه تعرف عن بقية الممرات حينما زارت المكان أم لا ؟
لم يعقب جايدن على المعلومات التي سمعها للتو بل ابتسم في وجه هيلين التي بدت قلقة مع رؤية تغيُر تعبيرات أطفالها
- لا يوجد شيء خاطئ ٱمي، إننا نتحدث عن ممرات سرية للآثار، ليست خطيرة كما تعتقدين بل مهجورة تماما "
اومأت هيلين وقد خفف قلبها قبل أن تقول تنظر نحو ثيودور
- آيس عندي لك مفاجأة "
رفع ثيودور رأسه نحوها بحيرة
- اي مفاجأة ؟"
لم تستطع هيلين كبت حماسها قبل ان تتحدث
- تذكر وعدي لك بأخذك للمباريات يوما ما إن تحسنت صحتك !؟ "
تذكر ثيودور أن قطعة المعلومات هذه مدونة بالمستند الذي أعطاه إياه جايدن .
كانت احد رغبات الطفل التي لم يستطع تحقيقها بسبب مرضه وخوفه من الزحام .
أومأ لها ثيودور
- نعم ! "
شخر دايان ينظر للطرف الآخر ساخرا بهمس
- مزيف !! "
تابعت المرأة بصوت لطيف
- يمكننا الذهاب بالفعل قريبا ! مملكة "سوين" تشتهر بمهرجاناتها كل موسم ! "
-سوين !!؟ "
سأل دايان وثيودور في وقت واحد بصدمه.
دلف إليهم صوت جايدن مقاطعا
- سننتقل لسوين مؤقتا . لأن أعمالي تقتضي الذهاب هناك قررت ٱمي أن نذهب جميعنا بدل أن ننفصل ! "
-واحزر ماذا ؟ "
ابتسم جايدن في ثيودور
- يمكنك الانضمام للأكاديمية مع دايان ، لقد اتصلت بمديرها وسجلتك هناك بالفعل "
- ماذا ؟! " سأل ثيودور ينقل بصره بين هيلين وجايدن .
أدرك الآن أنه ربما تم التخطيط لهذا منذ وقت طويل ! ربما قبل اسبوعين !
-سنغادر غدا ، حجز "سيلفاتور" مركبات لنقلنا بكل محطة ! للأسف لا نستطيع التوجه هناك مباشرة لعدم وجود بوابة نقل تصل المملكتين مباشرة "
-انا أرفض ! "
قاطع كلامه صوت دايان الممتعض،
كان قد لوى الشوكة بيده بالفعل جراء غضبه.
- دايان ؟؟ "سألت هيلين تنظر نحوه بقلق.
- لا يمكنني مجاراة هذه المسرحية بعد الآن ، العيش معنا !الذهاب للمباريات !والآن الأكاديمية ، بأي حق يأخذ هذا المزيف مكان آي .. ."
-دايان !!!!!!"
سحقت هالة مخيفة الصبي حتى كاد يلتصق وجهه بصحن طعامه .
-جايدن توقف !!"
نهضت هيلين بسرعة من مكانها تُحاول مساعدة دايان لتضغط القوة عليها كذلك .
- ٱمي، لا !! "
أراد دايان الصراخ بهذا بين أنفاسه المتخبطة لكنه لم يستطع .
- ٱمي !! "
نادى جايدن بقلق ساحبا هالته بعد أن رأى هيلين تقع مغشيا عليها والدم ينزل من انفها .
-كلارا !!! "
صرخ في الخادمة التي ظهرت في ثانية امام هيلين قبل أن ترفعها تركض بها نحو غرفتها .
ارتجف ثيودور مكانه !
كل شيء حدث في ثانية وبالكاد استطاع التدخل !
لام نفسه كثيرا لإنه السبب في هذه الحادثة وما حدث مع هيلين .
تذكر المرأة المسرورة بإخباره عن مفاجأته ولم يستطع قلبه إلا أن يعتصر ألما.
تحركت خطواته المتعثرة وهو يشعر بالاختناق راغبا في الهروب خارجا .
ناداه جايدن من الخلف موقفا ظهره الوحيد من الانسحاب أكثر .
- لم يكن خطأك آيس ! لقد دللت ذاك الفتى كثيرا وحان وقت توجيهه !"
- لكن ماذا عن السيدة ؟! "
-إنها ٱمك !! "
وصل جايدن بخطواته نحوه يكز شعره الفضي
- اعلم أنك تعلقت بها كثيرا في الوقت الذي قضيته هنا ولا تريد أذيتها !
لكن صدقني لم يكن خطأك بل خاصتي !
كان علي أن أتذكر أن ٱمي لا تستطيع تحمل أي ضغط من هالة الشفق او الأثير عليها !! "
رفع ثيودور رأسه بعد أن عادت ملامحه لتتماسك مجددا يسأل بهدوء
- لما ؟هل هي مريضة مثل آيس ؟ أم أنها غير مستيقظة ؟"
لم يطرح الاحتمال الثاني أولا لأنه كان مستحيلا بهذا العصر إن لم يكن بسبب مرض .
خاصة وانه تذكر كلارا التي اختصت بالأثير العلاجي ترافقها دوما.
نفى جايدن بحسرة
-ليس كذلك ، إن لٱمي قلب جوهر محطم "
- ماذا ؟" وسع ثيودور عيناه في دهشة .
قلب جوهر محطم ،كانت الكلمات ثقيلة جدا وبمثابة حكم الإعدام على الشخص !
اذا سمح الشفاء من اضطراب الأثير بامتصاص هالة الأثير فإن الجوهر المحطم لن يسمح بأي اتصال حقيقي بالهالات أبدا !
كان مجرد العيش بشيء كهذا معجزة بالفعل !
- هل ولدت هكذا ؟ "
لم يستطع إلا أن يفكر بهذا لكن جايدن نفى ثانية
- حسب كلام جدي عندما وجدها ، كانت على شفا الموت جراء هذه الإصابة لكنها تحملت ونجت بطريقة ما "
صدم ثيودور سائلا باستغراب
- وجدها !؟ أليس جدك والد ٱمك ؟ "
رغم أنه لم يكن له عائلة حقيقية إلا أنه فهم الأساسيات، لذا وجد الأمر مريبا من كلمات جايدن .
أجابه الشاب بحسرة
- نعم كان جدي تاجرا ثريا ولكن لم يكن له أي أطفال،
لذا قبل 19 عاما وبينما كان يقوم بإحدى رحلاته التجارية. عثر على ٱمي مصابة واصطحبها للمشفى العلاجي .
للأسف كانت حالة والدتي متدهورة وكادت تفقد حياتها ، شعر الجد بالشفقة عليها وظل معها حتى أفاقت و عرض عليها إعادتها لمنزلها.
لكن ٱمي لم تتذكر شيئا ! لا إسمها أو من أين هي ولما انتهى بها الحال هكذا !
لم يكن أمام الرجل القلق إلا أن اصطحبها للمنزل عندما عرضت زوجته أن يتكفلا بها"
- ماذا عن هويتها ؟ ألم يستطيعا فقط البحث في السجلات ؟ "
- حاولا ، لكن ٱمي لم تكن مواطنة مسجلة بإمبراطورية لونا،
حتى أنهما شككا في أنها هاربة غير شرعية من أحد المستعمرات بعد أن اظهرت التحليلات كونها بشرية تبلغ الثامنة عشره"
كان سن البلوغ بلونا 25 عاما إذ أنه حتى عامة الناس يعيشون لمئتي سنة وكان يُنظر للرجل الذي بلغ الخمسين كشاب في أوج عطائه .
لذا لم يكن الحصول على كفالة لهيلين أمرا صعبا إذا سجلها في دار رعاية ثم قدم طلبا لمنحها هوية كما فعل جايدن مع ثيودور.
-لذا ، لقد فعل جدك ما فعلته أنت معي ؟ "
ضحك جايدن بمرارة
- حسنا لهذا ٱخبرك أن لا تكون حساسا بشأننا،
في النهاية قد نكون من نفس الأصل ! أحفاد من المستعمرات تماما مثلك ،
كان حظ ٱمي فقط أفضل لالتقائها بجدي في حين إلتقيت أنت بي ! أخبرتك أن هذا العالم مجرد فرص، لذا لا تتردد في استخدام تلك التي طرقت بابك ! "
شعر ثيودور بالدفئ في قلبه من كلمات جايدن وعميقا بالداخل ذاب الجليد البارد في أركانه ببطئ ،
أخيرا تقبل هذه العائلة وأنه فرد منها بالفعل.
سواء كآيس أو كثيودور ، لا يهم مادام يرى هذه الوجوه قريبة ،
لقد صاروا جزءا من عالمه الآن !