الفصل التاسع: عيون في الظلام

وقفوا بلا حراك.

كانت تلك العيون، بلون الدم القاتم، تراقبهم بصمت، تتأملهم كما لو كانوا قطعًا زجاجية متشققة تحت ضوء خافت. لم يكن هناك أي تعبير على وجه الرجل الواقف عند نهاية النفق، لكن حضوره وحده بثّ شيئًا أشبه بالقشعريرة البطيئة في العمود الفقري.

ملاذ لم تستطع تحريك قدميها. كانت أنفاسها ثقيلة، مشوشة، كأنها عالقة بين التصديق والإنكار. من يكون هذا الشخص؟ وكيف يعرفهم؟

أما هيسوكا، فقبض على سكينه بيده الوحيدة، بينما راقب الرجل بحذر، وكأنه يفكر بأي جزء من جسده عليه أن يستهدف أولًا لو تطور الأمر.

كيرين، على عكس الجميع، لم يبدُ عليه أي ارتباك. وقف بثبات، وكأنه كان يتوقع هذه اللحظة منذ البداية.

"من أنت؟" نطقها هيسوكا أخيرًا، صوته منخفض لكنه مشحون بتوتر خفي.

لم يرد الرجل مباشرة، بل أمال رأسه قليلًا، كما لو كان يستمتع بالنظر إليهم. ثم، بابتسامة خفيفة بالكاد يمكن ملاحظتها، قال:

"لقد تغيرتِ كثيرًا، ملاذ."

عندها، شعرت وكأن الهواء سُحب من رئتيها.

شعرت بشيء أشبه بقبضة باردة تعتصر قلبها، كأن اسمها خرج من فم شبح من ماضٍ حاولت دفنه. العينان الحمراوان، الصوت الذي يحمل ذكريات بعيدة، والطريقة التي وقف بها هناك، كما لو كان يعرفها منذ الأزل...

"أنت..." نطقت أخيرًا، لكنها لم تكمل. لم تستطع.

"ألم تشتاقي إليّ؟" تابع، بصوت هادئ لكنه يفيض بشيء غامض.

هيسوكا لم يعجبه ذلك. تقدم خطوة للأمام، واضعًا نفسه بين ملاذ والرجل الغريب. "أجب على السؤال، من تكون؟"

عندها، ضحك الرجل. كانت ضحكة خفيفة، لكنها لم تكن ساخرة ولا ودودة. بل كانت أشبه بصدى صوت شخص نجا من الجحيم، وعاد ليجد أن العالم لم يعد كما تركه.

ثم قال، بنبرة هادئة لكنها تحمل شيئًا أشبه بالتهديد المخفي:

"اسمي ليوكس. ربما لم تسمعوا بي، لكنني سمعت عنكم كثيرًا."

تبادل الجميع النظرات، وكأنهم يحاولون فك الشيفرة التي يمثلها هذا الشخص.

ملاذ شعرت أن قدميها بالكاد تحملانها. الاسم لوحده لم يكن كافيًا لإيقاظ الذكريات، لكن الصوت... والطريقة التي نظر بها إليها...

كانت هناك أيام قديمة، أيام تظن أنها تلاشت مع الوقت، لكنها الآن تعود للظهور كما لو أن الزمن لم يمر أبدًا.

لكن... كيف يمكن أن يكون هذا صحيحًا؟ كيف يمكن أن يكون هنا، الآن، بعد كل ما حدث؟

قبل أن تستطيع طرح أي سؤال، كان ليوكس قد تحرك. لم يسحب سلاحًا، لم يبدُ حتى مهتمًا بإظهار العداء، لكنه اقترب بخطوات بطيئة، متأنية، حتى أصبح على بعد متر واحد منهم.

نظر إلى هيسوكا، ثم إلى كيرين، وكأنه كان يقيّمهم.

ثم همس، وكأنه يخبرهم بسر لم يكن من المفترض أن يعرفوه:

"لقد صنعتم الكثير من الأعداء، أليس كذلك؟"

لم يرد أحد.

ثم تابع، بابتسامة باهتة:

"لكن لا تقلقوا... فأنا لست واحدًا منهم."

2025/03/26 · 2 مشاهدة · 415 كلمة
ASO
نادي الروايات - 2025