الفصل العاشر: ظلال لا تموت
كان الصمت كثيفًا في النفق، لا يُسمع سوى صوت أنفاسهم المتوترة. كان ليوكس يقف هناك، وكأنه جزء من الظلام المحيط بهم. نظراته لم تكن تائهة، بل ثابتة، تراقبهم بدقة، تقيس ردود أفعالهم كما لو كان يقرأ أفكارهم.
ملاذ لم تصدق عينيها. كان أمامها الآن... الرجل الذي ظنت أنها لن تراه مجددًا.
"ليوكس..." نطقت باسمه بصوت بالكاد يُسمع، كأنها تخشى أن يكون مجرد وهم.
رفع حاجبه قليلاً، ثم ابتسم تلك الابتسامة التي كانت تعرفها جيدًا—ابتسامة نصف متكلفة، نصف ساخرة. "لم تتغيري كثيرًا، ملاذ."
كان هناك شيء بارد في صوته، شيء جعل قلبها ينقبض.
هيسوكا، الذي كان صامتًا حتى الآن، تحرك أخيرًا. قبضته على السكين اشتدت وهو يخطو أمام ملاذ، حاجبًا إياها عنه. "ماذا تفعل هنا؟"
ألقى ليوكس نظرة خاطفة عليه، وكأنه يدرسه، ثم قال ببساطة: "جئت أبحث عن شيء... أو ربما عن شخص."
لم يكن هيسوكا ممن يحبون الألغاز. رفع السكين قليلاً، نبرته هادئة لكنها تحمل تهديدًا خفيًا. "تحدث بوضوح، وإلا فلن يعجبك ما سيحدث."
ضحك ليوكس بخفة، ثم شبك ذراعيه. "ما زلت عصبيًا كما يبدو، هيسوكا."
"أجب على السؤال."
توقف ليوكس لحظة، ثم تنهد، كأنه لا يريد الدخول في هذه المواجهة الآن. "لم أكن أتوقع أن أجدك هنا، ملاذ. لكن، بما أنني وجدتك، ربما حان الوقت لننهي ما لم ننهيه من قبل."
شعرت ملاذ بقشعريرة تسري في جسدها. كان هناك شيء في كلماته جعل ذكريات قديمة، مؤلمة، تتسلل إلى ذهنها. لكن ليس الآن. ليس هنا.
كيرين، الذي كان ساكنًا طوال هذا الوقت، تحدث أخيرًا. "هل تتوقع أن نثق بك؟"
التفت إليه ليوكس ببطء، وكأنه لاحظه للتو. "كيرين، أليس كذلك؟ صديق هيسوكا القديم؟"
لم يُجب كيرين، لكنه لم يبعد نظره عنه أيضًا.
"لا تقلق." أكمل ليوكس، بنبرة شبه مستمتعة. "أنا هنا لسبب آخر تمامًا. ليس لكم علاقة به... بعد."
كانت كلماته تحمل معنى خفيًا، لكن لم يكن لدى أحد الوقت لتفسيرها. فجأة، اهتز النفق تحتهم، وانطلقت أصداء انفجار بعيد. الجدران ارتجّت، وسقط الغبار من السقف.
كيرين توتر. "اللعنة، هذا ليس جيدًا."
ليوكس لم يبدُ قلقًا، بل استدار بهدوء نحو زاوية النفق وسحب حقيبة صغيرة. فتحها وسحب منها بعض المعدات: ضمادات، زجاجات ماء، وعلب طعام.
"يبدو أنكم بحاجة إلى هذا." قال وهو يرمي لهم علبة طعام.
هيسوكا أمسكها بيده الوحيدة، لكنه لم يفتحها. "من أين حصلت عليها؟"
"سرقتها، طبعًا." قال ليوكس بلا مبالاة. "ليس كما لو كان بإمكاني شراؤها من متجر في وسط هذه الفوضى، صحيح؟"
لم يكن هذا جوابًا كافيًا لهيسوكا، لكنه لم يقل شيئًا آخر.
جلس ليوكس على الأرض متربعًا، وكأنه لا يشعر بالعداء الذي يحيط به. "إذًا؟ ألا تريدون سماع القصة؟"
ملاذ نظرت إلى كيرين، الذي لم يتحرك. هيسوكا ظل ثابتًا أيضًا، لكن عيناه كانتا تدرسان ليوكس بحدة، كما لو كان يحاول كشف أي ثغرة في كلماته.
وأخيرًا، تحدث كيرين:
"تكلم."
ابتسم ليوكس، ثم ألقى نظرة طويلة نحو ملاذ قبل أن يقول بصوت هادئ، لكنه يحمل ظلالًا من ماضٍ لم يُحكى بعد:
"الأمر كله بدأ منذ خمس سنوات، عندما كانت المدينة لا تزال قائمة."