17 - الدماء الاخيرة

الفصل السابع عشر: الدماء الأخيرة

هدوء الليل لم يدم طويلاً...

فجأة، اخترق الظلام صوت أقدام تهرول في الخارج. كانت الأرض ترتج تحت وقع خطوات ثقيلة، أصوات الرجال تتصاعد في المكان، وهمسات مجهولة تنذر بالخطر.

كيرين تجمد للحظة، عيناه اتسعتا، ثم التفت بسرعة إلى هيسوكا الذي كان لا يزال جالسًا بجوار ملاذ، يراقبها بصمت.

"إنهم هنا..." همس كيرين بصوت متوتر.

هيسوكا لم يتحرك، فقط زفر ببطء، ثم وقف أخيرًا.

"كنت أعلم أنهم سيأتون." قال بهدوء مخيف.

كيرين شعر بقلبه ينبض بجنون، لم يكن لديه وقت للأسئلة، ولا للغضب، كان عليهم الخروج فورًا، وإلا ستكون نهايتهم جميعًا هنا.

لكن ملاذ...

ملاذ كانت لا تزال في غيبوبتها، بلا حول ولا قوة، روحها محاصرة في ظلام لا يعرف أحد متى ستتحرر منه.

كيرين التفت إليها، ثم إلى هيسوكا، ثم سمع صوت الطرقات العنيفة على الباب.

"افتحوا الباب الآن، نعلم أنكم هنا!"

الوقت انتهى.

لم يكن لدى هيسوكا تردد. انحنى ببطء، رفع ملاذ بين ذراعيه – ذراعه الوحيدة – بينما غطى جسدها بالمعطف الطويل الذي يرتديه، ثم التفت إلى كيرين بعينين حادتين.

"اتبعني." قال بصوت بارد.

كيرين لم يسأل، لم يعترض، فقط تبعه، لأن الخيار الآخر كان الموت.

الطريق للخروج لم يكن سهلًا.

الظلال تحركت بسرعة، أصوات صرخات وانفجارات صغيرة دوت في المكان، الرصاص اخترق الجدران بينما هيسوكا يشق طريقه عبر الأزقة الضيقة، يحاول جاهدًا إبقاء ملاذ آمنة بين ذراعيه، رغم أن يده الوحيدة بالكاد تستطيع حملها لفترة طويلة.

كيرين كان يركض خلفه، يلهث، عقله مشوش، لكنه كان يعلم شيئًا واحدًا...

هيسوكا لم يكن يهرب.

هيسوكا كان يقودهم نحو النهاية.

أخيرًا، وصلوا إلى زقاق ضيق، لكن عند نهايته، وقف رجال مسلحون، وجوههم متوحشة، عيونهم مليئة بالغضب.

كانوا محاصرين.

كيرين ابتلع ريقه، التفت إلى هيسوكا، لكنه تفاجأ عندما رأى على وجهه شيئًا لم يكن يتوقعه.

ابتسامة صغيرة... وكأن كل شيء كان يسير وفقًا لخطة هو الوحيد الذي يعرفها.

"ماذا الآن؟" سأل كيرين بصوت مرتجف.

هيسوكا لم يرد فورًا.

بدلًا من ذلك، نظر إلى ملاذ بين ذراعيه للحظات، ثم رفع عينيه إلى كيرين وقال بصوت ثابت:

"خذها... واهرب."

كيرين شعر بدمه يتجمد.

"ماذا؟!"

لكن هيسوكا لم يعطه فرصة للاعتراض.

بسرعة، دفع ملاذ بين ذراعيه، رغم أن حملها لم يكن سهلًا بيد واحدة.

"اسمعني جيدًا، كيرين." قال هيسوكا، هذه المرة صوته كان أكثر جدية من أي وقت مضى. "خذها إلى مكان آمن... سأعود إليكم."

"لكن أنت—"

"لا وقت للأسئلة." قاطعه هيسوكا بحدة.

ثم، لوهلة قصيرة، ارتخت ملامحه للحظة، وكأنه لأول مرة أظهر شيئًا يشبه الحنان.

"أوصيك بها..."

قبل أن يتمكن كيرين من قول أي شيء، استدار هيسوكا فجأة، واندفع مباشرة نحو الرجال المسلحين.

كيرين تجمد في مكانه، عيناه اتسعتا بصدمة، لكنه لم يستطع التحرك، لم يستطع حتى الصراخ.

لم يعرف ماذا رأى أولًا—

هل كان صوت الطلقات النارية؟

أم كان الدم الذي اندفع في الهواء مثل المطر القرمزي؟

أم كان ذلك الجسد القوي... الذي سقط ببطء على الأرض، مغطى بالجراح، بينما الدماء تنساب منه بلا توقف؟

عندما استدار كيرين أخيرًا، كانت الصورة واضحة أمامه.

هيسوكا كان راكعًا على ركبتيه، الدماء تغمر جسده، لكنه لم يسقط بالكامل بعد.

كان لا يزال يقاوم...

لكنه كان يعرف... وكيرين كان يعرف...

هذه كانت النهاية.

في اللحظة الأخيرة، رفع هيسوكا رأسه، وعيناه التقتا بعيني كيرين.

ابتسم...

ثم، ببطء...

سقط وجهه إلى الأرض، بينما الدماء شكلت بركة حمراء تحته.

كيرين لم يستطع الصراخ.

لم يستطع حتى التنفس.

كل ما شعر به هو البرودة التي غمرت روحه... وهو يهرب بعيدًا، يحمل ملاذ بين ذراعيه، بينما صورة هيسوكا وهو يسقط ظلت محفورة في ذاكرته.

2025/03/26 · 2 مشاهدة · 558 كلمة
ASO
نادي الروايات - 2025