الفصل الخامس عشر: ما بعد العاصفة

الليلة كانت طويلة.

الوقت مرّ ببطء، كأن العالم بأسره قد توقف احترامًا لهذه المأساة.

كيرين جلس على الأرض، ظهره مستند إلى الجدار البارد، بينما عيناه كانتا تتنقلان بين الطاولة حيث جلس هيسوكا، والباب الذي خلفه ترقد ملاذ بلا حراك.

كانت ضربات قلبه بطيئة، وكأنها لا تصدق أن الحياة لا تزال تسري فيه.

كان الأمر يفوق قدرة البشر على الاحتمال... رؤية شخص يُقتل أمامك، سماع صوته وهو يختنق، رؤية دمه وهو يتدفق، ثم رؤية شخص آخر ينهار حتى تفقده تمامًا في غيبوبة مجهولة المصير.

شعر كيرين وكأنه عالق بين كابوسين، ولا يعرف أيهما أسوأ.

"أنت لا تنام؟"

كان صوت هيسوكا هادئًا، لكنه حمل داخله شيئًا ثقيلًا.

كيرين زفر ببطء، ثم هز رأسه: "ومن يستطيع النوم في مثل هذا الوضع؟"

هيسوكا لم يجب.

ظل صامتًا، فقط أخذ نفسًا عميقًا، كأنه يحاول أن يحبس داخله كل الكلمات التي كان يمكن أن يقولها.

في الغرفة الأخرى، كانت ملاذ لا تزال راقدة في الظلام.

عيناها مغمضتان، أنفاسها بطيئة، لكن قلبها كان يصرخ داخلها.

كانت عالقة في مكانٍ ما، مكان لا يمكن لأحد الوصول إليه.

مكان حيث الألم لا ينتهي، حيث صدى صرخة ليوكس لا يزال يتردد، حيث وجهه المشوه بالدماء لا يزال مطبوعًا على جدران عقلها.

كانت ترى كل شيء بوضوح، لكن لا تستطيع فعل شيء.

كانت تريد الصراخ، لكن لم يكن هناك صوت.

كانت تريد الركض، لكن قدميها كانتا مكبلتين بألمها.

كانت تسقط، مرة بعد مرة، بلا نهاية.

"ماذا سنفعل الآن؟"

كان صوت كيرين ضعيفًا، لكنه كان يحمل سؤالًا خطيرًا.

هيسوكا رفع نظره إليه، عيناه كانتا مليئتين بشيء غامض.

"لا أدري."

"لا تدري؟!" كيرين ضرب الطاولة بقبضته، لكن صوته كان أكثر يأسًا من غضب. "هل هذا كل ما لديك؟ لقد قتلنا شخصًا! ملاذ في غيبوبة! وهناك أشخاص يبحثون عنك! ألا يوجد لديك خطة؟"

هيسوكا لم يتحرك.

ببساطة، بقي ينظر إليه بصمت، حتى بدأ كيرين يفقد صبره.

لكن فجأة، تحدث هيسوكا بصوت خافت:

"وأنت، ما خطتك؟"

كيرين فتح فمه ليجيب، لكنه لم يجد أي كلمات.

لأنه أدرك الحقيقة القاسية:

هو نفسه لم يكن يعرف.

الليل مضى ببطء، ومع اقتراب الفجر، كان كلاهما لا يزالان مستيقظين، غارقين في أفكارهما.

هيسوكا وقف أخيرًا، مشى ببطء إلى النافذة، نظر إلى الخارج، ثم قال بصوت هادئ:

"سيأتون قريبًا."

"من؟"

"الأشخاص الذين كنت أخبرك عنهم."

كيرين شعر بقشعريرة تمر في جسده.

"كيف تعرف؟"

هيسوكا لم يلتفت إليه، فقط ابتسم ابتسامة خافتة.

"لأنني كنت واحدًا منهم."

2025/03/26 · 0 مشاهدة · 386 كلمة
ASO
نادي الروايات - 2025