مر يوم على وجودهم بالآثار ، كان الوقت ليلا ولكن الجدران سطعت بهدوء بلون أزرق مضيئة المكان حولهم .
أمكنهم بغموض عند رفع رؤوسهم رؤية أشكال الوحوش التي تسبح فوقهم وهي تبحث هنا وهناك عن فريسة .
- بالكاد عثرنا على زهرتين ! ماهذا لقد تم تطهير المكان من الكنوز حقا ! "
نظر ثيودور نحو كريسل المتذمر قائلا
-من البداية هدفنا هو الفوز بالمسابقة وليس الكنوز لذا بالطبع لن يتركوا شيئا . لا يزال ،إن حصلنا على حجر القمر المتوسط فإن الأمر يستحق العناء "
اومأ كريسل باستسلام في حين دخل جيفري من باب المبنى المتهدم الذي يستريحون فيه قائلا
- انهضا كلاكما اعتقد أني وجدت شيئا !"
-أخيرا !! "
قفز كريسل متحمسا ! كانوا يبحثون منذ فترة وقد شعر بالملل من الجلوس هنا منتظرا بعد أن لم يجد شيئا في الجزء الذي كُلف بالبحث فيه.
خرجوا من المبنى بحذر .
كانت المباني هنا جميعها حجرية بأشكال غريبة وبدا واضحا أن قتالا كبيرا جرى هنا ،
حتى أمكنهم بغموض تمييز بعض كلمات اللغة القديمة المنحوتة على بعض الجدران
-اليوم...كاراس..من البحر ؟ "
قرأ ثيودور بعض الكلمات بصعوبة متسائلا
- إنها حقا بقايا عن كاراس ،لكن لماذا أغلب الكلمات قد تم تخريبها ؟"
-ربما بسبب قتال جنود البارون مع الوحوش هنا سابقا " رد جيفري بنبرة واثقة قبل أن يشير لمكان ما نحو الإثنين
-وجدت حديقة صغيرة لزهور ميتا ! يبدو أن الفرسان قد أخذوا أغلبها ولكن لا يزال هناك البعض الذي يمكن نهبه ، المشكلة أن هالة الزهرة قد جذبت الوحوش لمحاصرة المكان "
فكر ثيودور وكريسل بنفس الشيء في هذه اللحظة !
"كانت مرافقة هذا السيد النبيل الشاب فكرة رائعة !!"
منذ دخولهم الأطلال سار بهم في الأرجاء متجنبا تجمعات الوحوش القوية وكأن لديه خريطة للمكان بدماغه .
سرعانما شاهدو مدخلا صغيرا متهالكا ومهجورا
- هل هذا هو المكان ؟ "
سأل كريسل بشك
- نعم ! ارفعوا حذركم من الآن فصاعدا "
تجاوزوا المدخل متبعين طريقا طويلا وصولا إلى حديقة صغيرة .
بشكل غريب كان المكان الوحيد المخضر بهذه الأطلال الحجرية .
انتشرت رائحة الزهور المنعشة لتداعب ٱنوفهم من بعيد
- سبعة ! هناك سبعة منها نحن أثرياء !!"
صرخ كريسل بفرح يعد بأنامله غنيمته عندما قاطعه صوت ثيودور
- غبي إنها متفتحة بالفعل ،هناك شخص سبق وأخذ المعدن منها ! "
استقاموا في حذر بعد إشارة ثيودور يفحصون المكان حولهم .
كانت هناك بالفعل آثار لعبث شخص ما بالإضافة لآثار معركة قبل وقت ليس بطويل.
- قلت أن الوحوش كانت محاصرة لهذا المكان ؟ لكني لا ارى آثار وحش واحد هنا !! "
-هناك بعض البقع الغريبة للدماء لكن ليس هناك جثث ! هذا غريب ؟"
حتى لو أتى فريق هنا ونهب الزهور إنه لمن الغريب أن يسحبوا جثث الوحوش طوال الطريق في الأطلال ،
كانوا أفقر و أضعف من حمل أي معدات مكانية .
اجاب جيفري عابسا
- لا، متأكد انه كان هناك خمس وحوش بالحديقة تحمي الزهور ، إنه لمن المريب أن يختفوا فجأة ! "
-اعتقد أنه من الأفضل أن نغادر !" قال ثيودور موجها كلامه للإثنين .
اومأ كريسل وجيفري وعندما هموا بالخروج سمعوا صرير عاليا !
ابتلع كريسل
- ما هذا ؟ "
اقترب الصرير من كل اتجاه بين الأنقاض الحجرية لذا لم يعرفوا في أي تجاه يذهبون .
- فقط اتجه من حيث دخلنا !! "
قال ثيودور في حين بدأ الثلاثة بالركض ،
فجأة ، طار شيء تجاه كريسل وقضم درعة
- آااه !! ابتعدي !!"
ضربها بقبضته مبعدا إياها وقد تركت جرحا بكتفه بالفعل .
-كريسل !! "
صرخ ثيودور في صديقه مرسل ييغرو ككرة ليصطدم بالحشرتين اللتان كادتا تعضان رقبته كذلك.
- اركضا !! انها الحشرات الآكلة للأثير !! "
شحب وجه الصبيين ، كان هذه الحشرات ضعيفة لكنها أحبت تناول أي شيء يحتوي الأثير كالمعادن الثمينة أو الوحوش.
إمتد من ظهرها عدة أشواك جليدية استخدمتها لتخدير فرائسها قبل قضمها ،
أسوء ما فيها أنها كانت تتكاثر بالآلاف !!
-ماذا تقصد بالركض ! إننا محاصرون بالفعل ! "
قال كريسل بانفعال يشاهد الأشكال الزرقاء التي يزداد عددها تدريجيا
-فقط اذهب في أي تجاه ! "
صرخ به ثيودور ليندفع مقاتلا في طريقهم نحو المخرج .
لم يعد ثيودور يريد إخفاء نفسه بعد الآن، كان الأمر خطيرا وإن لم يخرجوا من هذا المأزق فسيم أكلهم أحياء .
-ييغرو تحول إلى سيف وواقي ذراع ! "
سرعانما استجاب عنصره معززا السيف بقوة الأرض .
أطلقت الحشرات هسيسا قبل أن تُطلق أشواكها الحادة نحوه .
قطعها بضربة واحدة ثم عاد ليدافع !
-هذا لن ينجح هناك الكثير منها !"
لم يُعر كريسل إهتماما بعنصر ثيودور أو بالأحرى لم يجد وقتا لذلك ،
كان منهمكا تماما في قطع سيفه عشرات المرات في حين أن جيفري الذي كان خلفهما لمعت عيناه بخفة .
فكر قليلا ثم قال
- لدي حل ! لدى زهرة "ميتا" رائحة مذهلة تجذب الوحوش ! اخرجا مامعكما وارمياه في اتجاهات مختلفة .
سيؤمن لنا هذا بعض الوقت من أجل الوصول لأقرب مخرج ، استخدما الأصداف كذلك !
يحتاج إطلاق الأشواك على ظهرها دفعة من الأثير وسيكون أسهل قتلها بهذه الطريقة"
وافق كريسل وثيودور على كلامه بقلب مؤلم وأخرج الجميع كل ما معهم. كان هناك ما مجموع تسع أزهار وبعض الأصداف!
عكس كريسل الذي تألم قلبه لفراق غنائمه العزيزة ، لم يتأثر ثيودور لأنه ساهم بزهرة واحدة فقط بقيت معه من الرحلة بالغابة سابقا ،
حتى أنه سُعد لأنه لم يجد المزيد وإلا انتهى به الأمر في حزن مثل صديقه.
لم تستطع الأصداف تغطية إلا عدة أمتار قربهم لذا لم يستطيعوا منع هجمات الأشواك البعيدة.
بذلوا كل قوتهم في أيديهم ورموا الأزهار بمناطق مختلفة !
تفرقت الحشرات إلا بعضها سامحة لهم باختراقها والهروب بنجاح !!
لهث كريسل متذمرا عندما عادوا للمبنى الذي مكثوا فيه
- يا لهذا الحال !! لم نكسب أي كنوز فقط بل خسرنا حتى ما كان معنا !! "
-آسف كان خطئي عدم التحقق من المكان أكثر "
وافقه ثيودور في حين اعتذر جيفري بصدق
-انه ليس خطأك هذه الحشرات تُجيد نصب الكمائن والتمويه كصخور حجرية ، لذا حتى بدونك كنا لنقع في نفس الفخ "
"ولكن لأنها بهذه الخطورة كان يجب على فرسان البارون القضاء عليها ، لما تترك هناك ؟! "
نفى ثيودور يتلو آخر جملة في ذهنه كي لا يسمعه جيفري شاعرا أن الامر يزداد خطورة ثم تابع .
- انسوا أمر الكنوز ! سنغادر غدا تجاه القصر ، قد تكون الفرق الٱخرى قد وصلت بالفعل وعلينا التحرك أسرع ! "
-صحيح ، لا يزال علينا جمع النقاط إن أردنا الفوز .
قرروا ما سيفعلونه بالغد ثم انفصلوا كلٌ لمكانه يستريح مغمضا عيناه .
°°°°°°°°°°
نام ثيودور لساعات قبل أن يشعر بأحد يقوم بإيقاضه .
- آيس !! استيقظ ! "
فتح عيناه بنعاس ينظر حوله ثم الى كريسل
-ما الأمر ؟"
-جيفري !! لقد غادر ! "
-أليس هو المسؤول عن الدوريات الليلة ؟ قد يكون يتجول بمكان قريب "
- لا ! لقد أخذ أغراضه معه ، أيضا ..."
شحب وجه كريسل مشيرا لقلادته التي تحول لونها للأحمر القاتم
- اعتقد أنني صرت قاتلا !"
انتفض ثيودور من مكانه ينظر للأخير بحذر ثم سأل
- اذا ؟ ماذا قررت ؟ "
نفى كريسل في مزاج سيء
- لا تنظر هكذا نحوي كنت أمزح المرة الفائتة فقط، أنا لن ٱقاتلك ! دعنا نذهب ونبحث عن صيد معا !"
- ماذا عن جيفري ؟"
-أقول لك إنه غادر ! من المحتمل أنه لاحظ قلادتي وفر مسرعا
-لماذا لا يقتلك إذا ؟ "
- هل تسخر ؟ جيفري رآك تُقاتل أمس وعلم أن مهاراتك تطابق مستوى النجم الثالث ، لن يكون في صالحه إن تعاونا لمحاصرته فجأة .
كذلك ،كنت شبه مستيقظ بالفعل عندما رحل ولاشك أنه علم بذلك ! "
كانت القلادة ترسل صوتا أشبه بالجرس في عقل حاملها عندما يتم تكليفه بمهمة، لذا لم يكن استيقاظ كريسل غريبا .
ثيودور الذي كان ممتنا لأن صديقه لم يستفسر عن عنصره أكثر، نهض يرتب درعه المتصدع قائلا
- لنذهب للصيد ! على الأغلب لم يبتعد كثيرا ،بما أنه تركنا بنفسه فدعنا لا نتردد بالقضاء عليه عندما نراه"
وافق كريسل بصمت على اقتراحه في حين غرق ثيودور بأفكاره ،
كان لا يزال في نجمه الثاني وقد قتل ملك سحلية قويا لذا كان مرتبكا بشأن قوته ،
لكن ملاحظة كريسل الآن أكدت تخميناته .
بكامل طاقته كان يستطيع مجاراة مستوى أعلى منه في معركة !
لم يتبقى الكثير من الوقت للإثنان وسرعانما تدفق ضوء الشمس نحوهما مُعلنا عن فجر يوم جديد .
لم تنحسر المياه حتى بالنهار وعلى الأغلب ستعود لطبيعتها غدا حسب كلام جيفري .
لا تزال الوحوش تتسلل من قبة الجدار الحامي للأطلال كل فترة ولا تلبث أن تبدأ في البحث عن فرائسها.
- إنها إشارة قاتل !!! شخص ما فشل بمهمته "
قال الثنائي بوقت واحد عندما أضاءت قلائدهما مشيرة في اتجاه معين
-انه قريب من هنا ! "
ركضا نحو المكان المقصود ليُشاهدا صبيا بشريا يجري نحوهما ودموعه تسبقه .
-فرصة !!"
سحب كريسل سيفه وركض يهاجمه قبل أن يصرخ الأخير بفزع يوقفه
- انتظر أرجوك !! انا خارج المنافسة بالفعل !! "
أوقف كريسل سيفه قرب حلقه قائلا
- ما دليلك ؟"
-ألا ترى علامات الضرب على وجهي . أيضا، انظر قلادتي كسرت بالفعل !! "
ما إن يتم تشغيل حاجز القلادة حتى تُكسر وتضيع جميع النقاط بها، لذا لا فائدة من البقاء أكثر للتنافس مع الآخرين ناهيك عن أن حياته ستكون معرضة لخطر حقيقي .
ترك كريسل الصبي ينظر نحو ثيودور باستفسار فيما يجب ان يفعلاه تاليا
- حظنا سيء لنبحث عن آخرين !"
شاهد الصبي العلامة الحمراء بقلادة كريسل لينتفض قائلا بارتجاف
- ماذا عن أن آخذكم للمكان الذي تم هزيمتي به ؟ لايزال الفريق يستريح هناك "
شاهد أنظار الإثنين المريبة نحوه ليتابع
- ٱوه، لا تقلقا إنهم ثلاثة أشخاص فقط، ومثلي لا يزالون بمستوى النجم الثاني ! ٱريد الإنتقام لذا سٱساعدكم بالقتال "
مسح دموعه ومخاطه مظهرا ابتسامة صادقة للإثنين .
وافق ثيودور قائلا لكريسل
- لم يبقى لك الكثير من الوقت قد نذهب معه ايضا ، سيطارد الجميع بالاطلال خلفك لو كُشف مكانك "
-حسنا .."
همس كريسل موافقا قبل أن يتبعا الصبي الى أعماق الأطلال .