--
-هل أنت متوتر ؟" سأل كريسل ثيودور
-بالطبع، ماذا عنك أنت ترتعش !" مازح ثيودور وهو يرى يده المرتجفة والتي تحيط بقبضة سيفه.
-أنت لا تفهم !" رفع كريسل بصره للأمام نحو الكتائب الثلاث الصغيرة من الفرسان التي تستعد للإختراق وعيناه تشتعلان شررا.
-أنا متحمس فقط ! لم أشعر بهذه الإثارة منذ وقت طويل !"
-أنت تتحدث كشخص عجوز " لم يسع ثيودور إلاّ الضحك على نبرته.
-هل أنا ؟" ضحك كريسل كذلك وكأنه لا يمانع سخريته .
-هجووم !!" كان ذلك عندما دلف الصوت القويُّ نحوهم ثانية ، وفي لحظة .
تحوّلت البقعة بين مدخل المدينة وطريق النجوم إلى فوضى دموية !
-استدعوا وحوشكم !!" صرخ هايرز للخلف نحو 27 شخصا الذين تبعوه. بعد هجوم الفرسان سيحين وقت تحركهم قريبا.
بالكاد مرّت ثانية بعد أمْره حتى إمتلىء المكان حولهم بهالات لعدة وحوش مختلفة.
لم تكن أوَّل مرة لثيودور لرُؤية شركاء الجوهر أمام عينيه، لكن هذه المرّة شعر بأنَّ دمه يغلي من فرط الحماس والأسف.
أراد أنْ يُشارك بمعركة على هذا المستوى بفعالية كذلك !
-متى ستفقص وحوشي !" تساءل وهو يأمر ييغرو بالخروج والتحول لشفراتٍ جليدية .
عنى إستدعاء شُركاء الجوهر أنَّ المعركة ستكون سريعة وحاسمة.
بالرتب الدنيا، إستهلك استخدامهم الكثير من الطاقة لذا تجنّب الكثيرون القتال معهم بنشاط .
شوا شوا°°
إنقَضَّ شيئٌ على وجه ثيودور فجأة !
-شويا ! ها أنت ذا أيها الطائر الصغير، هل اشتقت إليّ ؟"
لم يسع ثيودور إلاّ التربيت على الطائر الأحمر ذو التاج الغريب على رأسه.
- ناكر الجميل ، لا تزال تتجاهل مالكك وتُحلِّقُ حول آيس !" تذمّر كريسل وهو يقترب منه راغبا بخطف الطائر الصغير.
تجنب الطائر كريسل عندما أشعل النار بجناحه مُحاولا حرق يد الأخير .
-أنت !!" أبعد كريسل يده بسرعة وعيناه الغاضبتان تنظُران لثيودور.
-لا تنظر نحوي هكذا ! أنا حقا لا ٱحرِّضه بعدم العودة إليك !" تجنب ثيودور تحديق صديقه وهو يربت على الطائر أكثر.
كان شويا هو وحش كريسل المتعاقد، حسب كلام كريسل، كان جوهره قد ٱخذ من نوعٍ يدعى " عنقاء فلوڨا".
لا تنظر لصغر حجمه ، كان اللهب الذي يُطلقه يكفي لإذابة أقوى معادن الأثير .
-تقدموا !" أمر هايزر قاطعاً محادثتهم ليعود شويا بمضضٍ نحو كريسل ويجلس على رأسه .
-ها أنت ذا تعْرِفُ موقعك !" تذمر كريسل تحت أنفاسه وهو يتقدم مع ثيودور للأمام .
كانت المعركة بين الفرسان بالمقدمة والظلال شديدة ! ذاك أنَّ قُوَّة أغلبها كانت مُطابقة لرتبة الشمس الٱولى !
ففي حين يتمكّن فارسٌ من قتل ظلٍّ واحد في المرة، يتمُّ الهجوم عليه من أربعةِ جوانبَ ويتلقّى إصابات كثيرة بالمقابل .
-ما هذا الوضع !" رمى ثيودور ببصره حول فريقه وشعر بالعجز، حتى باقي الفِرَقِ بمجموعتهم نظرت إليهم بإستغراب!
من بين الجميع، كان كريسل وبلوصن هما الوحيدان اللذان استدعيا رفيقيهما.
كان رفيق بلوصن عبارة عن وحشٍ غريبٍ داخل مرآة ! لم تظهر من خلال هذه المرآة التي تطفو فوق رأسه، سوى العيون المغلقة للوحش وكأنه نائمٌ بعُمق.
-لماذا لا تستدعي أنت وحشك المتعاقد ؟" سأل ثيودور دايان الصامت قُربه.
-لا ٱريد " كانت إجابةً بسيطة ومختصرة بالنسبة لذاك الوجه الذي يبدو منزعجا طوال الوقت كأنَّ أحدا ما يدينُ له بالمال .
-ماذا عنك ؟" وجّه حديثه لجوردان.
أدار الأخير عيناه بتجاهل .
-وحشي إنه خجول !"
كان رأس ثيودور يغلي ، ماذا يعني بالخجول ؟ لم يرى وحشه من قبل لكنه كان مع كريسل بما يكفي للسمّاع عن إكتساح جوردان مسابقات الأكاديمية بوحشه المتعاقد.
أبعَدَ بصره لمولان الذي أشار بفتورٍ أنه يعلم وضعه. لم يخترق بعد وتمّ خداعه من قبل المعلومات شِبه الكاملة التي وصلت لوالده .
أخيرا أجبر بصره أنْ يحُطّ على وان مُحاولا عدم إظهار أيِّ سلوك غريب وسأله.
-ماذا عنك ؟"
-أنا لا استدعي وحشي ما لم يفعل دايان ذلك !" رد الأخير بإبتسامة ثابتة وكأنّ هذا أمر طبيعي.
لم يسع ثيودور سوى التنهد بإستسلام وعقد أحدِ أجزاءِ ييغرو حول يده. وضعه هناك لتقديم استجابة سريعة فقط في حال اخترقت الظلال دفاعهم وهاجمت نحوه.
سُرعانما بدأَتْ بوادرُ المعركة بين الفرسان والظلال تصلُ ذروتها، حيث تمَّ أخيرا شقُّ طريقٍ نحو بوابة المدينة .
أحاط المستكشفون الطلاب واندفعوا بسرعة معتمدين على أجزاء الحطام للتّنقل صوب المدخل .
من حين لآخر ، كانت الظلال الّتي هربت من الجنود تُهاجم نحوهم ولكن تكاثُفُ الطلاب والمستكشفين حال دون وقوع إصابات كثيرة.
كان في ذلك الوقت عندما وصلوا منتصف الطريق للمدخل، سمعوا صُراخاً مرتفِعا لقادة الجنود من كلٌّ البلدان الثلاث .
-تيارات النجوم ! احذروا !!"
ربما بسبب قيام معركةٍ هنا وتفاعُل المصفوفة، أو ربما بسبب تسرُّبِ الطاقة من الجنود والظلال القتلى ، سُرعانما اندفعت عدّة تيّارات من كلِّ الإتجاهات صوب مكانهم.
كانت التيارات تماما كما اسمها ، مُتلألئة مثل النجوم وهي تسبح كسديمٍ جميلٍ إليهم.
لكن أينما عبرت، سواءً كان ظلاً أو جنديا، تم إلتهامهم جميعا دون رجعة !
-إنها تبتلع كُلَّ مصدرٍ يشعُّ بالطّاقة !"
صرخ هايزر إليهم محذراً.
لم تُفرق هذه الأخيرةُ بين صديقٍ وعدو. وكأنها تقوم بالتنظيف، سُرعانما شقَّت طريقها بين الجنود والظلاَّل محوِّلة المكان الفوضويَّ سابِقًا لفوضى أكثر !
كان الطلاب الذين لم يروا حادثة كهذه من قبل هم الأقلُّ تنظيما وانضباطاً حيثُ سُرعانما بدأَ الهلعُ يُسيطر على كثيرٍ منهم وبدٱوا التدافع نحو المدينة !
يُمكنك تخيُّل طريقٍ رقيقٍ يتمُّ الضغط عليه مِنْ قِبل المئات !
كانت الأجسادُ التّي تمَّ إلقاؤها بالخطأ إلى الفراغ خارِجَ مسارِ الحطام، أكثر تعداداً من الضحايا التي إلتهمها التّيار حتى الآن .
وبالكادِ تدافع الجُنود لحلِّ الأزمة مع الطلاب ، عندما دَلَفَ للجميع صوتٌ مثل كسرِ الزُّجاج فجأة!
-ماذا يحدث !!"
رفع الجميعُ رؤوسهم بخوفٍ. كان ذلك عندما شاهدوا تدُفُّقا للَّون الرمادي الشبيه بالسيفِ وهو ينزل من فوقْ ويقطع طريق العودة قبلهم !
-هذه !!! هذا !! محيط الفراغ !! جزء من المصفوفة إنهار !"
رُبما بسبب الحملِ الزائد من الطاقة جرّاء قِتالهم قَبْل قليل، لم يستطع جُزءُ المصفوفة فوق المدينة الإحتمال وانكسر !
وكأنَّ العالم تمّ شطره لنصفين بسيف رقيق في لوحة بغاية الدقة والأناقة ، تمَّ فصلُ طريقِ النُجوم عن مدخل المدينة وتم ابتلاعُه في الفراغ وتحطّم داخِل التشوهات المكانية !
-آيس !" صرخ كريسل فجأة بين حشدِ المتدافعين وهو يُحاول الوصول لصديقه ، ليس لأكثر من أجلِ تحذيره من الهجوم الذي يَنْزِل صوبه .
-ييغرو !" حوَّل ثيودور ييغرو لسيفٍ وصدّ الشفرة الملتهبة التي حاولت شقّ عنقه.
كانت العُيون الباردة لمُستكشف الإتحاد لا تتوانى في إظهار النّية الكاملة لقتله ها هنا والآن.
-كان عليّ أنْ لا ٱرخي حذري !" صرَّ ثيودور على أسنانه. لم يعتقد أنَّ القتلة سيتَّخِذون خُطوةً عليه بهذا الوضع المحفوف بالمخاطر !
كانت حشود الطلاب تُواصل الإندفاع وسُرعانما تمَّ فصلُه عن فريقه .
-تحمّل !" لم يفهم ما استخدمه خصمه عليه لكنه بدأَ يُحسُّ بالخدر بأطرافه !
هل هذا سُم ؟ تساءل وهو يشعر بإرتعاش يديه حول ييغرو.
ثَبَّت جسده وكان سيأمُر عنصره بالقضاء على القاتل أمامه عندما شاهد رأسه يطير مُنفصِلا عن جسده !
وَسّع حدقتاه بذهولٍ لمّا لَمَحَ من طرف عينه الفتى ذو الرداء الأسود الذي يَقِفُ على رؤوس الحشود .
كان هو من قضى على القاتل الآن !
سقطت جثة القاتل نحو الأسفل حيث سُرعانما تمَّ دفعها خارج شظايا الحُطام .
كان ثيودور يستجمِع أنفاسه بصعوبة وهو يشعر بإنتشار السُّمِ الغريب بجسده. لقد أصبحت أطرافهُ ليّنة وبدأَ وعيه يُصبح ضبابيا.
كان ذلك عندما شعر بتوجُّهِ هجومٍ آخر نحوه!
لم يكن يملك ما يكفي من الطاقة للقفز من مكانه وحتى من لمحةٍ سريعة، عرف أنَّ الفتى قُبالَتَهُ لا ينوي التحرك وإنقاذهُ مجددا. كان عليه إنقاذُ نفسه بأيِّ طريقة !
رفع يده ذاتَ واقي الذراع وأمر ييغرو بحشد رُبع طاقته من داخل قلبه.
عندما وصل هجوم مستكشف الإتحاد، إرتطم سيفُه الناري بواقي الذراع ولكن عكس ما كان بعقله ، لم يتمَّ قطعُ ذراع الصبي إنمّا إرتدَّ هُجومه لنفسه وبلحظة ، كان سيفه قُرْبَ عُنقه !!
تراجع ثيودور للخلف جرّاء ردِّ الفعل بعد استخدامِ سُلطة القانون وعكسِه الهجوم.
وبهفوة بعد أنْ ما عادت ساقاه تحملانه، سقط للأسفل نحو الفراغ المظلم في حين أنَّ الفتى ذو الرّداء الأسود، لم يتحرك بتاتا وحدّق فيه يبتعد شيئا فشيئا عن درب الحُطام.
-عيون حمراء !"
كان ذلك آخر ما شاهده ثيودور وهو يرى أنَّ أحد تيّارات النجوم تتجه صوبه قبل أنْ تبتلعه !!