ارتجفت الأرض تحت أقدام الأبطال، ليس بفعل صدى معركة قديمة، بل بالزئير الهائل الذي أطلقه الهالك. لم يكن الهالك مجرد كائن غاضب، بل كان تجسيدًا للعنف المطلق مُغلَّفًا بكتلة عضلية خضراء تتدفق منها طاقة جاما مُدمرة. تحوّلت عيناه إلى جمر مُشتعل من الغضب الأعمى.
على بعد أمتار قليلة، كان بابادوك يقف وحيدًا. كانت مظلته السوداء هي سلاحه ودرعه الوحيد، يمسك بها بقبضة ثابتة رغم علمِه اليقيني بأن هذا القتال هو معركة انتحارية. كانت الأوامر واضحة لبقية الفريق: الإخلاء الفوري والابتعاد عن نطاق التدمير.
صرخ بليك وهو يُشير بعيدًا: "ني يان! إخلِ المدنيين! لا تحاول التدخل! نحن لسنا خصومًا لهذا الوحش الآن! مهمتنا هي الحفاظ على الأرواح!"
أومأ ني يان، وشحب وجهه وهو يرى الإصرار الأعمى في عيني الهالك. انطلق الاثنان بعيدًا، مستخدمين سُرعتهما ومهاراتهما لجرّ المدنيين والجرحى بعيدًا عن الساحة التي تحوّلت إلى نقطة تدمير مركزية. لم يكن هناك وقت للتردد؛ كان الهالك لا يُبدي اهتمامًا بأي شيء سوى الكيان الذي تجرأ على الوقوف أمامه.
وقف بابادوك، يغطي نفسه بظله المتكثف، يراقب وحش الغاما وهو يقترب خطوة خطوة. كانت كل خطوة من الهالك تُحدث صدعًا في الأسفلت، وكأن الأرض نفسها تئن تحت وطأة قوته.
بدأ القتال بهجمة الهالك. كانت لكمته الأولى سريعة بشكل لا يُصدق بالنسبة لكتلة جسدية بهذا الحجم، وكانت تحمل قوة تُعادل ارتطام نيزك صغير. كانت تهدف إلى سحق بابادوك حيث يقف.
تجنَّب بابادوك الضربة بخطوة خاطفة مدموجة بـ"تنفُّس البرق"، مُستخدمًا السرعة القصوى ليتفادى قوة السحق الهائلة. اصطدمت اللكمة بالأرض، مُحدثة حفرة دائرية عميقة، وانبعث منها دخان كثيف وأمواج صدمية قوية دفعت بابادوك إلى الخلف بضعة أمتار.
استعاد بابادوك توازنه فورًا. لم يُضيّع لحظة، رفع مظلته وضغط على الزناد. لم تكن الرصاصة الصغيرة تهدف إلى الإيذاء، بل كانت محاولة يائسة لاكتشاف نقطة ضعف. انطلقت رصاصة مشحونة بمانا الظل، تصطدم بضلع الهالك الأيسر. كانت النتيجة صفرية؛ تشتتت رصاصة الظل كأنها اصطدمت بجدار من الفولاذ السائل، ولم تُحدث خدشًا واحدًا.
شعر بابادوك ببرودة مرعبة تغلّفه؛ لم يكن هذا الكيان خاضعًا لقوانين القوة أو السحر العادية.
زأر الهالك زئيرًا أجوف، وكأنه يضحك على محاولة بابادوك الساذجة. لم يهاجم بلكمة أخرى، بل مدّ يده الضخمة وأمسك بقطعة ضخمة من الأسفلت والخرسانة التي انتزعتها اللكمة الأولى، كانت تزن طنًا على الأقل. رماها الهالك على بابادوك بكل برود.
استغل بابادوك مظلته ببراعة غير عادية. فتحها بالكامل ثم استخدمها كنقطة ارتكاز؛ طعن بها في الأرض قبل ثوانٍ من وصول الكتلة الخرسانية، ثم استخدم المظلة كنقطة دعم ليدفع نفسه أفقيًا بأقصى سرعة ممكنة. مرت الكتلة الخرسانية فوق رأسه بمليمترات، وسقطت خلفه مُحدثة دمارًا هائلًا آخر.
تأجج الغضب في عيني الهالك. أدرك أن هذا الكائن الصغير يتجنبه بمهارة. رفع الهالك كلتا يديه وأطبقهما بقوة شديدة على الأرض. لم يكن الهدف الضرب، بل إحداث زلزال مركز في منطقة وقوف بابادوك.
اهتزت الأرض بعنف لا يمكن وصفه. كان الاهتزاز عميقًا ومُستمرًا. شعر بابادوك وكأن عظامه تتخلخل. سقط على ركبتيه، وارتطمت رأسه بالأرض. حاول إدخال المانا في قدميه لتثبيت نفسه، لكن قوة الصدمة كانت تفوق قدرته على الثبات.
أثناء اهتزاز الأرض، التقط الهالك برج إرسال مُنهار كان مُلقى بعيدًا، وكان طوله يزيد عن عشرة أمتار، ولوّح به كأنه عصا خفيفة. أطلق الهالك ضربة مائلة نحو بابادوك الساقط.
كان بابادوك ما يزال يحاول تثبيت نفسه. في اللحظة الأخيرة، عندما شاهد البرج المعدني يهوي نحوه، استخدم مظلته كدرع رأسي وفتحها بقوة دفع سحرية قصوى، لكنه أدرك أن المظلة لن تصمد.
اصطدم البرج بالمظلة. لم تكن الصدمة مجرد قوة، بل كانت موجة صدمة غاما صامتة. تحطمت المظلة في يد بابادوك تحطُّمًا كاملاً ومُفجعًا؛ انكسر هيكلها الفولاذي، وتمزق قماشها المُقوى، وسُحق المقبض في قبضة بابادوك.
الأهم من ذلك، مرت بقية قوة الضربة عبر بقايا المظلة المحطمة، مُصيبة بابادوك في صدره الأيسر بالكامل.
أطلق بابادوك صرخة مكتومة لم يسمعها أحد سوى الهالك نفسه. طار جسده النحيل كدمية بالية، مخترقًا ركامًا من الخرسانة المُحطمة، ليسقط في حفرة عميقة تكونت من ضربات الهالك السابقة. شعر بابادوك بكسر أضلاع متعددة على الفور، ومزق في العضلات الداخلية، وتوقف شبه كامل في تنفسه. غرق في الحفرة، يحاول يائسًا استنشاق الهواء المليء بالغبار.
شاهد الهالك المشهد، وضحك ضحكة قاسية ومُنتصرة. لقد سُحق الكيان الصغير الذي تجرأ على تحديه.
في تلك الأثناء، كان بليك وني يان يراقبان المشهد من بعيد، وهما يحاولان إبعاد آخر دفعة من المدنيين.
قال بليك بأسى وغضب مكبوت: "إنه مُحطَّم تمامًا. القتال قد انتهى، والوقت الآن للإنقاذ."
أدرك ني يان أن بابادوك كان مجرد ضحية لغضب أعمى.
في قاع الحفرة، كان بابادوك بالكاد حيًا. لكن حتى في تلك اللحظة الحرجة، تذكر وصية مُعلمه. لم يتوقف عن القتال.
زحف بابادوك ببطء شديد، يستخدم آخر ذرة من قواه لإخراج نفسه من الحفرة. جسده مُدمّى، ورئته اليمنى تكاد لا تعمل، لكنه تمكّن من الوصول إلى حافة الحفرة، يتشبث بحجر مائل.
رآه الهالك. لم يسمح له بالنجاة. تقدم الهالك نحو الحفرة، رافعًا قدمه الضخمة، مُستعدًا لسحقه كحشرة.
استل بابادوك سكينًا صغيرًا من حذائه، ثم أغمض عينيه. أطلق كل مانا الظل المتبقية لديه، مُركزًا إياها في رصاصة صغيرة واحدة كان قد وضعها في جيب سترته منذ زمن. أمسك بالرصاصة، وشحنها بقوة هائلة، ثم قذفها بيده نحو عين الهالك.
لم يكن القذف قويًا بما يكفي ليخترق، لكنه كان كافيًا لإزعاج الهالك. أصابت الرصاصة جفن الهالك الأيسر. شعر الهالك بوخز خفيف، فعبس.
في تلك اللحظة الصغيرة من التشتيت، دفع بابادوك نفسه بقوة أخيرة إلى خارج الحفرة، مدحرجًا نفسه بعيدًا عن ظل قدم الهالك العملاقة.
سقط الهالك بكامل ثقله على الحفرة، مما أدى إلى انهيار المنطقة بأكملها وتحوّلها إلى فوهة عميقة.
تدحرج بابادوك عدة أمتار، ثم سقط على وجهه، فقد الوعي تمامًا. لقد سُحق، لكنه لم يُسحق بالكامل.
وقف الهالك فوق جسد بابادوك الساكن، يزأر غضباً. لقد كان نصرًا باهظ الثمن، نصرًا على كائن بالكاد يمتلك القوة.
في تلك اللحظة، ظهر بليك وني يان مرة أخرى، يحملان عربة يدوية محطمة. سحب ني يان جسد بابادوك سريعًا، بينما ألقى بليك قنبلة صوتية قوية نحو الهالك لتشتيت انتباهه.
بينما كان الهالك يزأر من الإزعاج، كان بابادوك يُسحب بعيدًا.
بالتأكيد. لنواصل الفصل 119، مع إظهار التحول الكامل والمذهل لبابادوك إلى هيئته الجنية الحقيقية وبقوته القصوى، والعودة إلى قتال الهالك بعنف مُتكافئ وتفاصيل كثيفة.
لم يكن الهالك راضيًا عن مجرد سحق عدوه؛ لقد كان يبحث عن الإبادة الكاملة. تقدم بخطوات واسعة نحو الجسد الملقى لبابادوك، ورفع ساقه الضخمة مرة أخرى، عازمًا على إنهاء الأمر بضربة واحدة تُمحيه من الوجود.
في تلك اللحظة الحرجة، وقبل أن تلامس قدم الهالك الأرض، حدث شيء غير متوقع.
شعر بليك وني يان، وهما يسحبان جسد بابادوك بعيدًا، بهالة طاقة باردة ومُطلقة تتدفق منه. لم تكن طاقة "ظل" عادية، بل كانت جوهرًا قديمًا ومُتجمِّدًا.
ارتجف جسد بابادوك المُدمّى بعنف، وتوقف النزيف فجأة وكأن الزمن قد تجمد حوله. انبعث منه دخان أسود كثيف، دخان لم يكن دخان احتراق، بل كان ظلًا متجسدًا يتكثف ويشتد.
صرخ ني يان من الرعب وهو يرى التحول يبدأ: "ماذا يحدث؟! جسده يتضخم!"
بدأت الشقوق تظهر على جلد بابادوك الرمادي، لكنها لم تكن شقوق جروح، بل شقوقًا تنبعث منها نيران الظل الزرقاء الباردة. تحطّمت ملابسه المُتضررة وتفتتت، وتمزقت طبقة الجلد البشري الزائفة التي كان يتخفى بها.
شعر الهالك بالطاقة، وتوقف للحظة، مُرتابًا. لم تكن هذه الطاقة جديدة، بل كانت ثقيلة، طاقة قديمة وشريرة توازي غضبه الجامح.
وبدأ التحوّل المُذهل.
تضخم جسد بابادوك بسرعة فائقة، مُطلقًا صرخة صامتة اخترقت كل حاجز صوتي وحاجز سحري. لم يتوقف التضخم عند حجم بشري أو حتى حجم عملاق، بل استمر، وتمدد، وتعاظم.
في ثوانٍ معدودات، كان الكيان الجديد قد وصل إلى ارتفاع هائل. لقد تجاوز ارتفاعه خمسة عشر مترًا، ليُصبح وحشًا ضخمًا أسود اللون، بطول قصر أو ناطحة سحاب صغيرة مُتوسطة. كانت الهيئة الجديدة تُرعب الأبصار.
كان الكيان الجني الجديد مُغطى بكتلة من العضلات السوداء المُتصلبة، يحيط به هالة من الظل الدائم. كانت عيناه مجرد ثقبين مُشتعلين بلهب أزرق جليدي. أما يديه، فقد تحولتا إلى يدين عملاقتين، كل واحدة منهما بحجم سيارة نقل كبيرة، تنتهي بمخالب حادة كشفرات فولاذية. كان مظهره يُجسّد الرعب والقوة المطلقة، الكيان الحقيقي الذي كان بابادوك يُخفيه تحت قناع الساحر الهادئ.
هذا هو بابادوك الجني الكامل.
وقف الجني العملاق، ينظر إلى الهالك الذي بدا الآن أصغر بكثير، لكنه ما زال يُمثل تهديدًا.
أطلق الهالك زئيرًا جديدًا. لم يكن زئير غضب فقط، بل زئير تحدٍّ خالص. لقد وجد أخيرًا خصمًا يستحق القتال، خصمًا يوازي حجمه وطاقته.
ردّ الجني العملاق بزئير مختلف، زئير أجوف، وكأنه صوت قادم من أعماق بئر مظلمة. كانت هذه هي لغة الأرواح الجنية القديمة.
انطلق القتال.
لم ينتظر الجني العملاق. قام بخطوة واحدة ضخمة عبر ميدان القتال، مُحدِثًا زلزالًا صغيرًا بوزنه الهائل. رفع يده العملاقة، مُسدِّدًا لكمة واحدة نحو الهالك.
كانت لكمة الجني العملاق قوة ميكانيكية وكونية. لم تكن مجرد ضربة، بل كانت مُوجة سحق شاملة مُشحونة بطاقة الظل المُنصهرة.
حاول الهالك صدّ اللكمة بساعده الضخم، وهي المرة الأولى التي يلجأ فيها إلى الصد بدلاً من المراوغة أو الامتصاص.
$$\text{P}{\text{Jinn}} = \text{M}{\text{Jinn}} \times \text{V}{\text{Strike}} \times \text{E}{\text{Shadow}} $$
التقى ساعد الهالك الأسود بلكمة الجني السوداء. كان الاصطدام عنيفًا لدرجة أن صوت الانفجار تخطى حاجز الصوت مرات عديدة. ارتفعت سحابة غبار ضخمة غطت المباني المتبقية، واندفعت موجة صدمة هوائية قوية اقتلعت ما تبقى من أعمدة الإنارة.
تراجع الهالك خطوة واحدة إلى الخلف، وهي أول تراجع قهري له في هذا القتال، مُطلقًا صرخة ألم مُمزوجة بالدهشة. لقد شعر بقوة خارقة تخلخل عظام ساعده.
لكن الهالك لم يُمنح فرصة للرد.
رفع الجني العملاق قدمه، ووجه ركلة ساحقة نحو جذع الهالك. كانت الركلة سريعة بشكل لا يُصدق بالنسبة لكائن بهذا الحجم. كان الجني يستخدم كل قوة شكله المُتحوّل.
تلقى الهالك الركلة في صدره مباشرة. شعر الهالك وكأن ناطحة سحاب قد سقطت عليه. طار جسده الأخضر الضخم في الهواء ككرة مطاطية، واخترق جدار المبنى السليم الوحيد المُتبقي في المنطقة، مُحدثًا فجوة هائلة في هيكله.
لم يكن هذا سحقًا، بل كان قتالًا مُتكافئًا وقويًا للمرة الأولى.
قفز الجني العملاق قفزة هائلة نحو المبنى المُخترق، يُطلق موجات ظلية مُركزة من فمه، وكأنها حزم طاقة سوداء باردة، متتبّعًا مسار الهالك.
في غضون ثوانٍ، خرج الهالك من حطام المبنى المُنهار، كان غضبه قد وصل إلى مستويات غير مسبوقة. كانت الدماء تسيل من شقوق في جلده الأخضر، لكنها سرعان ما تلتئم بفعل تجدد الغاما السريع. رفع الهالك كلتا يديه المُرتعشتين من الغضب، وضربهما بقوة على صدره في إشارة للتحدي.
زأر الهالك زئيره المعهود الذي يمزق السماء، ثم انطلق نحو الجني العملاق. لم يعد يهاجم باللكمات العشوائية، بل بالهجمات المُتلاحقة والمُركزة.
بدأت جولة جديدة من القتال الملحمي:
* المُشتبك الأول (الهجوم الجوي): قفز الهالك على جسد الجني العملاق محاولًا تمزيق كتفه.
* الرد الجني (السحق الأرضي): أمسك الجني العملاق بذراع الهالك بقبضة واحدة، واستخدم قوة جسده الجني لـسحب الهالك وتثبيته في الأرض بقوة، مما أحدث حفرة جديدة حوله.
* تبادل اللكمات (الزئير والظل): أطلق الهالك زئيرًا قويًا جدًا من مسافة صفر، تسبب في تخلخل طاقة الظل حول الجني. رد الجني العملاق بلكمة مزدوجة في فكي الهالك، أدت إلى تطاير الأسنان الغامائية منه.
كان القتال قد تحوّل إلى مبارزة بين الجسد الخالد للغاما والكيان الجني الخارق للطبيعة. كل ضربة كانت تُعادل قنبلة، وكل خطوة كانت تُهز مدينة بأكملها.
لم يكن الجني العملاق يعتمد فقط على قوته الجسدية الهائلة، بل كان يستخدم مهارة الظل المتجسد. رفع يده العملاقة، وبدلاً من أن يلكم، تحولت يده إلى مِطرقة ظل ضخمة، ضارباً بها رأس الهالك بعنف شديد.
تلقى الهالك الضربة، وأسودت المنطقة المحيطة بجمجمته للحظة، وفقد توازنه بالكامل. تدحرج الهالك على الأرض، مُحدثًا دمارًا إضافيًا، وهو يحاول استيعاب الصدمة.
استغل الجني العملاق الفرصة. لم يكن لديه وقت لإضاعة القتال بالتفاخر. مدّ يديه العملاقتين وأمسك بالهالك من ساقيه، ثم رفعه في الهواء، وأطلقه نحو السماء بقوة صاروخية.
طار الهالك نحو الغلاف الجوي لثوانٍ معدودات، قبل أن يعود ليسقط كالصاعقة. كان هذا التكتيك يهدف إلى إحداث صدمة سقوط هائلة.
لكن الهالك، وهو في الهواء، قام بشيء لم يفعله من قبل. جمع كل قوة الغضب في جسده، وأطلق حزمة طاقة غاما نقية نحو الأسفل، لتكون بمثابة دفع عكسي صاروخي، مما زاد من سرعة هبوطه بشكل جنوني.
هبط الهالك على كتف الجني العملاق مباشرة، كالمطرقة التي تسقط من ارتفاع شاهق.
اخترقت مخالب الهالك العضلات السوداء للجني، مما أحدث جرحًا عميقًا في الكتف. أطلق الجني العملاق صرخة ألم لأول مرة في شكله المتحول، ورفع يده محاولًا الإمساك بالهالك.
تجنب الهالك القبضة، وقفز من على الكتف، ثم وجه لكمة مباغتة مُركزة على وجه الجني العملاق. كان الهدف هو عيني الظل المُشتعلتين.
أصابت اللكمة الجني العملاق في وجهه، محدثةً دمارًا هائلاً. تراجع الجني خطوة إلى الخلف، ودم الظل الأسود بدأ يسيل من عينه اليمنى. كان الألم حقيقيًا، لكن التئام الجني بدأ أيضًا بقوة هائلة.
كان القتال قد وصل إلى نقطة التعادل، نقطة التدمير المتبادل. كل من الكيانين يمتلك قوة إبادة، لكن كلاهما يمتلك قدرة تجدد خارقة. لقد أصبح هذا القتال معركة بقاء لا نهاية لها بين الغاما والظل.
صرخ ني يان لبليك من بعيد، وهما يحاولان إبعاد ما تبقى من ركام: "إنه يقاتل بقوة لم أرها قط! هذا هو بابادوك الحقيقي!"
أجاب بليك، وصوته مُرتعش بالدهشة: "هذه القوة... إنها تُهدد بتمزيق النسيج الكوني! علينا أن نبتعد! لو استمرا، فلن تبقى شنغهاي على الخريطة!"
في الميدان، كان الجني العملاق قد استعاد قوته بالكامل، ورفع كلتا يديه، مُطلقًا موجة ظل شاملة حوله. كانت الموجة تهدف إلى إبعاد الهالك وتقييده.
أمسك الهالك بالموجة، واستخدم كل غضبه لـامتصاص جزء منها، ثم صرخ، مُعيدًا إطلاقها كطاقة غاما خضراء.
تقابلا الاثنان مرة أخرى، لكن هذه المرة كان الجني العملاق قد أدرك شيئًا. هذا القتال لن ينتهي بالقوة، بل يجب أن ينتهي بالاستنزاف.
قرر الجني العملاق استخدام آخر ما لديه من طاقة جنيّة خالصة. رفع كلتا يديه العملاقتين فوق رأسه، وبدأ بامتصاص كل ذرة من الظل في المنطقة المحيطة به، مُركزًا إياها في قبضة واحدة. كانت هذه هي تقنية القبضة الجنية المُتناهية.
كان الهالك يدرك الخطر، فاندفع نحو الجني، زئيره يمزق الهواء. كان يسعى لإيقاف التقنية قبل اكتمالها.
لكن كان الأوان قد فات.
هوى الجني العملاق بقبضته الضخمة المُركزة بالظل على الهالك،
بالتأكيد. لنكمل الفصل، مُظهرين كيف بدأ الهالك يتفوق بقوة غضبه المُتزايد على هيئة بابادوك الجنية، وكيف أن لحظة الوعي والارتباط الإنساني هي التي أتاحت لبابادوك فرصة النصر الأخيرة.
هوت القبضة الجنية المُتناهية على الهالك بقوة تدميرية لم يسبق لها مثيل.
عندما اصطدمت القبضة، لم يكن الصوت مجرد انفجار، بل كان صرخة كونية. تفتتت الأرض تحتهما وتحولت إلى غبار، وتصاعدت سحابة فطرية من الظل الأخضر والأسود. كانت الضربة كافية لتدمير قمة جبل.
لكن عندما تبددت سحابة الدخان، كان المنظر صادمًا.
كان الجني العملاق يقف مُرتعشًا، بينما كان الهالك مُثبتًا في الأرض حتى ركبتيه، ولكن لم يُغمَ عليه. كان جسده الأخضر يتصاعد منه بخار ساخن من طاقة الغاما، وعيناه تشتعلان بلهيب أكثر جنونًا.
لقد امتص الهالك الضربة الهائلة.
بدأ الجني العملاق يشعر بالهزيمة تتدفق في عروقه الممتلئة بالظل. لقد استنفد كل طاقة تحوله في تلك الضربة الحاسمة، والتي كان يجب أن تقضي على أي كائن.
زأر الهالك، زئيرًا لم يكن مجرد صوت، بل كان موجة صدمة غاما نقية. بدأ جسده يتضخم أكثر، وتشققت عضلاته لتبدو ككتل من الحجارة الخضراء النارية. كان الهالك الآن في حالة غضب مطلق، مُتجاوزًا كل الحدود الفيزيائية والسحرية.
تقدم الهالك نحو الجني العملاق ببطء مُخيف. كانت خطواته لا تُحدث زلازل فحسب، بل كانت تُغيّر شكل الأرض حوله.
رفع الهالك قبضته، ووجه لكمة مدمرة نحو صدر الجني العملاق. كانت لكمة سريعة، تفوق سرعة الصوت بكثير.
لم يستطع الجني العملاق تفادي الضربة. جسده مُستنزف ومُتصلب من استهلاك الطاقة.
اصطدمت لكمة الهالك بصدر الجني العملاق. كانت النتيجة مروعة: انبعث صوت تصدع داخلي كالرعد، واخترقت القوة عضلات الجني، مُحدثةً ارتجاجًا عنيفًا في هيكله الجني. طار الجني العملاق، جسده الأسود الضخم، لمسافة مئات الأمتار، ليسقط على حافة منطقة القتال، متحطمًا على أسواره القديمة.
شعر الجني العملاق بالعودة إلى شكله البشري الضعيف قريبًا؛ هذا الشكل لم يعد يمكنه الاستمرار. لقد بدأ يُهزَم هزيمة ساحقة.
وقف الهالك فوق حطام المنطقة، يلهث بغضب. لم يعد يرى خصومًا، بل يرى مجرد هدف يريد تدميره. بدأ الهالك يضرب الأرض بقدميه، ضربات إيقاعية مُتتالية، في محاولة لتدمير الجني العملاق وهو في حالة تحطّم.
في تلك اللحظة، كان بليك وني يان قد أنهيا عملهما في الإخلاء. كان المدنيون المُذعورون والجرحى يتجمعون في زاوية بعيدة، يختبئون وراء حطام المباني، يشاهدون الكارثة بعيون مُتوسعة. كانت وجوههم تُعبّر عن الرعب المطلق، واليأس، والذعر.
كان الهالك يرفع يده لتسديد ضربة أخيرة للجني العملاق.
وفي تلك اللحظة... للحظة عابرة...
استدار الهالك بشكل غير إرادي، ليس بسبب صوت، بل بسبب حقل الوعي الإنساني الذي ظل موجودًا في أعماق عقل بروس بانر.
رأى الهالك المدنيين.
لم يرهم كأهداف، بل رآهم ككائنات. رأى الخوف في عيونهم، ورأى الدماء على وجوههم المُذعورة، ورأى كيف أنهم يختبئون كالفئران الهاربة.
توقفت ضربات الهالك.
تجمد الكيان الأخضر الضخم، وعيناه الناريّتان تركزان على الوجوه المُصابة والمذعورة. هذه الوجوه، هذه الأجساد المُنكسرة، هذا الدم، كل هذا كان بسببه. كان هذا الوعي يمثل شرارة صغيرة في بحر غضبه المُتلاطم.
تذكر الهالك جزءًا من إنسانيته المفقودة. تذكر بانر، والطبيب الذي أراد مساعدة الناس، وليس تدميرهم.
في تلك الثانية الواحدة من التردد والوعي الذاتي، وهي اللحظة التي توقف فيها الغضب المُطلق، شعر الجني العملاق - الذي كان على وشك الانهيار والتحول إلى شكله البشري - بالفرصة الذهبية.
هذا التردد لم يكن ضعفًا، بل كان نقطة تحوّل.
جمع الجني العملاق آخر ما تبقى من طاقته الجنيّة المُنصهرة، تركّزت هذه الطاقة في قبضته اليسرى، التي لم تكن مُستخدمة في الضربة السابقة. لم تكن هذه قبضة تدمير، بل كانت قبضة تركيز.
انطلق الجني العملاق مُندفعًا نحو الهالك كصاروخ أسود، مُستخدمًا آخر دفعة من سرعة الاندفاع الجني.
رفع الجني العملاق قبضته الصغيرة نسبيًا (مقارنةً بحجمه الجني الهائل، لكنها ما تزال ضخمة جدًا)، ووجَّهها نحو نقطة مُحددة في فك الهالك السفلي. كانت النقطة التي تخدم كـنهاية عصبية لجذع الدماغ.
اخترقت لكمة الجني حاجز الدفاع الغامائي المُنخفض لحظة التردد.
اصطدمت اللكمة بالفك. كانت صدمة حادة ومُركزة جدًا. لم تكن قوة اللكمة تُنافس لكمة الهالك، لكنها كانت دقيقة بشكل لا يُصدق.
انتشرت موجة صدمة عصبية حادة في دماغ الهالك. انطفأت النيران في عينيه على الفور، وكأن مُفتاحًا قد أُغلق.
ارتخى الجسد الضخم للهالك، وتوقف زئيره، وهوى نحو الأرض ببطء مُميت، مُحدثًا زلزالًا نهائيًا عنيفًا عندما اصطدمت كتلته الأرض.
صمت مُطبق ساد الميدان.
تمكّن الجني العملاق من الهزيمة، لكنه لم يكن يستطيع البقاء. مع سقوط الهالك، بدأ شكل الجني العملاق يتقلص بسرعة فائقة، وتفتت كتلة الظل الضخمة، وعاد بابادوك إلى هيئته البشرية المُدمّاة، ساقطًا على ركبتيه فوق جسد الهالك المُغمى عليه.
كان بابادوك يلهث، يسعل الدم، ويحاول إبعاد آخر ما تبقى من دمه المُتبقّي من الظل. لقد نجح. لقد فاز، ليس بالقوة، بل بالاستغلال الذكي للحظة الضعف البشري في أعماق كيان الغضب