[ ليلة 23 يوليو 1998]

(قبل 18 سنة من احداث القصة الحالية)

الساعة كانت تشير إلى الثانية عشرة وسبع دقائق بعد منتصف الليل عندما اهتز القطار للمرة الأولى. كان الاهتزاز خفيفاً، كأن عجلة معدنية قد مرت فوق حصاة صغيرة على السكة، لكن الركاب في العربة السابعة شعروا به جميعاً. كانوا ثمانية عشر راكباً، معظمهم موظفون في شركة أمبريلا يعودون من مؤتمر داخلي في فرع أركلاي الجبلي، والباقون عائلاتهم أو زملاء من فروع أخرى. الإضاءة الداخلية كانت خافتة، مصابيح فلورسنت بيضاء تتأرجح بلطف مع حركة القطار، ترسم ظلالاً طويلة على الأرضية المغطاة بالسجاد الأزرق الداكن.جلس الدكتور روبرت كينغ في المقعد 14A،

بجانب النافذة، يرتدي بدلة رمادية مكويّة بعناية، ربطة عنقه مفكوكة قليلاً بعد يوم طويل من الاجتماعات. كان يقرأ تقريراً مطبوعاً على ورق أصفر سميك، صفحاته مليئة بأرقام ومخططات لتجارب فيروس T، يدير قلم حبر أسود بين أصابعه دون أن يكتب شيئاً. أمامه، في المقعد المقابل، كانت الآنسة إميلي هاريس، مساعدة مختبر شابة في الثانية والعشرين، تنام برأسها مستنداً إلى الزجاج، شعرها الأشقر المجعد يتدلى على كتفها، حقيبتها الجلدية السوداء موضوعة على الطاولة الصغيرة بينهما، تحتوي على عينات مجمدة في أنابيب زجاجية صغيرة.القطار كان يسير بسرعة ثابتة، حوالي ثمانين كيلومتراً في الساعة، عبر نفق جبلي طويل محفور في صخور الألب الأمريكية. الجدران الخارجية كانت تمر بسرعة أمام النوافذ،

سوداء اللون مع بقع رمادية من الرطوبة، وأحياناً تظهر مصابيح إضاءة النفق كل بضع ثوانٍ، ترسل وميضاً أبيض يعكس على الزجاج. الصوت الوحيد كان همهمة المحركات الكهربائية في الأسفل، وصوت احتكاك العجلات بالسكة، منتظم كإيقاع ساعة.ثم جاءت الاهتزاز الثاني، أقوى هذه المرة. رفع كينغ رأسه عن التقرير، نظر إلى السقف كأنه يتوقع سماع إعلان من مكبر الصوت، لكن لا شيء. في العربة المجاورة، سمع صوت كوب زجاجي يسقط ويتكسر. امرأة في منتصف العمر، ترتدي معطفاً بنياً، نهضت من مقعدها وتوجهت نحو الباب الزجاجي الفاصل بين العربتين، تسأل بصوت منخفض إن كان هناك مشكلة. الkonduktor، رجل في الأربعينيات يرتدي قبعة زرقاء داكنة، كان يمر في الممر، يحمل مصباحاً يدوياً صغيراً، يطمئن الركاب بأن الأمر مجرد اهتزاز عابر بسبب الرياح الجبلية.لكن الاهتزاز الثالث كان مختلفاً. كان عنيفاً، كأن شيئاً ثقيلاً قد اصطدم بالجانب الأيمن من القطار. انطفأت المصابيح لثانية واحدة، ثم عادت،

لكن مع وميض سريع. صاح أحد الركاب، طفل صغير في العربة الأمامية، وبدأت الأمهات يحاولن تهدئة أطفالهن. كينغ أغلق تقريره، وضعه في حقيبته الجلدية، ونظر إلى النافذة. الظلام الخارجي كان كاملاً، لكن في الوميض التالي لمصباح النفق، رأى شيئاً يتحرك على الزجاج الخارجي – خطوط رفيعة، كأنها خدوش، لكنها تتحرك ببطء، كأنابيب حية.الkonduktor عاد يركض الآن، وجهه شاحب تحت القبعة، يصرخ بأن يبقى الجميع في مقاعدهم. فتح الباب الفاصل، ودخل إلى العربة السابعة، يمسك بجهاز اتصال لاسلكي. "مركز التحكم، هنا إكليبتيك إكسبريس، لدينا اهتزاز غير طبيعي في النفق الثالث، أعد تأكيد السرعة." الرد جاء مشوشاً، صوت معدني مليء بتشويش، ثم انقطع. في تلك اللحظة، انكسرت نافذة في نهاية العربة، زجاج أمان سميك يتفتت إلى شظايا صغيرة تتساقط على الأرضية مثل حبات الثلج.من الفتحة، دخلت أول دودة. كانت طولها حوالي مترين، جسمها أسود لامع، مغطى بطبقة مخاطية شفافة، رأسها مدبب مع فكين صغيرين يتحركان كالمقص. تحركت بسرعة على السجاد، تترك أثراً رطباً يلمع تحت الضوء. صاح أحد الركاب، رجل أصلع يرتدي نظارات، وقفز من مقعده محاولاً الابتعاد، لكن الدودة قفزت عليه، اخترقت سترته وغرست نفسها في صدره. لم يصرخ الرجل طويلاً؛ سقط على ركبتيه، يمسك بصدره، دم أحمر داكن يتدفق من بين أصابعه.ثم جاءت الديدان الأخرى.

عشرات منها، تخرج من النوافذ المكسورة في كلا الجانبين، بعضها يزحف على السقف، يترك خطوطاً من المخاط تتساقط قطرات على الركاب. الإضاءة بدأت تومض باستمرار الآن، كأن التيار الكهربائي يتقطع. إميلي هاريس استيقظت فجأة، عيونها مفتوحة على وسعها، رأت الدودة الأولى تزحف نحوها عبر الطاولة. حاولت النهوض، لكن قدمها انزلقت على المخاط، سقطت على ظهرها. الدودة قفزت عليها، غرزت رأسها في كتفها، وبدأت في الحفر.كينغ لم يتحرك في البداية. كان يراقب، يحسب في ذهنه. هذه ليست ديدان عادية؛ الشكل، الحركة، السرعة – كانت مشابهة لعينات الطفيليات في التقرير الذي كان يقرأه، لكن أكبر حجماً، أكثر عدوانية. أخرج من جيبه قفازاً مطاطياً أبيض، ارتداه بسرعة، ثم أمسك بقلمه الحبري كسلاح مؤقت. دودة اقتربت منه، زحفت على ذراع المقعد، فدفعها بقوة بالقلم، اخترق الجسم الطري، خرج سائل أخضر كريه الرائحة. لكن الدودة لم تمت؛ انقسمت إلى قسمين، كل قسم يستمر في الزحف.الفوضى انتشرت بسرعة. الركاب يصرخون، يركضون نحو الأبواب، لكن الأبواب مغلقة إلكترونياً، لا تفتح إلا ببطاقة الkonduktor. الkonduktor نفسه كان على الأرض، دودتان تغوصان في ظهره، يحاول الزحف نحو لوحة التحكم. امرأة حامل في الشهر السابع تحمي بطنها بيديها، تجلس تحت الطاولة، تبكي بهدوء. طفل يبلغ الثامنة يمسك بيد أبيه، يسأل إن كانت هذه لعبة،

لكن الأب لا يرد؛ دودة قد اخترقت عنقه، دمه يسيل على قميصه الأبيض.القطار بدأ يبطئ، المحركات تصدر صوتاً عالياً كالأنين، ثم توقف فجأة في وسط النفق. الإضاءة انطفأت تماماً لدقيقة كاملة، الظلام مطلق، فقط أصوات التنفس المتسارع، البكاء، والزحف الرطب على الأرضية. ثم عادت الإضاءة الطارئة، حمراء خافتة من مصابيح السلامة. في الضوء الأحمر، بدت الديدان أكثر رعباً، أجسامها تلمع كالدم الطازج.كينغ نهض أخيراً، خطا فوق جثة زميله، توجه نحو لوحة التحكم. دودة هاجمته من السقف، سقطت على كتفه، لكنه دفعها بيده المغطاة بالقفاز، سحقها ضد الجدار. وصل إلى اللوحة، ضغط على زر الفتح اليدوي للأبواب. الباب انفتح ببطء، صوت معدني يئن. خلفه، العربة الثامنة كانت أسوأ؛ الركاب هناك قد توقفوا عن الصراخ، أجسادهم مغطاة بالديدان، بعضها يخرج من الفم أو العيون.خرج كينغ إلى الممر بين العربتين، الهواء بارد ورطب من النفق. إميلي كانت خلفه، تنزف من كتفها، تسير متعثرة. "دكتور... ما هذه؟" سألته بصوت ضعيف.

لم يرد؛ كان يفكر في العينات المجمدة في حقيبتها، هل كانت قد ذابت؟ هل كان هذا تسرب؟ تابعا السير نحو مقدمة القطار، يتجنبان الديدان التي تسقط من السقف. في العربة الخامسة، وجدا الkonduktor ميتاً، جهاز الاتصال في يده، الشاشة مكسورة.القطار كان ميتاً الآن، لا حركة، لا صوت سوى الزحف. كينغ فتح باب الكابينة الأمامية، وجد السائق جالساً في مقعده، رأسه مائل، دودة كبيرة تخرج من أذنه. لوحة القيادة مليئة بالدم، لكن نظام الطوارئ لا يزال يعمل. ضغط على زر الإنذار، صوت صفارة عالية ملأ النفق. ربما يسمعها فريق الإنقاذ في المحطة التالية.لكن الديدان كانت تتكاثر. من الشقوق في الأرضية، من التهوية، من تحت المقاعد. إميلي سقطت على ركبتها، النزيف زاد، وجهها شاحب. كينغ ساعدها على النهوض، سحبها نحو الباب الجانبي للقطار. فتحه بقوة، الهواء البارد دخل، مع رذاذ من المطر الخارجي. النفق كان مظلماً، لكن في البعيد، ضوء أزرق من مصباح إشارة.بدآ في الركض على طول السكة، أقدامهما تزلق على الحصى الرطب. خلفهما، سماع صوت الزجاج ينكسر أكثر، الديدان تخرج من القطار، تزحف على الجدران الجبلية. كينغ لم ينظر إلى الوراء؛ كان يعرف أن هذا ليس حادثاً عابراً. هذا كان الإفراج.

الالساعة كانت الثانية والنصف بعد منتصف الليل عندما بدأت المروحية في الاهتزاز. كان الفريق برافو يطير على ارتفاع منخفض فوق جبال أركلاي، المحرك يصدر همهمة منتظمة، الشفرات تقطع الهواء البارد الرطب، ترسل رذاذاً خفيفاً على الزجاج الأمامي. الطيار كيفن دولي، رجل في الثلاثينيات ذو شعر أسود قصير وندبة صغيرة فوق حاجبه الأيسر، كان يمسك بعصا التحكم بيد يمنى ثابتة، يده اليسرى تتحرك على لوحة العدادات، يتحقق من مستوى الوقود والضغط. كان يرتدي خوذة سوداء مع ميكروفون مدمج، صوته هادئ عندما تحدث إلى البرج: "برافو واحد، نطير فوق القطاع إف-سيفن، لا إشارات حرارية غير طبيعية حتى الآن، نستمر في الدورية."في المقصورة الخلفية، جلس أربعة أعضاء من الفريق على المقاعد المعدنية المبطنة، أحزمتهم مشدودة، أسلحتهم موضوعة بين أرجلهم. الرقيب ريتشارد أيكين، قائد الفريق، كان في الأمام الأيمن، رجل في الأربعينيات ذو لحية خفيفة رمادية وبنية عضلية من سنوات التدريب، يرتدي سترة تكتيكية سوداء مع شعار S.T.A.R.S. على الصدر.

كان ينظر إلى خريطة مطبوعة على جهاز لوحي صغير، يضيء الشاشة وجهه في الظلام. بجانبه، الجندية ريبيكا تشامبرز، الطبيبة الشابة في الثامنة عشرة، شعرها البني مربوط في ذيل حصان، عيونها الخضراء تركز على حقيبتها الطبية، تتحقق من الأدوية والضمادات للمرة الثالثة.في الخلف، الرقيب إدوارد ديوي، رجل طويل القامة ذو صوت عميق ولهجة جنوبية خفيفة، كان ينظف بندقيته MP5 بقطعة قماش، حركاته بطيئة ومنتظمة. بجانبه، الجندي فورست سبير، الأصغر سنًا في الخامسة والعشرين، شعر أشقر فوضوي، يرتدي نظارات شمسية حتى في الليل، يمضغ علكة بصوت خفيف يزعج الآخرين أحياناً.بدأ الاهتزاز خفيفاً، كأن ريحاً قوية قد ضربت الجانب الأيسر. رفع دولي حاجبه، نظر إلى العدادات. "رياح جانبية، لكنها أقوى من المتوقع. أعد ضبط الارتفاع." الفريق شعر بالتغيير؛ المروحية مالت قليلاً، ثم عادت إلى التوازن. ريتشارد طوى الخريطة، رفع رأسه. "كيفن، ما الوضع؟ لدينا تقارير عن هجمات حيوانية في القطاع، لا نريد مفاجآت."دولي رد دون أن ينظر إلى الخلف، يده تتحرك على المفاتيح. "كل شيء طبيعي، الرقيب. الرياح الجبلية فقط. سنبقى على الارتفاع المنخفض للكشف الحراري." لكن الاهتزاز عاد، أقوى هذه المرة، مصحوباً بصوت معدني غريب من المحرك الخلفي. انخفضت السرعة فجأة، العداد يظهر انخفاضاً في الضغط. "لعنة، لدينا مشكلة في الدوار الخلفي. قد يكون تسرب وقود أو شيء في الشفرات."ريبيكا أغلقت حقيبتها، صوتها هادئ لكن قلق.

"هل نحن في خطر؟" إدوارد توقف عن تنظيف سلاحه، رفع رأسه. "دع الطيار يعمل، الفتاة. كيفن يعرف ماذا يفعل. تذكرين التدريب في فورت براغ؟ سقطنا ثلاث مرات ونهضنا." فورست ابتسم، مضغ علكته ببطء. "أيام جيدة. لكن هنا الجبال، ليس الصحراء. إذا سقطنا، سنصبح وجبة للدببة."ريتشارد رفع يده للصمت، صوته حازم. "ركزوا. كيفن، ابحث عن مكان للهبوط الاضطراري. لا نريد التحطم في الوادي." دولي أومأ، يدير المروحية نحو اليسار، يبحث عن مساحة مسطحة بين الأشجار. الاهتزاز زاد، المحرك يصدر صوتاً عالياً كالسعال، دخان أسود خفيف يخرج من الخلف. "أرى تلة صغيرة أمامنا، مغطاة بالعشب. سأهبط هناك. أمسكوا جيداً."المروحية انخفضت بسرعة، الشفرات تقاوم، الهواء يدخل من النوافذ المفتوحة جزئياً، يحمل رائحة الصنوبر والأرض الرطبة. هبطت بقوة، العجلات تصطدم بالأرض، ترتد مرة واحدة ثم تستقر. توقف المحرك، الصمت يعم إلا من صوت الريح في الأشجار. دولي أطفأ المفاتيح، رفع خوذته قليلاً.

"هبوط ناجح. المشكلة في الدوار، ربما شفرة متضررة. سأحتاج ساعة للإصلاح. أنتم ابحثوا المنطقة، لكن لا تبتعدوا أكثر من خمسمائة متر."خرج الفريق من المروحية، أحذيتهم تغوص في العشب الرطب، الهواء بارد يحمل رائحة المطر القادم. ريتشارد أشار إلى الخريطة. "نقسم إلى اثنين. أنا وريبيكا نذهب شرقاً، إدوارد وفورست غرباً. نبحث عن أي علامات للهجمات – جثث، دم، آثار أقدام. نلتقي هنا بعد ثلاثين دقيقة." إدوارد أومأ، حمل بندقيته على كتفه. "حسناً، الرقيب. لكن إذا وجدت دباً، سأطلق النار أولاً وأسأل بعدين."بدأ إدوارد وفورست في السير غربًا، مصابيحهم اليدوية تقطع الظلام، الأشجار الكثيفة تحيط بهما، أغصانها تلامس خوذاتهما. إدوارد كان يمشي بخطى واسعة، صوته منخفض. "هذه المنطقة ملعونة منذ أسابيع. ثلاثة صيادين مفقودين، جثتان وجدتا ممزقتين كأن وحشاً قد فعلها. الشرطة المحلية قالت ذئاب، لكن الذئاب لا تترك أحشاء متناثرة على عشرين متراً.

" فورست أضاء على شجرة، رأى خدوشاً عميقة في اللحاء. "ذئاب؟ هذه خدوش أكبر من مخالب دب. تذكر التقرير من الأسبوع الماضي؟ كلب شرطة مزق في الحديقة الوطنية. قالوا مرض، لكن أنا أقول شيء آخر."إدوارد توقف، أضاء على الأرض، آثار أقدام غريبة – كبيرة، مع علامات مخالب، لكن غير منتظمة. "لست خبيراً في الحيوانات، لكن هذا ليس دباً. الدببة تترك آثاراً أعمق في الوحل. هذه... خفيفة، كأنها تزحف جزئياً." فورست اقترب، لمس الأرض بيده المغطاة بالقفاز. "رطبة، حديثة. ربما ساعة أو اثنتين. والرائحة – تشبه اللحم الفاسد." إدوارد رفع بندقيته قليلاً. "ابقَ يقظاً. إذا كان حيواناً مصاباً بداء الكلب، سنضطر لإنهائه."في الجانب الآخر، ريتشارد وريبيكا يسيران شرقاً، خطى ريتشارد حذرة، يمسح المنطقة بمصباحه. "ريبيكا، أخبريني عن نفسك. أنت الجديدة في الفريق، منذ شهرين فقط. كيف تشعرين في الميدان؟" ر LGBTيكا سارت بجانبه، حقيبتها على ظهرها. "عصبية قليلاً، الرقيب. في الأكاديمية كانت التدريبات نظرية، لكن هنا... الجثث الحقيقية مختلفة. تذكر الحادث في المدينة الشهر الماضي؟ الرجل الذي عض كلباً حتى الموت؟ قالوا فيروس، لكن التحاليل لم تظهر شيئاً.

" ريتشارد أومأ ببطء. "الفيروسات لا تفعل ذلك. أنا في S.T.A.R.S. منذ خمس سنوات، رأيت عمليات إنقاذ، إرهابيين، لكن هذه الهجمات... تبدو شخصية. كأن الحيوانات غاضبة."ريبيكا أضاءت على شجيرة، وجدت قطعة قماش ممزقة، ملطخة بدم جاف. "هذه سترة صياد. الدم بني، قديم يومين. لا عظام هنا، فقط الملابس." ريتشارد اقترب، فحصها. "المزق عميق، كمخالب. لكن انظر إلى الحواف – نظيفة، كأنها مقص. الحيوانات تمزق بشكل فوضوي." ريبيكا بلعت ريقها. "ربما طفرة؟ سمعت شائعات عن مختبرات في الجبال، شركات أدوية تجري تجارب." ريتشارد هز رأسه. "شائعات. لكن إذا كان صحيحاً، نحن في مشكلة أكبر من ذئاب."عادا إلى نقطة اللقاء بعد نصف ساعة، تبادلا الملاحظ ات بهمس. دولي كان تحت المروحية، يفك الغطاء المعدني، أدواته متناثرة على الأرض. "الشفرة متضررة، كأن شيئاً قد عضها. ليست ريحاً، ربما طائر كبير أو..." توقف، نظر إلى الفريق. إدوارد أشار إلى الآثار. "لدينا شيء يزحف هنا، كيفن. أصلح بسرعة، لا أريد البقاء ليلاً." فورست أخرج علبة علكة جديدة، عرضها. "علكة؟ تهدئ الأعصاب." ريبيكا رفضت، ريتشارد أخذ واحدة، مضغها ببطء.جلسوا حول المروحية، ينتظرون، يتبادلون قصصاً قديمة لكسر الصمت. إدوارد تحدث عن أيامه في الجيش، عملية في الخليج، كيف فقد صديقاً بسبب خطأ في الخريطة. "التخطيط كل شيء. هنا، الجبال لا تسامح الأخطاء." فورست ضحك خفيفاً. "أنت دائماً الجاد، إد. أنا هنا للإثارة. تذكرون التمرين في المستنقع؟ غرقت في الوحل حتى الرقبة." ريبيكا ابتسمت لأول مرة.

"كنت أشاهد من الجانب، كنت مضحكاً." دولي من تحت المروحية، صوته مكتوم. "ركزوا، أحتاج تركيزاً. الشفرة ملتوية، سأستبدلها بقطعة احتياطية."الريح زادت، الأشجار تتمايل، أوراقها تصدر صوتاً كالهمس. ريتشارد وقف، أضاء مصباحه نحو الغابة. "شيء يتحرك هناك. ابقوا يقظين." الفريق رفع أسلحتهم، الصمت يعود، فقط صوت أنفاسهم ودولي يشد البراغي.

الريح كانت تهب بقوة أكبر الآن، تحمل معها رائحة التراب الرطب والصنوبر المحترق قليلاً من بعيد، كأن حريقاً صغيراً قد اندلع في مكان ما في الوادي. الفريق برافو كان لا يزال مجتمعاً حول المروحية، مصابيحهم اليدوية ترسم دوائر ضوئية على الأرض المغطاة بالعشب الطويل، الذي يتمايل كأمواج صغيرة تحت أقدامهم. كيفن دولي كان لا يزال تحت الجسم الرئيسي للمروحية، يشد البراغي الأخيرة على الشفرة الاحتياطية، يستخدم مفتاح ربط معدني يصدر صوت نقر منتظم مع كل دوران. عرقه يسيل على جبهته رغم البرودة، يمسحه بظهر يده المغطاة بالزيت الأسود.

ريتشارد أيكين كان يقف على حافة التلة، يمسح المنطقة بمنظاره الليلي، العدسات الخضراء تحول الظلام إلى درجات من الرمادي. "لا حركة مرئية في نطاق مئتي متر، لكن الغابة كثيفة. إذا كان هناك شيء، فهو مختبئ جيداً." ريبيكا تشامبرز جلست على صخرة قريبة، تفتح حقيبتها الطبية مرة أخرى، تتحقق من مخزون الإبينفرين والمضادات الحيوية، أصابعها تتحرك بسرعة مهنية لكن مع لمسة من التوتر. إدوارد ديوي كان يدور حول المروحية ببطء، بندقيته في وضع الاستعداد المنخفض، ينظر إلى الأرض بحثاً عن آثار إضافية. فورست سبير كان يقف بجانب دولي، يمد له الأدوات عند الحاجة، يمضغ علكته بصوت أقل الآن.ثم سمعوا الصوت – صوت محرك بعيد، لكنه توقف فجأة، كأن سيارة قد انطفأت في منتصف الطريق. ريتشارد خفض المنظار، أشار نحو الشمال الغربي. "من هناك، ربما كيلومتر واحد. محرك ديزل، ثقيل." إدوارد اقترب، صوته منخفض. "طريق فرعي يمر عبر الغابة، يستخدمه حراس الغابات أو الشاحنات العسكرية. لنذهب نتحقق، قد يكون متعلقاً بالهجمات." دولي رفع رأسه من تحت المروحية، وجهه ملطخ بالزيت. "أحتاج عشر دقائق أخرى. اذهبوا،

سألحق بكم إذا انتهيت."تحرك الفريق الأربعة نحو الاتجاه المشار إليه، يسيران في صف واحد، ريتشارد في المقدمة، مصباحه يقود الطريق عبر الأشجار المتشابكة. الأرض كانت منحدرة قليلاً، مغطاة بأوراق متساقطة رطبة تجعل الخطى زلقة، أحذيتهم تصدر صوتاً خفيفاً مع كل خطوة. الريح كانت تهب في وجوههم الآن، تحمل معها رائحة دخان خفيفة، ليست من حريق طبيعي، بل من عادم محرك. بعد عشر دقائق من السير، وصلوا إلى حافة طريق ترابي ضيق، محفور بين الصخور، عرضها بالكاد يكفي لسيارة واحدة.هناك كانت الشاحنة. شاحنة عسكرية خضراء داكنة، من نوع همفي، جانبها الأيمن مدمر تماماً، كأن شيئاً ثقيلاً قد اصطدم به مرات عديدة. الإطارات الأمامية مفجرة، الزجاج الأمامي مكسور إلى شظايا صغيرة متناثرة على الأرض، الباب الجانبي مفتوح بقوة، منحني كأنه قد تم شده. الفريق اقترب بحذر، أسلحتهم مرفوعة، مصابيحهم تكشف التفاصيل تدريجياً.داخل الكابينة، جلس سائقان ميتان. الأول في مقعد السائق، رأسه مائل إلى الأمام، دم مجفف يغطي وجهه، عيون مفتوحة على وسعها، فمه مفتوح كأنه كان يصرخ. الثاني في المقعد الجانبي، جسده ملتوي بشكل غير طبيعي، ذراعه اليمنى مكسورة، عظم بارز من الجلد. الدم كان قد تجمد في برك على الأرضية، أسود اللون تحت الضوء. ريبيكا اقتربت أولاً، ارتدت قفازاتها الطبية، فحصت النبض رغم الواضح. "ميتين منذ ساعات، ربما ثلاث أو أربع. الإصابات...

ليست من حادث سيارة. انظر إلى الرقبة هنا، مزق عميق، كمخالب كبيرة."ريتشارد فتح الباب الخلفي للشاحنة ببطء، المعدن يئن تحت يده. الداخل كان مقصورة نقل مغلقة، مع مقاعد معدنية على الجانبين، سلاسل حديدية ملقاة على الأرض، مغطاة بدم طازج نسبياً. في الوسط، قفص صغير مفتوح، أغلاله مكسورة، كأن شخصاً قد قطعها بأداة حادة. على الأرض، بطاقة تعريف عسكرية، ملطخة بالدم، مكتوب عليها "بيلي كوان – سجين – محكوم بالإعدام – نقل إلى منشأة أركلاي". إدوارد التقط البطاقة، مسح الدم بأصبعه. "كوان؟ الرجل الذي قتل ثلاثة وعشرين في عملية واحدة؟ كان يُنقل إلى الإعدام. يبدو أنه هرب."فورست أضاء داخل القفص، وجد آثار دم على السلاسل، وبصمات أصابع دامية على الجدران. "قتل الحراس أولاً. انظر إلى الجثث في الأمام – رقابهم مقطوعة بنفس الطريقة. لم يكن حادثاً، كان هجوماً متعمداً." ريتشارد أخرج جهاز الاتصال، حاول الاتصال بالقاعدة، لكن الإشارة ضعيفة، تشويش من الجبال. "برافو إلى القاعدة، لدينا شاحنة عسكرية مدمرة، سائقان ميتان، سجين مفقود. بيلي كوان، كرر، كوان هرب. نطلب تعزيزات."الرد جاء بعد دقيقة، صوت القائد إنريكو ماريني، هادئ لكن حازم. "ماريني هنا. تأكيد التقرير. كوان خطر جداً، محكوم بقتل جماعي، مدرب عسكري سابق. لا تقتربوا لوحدكم. ابحثوا عنه فوراً، لكن بأزواج. أرسل فريق ألفا للدعم، يصلون بعد ساعتين. حافظوا على الاتصال." ريتشارد أغلق الجهاز، نظر إلى الفريق. "أوامر واضحة. نقسم مرة أخرى. أنا وريبيكا نبحث شمال الطريق، إدوارد وفورست جنوباً. نبحث عن آثار، دم، ملابس. إذا وجدتموه، لا تواجهوه لوحدكم، أطلقوا إشارة."ريبيكا فحصت الجثث مرة أخيرة،

أخذت عينات دم في أنابيب صغيرة. "الإصابات متطابقة مع الهجمات الأخرى – مزق عميق، لكن هناك شيء آخر. عضات صغيرة على الحواف، كأن حشرات أو..." توقفت، هزت رأسها. إدوارد حمل بندقيته، بدأ في تتبع آثار أقدام خارج الشاحنة، تؤدي إلى الغابة. "آثار حذاء عسكري، كبيرة، اتجاه الجنوب. حديثة، التراب مبلل." فورست تبعه، يغطي الخلف. "إذا كان كوان، فهو مسلح. الشاحنة تحمل أسلحة في الصندوق الخلفي، لكنها فارغة الآن."ريتشارد وريبيكا توجهوا شمالاً، يتبعون الطريق الترابي الذي يختفي بين الأشجار. الريح كانت أقوى هنا، تحمل أوراقاً تتساقط على وجوههم. ريتشارد تحدث بصوت منخفض أثناء السير. "كوان ليس مجرد قاتل. قرأت ملفه – جندي في القوات الخاصة، عمليات في أمريكا الوسطى، مفقود لسنوات ثم ظهر يقتل زملاءه. يقولون جنون، لكن الطريقة... منظمة." ريبيكا سارت بجانبه، مصباحها يمسح الأرض. "إذا هرب، فهو يعرف الغابة. مدرب على البقاء. قد يكون مختبئاً يراقبنا الآن."في الجنوب، إدوارد وفورست يتبعون الآثار، التي تصبح أوضح مع الوحل. إدوارد توقف عند شجرة، وجد قطعة قماش ممزقة من زي سجين برتقالي. "هو. نزع الزي، ربما يرتدي ملابس الحراس الآن." فورست أضاء على الأرض، وجد بقع دم صغيرة. "مصاب، ليس بشدة. يslow لكنه يتحرك." استمرا في السير، الصمت بينهما ثقيل، فقط صوت أنفاسهما والريح.الفريق استمر في البحث لساعة كاملة، يغطون مساحة واسعة، يصرخون أحياناً باسم كوان، لكن لا رد. السماء بدأت تتضح قليلاً مع اقتراب الفجر، الظلام يخف تدريجياً. ريتشارد أمر بالعودة إلى الشاحنة، يجتمعون هناك، ينتظرون التعزيزات، عيونهم تمسح الغابة باستمرار.

الفجر كان يبدأ في التلون فوق قمم الأشجار، ضوء رمادي باهت يتسلل بين الأغصان، يحول الغابة إلى لوحة من الظلال الطويلة والألوان الخافتة. ريبيكا تشامبرز كانت تسير وحدها الآن، بعد أن انفصلت عن ريتشارد لتغطية مسار جانبي أضيق، يقطع عبر المنحدر الشرقي للغابة. حقيبتها الطبية تثقل كتفها، لكنها اعتادت الوزن، خطواتها حذرة على الأرض الرطبة المغطاة بإبر الصنوبر والأوراق المتحللة. مصباحها اليدوي لا يزال مضاءً، لكن الضوء الطبيعي بدأ يقلل من حاجته، يرسم هالات خافتة على الجذوع.

كانت تسمع صوت الماء من بعيد، جدول صغير يجري بين الصخور، لكن شيئاً آخر جذب انتباهها – صوت معدني خافت، كأن عجلة تتحرك ببطء على سكة. توقفت، أطفأت المصباح، استمعت. الصمت كان ثقيلاً، ثم عاد الصوت، أقرب هذه المرة. تحركت بحذر نحو المصدر، تتجنب الأغصان المنخفضة، يدها على مسدسها Beretta في الحافظة. بعد دقائق من السير، وصلت إلى حافة منحدر، ومن أسفله، رأت السكة الحديدية.القطار كان متوقفاً في منتصف النفق الجبلي، عربته السابعة مرئية جزئياً، الدخان لا يزال يتصاعد خفيفاً من المحرك الأمامي، لكنه ميت تماماً. النوافذ مكسورة في عدة أماكن، الزجاج متناثر على الأرض، وبقع داكنة – دم – تلطخ المقاعد الداخلية المرئية من الخارج. ريبيكا أخرجت جهاز الاتصال، همست: "تشامبرز إلى برافو، لدي قطار متوقف في

النفق الثالث، علامات دم، لا حركة مرئية. أتحقق." الرد جاء مشوشاً، صوت ريتشارد بعيداً:

انتظري الدعم، ريبيكا. لا تدخلي لوحدك." لكنها كانت قد بدأت في النزول بالفعل، تستخدم الجذور والصخور كدرجات، تصل إلى مستوى السكة.الهواء حول القطار كان بارداً، رائحة الدم والمخاط المحترق تملأ الأنف. اقتربت من العربة السابعة، الباب الجانبي مفتوح، السلالم معدنية مغطاة ببقع لزجة. صعدت ببطء، مسدسها في يدها اليمنى، مصباحها في اليسرى. الداخل كان مظلماً، الإضاءة الطارئة الحمراء لا تزال تعمل بشكل متقطع، تومض كل بضع ثوانٍ. الأرضية مبللة، خطوط من المخاط الشفاف تمتد من المقاعد إلى الممر. رأت الجثث أولاً – الركاب، بعضهم ما زال في مقاعده، رؤوسهم مائلة، أجسادهم مغطاة بإصابات عميقة، الدم متجمد في برك سوداء.توقفت عند أول جثة، امرأة في منتصف العمر، ذراعها مفقودة من الكتف، الجرح نظيف amazingly، كأن شيئاً قد قطعه بدقة. ريبيكا فحصت النبض رغم الواضح، ثم انتقلت إلى التالي – رجل أصلع، صدره مفتوح، الأضلاع مرئية. لكن شيئاً آخر لفت انتباهها: الجثث ليست باردة تماماً. الدم لزج، ليس متجمداً كما يفترض بعد ساعات. أخرجت ميزان حرارة رقمي، قاست درجة حرارة جثة قريبة – 33 درجة مئوية. مستحيل. يجب أن تكون أقل.ثم سمعت الصوت – أنين خافت، من نهاية العربة. رفعت المسدس، تقدمت ببطء. رجل جالس في المقعد الأخير، رأسه مائل، يرتدي بدلة رمادية ممزقة. اقتربت، لمست كتفه. "سيدي؟ هل أنت بخير؟" الرجل رفع رأسه ببطء، عيناه مفتوحتان لكن فارغتان، بياضهما مصفر، بشرته شاحبة بشكل مرضي. فمه انفتح، أصدر صوتاً خشناً، ثم نهض فجأة،

يمد يديه نحوها.ريبيكا تراجعت، أطلقت طلقة واحدة في كتفه، لكنه لم يتوقف. الدم خرج ببطء، أسود اللون، لزج. ثم تحركت جثة أخرى، ثم ثالثة. الركاب – أو ما كانوا ركاباً – بدأوا في النهوض، حركاتهم بطيئة، متشنجة، أذرعهم ممدودة، أصواتهم كأنين جماعي. ريبيكا أطلقت طلقتين أخريين، إحداهما في رأس الأول، أسقطته، لكن الآخرين استمروا. ركضت نحو الباب، لكن الممر مسدود بجثث تتحرك الآن، تزحف على الأرض أو تسير متعثرة.اندفعت نحو مقدمة القطار، تقفز فوق المقاعد، تتجنب الأيدي الممدودة. وصلت إلى العربة السادسة، ثم الخامسة، كل واحدة أسوأ من سابقتها. الدم يغطي الجدران، بقايا أجساد متناثرة، رائحة التحلل القوية رغم الوقت القصير. في العربة الرابعة، وجدت الkonduktor، جسده ممزق، لكنه لا يزال يتحرك، يزحف نحوها. أطلقت في ركبته، كسرتها، مرت فوقه.أخيراً، وصلت إلى كابينة القيادة، الباب مغلق، لكن النافذة مكسورة. دفعته بكتفها، دخلت. السائق ميت، رأسه مائل، لكن لوحة التحكم لا تزال تعمل جزئياً. خلفها، سمعت الخطى المتعثرة تقترب. ثم صوت آخر – صوت باب يُفتح من الجانب الآخر. رجل دخل الكابينة، في الثلاثينيات، شعر أسود قصير، يرتدي زياً عسكرياً ممزقاً، يداه مغطاة بالدم، مسدس في يده.توقف، رفع يديه ببطء.

"لا تطلقي. أنا لست واحداً منهم." ريبيكا حافظت على مسدسها موجهاً نحوه. "من أنت؟" الرجل نظر إلى الوراء، حيث بدأت الأصوات تقترب. "بيلي كوان. كنت سجيناً في الشاحنة. هربت عندما... عندما حدث هذا." أشار إلى الجثث المتحركة. "هم ليسوا أحياء. أطلقت عليهم، لم يتوقفوا إلا برأسهم."ريبيكا لم تخفض سلاحها. "أنت المفقود. محكوم بالإعدام." بيلي هز رأسه ببطء. "نعم. لكن لم أقتل الحراس. شيء آخر فعل. وهو الآن في القطار." نظر إلى لوحة التحكم، ضغط على زر، لكن لا استجابة. "المحرك ميت. يجب أن نخرج من هنا." ريبيكا ترددت، ثم سمعت الخدش على الباب. تراجعت خطوة. "كيف نخرج؟" بيلي أشار إلى النافذة الأمامية. "عبر الكابينة، إلى السكة. لكن يجب أن نتحرك الآن."فتح النافذة، ساعدها على الخروج أولاً، ثم تبعها. وقفا على مقدمة القطار، الريح تهب في وجهيهما، الضوء الرمادي يكشف الغابة المحيطة. خلفهما، بدأت الجثث تخرج من الكابينة، بطيئة لكن مستمرة. ريبيكا أطلقت طلقة تحذيرية، أسقطت واحدة. بيلي أمسك بذراعها. "لا تهدري الذخيرة. اركضي." بدآ في الجري على طول السكة، نحو النفق، الظلال تطاردهما، الأنين يملأ الهواء.

السكة الحديدية كانت تمتد أمامهما كشريط معدني لامع تحت ضوء الفجر الشاحب، محاطة بجدران النفق الرطبة التي تقطر منها قطرات ماء صغيرة بإيقاع منتظم. ريبيكا تشامبرز كانت تجري بجانب بيلي كوان، أنفاسها متقطعة، حذاؤها يصدر صوت نقر حاد على الحصى بين العارضتين. الريح الباردة تدخل النفق من الفتحة البعيدة، تحمل معها رائحة التراب المبلول والصدأ، ممزوجة برائحة الدم الخفيفة التي لا تزال تلتصق بملابسهما. خلفهما، الأنين الجماعي للجثث المتحركة يتردد في الجدران، يقترب ببطء لكنه لا يتوقف، كموجة صوتية بطيئة الحركة.بيلي كان ينظر إلى الأمام، عيناه تمسحان الظلام أمامهما، يده اليمنى تمسك المسدس الذي التقطه من الشاحنة العسكرة قبل ساعات، أصابعه مشدودة على المقبض. "النفق ينتهي بعد مئتي متر. إذا خرجنا، نستخدم الغابة للغطاء." صوته كان هادئاً، مدرباً، لكن ريبيكا لاحظت التوتر في عضلات فكه. لم ترد في البداية، تركز على الجري، رئتاها تحترقان من الجهد. ثم أبطأت خطواتها قليلاً، رفعت يدها لتوقفه.

"انتظر. لا يمكنك الهرب. أنت مطلوب، وأنا من S.T.A.R.S. يجب أن أعتقلك."توقف بيلي فجأة، التفت إليها، عيناه تضيقان. "تعتقليني؟ بعد ما رأيتِ؟ هؤلاء ليسوا بشرًا، وأنا لست القاتل الذي يعتقدون." رفع المسدس قليلاً، ليس موجهاً إليها، لكن كتحذير. "لن أعود إلى القفص. لقد قتلتُ لأنجو، ليس لأنني أردت." ريبيكا حافظت على مسافة آمنة، يدها على مسدسها. "الوثائق تقول غير ذلك. قتلت ثلاثة وعشرين شخصاً. لا يهم ما يحدث هنا، القانون..." بيلي قاطعها، صوته أعلى قليلاً. "القانون؟ الذي حكم عليّ دون محاكمة عادلة؟ كنت في مهمة سرية، الأوامر جاءت من الأعلى، ثم ألقوا اللوم عليّ."قبل أن ترد، سمعا صوت تحطم زجاج من بعيد، ثم صرخة مكتومة. ريبيكا أخرجت جهاز الاتصال بسرعة. "إدوارد؟ ريتشارد؟ أين أنتم؟" الرد جاء مشوشاً، صوت إدوارد ديوي، ثقيلاً بالألم. "في العربة... الثالثة... هاجموني...

" ثم انقطع. ريبيكا وبيلي تبادلا نظرة سريعة، ثم ركضا نحو مصدر الصوت، يخرجان من النفق إلى ضوء الصباح الشاحب. الغابة كانت أمامهما، أشجار كثيفة، أرض منحدرة.وصلا إلى جانب القطار، حيث كانت العربة الثالثة مرئية، نافذتها مكسورة. رأيا إدوارد يقفز من النافذة، جسده يهبط بقوة على الأرض، يتدحرج مرتين قبل أن يتوقف. كان مصاباً، ذراعه اليسرى تنزف بغزارة، سترته ممزقة، وجهه شاحب. ريبيكا ركضت إليه، بيلي يغطي الخلف. "إدوارد!" صرخت، تساعده على الجلوس. كان فاقداً للوعي تقريباً، عيناه نصف مفتوحتين، يتمتم بكلمات غير مفهومة.من النافذة، خرجت جثة متحركة، ثم أخرى، تليها كلاب – ليست كلاباً عادية، جلودها متشققة، عيونها بيضاء، أسنانها مكشوفة. هاجمت إحداها الأرض قرب إدوارد، لكن بيلي أطلق طلقتين، أصابت الرأس، أسقطتها. "اذهبي به بعيداً!" صاح، يطلق النار باستمرار. ريبيكا سحبت إدوارد إلى خلف شجرة، فتحت حقيبتها الطبية بسرعة، أخرجت ضمادة ضاغطة، لفتها حول ذراعه. النزيف كان شريانياً، دم أحمر فاتح ينبض مع كل دقة قلب.جهاز الاتصال انبعث صوتاً، هذه المرة القائد إنريكو ماريني. "تشامبرز، تقرير الوضع." ريبيكا ضغطت على الزر، صوتها مرتجف قليلاً. "إدوارد مصاب، هجمات من... من ميتين متحركين وحيوانات. وجدت بيلي كوان، هو معي.

" صمت قصير، ثم رد ماريني. "كوان؟ تأكدي. الوثائق التي وجدناها في الشاحنة تشير إلى إدانته بقتل جماعي، 23 ضحية في معسكر تدريب. كان يُنقل إلى مصحة نفسية في أركلاي للتقييم قبل الإعدام. لا تثقي به، اعتقليه فوراً."ريبيكا نظرت إلى بيلي، الذي كان يطلق النار على كلب آخر، يصيب ساقه، يبطئه. "ماريني، هو يساعدني الآن. بدون مسدسه، كنا نموت." بيلي سمع الحوار، هز رأسه. "قلت لكِ. لن أعود." أطلق طلقة أخيرة، أسقط زومبي يقترب، ثم ركض نحو الغابة. ريبيكا ترددت، إدوارد يفقد الوعي تماماً الآن، رأسه يتدلى. ركضت خلف بيلي لبضع خطوات، صرخت: "انتظر!" لكنه اختفى بين الأشجار.عادت إلى إدوارد، شددت الضمادة، حقنت له مسكن ألم. الشمس بدأت ترتفع، تضيء الغابة، لكن الأصوات لا تزال تأتي من القطار. أخرجت جهاز الاتصال مرة أخرى.

"ماريني، إدوارد فاقد للوعي، كوان هرب. أحتاج إجلاء طبي فوري." الرد جاء سريعاً. "فريق ألفا في الطريق، خمس عشرة دقيقة. ابقي في مكانك، لا تتحركي." جلست بجانب إدوارد، تراقب الغابة، مسدسها جاهز، قلبها ينبض بقوة.

2025/11/01 · 2 مشاهدة · 4415 كلمة
TOD18
نادي الروايات - 2025