اهتزت الأرض بسبب اندفاع ملك العمالقة غورد نحو اورليش، موجها رأس رمحه الطويل والحاد للأمام، في المقابل تصدى له المتلقي بسيفه بكل ثقة.

كرر العملاق الطاغي ذو ال 45 سنة عدة طعنات سريعة بسلاحه وطبعا مع قوة اورليش لم يكن صد وتجنب كل تلك الطعنات صعبة عليه وليست سهلة بنفس الوقت رغم أنه كان يملك ذراع واحدة فقط.

قام اورليش بصد مثالي خلخل توازن غورد لثانية مستغلا تلك اللحظة بتلويحة مرتدة سريعة جذا لكنها لم تصب الملك العملاق الذي ارتدى درع تقليدي يكشف عضلات صدره وبطنه، بل كان هذا الأخير ذكيا في تعامله مع الموقف الصعب. لقد رفع رمحه بشكل عمودي لصد تلويحة خصمه المقنع، لكن رغم ذلك فإن تلقي الظغط جعله يتراجع الى الخلف لبضع يردات.

ترك ابتسامة قبل أن يشتعل حماسا مشكلا مروحة عن طريق تدوير رمحه بسرعة خيالية، بدت كطاحونة كبيرة، مندفعا بإتجاه اورليش كأنه قطار لا يتوقف.

شكل السياف المقنع ذو الشعر الأسود القصير زوبعة من الرياح حوله لتحميه من تلك الضربة لكنها لم تفلح وكسرت، مما تم قذفه بعيدا. إلا أن اورليش استعاد توازنه بغرس سيفه بالأرض الترابية.

ثم فإذا به فوجئ بجسد الملك العملاق امامه مباشرة، موجها رأس رمحه الحاد نحو وجهه، رغم ذلك قام اورليش بصده بفضل سرعة ردة فعله العالية. ليعيد له ضربة مرتدة كادت ان تحلق لحية غورد الشقراء.

كانا قريبين من بعضهما البعض وجها لوجه، حيث لا يسمع إلا صرير المعدن المتصادم من أسلحتهما، ثم نطق غورد ساخرا

" يبدوا أنك بذراع واحدة الأن "

" ذراع واحدة أكثر من كافي من اجل القضاء عليك "

رد عليه اورليش ببرودة

" لا تظنني نسيت الأمر يا أورليش "

" يا لإصرارك "

رد السياف المقنع بصوت مليء بالثقة دون تعجب.

" كمية الكره والحقد اتجاهكم انت واشيا وملكك وحتى ملكك السابق زاو كلكم حفنة من الحثالة "

تحدت غورد بنبرة خشنة جذا تحمل في طياتها الكثير من المشاعر العنيفة قبل أن يرد اورليش بصوت غاضب

" الزم حدودك اياك وإهانة اشيا او ملوكنا وصدقني لا يوجد حثالة اكبر منك "

ترك الملك العملاق ابتسامة ثم صاح بصوت عالي

" انت تعلم بالأمر بطبيعة الحال اليس كذلك يا اورليش؟ "

تعرق قليلا السياف المقنع ذو ال44 سنة قبل أن يشعر وكأن العالم توقف من حوله، لقد عادت به ذكرياته الى الوراء قبل 14 سنة بالظبط عندما كان في الثلاثين من عمره.

وسط ساحة شاسعة لم تكن العاصمة نويل بعيدة جذا عن المكان.

ظهر اورليش بقناعه الجمجمي المعتاد الرمادي اللون مع ملابسه وردائه السوادوين وعلى خصره سيفين، لم يكن شكله مختلف كثيرا عما هو عليه بعد سنوات غير ان ملامحه بدت أصغر بطبيعة الحال.

مقابلا أمامه ملك العمالقة غورد تاي الفخور ذو الشعر الطويل الأشقر والذهبي، المربوط من الخلف، نفس الأمر ينطبق عليه من ناحية شكله مثل السياف المقنع. بالإضافة كانت له لحية خفيفة جذا.

ساد الصمت بينهما الى ٱن كسر غورد ذلك بصياحه الغاضب العالي

" تنح عن طريقي يا وجه الجمجمة "

" لن ابرح من مكاني مهما كان الأمر يا كتلة اللحم "

رد عليه المقنع ببرودة اعصاب قبل أن يصرخ غورد

" سأقتلك اذا "

لوح غورد بفأس كبير فضي اللون يناسب حجمه الضخم، ضرب الأرض فإذا بها تتشقق من تحت اقدام اورليش، قفز هذا الأخير برشاقة هنا وهناك على رؤوس بعض الصخور المثناثرة متفاديا عدم الوقوع بين الشقوق العميقة تلك.

بينما وهو بالهواء معلقا، اطلق اورليش تقنية من سيفه عبارة عن نصف هلال من الطاقة موجهة نحو خصمه الذي قام بصدها بتشكيل حاجز صخري طلع من الأرض.

اندفع كليهما نحو بعضهما البعض بقوة كبيرة جذا ولكن في لحظة من الثانية وكأن الوقت توقف بالنسبة لهما، برزت اشيا وسطهما. كانت راحة يدها اليسرى ماسكة بفأس غورد في حين راحة يدها الأخرى امسكت سيف اورليش الحاد.

كلتا يديها كانتا تسيلان بالدم لكن هذا لم يزعجها قبل أن تتكلم بصرامة

" أنتما الإثنان توقفا حالا "

فوجئ كليهما من تدخل اشيا المفاجئ التي ظهرت بينهما من العدم كأنها شبح، كانت بعمر ال 23 سنة، شكلها كان كما عهدناه تقريبا جميلة وأنيقة بشعرها اللامع الأورجواني الفاتح مع ملابسها القتالية التقليدية.

" مالذي تفعلينه يا أشيا لقد قلت لك ألا تتدخلي بالأمر مجدذا "

تكلم اورليش بصوت صارم قبل ان ترد عليه الفتاة ساخرة

" اسفة يا زميلي الكبير لكن تواصلاتك الإجتماعية الضعيفة جعلتني أقلق "

تنهد المقنع ثم تحدت بهدوء

" ليس وكأنني سأفسد كل شيء "

" لا عليك بمأني هنا دعني أتكفل بالأمر "

تحدتث اشيا بإبتسامة لطيفة تحمل ثقة كبيرة

" لك ذلك فقتاله مجرد احماء بالنسبة لي "

رد المقنع قبل ان يرجع سيفه الى غمده

" شكرا لك "

شكرته اشيا على ذلك لكن كلامه أثار انزعاج العملاق غورد فرد بغضب شديد

" ماذا ؟ مالذي قلته يا وجه الجمجمة ؟ "

" والأن انت أيها الضخم الى متى سنستمر بهذا الوضع ؟ كم مرة هزمتك فيها يا ترى ؟ ألم تكتفي ؟ وتسمي نفسك ملكا ! "

قالت اشيا ذلك بملامح جادة وصارمة

" لن ارتاح الى أحقق مسعاي "

تحدت غورد بنبرته الغليظة مع نظرات التحدي قبل ان ترد عليه اشيا متنهدة

" اسمع ما فعله الملك زاو قبل سنوات بلا شك لقد كان الصواب شئت ام ابيت "

" لا يهمني ان كان صوابا ام خطأ الفعل يبقى فعل ولن يمحى "

ثم اضاف بإبتسامة خبيثة

" لكن على الاقل يمكنني التكلم مع ملككم الحالي ابن زاو اليس كذلك ؟ فنحن بالنهاية ملكين نريد مناقشة بعض الأمور "

" يا لعنادك ! لن اسمح لك برؤية جلالته مادمت حية ترزق "

ردت عليه الفتاة الشابة ببرودة اعصاب ثم اضافت

" وايضا ملكنا لا يريد الحرب ضدكم ابدا "

" لا يريد الحرب !! "

تعجب الملك العملاق ثم اطلق ضحكة هيستيربة قبل ان يتوقف فجأة مع تغير ملامحه الى وضع جاد ومخيف مشيرا بفأسه للأمام نحو اشيا

" الملك زاو من بدأ كل هذا لذا تحملوا نتائج افعاله "

" لقد طفح الكيل انت حقا في كل مرة لا تفهم بالكلام ابدا "

لفت اشيا كلتا يداها بضماضات بيضاء اللون ثم استشاطت غضبا مطلقة هالة ضخمة وقوية جذا لدرجة تشكلت حفرة كبيرة من حولها.

قفزت نحو العملاق موجهة عدد من اللكمات بيداها المشحونة بطاقتها الهائلة، كان غورد في موقف صعب جذا، لم يكن بمقدوره سوى الصد بفأسه تارة والتجنب تارة اخرى، غير أن لكمات اشيا القوية والمستمرة تفوقت عليه. فقذف العملاق بعيدا ساقطا بالأرض.

" بالنهاية هاهي تقاتل بعد كل ذلك التبجح عن رسميات الكلام "

تحصر اورليش على طريقة تعامل اشيا مع الأمر.

نهض العملاق شيئا فشيئا لاهثا مصابا بالجروح والكدمات في كل مكان من جسمه تقريبا.

كان يعلم أن اشيا كانت قوية جذا رغم كونها شابة فقط وخاصة كان برفقتها زميلها الأكبر اورليش، مع اصاباته الحالية لم يرد المجازفة أكثر. لقد ادرك خسارته مرة اخرى مشمئزا من ذلك طاحنا بأسنانه قبل ان يتحدت بصعوبة قليلا

" سأعود مجدذا...سأعود يوما ما...ولن تنسوا ما سأفعله بكم حينها فقط انتظروا "

أدار ظهره وعاد أدراجه خائب الأمل نحو مملكته.

" أنه عنيدا جذا "

تحدتث اشيا لكن اخدت لكمة على رأسها من قبضة اورليش الذي عاتبها قائلا بصوت حمل بعضا من الانزعاج

" لا يوجد من هو الأكثر عنادا منك أيتها الشقية "

" ولما ضربتني ؟ "

" الم تقولي ستنهين الأمر بالكلام فقط هذه المرة ؟ "

" حسنا كما رأيت لقد كان مصرا جذا "

تكلمت اشيا وهي واضعة راحة يدها على رأسها قبل يتكلم اورليش بهدوء

" لعل الحرب ضد قوم تاي اقرب من ذي قبل "

" صحيح "

تحدثت اشيا بجدية ثم تابعت مازحة

" على اي حال سأشتكي للمعلم جين على ضربك لي "

" لحظة إلا ذلك. "

...

عاد اورليش الى الحاضر من خلال التصدي لضربة من غورد

" ما خطبك ؟ أضعفت !؟ "

سخر العملاق لكن المقنع اكتفى بالصمت قبل أن يكسر صمته بعد لحظات

" التفكير بالماضي مؤلم والتفكير بالمستقبل مرعب لكن لكل شخص طريقته بالمضي قدما "

ثم اضاف

" ويبدوا أنك اخترت الطريق الصعب يا غورد فمهما تفعله انا هنا تحديدا للتصدي لك "

" وكأنك تحاول ان تقدم لي بعض الفرص ؟ لقد فعلت ذلك من قبل قبل سنوات لكن واسفاه تعلم جيذا كم انا عازم وعنيد "

تحدث الملك العملاق ثم تابع صارخا

" لأني بعد كل شيء الشخص المقدر له حكم العالم "

عيناه كانتا مشتعلتان بالغضب قبل أن يطلق زئيرا جعل الخيمة من حولهما ترتعش، هذه المرة لم يكن يحمل رمحه المعتاد بل رفع فأسا ذهبية اللون بحجم شجرة، سحبه من على ظهره في لحظة.

وجه ضربة قوية وساحقة تهدف الى سحق خصمه، غير أن السياف المقنع لم يتحرك من مكانه.

ظل هادئا واقفا كالتمثال، عيناه مثبتتان على العملاق ثم وفي جزء من الثانية اندفع بخطوة واحدة للأمام، جسده إلتف بخفة وسيفه لمع بوميض من البرق.

إلتقت الضربة الأخيرة للعملاق بالأرض الترابية، بينما عبر نصل اورليش صدر الملك غورد كخيط رفيع من الفولاد، توقف الزمن للحظة بالنسبة للكائن الضخم الذي تجمد جسده الهائل في مكانه والهواء نفسه كأنه يحبس انفاسه، الى أن تقيء كمية دم من فمه. لقد تعرض لجرح ونزيف على صدره الكبير.

استرجع غورد بعضا من ذكرياته من طفولته بدت لحظات سعيدة مع وجوه غامضة، مرت بسرعة وتقطع كما لو كانت شريط فلم.

" لم أنتهي بعد "

تمتم تحت أنفه قبل أن يستشيط غضبا شاحنا نفسه بكل قوة، فإنتزعت ربطة شعره بدى الأن كشعر الأسد الكثيف، ثم برزت هالة مهولة جذا جعلت الأرض تهتز بشدة والأعمدة التي كانت تمسك الخيمة انهارت وتحطمت. أما الخيمة نفسها طارت كلها بعيدا محلقة بالسماء.

وقف اورليش وسط كل ذلك الدمار ممسكا بسيفه الملطخ بدماء ملك العمالقة.

" يا له من صلب مجنون ! "

حدث السياف المقنع نفسه، لم يكن قلقا بل متعجبا من صلابة ذلك الضخم.

زمجر العملاق غاضبا ولوح بفأسه في دوران عاصف، مشكلا دوامة من الرياح دفعت اورليش للتراجع لكن هذا الأخير لم يتراجع عبثا بل استغل الدوامة ليقفز بخفة في الهواء دافعا بنفسه نحو كتف غورد، ضاربا بسيفه ضربة مائلة سريعة.

ففوجئ بأن ضربته كانت ضعيفة او بالأحرى كان الملك غورد صلبا جذا اكثر مما كان عليه من قبل حتى. لقد سبب له خدشا بسيطا ما جعله هذا يشعر ببعض من القلق في تلك اللحظة القريبة جذا من جسد العملاق المجنون.

ترك غورد ابتسامة شريرة كما لو وجد فريسة سهلة المنال امامه قبل أن يضرب الأرض بقدمه، فإنفجر الغبار وتكسرت الصخور من حوله محاولا أن يربك خصمه أكثر.

في حين السياف المقنع كان بالكاد هادئا وسط كل ذلك الغبار وتكسير الصخور هنا وهناك التي كانت تشكل تشتيت كبير بالنسبة له.

" نطاق ال 100 ضرب--- "

نطق اورليش بإسم تقنية من تقنياته القوية لكن تمت مقاطعته بجسم ما قوي وسريع اصتدم به على ظهره، لقد كان اندفاع غورد الهائل كأنه جدار ضخم متحرك.

جثى اورليش على كلا ركبتيه مصابا ومتألما بوضوح يلهث ويتعرق، برز خلفه ملك العمالقة غورد تاي كالجبل الشامخ بعينيه الحمراوين المشتعلتين المخفتين مع ابتسامته العنيفة التي تبشر بشر عظيم.

ارجع العملاق رجله اليمنى للخلف وكأنه يشحنها ليعيدها للأمام راكلا اورليش كما يتم ركل الكرة، طار المقنع بعيدا مرتطما ومتدحرجا بشكل متتالي بالأرض الترابية.

استطاع استعادة توازنه بالنهاية حتى نهض شيئا فشيئا بصعوبة، برز شق على الجانب الأيمن من قناع السياف لكن لم ينكسر قبل إطلاقه تنهيدة تقيلة قائلا

" يبدوا أنه حان وقت استعمالي لك يأيها الريتش "

خاطب سيفه الأساسي الملعون الذي كان قد سماه بهذا الإسم سلفا، فكل هذا الوقت كان اورليش يقاتل بسيفه العادي الثانوي.

بعد أن سحب الريتش من غمده من على خصره بدأ يلاحظ اختفاء الغبار تدريجيا امام ناظريه لقد كان بقمة تركيزه.

حتى اختفى الغبار كليا وفي جزء من الثانية لوح بسيفه مطلقا سلسلة من الرياح اتجهت نحو العملاق الذي تأخر في استقبال تقنية المقنع محاولا تشكيل دفاع من الأرض لكن الرياح اخترقته بالفعل متعرضا لبعض من الإصابات والجروح ورغم ذلك لم يتزحزح او يترنح حتى، لكن شعر بالألم حقا رغم صلابته تلك.

تقدم اورليش ببطئ خطوة بخطوة حاملا سيفه الريتش المغلف في النصل بزوبعة ممزوجة من الرياح والنار.

توقف السياف عن تقدمه ثم انتشر هدوء غريب فجأة حولهما كانت بينهما مسافة عدة امتار كل واحد منهما يحدق بالأخر بنظرات تحدي جادة جذا وكأن العالم توقف بالنسبة لهما.

فإذا فجأة سقط شيء بينهما بدى وكأنه نيزك ضرب الأرض بسرعة خيالية مما فاجأهما ذلك للحظة قبل ٱن يأخد كليهما وضعية الإستعداد مجدذا.

لم يسقطا حذرهما ابدا متسألين مع أنفسيهما عن هذا الجسم الذي سقط فجأة، المتسبب في انتشار غبار بالمنطقة، وبعد اختفاء الغبار بسرعة ظهرت حفرة كبيرة وعميقة نتيجة السقوط العظيم ذاك.

لكن الأهم برز وسط الحفرة شاب ذو شعر طويل أبيض اللون وناصع، كان شعره يلمس رقبته، كانت عيناه المتوهجتان بنفس لون شعره. امتلك حضور قوي جذا مطلقا هالة مرعبة. ثم نطق هذا الشخص الغامض قائلا

" وأخيرا وصلت أنت هو ملك العمالقة إذا "

توسعت عينا اورليش عبر فتحتي الأعين من قناعه متفاجئا مما يراه الأن بعد أن شعر أنه كان شخصا مألوفا قبل أن يتحدث في دهشة وتسائل

" هذا أنت جورا !!؟ "

.

.

.

مراجعة خفيفة :

قبل 11 سنة : مجزرة قرية هاتوري حيث مات جين جد جورا.

قبل 14 سنة : الماضي الذي كان بهذا الفصل .

قبل 21 سنة : ظهور زعيم الشياطين واتهام جين بالخيانة ثم نفيه.

عمر جورا الحالي 18 سنة.

2025/09/09 · 44 مشاهدة · 2087 كلمة
SamirYonko
نادي الروايات - 2025