104 - تحالف ريبيكا و بيلي

الشمس كانت قد بدأت تتسلل بين أغصان الغابة الكثيفة، تُلقي خطوطاً ذهبية شاحبة على الأرض الرطبة المغطاة بأوراق متساقطة وأغصان مكسورة، كأنها تحاول أن تخترق الضباب الذي لا يزال يتجمع في المنخفضات. صوت الريح الخفيف يهز الأشجار، يحمل معه رائحة التراب المبلول والدخان البعيد، وأحياناً نفحة عفنة خفيفة تذكر بما حدث في الليلة الماضية. ريبيكا تشامبرز جلست على صخرة مسطحة قرب التلة حيث هبطت المروحية اضطرارياً، يدها اليمنى تضغط بلطف على ذراع إدوارد ديي الذي كان ممدداً أمامها، فاقداً للوعي تماماً. الدم كان قد توقف عن التدفق من الجرح في ذراعه الأيسر، لكن الضمادة المؤقتة التي صنعتها من قميصها الممزق كانت ملطخة بلون أحمر داكن، وكلما تحرك إدوارد قليلاً في نومه الثقيل، كانت تتسرب قطرة جديدة.كانت ريبيكا تشعر بثقل الإرهاق في عضلاتها، كأن كل خطوة من الليلة الماضية قد حفرت نفسها في عظامها. عيناها محاطتان بهالات سوداء خفيفة، وشعرها الأشقر القصير ملتصق بجبهتها من العرق والغبار. سماعة الراديو في أذنها كانت صامتة منذ ساعة، بعد أن أكد إنريكو ماريني أن فريق ألفا في الطريق، لكن الإشارة كانت تتقطع بسبب الجبال. "ابقي في مكانك، ريبيكا. لا تتحركي. سنصل خلال ساعة على الأكثر

." هكذا قال، لكن الساعة مرت، والشمس ارتفعت قليلاً، ولا أثر للمروحية.نظرت إلى إدوارد مرة أخرى. وجهه الجنوبي الخشن، المغطى بلحية خفيفة، كان شاحباً، لكنه يتنفس بانتظام. الجرح لم يكن عميقاً بما يكفي ليقتل، لكنه كان ينزف ببطء، وهي تعرف أن عليها الحفاظ على دفئه. خلعت سترتها الخضراء الرسمية لـ S.T.A.R.S. وغطته بها، رغم البرد الصباحي الذي بدأ يتسلل إلى جسدها. في جيبها، مسدسها الساموراي إيدج لا يزال محملًا بثماني رصاصات، وكيس الإسعافات الأولية فارغ تقريباً بعد استخدامها للضمادات والمطهر. القطار المتوقف في الأسفل، ذلك الهيكل المعدني الصدئ الذي خرجت منه للتو، كان يبدو الآن كشبح في الضوء الصباحي، نوافذه المكسورة تتدلى منها ستائر ممزقة، وباب الكابينة الأمامية مفتوحاً على مصراعيه.سمعت صوتاً خفيفًا من الغابة، كأن شيئاً يتحرك بين الأدغال. توقفت تنفسها للحظة، يدها تتحرك تلقائياً نحو المسدس. لم يكن بيلي كوان، الذي هرب إلى الغابة بعد أن غطى عليها بالنار. كان شيئاً آخر، أثقل، أبطأ. ربما حيوان بري، أو... شيء آخر. تذكرت الجثث داخل القطار، كيف استيقظت فجأة، عيونها البيضاء الخالية من الحياة، حركاتها المتشنجة. لا، لا يمكن أن يكون هناك المزيد. لقد أغلقت الأبواب خلفها، وأطلقت النار على آخر واحد رأته.لكن الصوت اقترب. خطوات ثقيلة، غير منتظمة، كأن شخصاً يعرج. ريبيكا وقفت ببطء، مسدسها موجهاً نحو الاتجاه، إصبعها على الزناد. "من هناك؟" صاحت بصوت منخفض لكن حازم، محاولة ألا توقظ إدوارد. لا إجابة. فقط الريح، وصوت أوراق تتكسر. ثم، من بين الأشجار، ظهر شكل. رجل. يرتدي بدلة رسمية ممزقة، ربطة عنقه معلقة بشكل منحرف، وجهه شاحب بشكل مرضي، عيناه مفتوحتان لكنهما تبدوان فارغتين. كان أحد الركاب من القطار، أو هكذا بدا. د. روبرت كينغ، العالم الذي رأته يهرب مع المساعدة إميلي."دكتور كينغ؟" همست ريبيكا، خافضة المسدس قليلاً لكنها مستعدة. الرجل توقف على بعد عشرة أمتار، يتمايل قليلاً، كأنه يحاول الحفاظ على توازنه. فمه مفتوح، ومنه يتساقط لعاب مخاطي شفاف. "هل أنت بخير؟ تعال، أنا من S.T.A.R.S.، يمكنني مساعدتك." لم يرد. فقط نظر إليها، رأسه يميل ببطء إلى الجانب. ثم بدأ يتقدم، خطوة واحدة، ثم أخرى، عرجه واضحاً على ساقه اليمنى.

ريبيكا رفعت المسدس مرة أخرى. "توقف! لا تتقدم!" صاحت، صوتها يرتجف قليلاً. الرجل لم يتوقف. اقترب أكثر، ذراعاه ممدودتان إلى الأمام بشكل غريب، أصابعه تتحرك كأنها تبحث عن شيء. رائحة عفنة وصلت إليها الآن، قوية، كرائحة اللحم المتحلل المغطى بالماء. عيناه... لم تكن عينين. كانتا بيضاوين تماماً، بدون بؤبؤ. زومبي. آخر واحد.أطلقت النار. الرصاصة الأولى أصابت كتفه، دفعته إلى الخلف خطوة، لكنه لم يسقط. الثانية في صدره، فتحت ثقباً أسود يتسرب منه سائل أخضر لزج. لا يزال يتقدم. الثالثة في الرأس. انفجر الجزء العلوي من جمجمته، ورذاذ من الدم والمخ تناثر على الأرض. سقط أخيراً، جسده يتشنج للحظات قبل أن يتجمد.ريبيكا وقفت تلهث، المسدس لا يزال موجهاً. خمس رصاصات متبقية. نظرت حولها، الغابة صامتة مرة أخرى، لكنها تعرف أن هذا ليس النهاية. إذا كان كينغ قد تحول، فماذا عن إميلي؟ والبقية الذين هربوا إلى الغابة؟ سمعت صوت المروحية البعيد، أخيراً. فريق ألفا قادم. لكن قبل أن تتنفس الصعداء، سمعت صوتاً آخر من داخل القطار. خطوات. بطيئة، مترددة، قادمة من الطابق العلوي.القطار كان له طابق علوي صغير، غرفة طعام فاخرة للركاب التنفيذيين،

connected بالدرج الداخلي. ريبيكا كانت قد تجاوزته في هروبها، اعتقدت أنه فارغ. لكن الآن، الصوت واضح: أحذية تتحرك على الأرضية الخشبية، ثم صوت كرسي يُسحب. شخص ما هناك. حي؟ أم...لم تكن تستطيع الانتظار. إدوارد آمن هنا، والمروحية تقترب. لكن إذا كان هناك ناجٍ، يجب أن تعرفه. أو إذا كان مصاباً... يجب أن توقفه قبل أن ينتشر. أمسكت المسدس بكلتا يديها، وتقدمت نحو القطار بخطوات حذرة، قدماها تغوص في التربة الرطبة. الباب الجانبي مفتوح، الدرج الداخلي مرئي، مغطى ببقع دم جافة. صعدت ببطء، كل درجة تصدر صوتاً خفيفاً تحت وزنها، قلبها يدق بقوة.الطابق العلوي كان أكثر فخامة: طاولات خشبية مصقولة، كراسي مبطنة ممزقة، أطباق مكسورة متناثرة على الأرض. النوافذ هنا أصغر، مغطاة بستائر حمراء ثقيلة، تجعل الضوء الصباحي يتسلل كأنه دم. رائحة الطعام الفاسد مختلطة بالدم. في منتصف الغرفة، على طاولة كبيرة، كان هناك رجل جالس. ظهره لها، يرتدي بدلة سوداء، يأكل شيئاً ببطء. صوت مضغ رطب، مقزز."من أنت؟" قالت ريبيكا، صوتها أعلى هذه المرة، المسدس موجهاً إلى رأسه. الرجل توقف عن المضغ، لكنه لم يلتفت. فقط رفع يده ببطء، ممسكاً بشيء – قطعة لحم نيئة، دماء تتساقط منها.

"التفت ببطء. أيديكما مرئيتين."بدأ يلتفت. وجهه... لم يكن وجهاً. كان تجمعاً من الديدان السوداء الطويلة، متراصة معاً لتشكل ملامح بشرية، عيون من ديدان صغيرة تتحرك، فم يفتح ليكشف عن المزيد من الديدان تتلوى داخل تجويف. الجسم نفسه كان كومة، ديدان تتدفق من تحت البدلة، تتحرك كأنها عضلات، تحافظ على الشكل البشري بالكاد. لم يكن تحولاً، بل تقليداً مرعباً، كأن الطفيليات قد جمعت نفسها لتبدو كإنسان.ريبيكا تراجعت خطوة، صدمتها تجعلها تلهث. "يا إلهي..." الشيء وقف ببطء، الكرسي يسقط خلفه بصوت عالٍ. الديدان في "وجهه" بدأت تتحرك أسرع، تخرج من الفتحات، تسقط على الأرض وتزحف نحوها. بدأ يتقدم، خطواته غير منتظمة، أجزاء من "جسده" تتفكك وتتجمع مرة أخرى. أطلقت النار. الرصاصة الأولى اخترقت "الصدر"، فتحت ثقباً يتدفق منه ديدان سوداء كالسائل، لكن الثقب أغلق نفسه فوراً، ديدان جديدة تملأ الفراغ.الثانية في "الرأس"، فانفجر جزء من الديدان، رذاذ مخاطي يتناثر على الطاولة، لكن الشكل لم يسقط.

بدلاً من ذلك، انقسمت الديدان، جزء يبقى في الشكل البشري، وجزء يبدأ في الزحف على الأرض نحوها بسرعة. ريبيكا أطلقت الثالثة، الرابعة، كل واحدة تفتح ثقوباً تُغلق فوراً. الشيء الآن على بعد مترين، ذراعه "الممدودة" تتحول إلى سوط من الديدان يجلد الهواء.تراجعت نحو الدرج، قدمها تتعثر في كرسي مكسور. سقطت على ظهرها، المسدس يطير من يدها ويسقط على الأرض. الشيء اقترب، ديدان تسقط من "فمه" كشلال أسود. مد يده، أصابعه تتحول إلى مخالب ديدانية حادة. ريبيكا زحفت إلى الخلف، يدها تبحث عن المسدس، عيناها لا تفارقان الشيء. وجدته، أمسكته، أطلقت من الأرض. الرصاصة الأخيرة أصابت "العنق"، قطعت الاتصال بين "الرأس" و"الجسم" للحظة، فانفصل الرأس وسقط، ديدان تتناثر في كل مكان.لكن الجسم لم يتوقف. بدأ يتفكك تماماً، يتحول إلى سجادة من الديدان السوداء الزاحفة، تغطي الأرض، تتجه نحوها بسرعة. ريبيكا وقفت،

المسدس فارغ، قلبها يدق كالطبول. ركضت نحو النافذة الجانبية، كسرت الزجاج بكوعها، الدم يسيل من ذراعها. قفزت إلى الخارج، سقطت على العشب أسفل القطار، الديدان تخرج من النافذة خلفها، تسقط كالمطر الأسود.ركضت نحو إدوارد، الديدان تتبعها، تغطي الأرض خلفها كسجادة حية. وصلت إليه، هزته بقوة. "إدوارد! استيقظ!" فتح عينيه ببطء، مشوشاً. "ما... ريبيكا؟" الديدان اقتربت، على بعد أمتار. سمعت صوت المروحية الآن قريباً، لكن ليس بما يكفي. الشيء كان يتجمع مرة أخرى خلفها، يعيد تشكيل نفسه ببطء، أكبر هذه المرة.ريبيكا سحبت إدوارد، جسده ثقيل، لكنها نجحت في جره خلف الصخرة. الديدان وصلت، بدأت تتسلق الصخرة، تتدفق من الجانبين. أمسكت بحجر كبير، بدأت تضرب به الديدان الأقرب، تسحقهن واحدة تلو الأخرى، لكنهن يتكاثرن، يخرجن من الأرض كأنهن ينبعن منها. إدوارد، الآن مستيقظاً جزئياً، أمسك مسدسه الخاص، أطلق رصاصتين، فتح ثقوباً في الكومة، لكنها أغلقت.الديدان الآن تحيط بهما، تتسلق أجسادهما، تدخل تحت الملابس. ريبيكا ضربت، صرخت، شعرت بواحدة تدخل في أذنها، أخرجتها بأظافرها. الشيء الرئيسي اقترب، الآن شكل عملاق، ذراعان من الديدان تمتدان نحوها. المروحية فوق الرؤوس الآن، الريح من شفراتها تشتت بعض الديدان، لكن ليس كلهن. حبل إنقاذ يسقط، لكن الديدان تتسلق الحبل...القتال مستمر، الديدان لا تتوقف، الشيء يقترب أكثر، والمروحية تحوم، غير قادرة على الهبوط.

الريح من شفرات المروحية ضربت وجه ريبيكا كصفعة جليدية، ترفع الغبار والأوراق الممزقة في دوامة حول الصخرة. الديدان كانت تتسلق الآن على ساقيها، تثقب الجلد بأنيابها الصغيرة الحادة، وكل واحدة تترك أثراً من الحرقة كأنها حقنة سم. إدوارد كان يصرخ، يضرب بيديه المصابة في الكومة السوداء التي تغطي صدره، لكن كل ضربة كانت تفتح المزيد من الثقوب التي تتدفق منها الديدان الجديدة. ريبيكا رفعت الحجر مرة أخيرة، سحقت به حفنة من الديدان على ذراع إدوارد، لكن الحجر انزلق من يدها المغطاة بالمخاط، وسقط بصوت ثقيل."لا..." همست، صوتها مكسور. الشيء العملاق، الذي أصبح الآن كتلة ديدانية بحجم رجلين، رفع "ذراعه" المشوهة، ومنها انبثقت عشرات الديدان الطويلة كالثعابين، تتلوى في الهواء كأنها تبحث عن فريسة. إحداها لفت حول معصم ريبيكا، شدّتها بقوة، وكادت تسحبها إلى الأرض. شعرت بأنيابها تخترق جلدها، وصرخت من الألم.ثم انفجار.رصاصتان متتاليتان، صوت بندقية M4A1 واضحاً حتى فوق ضجيج المروحية. الذراع الدودية انقطعت، الديدان تناثرت في الهواء كرذاذ أسود. ريبيكا سقطت على ركبتيها، تلهث، عيناها تتبعان مصدر النيران. من بين الأشجار، خرج بيلي كوان، بندقيته موجهة، وجهه مغطى بالعرق والدم، لكن عيناه حادتان كالصقر. كان يرتدي سترة عسكرية ممزقة، وفي يده اليسرى سكين قتالي طويل."ابتعدي عنه!" صرخ، صوته يقطع الضجيج. أطلق رصاصتين أخريين في "الصدر" الدودي،

فتح ثقوباً كبيرة، لكن الديدان بدأت تغلقها فوراً. ركض نحوها، قفز فوق الصخرة، وهبط بجانبها. "أعطني يدك!"ريبيكا مدّت يدها دون تفكير، أمسكها بقوة، وسحبها إلى الخلف. إدوارد كان لا يزال يصرخ، لكن بيلي لم ينظر إليه. أخرج قنبلة يدوية من جيبه، شدّ الدبوس بأسنانه، ورماها في وسط الكومة. "انفجار!"الانفجار كان صغيراً، لكنه كافٍ. موجة صدمة ضربت الديدان، فشتتها في كل اتجاه، بعضها احترق، وبعضها سقط ميتاً. بيلي سحب ريبيكا وإدوارد خلف شجرة كبيرة، جسده يغطيهما. الديدان كانت لا تزال تتحرك، لكن أبطأ الآن، مترددة."كيف عدت؟" سألته ريبيكا، صوتها مرتجف لكن فيه شيء من الإصرار."سمعت الطلقات." قال بيلي، يعيد تعبئة بندقيته بسرعة. "ثم رأيت المروحية. اعتقدت أنكِ بحاجة إلى مساعدة.""لكن ماريني أمر—""إلى الجحيم ماريني." قاطعها، عيناه لا تفارقان الكومة الدودية التي بدأت تتجمع مرة أخرى. "أنا لست كلباً يتبع الأوامر. أنتِ أنقذتِ حياة رجل مصاب. هذا يكفي."ريبيكا نظرت إليه للحظة. كان وجهه متعباً، لكنه لم يكن وجه قاتل. كان وجه جندي. "أنا ريبيكا تشامبرز. S.T.A.R.S. برافو.""بيلي كوان. الجندي المفقود." ابتسم ابتسامة صغيرة، مريرة. "أعرف من أنتِ. رأيتكِ في القطار.""لم تكن تقتل الحراس؟" سألته، صوتها هادئ لكن مباشر."لا." قال بصدق. "كان شيئاً آخر. شيء خرج من القفص. أنا بريء من تلك التهمة، على الأقل."الديدان بدأت تتحرك مرة أخرى، تتسلق الشجرة من الجانبين. بيلي أطلق رصاصة واحدة،

أصاب "الرأس" المتشكل، فأبطأه. "لا يمكننا البقاء هنا. المروحية لا تستطيع الهبوط. يجب أن نتحرك.""إدوارد لا يستطيع المشي." قالت ريبيكا، تنظر إلى زميلها الذي كان يتنفس بصعوبة."سأحمله." قال بيلي، يضع بندقيته على كتفه. "أنتِ تغطينا."رفع إدوارد على كتفه كأنه كيس، رغم الوزن. إدوارد أغمي عليه مرة أخرى. ريبيكا أمسكت مسدس إدوارد، الآن لديها ثماني رصاصات جديدة. بدأوا يتحركون نحو الغابة، الديدان تتبعهم ببطء لكن بثبات."لماذا تساعدني؟" سألته ريبيكا وهي تسير بجانبه، عيناها على الخلف."لأنكِ لم تطلقي النار عليّ عندما كان بإمكانكِ." قال. "ولأن هذا الشيء..." أشار إلى الكومة الدودية البعيدة، "ليس شيئاً يمكن لأحد مواجهته بمفرده."توقفوا لحظة خلف شجرة أخرى. الديدان كانت على بعد عشرين متراً. بيلي وضع إدوارد على الأرض، أخرج خريطة ممزقة من جيبه. "هناك كهف على بعد كيلومتر. يمكننا الاحتماء هناك حتى تهبط المروحية.""وماذا عن الديدان؟" سألته."نحرقها." قال، يخرج علبة بنزين صغيرة من حقيبته. "لديّ ما يكفي لإشعال نار كبيرة."ريبيكا نظرت إليه، ثم إلى إدوارد، ثم إلى الديدان. "حسناً. لكن إذا خنتني—""لن أخونكِ." قال، عيناه تلتقيان بعينيها. "لديّ أسبابي الخاصة للبقاء على قيد الحياة."بدأوا يتحركون مرة أخرى، أسرع هذه المرة. الديدان كانت تتبعهم، لكن بيلي كان يطلق رصاصة كل دقيقة لإبطائها. بعد عشر دقائق، وصلوا إلى مدخل الكهف. بيلي وضع إدوارد داخل، ثم صبّ البنزين على الأرض أمام المدخل. أشعل عود ثقاب، رماه.النار اشتعلت بقوة، جدار اللهب يرتفع مترين. الديدان توقفت، تتردد، ثم بدأت تتراجع. بعضها احترق، صراخها كصوت لحم يقلى."هذا سيعطينا وقتاً.

" قال بيلي، يدخل الكهف. ريبيكا تبعته، تسحب إدوارد إلى الداخل.داخل الكهف، الظلام كان كثيفاً، لكن بيلي أشعل مصباحاً يدوياً. الجدران رطبة، مغطاة بالطحالب. في العمق، كان هناك مجرى ماء صغير."سنبقى هنا حتى تهبط المروحية." قال بيلي، يضع إدوارد على صخرة مسطحة. ريبيكا فحصت جرحه مرة أخرى، أضافت ضمادة جديدة."شكراً." قالت، صوتها هادئ."لا تشكريني بعد." قال، ينظر إلى الخارج. "النار لن تدوم إلى الأبد."ساد صمت للحظة. ثم، من بعيد، صوت. ليس صوت الديدان. صوت بشري. غناء.خرج بيلي من الكهف بحذر، ريبيكا تبعته. على الجبل المقابل، على بعد مئتي متر، كان هناك رجل. يقف على صخرة عالية، محاطاً بحلقة من الديدان، لكنها لم تهاجمه. كان يغني، صوته عميق، غريب، بلغة لم يفهموها. كان يرتدي معطفاً طويلاً، وجهه مخفي تحت قبعة."من هذا؟" همست ريبيكا."لا أعرف." قال بيلي، عيناه تضيقان. "لكن الديدان تطيعه."الرجل رفع يديه، والديدان بدأت تتحرك في دوائر حوله، كأنها ترقص. ثم توقف عن الغناء، نظر مباشرة نحوهما."مرحباً، أيها الهاربان." قال، صوته يصل بوضوح رغم المسافة. "الليلة طويلة، والديدان جائعة. لكن لديّ عرض."بيلي رفع بندقيته. "لا تتحرك!"الرجل ابتسم. "لا داعي للعنف. أنا فقط رسول. أمبريلا تريدكما أحياء. خاصة أنتِ، الآنسة تشامبرز. لديكِ معرفة قيمة."ريبيكا شعرت بالبرد يتسلل إلى ظهرها. "من أنت؟""اسمي لا يهم." قال. "لكن إذا أردتما البقاء على قيد الحياة، تعالا معي. الديدان لن تؤذيكما. ليس بعد."الديدان بدأت تتحرك نحوهما مرة أخرى، ببطء، لكن بثبات. النار كانت تخبو."ماذا نفعل؟" سألته ريبيكا.بيلي نظر إليها، ثم إلى الرجل، ثم إلى الديدان. "نركض." قال. "أو نقاتل."لكن الرجل رفع يده مرة أخرى، والديدان توقفت. "اختارا بحكمة." قال. "الوقت ينفد."

في الوقت نفسه، على بعد ثلاثة كيلومترات شمال شرق موقع القطار، كانت شاحنة عسكرية سوداء تحمل شعار أمبريلا تتقدم ببطء على طريق ترابي ضيق يخترق الغابة. الشاحنة كانت من طراز همفي معدل، مزودة بألواح مدرعة ونوافذ مضادة للرصاص، وفي داخلها جلس ستة رجال من فريق دلتا الأمني، يرتدون بدلات قتالية سوداء كاملة، خوذات مع كاميرات ليلية، وأقنعة غاز معلقة على صدورهم. القائد، الرقيب أول ماركوس ريد، كان يجلس في المقعد الأمامي بجانب السائق، يده اليمنى تضغط على سماعة الاتصال في أذنه."دلتا واحد، هنا قاعدة ألفا. تقرير الحالة." جاء صوت الدكتور ألبرت ويسكر من السماعة، هادئاً كالعادة، لكن فيه نبرة من التوتر المكبوت."دلتا واحد، في الطريق. سنصل إلى موقع القطار خلال خمس دقائق. لا إشارات حياة من الركاب حتى الآن." رد ماركوس، عيناه مثبتتان على الطريق الذي بدأ يضيق أكثر."ممتاز. مهمتكم الأساسية: استعادة العينات المجمدة من غرفة الأمتعة. لا تفتحوا الصناديق تحت أي ظرف.

إذا واجهتم أي مقاومة، أنهوا الموضوع فوراً. الدكتور بيركين يريد التقرير الكامل خلال ساعة." قال ويسكر، ثم انقطع الاتصال.ماركوس أشار إلى السائق بإيماءة صغيرة. "أسرع. لا نريد أن ينتظروا."الشاحنة توقفت أخيراً أمام القطار المتوقف، محركها يصدر صوتاً خافتاً قبل أن يُطفأ. الفريق خرج بسرعة، أسلحتهم مرفوعة، يتحركون في تشكيل تكتيكي محكم. ماركوس أشار إلى اثنين من الرجال لتأمين المحيط، بينما تقدم هو مع الآخرين نحو الباب الجانبي للقطار. النوافذ المكسورة، الدماء المتناثرة على الجدران الخارجية، الرائحة... كانت كافية لتجعل أي جندي متمرس يشعر بالغثيان."رائحة الموت." همس أحد الرجال، الجندي الشاب لي، وهو يرفع بندقيته."ركز." قال ماركوس، يدفع الباب ببطء. الداخل كان مظلماً، مضاء فقط بضوء المصابيح الكاشفة على خوذاتهم. الأرضية مغطاة ببقايا الركاب: أحذية، حقائب، أجزاء من أجساد. لم يكن هناك صوت. فقط صمت ثقيل، متقطع بقطرات الماء من السقف المثقوب."غرفة الأمتعة في الخلف." قال ماركوس، يتقدم. الفريق تبعه، خطواتهم تتردد في الممر الضيق. وصلوا إلى الباب المعدني الثقيل، مغلق بقفل إلكتروني. أحد الرجال، التقني هاريس، أخرج جهازاً صغيراً، ربطه باللوحة."النظام معطل." قال هاريس بعد لحظة. "لكن يمكنني فتحه يدوياً.""افعل." أمر ماركوس.الباب انفتح ببطء، يكشف عن غرفة مظلمة، صناديق معدنية كبيرة موضوعة في صفوف. في المنتصف، صندوق مفتوح،

محتوياته متناثرة: أنابيب زجاجية مكسورة، سائل أخضر يتسرب على الأرض. ماركوس اقترب، مصباحه يضيء على ملصق على أحد الصناديق: T-VIRUS SAMPLE – BIOHAZARD LEVEL 5."يا إلهي..." همس لي.فجأة، صوت. من أعلى. خطوات ثقيلة، مترددة. ماركوس رفع يده، يشير إلى الجميع بالصمت. الجميع رفعوا أسلحتهم نحو السقف. ثم، من فتحة التهوية، سقط شيء. جثة. أو ما كان جثة. رجل في بدلة أمبريلا، وجهه مشوه، عيناه بيضاء، فمه مفتوح. سقط على الأرض، ثم بدأ يتحرك."نار!" صرخ ماركوس.الرصاص ملأ الغرفة. الجثة تشنجت، لكنها لم تسقط. نهضت ببطء، ذراعاها ممدودتان. ثم، من الفتحات، من الجدران، من تحت الصناديق، بدأت الديدان تخرج. ليست ديدان عادية. كانت طويلة، سوداء، بأفواه مفتوحة تكشف عن أسنان دائرية. بدأت تزحف نحو الرجال بسرعة."تراجعوا!" صاح ماركوس، يطلق النار. الرصاص أصاب الديدان، قطّعها، لكن كل جزء مقطوع كان يتحرك لوحده، يتجدد.لي كان الأول. دودة كبيرة لفت حول ساقه، ثقبت البدلة، دخلت الجلد. صرخ، سقط على ركبتيه. "احرقوه!" صاح ماركوس، يخرج قنبلة حارقة، يرميها في وسط الغرفة.النار اشتعلت، لكن الديدان لم تتوقف. بدأت تخرج من جثث الركاب الميتة، من الجدران، من الأرضية. هاريس أصيب في رقبته، دودة دخلت من خلال الجرح، بدأ يتشنج. لي نهض، عيناه بيضاء الآن، يهاجم زميله."لا!" صاح ماركوس، يطلق النار على لي، في رأسه.

سقط لي، لكن الدودة خرجت من أذنه، زحفت نحو ماركوس.الفريق بدأ ينهار. واحد تلو الآخر. الديدان كانت سريعة، ذكية، تتجنب النار، تدخل من الفتحات الصغيرة. ماركوس تراجع نحو الباب، يطلق النار حتى نفدت رصاصاته. أخرج سكينه، قطع دودة كانت تتسلق ذراعه. لكن كان متأخراً. دودة دخلت من حذائه، ثقبت ساقه، بدأت ترتفع."قاعدة ألفا... هنا دلتا واحد..." حاول الاتصال، صوته مرتجف. "العينات... تسرب... الكل... تحول..."السماعة انقطعت. ماركوس سقط على ركبتيه، الدودة وصلت إلى صدره. عيناه بدأتا تفقدان اللون. في آخر لحظة، أخرج قنبلة يدوية، شد الدبوس، رماها داخل الغرفة.الانفجار هز القطار بأكمله. النار انتشرت، لكن الديدان نجت، خرجت من النوافذ، من الأبواب، بدأت تنتشر في الغابة.في القاعدة، ويسكر وبيركين كانا يشاهدان الشاشات. الصورة من كاميرا ماركوس انقطعت. ويسكر أغلق عينيه للحظة."فشل." قال بيركين، صوته بارد."لا." قال ويسكر. "تسرب كامل. الآن، الكارثة بدأت."في الغابة، الديدان كانت تنتشر، تبحث عن فريسة جديدة. القطار، الآن، كان مصنعاً للرعب، دون سيطرة، دون قائد. والليلة كانت طويلة.

2025/11/02 · 1 مشاهدة · 2870 كلمة
TOD18
نادي الروايات - 2025