كانت أنفاسي ثقيلة، ملوثة بالدماء والبارود ورائحة اليأس. شعرت بوزن إليزابيث على ظهري - يا له من وزن خفيف! - وشعرت بالثقب الذي أحدثه رصاص الطاغية في ساقي، لكن الأدرينالين كان وقودي الأفضل. خلفي، كان فيرتشايلد يلهث، مُحتضِناً آلة الكتابة القديمة وكأنها طفل وُلد للتو، أو كنز لا يُقدَّر بثمن.

"تحرَّك، أيها العجوز!" زجرتُ فيرتشايلد، دافعاً إياه للأمام. "لقد نجونا من وحش لا يموت، دعونا لا نموت من الإهمال!"

كانت مجموعة "الريف"، بقيادة ماركو، تتبعنا بصمت غريب. كانت أجسادهم الرمادية المُنحنية ذات القرون تتسلل بين ظلال الأنابيب الحمراء كأشباح أُجبرت على الحياة. كانوا مدينين لي، وهذا الدين كان بمثابة حزام الأمان الوحيد في هذا الجحيم الميكانيكي.

بدأنا رحلة الصعود عبر درجات المستودع المدمر. كانت الحركة بطيئة ومؤلمة. كل خطوة كانت تذكّرني بأننا ما زلنا في قلب أمبريلا كوربوريشن، وأننا الآن لسنا مجرد متطفلين، بل حاملي أعظم أسرار العالم: "آلة كتابة الواقع" ووحوش فيرتشايلد.

> "دووك، هل تعتقد أنهم سيتركوننا نخرج بهذه السهولة؟" همس فيرتشايلد بصوت يرتجف. "أولئك المليارديرات لا يتخلون عن لعبة بهذه القيمة."

>

ابتسمت بتهور، على الرغم من أن فكّي كان يتشنج من الألم. "لا يهم ما إذا كانوا سيتركوننا نخرج، أيها الكاتب. المهم أننا نحن سنخرج، حتى لو اضطررنا لتحطيم المبنى كله فوق رؤوسهم."

ولكن، عندما وصلنا إلى الممر الذي يربط المستودع بمنطقة المختبرات العليا، توقف ماركو فجأة، مشدداً قبضته على سيفه التكنولوجي الباهت.

"انتظروا..." قال ماركو بصوت منخفض ومُجشِّم. "هناك شيء في الأمام. ليسوا من جنود أمبريلا العاديين."

الجزء الثاني: ظهور العساكر التلفزيونيون (The TV Corps)

عندما اقتربنا، تجمَّدت الأجواء حولنا. لم يكن الصوت صوت احتكاك معدني ولا دوي رصاص، بل صوت همهمة ثابتة خافتة، كضوضاء البيضاء (Static) من جهاز قديم.

اصطفت على طول الممر المُضاء بأضواء الطوارئ الحمراء حوالي خمسة وثلاثين من أغرب الجنود الذين رأيتهم في حياتي.

كانوا يرتدون زيًا عسكريًا رسميًا يعود إلى قرون مضت: معاطف زرقاء فاتحة مزينة بشراشيب ذهبية (إبّوليت) تذكرني بلوحات نابليون بونابرت. قيافتهم كانت مهيبة، بياقة بيضاء عالية وبنطال أبيض ضيق، وذيل معطف خلفي طويل. كان كل واحد منهم يقف بوضعية كلاسيكية، ويده اليمنى داخل المعطف عند الصدر بوقار زائف.

لكن المروع حقاً كان الرأس.

بدلاً من الوجوه، كانت رؤوسهم عبارة عن شاشات تلفزيون قديمة (CRT) سوداء اللون، مُثبَّتة على أعناقهم بعناية. شاشات لا تعرض سوى ضوءًا خافتًا، مع زوج من الهوائيات الصغيرة الملتوية التي تبرز من الأعلى كقرون شيطانية أو أذنَي أرنب. كانت رؤوسهم صامتة، لكن الشاشة كانت تومض بـ "ضوضاء بيضاء" (Noise) مُتقطّعة، وكأنها تُعاني من ضعف في الإرسال.

كانوا نسخة كربونية شبه مثالية لبعضهم البعض، فقط اختلافات طفيفة في زاوية ميل الهوائيين.

كان في أيديهم أسلحة غريبة. لم تكن بنادق آلية، بل أجهزة ضخمة ذات سبطانات متعددة تنتهي بـ بلورة شفافة بدلاً من فوهة إطلاق. بدت كأنها أدوات قديمة دُمجت بتكنولوجيا فائقة.

"يا إلهي..." تمتم فيرتشايلد، وهو يرتجف وراء الآلة. "من أين أتوا بكل هذا؟ هل هي وحوش من كتاب عن العبثية العسكرية؟"

"لا أعتقد ذلك يا صديقي،" تمتمتُ، ضاحكاً بعصبية. "هذه ليست عبثية. هذه تكنولوجيا المليارديرات. تكنولوجيا تُبرر أخذ حياتك ببدلة رسمية."

لم يكن هناك وقت للانتظار. لقد رصدونا.

ارتفعت البنادق الغريبة في أيدي العساكر التلفزيونيين بزاوية متزامنة، مما أحدث صوت "طنين" كهربائي حاد. كانت تلك هي الإشارة.

"تفرَّقوا! ماركو، ارفعوا حواجز!" صرختُ بأعلى صوتي، دافعاً إليزابيث وفيرتشايلد بقوة نحو زاوية ميتة خلف كومة من الحطام المعدني.

* بابادوك: مناورة البرق والمظلة.

اندفعتُ إلى الأمام بـ "تنفُّس البرق: الخطوة الأولى - الوَميض"، مُحوِّلاً نفسي إلى وميض أصفر يقطع الظلام. لم يكن لدي وقت للتفكير في الإطلاق الكامل للتقنية، بل فقط السرعة المطلوبة للمناورة.

الهدف: تشتيت الانتباه وتفكيك التشكيل الأمامي للعدو.

تلقيت أول وابل من إطلاق النار. لم تكن رصاصاً، بل شعاعات ضوئية زرقاء باردة ضربت الأرض ورائي، تاركة وراءها حفراً متفحمة ومهتزة.

استخدمت مظلتي الفضية كدرع مؤقت، ثم قفزت فوق الصف الأول من الحراس، مُطلقاً ركلة سريعة كسرت ساق أحدهم. وعندما حاول جندي تلفزيوني آخر الدوران، غرستُ طرف المظلة تحت ذقنه، ثم سحبتها بعنف، مُسقطاً رأسه الشاشة. تحطمت الشاشة بزجاج متناثر، وبدلاً من الدم، تدفق منها سائل أزرق سميك.

كان ماركو بطلنا الثاني. سيفه التكنولوجي، الذي أخرجه من الغمد، تحول إلى شفرة بلازمية بيضاء مُزرقَّة. صاح ماركو صرخة حربية وبدأ في الدخول في قتال عنيف مع الجناح الأيمن.

كانت قوم الريف (حوالي عشرة منهم) يتقاتلون بطريقة قذرة وفعالة: باستخدام القرون كأدوات اختراق، وقذف الحطام المعدني على أعدائهم لإرباكهم. كان صراعاً غير متكافئ بين تكنولوجيا المليارديرات وحركة العرق المأسور.

ماركو كان مذهلاً. كان يقطع رؤوساً وشاشات، ويراوغ شعاعاً أزرق بارداً بمهارة، لكن العدد كان ساحقاً. كان الجنود الجدد يتصرفون بانضباط ميكانيكي رهيب. لم يكن لديهم عواطف، بل كانوا يتحركون كموجة واحدة مميتة.

في الزاوية، كان فيرتشايلد يتشبث بالآلة وإليزابيث. ولكنه لم يكن بلا قيمة. عندما رأى أن أحد الجنود كان على وشك إطلاق النار على ماركو من الخلف، انتزع فيرتشايلد عصاً حديدية رفيعة من كومة الحطام وقذفها نحو سلاح الجندي.

اصطدمت العصا بالبلورة الأمامية للبندقية الغريبة، مما أدى إلى انفجار ضوئي صغير عطل الجندي مؤقتاً.

"يا ليتني كنت قوياً مثلك يا دووك!" صرخ فيرتشايلد.

"لا تحتاج إلى القوة،" صرختُ بينما كنت أدور وأواجه ثلاثة جنود في نفس الوقت. "أنت تحتاج إلى البقاء حياً لثلاثة أيام! غطِّ لي زاوية اليمين!"

الجزء الرابع: ضغط الموجة التلفزيونية

كان القتال يتحول إلى مذبحة. لقد تمكنا من القضاء على حوالي عشرة جنود، لكنني تلقيت ضربة شعاع زرقاء على كتفي. لم تكن قاتلة، لكنها اخترقت الجلد وتركت حرقاً مؤلماً ورائحة كريهة.

بدأ الحراس المتبقون يغيرون تكتيكهم: توقفوا عن إطلاق النار العشوائي، وبدأوا في إطلاق الشعاعات بالتتابع والإيقاع، مما خلق "جداراً ضوئياً متحركاً" لا يمكن اختراقه.

ماركو وفريقه تراجعوا خلف غطاء، يلهثون تحت وطأة النيران. كانت الشعاعات تقترب منا ببطء، تدفعنا نحو الزاوية حيث يختبئ فيرتشايلد.

"بابادوك، لا أستطيع الصمود طويلاً!" صرخ ماركو. "قوتهم لا تنضب، ويبدو أنهم يتلقون أوامرهم مباشرة من الهوائيات!"

شعرتُ باليأس يتسلل. لقد نجحت في المراوغة، ولكن القوة النارية كانت ساحقة.

كان القتال يتحول إلى مذبحة منظمة. لقد تمكنا من القضاء على حوالي عشرة جنود، لكنني تلقيت ضربة شعاع زرقاء على كتفي. لم تكن قاتلة، لكنها اخترقت الجلد وتركت حرقاً مؤلماً ورائحة كريهة.

بدأ الحراس المتبقون يغيرون تكتيكهم: توقفوا عن إطلاق النار العشوائي، وبدأوا في إطلاق الشعاعات بالتتابع والإيقاع، مما خلق "جداراً ضوئياً متحركاً" لا يمكن اختراقه. كان الشعاع الأزرق البارد يزحف نحونا، يذيب الأسفلت ويفحم المعدن، ويدفعنا ببطء نحو الجدار الخلفي.

"بابادوك، لا أستطيع الصمود طويلاً!" صرخ ماركو. "قوتهم لا تنضب، ويبدو أنهم يتلقون أوامرهم مباشرة من الهوائيات!"

شعرتُ باليأس يتسلل. لقد نجحت في المراوغة، ولكن القوة النارية كانت ساحقة. كان كل جندي تلفزيوني يطلق شعاعه بتردد زمني مُحكم، تاركاً مساحة لا تتجاوز بضع سنتيمترات بين كل شعاع وآخر، ثم يتبعه الشعاع التالي في أقل من ومضة. محاولة القفز عبر هذه الفجوات ستكون انتحاراً.

> الجنون المنظم: هؤلاء ليسوا جنودًا؛ إنهم برامج. يتحركون بإيقاع روبوتي لا تشوبه العواطف. إذاً، يجب أن تكون استجابتي غير منطقية وغير مبرمجة. يجب أن أكون الفوضى.

>

نظرتُ بسرعة خلفي. كان فيرتشايلد وإليزابيث متحصنين خلف كومة من ألواح الألمنيوم الممزقة.

"فيرتشايلد!" صرختُ بأقصى قوة. "المظلة! استخدمها!"

ارتجف الكاتب، لكنه لم يتردد. دفعتهُ الغريزة، أو ربما الرغبة في إنقاذ إليزابيث، فانتزع مظلتي الفضية من يدي.

"اسمعوني جيداً يا قوم الريف!" خاطبتُ ماركو ورجاله. "عندما أقول الآن، عليكم أن تطلقوا كل ما لديكم من حطام نحو الجدار الذي أمامكم!"

ثم ركّزتُ. يجب أن أستغل إيقاعهم الرتيب ضدهم.

الجزء الخامس: تكتيك "صدى الفوضى"

أغمضتُ عيني للحظة، وركّزت على الإيقاع الثابت لـ "طنين" الشعاعات. إنهم يطلقونها كل 1.3 ثانية بالضبط.

"تنفس البرق: التركيز الكلي..." تمتمتُ، مستدعياً قوة عضلاتي لكسر النمط.

قفزتُ فجأة للأمام، ليس للمراوغة، بل للاندفاع مباشرة نحو جدار الشعاعات. أطلق الحراس وابلًا مُكثفًا، وكانت الشعاعات تمر على بُعد مليمترات من جلدي.

"فيرتشايلد! افتح المظلة الآن!"

صرخ فيرتشايلد هستيرياً، وفتح المظلة الفضية ضخمة الحجم أمامه. لم تكن المظلة درعًا واقيًا، بل كانت عاكساً.

عندما فتحت، مرت ثلاثة شعاعات زرقاء قوية عبرها، لكنها لم تتحطم. المظلة كانت مصنوعة من سبيكة سحرية تستطيع امتصاص وتشتيت جزء من الطاقة السحرية. لم تستطع صدها بالكامل، ولكنها نجحت في تشتيتها بشكل فوضوي.

انعكس جزء من الطاقة المشتتة بشكل فجائي نحو الأعلى ونحو الجانبين، مما أدى إلى تعطيل الشاشات التلفزيونية لثلاثة جنود في الصف الخلفي. توقفوا عن الحركة على الفور، وبدأت شاشاتهم تومض باللون الأحمر.

"ماركو! الآن!"

بصيحة مدوية، ألقى ماركو وقوم الريف كل ما وجدوه من حطام ومعدن صدئ باتجاه الجنود، مستغلين الفجوة التي أحدثها التشتيت الضوئي.

ارتطمت القطع المعدنية بالصفوف الأمامية من الحراس، مُربكة حساساتهم ومُعطلة بعض هوائياتهم. تحطمت شاشة أخرى، وأصاب الذهول الصف الأمامي.

هنا كانت فرصتي الذهبية.

* المناورة: استغليتُ اللحظة التي تشتت فيها انتباههم، مستخدماً السرعة القصوى لـ تنفس البرق، اخترقتُ الجدار الناري الآن المُتخلخل بسرعة خاطفة.

* التدمير: لم أتوقف للاشتباك، بل استخدمت ركلاتي السريعة والموجهة لتدمير رُكب الجنود وشاشاتهم، مُحولاً الصف الأمامي إلى فوضى من الزجاج المُحطَّم والسائل الأزرق.

في أقل من ثانية، عبرتُ صفوفهم نحو الخلف، وتمركزتُ خلف ما تبقى من الجنود، حاملاً قطعة معدنية حادة انتزعتها من الأرض.

"أُعيدوا تشكيلكم! انظروا إلى الخلف!" صرخ ماركو محذراً الحراس.

لكن الأوان كان قد فات. كان بابادوك خلفهم الآن، يتحرك كظل.

ألقيتُ القطعة المعدنية، وبسرعة مذهلة، قطعتُ بها الكبل الذي يربط بين رأس أحد الجنود وجسده. تحول رأسه الشاشة إلى اللون الأسود، وسقط بلا حراك.

ثم بدأ الجنود في التكيف مرة أخرى. لقد أدركوا أني في الخلف، وبدأوا بالاستدارة ببطء، لكنهم ما زالوا يحتفظون بتشكيلهم الخطي. كان هذا هو الضعف الحقيقي للبرمجة الممنهجة: البطء في التحول التكتيكي.

"إلى الأمام، ماركو! نفتح طريقًا للهروب!"

توجهتُ نحو الصفوف الخلفية، أُحوّل كل جندي إلى حطام رقمي. في هذه الأثناء، استغل ماركو وقوم الريف الفرصة، واندفعوا بمهارة نحو الحراس الذين ما زالوا يطلقون الشعاعات على الموقع القديم. تمكنوا من تدمير أربعة جنود آخرين في عملية هجوم منسقة.

لم يكن هذا انتصاراً كاملاً، لكنه كان كسرًا لتشكيلهم. أصبحوا الآن حوالي عشرين جندياً مبعثراً وغاضباً.

> "لا تقاتلوهم جميعاً يا دووك!" صرخت إليزابيث، على الرغم من صغر سنها، كانت تتمتع بحس استراتيجي. "لقد أحدثت فجوة! اهرب!"

>

كانت محقة. كان هدفي الخروج بالآلة والكاتب، وليس تدمير جيش المليارديرات بأكمله.

"ماركو، حان وقت الانفصال التكتيكي!" صرختُ. "فرقتان! الفريق الأول يغطينا من جهة اليمين، والفريق الثاني معي نحو المخرج!"

الخسارة المؤلمة: بينما كنا نتحرك، ارتطمت ركلة متهورة من أحد الجنود التلفزيونيين بعضو من قوم الريف. سقط العضو المسكين، وتحولت شاشته إلى اللون الأسود فوراً. تذكرتُ مجدداً أن المليارديرات لا يلعبون.

أمسكتُ بفيرتشايلد من ذراعه، وهو يرتدي معطفه المتسخ، ثم ركضتُ بكل قوتي نحو الممر المؤدي إلى السلالم العليا، بينما كان ماركو ورجاله يطلقون صرخات حربية لإبقاء الجنود مشغولين في قتال تكتيكي شرس ومُربك.

الشعاعات الزرقاء ما زالت تلاحقنا، تضرب الجدران بجوارنا، لكننا كنا أسرع. هرولنا نحو السلالم، وتركنا خلفنا ساحة معركة مُضيئة باللونين الأزرق والذهبي، وصوت طقطقة الشاشات المكسورة.

"بابادوك، إلى أين نذهب الآن؟" سأل فيرتشايلد بينما كنا نصعد الدرج الحلزوني.

"نحو الأعلى يا صديقي. نحو النور. ثم نحو بليك وأكيهيكو."

كانت الرحلة طويلة، والقادم أسوأ.

على الرغم من اندفاعنا التكتيكي، لم ننجح في فتح ممر للهروب. كان الجنود التلفزيونيون (حوالي عشرين منهم الآن) قد تكيّفوا بالفعل مع تكتيك التشتيت. أُعيد ترتيب الصفوف، وعاد جدار الشعاع الأزرق الزاحف إلى الضغط علينا، دافعاً إيانا بعنف نحو زاوية ميتة.

كان ماركو وستة من قوم الريف يقاتلون بشراسة، لكن سيف ماركو التكنولوجي بدأ يفقد شحنته، ومخالب الريف لم تكن كافية لصد الشعاعات المُتلاحقة.

"بابادوك، لن نتحمل وابل شعاع آخر!" صرخ ماركو، وهو يرفع درعاً معدنياً واقياً تلقى عليه ضربة زرقاء أحدثت صوتاً كالتمزق.

كانت إليزابيث وفيرتشايلد مختبئين خلف جدار سميك. لا يمكننا الاستمرار. شعرتُ باليأس يضغط على صدري. لقد نجونا من الطاغية لنموت على يد هذه الروبوتات المهيبة!

> القرار: لا يمكننا الهرب جميعاً دفعة واحدة. يجب أن أُحدث فوضى شاملة.

>

"فيرتشايلد! أمسك بإليزابيث وابقَ حيث أنت! لا تتحرك حتى أعود!" صرختُ.

جمعتُ كامل طاقتي، مُركزاً المانا داخل عضلاتي. نويت أن أنفّذ أخطر تقنية في تنفس البرق، والتي تستهلك كل شيء وتُعرِّض الجسد للانهيار.

"تنفس البرق: التقنية السادسة - الرعد المتفجر!"

اندفعتُ نحو الجدار الناري ليس بالسرعة الخاطفة، بل باهتزاز هائل في مكاني. أطلقتُ شحنة كهربائية ضخمة من مظلتي (التي استعادها فيرتشايلد لي) نحو أرضية المخبأ. أدى التفريغ المفاجئ إلى إحداث صدمة صوتية وكهربائية هائلة، تسببت في:

* زلزال جزئي: اهتز الممر بأكمله بعنف.

* تعطيل جماعي: تسببت الطاقة الكهرومغناطيسية الهائلة في حدوث تشويش هائل على رؤوس التلفزيون. توقفت الشاشات عن إصدار الشعاعات وتحولت إلى اللون الأحمر المتقطع، وكأنها عانت من "إجهاد النظام".

* انهيار سقف: اهتزت العوارض الملتوية في السقف، مما أدى إلى انهيار جزء كبير من الحطام والتراب فوق الصفوف الأمامية للجنود.

هذا لم يقتل الجنود، لكنه عطّلهم وأربكهم لخمس ثوانٍ حرجة، وغطّى المكان سحابة سميكة من الغبار والتراب.

"ماركو! خمس ثوانٍ! اهربوا!"

دفعتهُ بقوة مع فيرتشايلد نحو فتحة ضيقة في الجدار الجانبي. شعرتُ بالاحتراق الكامل. سقطتُ على ركبتي، ألهث، وأطلقتُ مظلتي نحو سحابة الغبار الأخيرة. كان جسدي يرفض الاستجابة، متشنجاً من الإفراط في استخدام تنفس البرق.

في خضم الفوضى والصدمة الصوتية، تشتت انتباه إليزابيث. كانت الطفلة خائفة ومرتبكة. عندما دفعها بابادوك وفيرتشايلد، انزلقت من بين أيديهما وركضت غريزياً بحثاً عن مأوى، بعيداً عن الغبار المتطاير والصراخ.

اندفعت إليزابيث عبر ممر جانبي ضيق لم يلاحظه بابادوك من قبل، قادها إلى جزء خلفي ومهجور من المخبأ. كانت المنطقة غارقة في الظل، يضيئها ضوء طارئ واحد فقط يتدلى من السقف.

هناك، في المركز، رأت إليزابيث منظراً يقطع الأنفاس.

لم يكن قفصاً صغيراً. كان هيكلاً عملاقاً من الفولاذ الداكن، يبلغ ارتفاعه عشرين متراً على الأقل، ومثبت بسلاسل سميكة جداً بالجدران والأرضية. لم يكن الغرض من هذا القفص احتواء سجين بشري عادي، بل احتواء قوة طبيعية أو شيطانية.

اقتربت إليزابيث بخطوات مترددة، تسمع صوت تنفس خافت لكنه ثقيل، يملأ الصمت.

وفجأة، اخترق الصمت صوت عملاق، عميق، وفخم بشكل لا يصدق. كان الصوت يرن في الهواء، لا يبدو وكأنه يخرج من حنجرة بشرية، بل كأنه صادر عن رنين جبل أو جرس كوني.

> "آه... يا لها من ضوضاء... يبدو أن الحشرات في الخارج فقدت عقلها اليوم."

>

توقفت إليزابيث، وارتجف جسدها. لم ترَ شيئاً داخل القفص سوى الظلام والهيكل الضخم، لكنها شعرت بالقوة الخام في الصوت.

"من... من أنت؟" همست إليزابيث.

> "لا تقلقي يا صغيرتي، أنا لستُ حشرة. أنا مجرد ضيف، أُجبر على الإقامة في هذا الفندق الخرساني القبيح. لكنني أسمع أنكِ في ورطة، أليس كذلك؟"

>

"إنهم... إنهم يريدون قتل أصدقائي... العساكر التلفزيونيون... والطاغية..." اختلطت الكلمات في حلقها.

> (ضحكة مكتومة ومُدويّة). كان صدى الضحكة يهز الجدران الرطبة. "الطاغية؟ ما هذا اللقب الساذج. حسناً، أستطيع أن أشم رائحة دماء قوية في الخارج، ويبدو أن رفاقك سيصبحون طعاماً للصدأ قريباً."

>

"هل... هل تستطيع مساعدتي؟" سألت إليزابيث، وقد اشتعل فيها أمل يائس.

> "أنا؟ بالتأكيد. قوتي تكمن في الفخامة والتحطيم. لكنني مقيّد. لا أستطيع المساعدة وأنا خلف هذه الأضلاع الفولاذية الرقيقة."

>

"ماذا علي أن أفعل؟"

> "أنتِ لستِ قوية، لكن لديكِ سحر بسيط. انظري إلى القفل. القفل نفسه ليس قوياً، بل الأختام الموضوعة حوله. اكسري الأختام على السلسلة، وعندما ينفصل القفص عن الجدار... سأتكفل بالباقي." توقف الصوت للحظة، ثم أصبح أكثر حميمية وخطورة: "هل أنتِ مستعدة لوضع ثقتك في صوت فخم، مقابل حياة أصدقائك؟"

>

شعرت إليزابيث بالقرار يتخذ نفسه. قوة الصوت كانت ساحرة، واليأس كان حليفها. ركضت نحو السلاسل، وبدأت باستخدام سحرها البسيط لكسر الأختام الذهبية على القفل العملاق، متجاهلة التحذيرات الغريزية لعقلها.

بدأت الأختام تنفجر واحدة تلو الأخرى في شرارات ذهبية.

بالعودة إلى الممر الرئيسي، كان الغبار قد بدأ بالاستقرار. الجنود التلفزيونيون، بعد خمس ثوانٍ من الارتباك، بدأوا في العودة إلى نظامهم القتالي. كانت الشعاعات الزرقاء تعود ببطء، لكن هذه المرة، تم توجيهها بالكامل نحو الهدفين الأكثر وضوحاً: فيرتشايلد وماركو.

كان بابادوك ما زال على الأرض، يحاول جاهداً أن يستعيد سيطرته على ساقيه المرتعشتين.

"ماركو! اترك كل شيء و..."

لم يتمكن بابادوك من إنهاء جملته.

أصابت الشعاعات أولاً سيف ماركو، الذي انفجر بوميض أبيض. ثم استهدفت الشعاعات كتف ماركو، الذي سقط صارخاً، وبدأ قوم الريف بالركض والهرب في زوايا الغبار المتبقية.

عندها، سحب الجنود الشعاعات الضوئية بالكامل وركّزوها في نقطة واحدة: رأس فيرتشايلد.

كان الكاتب مُتجمداً من الرعب خلف آلة الكتابة، يرى الضوء الأزرق يشتد أمامه، لا يفصله عن الموت سوى جزء ضئيل من الوقت.

كاد أن يقتل فيرتشايلد على يد وابل من الشعاعات الزرقاء القاتلة... وكاد ماركو أن يقتل على يد نفس الوابل...

وفي تلك اللحظة الحرجة، حيث كان الموت على بعد جزء من الثانية، سمع بابادوك صوتاً مدوياً قادماً من أعماق المخبأ.

كان الصوت فخماً، عميقاً، يملأ الكون بالهيبة والرعب.

ثم بدأ المخبأ كله يهتز بعنف جنوني.

كانت اللحظة أشبه بتوقف الزمن. الشعاع الأزرق القاتل كان يزحف نحو جبين فيرتشايلد، بينما كنتُ أنا ما زلتُ أصارع جسدي المنهك. رأيتُ في عيني الكاتب ارتجافاً أخيراً من الرعب المطلق. ماركو كان يئن، وقوم الريف كانوا يتشبثون بالركام.

ثم، جاء الصوت.

لم يكن مجرد صوت. كان هديرًا زلزالياً، صدىً عميقاً وفخماً قادماً من أعماق الأرض. اهتزت عظام صدري، وتوقفت الشاشات التلفزيونية للحظة، مُعلنة عن "ضوضاء بيضاء" عالية تكسر صمت الموت الوشيك.

> "اِسْمَحْ لِي... أَنْ أُعِيدَ تَرْتِيبَ هَذَا المَكَانِ قَلِيلاً."

>

كانت الكلمات فخمة ومُدويّة، كأنها صادرة عن صخور غرانيتية تحت ضغط ملايين السنين. في اللحظة التالية، تحول الاهتزاز إلى عنف مادي.

تصدّع الجدار الخرساني أمامنا – الجدار الذي يفصلنا عن القسم المهجور – كشاشة تلفزيون قديمة تضربها صاعقة. ظهرت التشققات ثم التواءات في الفولاذ. وفي أقل من ثانيتين، انفجر الجدار بالكامل إلى ركام وكتل خرسانية متطايرة.

تلقّينا أنا وفيرتشايلد وماركو قذيفة من الغبار والأتربة. لم تكن لدينا فرصة للهروب.

عندما انقشع الغبار، تجمد الدم في عروقي. لقد رأيتُ وحوشاً بيولوجية، ورأيتُ كائنات سحرية، لكن ما ظهر أمامنا كان نتاج كابوس أسطوري، يجمع بين القوة البدائية والرعب الذي لا يوصف.

ظهر من بين الحطام تنين. تنين عملاق، بالمعنى الحرفي والمهيب للكلمة.

كان رأسه وحده بحجم سيارة نقل ضخمة. مغطى بقشور داكنة خشنة تشبه الصخور البركانية، مع نتوءات مدببة وقرون سوداء لامعة تنمو على طول الجبهة والخدود. كانت عيونه صغيرة نسبياً، لكنها تتوهج بلون برتقالي-أحمر كالجمر المُستعر، عاكسة الغضب الذي لا يفنى.

الفم كان مفتوحاً على اتساعه، يكشف عن صفوف من الأنياب الحادة الطويلة، ولسان أحمر يرتعش في جوف جحيمي. كانت أجزاء من أجنحته الغشائية الداكنة تظهر خلفه، ضخمة وممزقة الحواف.

وقف التنين شامخاً وسط الركام، مُضيئاً ذاته بضوء النار الذي بدأ يتجمع في فمه.

ولكن الصدمة الأكبر كانت في الراكب.

فوق جمجمة التنين العملاقة، تقف إليزابيث. كانت ملابسها ممزقة قليلاً، لكنها ممسكة بقرن من قرون التنين، وشعرها الأشقر يتطاير حول وجهها المصدوم لكن الواثق. لقد كانت تبدو كملكة قادمة من الجحيم، تجلس على عرش الدمار.

انكمش العالم من حولي. تراجعتُ أنا نفسي خطوة. خفتُ. شعرتُ بالخوف يتسلل إلى عظامي، خوفاً لم أشعر به حتى أمام الطاغية. هذا الكيان لم يكن تجربة، كان كياناً وجودياً.

حتى الجنود التلفزيونيون، الذين لا يملكون أعصاباً، بدوا وكأنهم قد تلقوا أمراً غير مبرمج: الخوف. خفَتَ الوميض الأزرق على شاشات رؤوسهم، وبدأت الشاشات ترتجف بصوت "طقطقة" يائس. لم يطلقوا النار.

الجزء الثاني عشر: مطر النار الكوني

نظر التنين إلى الجنود، ثم نظر إلى التشكيلات الرسمية المهيبة على زيّهم.

صدر صوت من التنين - لم يكن زئيراً عادياً، بل مزيجاً من صوت الهدير الفخم الذي سمعته إليزابيث، ودوي البركان الذي يثور.

> "هذه الملابس العسكرية... دَائِمًا تَبْدُو مُثِيرَةً لِلإزْدِرَاءِ."

>

ثم، حدث ذلك.

فتح التنين فمه على اتساعه، واندفعت منه قذيفة نارية برتقالية-صفراء مشعة، ليست مجرد لهب، بل نهر من الحمم السائلة المشتعلة.

انطلقت النار نحو جنود التلفزيون الـ 25 المتبقين. لم يكن هناك وقت للمراوغة أو الدفاع. كانت النار شاملة ومُدمرة.

تحول الممر الفولاذي الضيق إلى فرن صهر. اصطدمت النيران بالصفوف الأمامية، فتحولت البدلات الزرقاء المهيبة إلى كتلة متفحمة في جزء من الثانية.

انفجرت رؤوس التلفزيون في وابل من الزجاج المتناثر والضوضاء الإلكترونية الأخيرة، قبل أن تذوب في بوتقة الحمم.

الأسلحة الغريبة ذات البلورات الشفافة ذابت كالشمع، وتبخرت التكنولوجيا كلها في رماد أسود.

اخترقت النيران الهائلة الجنود وضربت الجدران خلفهم، مما أدى إلى تدمير الممر بالكامل وتحويله إلى كهف متفحم. كانت درجة الحرارة عالية جداً لدرجة أن الفولاذ بدأ يتوهج باللون الأحمر.

في أقل من خمس ثوانٍ، كان جيش المليارديرات المنهجي قد تحول إلى رماد صامت.

توقف التنين عن النفث، واستقر صوت زئيره. كان المخبأ، الذي كان قبل لحظات قلعة تكنولوجية مرعبة، قد أصبح الآن قبرًا ملحمياً.

نظرتُ بعيني المصدومتين إلى الدخان الأسود الكثيف الذي يرتفع من الرماد المتفحم. ماركو، الذي كان قد نجا لأنه كان مختبئاً خلفي، كان يفتح فمه دون أن يصدر صوتاً. فيرتشايلد، الذي نجا لأنه كان خلف آلة الكتابة، كان يمسك قلبه ويهتز كقصبة.

نظر التنين إلينا، ثم نظر إلى إليزابيث فوق رأسه.

> "حسناً يا صغيرتي. الآن، دعيني أخرجكم من هذا المكان القبيح. إلى أين الوجهة؟"

>

"إلى الأعلى... نحو شنغهاي!" أجابت إليزابيث بصوت عالٍ وواضح، يبدو أقوى بكثير من صوتها الخجول المعتاد.

ثم، بدأ التنين العملاق بالتحرك، وخطواته الثقيلة تسبب زلزالاً في كل مرة.

فيرتشايلد كاد أن يقتل على يد وابل من الشعاعات الزرقاء القاتلة، وكاد ماركو أن يقتل على يد نفس الوابل... لكنهم نجوا، فقط ليجدوا أنفسهم تحت رحمة وحش أكثر رعباً، يقوده حليفهم.

لم يكد صوت التنين الفخم يتلاشى حتى بدأ المخبأ، الذي اهتز بعنف غير مسبوق، في إطلاق أنين الانهيار. كانت حرارة النار الرهيبة قد أضعفت العوارض الداعمة للممر، ومع الخطوات الثقيلة والمُدويّة للتنين، بدأ السقف فوق رؤوسنا يتصدع بشكل خطير.

> (صوت تكسر الخرسانة وصرير الفولاذ الملتوي)

>

"تحرَّكوا! هذا الهيكل سوف يُدفننا جميعاً!" صرختُ بأقصى صوتي، بينما كنتُ أُجاهد لأقف على ساقي المرتعشتين.

الرعب منحني دفعة من القوة. رأيتُ التنين العملاق يلتفت ببطء ومهابة، وعيناه الجمرية تنظران إلينا، ثم إلى الركام المتساقط.

> "لا تقلقوا بشأن الأنقاض، أيها الحشرات. اِصْعَدُوا."

>

الأمر كان واضحاً: إما الصعود على ظهر هذا الكابوس الأسطوري، أو الدفن تحت أنقاض المليارديرات. لم يكن هناك خيار.

تقدمتُ أولاً. لم يكن الأمر سهلاً. كان جلد التنين أشبه بالصخور البركانية الخشنة، ومرتفعاً جداً. استغللتُ ذراعي وقوّتي المتبقية، وتسلقْتُ بحذر على إحدى نتؤاته القرنية، حتى وصلتُ إلى الجزء الخلفي من رأسه، خلف إليزابيث مباشرة.

* يا إلهي، إنه أكثر رعباً عندما تكون قريباً منه. كانت الحرارة الصادرة من جسده هائلة.

كان الكاتب الهيستيري يرتجف، لكنه كان مصمماً على حماية آلة الكتابة. تقدم ماركو ورجلان من قوم الريف لمساعدته. رفعوا الآلة الثقيلة بعناية فائقة، ثم ساعدوا فيرتشايلد على الصعود إلى منطقة الكتف العريضة للتنين، حيث كانت القشور أكثر تسطحاً.

أظهر قوم الريف، المدينون لي بحريتهم، براعة مذهلة في التسلق. تسلقوا بسرعة مستخدمين حواف القشور، وانتشروا على طول ظهر التنين وجناحيه، مُشكلين مجموعة من الراكبين اليائسين. كان هدفهم الوحيد هو البقاء متمسكين بهذا الكائن الذي يمثل فرصتهم الأخيرة للنجاة.

في هذه الأثناء، كان الانهيار يتسارع.

استقر الجميع. إليزابيث، الجالسة بهدوء مدهش، نظرت إلى التنين.

"نحو السقف! أريد الخروج من هنا!" أمرت إليزابيث، وكأنها تطلب كوب ماء.

تنهد التنين تنهيدة مدوية اهتز لها المخبأ مرة أخرى.

> "بما أنكِ فتحتِ الباب، فلتكن لكِ الكلمة يا صغيرتي. فلنغادر."

>

لم يتحرك التنين نحو الممرات والسلالم القديمة. لقد كان هذا التنين يفكر على نطاق مختلف تماماً، يتناسب مع حجمه وقوته.

رفع التنين رأسه نحو السقف الخرساني السميك، الذي يفصلنا عن سطح الهضبة. بدأ فمه يتوهج مجدداً، مُجمعاً كمية هائلة من اللهب.

> (صفير عالٍ).

>

"تمسكوا!" صرختُ، مُتشبثاً بقرن التنين.

أطلق التنين نفثاً ناريًا مركزًا، ليس موجة واسعة من الحمم كما فعل مع الجنود، بل عموداً ليزرياً من النار البيضاء-الزرقاء النقية، التي تملك قوة صهر هائلة.

اصطدم العمود الناري بالسقف. لم يكن كافياً لحرقه، بل كان كافياً لـ صهر وتدمير الفولاذ والخرسانة في نقطة واحدة.

> (صوت صهر هائل).

>

في ثوانٍ، بدأت الخرسانة الساخنة والمعدن السائل بالتساقط، مما أحدث حفرة مستديرة تماماً في سقف المخبأ. استمر التنين في دفع النار، مما أدى إلى توسيع الحفرة، وتحولت قطعة من السقف إلى مدخنة عملاقة.

ثم، بدأ التنين بالصعود.

استخدم قوته الهائلة لدفع جسده الضخم عبر الفتحة التي صنعها. كان الصعود عنيفاً ومهيباً، حيث كانت القشور الخشنة تحتك بالفولاذ المذوّب، وتتساقط حولنا كـ "نُدف ثلج" من الخرسانة المشتعلة.

شعرنا وكأننا نُولد من جديد من رحم الأرض.

الجزء الخامس عشر: الحرية والنظرة الأولى على شنغهاي

اخترق التنين الحفرة ووصل إلى السطح. كانت أجنحته الضخمة تمتد، مُمزقة ما تبقى من سقف المخبأ الخشبي البسيط (الذي خدعنا في البداية).

توقفتُ عن التنفس للحظة.

لقد خرجنا.

كنا الآن على قمة الهضبة، محاطين بالأشجار والظلام الدامس الذي يسبق الفجر. نظر التنين حوله في استعلاء، ثم استنشق الهواء النقي بعمق.

> "آه... الحرية. كم هي مبتذلة، وكم هي ضرورية."

>

التفتُ إلى الخلف. لقد نجحنا جميعاً. فيرتشايلد كان يمسك بآلته بعصبية، ماركو وقوم الريف كانوا يلهثون، لكنهم كانوا آمنين على ظهر هذا الكائن الملحمي.

ولكن، عندما نظرتُ إلى الأفق، تلاشت فرحة النجاة وحلت محلها الصدمة.

من هذه الهضبة العالية، رأينا شنغهاي بأكملها.

لم تكن أضواء المدينة الساطعة والمبهرة كما تركناها. بل كانت مدينة مغطاة بـ عمودين ضخمين من الدخان الأسود الكثيف يرتفعان نحو السماء. أحدهما كان قادماً من موقع معركة فرس النبي العملاق والآخر كان قادماً من قلب المدينة، حيث كانت وحوش سلابي قد بدأت في نشر رعبها.

كان المشهد رهيباً. كان الموت والفوضى يسيطران على كل شيء.

"هذه هي شنغهاي،" تمتمتُ، وشعرتُ بثقل هذه الكلمات. "هذه هي الكارثة التي أطلقتها بيدي، أيها الكاتب."

نظر التنين إلى الأفق المشتعل.

> "لا تقلق أيها القصير. سأحملكم حيثما تريدون. لكن تذكروا: عندما تصل الوحوش إلى المدينة، يكون الضحك قد انتهى."

>

لقد نجح بابادوك وفريقه في الخروج من

المخبأ على ظهر التنين، وهم الآن يشاهدون الدمار الهائل الذي حل بشنغهاي.

[نهاية المجلد الرابع]

2025/10/29 · 1 مشاهدة · 3978 كلمة
TOD18
نادي الروايات - 2025