-قفي!!"
صرخ دايان في الحشرات وقد سحب قطعة خشب ٱسطوانية صغيرة من جيبٍ بملابسه .
تمددت الأخيرة مع اندفاعه لتتحول لعصى طويلة .
تم حظر الجميع من استخدام مخزنهم المكاني منذ دخولهم اللعبة بواسطة فيستيفال، لذلك لم يستطع معظم اللاعبين سوى إستخدام الأسلحة المتروكة حولهم بأجزاء المُحاكمة التي تخصهم .
ثيودور الذي كان يستخدم ييغرو ،لم يواجه مشكلة مع هذه النقطة وكان من حسن حظ دايان أن عصاه رافقته بكل مكان.
أنزل دايان عصاه وبالكاد مر جزءٌ من الثانية عندما ضخّ بها هالة الشفق ورسم نمطا غريبا في الهواء.
- ختم !!"
تم تقييد عدة حشرات حوله وصار جسدها ثقيلا قبل أن تفقد قدرتها على الطيران وتهوي نحو الأرض .
-عاصمة !! " تلى نحو ثيودور بعد قراءة شفاه مولان وهو يُحاول جهد اِستطاعته التخلص من جميع الحشرات حوله قبل أن تصل إلى الحاجز الذي يعزل غرفة صديقه !
إن تجاوزته فلن يستطيع أبدا إنقاذ مولان !
تقدم ثيودور بعد أن قال الكلمة للأمام ولكنه كان قلقا بداخله عما إذا كان شقيقه ومولان سيكونان بخير .
لم يستطع الرؤية لذا كل ما اِستطاع فعله الآن هو التقدم والثقة بدايان .
كان هذا شعورا جديدا وغريبا لثيودور، لأن دايان كان يزعجه دائما . أن يضع حياته في يد الأخير كان أبعدَ شيئ توقعه منذ دخوله هذه العائلة . لكنه لم يملك خيارا !
°°
ارتجف فم مولان وهو يحاول بجد استيعاب المرسوم أمامه .
لم تظهر كلماتٌ هذه المرة بل مجرد رسم ، تَعرّف عليها الفتى كالشعار المرسوم على علم عائلة البارون سوين .
كانت القطعة الأثرية المختومة التي توارثتها عائلتهم وتدعى "كأس إنتغرا" !
قيل أنها تنسخ أي شيئ يتم وَضعُه داخلها حتى لو كان قطعة أثرية مختومة مادام المالك يدفع هالة الشفق لذلك !!
كانت قطعة أثرية شريرة تم منع عائلة البارون من استخدامها من قبل المحكمة. لكن حاملها "سَلف سوين الأول" ، لا يزال وضعها كشعار عائلته لتذكير الآخرين بعدم العبث معهم.
-كأس إنتغرا "
-ماذا ؟؟"رسم دايان عصاه مُجددا وقتل إحدى الحشرات التي حاولت تجاوز الحاجز .
-كأس إنتغرا ؟ " رفع دايان حاجبه في تعجب لكنه لا يزال يُخبر ثيودور.
°°
مر الوقت...
تقدم الأخير بنجاح للأمام وبعد عدة دقائق من تبادله الكلمات المختلفة مع دايان ومولان نجح تقريبا في الوصول للطرف الآخر !
حسب ظن ثيودور لم تبقى سوى كلمتان وخطوتان فقط لينجحوا بالتحدي !
-التالي !! " قال ثيودور
°°
تلى مولان الكلمة باللغة القديمة التي ظهرت أمامه مُحاولا جهد استطاعته رفع رأسه لفوق مانعا سائل "ليشيد "من الوصول لفمه !
-تصالُح !"
قرأ دايان شفاه الصبي وهو يتصبب عرقا مُحاولا إبعاد الحشرات التي إزدادت كثافتها وكادت تُغطيه ، حتى أن بعضها تجاوزته لغرفة مولان !
-تصالح !! "
-لا ! إنتظر، أعتقد أني أخطأت ، إنها ليست تصالح بل انتقام !!!" صرخ مولان فجأة ولكن كان الأوان قد فات بالفعل !
كان ثيودور عاجزاً عن سماعه من مكانه، لذلك تلى ما قيل له بصوت عال قبل أن يدوس للأمام !
إنتبه دايان لما يقوله مولان وقد شحب وجهه ،
كانت كلمة التصالح والإنتقام في اللغة القديمة متشابهتين تماما عدى في حرف واحد ، قيل قديما أنه صُمم هكذا لأنه أوضح أن الإثنان لم يفصلهما سوى خيط واحد ،
لم يعرف أحد إن كان الأمر لأجل تذكير المنتقم بقُدرته على العفو، أو لأجل تأجيج نار الإنتقام فيمن أراد الصلح .
لكن لدايان الآن . علم أنه يُريد نجات ثيودور أكثر من رغبته في الإنتقام من الأخير لأخذ إسم أخيه !
-آيس توقف !!!!! " صرخ بخوف وهو يرى ثيودور يدوس في الظلام بقدمه !
[ لأجلي ، عليك أن تعيش ! ]
-لا تترك يدي !!!" صرخ ملئ رئتيه وهو يُلوح بعصاه راغبا في إختراق الحشرات ثم الحاجز وصولًا له.
كان ردَّ فعل بغير وعي وكأن كلماتٍ من الماضي أراد دفنها بعيدا قد إندلعت من مؤخرة ذاكرته .
-آيس !!!!!"
ثيودور الذي سمع صراخ دايان علم أن خطبا ما حدث لكنه لم يستطع إيقاف جسده من أن يهوي نحو الظلام بالأسفل !
كانت الإجابة التي أعطاها الآن خاطئة !
إختفت الدرجة التي يقف عليها ولم تظهر التي تليها لذا كان كل ما اِستقبله هو الهوة السوداء فقط .
-هل سأموت ؟"
شعر فجأة أنّ سائلا لزجا ينزلق على جسده ثم وصل قدمه مشكلا درعا طويلا تحته .
-ييغرو !!"
عزز عنصره آليا نفسه بعنصر الرياح لثلاث مرات على التوالي راغبا في حمل جسد ثيودور للأعلى .
كان وزن الأخير ثقيلا بالنسبة له لذا لم يتمّ صعوده إلا ببطئ وترنُّحْ .
ييغرو، أحسنت! لِما لم ٱفكر بهذه الطريقة قبلا !!"
تمسك ثيودور بعنصره بفرح وهو يتطلع للوصول للتجاه الآخر .
ظهر فجأة فيستيفال العابس فوقه متمتما
-يا لها من ثغرة مزعجة ، كان علي فقط عدم ترك متحكمي الأثير يشاركون "
أمر هالة الشفق حوله أن تتجه نحو ثيودور قائلا
-آسف يا طفل ، لكن الغش ممنوع هنا !"
-لا يمكنك تغيير القواعد كما تريد !!!"
صرخ ثيودور في فيستيفال عندما شعر بنيّة الأخير بإجبار ييغرو على التراجع .
إبتسم القناع بمكر مادحا نفسه
- هاها ، بالطبع يمكنني تغييرها كما أشاء ، أنا المالك هنا !!"
ضغطت هالة الشفق على ييغرو محاولة إجبار ثيودور على سحبه.
لو تركه أكثر فسيتأذى الأخير وعكس باقي العناصر سيُشارك ثيودور الأذى معه ! لن يكون هذا بصالحه هنا !
صر أسنانه بغضب عندما دلف لمسامعه صوت صُراخ دايان .
-انتقام !!!"
تذكر فجأة أنه يُمكنه إستدعاء السلالم بإجابته وصرخ كذلك
-انتقام !!"
ظهرت درجة مضيئة فوقه تماما. أجبر نفسه وييغرو على تحمل ضغط هالة الشفق التي يحركها القناع قبل أن يصلا إليها .
-هوه !!" تنفس ثيودور بقوة بلهاث وارتياح وهو يرمي بجسده جالسا بتعب .
حتى مع عدم قُدرته على الرؤية. رَفع رأسه مبتسما ومظهرا أنيابه الصغيرة في فيستيفال.
-لقد نجحت !"
عبس القناع بضيق عندما دلف شيء لبصره وعاد لإحناء خط فمه
-ٱووه ، أعتقد أنك تفرح قبل الأوان ؟ لا تزال هناك درجة ٱخرى ،وإحزر ماذا ...." همس بضحكة مشيرا بتجاويف عينيه للخلف نحو الصبيين .
- صديقك الصغير غرِق تماما الآن !"
فزع ثيودور ونظر نحو الخلف كذلك رغم عدم قدرته على رؤية شيئ !
-دايان ، مولان ! هل أنتما بخير ؟"
لم ترد أي إجابة لبعض الوقت مما جعل ثيودور يقشعر في خوف .
-مولااان !!" سمع صراخ دايان الغاضب فجأة !
كان الصبي ينظر للطفل الغارق تماما بالسائل الأزرق والحشرات تُحاصره .
-ماذا يفعل هذا الغبي !!" شاهد دايان صديقه الذي كان من المفترض أن يحبس أنفاسه مُحاولا الصمود لأطول فترة ،يَفتحُ شفاهه راغبا بقول بضع كلمات لدايان قبل أن يتدفق السائل إلى ثغره ويخنقه !
-لماذا فتحت فمك أيها الوغد !!!" نظر لمولان الذي يتخبط كفاحا مُحاولا التنفس مشيرا نحوه بيده الوحيدة .
-ماذا تريد أن تقول توقف! ،فقط توقف !!" أمسك دايان دموعه وهو يضرب الحاجز الذي يفصله عن مولان بكامل طاقته مُتجاهلا نهش الحشرات لبذلته !
-انتظر فقط ! سٱحررك !!"
لدهشة دايان ، فتح مولان فمه أكثر إتساعا وكأنه يسمح لدُخول السائل ثغره عمدا .
-أنت، ماذا تفعل !؟" توقف عن ضرب الحاجز في صدمة .
لم يكترث للألم الذي يحرق ظهره قدر مُحاولة فهم التصرفات الغبية التي تصدر من صديقه .
جفل فجأة عندما فهم وإستدار قاطعا الحشرات حوله ثم صرخ لثيودور.
-إنها كلمة "موت "!!! أسرع سيموت إن لم تكمل التحدي !!"
ثيودور الذي كان بالجانب الآخر، نهض مسرعا وقال كلمة "موت" ثم إندفع للأمام بتهور دون التردد بشأن صحة الإجابة .
- هيا!!!"
أغمض عيناه رغم عدم قُدرته على الرؤية وكأنه مستعد بكامل حواسه للآتي ،حتى لو عنى سقوطه !
خطى ثيودور بأقدامه، عندما دلف لذهنه إحساسُ لمس حذائه الجلدي لشيئٍ صلب .كانت الأرضية الحجرية !
-نجحنا !!"
هتف بفرح وقد شعر بوضوح بوصوله للطرف الآخر .
لم يلبث لحظة وإندفع نحو الباب الوحيد الموجود هناك.
أدار المقبض ببطئ وهو يتلو كلمات السر التي سبق وسمعها من دايان.
-تسعة -عاصمة - كأس إنتغرا - نيران -طفلان -خيانة -إنتقام - موت !!!"
تلاشى مقبض الباب مع الباب نفسه واستقبل ثيودور الظلام الحالك الذي غطى الإتجاه الآخر بعد أنْ عادت الرؤية لعيناه .
أنزل بصره ليده التي ظهرت عليها مذكرات صفراء بدل المقبض .شد عليها بقوة قبل أن يستدير نحو الخلف إتجاه دايان ومولان .
عادت الغرفة التي هم بها لحجمها الأصلي بوقت ما وإختفى السائل والحشرات مع التقييد والحواجز .
كان دايان يجلس على ركبتيه قرب صديقه الممدد على الأرض وهو يحاول إنعاشه !
-مولان أيها الغبي !!"
حاول تمرير هالة الشفق نحو الأخير عبر الإتصال بين يده وصدر الطفل وضغط عليها راغباً في جعله يبصق كل ما شربه !
إقترب منهم ثيودور بسرعة عندما سمع سعال مولان
-كح كح °°
لفظ مولان كل سائل "ليشيد" الذي دخل رئتيه لكنه لم يلبث لحظة حتى غاب عن الوعي ولم يستطع فتح عيناه .
-هل هو بخير ؟!" سأل ثيودور دايان الذي ضغط على يديه بشده حتى إبيضتا قائلا
-من المفترض. لقد خرج السائل من جسده لكننا لا ندري ما المضاعفات التي قد تنتج جراء شُربه كل تلك الكمية ، من الأفضل إيصاله إلى متحكم أثير علاجي بسرعة !"
أومأ ثيودور بفهم وراحة لكنه لا يزال يقول بهدوء
-لم تنتهي المحاكمة بعد ، لا يزال ذاك الفيستيفال لا يسمح لنا بالخروج !"
-ذاك الشخص !!" صر دايان على أسنانه بغضب وعيناه تحتقنان بالدماء في حين لم يفهم ثيودور إن كان غضب دايان موجها للبارون أم، القناع ؟
نهض دايان ثم حمل مولان على ظهره قائلا لثيودور
-دعنا نذهب، كلما أنهينا هذه المحاكمة أبكر أمكننا علاجه أسرع أيضا !"
وافق ثيودور دايان ولم يجادل في حين تبعه من الخلف .
بطريقهم، رفع المذكرات بيده نحو عيناه وقرأ ما فيها بسرعة
"إنه موسم الأمطار كالعادة ...
حاولت الهرب هذا الٱسبوع من القلعة عدة مرات ،لكن بكل واحدة إكتشفني أبي وأعادني لغرفتي دائما !
لم أستطع الخروج !
بعد العشاء اليوم عندما كنت بطريقي لرعاية "بوني" ،سمعت صوت غناء طفل فجأة ،
اعتقدت بالبداية أني أهذي لأننا الوحيدون بالقلعة ، لكني تبعت الصوت لأحد الممرات ولدهشتي شاهدت الخيال من ذكريات "بوني" في أحد الزوايا !
ركضت أتبعه ولكنه إختفى !
أمكنني بعد ذلك سماع الضحكات التي بدت لشخصين عبر الممر الطويل الذي كنت فيه.
لكن مهما نظرت حولي، لم أجد أحدا ! "