-آيس !!"
لوّح كريسل لثيودور وهو يركض نحوه، كان شاتس قد اِنفصل عنه بسبب نداءِ النقيبِ له، في حين طَلب منه ناثام أنْ يبقى مع فُرسان ألديليا.
كان ذلك عندما لمَحَ كريسل وفريقه من بعيد.
-كريسل !"
نظر لوجه صديقه المُتورّم، ولم يسعهُ سوى الضحك.
توقّف الأخير وهو يميلُ عيونه البنفسجية وينظر لثيودور من أعلى لأسفل، قبل أنْ يدور حوله.
-ماذا تفعل ؟" سأل ثيودور بإرتباك.
-أرى إنْ كنت نمَّيت أدمغة أو أيدي إضافية! ماذا تفعلُ كالمجنون بإثارة كُلِّ من بالمدينة ليَسعوْا خلفك ؟"
-إنه ليس أنا، لقد تمّ تشبيهي فقط !" رثى ثيودور بتظلُّم عندما دلف له صوتٌ منزعج.
-ماذا تُحاول أنْ تقول ؟ هل تقصد أنّي من اِفتعلتُ الحوادث"
نظر ثيودور للمُتحدث ليجد أنه دايان، كان الأخيرُ أشعثَ تماما واِنتصبت شُعريات رأسه الصفراء والبيضاء في فوضى.
تقدَّم قبل أنْ يرسُم عصاه في ثيودور وهو يُصّر على أسنانه.
-لقد تمّ مُطاردتي بكُلّ مكان بسببك ! الجميع لم ينصِت لشرحي عندما أخبرتهم أني لست أنت !"
-أخبرتك أنه ليس أنا من فعل ذلك !" كشّر ثيودور وجهه في دايان أيضا، كان مُتعبا ولم يرد طرحَ هذه المسألة أكثر !
-كان تصرفا مُتهورا منك " تقدَّم جوردان كذلك وهو ينظر لمكان ناثام للحظة قبل أنْ يعود لثيودور
-كان من الممكن أنْ تموت كما تعلم، الجميع بنفسِ القوّة تقريبا، إثارة حشدٍ ليس بالأمر الحكيم "
كان رأس ثيودور يغلي، ما بالُ هذا الآن يتصرَّفُ كشخصٍ راشد وينصحه. هو لم يُرد أنْ يَقعَ بهذه الفوضى أيضا !
تذمّر تحت أنفاسه ووجَّه بصره لبلوصن في استغاثة. كان يتمنى أنَّ الأخير من الممكن أنْ يفهمه.
لكن بلوصن أشاحَ بوجهه عنه وكأنه لا يعرفه !
-أنت !" تنهد ثيودور باِستسلام قبل أنْ يُبعد وجه كريسل الذي لا يزالُ يبحث عن شيء غريب به. قال وقد اِستدار للخلف نحو شخصٍ مُلثّم قربه.
-وينيا، أخبري الأمير أني سٱرافق فريقي بالإقتحام "
أومأت الأخيرة بفهمٍ قبل أنْ تَدَعه وتعود لناثام الذي يتحدث مع سان. كانت قد عادَت لتنكُّرها قبل وصولهم ساحة المعركة هذه، خوفا من أيِّ حوادِثَ قد تنشٱ بعد رُؤية الفُرسان لكاراس كمرافقٍ للأمير.
بعد ساعة، تمَّ تنظيم صفوفهم وبدٱو الإتّجاه نحو صوت المعركة العالي من بعيد.
كان حجم النجم كبيرا جدا لذا لم تتجمّع البلدان الثلاثة معا بل كُلُّ منهم إختار جهة.
لكن مع تحرك دراكوك الآن بدأَ جنود لونا بإقتفاءِ أثرهم واللّحاق بهم.
كان ثيودور يرى أجزاءَ الجُثث القديمة المُحطمة من قبل دراكوك بكُلِّ مكان. حتى أنه شاهد عدّة شظايا لآثارَ مختومة تمّ تدميرها، مُخلِّفَةً حُفراً بقطر عشرات الأمتار .
أمر ييغرو بالتسلُّل وإبتلاع البعض والتي في خطِّ سيره، محاولا بذلك عدمَ لفتِ انتباه أيِّ شخص.
بالأحرى كان قد طلب من الأمير العودة لفريقه لأجلِ هذا بالضبط !
إمتلك ناثام عدّة فرسان ذوي خبرة معه وكان هو بنفسه ذو مرتبة أعلى منه بكثير. لذا كان لديه خوف أنْ يشعر بييغرو حتى مع تقييد المصفوفة لقواهم.
احس ثيودور أنَّ تكيُّفه مع قوى الظلام أعلى وأعلى حتى أنه بدأ يستشعر الظلال القريبة منه. علم أنَّ استقرار قُوته لن يكون بعيدًا عن متناول يده .
-توقفوا!" دلف صوتٌ من المقدمة حيث توقّفت خُطى جنود لونا تِبَعاً للأوامر.
من خلف كُوِّمِ العظام والجثث والآثار المحطمة، تراءى لهم فريقٌ صغير يرتدي حُلّة ذهبية بالكامل وهو يصطدم مع خطِّ الجثث.
كانت أصداء الإهتزازات من المعركة تَصِلُ نحوهم مسببة اِرتجافَ المكان .
لم تكن المسافة بينهم كبيرة، وقد أدركَ الخطُّ الخلفِيُّ لفرسان دراكوك أنَّ جنود لونا يتبعونهم من الخلف.
سُرعانما تحوَّلُو لأشكالهم الحقيقية مُحاولين تشكيل حاجز يمنعهم من المرور .
لم يهاجموا بل إكتفُوْا فقط بمراقبة فُرسان لونا، وأيِّ حركة قد يقومون بها. ربما علم شالينريزر أيضا أنّ ناثام قد فتحَ لهُ المجالَ للتحرك أوّلا ، لكنه لم يأبه ولا زالَ يُتابع خُطّته بالإقتحام وكأنه واثقٌ في قُواته.
بعد ساعتين من الإنتظار والتوتر الشديد الذي تصاعَدَ بين المجموعات الثلاث حيث وصلت أكوامارين كذلك، بدَأَت المعركةُ بين جثث صيادي التنين والتنانين تصلُ ذروتها.
هنا، رأوْا شالينريزر يتقدّم فُرسانه ورفع شيئا غريب الشكل لأعلى، لمُفاجأة ثيودور تعرّف عليه كالختم الذي كان بيد ٱمه في ذكرياتها بالقلادة !
كان الشعار الذي فَتَح الباب نحو قصر التنين تحت الأرض !!
-كيف وقع في يدِ دراكوك !" ضاق بؤبؤاه بصدمة، هل هما حقا نفس الشعار !!؟
صعِدَ الختم الغريب المتكوِّن من مكعبات ومعينات متداخلة وإمتصَّ جُلَّ الأثير حوله في عاصفة ،قبل أنْ يتَّحِد مُشكلاً شعارا بلغة التنين .
طار هذا الختم وإمتزج داخل النجم وماهي إلا لحظاتٌ حتى ظهرت دوامة شبيهة ببوابة بُعدية أسفله .
مع فتحِ المدخل، زادت شراسةُ هجماتِ الجثث وكأنّه تمّ لسعها وهاجت .
دافعَ فُرسان دراكوك بشدّة وهو يتقدّمون ببطئ في حين تجاوزهم شالينريزر نحو البوابة.
-الآن !! هاجموا !!"
فجأة، أطلَقَ النقيب وسان إشارةَ الهجوم لفرسانهم، حيثُ تصاعدت صيحات المعركة من صدورهم لتهُزّ أركان المكان .
سُمِعَ نفسُ الصيّاح من جهة أكوامارين حيث إندفع جنودهم كذلك لفرسان التنين.
-ٱوووورررر °°صرخة تنين°
زأرت التنانين بمُؤخرة فريق دراكوك، مُحوّلينَ كمية ضخمة من الأثير حولهم لأشعّة ضوئية، ثم أرسالوها كمطرٍ من الضّوء نحو مهاجميهم.
كانت كُلُّ قطرةٍ من المطر كرُمحٍ حاد يُمكنه اختراق أصعب المعادن.
سرعانما اِشتبكت الجوانبُ الثلاث ليتحوّل المكانُ لفوضى .
-اِمنعوا أميرَ دراكوك من التّقدم !"
صرَخ جنود أكوامارين وهم يُرسلون دواماتهم لصدِّ الضوء.
حتى مع حماية التنانين الشديدة، أمكن لبعض الجنود تجاوُزهم والسّعيُ نحو شالينريزر.
بعد كل شيء، إضم الجانبان ضدّ واحد!
قُرب النجم ، عاد شالينريزر للخلف عند سماعِهِ هذا وابتسم بسخرية وهو يأمرُ.
-تابِعِي دراكوك المُخلصين، حان الوقت لتُؤدوا واجبكم اِتجاه سلالة كالساديان كما تعهّدتم قبل قرون !"
رفع يده الوحيدة التّي كانت مُغطاةً بقّفاز ذهبي بنقوش غريبة ووجّهها نحو الجثث التي كانت لا تزال تُقاتل ضد فرسانه.
فجأة، توقفت حركتهم وكأنه تمّ كبسُ زِرٍّ خفي ليتراجعوا للخلف في موقفٍ واحد.
-ماذا يجري ؟!!"
-الجثث توقفت عن مُهاجمة دراكوك ؟"
-هل ذاك بيده هو أثرٌ مختوم ؟ أو لماذا يُواصل توجيهها إليهم ؟ هل سيطَرَ على الجثث ؟"
-هل هذا مُمكنٌ حتى ؟! إذا كان كذلك ، فلماذا لم يفعل هذا من البداية ؟!"
وسط تساؤلات الجميع الذين لاحتْ أبصارهم نحو شالينريزر. تقدَّم الأخيرُ بين الجثث وكأنّه يتجوّل بساحة بيته ووصل نحو البوابة.
دخل مع بعض حُراسه بخطوات بطيئة بابتسامة واسعة وهو يأمر .
-ٱقضوا عليهم !"
مع أمره المفاجئ، تحرّكت الجثث فجأة مُتجاهلين فرسان دراكوك واِتجهوا نحو جنود لونا وأكوامارين !
-إنه فخ !" قال ثيودور بتوتّر وهو يشاهد عشرات الجثث التي أحاطت النجم سابقا وقد تجمّعت عليهم.
-لقد عَلِمَ أنّنا ننتظر سيطرتُه على النجم لذا تركنا نتابعه. لم يتوقع أيٌّ منا وجود ممر بعدي يقود لمكان آخر. الجُثث لن تسمح لنا بالمرور في الوقت المناسب ومنعه من تحقيق أهدافه أيَّا ما كانت !"
-نعم أظن هذا أيضا !" وافقه كريسل وهو يعقِدُ يده على سيفه المشتعل .
كانا الآن بوسطِ الجُنود لكن هجمات التّنانين لا تزالُ تصِلُ صوبهم .
-ليتقدَّم المُستكشفون !"
دلَفَ صوتُ النقيب الشرس ليصَِل مسامع جميع من كان حاضرا.
كان صوته ثابتًا مما أوضح مدى خبرته في ساحات المعارك.
تقدّم مُستكشفوا الإتحاد الذين كانوا قريبين من موقع ثيودور للأمام.
كان موقفهم الشّجاع والبطولي يُعطيك هلوسةً بأنهم فدائيّين يُريدون بذْلَ دمائهم لأجل إزدهار بلدهم. لكن ثيودور علم أنَّ كُلَّ المخاطرة التي يبذلونها كانت لأجل جزيرة الكنز وفقط.
كانت المنافسة بين المُستكشفين شديدة في الإتحاد ولن يُفوّتوا فُرصة الإرتقاء بأيِّ وسيلة.
لم تكن أعدادهم بهذه الكثرة، حيث أنَّ شخصا واحد أو إثنان في فريق كاملٍ فقط من كان لهُ أثرٌ مختوم معه .
رسم الجميع أسلحتهم المختومة مُختلفة الأشكال وإمتصوا الأثير وهالة الشفق بشراهة، حتى أحدوثوا طفرةً شبيهة بالزوبعة .
-اِنتشر !!"
أمروا بصوت واحد بعدها حيث اِنتشرت آثارهم وتضاعفَ حجمُها عشراتِ المرات، وأرسلوها بنفسٍ واحدٍ نحو الجُثث وجنود دراكوك وأكوامارين .
لم يكن للأخيرين فُرصةٌ للتراجع حتى وصلت الآثار المتضخّمة نحوهم.
-المجانين ! إنهم يُريدون تفجيرها !!"
كان ذلك صحيحا كما قال جندي أكوامارين، كان المستكشفون مجانين من أجلِ الوصول لمبتغاهم !
توّسعت الآثار أكثر وأكثر حتى بدأت الشقوقُ تظهر على سطحها !
واحدة تلو الٱخرى، سُرعانما هزَّ دويُّ الإنفجارات أطلالَ ساحةِ المعركة بالكامل !!