5 - الظلال التى لا تموت

الفصل الخامس: الظلال التي لا تموت

الصمت الذي تلا كلماته كان أكثر صخبًا من أي ضوضاء في هذا العالم المدمر.

وقف الرجل ذو الضمادات بثبات عند الباب، مبتسمًا تلك الابتسامة التي لم تكن تعكس فرحًا، بل شيئًا أقرب إلى الحنين... أو ربما الألم.

لم يتحرك هيسوكا. لم يقل شيئًا. فقط نظر إليه، وكأنه يزن كل الاحتمالات التي قد تحدث في اللحظات القادمة.

ملاذ، التي وقفت على بعد خطوات قليلة، شعرت بشيء غريب... لم ترَ هيسوكا بهذا الجمود من قبل. كأن الماضي قد تجسد أمامه فجأة في شكل هذا الرجل.

أما آدم، فكان أكثر وضوحًا في خوفه. لم يكن يعرف من هذا الغريب، لكنه لم يكن يثق بأي شخص يظهر في منتصف الليل وينطق باسم رفيقهم وكأنه يعرفه منذ الأزل.

مرّت لحظة أخرى من الصمت، قبل أن يقطعها الرجل بنفس النبرة الهادئة:

"لن تدعني أدخل؟ الجو بارد، والمطر لم يرحم أحدًا هذه الليلة."

أخيرًا، تحرك هيسوكا، لكنه لم يفتح الباب أكثر. بدلًا من ذلك، سأله بصوت منخفض لكنه محمل بشيء يشبه الحذر القاتل:

"كيف وجدتني؟"

لم يجب الرجل فورًا. نظر إليه طويلًا، ثم أمال رأسه قليلًا كما لو كان يدرس ملامحه، قبل أن يقول:

"لم يكن الأمر صعبًا... كنت دائمًا تترك أثرًا خلفك، حتى عندما تحاول الاختفاء."

كانت كلماته تحمل شيئًا مبهمًا، شيئًا جعل معدة ملاذ تنقبض بلا سبب واضح.

لكن أكثر من تأثر بها كان هيسوكا. قبضته التي كانت تستند على الباب اشتدت لثانية، وكأنها تذكرت شيئًا غير مرحب به.

تنهد الرجل أخيرًا، ثم أكمل بصوت منخفض:

"دعنا لا نقف هنا ونتحدث كالأغراب، هيسوكا... أنا لم آتِ للقتال."

كلمات بسيطة، لكنها حملت معها عشرات الأسئلة.

نظرت ملاذ إلى هيسوكا بترقب، متساءلة عما سيفعله. لكن الإجابة جاءت عندما تنحى أخيرًا جانبًا، وسمح للرجل بالدخول.

تحرك الرجل بخطوات هادئة، لكن حين مر بجانب هيسوكا، قال دون أن ينظر إليه:

"ما زلت سريع الغضب، كما كنت دائمًا."

أغلق هيسوكا الباب خلفه دون تعليق.

---

داخل الغرفة، جلس الرجل بثقة، كما لو أن المكان ملكه.

ملاذ جلست مقابله، وعيناها تحاولان تحليل كل تفصيلة في مظهره. أما آدم، فظل ملتصقًا بالحائط، كأن أي حركة مفاجئة قد تؤدي إلى موته.

هيسوكا وقف بعيدًا، لم يجلس، فقط راقب.

"ما اسمك؟" قطعت ملاذ الصمت أخيرًا.

نظر إليها الرجل، ثم ابتسم ابتسامة خافتة. "أوه، نسيت أن أقدم نفسي؟ هذا غير لائق مني."

ثم التفت إلى هيسوكا قبل أن يقول بنبرة هادئة، لكنها محملة بشيء أشبه بالسخرية المبطنة:

"ما زلت لم تخبرهم عني، أليس كذلك؟"

هيسوكا لم يرد. فقط حدق به.

تنهّد الرجل، وكأن ذلك متوقع، ثم نظر إلى ملاذ مباشرة وقال:

"اسمي كيرين."

نطقه للاسم لم يكن عاديًا. كان يحمل شيئًا أشبه بوزن ثقيل خلفه، كما لو أنه لا يخص شخصًا بل... ماضٍ بأكمله.

ولأول مرة، رأت ملاذ في عيني هيسوكا شيئًا نادرًا: ذكرى... ربما ندم... وربما شيء أكثر قتامة.

"لماذا أتيت إلى هنا؟" كان سؤال هيسوكا أخيرًا، نبرته مستقرة، لكنها تحمل شيئًا قريبًا من التوتر.

ابتسم كيرين، لكنه لم يجب فورًا. فقط أنزل عينيه قليلًا قبل أن يهمس:

"لأنك في خطر، يا صديقي القديم."

الجملة جعلت الجميع يتجمد.

آدم ابتلع ريقه بصعوبة، بينما نظرت ملاذ إلى هيسوكا فورًا، محاولة فهم مدى جدية هذا التهديد.

لكن هيسوكا لم يبدُ متفاجئًا، فقط حدّق في كيرين، وكأنه كان يتوقع ذلك منذ البداية.

وأخيرًا، أضاف كيرين بصوت أكثر هدوءًا:

"هم وجدوا أثرك أيضًا، ولن يتوقفوا حتى يجدوا رأسك."

كانت تلك اللحظة التي أدركت فيها ملاذ أنهم لم يكونوا مطاردين فقط...

بل كانوا أهدافًا معلنة في لعبة أكبر مما تخيلوا.

2025/03/25 · 3 مشاهدة · 547 كلمة
ASO
نادي الروايات - 2025