4 - طارق منتصف الليل

الفصل الرابع: طارق منتصف الليل

لم يكن الصمت الذي عم الغرفة هدوءًا، بل كان أشبه بصوتٍ صارخٍ لم يُنطق بعد. كل الأنفاس كانت محبوسة، والأعين شاخصة نحو الباب الخشبي المهترئ، حيث تردد صوت الخطوات الثقيلة على الأرضية المتربة خلفه.

قبض هيسوكا على خنجره بإحكام، وبتحرك سلس، أشار لملاذ كي تبتعد قليلاً عن الباب. لم يجادل أحد.

أما آدم، فقد تجمد في مكانه، عيناه تتسعان بفزع، كما لو أن الكابوس الذي هرب منه قد عاد ليطارده.

ثم… توقف الصوت.

ظلوا على حالهم، متشنجين، لثوانٍ شعرت بها ملاذ كأنها أبدية. لكن ما حدث بعد ذلك جعل قلبها يكاد يتوقف.

دق... دق... دق.

ثلاث نقرات خفيفة، متباعدة، كأن من يقف بالخارج كان يعرف تمامًا أن هذا الصوت البسيط قادر على تفجير الرعب في قلوب من بالداخل.

تبادل هيسوكا وملاذ نظرات سريعة، لم يحتاجا للكلمات. كانت هناك قاعدة واحدة في هذا العالم المنهار: عندما يأتيك زائر في منتصف الليل، فغالبًا لا يحمل معه أخبارًا سعيدة.

"ابقوا هنا." تمتم هيسوكا بصوت بالكاد يُسمع، ثم تقدم ببطء نحو الباب.

لكن قبل أن يتمكن من لمسه، جاء صوت آخر، هذه المرة أوضح، من خلف الباب مباشرة.

"هيسوكا."

تجمد مكانه.

كان الصوت هادئًا، لكنه مشحون بشيء جعل حتى ملاذ تشعر بوخزة خوف غريبة. نظرت إلى هيسوكا، فرأت لأول مرة، منذ أن التقت به، شيئًا يشبه الاضطراب يمر على وجهه.

هذا الشخص يعرف اسمه.

مرت لحظة صمت ثقيلة، ثم أتى الصوت مجددًا:

"أما زلت على قيد الحياة؟"

كانت تلك الجملة وحدها كافية ليشعر آدم بالرعب، ويتراجع خطوتين للخلف. أما ملاذ، فلم تستطع منع نفسها من التساؤل: من هذا الرجل؟ وكيف يعرف هيسوكا؟

لكن قبل أن تتمكن من قول شيء، أدخل هيسوكا السكين في غمده، ثم مد يده إلى المقبض، وفتحه ببطء.

وقف هناك، في الممر الضيق، رجل طويل القامة، ذو وجه مغطى جزئيًا بضمادات قديمة، وعينين سوداويين تعكسان شيئًا يشبه الحطام الداخلي. كان يرتدي معطفًا أسود طويل، مبللًا بالمطر.

ظل صامتًا لثوانٍ، يحدق في هيسوكا كما لو أنه يراه للمرة الأولى، ثم ابتسم ابتسامة باهتة، وقال بصوت هادئ لكنه محمل بالأسرار:

"لقد مر وقت طويل، أليس كذلك؟"

ملاذ أدركت أن هذه الليلة لن تنتهي بسلام.

2025/03/25 · 4 مشاهدة · 336 كلمة
ASO
نادي الروايات - 2025