فتح ليون عينيه ببطء، كأن جفنيه كانا ملتصقين بطبقة من الغبار والعرق المجفف. الضوء الخافت المتسلل من شقوق السقف المتصدع كان يرسم خطوطاً حمراء على وجهه، وكأن الدم نفسه يتسرب من الجدران. كان ملقى على ظهره فوق أرضية معدنية مبللة بسائل لزج لا يعرف إن كان دماً أم مادة كيميائية، وكل عضلة في جسده تئن من ألم خفي، كأن شاحنة قد دهسته في نومه. رائحة المعدن المحترق واللحم المتعفن تملأ أنفه، وصوت قطرات الماء المتساقطة من أنابيب مكسورة يتردد في الفراغ كإيقاع ساعة ميتة.نظر إليه ميليوداس من الأعلى، جالساً على حافة طاولة مختبر مائلة، يمسح دماً أسود من قبضته بقطعة قماش ممزقة. عيناه الخضراوان تضيئان في الظلام كجوهرتين، لكن تعبيراً من الاستغراب يعلو وجهه.
"أوي... استيقظت أخيراً؟"
قالها بصوت هادئ، لكن فيه لمحة سخرية خفيفة، كأنه يتحدث إلى طفل استيقظ من كابوس.ليون رفع رأسه بصعوبة، يحاول استيعاب المكان. كان يتذكر الانفجار، الوحش الجليدي، ثم... شيئاً آخر. حلم؟ ذكرى؟ راكون سيتي تحترق، وجه كلير، صوت آدا... كلها تختلط في رأسه كشريط فيلم مكسور.
"منذ متى كنت نائم؟" سأل، صوته خشن كأنه لم يستخدمه منذ أيام."حوالي ساعتين. كنت تتلوى وأنت نائم. ظننت أنك تحلم بكابوس."
ميليوداس وقف، مد يده ليساعده. ليون أمسكها، شد نفسه لأعلى ببطء، عضلاته تشتكي من كل حركة. وقف متمايلًا قليلاً، يمسح وجهه بكم قميصه الممزق، ثم نظر حوله. أكيهيكو كان يقف عند الباب المكسور، يفحص خريطة ممزقة على الحائط، وجهه شاحب لكنه مركز."أنا... آسف." قال ليون بهدوء، ينظر إلى ميليوداس ثم إلى أكيهيكو. "كنت أعيقكما. نوم مفاجئ في وسط هذا الجحيم... لم أقصد."ميليوداس هز كتفيه، ابتسم ابتسامة صغيرة.
"لا بأس. حتى الأبطال ينامون. المهم أنك استيقظت قبل أن يأتي شيء آخر ويأكلنا."أكيهيكو التفت، وضع الخريطة في جيبه.
"كنت أحتاج استراحة أنا أيضاً. لكن الآن، لنكمل. المخرج في الأعلى، لكن الأنفاق مليئة بالزومبي. سنحتاج خطة.
"ليون أومأ، يفرك عنقه. كان يشعر بثقل الذكريات، لكن شيئاً آخر كان يضغط عليه أكثر: الشعور بأن هذا المكان ليس مجرد مختبر مدمر. كان يعرفه. رائحة الكيماويات، صوت الأنابيب، الجدران البيضاء المتشققة... كان يشبه راكون سيتي، لكن أكبر، أحدث، أخطر.بدأ الثلاثة يتحركون عبر الممر المظلم، أقدامهم تترك آثاراً في السائل الأسود على الأرض. ميليوداس في المقدمة، يمسك سيفاً قصيراً يضيء بضوء خافت، أكيهيكو في الوسط يحمل الملفات في حقيبة ظهر، وليون في الخلف، مسدسه جاهز. لم يتحدثوا كثيراً، فقط إشارات صغيرة: "يمين"، "توقف"، "اسمع".بعد دقائق، وصلوا إلى غرفة تحكم صغيرة، شاشاتها مكسورة، لكن واحدة لا تزال تعمل، تعرض خريطة للمبنى. أكيهيكو اقترب، يضغط على الأزرار.
"المخرج في الطابق العلوي. لكن هناك إشارة حمراء... شيء كبير يتحرك."ليون اقترب، ينظر إلى الشاشة. كان يعرف هذه الإشارة.
"تايرانت. أو شيء مشابه. أمبريلا لا تتوقف أبداً."ميليوداس ضحك ضحكة خفيفة.
"إذن سنقاتل. ليس لدينا خيار."خرجوا من الغرفة، يصعدون سلمًا معدنيًا متآكلاً. كل درجة تصدر صوتاً يتردد في الفراغ. عندما وصلوا إلى الطابق العلوي، سمعوا خطوات ثقيلة. ليون رفع يده، أشار للصمت. من الظلام، ظهر شيء: لم يكن تايرانت عادي. كان أكبر، جسده مغطى بطبقة حبر أسود لزج، عيناه حمراء، وذراعه اليمنى تنتهي بمخلب يشبه المنشار."ما هذا؟" همس أكيهيكو."تجربة هجينة." قال ليون بهدوء. "فيروس T + شيء آخر. سلابي، ربما."ميليوداس تقدم خطوة.
"سأبدأ أنا."قفز فجأة، سيفه يقطع الهواء. المخلوق رفع ذراعه، صد الضربة، لكن ميليوداس كان أسرع. دار حوله، ضرب ساقه، ثم قفز للخلف. ليون أطلق النار، رصاصتان في الرأس، لكن المخلوب لم يتأثر. أكيهيكو استخدم تنفس البرق، ضربة كهربائية أصابت صدره، فتوقف للحظة."القلب!" صاح ليون. "استهدفوا القلب!"ركضوا معاً، يتحركون كوحدة واحدة. ميليوداس يشتت، أكيهيكو يصعق، ليون يطلق. بعد دقائق من القتال المتواصل، انهار المخلوق أخيراً، جسده يذوب في بركة حبر أسود.تنفسوا بصعوبة. ليون مسح العرق عن جبهته.
"هذا ليس نهاية. فقط بداية."أكيهيكو نظر إلى السقف.
"المدينة في الأعلى. أصدقائي هناك. يجب أن نجدهم."ميليوداس أومأ.
"إذن لنذهب. قبل أن يأتي شيء أكبر."فتحوا الباب العلوي، وخرجوا إلى شارع مظلم، السماء فوق شنغهاي محترقة، والدخان يغطي النجوم. كانوا في وسط الجحيم، لكنهم الآن ثلاثة، وليسوا وحدهم.
ليون مشى أمامهم بخطى ثابتة، يمسك مسدسه بقبضة حديدية، إصبعه على الزناد جاهز لأي حركة. الهواء في الأنفاق كان ثقيلاً، مشبعاً برائحة الرطوبة والعفن والشيء الذي لا يُسمى، ذلك الروائح الخليط بين اللحم الفاسد والكيماويات الرخيصة. كل خطوة يصدر صوتاً رطباً تحت حذائه، كأن الأرض تتنفس معهم. ميليوداس كان يسير إلى يساره، يده اليمنى مرتخية لكن عيناه ترصدان الظلال،
بينما أكيهيكو في الخلف، يمسك حقيبة الملفات بيده اليسرى ويهمس تعاويذ خفيفة تجعل الهواء حوله يرتجف قليلاً."الخريطة تقول إن المخرج بعد هذه الغرفة الكبيرة،" قال أكيهيكو بهمس، صوته يتردد قليلاً على الجدران الخرسانية. "لكنها كانت تخزن مواد كيميائية. كن حذرين."ليون أومأ دون أن يلتفت. كان يعرف هذه الأماكن جيداً جداً. المختبرات السرية، الأنفاق التي تبدو لا نهاية لها، الشعور بأن الجدران تغلق عليك تدريجياً. راكون سيتي كانت أسوأ، لكن هذا... هذا كان أكبر، أحدث، كأن أمبريلا تعلمت من أخطائها وصنعت جحيماً أكثر كفاءة.دفعوا الباب المعدني المتهالك بكتفه، وفتح بصوت احتكاك يشبه صرخة. الغرفة أمامهم كانت واسعة، سقفها مرتفع يختفي في الظلام، وأرضيتها مغطاة ببرك من السوائل الخضراء اللامعة التي تتحرك كأنها حية. براميل معدنية مكدسة في الزوايا، أنابيب مكسورة تسرب غازاً أبيض خفيفاً، وفي الوسط... حركة. أجساد متمايلة، بطيئة في البداية، ثم أسرع. زومبي. عشرات، ربما مئات، يخرجون من الظلال كأنهم جزء من الجدران نفسها. جلودهم رمادية متشققة، عيونهم بيضاء خاوية، أفواههم مفتوحة تصدر أصواتاً غرغرة تشبه الجوع الأبدي."قطيع كامل،" همس ليون، يرفع مسدسه فوراً. "لا تتفرقوا."الأقرب إليهم كان واحداً كان يرتدي معطف مختبر ممزق، يزحف على أربع نحو ميليوداس. الأخير لم ينتظر. تقدم خطوة واحدة، قبضته اليمنى تضرب وجه الزومبي بقوة تجعله يطير خلفاً، يصطدم ببرميل معدني ينفجر في لهيب أخضر صغير. الرأس انفجر كبطيخة فاسدة، دم أسود يتناثر على الجدران."هؤلاء أبطأ من السابقين،" قال ميليوداس بهدوء، كأنه يعلق على الطقس. "لكنهم أكثر."أكيهيكو رفع يديه، كفوفها تتوهج بضوء أزرق خافت. "سأغطي اليسار." همس تعويذة قصيرة، والأرض تحت قدميه ترتج، جذور خضراء رفيعة تنبت من الشقوق، تلتف حول أرجل ثلاثة زومبي تقترب، تسحقهم ببطء مؤلم حتى تسمع صوت عظامهم تتكسر.ليون أطلق النار. طلقة، طلقتان، ثلاث. كل رصاصة تدخل جمجمة زومبي مختلف، ترميهم للخلف كدمى مكسورة. لم يكن يفكر، فقط يصوب ويطلق،
يعيد التعبئة بسرعة من الجيب الجانبي. كان قد تعلم هذا في راكون: لا تتردد، لا تشفق، الرحمة هنا قاتلة. زومبي آخر، امرأة كانت ترتدي زي ممرضة، قفزت نحوه من اليمين. أطلق في صدرها، لكنها استمرت، يديها تمتد نحو وجهه. دار للخلف، ركل ركبتها، ثم رصاصة في الرأس من مسافة صفر."يأتون من الخلف!" صاح أكيهيكو، صوته يرتفع قليلاً لأول مرة. رفع يديه مرة أخرى، مانا زرقاء تتدفق كموجة، تجمد خمسة زومبي في مكانهم كتماثيل جليدية، ثم يحطمهم بضربة هوائية قوية. الشظايا الجليدية تناثرت، لكن المزيد كانوا يخرجون من الظلام، كأن الغرفة تنتجها لا نهائياً.ميليوداس ضحك ضحكة قصيرة، غير سعيدة تماماً. "هذا ليس قتالاً، إنه تنظيف." اندفع إلى الأمام، يمسك زومبيين بكل يد، يصدم رؤوسهما ببعضهما حتى ينفجرا، ثم يرميهما جانباً كأكياس قمامة. واحد كبير، ربما كان حارس أمن، قفز عليه من الأعلى. ميليوداس رفع ذراعه، قبضة واحدة في الرقبة، رفع الجسد الثقيل كأنه دمية، ثم ضغط حتى سمع صوت كسر العنق، ورماه على مجموعة أخرى تسقطهم كالدومينو.ليون أعاد التعبئة، يلهث قليلاً. "لا تنفذوا طاقتكم. هؤلاء لا ينتهون." أطلق في زومبي يزحف نحوه، الرأس ينفجر، لكن الجسم استمر يتحرك لثوانٍ. كان يعرف هذا النوع: الفيروس يبقيهم يتحركون حتى يدمر الدماغ تماماً. دار، أطلق في اثنين آخرين، الرصاص يخترق الظلام ببريق أصفر.أكيهيكو كان يلهث الآن، يداه ترتجفان قليلاً. "المانا... تنفذ. أحتاج استراحة." رفع يديه مرة أخيرة، أرضية الغرفة ترتفع في حواجز طينية، تسحق مجموعة كاملة من الزومبي، لكن الجدران بدأت تتشقق، والوحوش كانت تضربها بأظافرها المتعفنة."ابقَ خلفي!" صاح ميليوداس، يندفع إلى الوسط. كان كوحش آخر، يتحرك بسرعة غير طبيعية،
قبضاته تضرب كمطارق. واحد، اثنان، ثلاثة... كل ضربة ترسل زومبياً إلى الجدار، الجمجمة تتحطم كالبيضة. واحد قفز على ظهره، عض كتفه، لكنه دار بسرعة، سحبه، ضرب رأسه في الأرض مرات حتى توقف. الدم الأسود يغطي يديه، لكنه لم يتوقف، يمسح وجهه بكمه ويستمر.ليون غطى الجانب الأيمن، يطلق بدقة، يركز على الرؤوس. البارود يملأ الهواء، الرائحة الحارة تخترق أنفه. "هناك ممر في الخلف!" صاح، يشير بمسدسه. "اذهبوا نحوه!"لكن الزومبي كانوا أكثر الآن، يخرجون من فتحات في الجدران، كأن المبنى يلدّهم. أكيهيكو أنشأ درعاً من الرياح، يدفع مجموعة بعيداً، لكن واحداً اخترق، يمسك ذراعه، أسنانه تغرز في لحمه. صاح أكيهيكو، دفع مانا ساخنة في يده، تحرق الذراع، يرمي الزومبي بعيداً. الجرح ينزف، لكنه شد على أسنانه وتابع.ميليوداس وصل إلى الممر أولاً، يمسح سبيلاً من الدم الأسود عن فمه. "تعالوا!" صاح، يمسك زومبياً آخر برأسه، يدور به كمطرقة، يضرب ثلاثة آخرين حتى يتفتتوا.ليون غطى الانسحاب، يطلق آخر الرصاص في المخزن. "غيّروا!" صاح لأكيهيكو، الذي ألقى عليه مخزن احتياطي. أعاد التعبئة أثناء الركض، يدير، يطلق، يركض. كان القتال يستمر، لم يكن هناك توقف، فقط دفع مستمر نحو المخرج.أخيراً، وصلوا إلى الممر الضيق، يدفعون الباب الثقيل خلفهم. ميليوداس أمسك مقبضه، يدفعه بكتفه حتى أغلق، ثم يسند نفسه عليه يلهث. "انتهى... مؤقتاً."ليون أسند ظهره على الجدار، يفحص مسدسه. خمس رصاصات فقط باقية. "ليس تنظيفاً سيئاً." قال، يبتسم ابتسامة تعبانة.أكيهيكو جلس على الأرض، يلف ذراعه بقطعة قماش. "شكراً... على الغطاء." قال لليون، صوته هادئ لكنه صادق."فريق، أليس كذلك؟" رد ليون، يمد يده. أمسكاها، يساعده على الوقوف.ميليوداس ضحك بخفة. "الآن، المدينة. أصدقاؤكم هناك، وأنا متأكد أنها تحتاجنا."استمروا السير، الظلام أقل كثافة الآن، ضوء خافت ينفذ من فتحة علوية. ليون شعر بشيء غريب في صدره، مزيج من الإرهاق والإصرار. كان يعرف أن هذا لم ينتهِ، لكن لأول مرة منذ زمن، لم يشعر بالوحدة. الثلاثة مشوا جنباً إلى جنب،
أصوات الزومبي تتلاشى خلفهم، لكن صوت المدينة المحترقة يقترب أكثر فأكثر.الأنفاق بدأت تتسع تدريجياً، الجدران تتحول من خرسانة خشنة إلى معدن لامع متآكل، كأنهم يصعدون من جحيم إلى آخر. ليون كان يقود الآن، يتذكر خرائط أمبريلا القديمة، يعرف أن مثل هذه الأماكن دائماً ما تكون لها فتحات تصريف تؤدي إلى الشوارع. "هناك فتحة قريباً،" قال، صوته منخفض. "لكن كنوا جاهزين. الخارج أسوأ."أكيهيكو أومأ، يمسك ذراعه المجروحة. "بليك هناك. أشعر به."ميليوداس لم يقل شيئاً، فقط مشى، عيناه مثبتتان أمامه.وصلوا إلى غرفة واسعة أخرى، هذه المرة مليئة بصهاريج معدنية مائلة، سوائل خضراء تتسرب منها ببطء. الرائحة أقوى هنا، كيميائية حادة تجعل العيون تدمع. ليون رفع يده، أشار للتوقف. حركة في الظلام، ليست زومبي هذه المرة. شيء أكبر، أثقل، خطواته تثير التراب."ليس زومبي،" همس ميليوداس. "شيء... حي."خرج من الظلام: كائن هجين، جسده نصف بشري نصف حشرة، ذراعان طويلتان تنتهيان بمخالب، رأس يشبه الجراد مع فكين يتحركان بصوت طحن. عيونه حمراء، يقطر سائلاً أسود من فمه."ليكر،" قال ليون فوراً، صوته حاد. "تجنبوا لمسته. يذيب اللحم."الكائن قفز، سريعاً جداً. ميليوداس التقط برميلاً، رمى به نحوه، انفجر في وجهه بسائل أخضر يصرخ. لكن الوحش دار في الهواء، هبط خلف أكيهيكو. الأخير دار، مانا زرقاء تندفع، تجمد مخلب الوحش، لكنه كسر الجليد بضربة أخرى.ليون أطلق، رصاصتان في الرأس، الوحش ترنح لكنه لم يسقط. "الرقبة!" صاح.ميليوداس اندفع، قبضة في الفك السفلي، رفع الوحش، ضرب رأسه في الصهاريج حتى تحطم. الوحش صاح، سائل أسود يرش، لكن ميليوداس تراجع بسرعة، يمسح يده. "حار جداً."أكيهيكو أكمل، جذور أرضية تلتف حول ساقيه، تسحقه. الوحش سقط أخيراً، جسده يذوب في بركة."جيد،" قال ليون، يعيد التعبئة. "لكن هناك المزيد."استمروا، القتال أصبح روتيناً: زومبي متفرقة، ليكرز هجينة، كل خطوة تكلف طاقة. ليون يوفر الرصاص، يستخدم السكين للقريبين. أكيهيكو يدير ماناه، يستخدم تعاويذ صغيرة للدفاع. ميليوداس كان الآلة، يقتل بلا توقف،
يده مغطاة بدم أسود.وصلوا أخيراً إلى فتحة تصريف كبيرة، ضوء الخارج ينفذ منها. ليون دفع الغطاء، خرجوا إلى شارع مدمر. شنغهاي كانت جحيماً: مباني تحترق، سيارات مقلوبة، صرخات بعيدة، وحوش تتحرك في الدخان. السماء حمراء، الدخان يغطي كل شيء."هنا،" قال أكيهيكو، يشير إلى برج مائل في البعد. "بليك هناك. أشعر به."ليون نظر إلى المدينة، يمسك مسدسه أقوى. "إذن نذهب."مشوا نحو البرج، القتال لم يتوقف: وحوش حبرية صغيرة تقفز من الزوايا، زومبي يخرجون من المباني. ميليوداس يسحقهم بقبضاته، أكيهيكو يجمد مجموعات، ليون يغطي بالنار. كانوا فريقاً الآن، غير مثالي لكنه فعال.فجأة، صوت انفجار هائل من اليمين. مبنى ينهار، وحش كبير يخرج منه، جسده مزيج من حبر وفيروس، عيون متعددة. "سلابي،" همس أكيهيكو."لا وقت،" قال ليون. "نركض."ركضوا، الوحش يلاحقهم، المدينة تهتز تحت أقدامهم. ليون أطلق خلفه، أكيهيكو أنشأ جداراً، ميليوداس التفت، ضرب الأرض بقبضته، صدمة أرضية تبطئ الوحش. وصلوا إلى تقاطع نانجينغ رود، حيث وقف بليك ورفاقه، جاهزين للقتال."أخيراً،" قال بليك، يبتسم ابتسامة تعبانة. "تعالوا، المدينة تنتظر."
السماء فوق شنغهاي كانت طبقة من الدخان الأسود الممزوج بلهيب برتقالي، يتخلله وميض أزرق من انفجارات بعيدة، كأن المدينة نفسها تنزف ناراً. صوت المروحيات يقترب أولاً، هدير ثقيل يهز الزجاج المكسور في المباني المائلة، ثم يظهر الشكل: طائرة حربية سوداء، بدون علامات،
أجنحتها تحمل صواريخ غير مفعلة، جسمها يلمع بضوء النيران المنعكس. تحوم فوق تقاطع نانجينغ رود، تتمايل قليلاً بفعل الرياح الساخنة، ثم تبدأ بالهبوط البطيء، مروحياتها ترسل موجات من الغبار والرماد تطير في كل اتجاه. الأرض تهتز عندما تلمس العجلات الأسفلت المتشقق، والدخان يلفها كستار، لكن الأضواء الداخلية تضيء، والباب الجانبي ينفتح ببطء مع صوت هيدروليكي خشن.في الخارج، تحت برج شنغهاي المائل، وقف المليارديرات الثمانية في صف منظم، يرتدون بدلات سوداء مضادة للإشعاع، وجوههم شاحبة تحت أضواء الطوارئ. ليو تشنغ في كرسيه المتحرك، يمسك عصا فضية، عيناه مثبتتان على الباب. سيليا هارت تقف إلى يساره، ذراعاها متقاطعتان، وفيكتور راموس يدخن سيجاراً ببطء، ينفث الدخان في الهواء المسموم. لا أحد يتكلم. التوتر يملأ الفراغ بينهم، كأن المدينة كلها تنتظر.الباب ينفتح تماماً. أول من خرجت كانت امرأة في الثلاثينيات المتأخرة، شعرها بني قصير، ترتدي سترة تكتيكية سوداء، عيناها حادتان كما لو أنها لم تنم منذ أيام. ريبيكا تشامبرز. وضعت قدمها على الأرض، نظرت حولها بسرعة، ثم رفعت يدها لتُشير للآخرين. خلفها، رجل طويل عريض، ذراعاه مفتولتان، وجهه مليء بالندوب القديمة: كريس ريدفيلد. حمل حقيبة ثقيلة، وضعها على الأرض، ثم وقف بجانبها. ثالثاً، امرأة بشعر أشقر مربوط، عيناها زرقاوان باردتان: جيل فالنتاين. أخيراً، كلير ريدفيلد، أصغر قليلاً، ترتدي جاكيت جلدي ممزق، مسدس في حزامها.توقفوا أمام المليارديرات، مسافة آمنة، أسلحتهم جاهزة لكن غير مرفوعة. ليو تشنغ تقدم بكرسيه خطوة، صوته هادئ لكنه قوي."أنتم متأخرون بساعة ونصف."كريس لم يبتسم. "المدينة محاصرة. كان علينا الدخول من الجنوب. الطرق الرئيسية محترقة."سيليا هارت تقدمت خطوة. "وأنتم؟ S.T.A.R.S.؟ بعد كل هذه السنوات؟ اعتقدنا أنكم انتهيتم في راكون."ريبيكا نظرت إليها مباشرة. "S.T.A.R.S. لم تنتهِ. فقط تغيرت. نحن الآن جزء من BSAA. لكن هذا ليس مهم. نحن هنا لأن أمبريلا عادت،
وأنتم طلبتم المساعدة."ليو تشنغ أومأ ببطء. "نعم. طلبتُ المساعدة. ليس لإنقاذ المدينة. لإنقاذ العالم. التجارب خرجت عن السيطرة. سلابي ليس مجرد دمية. إنه يمتص الفيروس. يخلق هجيناً. إذا وصل إلى المدنيين، ستنتشر العدوى خارج شنغهاي في أقل من 48 ساعة."جيل فالنتاين تحدثت لأول مرة، صوتها هادئ لكنه حاد. "نعرف. لدينا تقارير من الأقمار الصناعية. لكن لماذا أنتم؟ أمبريلا كانت عدوكم. والآن تديرون مختبراتها؟"فيكتور راموس أطفأ سيجاره على الأرض. "لأننا دفعنا. اشترينا البقايا. اعتقدنا أننا نستطيع السيطرة. كنا مخطئين. لكننا لا نريد الموت. ولا نريد أن يموت العالم."كلير ريدفيلد ضحكت ضحكة قصيرة، مريرة. "كلاسيكي. المليارديرات يشترون الجحيم، ثم يطلبون منا تنظيفه."كريس رفع يده، أشار لها بالصمت. "كفى. نحن هنا للعمل، ليس للجدال. أين المختبر الرئيسي؟"ليو تشنغ أشار إلى البرج المائل. "تحتنا. سبعة طوابق تحت الأرض. لكن الوصول مقطوع. الوحوش تسيطر على الأنفاق. وسلابي في الأعلى، يرسل جيشه."ريبيكا فتحت الحقيبة، أخرجت جهاز لوحي، عرضت خريطة ثلاثية الأبعاد. "لدينا ثلاث فرق أخرى في الطريق. واحدة من الشمال، واحدة من الشرق، وواحدة بحرية. سيصلون خلال عشرين دقيقة. لكننا لا نستطيع الانتظار. يجب أن ننزل الآن."سيليا هارت نظرت إلى السماء. "والطائرات الأخرى؟""قادمة. لكنها لن تهبط هنا. ستُسقط إمدادات وتغطي الجو. نحن على الأرض."ليو تشنغ أخرج جهازاً صغيراً، ضغط زراً. باب معدني في الأرض انفتح ببطء، يكشف عن سلم حلزوني ينزل إلى الظلام. "هذا المدخل السري. يؤدي مباشرة إلى المستوى الثالث. لكن من هناك، أنتم وحدكم."كريس أومأ، رفع بندقيته. "جيد. سنأخذه."جيل نظرت إلى المليارديرات. "وأنتم؟""نبقى هنا. نراقب. إذا فشلتم، نفعّل الخطة B."كلير رفعت حاجباً. "وهي؟""نفجر المدينة بأكملها."صمت ثقيل. ريبيكا أغلقت الحقيبة. "لن نفشل."بدأوا بالنزول، خطوة بخطوة، الظلام يبتلعهم. ليو تشنغ رفع صوته من الأعلى. "إذا وجدتم ليون، أحيوه مني. كان دائماً الأفضل."كريس لم يرد. فقط استمر في النزول.في الأعلى، المليارديرات وقفوا صامتين، ينظرون إلى السماء. صوت مروحيات أخرى بدأ يقترب، أضواء حمراء تومض في الدخان. المدينة كانت على وشك أن تُحسم، والجميع يعرف أن هذه الليلة لن تنتهي إلا بنار أو دم.