الفصل الحادي عشر: قُبلةُ الموت
ساد الصمت لوهلة، كأن الزمن توقف في تلك اللحظة. جلس ليوكس متكئًا على الحائط، علبة طعام في يده، يتأمل وجوههم واحدًا تلو الآخر. لم يكن هناك استعجال في نبرته، لم يكن هناك قلق، بل فقط سخرية باردة.
"إذًا، تريدون أن تعرفوا القصة؟ حسنًا..." تنهد، وكأن الحكاية التي على وشك أن يسردها أثقل مما يحتمل.
"قبل خمس سنوات، كنت مجرد لصٍّ صغير، أعيش من سرقة الجيوب والطعام الرخيص. كنت ماهرًا، لكن العالم كان أقسى مني. في يوم ما، التقيت بشخص لم يكن يفترض أن ألتقي به... شخص غيّر كل شيء."
نظر إلى ملاذ مباشرة، عينيه كانتا عميقتين كأنهما تنظران إلى شيء لم يعد موجودًا.
"كانت فتاة ذكية، عنيدة، وقاسية أحيانًا... لكنها لم تكن تعرف كم كانت مميزة. كنت أظن أنني من علمها كيف تعيش في هذا الجحيم، لكنها من علمتني كيف أشعر... أو على الأقل، هكذا كنت أعتقد."
شعرت ملاذ بشيء ثقيل في صدرها، لم ترد سماع هذا، لم ترد أن يُنبش الماضي الذي دفنته بعناء.
"لكن الحب، يا أصدقائي، لا يُطعم الجياع، ولا يحميك من الرصاص." ابتسم بسخرية. "كنت أحمقًا، اعتقدت أنني قادر على الحفاظ على شيء جميل في عالم قذر، لكنك كنتِ أذكى، ملاذ. أنتِ تركتِني قبل أن ينكسر كل شيء."
كان هناك شيء خطير في نبرته، شيء لم يلاحظه سوى هيسوكا وكيرين.
"تركتِني... لكنني لم أترككِ."
قبل أن تستوعب ملاذ كلماته، قفز ليوكس بسرعة خاطفة، كان سريعًا بشكل غير طبيعي، كأن الغريزة وحدها كانت تحركه. أمسك بمعصمها، سحبها نحوه، وبدون تردد، أغلق شفتيه على شفتيها بقوة.
لم يكن هناك دفء، لم يكن هناك شوق، فقط قسوة، فقط امتلاك.
لكن لم يستمر ذلك سوى ثانية واحدة.
صرخة ملاذ اخترقت الهواء بينما ارتفع نصلٌ حادٌ، أسرع مما تراه العين.
"شْرَاخ🤯!"
لحظة واحدة، كان ليوكس هناك. اللحظة التالية، لم يكن.
رأسه انفصل عن جسده، تدحرج على الأرض، عيناه ما زالتا تحملان الصدمة، وكأن عقله لم يدرك بعد ما حدث.
أما جسده، فقد بقي ثابتًا لجزء من الثانية، قبل أن ينهار على ركبتيه، ثم يسقط بلا روح.
هيسوكا وقف هناك، نصله يقطر دمًا، عيناه مظلمتان كالموت ذاته. لم يتردد، لم يفكر، فقط فعل ما كان عليه أن يفعله.
لكن الصمت الذي أعقب ذلك كان أسوأ من القتل نفسه.
ملاذ وقفت في مكانها، عيناها متسعتان، تنظر إلى الرأس المقطوع دون أن تستوعب الأمر.
ثم... بدأت ترتجف.
"لا..." همست، صوتها مكسور، ضعيف، كأنها ليست متأكدة مما تراه. "لا... لا، لا، لا!"
ركعت على الأرض، دفنت وجهها في يديها، وانفجر كل شيء.
كان هذا أكثر من مجرد موت. كان هذا ماضيها الذي يُمزَّق أمامها، كان هذا الشيء الوحيد الذي بقي يربطها بذلك الجزء من حياتها، الجزء الذي حاولت نسيانه.
هيسوكا لم يقل شيئًا. لم يكن هناك ما يُقال. فقط وقف هناك، ينظر إلى ملاذ التي انهارت، وإلى كيرين الذي تجمد في مكانه، وكأن عقله يحاول استيعاب الفوضى التي حدثت في ثوانٍ معدودة.
كان من المفترض أن تكون مجرد لحظة استراحة... لكنهم الآن أضعف مما كانوا عليه من قبل.
الرحلة أصبحت أصعب.
والظلال التي خلفوها وراءهم... أصبحت أعمق.