116 - مليوداس مع بليك ضد كابتن مارفل

خرج بليك من الشقة أولاً، يمسك بمقبض الباب بقوة حتى ابيضت مفاصله، ثم التفت إلى الداخل وقال بصوت هادئ لكنه حاد:

«الآن، قبل أن يحاصروا المبنى». تبعه مونو بخطى سريعة، تحمل حقيبة صغيرة على كتفها، وهي تنظر إلى الجدران كأنها تودع ذكريات لم تكن تريد أن تحتفظ بها. نيرو كان يغلق الباب خلفه بهدوء مفرط، كأنه يخشى أن يوقظ شبحاً، بينما بانر يتفقد الممر من النافذة الصغيرة في الدرج، يهمس: «لا أرى أحداً بعد، لكن السيارات بدأت تتحرك في الشارع الرئيسي». أما ني يان فكان يسير في المؤخرة، يحمل جهازاً إلكترونياً صغيراً يصدر صوتاً خافتاً، وهو يقول: «تم تأكيد الإشارة، اكتشفوا الموقع قبل عشر دقائق بالضبط، ليس لدينا وقت للعودة إلى أي شيء». نزلوا الدرج بسرعة منظمة، أقدامهم تلامس الدرجات دون صوت،

والهواء البارد في الممر يحمل رائحة الغبار والرطوبة القديمة. بليك أشار بيده إلى الخارج وقال: «سنخرج من الباب الخلفي، ثم نتوجه إلى النقطة الثانية، لا توقف، لا كلام إلا إذا لزم الأمر». فتح الباب الخلفي بحذر، وانسابوا إلى الزقاق الضيق تحت ضوء مصباح واحد يومض، والظلام يبتلع خطواتهم واحدة تلو الأخرى.

في قلب الجبل، حيث يقطع الصمت صوت قطرات الماء المتساقطة من سقف كهف طبيعي، كان الثمانية يجلسون حول طاولة منحوتة من صخر البازلت، مضاءة بمصابيح LED باردة تُلقي ظلالاً حادة على وجوههم. ليو تشنغ، الرئيس، جلس في كرسيه المتحرك عند رأس الطاولة، يداه المشلولتان ترتاحان على ذراعي الكرسي كأنهما يمسكان بزمام العالم، عيناه الرماديتان مثبتتان على الشاشة الضخمة المثبتة في جدار الصخر.انطفأت الشاشة بعد عرض التقرير الأخير: أنڨالو، الرجل الضخم ذو الندبة على خده الأيسر، ملقى على وجهه في بركة من دمه داخل مستودع مهجور، جولين مكبلة بجانبه، عيناها مفتوحتان على وسعهما، أباكيو معلق من كاحليه، جسده يتأرجح كثمرة ناضجة سقطت قبل أوانها، وآنا، شعرها الأشقر مبعثر على الأرضية الخرسانية، وجهها مغطى بقناع أكسجين مكسور.سيليا هارت، التي تبني إمبراطوريتها على الذكاء الاصطناعي، رفعت حاجبها وقالت بهدوء:

«خسرنا أربعة عملاء رئيسيين في أقل من ساعتين». صوتها كان كصوت آلة دقيقة، لا ارتجاف فيه.فيكتور راموس، صاحب ناطحات السحاب التي تخترق السماء، ضرب بقبضته على الطاولة فتردد صداه في الكهف، وقال: «بليك مرة أخرى. هذا الاسم يطاردنا كلعنة لا تُفك».زارا خان، التي ترتدي ثوباً أسود مطرزاً بالذهب، أدارت خاتمها الياقوتي وقالت: «لكن الخبر الأسوأ هو ني بان». أشارت إلى جهاز لوحي أمامها، وظهر تسجيل ني بان في غرفة تحقيق، وجهه شاحب، يعترف: «سلمتُهم الموقع... لأنني أردتُ حماية أختي... لم أكن أعلم أنهم سيقتلون الجميع».إيثان كروز، الذي يتحكم في آبار النفط والطاقة الشمسية، قال بصوت خشن: «أخته لا تزال رهينة لدينا في الزنزانة الشرقية».ليليان وونغ،

صاحبة معامل الأدوية التي تنتج أدوية السرطان والأوبئة، أضافت: «يجب أن يدفع الثمن».ديفيد أوكوي، الذي يملك أساطيل الشحن العملاقة، أومأ وقال: «أريد أن يُعذَّب أمام أخيه... ببطء».هيلينا روسو، التي تبيع لوحات بملايين الدولارات، ابتسمت ابتسامة باردة وقالت: «سأحضر الأدوات بنفسي».لوكاس بيرغ، عبقري البرمجيات، فتح جهازاً محمولاً وقال: «سأبث الجلسة مباشرة إلى ني بان. عالية الدقة».ليو تشنغ رفع يده ببطء، وصمت الجميع فوراً، ثم قال بصوت كأنه يخرج من بئر عميق: «ابدأوا. لكن احتفظوا به حياً. أريد أن يسمع صراخها حتى ينهار». أشار إلى الباب الحديدي في نهاية الكهف، وتحرك الجميع كظلال منظمة نحو الزنزانة.في الزقاق البعيد، كان بليك يقود الفريق بخطى سريعة، يدور في ذهنه الخبر الذي تلقاه للتو: أخت ني بان الآن في أيدي الثمانية. التفت إلى ني يان وقال: «إذا أرادوا اللعب بهذه الطريقة، سنحرق الجبل فوق رؤوسهم». لم يكن في صوته غضب، بل وعد.

في قلب الجبل، حيث يتردد صدى خطوات الثمانية على أرضية الصخر الرطب، توقف ليو تشنغ فجأة، رفع يده اليمنى ببطء، وأشار إلى الشاشة الجانبية المثبتة في جدار الكهف. ظهرت عليها صورة حية من كاميرا خارجية: طائرة حربية سوداء اللون، تحمل علامات الولايات المتحدة، تحوم فوق الوادي المحيط بالجبل، ثم تهبط ببطء على منصة صخرية محصنة. أبوابها الجانبية انفتحت، وخرج منها صفوف من الجنود، أسلحتهم جاهزة، علم أمريكا يرفرف على أكتافهم.في مقدمة الجنود، خرج رجل مسن، يرتدي زياً عسكرياً مموهاً بالأخضر والأزرق الداكن، قبعته تحمل أربع نجوم ذهبية، شاربه الأبيض الكثيف يغطي شفته العليا، عيناه محاطتان بظلال القبعة كأنهما فوهتا مدفع.

كان الجنرال روس.خلفه، خطت امرأة بشعر أشقر مموج يتمايل مع الريح، ترتدي زياً أزرق داكناً في الجزء العلوي والبنطال، مع كتفين وأكمام علوية حمراء، نجمة ذهبية كبيرة بثمانية رؤوس بارزة على صدرها، حزام أحمر يشد خصرها. كانت كابتن مارفل. يداها تتوهجان بضوء برتقالي وذهبي ساطع، كأنها تحمل شمساً صغيرة في كفيها.بجانبها، رجل طويل، شعره الداكن يصل إلى كتفيه، يرتدي سترة جلدية سوداء مبطنة وسروالاً داكناً، ذراعه اليسرى فضية لامعة، كمامة سوداء تغطي فمه وأنفه، بندقية هجومية في يده اليمنى. كان باكي، جندي الشتاء.توقف الجنرال روس أمام الثمانية، رفع يده تحية عسكرية سريعة، ثم قال بصوت جهوري يملأ الكهف: «سيدي ليو، سيداتي سادتي، وصلنا بناءً على طلبكم الطارئ. القوات جاهزة، الأقمار الصناعية ترصد كل حركة في دائرة خمسين كيلومتراً. بليك الآن في أحياء المدينة الجنوبية، حي الأنقاض، يتنقل بين المباني المهجورة».ليو تشنغ أومأ برأسه ببطء، ثم قال: «مرحباً بكم في عريننا، جنرال. لقد خسرنا أربعة عملاء، وخاننا أحد رجالنا. نحتاج إلى إنهاء هذا الأمر الآن».كابتن مارفل خطت خطوة إلى الأمام، ضوء يديها يتلاشى تدريجياً، وقالت بصوت واضح ومصمم:

«تلقينا الإحداثيات. بليك وفريقه يتحركون في أحياء المدينة، يستخدمون الأنفاق القديمة تحت حي الأنقاض. لن يفلتوا هذه المرة».باكي أشار بذراعه المعدنية إلى خريطة ثلاثية الأبعاد ظهرت على شاشة محمولة، خطوط حمراء تشير إلى شبكة الأنفاق تحت المدينة، وقال بصوت مكتوم: «أعرف هذه الأحياء. دخلتُها قبل عشر سنوات. هناك ثلاثة مخارج رئيسية، سنغلقها جميعاً».سيليا هارت اقتربت من الخريطة، أصابعها تتحرك على الشاشة، وقالت: «لديهم تشويش إلكتروني قوي، لكنني أستطيع اختراقه خلال دقائق. لوكاس، ساعدني».لوكاس بيرغ أومأ، فتح جهازه المحمول، وأصابعه تتحرك بسرعة على لوحة المفاتيح، وقال: «أرسل إشارة تشويش مضادة الآن. سأعطل أجهزتهم لمدة عشر دقائق على الأقل. كاميرات المراقبة في حي الأنقاض تُظهرهم الآن، يتحركون باتجاه المخرج الجنوبي».فيكتور راموس التفت إلى الجنرال روس وقال: «ماذا عن أخت ني بان؟

هل لا تزال في الزنزانة؟»الجنرال روس أشار إلى جندي خلفه، فجاء الجندي بحقيبة سوداء، فتحها، وأخرج جهازاً صغيراً يصدر صوتاً خافتاً، وقال: «هذا جهاز بث مباشر. سنبدأ الجلسة الآن. ني بان سيتلقى الإشارة في غرفة التحقيق».زارا خان ابتسمت ابتسامة خفيفة، وقالت: «سأختار الأ tools بنفسي. لا أريد أن يموت بسرعة».إيثان كروز أضاف: «أريد أن يسمع صوتها قبل أن يفقد الوعي. ثم نستخدمه كطعم لبليك في أحياء المدينة».ليليان وونغ فتحت حقيبة طبية صغيرة، أخرجت أمبولة شفافة، وقالت: «هذا دواء يطيل الألم دون قتل. سأحقنه بنفسي».ديفيد أوكوي وقف بجانب الباب الحديدي، وقال: «سأحضرها إلى غرفة الاستجواب الرئيسية. كاميرات عالية الدقة، صوت محيطي».هيلينا روسو أمسكت بسكين صغير مزخرف بأحجار كريمة، وقالت: «سأبدأ بالوجه. لا أريد أن يفقد جماله بسرعة».الجنرال روس رفع صوته وقال: «لكن دعوني أوضح شيئاً واحداً: هدفي الوحيد هو القبض على عالم. بليك قد يكون مشكلتكم، لكن العالم هو تهديد عالمي. إذا أردتم مساعدتنا، سنساعدكم.

لكن العالم أولويتي».كابتن مارفل رفعت يدها، ضوء برتقالي يتجمع حول أصابعها، وقالت: «العالم لن يفلته. لقد دمر ثلاثة مفاعلات نووية في العام الماضي. سنأخذه حياً إذا أمكن، ميتاً إذا لزم الأمر».باكي أخيراً تكلم، صوته خافت ومكتوم من خلف الكمامة: «أعرف بليك. كنتُ مثله. لن يستسلم. لكنني أعرف نقاط ضعفه. في أحياء المدينة، يعتمد على السرعة والظلال. سنضيء الشوارع كالنهار».ليو تشنغ أشار إلى الجميع، وقال: «حسناً. سنبدأ بالأخت. ثم نرسل الإشارة إلى ني بان. ثم نتحرك للقبض على بليك والعالم معاً في أحياء المدينة. لا مجال للخطأ».تحرك الجميع كآلة واحدة. الجنرال روس أعطى أوامر سريعة لجنوده، فانتشر الجنود في الممرات، أسلحتهم جاهزة. كابتن مارفل طارت قليلاً فوق الأرض، ضوءها يضيء الجدران. باكي توجه إلى غرفة التحكم، ذراعه المعدنية تفتح الأبواب الحديدية بسهولة.في الزنزانة، كانت أخت ني بان مكبلة إلى كرسي معدني،

عيناها مغمضتان، جسدها يرتجف من البرد. سمعت صوت الباب ينفتح، ثم خطوات ثقيلة. فتحت عينيها ببطء، ورأت الثمانية، ثم الجنرال روس، ثم كابتن مارفل، ثم باكي.لم تتكلم. لكن دمعة واحدة انزلقت على خدها.في أحياء المدينة الجنوبية، حي الأنقاض، كان بليك يقود الفريق عبر شارع مهجور، أنقاض المباني تحيط بهم من كل جانب، الريح تحمل رائحة الغبار والحديد الصدئ. ني يان يحمل جهازاً يصدر إنذارات حمراء، مونو تنظر إلى الخلف بقلق، نيرو يحمل حقيبة أسلحة، بانر يتفقد الخريطة.فجأة، توقف بليك. رفع يده. قال بصوت منخفض: «توقفوا. أسمع شيئاً».كان صوت طائرة حربية بعيدة. ثم صوت آخر. صوت بكاء امرأة ينبعث من جهاز ني يان.كان بثاً مباشراً.كانت أخت ني بان.بدأت الجلسة.

ففي أعماق الجبل، انفتح الباب الحديدي للزنزانة بصوت يشبه صرير عظام قديمة، ودخلت المجموعة كظلال متشابكة. أخت ني بان، واسمها لين، كانت مكبلة إلى كرسي معدني بارد، ذراعاها مربوطتان خلف ظهرها بحبال خشنة تقطع الجلد، رأسها مائل إلى الأمام، شعرها الأسود الطويل يتدلى كستار ممزق يخفي وجهها الشاحب. عيناها، عندما رفعت رأسها ببطء، كانتا مفتوحتين على وسعهما، ليست خوفاً، بل تحدياً صامتاً.ليو تشنغ أشار بيده اليمنى، وتقدم ديفيد أوكوي، يمسك بذراع لين ويرفعها قليلاً حتى يصطدم ظهرها بالكرسي بقوة، فانبعث صوت أنين خافت من حلقها. ليليان وونغ فتحت حقيبتها الطبية، أخرجت أمبولة شفافة تحتوي على سائل أزرق لامع، وإبرة طويلة رفيعة، وقالت بهدوء: «هذا سيجعل كل لمسة تشبه النار، لكنه لن يقتلها. ستبقى واعية طوال الوقت».هيلينا روسو اقتربت، سكينها المزخرف يلمع تحت الضوء البارد، ووضعت طرفه على خد لين، رسمت خطاً رفيعاً من الدم يتساقط كدمعة حمراء، وقالت: «ابدئي بالكاميرا. أريد أن يرى ني بان كل شيء».لوكاس بيرغ ضغط زراً على جهازه، فانطلق البث المباشر عبر قناة مشفرة، يصل مباشرة إلى جهاز ني يان في أحياء المدينة.

في حي الأنقاض، تحت ضوء مصباح شارع مكسور يومض كل ثانيتين، توقف الفريق فجأة. صوت بكاء لين انبعث من جهاز ني يان، ثم صورة واضحة: وجهها، الدم يسيل على خدها، عيناها تبحثان عن شيء في الفراغ، ثم صوت ليليان: «قلي لأخيك أن يستسلم، أو سنبدأ بالأصابع».ني يان تجمد للحظة، ثم انفجر. عيناه احمرتا، يداه ترتجفان، صرخ بصوت يمزق الصمت: «لين! سأقتلهم! سأمزقهم بيدي!» اندفع إلى الأمام، يركض نحو الشارع المظلم، لكن بليك أمسك بذراعه بقوة، يجذبه إلى الخلف حتى سقط ني يان على ركبتيه.«توقف!» قال بليك بصوت حاد كالسكين، يمسك ني يان من كتفيه، يهزه بقوة: «انظر إليّ! إن ذهبت الآن، ستموت، وستقتلها معك! اسمعني جيداً!»ني يان كان يتنفس بسرعة، صدره يعلو ويهبط، دموع الغضب تتساقط على خديه، لكنه لم يتحرك. مونو اقتربت، وضعت يدها على كتفه، وقالت بهدوء: «بليك محق. إنها فخ».نيرو وبانر وقفا خلفهما، ينظران إلى الجهاز، الصورة لا تزال مستمرة: الآن كانت زارا خان تمسك بذراع لين، تقطع شريطاً من ملابسها ببطء، وتقول: «كل دقيقة تتأخرون فيها، سنقطع قطعة منها».بليك أغلق الجهاز بقوة، الصوت انقطع، لكن صورة لين محفورة في ذهن الجميع

في الطابق الثمانين من ناطحة سحاب زجاجية تطل على أفق المدينة كأنها إصبع يشير إلى السماء، استيقظ أكيهيكو فجأة. كان جسده يغرق في سرير طبي أبيض، أنابيب شفافة تخرج من ذراعه اليمنى، شاشات صغيرة تُصدر أصواتاً منتظمة كضربات قلب آلية. رفع رأسه ببطء، يشعر بألم خافت في صدره، لكنه لم يكن الألم الحاد الذي تذكره من معركة غيلثاندر. كانت جروحه، تلك الندوب العميقة التي مزقت لحمه قبل أيام، مغلقة تماماً، الجلد ناعماً كأنه لم يُمس.نظر حوله. الغرفة بيضاء بالكامل، جدران زجاجية تكشف عن المدينة تحتها كلوحة مضاءة بأضواء النيون، لا أثر للدم، لا أثر للألم، لا أثر للموت الذي كان ينتظره.انفتح الباب بهدوء، ودخلت امرأة. شعرها الأسود الطويل منسدل على كتفيها كالحرير، جزء منه مرفوع بعيداً عن وجهها البيضاوي الحاد، عيناها الزمرديتان تنظران إليه بهدوء لا يخلو من قوة، قميصها الأبيض بياقة رسمية،

فوقها جاكيت رمادي فاتح، خطواتها ثابتة كأن الأرض ملكها.خلفها، رجل طويل نحيف، شعره البني الداكن مصفف بدقة، نظارته السوداء الرفيعة تعكس ضوء الشاشات، يحمل بين يديه مجموعة من الدمى الصغيرة ذوات الشعر الأبيض والوجوه الطفولية، كأنها دمى من عالم آخر.توقف أكيهيكو، جسده يتوتر، يده تبحث عن سلاح لم يكن موجوداً.المرأة اقتربت خطوة، رفعت يدها بهدوء.الرجل خلفها أومأ، وضع الدمى على طاولة جانبية بحذر.أكيهيكو نظر إلى ذراعه، إلى الجلد النظيف، ثم إلى الشاشات التي تظهر نبضه مستقراً، ثم عاد إليهما.المرأة ابتسمت ابتسامة خفيفة، أول مرة يظهر فيها شيء يشبه الدفء.توقف أكيهيكو. لم يتحرك. لم يتكلم. لكن في قلبه، بدأت آلة الحرب تعمل من جديد.

أكيهيكو أغمض عينيه للحظة، يستمع إلى نبض قلبه المنتظم على الشاشة، ثم فتحهما ببطء. نظر إلى المرأة، ثم إلى الرجل، ثم إلى الدمى الصغيرة على الطاولة، كأنها رموز لأرواح مفقودة. رفع يده اليمنى، فصل الأنابيب عن ذراعه بحركة واحدة حاسمة، دون ألم، ثم قام من السرير، قدماه تلامسان الأرض الباردة بثبات. أومأ برأسه مرة واحدة، قائلاً بصوت منخفض لكنه قاطع: «سأساعدكما. ليس من أجلكما، بل من أجل المدينة. ومن أجل بليك».المرأة ابتسمت ابتسامة أعمق هذه المرة، عيناها تلمعان بوميض أمل، بينما الرجل أخرج جهازاً لوحياً صغيراً وبدأ يدون إحداثيات.فجأة، انفتح الباب مرة أخرى بقوة، ودخل رجل قصير القامة، شعره الأشقر المموج يتمايل مع خطواته السريعة، عيناه الخضراوان مليئتان بالعزم، يرتدي معطفاً أسود طويلاً فوق قميص أبيض مفتوح، يحمل في يده اليمنى كاتانا ملفوفة بقماش أحمر. كان ميليوداس.توقف أمام أكيهيكو، نظر إليه من أعلى إلى أسفل، ثم ابتسم ابتسامة واسعة كأن الشمس دخلت الغرفة. مد يده،

وضع الكاتانا في يد أكيهيكو، وقال بصوت مرح لكنه جاد: «تبدو بخير، يا صديقي. هذه لك. لم أستطع الانتظار أكثر».أكيهيكو أمسك بالكاتانا، شعر بثقلها المألوف، فك القماش، والنصل يلمع كأنه يتذكر دماء المعارك السابقة. أومأ لميليوداس بامتنان صامت.ميليوداس التفت إلى الباب، خطواته تتسارع بالفعل، وقال دون أن ينظر خلفه: «لا أستطيع البقاء. اليزابيث في خطر، وأنا لن أنتظر حتى تتعافى تماماً. سنلتقي في ساحة المعركة». ثم اختفى في الممر، صوته يتردد كصدى: «لا تمت قبل أن نلتقي!».أكيهيكو شد قبضته على الكاتانا، نظر إلى المرأة والرجل، وقال: «الآن، أخبروني بالخطة».

في أعماق المختبر المدمر، حيث تناثرت أنابيب الزجاج المكسور كأنها جليد محطم، وتعلقت الأسلاك الكهربائية من السقف كأفعى ميتة، سار ليون بخطى حذرة. الدخان لا يزال يتصاعد من الأرضيات المحترقة، ورائحة المعدن المذاب تملأ الهواء. كان يبحث عن أكيهيكو، يناديه بين الحين والآخر بصوت منخفض، لكن الصدى وحده يرد.تحت كومة من الحطام المعدني، تحرك شيء. ليون اقترب بسرعة، رفع لوحاً حديدياً ثقيلاً بيديه، ووجد ينجو، الفتى الصغير، ملقى على بطنه، ذراعه اليسرى مكسورة، وجهه مغطى بالغبار. كان يتنفس بصعوبة، لكنه حي.. ليون حمله بين ذراعيه، وضعه على كتفه كأنه كيس ريش، ثم استمر في البحث.فجأة، اهتز السقف. صوت جناحين هائلين يضربان الهواء كالرعد. ظهر Popokarimu من الظلام، وحش خفاشي عملاق، جناحاه الممزقان يمتدان لعشرة أمتار، عيناه حمراء كالجمر، أنيابه تخرج من فمه كسيوف منحنية. هبط أمام ليون، صراخه يهز الجدران المتبقية.ليون لم يتردد. ألقى ينجو خلف حاجز من الحديد، ثم أخرج من جيبه قنبلة يدوية صغيرة، شد الدبوس بأسنانه، ورماها نحو الوحش. انفجرت القنبلة أمام وجه Popokarimu، فتطاير الدخان والشظايا،

لكن الوحش لم يتوقف. ضرب بجناحه الأيمن، فانشقت الأرض، وطار ليون إلى الخلف، يصطدم بجدار.قام ليون بسرعة، أخرج قنبلتين أخريين، ربطهما معاً بشريط لاصق، ورمى بهما نحو فم الوحش المفتوح. انفجرتا داخل حلقه، فخرج صوت هدير ألم، وتساقط الدم الأسود على الأرض. لكن Popokarimu لم يمت. طار عالياً، ثم انقض على ليون كالصاعقة.ليون تدحرج جانباً، أخرج قنبلة دخانية، رماها أرضاً، فامتلأ المكان بدخان كثيف. استغل اللحظة، تسلق عموداً معدنياً مكسوراً، وصل إلى السقف، أخرج قنبلة حارقة، أشعلها، ورماها على ظهر الوحش. انفجرت النار على جناحيه، فاحترق الغشاء، وصراخ الوحش أصبح كالرعد.لكن Popokarimu لم يستسلم. ضرب بذيله، فتحطم العمود، وسقط ليون. في اللحظة التي كان الوحش سيهبط عليه، أخرج ليون قنبلة كهرومغناطيسية، شد الدبوس، ودفعها في فم الوحش المفتوح. انفجرت، فتشنج جسد Popok fondly، عيناه تنطفئان، ثم سقط على الأرض بثقل جبل، يهز المختبر بأكمله.ليون قام، يتنفس بصعوبة، ينظر إلى الوحش الميت، ثم إلى ينجو الذي بدأ يتحرك. حمل الفتى مرة أخرى، وخرج من المختبر المدمر، تاركاً خلفه النار والدخان. لم يجد أكيهيكو.

لكن Popokarimu لم يستسلم. قفز مرة أخيرة، ذيله المشتعل يضرب الأرض كمطرقة نارية، يرسل موجة صدمة تجعل ليون يفقد توازنه، يسقط من العمود، يتدحرج على الأرض المليئة بالشظايا والدم الأسود الساخن. الوحش انقض نحوه، أنيابه مفتوحة، لسانه يمدّ ليبتلعه حياً، لكن ليون أخرج قنبلة كهرومغناطيسية من جيبه الأخير – EMP مصممة لتعطيل الطفيليات الكهربائية داخل الوحوش – شد الدبوس بأسنانه، ودفعها بكل قوته داخل فم الوحش المفتوح أثناء الانقضاض.انفجرت القنبلة داخل رأسه في لحظة واحدة، شرارة كهربائية زرقاء هائلة تنطلق من فمه كبرق صاعق، عيناه الحمراوان تتفجران في انفجار صغير من الدم والشرر، الجناحان يتشنجان بعنف كأنهما يصارعان تياراً كهربائياً، الجسم بأكمله يرتجف كآلة معطلة، الطفيلي في ذيله ينفجر في سلسلة من الانفجارات الصغيرة كألعاب نارية سوداء، ثم ينهار الوحش بثقل جبلي هائل، يهز المختبر بأكمله، دمه الأسود يتسرب كبحيرة سامة،

الجسم يتفكك تدريجياً إلى كتلة من اللحم الميت والعظام المكسورة والغشاء المحترق، الدخان يتصاعد من جثته كشهادة على النصر النهائي.ليون قام ببطء، يتنفس بصعوبة كبيرة، يمسح الدم والعرق والرماد من جبينه، ينظر إلى الوحش الميت تماماً، ثم إلى ينجو الذي بدأ يتحرك ببطء. حمل الفتى مرة أخرى على كتفه، وخرج من المختبر المدمر تدريجياً، تاركاً خلفه النار والدخان وا

لجثة الهائلة المهزومة إلى الأبد. لم يجد أكيهيكو. لكن المعركة انتهت، وليون انتصر.

خرج ليون من فوهة المختبر المدمر كأن الأرض نفسها تبصقه، خطواته تتعثر على الحجارة المتفجرة والحديد الملتوي، ينجو معلق على كتفه كحقيبة حية، ذراعه المكسورة تتمايل مع كل خطوة. الهواء خارج المبنى كان بارداً، يحمل رائحة البارود والمطر القادم، والسماء فوق المدينة سوداء كأن ليلاً دائماً قد ابتلع الشمس. لم يتوقف. بدأ يجري، أقدامه تضرب الأرض المتصدعة، يتجاوز السيارات المحترقة، الجثث المبعثرة، الجدران المنهارة، الدم يسيل من جرح في ساقه اليمنى، لكنه لم يشعر به. كان يجري، يجري، يجري، عبر الأزقة الضيقة، عبر الشوارع المقفرة، عبر الجسور المتهالكة، حتى وصل إلى أطراف المدينة، حيث يبدأ The Bund، ذلك الشريط اللامع على ضفاف النهر، الذي كان يوماً قلب التجارة والأنوار، والآن أصبح ساحة حرب.النهر كان أسود، يعكس أضواء المباني المحترقة كمرآة مكسورة، والأسواق التي كانت تمتلئ بالباعة والسياح تحولت إلى متاهة من الأكشاك المقلوبة،

البضائع المتناثرة، الدماء المتجمدة. لكن الصمت لم يدم. من بين الظلال، بدأت المخلوقات تظهر. أولاً كانت أصواتاً، خطوات خفيفة، أنفاس ثقيلة، ثم أجساداً. مجيني، تلك الكائنات الطفيلية السريعة، ذات الأجسام الرمادية المنحنية، الأطراف الطويلة المفصلية، العيون الصفراء المتوهجة، خرجت من تحت الأكشاك، من خلف السيارات، من داخل المباني المظلمة. كانت عشرات، مئات، تنتشر كالنمل الأسود على جثة.ليون أنزل ينجو خلف سيارة محترقة، أخرج مسدسه، أطلق ثلاث رصاصات في الهواء ليجذب الانتباه، ثم بدأ يتحرك. الأول جاء من اليمين، يقفز كالقرد، مخالبها تقطع الهواء. ليون انحنى، أطلق رصاصة في ركبتها، ثم سكيناً في رقبتها. الثاني من الخلف، يتسلل كالظل. ليون استدار، ركل وجهه، ثم أطلق رصاصتين في صدره. الثالث، الرابع، الخامس، كانوا يأتون كالموج، يصرخون بأصوات حادة كالزجاج المكسور. ليون كان يتحرك كآلة، يطلق، يركل، يطعن، يدور، يتفادى، الدم الأخضر يرش وجهه، يديه، ملابسه.لكنه لم يكن وحده. من وسط السوق، ارتفع صوت هدير أرضي، كأن جبلاً يمشي. Ndesu، العملاق، ظهر من بين المباني، جسده الضخم يبلغ عشرة أمتار، عضلاته منتفخة كالصخور،

ذراعاه كأعمدة حديدية، رأسه صغير نسبياً لكن فمه مفتوح يكشف عن أسنان كالمناجل. كان يحمل في يده اليمنى شاحنة صغيرة، يستخدمها كمطرقة، يضرب بها الأرض، يحطم الأكشاك، يرسل المجيني الصغار يطيرون كأوراق.ليون رأى الشاحنة الكبيرة، تلك الشاحنة العسكرية المهجورة في منتصف الشارع، مدفعها الثقيل لا يزال مثبتاً على السطح. لم يفكر مرتين. ركض نحوها، يتفادى مخالب مجيني، يقفز فوق جثة، يتسلق الشاحنة، يفتح الباب، يجد المفتاح لا يزال فيه. شغل المحرك، صوت هدير قوي يملأ المكان. Ndesu التفت، رأى الشاحنة، رفع الشاحنة الصغيرة ليرميها.ليون ضغط على دواسة الوقود، الشاحنة تقفز إلى الأمام، يدير المدفع بسرعة، يصوب. Ndesu رمى الشاحنة الصغيرة، لكن ليون انحنى، الشاحنة الصغيرة تحطم الزجاج الأمامي، لكن المدفع لا يزال سليماً. أطلق. القذيفة الأولى ضربت صدر Ndesu، فتحت حفرة كبيرة، دم أسود يتفجر. العملاق تراجع خطوة، لكنه لم يسقط. رفع ذراعه، ضرب الأرض، موجة صدمة جعلت الشاحنة ترتج.ليون أطلق الثانية، الثالثة، الرابعة، كل قذيفة تضرب نقطة مختلفة، الساق، الذراع، الرقبة. Ndesu بدأ يترنح، يصرخ، يحاول الاقتراب، لكن الشاحنة كانت أسرع. ليون دار حول العملاق، يطلق باستمرار،

حتى نفدت القذائف. Ndesu لا يزال واقفاً، لكنه الآن مليء بالثقوب، الدم يتسرب كالأنهار. ليون قفز من الشاحنة، أمسك بقنبلة يدوية أخيرة، ركض نحو العملاق، تسلق ساقه المصابة، وصل إلى صدره، دس القنبلة في الحفرة الكبيرة، شد الدبوس، قفز.الانفجار كان هائلاً. Ndesu انفجر من الداخل، أشلاؤه تتطاير في كل اتجاه، الرأس يطير، الذراعان تسقطان، الجسم ينهار كبرج من ورق. ليون هبط على الأرض، يتدحرج، يقوم، ينظر إلى الجثة الهائلة. المجيني توقفت للحظة، ثم بدأت تهرب، تصرخ، تختفي في الظلال.ليون عاد إلى ينجو، حمله مرة أخرى، واستمر في السير. النهر لا يزال أسود، لكن الأنوار بدأت تعود، ببطء، كأن المدينة تتنفس من جديد.

من بين الظلال، خطتان اثنتان خرجتا، امرأة شابة ذات شعر بني قصير مربوط، ترتدي معطفاً أزرق STARS ممزقاً، حقيبة طبية على كتفها، عيناها الخضراوان الواسعتان مليئتان بالقلق والإصرار، وجهها البيضاوي يعكس براءة مختلطة بصلابة السنين. كانت ريبيكا تشامبرز. بجانبها، امرأة أقوى بنية، شعر بني قصير، ترتدي بلوزة زرقاء مفتوحة فوق قميص أبيض، بنطال أسود عملي، حقيبة على ظهرها مليئة بالأدوات، عيناها الحادتان تجتاحان المكان، وجهها الجاد يعكس سنوات من المعارك. كانت جيل فالنتاين.«ليون!» صاحت ريبيكا، تركض نحوه، تتفحص ينجو بسرعة، تضع حقيبتها على الأرض، تخرج لفافة ضمادات.جيل وقفت أمامه، مسدسها جاهز، ثم ابتسمت ابتسامة عريضة نادرة: «ما زلتَ على قيد الحياة، يا مبتدئ. تلقينا إشارتك الاستغاثة قبل ساعة. جئنا».ليون أنزل ينجو بلطف، يمسح عرقه، وقال بصوت مجهد لكنه مطمئن: «ريبيكا... جيل... لم أتوقع رؤيتكما هنا. المدينة مليئة بالوحوش. أمبريلا مرة أخرى».ريبيكا عالجت ذراع ينجو بسرعة، ربطت الكسر بعصا مؤقتة، ثم رفعت رأسها:

«نحن نعرف. STARS هنا لإيقافهم. لقد عملنا معاً في راكون، سنعمل معاً هنا».جيل أمسكت بذراع ليون، فحصت الجرح: «أنت مصاب. لكنك ما زلتَ تقاتل كالمعتاد. دعنا نتحالف. الوحوش تنتشر، لكن معاً، سنوقفهم».ليون أومأ، يمسك مسدسه بقوة أكبر: «معاً. كما في الماضي».بدأ الثلاثة يتحركون كوحدة واحدة، خطواتهم متناغمة، أسلحتهم جاهزة، يتقدمون نحو قلب The Bund، حيث كانت المخلوقات تجتمع أكثر، النهر يغلي بالتهديد، والمدينة تنتظرهم. التحالف القديم عاد، أقوى

من أي وقت مضى

كانت رائحة البارود واللحم المحروق لا تزال تتطاير في الهواء الملبد بالدخان فوق "ذا بوند"، حيث انهار العملاق Ndesu تاركًا خلفه فجوة سوداء في طريق الإسفلت. وقفت جيل فالنتاين، بندقيتها الهجومية متدلية، تنظر إلى جثة الوحش ببرود عملاني اعتادت عليه منذ زمن "راكُون سيتي". إلى جوارها، كانت ريبيكا تشامبرز تضع اللمسات الأخيرة على ضمادة صغيرة حول ذراع ليون سكوت كينيدي، بينما كان ينجو الصغير نائمًا بأمان على ظهر ليون ملفوفًا بقطعة قماش.

"قنابل كهرومغناطيسية؟ لا تزال تبتكر طرقًا جديدة للقضاء على هذه المخلوقات، ليون." قالت جيل بصوتها الهادئ والواثق.

هزّ ليون كتفه، يُثبّت ينجو برفق. "الابتكار هو الشيء الوحيد الذي يُبقينا على قيد الحياة يا جيل. ويسكر لم يكن ليرضى بنفس الترسانة القديمة."

نظرت ريبيكا إلى جيل بجدية. "الأمر لم يعد يتعلق بأمبريلا فقط. هذه الكائنات أكثر تطورًا بكثير من فيروس T. هذا مزيج من T و Plagas. رأيت نمطًا غير عادي في تحلل خلايا Ndesu. إنه يتوافق مع بحثي عن تحورات الجيل الرابع التي كانت تعمل عليها TRICELL."

تراجع ليون خطوتين نحو شاحنة عسكرية مهجورة، يفتح بابها. "TRICELL. هذا هو الاسم الذي يجب أن نبحث عنه. هذه الكائنات انتشرت بسرعة غير منطقية في شنغهاي. من الواضح أن هناك نقطة انتشار رئيسية. أمبريلا كانت في أوروبا وأمريكا، لكن TRICELL هي القوة الصاعدة في الشرق."

سألت جيل وهي تفتح خريطة رقمية على جهازها اللوحي. "هل لديك أي فكرة عن الموقع؟"

أشار ليون إلى مدخل أحد الأقبية القريبة الذي كان يستخدم كمخزن مهجور على ضفة النهر. "عندما كنت أبحث عن أكيهيكو، صادفت شحنات غريبة وعلامات مُموهة. ليست علامات أمبريلا، بل شعار ثلاثي الأذرع، يرمز إلى شركة التراي سيل." ثم مدّ ليون يده داخل القبو وأخرج صندوقًا معدنيًا صغيرًا، كان مغلقًا بختم إلكتروني.

قامت ريبيكا بفتح الصندوق باستخدام جهاز فك تشفير صغير. في الداخل، كانت هناك بطاقة هوية بلاستيكية تحمل صورة امرأة فاتنة ذات مظهر بارد.

"أكسيلا جيوني. مديرة TRICELL الإقليمية في إفريقيا و... آسيا. هذا توقيع ويسكر عليها." قرأت جيل، وعيناها تتسعان قليلاً. "هذا يؤكد أسوأ مخاوفنا. ويسكر في شنغهاي. لا يمكن أن يكون مجرد اجتماع عمل. إنه يخطط لشيء على نطاق عالمي."

"بالنظر إلى الأنقاض، يبدو أنه قد بدأ بالفعل." قال ليون بمرارة. "هذه البطاقة تدلنا على محطتهم الرئيسية في الميناء. من المحتمل أن يكونوا قد نقلوا مركز قيادتهم مؤقتًا إلى سفينة شحن كبيرة أو محطة حاويات."

أغلقت جيل جهازها. "إذًا، الميناء هو وجهتنا. يجب أن نصل قبل أن يتمكن ويسكر من نشر المزيد من الطفيليات. سنستخدم القنوات الجوفية قدر الإمكان. يجب أن نُحافظ على عنصر المفاجأة

[منظور بابادوك]

كان الطريق الملتوي عبر المدينة المدمرة يبدو كأنه نهر من الإسمنت المكسور. كنت أسير في المقدمة، أُشعل مصباحي اليدوي الصغير وسط الظلام الذي ابتلع معظم شوارع شنغهاي بعد انهيار التيار الكهربائي. كانت الأجواء ثقيلة، يمزجها الغبار برائحة الموت والصدأ، وعلى الرغم من برودة الجو، كنت أتعرق بغزارة. كان إحساسي بالجوع يزداد حدة، لكن الهدف كان أوضح وأقرب: يجب أن يصل فيرتشايلد إلى منزله، إلى آلة الكتابة، وإلى ما تبقى من عائلته.

خلفي، كان ماركو يخطو بخطوات واثقة، يتجنب الأنقاض بلياقة لا تتناسب مع ضخامته. كان يمسك بحقيبة الظهر الجلدية القديمة التي لم يتركها منذ أن التقينا. وعلى كتف فيرتشايلد النحيل، كان "قط الكذب" ينام، يلف ذيله حول رقبة الكاتب وكأنه طوق من الفراء. أما فيرتشايلد، فقد كان يُسند نفسه على عصا مشقوقة، يبدو عليه التعب الذهني أكثر من الجسدي، لكن عيونه كانت تحمل إصراراً صامتاً.

"هذه اللعنة لا تنتهي أبداً." تمتمت، ألكم بعصاي حجرًا يسد الممر. "يجب أن يكون منزل فيرتشايلد في نهاية العالم حرفيًا ليتطلب كل هذا العناء والوقت."

توقف ماركو للحظة، ينظر إلى المباني المنهارة التي أصبحت هياكل عظمية سوداء تخدش السماء. "الأمر كله يدور حول الوقت يا بابادوك. هم يظنون أن لديهم كل الوقت. ونحن نعلم أنه ينفد منا."

ثم تابع ماركو سيره، وبدأ صوته ينخفض إلى نبرة أكثر حميمية، كأنه يحدّث نفسه أكثر مما يحدّثنا. "حرب. ليست حربكم هذه مع الوحوش فحسب، بل حربنا نحن أيضاً. نحن، قوم الشجرة، كنا هنا قبل أن يولد هذا العالم الحديث، نعيش في تناغم مع الأرض... حتى جاءوا. الـ لاندفول."

رفعت حاجبيّ، مهتمًا بحديثه الذي لم يقطعه قبلاً. "الـ لاندفول؟ هل هو اسم لشعب آخر؟"

"هو اسم لا يُطلق إلا على الطغاة." أجاب ماركو، وعيناه تحملان نظرة بعيدة. "لقد وصلوا إلى هذا الكوكب منذ زمن بعيد، حاملين معهم فكرة السيطرة. الأرض تدعمهم، تمنحهم القوة والازدهار على حساب أي كائن آخر لا يشبههم. لقد حاصرونا، حبسونا في أماكن ضيقة، محاولين تجويعنا حتى نبيعهم سراً وجودنا وبذورنا... بذور شجرتنا العظيمة التي يمكن أن تُحيي أو تُميت أي شيء."

تنهد ماركو بعمق، وكأنه يزفر آلاف السنين من المعاناة. "لم يكتفوا بطردنا. لقد سعوا لتجريدنا من أهم شيء: عائلاتنا. زوجتي... وابنتي الرضيعة. هما بعيدتان عني الآن، محبوسَتان في مكان لا أعرف عنه شيئًا. كانت زوجتي تخبرني دائماً أنني سأصل إليهما يوماً ما، وأنني سأجد الطريق حتى لو سُدت كل السبل أمامي."

ألقيت نظرة سريعة على فيرتشايلد، الذي كان يستمع إليه بصمت مطلق، وعيناه لا تزالان ثابتتين على الهدف أمامه.

أكمل ماركو بحدة، يضغط على أسنانها. "لقد خضعت لمطاردتهم وتهديداتهم لفترة طويلة. لكنني لن أتحمل أكثر. لا يمكنهم أن يبيعونا أو يحبسونا. يجب أن أصل إليهما، مهما كلف الأمر. حتى لو كان عليّ أن أقاتل كل لاندفول وكل رجل يحمل سلاحاً على وجه هذه الأرض. أنا آتٍ، وأعلم أنهما تنتظرانني." كانت كلمات ماركو بسيطة، لكنها كانت محملة بوزن العزيمة التي لا تُقهر.

"ستصل إليهما." قلت له بيقين. "لكن الآن، علينا أن نصل إلى آلة فيرتشايلد. لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكنه أن يُنهي فوضى وحوش سلابي التي تُهدد المدينة بأسرها. وربما... تكون نهاية هذه الفوضى هي مفتاحك للوصول إلى عائلتك."

"إنها فرصتنا الوحيدة لإنهاء هذه الحماقة." نطق فيرتشايلد أخيرًا، صوته المنهك يرتفع قليلاً فوق ضجيج الانفجارات البعيدة التي بدأت تُسمع من جهة حي الأنقاض. "يجب أن نُسرع. الضوء في تلك المنطقة يخبرني أن الحرب الحقيقية قد بدأت."

وبينما كنا نتابع سيرنا، تسبقنا رائحة البارود، بدأ قط الكذب على كتف فيرتشايلد يتحرك قليلاً، يفتح عينًا واحدة، يحدق في ماركو، ثم يغمضها من جديد، كأنه يدرك وزن الحقيقة في قلب الكلمات التي قيلت للتو. كنا جميعاً في سباق مع الزمن، نسعى لإنقاذ أنفسنا ومن نحب من مصائر خططت لها قوى أكبر منا بكثير.

أدركتنا حرارة اللحظة دون سابق إنذار. كنا نتقدم بصمت، بالكاد تُسمع أصوات خطواتنا على الحصى، حتى انفجرت الأرض أمامنا.

كنت أسير في المقدمة، لكن ماركو كان أول من تفاعل. صاح بصرخة مكتومة محذراً قبل أن يتراجع خطوة واحدة فقط. ثم ارتفع ذلك الشيء من فجوة عميقة في الإسمنت، كتلة خضراء داكنة عملاقة من الأوراق الكثيفة والكروم الشوكية. كانت رائحة الأرض الرطبة والمادة العضوية المتحللة تضرب أنوفنا بقوة، ممزوجة برائحة حادة تشبه رائحة الدم الطازج.

"هذا هو إي. فيل كريبر!" صرخ فيرتشايلد، وهو يضغط على كتفه بيده المرتعشة، يُبعد قط الكذب الذي تشنج فجأة على عنقه. "نباتات آكلة للحوم، ظهرت في كتاب أنت غذاء النبات! إنها حساسة للحرارة والحركة، و... وتتغذى على اللحم الحي!"

تجسد الرعب في شكل أربعة رؤوس ضخمة، كل منها نسخة مطورة ومرعبة من مصيدة فينوس؛ فكوك خضراء كبيرة مبطنة بأسنان بيضاء حادة كالخناجر، تتلوى على سيقان سميكة ومرنة. كانت تلك الفكوك تفتح وتغلق في الهواء ببطء مهدد، وتُصدر صوت طقطقة مزعج. وفي الوقت نفسه، انطلقت عشرات المخالب، التي كانت في الأصل كرومًا نباتية سميكة، نحو ماركو و فيرتشايلد مثل سياط حية.

"تراجعوا! هذا عملي!" صاح ماركو بصوت هادر، يتأهب للدفاع.

لكنني كنت الأقرب إلى الوحش. شعرت بالغضب يرتفع في داخلي، غضب الجوع المستمر وغضب الإحباط من كل هذه الوحوش التي لا تتركنا نخطو خطوة واحدة بسلام. سحبت عصاي الخشبية الضخمة من الأرض، وتحولت عيناي إلى نقطتين متوهجتين من اللون الأحمر القاني.

"لا، يا ماركو! هذا مخلوق خرج من كتاب، وهذا يعني أنه ملكي!" صرخت، وأطلقت عصاي في الهواء.

لم يكن لدي متسع من الوقت لاستخدام المظلة. عندما وصلت الكروم السميكة إلى منتصف المسافة بيننا، انطلقت بسرعة جنونية، تتشبث بأي شيء يمكنها الإمساك به. قفزت إلى الأمام بخفة لم يكن يتوقعها مني أحد، متفاديًا فكاً عملاقاً كاد أن يلتهم ذراعي. لم أكن أملك سوى قوتي الهائلة التي تزداد كلما غضبت.

دفعت يدي في صدر النبات الضخم، مستهدفًا النقطة التي يخرج منها من الأرض. كانت الألياف النباتية صلبة كالخشب، لكن قوة اندفاعي كانت أكبر. أصدر النبات صوتاً يشبه صرير الفروع التي تتكسر، بينما انكسر ظهر العصا الخشبية في يدي.

"إلى هنا!" صرخت، محاولاً جذب انتباه الوحش بعيدًا عن ماركو وفيرتشايلد.

نجحت خطتي. تحولت رؤوس مصيدة فينوس الأربعة نحوي، تفتح أفواهها الحادة في انتظار وليمة اللحم الطازج. انطلقت مخالبها بسرعة أكبر هذه المرة، محاولة تثبيتي. تراجعت إلى الخلف، أستخدم عصاي المكسورة كدرع، ثم رميت بنفسي على الأرض متدحرجاً تحت وابل من الكروم الشوكية التي ضربت الإسمنت أمامي بقوة.

في تلك اللحظة، تدخل ماركو. أطلق ماركو نصلًا حادًا من يده، وكان النصل يتوهج بطاقة خضراء خفيفة. اخترق النصل سمك أحد المخالب التي كانت متجهة نحو فيرتشايلد، مُحدثاً صوتاً مزعجاً قبل أن ينقطع المخلب المتضرر ويسقط أرضاً، يتلوى كالثعبان المقطوع.

صرخ فيرتشايلد في ذهول: "نقطة ضعفه هي جذوره! يجب أن تقطعوا اتصاله بالأرض!"

"أنا أعمل على ذلك!" أجبت وأنا أنهض بسرعة، أستغل اللحظة التي انشغل فيها النبات بالدفاع عن نفسه ضد هجوم ماركو. ركضت نحو الجذع الرئيسي، حيث كانت الأوراق الأكثر كثافة. دفعت بقوة هائلة لأسفل، متجاهلاً الآلام في عضلاتي.

كان النبات يدافع عن جذوره ببسالة، تحولت الكروم كلها نحوي، تحيط بي كأنها شبكة، تقطع جلدي بسلاسة. كان فم مصيدة فينوس العملاق يغلق عليّ. شعرت بالفزع والقرف، لكن لم يكن هناك وقت للتفكير. جمعت كل قوة يدي اليمنى ووجهت لكمة قاضية نحو مركز الجذع، في النقطة التي كان ينبعث منها العفن والدمار.

انفجرت اللكمة، مُصدرة صوت فرقعة مروّع. أصدر النبات صوت صرخة حادة، أشبه بصوت بوق معدني مكسور. تكسر الجذع، وانسحبت رؤوس مصائد فينوس فجأة، تتلوى في الهواء قبل أن تسقط أرضاً بلا حراك. توقف نبض الحركة في الأغصان، وتحول اللون الأخضر الداكن إلى لون بني رمادي يشي بالذبول والموت السريع.

سقطت على ركبتي، أتنفس بصعوبة. كان الدم يسيل من جروحي، لكن الإحساس بالانتصار غمرني للحظات.

"نجونا." همس ماركو، وهو يمسح العرق عن جبينه، يضع نصله في جيبه.

تقدم فيرتشايلد نحوي بحذر. "لقد قاتلت ببراعة مدهشة يا بابادوك. يبدو أنك لست مجرد ظل يتبع بليك."

لم أستطع الرد. فجأة، ودون سابق إنذار، ظهر توهج ناري قوي خلف ماركو. كان التوهج مصحوبًا بحرارة هائلة جعلت الهواء من حولنا يتأرجح. ارتفعت شعلة عملاقة من اللهب الأصفر والأحمر، تضيء الأنقاض من حولنا كما لو كان نهاراً.

التفتنا جميعًا نحو مصدر هذا الضوء المشع، وشاهدنا شخصية رهيبة تقف هناك: هيكل عظمي يرتدي سترة جلدية مشتعلة، ورأسه جمجمة مشتعلة، يمسك بسلسلة ضخمة ملتهبة. كان الـ غوست رايدر قد وصل.

"هذا هو الشبح الراكب." قال فيرتشايلد، صوته المرتعش يختلط بالذهول والرعب. "أحد أعداء الماضي الذين لم أكتب عنهم قط."

التقطت أنفاسي بسرعة، وأدركت أن القتال مع النبات كان مجرد إحماء لما سيأتي. كان هذا الرجل الناري ينظر إلينا، والشر يتدفق من عينيه اللتين تشبهان الحمم البركانية.

"ماذا تريد منا؟" سألت، محاولاً الوقوف باس

تقامة رغم الألم.

رد غوست رايدر بصوت أجش وعميق، كأنه صادر من بئر مظلمة. "أبحث... عن الأشرار. ورائحة خطاياكم... قوية جداً."

وكانت عيناه، وهما عبارة عن شعلتين لاهبتين، تُحدقان بي مباشرة. كانت رائحة الكبريت والاحتراق تُخنق الهواء، ورغم قوة ماركو، شعرتُ بالرعب يتسلل إلى عظامي. لم يكن هذا الخطر بيولوجيًا أو تكنولوجيًا؛ كان هذا شيئًا قادمًا من أعماق الجحيم.

"أبحث... عن الأشرار. ورائحة خطاياكم... قوية جداً." كرر الشبح الراكب، وبدأ يرفع السلسلة الضخمة المشتعلة في يده.

كانت كلمات فيرتشايلد تتردد في ذهني: "حساس للخطايا والندم". لم أكن أعرف ما هي خطيئة ماركو، ولا خطيئة فيرتشايلد، لكن خطاياي أنا كانت شيئًا أعيش به كل يوم.

"نحن لسنا أشرارًا! نحن فقط نحاول النجاة! دعنا وشأننا!" صرخت، وأطلقت عصاي المكسورة نحو وجهه. كانت حركة يائسة.

لم يُظهر الشبح الراكب أي رد فعل. ضربت العصا جمجمته المشتعلة واختفت في اللهب دون أن تترك أثرًا. وفي لحظة خاطفة، اختفت المسافة بيننا. كانت يده العظمية، التي تُحيط بها الهالة النارية، تمتد نحوي. لم يكن يريد القتال، بل كان يريد أن يلمسني.

دفعتُ نفسي إلى الخلف، مُدركًا أن لمسة واحدة من يده تعني النهاية. كنت أتمتع بقوة جسدية هائلة، لكني شعرت أمام هذا الكائن بأنني لا أملك سوى قوة ورقة تتأرجح في مهب الريح. كان جسدي يرتجف، ليس خوفًا، بل لأنه كان يمتص كل قوة ممكنة لمقاومة سحب الجاذبية التي يخلقها الشبح الراكب بقوة نيرانه.

"الندم." نطق بصوت أجش، وكأن الكلمة تخرج من قبر قديم. "يجب أن تشعر بالندم... على ما فعلته."

في تلك اللحظة، شعرْتُ بأن شعلة من النار الباردة اخترقت دماغي. لمسة واحدة من الشبح لم تكن ضرورية. كان وجوده نفسه كافياً لاستدعاء أسوأ كوابيسي.

شاهدتُ المشهد يتجسد أمامي: طفل صغير، شعره أشقر، يبتسم في وجهي بحب. كان هذا المشهد يلاحقني دائمًا، ضبابًا أخشى أن يتبدد. لم يكن طفلي، ولا أعرف من هو، لكن عيناه كانت تُشعراني بالذنب العميق الذي لا يُغتفر. ضغطتُ على عينيَّ بألم، متشبثًا بالواقع.

"ابتعد!" صرخت، وأطلقت دفعة هائلة من القوة. أدت الدفعة إلى خلق موجة صدمة صغيرة حطمت النوافذ المتبقية في المباني القريبة، لكنها لم تفعل شيئًا سوى دفع الشبح الراكب إلى الوراء بضع خطوات. كان قوياً بشكل شيطاني.

في تلك اللحظة الحرجة، تدخل ماركو.

"فيرتشايلد! اذهب! سأمنحه ما يبحث عنه!" صاح ماركو، يمد يده نحو الكاتب.

كان فيرتشايلد يحمل آلة الكتابة الحديدية الضخمة بيديه المرتجفتين. كانت الآلة ثقيلة وتصدر طنيناً خافتاً. أومأ الكاتب برأسه، ثم ركض بأقصى سرعة ممكنة عبر الأنقاض، وقط الكذب يتدلى على كتفه، نحو الظلام.

انطلق ماركو نحو الشبح الراكب كقذيفة. كان ماركو يعلم أنه لا يمكنه التغلب على هذا الكائن بقوته المعتادة، لذا استخدم نصلًا آخر متوهجًا بالطاقة الخضراء. صرخ ماركو: "هذه الروح ملكي! أنا من يدفع ثمن خطاياها!"

اصطدم النصل الأخضر بالسلسلة النارية. كان الصوت كصوت التقاء المعدن بالصخر، وتبع ذلك ضوء ساطع أعمى عينيَّ للحظات. كانت تلك اللحظة هي كل ما احتجته.

انتفضتُ على قدمي، وأدركتُ أن البقاء يعني الموت. ركضتُ بأقصى قوة ممكنة نحو الاتجاه الذي سلكه فيرتشايلد، متجاهلاً الآلام في جسدي ورؤى الندم المشتعلة في ذهني. كان عليّ أن أُغادر، أو أن أجد نفسي أمام حكم إلهي لا يرحم.

كانت خطواتي سريعة، وأنا أسمع صوت المعركة الطاحنة خلفي بين ماركو و الشبح الراكب، صوتاً أشبه بزئير وحش يصارع الشياطين. كان القتال قد بدأ للتو، وقدرنا جميعاً يعتمد على صمود ماركو في تلك اللحظة.

"سأعود، ماركو! سأعود من أجلك!" تمتمت، أضغط على جروحي، بينما يبتلعني الظلام مجدداً.

استمريت في الركض بأقصى سرعتي، وكانت كل خطوة أخطوها بعيدة عن مصدر اللهب خلفي تمنحني شعوراً زائفاً بالأمان. كان صوت اصطدام نصل ماركو الأخضر بالسلسلة النارية لـ الشبح الراكب يتضاءل تدريجياً، لكنني كنت أعلم أن ماركو لن يستطيع الصمود طويلاً أمام هذه القوة الشيطانية الساحقة. لم يكن هذا قتالاً يمكن الفوز به؛ كانت مجرد محاولة يائسة لكسب الوقت.

فجأة، توقفت. لم يكن الأمر قراراً، بل كان دافعاً لا يقاوم.

في كومة من الأنقاض والركام على يساري، سمعتُ صوتاً خافتاً، صوت بكاء يائس. لم يكن بكاء وحش، بل بكاء طفل. تجمد الدم في عروقي. اللحظة التي اختفت فيها رؤية الطفل الأشقر من عقلي، ظهر صوت طفل حقيقي يصارع الحياة.

تراجعت خطوة إلى الوراء، متجاهلاً نداء العقل الذي يلح بالفرار. لم أستطع تركه. اندفعتُ نحو الأنقاض، أستخدم كل ما تبقى من قوتي لدفع كتل الإسمنت الضخمة بعيدًا. كان الركام ينهار فوقي، لكنني لم أهتم. كانت يداي تلتقطان كل قطعة، تبعدانها عن مصدر الصوت.

وأخيراً، رأيتها. كانت فتاة صغيرة، في الرابعة أو الخامسة من عمرها، ترتدي فستاناً ممزقاً، مُنحشرة بين لوحين مائلين. كانت تبكي بصمت، والذعر يملأ عينيها الواسعتين. مددتُ يدي نحوها، وتراجعت هي خوفاً من هيئتي المرعبة، لكن صوتي كان هادئاً بشكل غير مسبوق.

"لا تخافي. سأُخرجك." قلت لها.

سحبتُ اللوح الأخير، وحملتها برفق بين ذراعيَّ. كانت خفيفة كالعصفور، لكنها كانت تتشبث بي بكل قوتها.

في تلك اللحظة، توقف ضجيج القتال خلفي فجأة. ساد صمت مطبق.

التفتُّ ببطء، وكنت أتوقع أن أجد الشبح الراكب على بعد خطوة واحدة مني، جاهزاً لمعاقبتي. لكن ما رأيته كان ماركو يقف، مُرهقاً، والنصل الأخضر في يده ينطفئ. وأمامه، كان الشبح الراكب يقف صامتاً، جمجمته المشتعلة تُحدق بنا.

ومع ذلك، لم تكن الشعلتان في عينيه تنضحان بالتهديد. كانتا تراقبان الفتاة في ذراعي.

تحرك الشبح الراكب ببطء، وهو ينظر إلى الفتاة وكيف كانت تتشبث بي. استمر في التحديق لثوانٍ بدت كأنها الأبد، ثم بدأ لهب رأسه يتقلص ببطء مدهش. بدأت النيران تنسحب، والنور يتراجع، لتكشف عن وجه إنسان عادي، شاب ذي ملامح حزينة، وكان الألم يعتصر تعابيره. لقد عاد إلى شكله البشري.

"توقف." نطق الشبح الراكب، أو بالأحرى الرجل الآن، بصوت كان أهدأ بكثير من هدير الجحيم السابق. "أنتم... لستم أشراراً بالكامل."

وضع ماركو نصله جانباً، واقترب مني بحذر. كان وجهه مغطى بالغبار. "لقد أرسلوك إلينا، أليس كذلك؟" سأله ماركو.

أومأ الرجل برأسه. "أنا جوني بليز. جئت بناءً على إشارة. المليارديرات... هؤلاء القادة الذين يحكمون من الجبل... هم من أرسلوني. قالوا إنكم عصابة شريرة تدمّر المدينة لأهدافكم الشخصية، وأنكم مُلطخون بدماء الأبرياء."

تقدمتُ نحوه، والفتاة لا تزال بين ذراعي. "هل ترى هذا؟" سألته، مشيراً إلى الفتاة. "هذه المدينة تنهار بسببهم وبسبب وحوشهم. نحن نُقاتل لإنقاذها. بليك، القائد الذي نبحث عنه، يُقاتلهم أيضاً. كان هدفنا هو الوصول إلى مكان آمن للكاتب فيرتشايلد قبل أن يموت الجميع."

شرح ماركو بسرعة عن آلة الكتابة، وعن الوحوش، وعن التهديد الحقيقي لويسكر وTRICELL، وعن مطاردة الجنرال روس لهم جميعاً.

استمع جوني بليز بصمت، وعيناه تنظران إلى الفتاة ثم إليّ. "لقد ضللوني. لقد استغلوا قوتي ليخدموا أجندتهم الخاصة." هزّ رأسه بمرارة. "إذا كان الأمر كذلك... إذا كنتم تقاتلون من أجل شيء جيد... فإن قوتي في خدمة العدالة. أنا معكم."

"سنحتاج قوتك يا جوني." قلت له، ثم نظرت إلى الفتاة. "علينا أولاً أن نجد شخصاً يعتني بهذه الصغيرة."

أومأ ماركو برأسه. نظرنا جميعاً نحو المكان الذي اختفى فيه فيرتشايلد، حاملًا آلة الكتابة نحو منزله. كان علينا اللحاق به الآن، ومعنا قو

ة جديدة وقوة ضاربة لا يمكن لشيء أن يوقفها. كانت الجبهة قد اتسعت للتو

منظور ليون ]

كانت رائحة الميناء خليطًا كريهًا من مياه آسنة وزيت محترق وملح بحر قديم، تزيد من كآبة المشهد العام في شنغهاي. وقف ليون كينيدي، يحيط به فريق STARS/BSAA: جيل فالنتاين، كريس ريدفيلد، وريبيكا تشامبرز. العرق يتصبب من جباههم رغم برودة الفجر المضروبة بالرماد، بعد أن تتبعوا إشارة جهاز تتبع بسيط زرعته ريبيكا في سترته. لقد كان وراء كل الفوضى: إيرفينج، المساعد الأبله للمليارديرات، الذي كان يُستغل ككبش فداء.

«هذه سفينة TRICELL،» همس ليون، ناظرًا إلى الحاملة العملاقة التي ترسو في الظلام، ترفع شعار الشركة التي خلفت أمبريلا في تجارة الأسلحة البيولوجية. «لا بد أنه اختبأ فيها. أي تحرّك داخل السفينة الآن يعني أننا نواجه أكثر من مجرد إيرفينج.»

أومأت جيل برأسها، تجهز مسدسها الهجومي «ساموراي إيدج». «هذا صحيح. لكنه الهدف المباشر. لن يجرؤ ويسكر على الاقتراب من هنا قبل أن يضمن إخفاء كل أدلة التمويل.»

«فلنذهب، لكن بحذر،» قال كريس بنبرة قائد، يشد على البندقية الآلية في يده. «ريبيكا، ابقي على جهاز الاتصال، وحاولي إيجاد مخططات السفينة. قد نحتاج إلى قنابل غاز إذا كانت الحاويات مليئة بالزومبي.»

تحرك الفريق كظلال، ليون وجيل في المقدمة، وكريس يغطي مؤخرتهم. دخلوا السفينة عبر فتحة شحن مهجورة، حيث كان الضوء خافتًا والأصوات معدومة تقريبًا، باستثناء طنين المولدات البعيد. كانت الممرات الضيقة مغطاة بالصدأ، والجو ثقيل برائحة كيماويات مألوفة تقشعر لها الأبدان.

توقفوا أمام غرفة التحكم الرئيسية. كانت الأبواب الفولاذية مغلقة بإحكام. استخدمت جيل جهازًا إلكترونيًا لفتح القفل في ثوانٍ. داخل الغرفة، كانت الشاشات مطفأة، ورائحة التبغ قوية. وجدوا إيرفينج جالسًا خلف الكونسول، رأسه بين يديه، يبكي.

«أيها الغبي،» صرخ كريس، موجهًا بندقيته نحوه. «ما الذي تفعله هنا؟ أين المليارديرات؟»

رفع إيرفينج رأسه. كانت عيناه حمراوين وممتلئتين بالخوف، لكن ليس خوفًا من البندقية. بل خوفًا حقيقيًا.

«لقد كذبوا عليّ،» قال بصوت خافت يرتعش. «كل الوعود كذب. وعدوني بالخلود، بالمال، وبالسلطة... لكنهم فقط يريدون التخلص مني ككبش فداء. ويسكر... هو من أمر بتصفيّتي. ويسكر ينتقم من الجميع.»

«أين هو ويسكر؟» سأل ليون بهدوء.

«لا أستطيع أن أخبركم. سيكتشف… سيعلم…» كان يرتجف بشدة، يزيح شعره المدهون عن جبينه. ثم فجأة، تحول إلى جنون هستيري.

«لكنني لن أكون كبش فداء! أنا لست دمية صغيرة! سأصبح أقوى منكم جميعًا! سأبني عالمي الخاص!» صرخ إيرفينج، قبل أن يسحب حقنة كبيرة من جيب سترته ويغرسها في عنقه.

شاهد الفريق المنظر بصدمة. تحوّل إيرفينج بدأ فورًا. بدأ جلده يتحول إلى لون أزرق رمادي شاحب، وتضخمت عضلاته بشكل مرعب، وتمزقت ملابسه. لكن التحول لم يتوقف عند الحجم. بدأ جسده يكتسب خصائص بحرية. نمت زعانف سميكة على ظهره، وتشوه وجهه ليصبح مزيجًا من قرد وشيطان البحر. كان تحولًا وحشيًا غير مكتمل، يائسًا، وفظيعًا.

صرخ إيرفينج/الوحش هديرًا هزّ غرفة التحكم. كان هذا هو وحش بلاغاس، النتاج النهائي لفيروسات TRICELL.

«تراجعوا! هذا تحول كامل!» صاح كريس، مبعدًا جيل.

انقض الوحش، ذراعه تتحول إلى أداة سحق عملاقة. أطلق ليون وجيل النار بكثافة، لكن الرصاص لم يكن يفعل شيئًا يذكر ضد كتلة العضلات الزرقاء المتضخمة. الوحش دفع كريس نحو الحائط الفولاذي بقوة هائلة، مما أفقد كريس الوعي للحظات.

«ليون! استخدم نظام السفينة!» صرخت جيل وهي تتفادى مخلبًا ضخمًا.

ركض ليون نحو وحدة تحكم عسكرية موضوعة على الجانب الآخر من الغرفة. كانت الوحدة موصولة بمدافع السفينة الرئيسية. بدأ يضغط على الأزرار بعنف، متجاهلاً صراخ الوحش الذي كان يطارد جيل.

«تعال إليّ أيها القذر! أنت تريد القوة؟ سأريك القوة!» صرخ ليون.

تحول الوحش نحوه، عيناه الحمراوان تشتعلان. في تلك اللحظة، تحركت فوهة المدفع الرئيسية للسفينة المثبتة في الخارج.

دووووووووم!

انفجرت قذيفة واحدة خارقة للدروع داخل غرفة التحكم. أصابت القذيفة كتف الوحش مباشرة، ممزقة إياها بالكامل ومطلقة سحابة من الدماء الزرقاء اللزجة. انهار الوحش على الأرض، يصرخ ألمًا وبؤسًا، محاولًا التجدد، لكن الضرر كان كارثيًا.

«أنا آسف… لم يكن قصدي…» همس الوحش بصوت إيرفينج الأخير، قبل أن يتوقف عن الحركة تمامًا، تاركًا جسده المشوه يتشح برائحة الفيروس والموت.

أطلق ليون تنهيدة طويلة من الإرهاق، وأسقط السلاح.

«علينا أن نخرج من هنا. ربما سُمع صوت المدفع في كل شنغهاي،» قال ليون، بينما كانت جيل تتفقد كريس المصاب.

«بإمكانكم أن تجدوا ويسكر في الكهوف تحت بودونغ،» قال الوحش الميت فجأة، صوته يتردد وكأنه آخر همسة قبل الأبد. نظر الفريق نحو الوحش. كانت عيناه تتوهجان بلون أصفر خافت للحظات، قبل أن تنطفئ مجددًا.

«ماذا؟» همست جيل.

«الكهوف تحت بودونغ…» كرر ليون العبارة، مشيرًا إلى أن وحش بلاغاس كان يشارك الضحية معلوماته الأخيرة قبل الموت، كما لو كانت روح إيرفينج تقاوم ويسكر حتى النهاية.

«ولديكم الحقيبة…» قال إيرفينج بصوته الميت للمرة الأخيرة.

نظر كريس، الذي بدأ يستعيد وعيه، إلى زاوية الغرفة. هناك، تحت إحدى الشاشات، كانت حقيبة جلدية فاخرة تحمل شعارًا مموهًا.

فتحها ليون بحذر. كانت مليئة بالزجاجات الصغيرة الشفافة. لم تكن فيروسات، بل حقن.

«ما هذا؟» سألت جيل.

أخذت ريبيكا الحقيبة وبدأت في فحص العينات فورًا. عيناها، المدربتان جيدًا، اتسعت بصدمة. «إنها ليست فايروسات… إنها PG67A/W. تركيبة مضادة. جرعة زائدة من هذا تسبب ضعفًا عضليًا وتثبيطًا للجهاز العصبي... هذا هو الشيء الوحيد الذي نعرفه والذي يمكن أن يضعف ويسكر لدرجة القتل.»

«إيرفينج كان يجمعها كخطة احتياطية للانتقام من ويسكر،» استنتج ليون. «إنه مصيدة. لكنها تحتوي على مفتاح النصر.»

نهض كريس بصعوبة، يمسح الدم عن جبينه. «إذًا، لدينا هدفان: ويسكر تحت بودونغ، ومعه الحقيبة. لا وقت للتفكير، لنذهب.»

بعد ساعة، كانوا في الشوارع المهجورة لحي بودونغ. كان الصمت ثقيلاً، والجو يخلو من أي صوت للحياة باستثناء حفيف أوراق الأشجار الممزقة. في المنطقة الأكثر هدوءًا من بودونغ، وجدوا مبنى قديمًا مهجورًا. كانت هناك علامات واضحة لمرور سيارات وشاحنات ضخمة.

دخلوا المبنى، ووجدوا ممرًا سريًا خلف مصعد قديم. كان يؤدي إلى سلسلة من السلالم الهابطة، رائحتها تشبه رائحة تراب رطب وكبريت قديم. كانت الطاقة الكهربائية تعمل جزئيًا، وتومض الأضواء الحمراء في الممرات الضيقة، وكأن المكان ينبض بالخطر.

«هذه الأنفاق قديمة جدًا، تعود لفترة ما قبل الحرب الباردة. تستخدمها أمبريلا والمليارديرات كمخبأ رئيسي،» قال كريس.

في الممر الرابع، وجدوا علامات قتال طازجة. على الأرض، كانت هناك بقع من الدم الأسود الكثيف الذي ينزف من وحوش سلابي، وبجانبه آثار أقدام عملاقة.

«كان بابادوك وأكيهيكو ونيرو وبليك هنا،» همست جيل، مشيرة إلى بصمة قدم مطابقة لحذاء بليك العسكري. «ولكنهم انقسموا الآن. هناك آثار أقدام لعدة أشخاص يتجهون نحو الجنوب الشرقي، واثنان فقط يتجهان نحو الشمال الغربي. يجب أن يكون ويسكر في المنطقة الأعمق، خلف هذا.»

دخلوا غرفة ضخمة تحولت إلى مشرحة. كانت مليئة بالزومبي الزاحفين، يجرون أنفسهم عبر الأرض نحوهم. قتال صامت ومميت بدأ. ليون استخدم سكين القتال الخاص به لقتلهم بالطعن في الرأس، بينما استخدم كريس قنبلة صوتية لإرباكهم قبل أن يطلق عليهم النار. ريبيكا وجيل عملتا بتناغم لإنهاء القتال بسرعة.

تغلغلوا أعمق. في كل منعطف، كان هناك دليل على المعارك الأخيرة. قاذفات صواريخ فارغة، آثار تعاويذ محروقة، وبقايا وحوش لا تنتمي إلى فيروس تي أو جي، بل إلى مخلوقات مكتبة الرعب.

في أحد الممرات، وجد ليون هيكلًا عظميًا بشريًا مربوطًا بكيس بلاستيكي، موضوعًا على حامل معدني. كانت بقايا بشرية تعرضت لشيء أسوأ من الموت.

«هذه هي تجارب ويسكر النهائية،» قال ليون. «لقد كان يحاول دمج الفيروس بالمانا، وربما كان يستخدمها في صنع الـ ستاندز.»

عند وصولهم إلى قاعة ضخمة تشبه قبة صناعية قديمة، توقفوا. في المنتصف، كانت هناك منصة عملاقة من الفولاذ. وفوقها، يقف رجل يرتدي معطفًا أسود طويلًا، شعره أصفر اللون، وعيناه تختفيان خلف نظارات شمسية داكنة. كان يبتسم ببرود، يحيط به أربعة جنود مجهزين بأحدث الأسلحة وأثقل الدروع.

«أهلاً بكم أيها الأصدقاء القدامى. لقد تأخرتم قليلًا. كنت على وشك الانتهاء من إعداد مكانكم الأخير،» قال ويسكر، يمد يده نحو الحقيبة التي تحملها ريبيكا.

«انتهى أمرك يا ويسكر،» صرخ كريس، يرفع بندقيته. «هذه هي نهايتك، فيروساتك لن تنقذك هذه المرة!»

«أوه، هل تقصد هذه؟» سأل ويسكر، وهو يمد يده إلى جيب سترته ويخرج حقنة أخرى، لكن هذه المرة كانت بلون أحمر غامق.

«لا! لا تفعلها!» صرخ ليون.

«لقد تعلمت من أخطائي القديمة، أيها الحمقى. هذه الجرعة ليست لتقويتي، بل لتجنب الضرر الأولي من الفيروسات المضادة. سأعطي جسدي جرعة منعتكم هذه، لأرى كم هي فعالة،» قال ويسكر بضحكة ساخرة، ثم حقن نفسه.

شعر ويسكر بضعف مفاجئ، لكنه لم يكن كافيًا لإيقافه. كان التحول قد بدأ بالفعل. بدأ جلده يتمزق، عيناه تتوهجان بلون أحمر، وسرعته تتضاعف لتفوق سرعة الصوت.

«الآن، أيها الأبطال. هيا بنا نلعب اللعبة الأخيرة،» قال ويسكر. «من سيموت أولًا؟»

انطلق ويسكر نحوهم بسرعة خاطفة، تاركًا الجنود الأربعة لمواجهة الأبطال. بدأ إطلاق النار، وأزيز الرصاص يملأ القبة، إيذانًا ببدء المعركة الأخيرة التي ستحدد مصير شنغهاي، إن لم يكن العالم. كانت رائحة الموت تملأ الجو، والمصير الآن بين أيدي الأبطال.

[منظور ميليوداس]

كانت مدينة شنغهاي تحترق في الأسفل، مرصوفة بالركام وشاهدة على فوضى مروعة. لكن كل تلك الكارثة لم تكن سوى خلفية باهتة للصراع الذي احتدم بيني وبين كارول دانفرز. كنا نقف على ما تبقى من ناطحة سحاب، شرفة فولاذية مائلة تطل على بحر من الدخان.

لقد اختفى كل شيء آخر من تركيزي، حتى إليزابيث، فجأة لم يعد هناك سوى هذا الكائن الكوني الواقف أمامي، يمثل تحدياً لم أواجهه منذ العصر الإلهي. كانت عيناها تشتعلان بغضب مصقول، والطاقة الكونية تتراقص حول جسدها كشعلة حامية.

«أنتَ لن تغادر هذا المكان، أيها الشيطان،» قالت كارول دانفرز، صوتها الرعدي يهز بقايا البناء. «أنتَ لستَ قوة معروفة، وطاقتكَ المظلمة هي سبب الفوضى. سوف تُحتَوَى هنا والآن.»

«لستُ هنا لأخدم أجندة إلهك أو ملكك،» رددت ببرود، ساحباً سيفي المكسور، Lostvayne. «لكن بما أنكِ مصرة على اللعب بالنار، سأرشدكِ إلى السبب الحقيقي لغضبي.»

كانت كارول هي من بدأت الهجوم هذه المرة. لم يكن اندفاعاً، بل شعاعاً ضوئياً مدمراً انطلق من يدها، طاقة كونية مركزة كانت قادرة على تبخير أي شيء يعترض طريقها.

التقنية المضادة: لم أستخدم Full Counter لصد الضربة فحسب، بل استخدمت Repel (الردع). كانت هذه التقنية هي قلب قوتي الشيطانية الحقيقية، حيث أنها لا تعيد الهجوم بقوة مضاعفة فحسب، بل تعيد صياغة الطاقة نفسها لتصبح أكثر سوداوية ودماراً.

ارتد الشعاع. لكنه لم يرتد كشعاع ذهبي، بل كدخان أسود كثيف ومشع، كـأنَّ الشمس قد ابتلعتها وحشية الظلام.

اصطدمت الطاقة المرتدة بجسد كارول، وتضاعفت قوتها ألف مرة. انفجرت كارول في الهواء، لكنها لم تتأذَّ بشكل كبير. لقد كانت محاطة بحقل من الحماية الكونية الهائلة، لكنني رأيت الوميض في عينيها. لقد شعرت بمدى فداحة قوتي.

«هذا مؤلم،» همست كارول وهي تستقر على قمة هيكل معدني قريب، تستدير نحوي. «لكن الألم لن يوقفني.»

القتال الجسدي الفائق: أدركت أن الطاقة من مسافة لن تجدي نفعاً معها. كان يجب أن أجعلها تقاتل كما يقاتل الشياطين.

اختفيتُ. وفي لمح البصر، كنت خلفها.

Lostvayne انقسم إلى ستة نسخ، جميعها تحوم حولها كأسراب النحل. بدأتُ بسلسلة من الضربات بالقبضات المظلمة والسيف المكسور.

صوت الصدمة: كان صوت قتالنا أشبه بتكسير الألماس. كل لكمة من قبضتي تطلق موجة صدمة، وكل صدّ من درعها الكوني يطلق شرارة تضيء السماء.

تمكنت من توجيه ضربة قوية في عمق ضلوعها. سمعت صوت تكسر ضعيف، وانساب دمها الذهبي على درعها الملون. صرخت كارول، ليس من الألم، بل من الغضب.

رد الفعل الكوني: أطلقت العنان لقوتها الكاملة. تحولت إلى شعلة كونية ضخمة، جسدها مغطى بالنار والنور المطلق. كانت أشبه بنجم ولد فجأة في قلب شنغهاي.

«لقد كفى! سوف أنهيك!» صرخت بصوت مضخم.

تمسكتُ بها. لم أتراجع. يجب أن أستغل لحظة الغضب الكونية هذه لضربها في مقتل.

«أنا أملك وقتاً أطول مما تتصورين،» رددت، ودخلت في وضع التدمير (Assault Mode).

هذه المرة، لم يكن مجرد غضب. كان تحولاً كاملاً إلى الشكل الذي كان يخشاه الآلهة في الماضي. غطت جسدي مادة سوداء لزجة، وظهرت القرون على رأسي، وامتصت عيناي كل نور. أصبحت كتلة من المانا المظلمة النقية.

اندماج القوى: كارول دانفرز، بقمة قوتها الكونية، في مواجهة ميليوداس، بقمة قوته الشيطانية. تصادمان من شأنهما أن يدمر ما تبقى من المدينة.

لكمتني بقبضة مغطاة بالنار الشمسية، وواجهتُها بقبضة مغطاة بالظلام المطلق.

الاصطدام: كان الانفجار أقوى من القذيفة النووية. لم يطلق الانفجار ضوءاً فقط، بل أطلق أيضاً ظلاماً. تداخلت طاقة النور والظلام، مما أحدث دوامة من الفوضى الزمانية والمكانية. انكسر كل شيء حولنا، وذاب المعدن، وتفتت الخرسانة إلى تراب.

عندما تلاشى الدخان، كانت كارول متراجعة للخلف، تحاول أن تتشبث بحافة البناء. درعها كان متصدعاً، ونبضات قلبها الكونية تتباطأ.

أما أنا، فكنت أقف على بعد خطوات منها، جسدي الأسود يتأرجح قليلاً، طاقة الـ Assault Mode بدأت تتراجع مني. لقد استهلك القتال جزءاً هائلاً من المانا، لكنني كنت منتصراً في هذا التبادل الأخير.

«أنتِ قوية،» همستُ، لكن صوتي كان خشناً وحارقاً. «أقوى خصم واجهته في هذا العصر.»

«لكنني ما زلتُ أستطيع…» بدأت كارول، تحاول أن ترفع يدها لتطلق شعاعاً آخر، لكن جسدها كان مرهقاً لدرجة أن الطاقة الكونية لم تعد تتدفق بسلاسة.

«لا،» قلت، متقدماً خطوة واحدة نحوها. «لقد انتهى الأمر. يجب أن أعود إلى بحثي. لا وقت لدي لتلقي الأوامر من جنرال أحمق.»

شعرت بذبذبات المانا الضعيفة تتجه نحو أقصى غرب المدينة، حيث كانت إليزابيث مختبئة. كانت هذه هي الإشارة التي كنت أنتظرها.

نظرت إلى كارول مرة أخيرة. كان على وجهها تعبير من الصدمة والغضب والإنكار. لقد خسرت قتالها.

«سأجدك، أيها الشيطان،» قالت بتهديد خافت.

«بالتأكيد ستفعلين،» رددت بهدوء، ثم اندفعت بسرعة جنونية، مخترقاً الأجواء الملبدة بالدخان نحو الغرب.

تركتُ كارول دانفرز وحدها، نجمة منطفئة مؤقتاً، في قلب الخراب. لقد استهلكتُ كل طاقتي تقريباً، لكن هذا القتال كان هو الثمن. لم أهتم بالدمار الذي سببناه، بل أدركت أن هذا العالم يحتاج إلى قوة شيطانية مثلي ليواجه أبطالاً خارقين بهذا العناد. كانت إليزابيث بانتظاري، وهذا هو الشيء الوحيد الذي يهم.

لقد كنتُ مخطئاً. هذا ما أدركته في اللحظة التي شعرت فيها بذبذبات المانا تتلاشى. لم تكن كارول دانفرز منهكة؛ بل كانت تستدرجني.

في اللحظة التي ظننتُ فيها أنني انتصرت، وشعرتُ بأن الطاقة الكونية حولها تضعف، بدأ جسدها يضيء مرة أخرى. لم يكن توهجاً، بل كان احتراقاً داخلياً. استعادت قوتها الكونية بالكامل، لكن هذه المرة، كانت القوة مختلفة، أكثر بدائية، وأكثر تدميراً.

«هل ظننتَ حقاً أن قوة دنيوية مثل قوة الشياطين يمكنها أن تكسر حاملة الطاقة الكونية؟» سألت كارول، وصوتها لم يعد صوتاً بشرياً، بل ضجيجاً كونياً هائلاً. كانت تقنية سحب الطاقة التي استخدمتها قبل قليل جزءًا من خطتها. لقد سمحت لي بأن أضربها بأقصى قوة لـ Full Counter و Assault Mode، ليس لتتأذى، بل لتمتص هذه القوة وتضيفها إلى مخزونها الكوني.

«ما هذا...؟» تمتمت، والطاقة المظلمة التي تحيط بي تراجعت خوفاً.

كانت عيناها تتوهجان الآن بضوء أبيض نقي، ليس أصفر أو ذهبياً. كانت في وضع القائد (Binary Mode)، متصلة بجوهرها الكوني، بطاقة لا حدود لها.

في تلك اللحظة، ضربتني. لم تكن لكمة جسدية، بل كانت ضربة من موجة قوة كونية نقية.

الانفجار: شعرت وكأن الكون كله قد انهار على صدري. لم تعد قبضتي السوداء قادرة على صدها. تكسرت الدروع المظلمة التي أحاطت بجسدي كقطع الزجاج. تحول شكل Assault Mode مني إلى دخان، وتراجع جسدي إلى هيئته البشرية بسرعة مؤلمة. اندفعتُ نحو الأسفل، مخترقاً سقف المبنى المنهار بضربة واحدة، وأنا أصرخ ألماً لم أشعر به منذ زمن بعيد.

تحطمتُ على الشارع المليء بالركام، تاركاً حفرة ضخمة في الإسفلت. كانت كل عظمة في جسدي تصرخ، والمانا تتدفق مني كنهر جاف.

هبطت كارول ببطء فوق الحفرة، محاطة بهالتها النجمية المتوهجة. كانت تبدو وكأنها إله انتقم لنفسه. لم تكن تحمل أي جرح، وكل الدماء الذهبية التي أريتها إياها اختفت.

«أنا آخذ قوة كل من يقاتلني. لقد كنتَ هدية لي، أيها الشيطان. قوتك السوداء أضافت بعداً جديداً إلى رصيدي،» قالت، عيناها تخترقان الأرض. «الآن، أنتَ ضعيف. لكنني سأمنحك نهاية سريعة.»

«لا... لا أستطيع... أن أموت هكذا،» تمتمت، أحاول أن أجمع بقايا المانا، لكنها كانت تتلاشى أسرع مما أستطيع تجميعها.

الضربة النهائية: رفعت كارول يدها. تشكلت كرة ضوئية بيضاء زرقاء في كفها، طاقة مركزة من نجم كامل.

«هذه هي نهاية عصور الظلام التي تمثلها، أيها الشيطان. لتختفِ،» قالت بصوت يشبه العاصفة الكونية.

أطلقت الكرة الضوئية. كانت تتحرك نحو رأسي بسرعة الضوء، تضيء المدينة المنكوبة بلحظة من الأمل المدمر.

في تلك اللحظة الحاسمة، لم أستطع استخدام Full Counter. لم أستطع أن أقف. لم يتبقَّ لي سوى خيار واحد: الهرب.

ركزتُ المانا المتبقية في جسدي - مجرد بقايا - ووجهتها نحو سيفي Lostvayne المكسور.

«اختفاء!» صرخت، باستخدام قدرة سيفي لتقسيم جسدي إلى نسخ متعددة ضعيفة، جميعها تنطلق في اتجاهات مختلفة.

اصطدمت ضربة كارول القاضية بالنسخة الرئيسية مني التي لم تتحرك، حيث تبخرت النسخة على الفور في سحابة سوداء من الدخان والتراب.

لكن النسخ الأخرى، الهشة والضعيفة، نجحت في التفرق. كانت كلها تحمل جزءاً بسيطاً من جوهري. كان هذا هو أقوى تقنياتي للهرب.

نظرت كارول إلى الأماكن التي تشتتت فيها النسخ. بدا الغضب النقي يملأ عينيها. لقد تغلبت عليَّ بقوة لا يمكنني حتى أن أتخيلها، لكنني نجوت في اللحظة الأخيرة.

«ستبقى مطارداً، أيها الشيطان،» قالت كارول، ثم حلقت عالياً في السماء، لتصبح نقطة ضوء متوهجة قبل أن تختفي تماماً. لم تكن هذه هزيمة فحسب؛ بل كانت سحقاً كاملاً.

أما أنا، فنسخي المتعددة تجمعت ببطء في زقاق مظلم، جسدي يعود إلى شكل واحد، يرتجف من الألم والاستهلاك. شعرتُ بالخزي. لقد هزمتُ، وسُحقتُ، ولم أستطع أن أفعل شيئاً.

«إليزابيث... أنا قادم،» تمتمت، وأنا أشد على قلبي الممزق. لقد أهدرت طاقتي كلها في قتال أسطوري خاسر. الآن، يجب أن أجدها، حتى لو كان جسدي على وشك الانهيار. كانت هذه هي النهاية المؤلمة لأسطورة، وبداية فصل جديد من الضعف والقوة.

كانت الأزقة الخلفية لشنغهاي بمثابة شبكة جافة من الأفاعي، ضيقة، موبوءة بالجرذان، وتفوح منها رائحة التراب القديم والنفايات. كنا نركض، أنا وبقية "فريق الهروب" – نيرو يلهث ببدلته الأنيقة الممزقة، مونو يتنقل بخفة قطة، ني يان يوازن نفسه بصعوبة بسبب جروح سابقة، وبروس بانر، الذي كان يحاول جاهداً أن يكبت الوحش بداخله، يتمتم بكلمات غير مفهومة.

«لا يمكننا أن نستمر هكذا،» تمتمت، وسيف كاتانا خاصتي، الذي استعرته من أحد المرتزقة القتلى، يرتعش في قبضتي. «الزومبي ليسوا المشكلة، بل قوات الجيش الخاصة التي تلاحقنا، والتي لا تتردد في إطلاق النار على رؤوسنا.»

«لا تقلق، لدي خطة،» قال نيرو بصوت خافت، يتطلع نحو السماء المعتمة. «سنصل إلى النفق الثالث، ومن هناك نستطيع الوصول إلى قارب سريع ينتظرنا…»

ولكن قبل أن يكمل جملته، اهتزت الأرض بعنف. لم يكن اهتزازاً ناجماً عن قنبلة أو زلزال، بل كان ارتجاجاً طاقياً هائلاً.

رفعنا رؤوسنا جميعاً نحو السماء. كان المشهد سوريالياً لدرجة الجنون. في قلب السماء المليئة بالدخان، كان هناك تصادم بين كتلتين من الطاقة الخالصة: نور كوني أبيض وأصفر يواجه ظلام لزج وكثيف.

كان الوميض أشبه بولادة نجم وموته في نفس اللحظة.

«ما هذا بحق الجحيم؟» صرخ بانر، وقد تزايدت رعشة جسده بشكل ملحوظ.

«هذه هي القوة الكونية التي تحدث عنها أكيهيكو...» همس مونو، عيناه مثبتتان على مصدر الضوء. «إنها كابتن مارفل. والظلام... هذا الظلام ليس عادياً.»

فجأة، تحرك القتال. انطلقت كتلة الظلام الهائلة بسرعة مذهلة، واخترقت عدة مبانٍ متجاورة، قبل أن ترتطم بالأرض في ميدان خلفي يقع على بعد أمتار منا. تبعتها ومضة الضوء الكوني، التي هبطت ببطء وأناقة في قلب الحفرة.

«إنها ضعيفة! لقد تضررت!» قال نيرو، مستغرباً. «لكنها ما زالت تقف.»

في تلك اللحظة، رأينا "الظلام" ينهض من الحفرة. كان رجلاً قصيراً نسبياً، يرتدي قميصاً أحمر وصديريَّاً أسود. كانت الهالة المظلمة تتراجع عن جسده المنهك، لكن نظرة عينيه الخضراوين كانت تحمل عمراً ودهراً من المعارك. كان يحمل سيفاً مكسوراً.

«لا يمكنني أن أموت هكذا،» تمتم الرجل، ثم تفرق جسده إلى عدة نسخ، جميعها تندفع في اتجاهات متفرقة.

«إنها خدعة هروب قديمة،» قلتُ بنبرة حادة، وأنا أضغط على جرحي الذي كان يؤلمني.

لكن المدهش، أن إحدى تلك النسخ الهاربة، وهي النسخة الرئيسية، اتجهت مباشرة نحونا.

«قف!» صرخت، موجهاً سيفي نحوه.

توقف الرجل فجأة، يحدق فيَّ بتمعن. ثم ابتسم ابتسامة خفيفة لم تصل إلى عينيه المنهكتين.

«أنت بليك، صحيح؟» قال الرجل، صوته هادئ، لكنه يحمل ثقلاً لا يوصف. «لقد حدثني أكيهيكو عنك كثيراً. ميليوداس، قائد الخطايا السبع المميتة، سعيد بلقائك أخيراً.»

تجمدنا جميعاً في مكاننا. ميليوداس. هذا الاسم كان كافياً لتجميد الدم في العروق. لقد كان اسمه جزءاً من الأساطير التي تحدث عنها أكيهيكو باهتمام، الأساطير عن كائنات خالدة وقوى خارج هذا الوجود.

«أكيهيكو؟» سألته ببطء. «ماذا تعرف عن أكيهيكو؟»

«الكثير، أيها الجندي. لكن ليس لدينا وقت،» رد ميليوداس، عيناه تلمعان بحدة. «تلك المرأة، الكونية، لن تستسلم. نحتاج إلى مساعدة. هي أقوى مما تبدو، وقد امتصت للتو قوة جزء كبير من المانا المظلمة التي لدي.»

في تلك اللحظة، هبطت كابتن مارفل، كارول دانفرز، بوميض هائل في وسط الأزقة. كانت هالتها البيضاء والزرقاء ساطعة، تضيء وجوهنا جميعاً بضوء قاسٍ. كانت تبدو غاضبة.

«الهروب مستحيل، أيها الشيطان،» قالت كارول، وعيناها مثبتتان على ميليوداس. ثم التفتت نحونا، وتوقفت نظرتها على بروس بانر، الذي كان وجهه متغيراً ويتحول تدريجياً إلى اللون الأخضر.

«إذاً، أنتَ الهالك، بروس بانر،» قالت كارول، وقد اتسعت عيناها. «لقد كان الجنرال روس محقاً. الفوضى تتجمع. لم يعد هذا وضعاً يمكن للفرق العادية التعامل معه.»

رفعت كارول يدها إلى أذنها، تتحدث إلى جهاز اتصال غير مرئي. «هنا كابتن مارفل. أحتاج إلى دعم كامل من الجيش. لدينا هنا كائنات غير بشرية خطيرة للغاية، بما في ذلك كائن قائد الشياطين، والهالك. يجب تطويق هذه المنطقة بالكامل فوراً. إطلاق النار مسموح به على أي شخص يحاول الهروب.»

كانت كلماتها كافية لقلب المشهد رأساً على عقب. لم نعد مجرد هاربين، بل أصبحنا أهدافاً عسكرية قصوى.

«يا إلهي... هذا سيئ،» همس بانر، جسده يرتجف.

«ليس لدي أي نية لقتال الجيش بأكمله الآن،» قلت، موجهاً سيفي نحو كارول. «لكنني أرفض أن أُطوَّق. لنكون واضحين، أيتها الكونية، نحن لسنا دمى في مسرحية جنرالك. أنتِ الآن العدو المشترك.»

نظرت إلى مونو، الذي أومأ برأسه بتفهم، وإلى نيرو، الذي ابتسم ابتسامة شريرة، وإلى ني يان، الذي كان يجهز قنبلة دخانية.

التفتتُ نحو ميليوداس، الذي كان يضع يده على صدره، يستجمع المانا المتبقية ببطء.

«أيها القائد، هل لديك ما يكفي من القوة لمعركة أخيرة؟» سألته.

رفع ميليوداس رأسه ونظر إليَّ بحدة. «دائماً. لكن هذه المرة، سأقاتل بخفة. سأعتمد على الهرب، لكن إذا هاجمتني، سأرد عليكِ بقوة مضاعفة، أيها الكونية.»

في تلك اللحظة، تحول بروس بانر أخيراً. لم يعد هناك أي كبح أو تردد. تحطمت ملابسه، وتضخم جسده الهائل، وأصبح لونه أخضر مشعاً. الهالك ظهر، وبصراخ واحد، أطلق العنان لقوته المدمرة.

«مارفل! أنتِ تجعلين الهالك غاضباً!» صرخ بانر/الهالك، موجهاً لكمة ضخمة نحو الأرض.

هزت الأرض كلها. بدأ الزقاق ينهار.

تحدقت كارول دانفرز إلى هذا التحالف الغريب: أنا (المحارب الغامض)، مونو (القاتل الصامت)، نيرو وني يان (الأشرار الماكرون)، والهالك (الوحش الأعظم)، وميليوداس (قائد الشياطين). تحالف نشأ من الحاجة الملحة للبقاء.

«حسناً، لندمر كل شيء إذاً،» قالت كارول ببرود، وهي ترفع يديها، وتشعل قوة النجم الكوني في قبضتيها.

«هجوم!» صرخت، واندفعتُ نحوها، وسيفي يلمع.

تبعه مونو ونيرو وني يان بمهارة قتالية مميتة. أما الهالك، فكان يركض مباشرة نحوها كقطار شحن لا يتوقف. وميليوداس، وقف خلفنا، جاهزاً لاستخدام أي هجوم كوني ترد به علينا ليعيده إليها بقوة مضاعفة.

لقد بدأت معركة لم يكن لها مثيل: قوى الأرض والسماء، والظلام والنور، تتصادم في معركة يائسة ضد قوى الجيش القادمة في الأفق. كانت شنغهاي الآن مسرحاً لصراع على مستوى الأساطير.

اندفعتُ أولاً. لم يكن الأمر شجاعة، بل كان استراتيجية. في مواجهة قوة كونية كالتي تمتلكها كارول دانفرز، يجب أن تكون الضربة الأولى حاسمة ومدمرة، أو على الأقل، مشتتة. اخترقتُ الفراغ بيننا بسرعة جنونية، سيفي يلمع في ضوء الهالة الكونية التي تحيط بها.

«هذا لن يجدي نفعاً، أيها الجندي،» قالت كارول، ونظرتها كانت باردة وغير مبالية.

لم تكلف نفسها عناء التحرك.

بمجرد أن اقتربتُ منها، انفجرت هالتها الكونية في موجة ضغط هائلة. لم تكن طاقة قتالية، بل مجرد هزة من طاقتها الكامنة. دفعني الارتداد إلى الخلف، وكأنني اصطدمت بجدار صلب، وشعرت وكأن كل عظمة في جسدي تهتز.

في تلك اللحظة، وصل الهالك.

«مارفل! سأحطمكِ!» صرخ بانر، لكمته الضخمة، الممتلئة بالغضب الأخضر، كانت موجهة نحو رأسها. كانت لكمة قادرة على تدمير جبل.

لكن كارول لم تتلقَّ الضربة. بل صدتها بساعدها المضاء بطاقة نجمية.

الاصطدام الثاني: كان صوت الصدمة مدوياً لدرجة أنه أطلق موجة صوتية حادة كسرت ما تبقى من زجاج في دائرة نصف قطرها ميل كامل. توقف الهالك في مكانه، يرتجف. لم يكن الألم هو ما أوقفه، بل الصدمة. لقد صدت لكمته دون جهد يذكر.

«طاقتكِ هي الغضب. وطاقتي هي النور الذي يبدده،» قالت كارول بهدوء، ثم دفعت بقوة بسيطة من ساعدها.

أُطلق الهالك في الهواء كحجر خفيف، واخترق ثلاثة مبانٍ متتالية قبل أن يختفي في سحابة من الغبار والركام. لقد أُبعد عن القتال تماماً بضربة واحدة.

الآن، حان دور ميليوداس.

«عزيزتي، لقد أعطيتِ للهالك فرصة هائلة لضربكِ. الآن، هو وقتي،» قال ميليوداس بابتسامة جنونية، يده على مقبض سيفه المكسور.

أطلقت كارول شعاعاً كونياً مركزاً نحو ميليوداس، لكنه كان مستعداً.

«رد العد الكامل (Full Counter)!» صرخ ميليوداس، وعينه تلمع بوميض أسود.

ارتد الشعاع. لكنه لم يرتد بقوة مضاعفة، بل ارتفع إلى الضعف فقط. كان استهلاك ميليوداس للقوة في القتال الأول واضحاً.

اصطدم الشعاع المرتد بكارول، لكنها لم تتراجع هذه المرة. لقد وضعت أمامها حقل قوة كوني هائلاً. امتص الحقل طاقة الشعاع المظلمة بأكملها، وحولها إلى نور نقي أبيض.

«أنا آخذ قوتك، أيها الشيطان. مراراً وتكراراً،» قالت كارول، بصوتها الهادئ والقاتل. كانت تلك قوة لا يمكن فهمها.

في تلك الأثناء، كنا نحن الأربعة الباقون نحاول إحداث فوضى. نيرو ومونو قاما بهجوم منسق. نيرو استخدم قاذفه الخاص لإطلاق رصاصات متفجرة، بينما مونو استخدم سرعته الفائقة للاقتراب منها ومحاولة طعنها بسيفه.

كارول ببساطة تجاهلتهما.

بمجرد أن وصل مونو إلى مدى القتال القريب، أطلقت كارول مجالاً من الطاقة الساكنة حولها. تجمد مونو ونيرو في مكانهما، عاجزين عن الحركة. كانت الطاقة الساكنة تجعل عضلاتهما تتصلب.

أطلقت ني يان سحابة ضخمة من الدخان السام حول كارول، محاولاً حجب رؤيتها وإرباكها.

ضحكت كارول ضحكة قصيرة لا تحمل أي تسلية.

«أعتقد أنني أستطيع رؤية هذا،» قالت، ثم أطلقت نبضة كونية صغيرة من جسدها.

النبضة الكونية: تبدد الدخان السام على الفور، وتحول إلى بخار. تحول الزقاق كله إلى فراغ لثانية واحدة. تمزق ني يان من قوة الانفجار، سقط على الأرض وهو ينزف بشدة، عاجزاً عن القتال.

الآن، لم يتبقَّ سوى ميليوداس وأنا.

«لقد حان دورك، أيها الجندي،» قالت كارول، تتحرك نحوي ببطء.

«لا... لا زلتُ أقاتل،» قلتُ، واندفعتُ نحوها مرة أخرى، ولكن هذه المرة، كنت أعلم أنني لن أستطيع أن أضربها. كان هذا استدراجاً.

«ميليوداس، الآن!» صرخت.

كانت خطتي بسيطة: أنا أشتت الانتباه وأقترب منها بتهور، بينما ميليوداس يحاول استغلال الثغرة الهائلة التي خلفتها في دفاعاتها.

في اللحظة التي كانت كارول تستعد فيها لتوجيه لكمة لي، أطلق ميليوداس ما تبقى من طاقته المظلمة. لم يستخدمها كـ Full Counter أو هجوم، بل قام بـ تثبيت الطاقة (Energy Bind)، وهي تقنية شيطانية نادرة.

أحاطت الطاقة السوداء بأقدام كارول.

توقفت كارول عن الحركة.

«شيطان ماكر،» تمتمت كارول، والعبوس يعلو وجهها. لقد تم تثبيتها لمدة ثانيتين.

كانت هذه هي الثغرة التي انتظرناها.

في تلك اللحظة، كنتُ على استعداد للتضحية بنفسي لضربها ضربة قد تؤدي إلى إخراجها من القتال.

لكن كارول لم تسمح بذلك.

لم تتحرك بجسدها، بل أطلقت كل قوتها الكامنة في انفجار حول جسدها الثابت.

الانفجار النجمي: كان انفجاراً لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية. قوة نيران نجم كاملة، ضُغطت في مساحة صغيرة.

اندفعتُ بقوة نحو السماء، أتمزق في الهواء، وأنا أحاول حماية وجهي من الأشعة الحارقة. شعرتُ وكأنني أسقط في حمم بركانية.

عندما سقطتُ على الأرض، كنتُ مدمراً بالكامل. أصابتني حروق من الدرجة الثالثة، وتحطمت جميع أضلاعي، وشعرت وكأن روحي خرجت من جسدي.

عندما نظرت إلى أعلى، رأيت ميليوداس مستلقياً على بعد أمتار مني، يده على فمه، ينزف من كل جرح. لقد تعرض لضرر هائل أيضاً.

وقفت كارول دانفرز في قلب الخراب، غير مخدوشة. كانت تتوهج. لقد تفوقت علينا جميعاً. نحن – قائد الشياطين، الهالك، والمحاربون المهرة – لم نتمكن من خدشها.

«هل انتهى الأمر؟» سألت كارول، وعيناها تشعان بالضوء المنتصر. «لا أرى أي مقاومة تذكر.»

في تلك اللحظة، ظهرت أصوات الطائرات الحربية في السماء. وصل دعم الجيش، وكانوا يطوقون المنطقة بالكامل.

«تم التطويق، أيها القائد،» قال ميليوداس، يحاول أن يقف. «ماذا سنفعل الآن؟»

«سوف ننسحب،» قلتُ ببطء، وأنا أحاول تجميع آخر ذرة من قوتي. «لقد علمتنا درساً اليوم. قوة النجوم أقوى من أي شيء واجهناه.»

«سأهتم بالجيش،» قال ميليوداس، يده تمتد نحو حطام مونو ونيرو، ثم بدأ يختفي ببطء في شبكة من الظلام.

«سألحق بك،» همست، ثم استخدمت آخر مهارة قتالية لدي: الاختفاء في الدخان الكثيف الذي سببه الانفجار.

لقد نجونا، لكننا أدركنا أن كارول دانفرز ليست خصماً يمكن هزيمته باللكمات أو القوة السحرية المظلمة. إنها قوة كونية بحتة. كانت هذه هي الهزيمة الأكثر إذلالاً في حياتنا كلها.

كان الجو الآن مشبعاً بالفوضى المطلقة. كنا نتحرك كخلايا نحل يائسة حول ملكة النحل الكونية، كل واحد منا يحاول إحداث خدش واحد في درعها النجمي غير القابل للاختراق. لم تكن المعركة تدور حول من الأقوى، بل كانت مسألة بقاء وشرف أخير.

«سأخلق ثغرة! أجهزوا هجماتكم جميعاً!» صرخت، وأنا أطلق العنان لسحر العناصر الذي تدربت عليه لسنوات.

هجوم بليك – سحر العناصر:

ركزتُ المانا المتبقية في يدي، ولم أستهدف جسدها، بل البيئة المحيطة بها.

* عمود جليدي: أطلقتُ شعاعاً بارداً متجمداً نحو الأرض مباشرة تحت أقدامها. ارتفع عمود جليدي ضخم سميك بسرعة فائقة، محاولاً رفعها وتجميد قدميها مؤقتاً.

* كرة نارية: وفي نفس اللحظة، أطلقتُ كرة من اللهب الأزرق النقي، طاقة حرارية لا تُصدق، متجهة نحو صدرها.

توقفت كارول للحظة فقط، لم تتأثر بالبرودة أو الحرارة. أطلقت نبضة خفيفة من طاقتها، فتبخر الجليد فوراً وتحولت الكرة النارية إلى هواء بارد.

«مجهود لا قيمة له،» قالت، وعيناها مثبتتان على الهالك الذي كان ينهض بصعوبة من تحت الركام.

هجوم مونو – الطيران والكرات الذهبية المدمرة:

استغل مونو حالة التشتيت اللحظية. انطلق بجناحيه الصغيرين نحو السماء، متجنباً الاندفاعات الكونية الخفيفة التي أطلقتها نحوه كارول. أصبحت سرعته في الهواء مثل سرعة الصاروخ.

جمع مونو المانا في يديه، وشكّل كرات ذهبية مضغوطة، طاقة مدمرة مركزة. أطلق أربع كرات متتالية نحوها من زوايا مختلفة، محاولاً الإحاطة بها.

رد فعل كارول كان مذهلاً. لم تتفادَ، بل فتحت يديها، واستقبلت جميع الكرات الذهبية الأربع. تحطمت الكرات عند ملامسة درعها، لكنها لم تنفجر. بل امتصت طاقتها بالكامل.

زاد التوهج حول جسدها الذهبي والأزرق.

«شكراً لكِ على الطاقة الإضافية، أيها القاتل،» قالت كارول ببرود، قبل أن تطلق الكرات نفسها نحو مونو، لكن هذه المرة كانت محملة بطاقتها الكونية، مما ضاعف قوتها عشرة أضعاف.

كاد مونو أن يتبخر، لكنه تمكن بالكاد من تفادي ثلاث كرات. أصابته الرابعة، وانطلق نحو الأسفل بسرعة جنونية، ليصطدم بكتلة من الفولاذ، حيث بقي عاجزاً عن الحركة.

هجوم نيرو – الختم:

شاهد نيرو المشهد كله بابتسامة يائسة. أدرك أن القوة لا تجدي نفعاً، لذا قرر استخدام قوته الأكثر جنوناً: الختم.

«أيها القائد، أيها السريع، أنا أحتاج وقتاً!» صرخ نيرو.

اندفع نيرو نحو كارول، مضحياً بنفسه. قام برسم رموز سريعة ومعقدة في الهواء بيده، رموز تتوهج باللون الأزرق الداكن. كان يحاول أن يختمها في بُعد آخر مؤقت.

لكن كارول لم تسمح له بالاقتراب. أطلقت كارول نبضة كونية مباشرة في وجه نيرو. لم يكن النبض قوياً بما يكفي لقتله، لكنه كان كافياً لكسر تركيزه. تمزق جسد نيرو، وسقط على الأرض، وعلامات الختم في الهواء تلاشت قبل أن تكتمل.

هجوم ني يان – المتجر والسرعة:

استغل ني يان حالة الفوضى ليقوم بعمله. استخدم سرعته الخارقة للتنقل بين الركام، واختفى وظهر في نقاط متعددة حول كارول.

«خذي هذا!» صرخ ني يان، يفتح متجره الغامض، ويطلق منه وابلًا من القنابل اليدوية عالية الانفجار، والقذائف المضادة للدروع، وبعض الأسلحة الغريبة من أبعاد أخرى.

كان الهجوم ضخماً لدرجة أنه خلق جداراً نارياً ودخانياً حول كارول.

ضحكت كارول من داخل الدخان.

«كمية هائلة من المتفجرات، لكنها لا تزال طاقة كيماوية عادية،» قالت.

في تلك اللحظة، حولت كارول الدخان والنار إلى هالة بيضاء متوهجة حولها، ثم أطلقت موجة صدمة قوية وموسعة. لم تكن موجة حارقة، بل موجة طاقة دفع هائلة.

اقتُلِع ني يان من مكانه، وأُلقي به لمسافة مائة متر، واصطدم بحائط خرساني تهاوى عليه. انتهى دوره.

هجوم ميليوداس – القوة الخام:

لم يتبقَّ سوى ميليوداس. رأى بعينيه مدى فشل كل التقنيات ضده. لم يعد لديه خيار سوى اللعب بالقوة المطلقة.

تجاهل ميليوداس إصاباته، واندفع نحو كارول.

«لن أستخدم الحيل مرة أخرى، أيتها الكونية!» صرخ ميليوداس، يديه مغطاة بالمانا المظلمة النقية.

لكمة واحدة. طاقة شيطانية خام، موجهة إلى الفك.

اصطدمت اللكمة. تحولت المنطقة إلى اللون الأسود للحظة، كما لو أن الظلام قد ابتلع النور.

التفوق الكوني: ارتجف جسد كارول قليلاً، ثم ابتسمت ابتسامة باردة.

«أنا أمّتصُّ كل شيء،» قالت.

في تلك اللحظة، حولت كارول طاقة اللكمة المظلمة بأكملها، وحولتها إلى طاقة كونية، ثم أعادت توجيهها إلى ميليوداس.

ولكن هذه المرة، لم تكن طاقة دفع. كانت طاقة تمزيق.

تلقى ميليوداس جسده قوة شيطانية تضاعفت بمقدار خمسة أضعاف وتحولت إلى طاقة نجمية.

انفجر ميليوداس بعنف في الهواء، سقط على الأرض كجسم ميت، طاقة المانا تتسرب منه كالمياه من وعاء مكسور. كان الضرر الذي لحق به الآن أكبر من أن يتقبله جسد شيطان عادي.

لقد تم سحق عظامه وتدمير طاقته.

وقفت كارول دانفرز وحدها، في قلب الساحة المليئة بالركام. كانت منتصرة، تتوهج بالنور، لم تتلقَ حتى خدشاً.

نظرت إليَّ ببطء، ببرود لم أرَه إلا في أعين الآلهة.

«هل انتهى الأمر؟» سألت كارول، وصوتها كان هادئاً، لكنه يحمل ثقل الكون.

كنت مستلقياً على الأرض، أحاول جمع بقايا قوتي. كنا جميعاً مهزومين، مكسورين، مطروحين أرضاً. لقد تجاوزت قوتها كل حساباتنا. كانت كارول دانفرز إعصاراً كونياً لا يمكن إيقافه. لم يكن هذا قتالاً، بل كان إعداماً تدريجياً.

في تلك اللحظة، وصلت طائرات الجيش المروحية، تحوم فوقنا، تطوق الساحة المشتعلة.

«لا زال هناك شيء واحد يمكننا فعله،» همست لنفسي، وأنا أحاول أن أستجمع القليل من المانا المتبقية لتمويه هروبنا. «هزيمة استراتيجية.»

2025/11/13 · 16 مشاهدة · 11403 كلمة
TOD18
نادي الروايات - 2025