كانت رائحة البارود والمانا المحترقة تتصاعد من أزقة شنغهاي المُدمرة، بينما كان المطر الخفيف يبدأ بالهطول، مُخلفًا بخارًا كثيفًا من اصطدام الماء بالخرسانة الساخنة. المشهد كان أشبه بنهاية عالم مصغر؛ أكوام من الحطام المعدني والزجاجي، والدبابات المقلوبة التي تشبه هياكل حيتان ميتة.

على الأرض المُتشققة، كان العملاق الأخضر، الهالك، ممددًا بلا حراك، يعود تدريجيًا إلى شكله البشري: بروس بانر، المُغطى بالدماء والوحل، والتعب مُتجذِّر في كل تفصيل من جسده. لم يكن انتصار بابادوك انتصارًا للقوة، بل انتصارًا لاستنزاف القوى؛ كلاهما كان قد وصل إلى حافة الهاوية.

في تلك اللحظة، تحرَّك الجيش الأمريكي، الذي كان قد تراجع في ذعر شديد، بسرعة جنونية. اندفعت مركبات مدرعة متبقية، تحمل جنودًا من القوات الخاصة المُدرَّعة بالكامل، نحو بانر. كانوا يعملون ببرودة وهدف محدد.

تلقى بليك الصدمة، وكانت عيناه البنيتان تلمعان بغضب مُكبَّت. التفت إلى بابادوك الذي كان يستند بوهن إلى بقايا جدار متهدم، ومظلة الجني مُحطَّمة بين يديه.

"بابادوك، هل أنت بخير؟" سأل بليك، وصوته كان أجشًا بسبب الدخان.

سعل بابادوك دمًا، ثم أجاب بصوت متقطع لكنه ثابت: "بخير، بقدر ما يكون شخص قد خاض صراعًا وجوديًا ضد الغضب المُتجسِّد بخير. الضربة كانت دقيقة... ولكنها كادت تفتك بي. لقد توقف، وهذا هو المهم."

أشار ني يان، الذي كان يرتدي قفازات جلدية ويحمل بندقية قنص، باتجاه الجنود الذين كانوا يقيدون بروس بانر بسلاسل من الأدمانسيوم: "لا تهتموا بحالته الآن. انظروا! لقد استعادوا هدفهم. لن يسمحوا له بالبقاء خارج السيطرة."

ركضت مونو نحوهم بخفة، كانت مصابة بجروح طفيفة بعد قتالها ضد كارول دانفرز. "يجب أن نمنعهم! لا يمكننا ترك بروس يقع في قبضتهم مرة أخرى. إنهم لن يعيدوه إلى الحياة الطبيعية، بل سيستغلون قوته."

أطلق بليك تنهيدة عميقة، ثم قال بحسم: "توقفوا. لن نتدخل الآن. الجيش يُحيط بنا، ونحن جميعًا على حافة الانهيار. إذا حاولنا إنقاذه، فسوف نُهزَم جميعًا وسنخسر الكتاب وأسرارنا. سننتظر الفرصة."

اقترب غوست رايدر، جوني بليز، وهو يعود إلى شكله البشري من نار جهنم، وكانت عيناه تشتعلان بغضب مختلف: "العدالة تقتضي تحريره، بليك. هؤلاء الرجال هم جزء من النظام الفاسد الذي وظفني سابقًا. أشم رائحة الخطايا حولهم."

"العدالة ليست دائمًا اندفاعًا أعمى يا جوني،" رد بليك بحدة: "أنت تعرف قدراتهم. لن نستطيع مقاومة هذا الجيش في وضعنا الحالي. إنهم يمتلكون بروس، لكن هدفنا الأكبر هو الثمانية وإنقاذ أخت ني يان. هذا هو السبب الذي من أجله وضعنا كل شيء على المحك."

في تلك الأثناء، كان الجنود يضعون بروس بانر، الذي بدا نحيلًا وضعيفًا بشكل مفجع، على نقالة مدرعة مُجهَّزة لامتصاص أي إشعاع غاما متبقٍ. كانت الأوامر تُسمع بوضوح عبر أجهزة الاتصال: "تم تأمين الهدف الرئيسي. عملية الاستعادة ناجحة. نبضات القلب ضعيفة لكنها مستقرة. الاستعداد للإجلاء الفوري."

نيرو، التي كانت تقف بعيدًا وتراقب الساحة بعيونها التي تلمع بلون المانا الأزرق، همست لنفسها: "لقد نجحوا في أسر حليفنا... وهذا يعني أنهم سيستدعون القوة الأكبر الآن."

فجأة، اهتزت الأرض بعنف لا يُطاق.

انكسر الختم الثلاثي الأزرق الذي كانت نيرو قد وضعته على كابتن مارفل قبل انسحابهم بقليل. لم يكن ختمًا للسيطرة، بل ختمًا لـ "التعطيل الجزئي والاستنزاف المؤقت" لمنعها من المطاردة الفورية. لكن قوة كارول الكونية كانت تتجاوز قدرة المانا البشرية.

انطلقت كارول دانفرز من بين الأنقاض المشتعلة، محطمة جدارًا خرسانيًا كان قد سُجنت خلفه. كانت تبدو غاضبة، وملابسها الكونية مزَّقة قليلاً، وتتوهج بقوة غير طبيعية. كانت طاقة Full Counter لميليوداس وضربة كليب رثيأ قد ألحقت بها ضررًا فعليًا لأول مرة، وهذا ما زاد من سخطها.

صاحت كارول بصوت أشبه بصدى نجم منفجر: "أيها الكائنات الغريبة! لقد كسرتم الهدنة المؤقتة التي فرضتها! سأمحوكم جميعًا من الوجود لانتهاككم قوانين الفيزياء واستنزافكم للطاقة الكونية!"

رفعت كارول يدها اليمنى نحو مجموعة بليك، وتجمعت كرة هائلة من الطاقة الكونية النقية، تضيء المكان كله بضوء أصفر ساطع، محولة الظلام إلى نهار ساطع ومُدمِّر. كانت الضربة موجهة لإبادة كل ما في طريقها.

توسعت عينا بليك في ذهول. كان يعلم أنه لا يملك أي سحر قادر على صد هجوم كهذا في حالته المنهكة.

صرخ ني يان محذرًا: "اهربوا! إنها قادرة على محوكم!"

لكن قبل أن يتمكن بليك أو أي من رفاقه من الرد أو استخدام أي وسيلة دفاع، ارتفع صوت جهوري وقاطع من أجهزة اتصال الجنود القريبين. كان صوت الجنرال روس.

"كابتن مارفل! انسحاب فوري! كرر، انسحاب فوري من منطقة الاشتباك!"

انزلق ضوء التوهج الكوني عن وجه كارول، وبدت عليها علامات الغضب والارتباك. لم تخفض يدها بعد، لكن الكرة النجمية في كفها بدأت تتقلص ببطء.

ردت كارول بغضب شديد موجهًا إلى الجنرال روس عبر سماعة الرأس: "الجنرال روس! هؤلاء الكائنات خطر وجودي! لقد استخدموا سحرًا شيطانيًا وطاقة الظل! يجب عليّ القضاء عليهم قبل أن يهربوا!"

"تعليماتي واضحة يا دانفرز!" عاد صوت روس أقوى وأكثر صرامة: "لقد حصلنا على الهدف الأساسي. تذكروا الاتفاق مع الثمانية! هدفنا كان بروس بانر. نجاح المهمة هو أولويتنا القصوى، وليس تدمير بقية المدينة في معركة شخصية! انسحبي فورًا أو سيتم اعتبارك خارج نطاق السيطرة!"

توقفت كارول، ويدها ما زالت ترتعش من القوة المكبوتة. نظرت إلى بليك بعيون مليئة بالوعيد الكوني، ثم إلى الجنود الذين كانوا يحملون بروس بانر بعيدًا بسرعة مذهلة.

شعرت نيرو بهزة خفيفة، وأدركت أن كارول دانفرز كانت تتلقى الأوامر من مركز القيادة العسكرية، وأن القيادة كانت تضع هدفها الخاص فوق رغبة كارول في الانتقام أو تصفية التهديدات الكونية الأخرى.

نظرت كارول إلى المجموعة المنهكة، ثم استدارت، لتطلق انفجارًا كونيًا في الهواء كعلامة على استيائها، مما أدى إلى تدمير بقايا ناطحة سحاب قريبة بالكامل، وسارعت بالابتعاد بسرعة الضوء.

هدأ المكان فجأة، وبقي فقط صوت سيارات الإسعاف والعربات المدرعة وهي تبتعد حاملة بروس بانر بعيدًا، مع الجنرال روس على الأرجح في القيادة.

تنفس بليك الصعداء، وشعر بركبتيه ترتخيان قليلاً.

"كاد أن يكون الأمر النهاية،" همس بليك، متوجهًا إلى نيرو: "حسنًا، نيرو، ما الذي حدث بالضبط؟ لماذا انسحبت؟ وما هي خطتهم الآن؟"

أجابت نيرو، وهي تعيد تنظيم أختامها الذهبية وتستعيد قوتها المُستنزفة: "لقد كان هدفهم الأساسي، بل الوحيد، هو بروس بانر. لقد أُمرت كابتن مارفل بالمساعدة في تأمين المنطقة والقضاء على أي كائنات غير بشرية أخرى، لكن إخفاقها في الجولة السابقة أمام ميليوداس وكليب رثيأ جعلها تتحول إلى 'تهديد ثانوي'. الجنرال روس لا يريد تدمير ما تبقى من المدينة بسبب قتال غير مُجدٍ. لقد نجحوا في مهمتهم، وهي استعادة أداة سلاحهم الفتاكة. إنهم الآن سيعودون إلى قاعدتهم الجبلية."

بابادوك، الذي استقام الآن، سأل ني يان: "قاعدتهم الجبلية؟ هل هذه هي نفس القاعدة التي يحتجز فيها 'الثمانية' أختك؟"

أومأ ني يان برأسه بحزن شديد وغضب بارد: "نعم. لقد كنت أستمع إلى تردداتهم طوال المعركة. القاعدة تقع في كهف ضخم تحت جبل بعيد عن شنغهاي، إنها المكان الذي يحتجزون فيه أختي لين ويعقدون فيه اجتماعاتهم. لقد استخدموا بروس بانر كطُعم لجذبنا ثم استعادوه."

"هل تعرف الموقع تحديدًا؟" سأل بليك، وقد اشتد تركيزه.

"أعرف الإحداثيات العامة. لكنها محصنة بجنود وأجهزة رصد وسحر لم نرَ مثله من قبل،" أجاب ني يان، وهو يضع بندقيته على كتفه: "لابد أنهم يحتفلون الآن. لقد أسروا الهالك ونجحوا في إجبارنا على التراجع. حان الوقت لكي ننتقل إلى مرحلة الهجوم."

تنهد بليك، وجمع آخر ما تبقى من إرادته وقوته، ثم وجه كلامه إلى الجميع: "إذًا... لقد نجوا من كارول دانفرز، وتمكنوا من الإفلات من قبضة الهالك، والآن تم تحديد هدفنا الأخير. هذه هي فرصتنا الأخيرة للتحرك قبل أن يتمكنوا من استخدام بروس بانر كسلاح ضدنا، أو قتل أخت ني يان."

وأضاف بليك، وهو ينظر إلى الأفق المُلَبَّد بالغيوم: "يجب علينا أن نجمع قوى التحالفات الأخرى، ونضع خطة دقيقة للغاية للوصول إلى الجبل. هذه المرة، لن يكون هناك مجال للخطأ، ويجب أن نكون مستعدين لمواجهة الجيش، المليارديرات، وربما كارول دانفرز مجددًا في عقر دارهم."

"أين ميليوداس الآن؟" سأل غوست رايدر، وعيناه لا تفارقان آثار الحطام الكوني. "ذلك الشيطان كان له دور في إنقاذنا. يجب أن يتواجد في صفوفنا."

"لقد انسحب ميليوداس بمجرد أن أدرك أن القتال ضدهم سيؤدي إلى استنزاف متبادل. لقد رأيت طاقة الظلام تتجه نحو الجنوب،" أجابت نيرو. "لكنه لن يختفي. هدفه هو العثور على حبيبته إليزابيث. وسيعود حتمًا إذا شعر بوجود قوة قوية قادمة في طريقه."

"سنذهب إلى مركز تجمعنا الأخير،" قال بليك، وهو يسند بابادوك ليساعده على المشي: "سنحتاج إلى ليون وفريقه، وأي حليف آخر يمكننا تجميعه.

سنتحرك بسرعة، تحت غطاء هذا المطر والخراب. لدينا الآن هدف واحد: جبل الثمانية."

بدأت المجموعة تتحرك بصمت، تاركة خلفها المشهد المرعب للمدينة المدمرة، وكل واحد منهم يحمل عبء الإصابات وثقل الهدف المشترك: الانتقام، والإنقاذ، وإسقاط النظام الفاسد الذي وظف القوى الكونية والوحشية لتحقيق أهدافه. لم يكن هناك وقت للراحة.

كان المشهد أشبه بلوحة كئيبة رُسمت بمسحوق البارود ودم الغاما. تجمَّع الأبطال فوق حطام مبنى مُنهار، كانت قمته الوحيدة هي التي صمدت أمام موجة الهجوم الكوني والهالكي الأخير. جلسوا بوهن، وكل منهم يحاول التقاط أنفاسه المتقطعة، كانت الإصابات ظاهرة في ملابسهم الممزقة وجروحهم التي بدأت تتخثر ببطء.

جلس بليك على حافة ركام خرساني، واضعًا كوعه على ركبته، ونظره مُثبَّت على الظلام الذي ابتلع المدينة. إلى جانبه كانت نيرو تُغلق عينيها، تستخدم آخر ما تبقى من قواها لترميم أختامها الداخلية، بينما كانت مونو تمسح جرحًا سطحيًا على خدها الذهبي. ني يان كان ينظف بندقيته بأصابع متوترة، بينما كان غوست رايدر، الذي عاد إلى شكل جوني بليز، يضع رأسه بين يديه، يتأمل بعمق في التناقض بين عدالته النارية وعدالة كارول دانفرز الباردة.

أما بابادوك فكان الأكثر إرهاقًا، كان جسده النحيل يرتعش بعد تحوله الجني الضخم. استند إلى حقيبته المدرسية القديمة، يلهث بصعوبة، كانت الهالة الجنية حوله ضعيفة وكأنها على وشك الانطفاء.

كسر بليك الصمت الثقيل. التفت نحو بابادوك، ونظراته تحمل مزيجًا من القلق والاتهام المكبوت.

"بالمناسبة، أتعرف أين هو أكيهيكو؟ لم أجده في أي مكان منذ أن بدأ كل هذا العبث."

رفع بابادوك رأسه، وشعر بألم طفيف في عضلات فكه من ضربة بليك الدقيقة التي أخرجت الهالك. حاول أن يستعيد رباطة جأشه.

"أكيهيكو؟ حسنًا، عندما دخلت أنت لتقابل المليارديرات أول مرة في ذلك المنزل الملعون، أنا وأكيهيكو دخلنا وراءك."

عبس بليك. "ماذا؟ دخلتما ورائي؟ ولماذا بحق الجحيم لم تخبراني؟"

"كنا قلقين عليك،" تابع بابادوك، متجاهلاً غضب بليك المتزايد: "لكننا افترقنا بعد ذلك بوقت قصير. لقد ذهب من ناحية مختبرات أمبريلا تحديدًا، كان يبحث عن شيء هناك، وربما كان يبحث عنك. لكن بعد ذلك لم أجد أي معلومة عنه أو أثر لقوته."

تنهد بليك بعمق، وكأن العبء كله قد سقط فجأة على كتفيه المنهكتين.

"ولماذا أنتما الاثنان دخلتما ورائي أصلًا؟ لو لم تدخلا، لربما لم تحدث كل هذه المشاكل!"

نظر بابادوك إلى بليك بعينين واسعتين تعكسان استغرابًا واضحًا من تركيز بليك على هذا الجانب بالذات، وكأن دخولهم هو أصل البلاء، بينما العالم ينهار حولهم.

"آسف، لكنني لم أكن أعلم أن دخولي سيؤدي إلى كل هذا الدمار. أردت أن أسألك كيف جرت مناقشتك مع المليارديرات اللعناء؟ لقد اختفيت لفترة، ثم فجأة عدت والكتاب في يدك، وحرب عالمية على وشك الاندلاع."

هز بليك رأسه بألم، ثم فرك صدغه بإصبعيه.

"آه... لقد كان الأمر جنونيًا. لقد طلبوا مني أن أبيع لهم كتاب شمس المعارف مقابل أن يساعدوني في إحياء امبراطور الصين القديم، كان طلبهم غريبًا جدًا."

تدخلت نيرو، التي كانت تستمع بتركيز: "إمبراطور الصين؟ أي إمبراطور؟"

"لم يذكروا اسمه تحديدًا،" أجاب بليك: "لكني رفضت ذلك العرض السخيف. كان واضحًا أنهم يريدون الكتاب لأهدافهم الشيطانية. وعندها بدأت المعركة. توالت الأحداث، واشتعلت الأمور، والتقيت ببانر وني يان، والآن انتهى بنا المطاف هنا."

عاد بابادوك للاستغراب مرة أخرى، وهذه المرة كانت الصدمة مرسومة على وجهه بالكامل. رفع حاجبه وقال: "يبدو أنك مررت بالكثير... لكن لماذا بحق الجحيم يريدون إحياء إمبراطور مات منذ مئات السنين؟ ما الذي يمكن أن يقدمه لهم الآن؟"

"لا أعلم،" اعترف بليك بصدق. "لكنهم كانوا مستعدين لقتل أي شخص من أجل الحصول على الكتاب، وواضح أن الإمبراطور له أهمية قصوى في مخططهم، ربما له علاقة بالسحر القديم أو السيطرة على العوالم."

في تلك اللحظة، ظهر ظل غامق على حافة المبنى المنهار. كان ميليوداس، قائد الشياطين، يقف هناك. كانت هالته الشيطانية قد خفتت كثيرًا بعد قتاله العنيف مع كابتن مارفل، لكن عينيه الحمراوين كانتا تلمعان بتركيز لاذع. كان ينظر إليهم بهدوء، وكأنه يدرسهم قبل أن يقرر ما إذا كانوا يستحقون اهتمامه.

قال ميليوداس بصوت خفيض لكنه يحمل قوة هائلة: "لو أردتم معلومات عن أكيهيكو... فعندي الكثير."

انتفض بليك من جلسته، ونسي كل آلامه. نظر إلى ميليوداس بصدمة خالصة، ثم تحولت الصدمة إلى لهفة وشوق لمعرفة مصير صديقه.

"ميليوداس! يا للعجب! ماذا تعرف عنه؟ وكيف حاله؟ تكلم! أين وجدته؟"

تقدم ميليوداس خطوة، مستندًا على سيفه المكسور جزئيًا.

"حسنًا، على ما أظن، كان أكيهيكو في مختبرات أمبريلا يواجه بعض المصاعب، إلى أن ظهر وحش ضخم من اللامكان وتسبب بانفجار المختبر. لكنني انقذته في اللحظة الأخيرة، هو وشخص آخر كان هناك يُدعى ليون. كان ليون قد قدم لغرض إسقاط أمبريلا التي تستخدم تجارب بيولوجية مُشينة على البشر."

تنهدت نيرو بارتياح خفي عندما سمعت أن ليون بخير.

أكمل ميليوداس: "تحالفنا أنا وليون وأكيهيكو. دخلنا المختبر المدمر وهناك واجهنا عدوًا قويًا يُدعى غيلثاندر. لقد تسبب غيلثاندر بجروح عميقة لأكيهيكو، وكاد أن يقتله. لكني تمكنت من هزيمته بفضل قوته الشيطانية. بعد ذلك، ساعدتنا امرأتان، تدعيان هاي يونغ وجو يون، وهما منقلبتان على المليارديرات بعد أن كانتا تعملان معهم سابقًا. لقد وضعتا أكيهيكو في مكان آمن للعلاج، وهذا ما أوصلني إلى ما وصلت إليه الآن."

"وحش ضخم من اللامكان؟" تساءل بليك، وهو يربط الأحداث: "غريب جدًا. أنا أيضًا ظهر لي وحش سرعوف عملاق في طريق عودتي من مقر المليارديرات. ما هو سبب ظهور هذه الوحوش الغريبة يا تُرى؟ هل هي تجارب أمبريلا أم ماذا؟"

تدخل بابادوك فجأة، وكانت عيناه تدوران بهلع خفي.

"إنه أنا السبب."

التفت بليك والمجموعة كلها نحو بابادوك في صدمة كاملة. بليك لم يصدق ما سمعه.

"أنت السبب؟ ماذا تقول يا بابادوك؟ اشرح الآن!"

شعر بابادوك بالخجل والحرج الشديد، لكنه اضطر للبوح بالحقيقة.

"حسنًا، عندما ذهبت في جهتي بحثًا عنك، وجدت مكانًا مليئًا بالروايات والقصص القديمة، وكان هناك قبو مظلم فيه سجينان مقيدان. كان السجينان يُدعيان فيرتشايلد وإليزابيث."

في اللحظة التي نطق فيها بابادوك باسم إليزابيث، شعر ميليوداس بصدمة هائلة هزت كيانه الشيطاني. كانت عيناه تتسعان، وتنفسه يكاد يتوقف. كان هذا هو الاسم الذي كان يبحث عنه بلهفة ويأس منذ قرون. تحرك ميليوداس بسرعة غريزية نحو بابادوك.

لم يعر بابادوك اهتمامًا لصدمة ميليوداس، واستمر في سرد روايته المضطربة.

"حسنًا، بعد أحداث عديدة نسبيًا، خرج من القبو كم هائل من الوحوش السحرية والكيانات الغريبة من خارج الكتب التي كانت محبوسة في ذلك القبو. وعلى الأغلب، فإن السرعوف الذي قابلته أنت يا بليك كان وحشًا من تلك الروايات."

قفز بليك على قدميه في غضب هائل، وعيناه تشتعلان.

"هل أنت جاد يا بابادوك؟ هل أنت جاد في هذا التهور الذي كاد أن يدمر العالم؟ لقد أطلقت كائنات سحرية من الكتب إلى الواقع! لماذا فعلت ذلك؟ هذا تهور يفوق كل حدود! لم يكن يجب عليك العبث بهذه الأمور أبدًا!"

حاول بابادوك التهدئة. "كان الأمر ضروريًا! كان هناك هدف. على أي حال... منزلنا كان فيه طوابق عديدة. قاتلنا العديد من الوحوش حتى وصلنا إلى الطابق السفلي. وهناك وجدنا الكتابة التي سوف تقوم بإرجاع جميع الوحوش إلى داخل الكتب مرة أخرى."

أكمل بابادوك: "ثم، وجدنا قليلة فضائية تُدعى الريف، وقمنا بإنقاذها من الأسر. ثم تركناهم في الغابة بعيدًا عن المدينة، ومعهم إليزابيث أيضًا."

انقلبت حالة الصدمة والغضب لدى بليك إلى ذهول مطلق. فتح فمه بصعوبة.

"فضائيون؟ هل تقول إن الفضائيين حقيقيون؟"

أما ميليوداس، فقد تحول الغضب في عينيه إلى نار خالصة. كان يرتجف، وكان على وشك الدخول في وضع التدمير.

"إليزابيث؟ تركتها لوحدها؟ في الغابة؟ ومع مخلوقات فضائية لا نعرف عنها شيئًا؟ أنتظر، هل أنت تُدرك من هي إليزابيث؟"

"لا،" أجاب بابادوك ببساطة، وقد ضاق ذرعًا بالصراخ والغضب.

"حسناً، عندها التقيت أنا بجوني بليز (غوست رايدر)، وكونت أنا وماركو صداقة. وهذا ما أوصلني إلى هنا."

توقف بابادوك عن الكلام، وساد صمت ثقيل. كان كل واحد منهم يحدق في الآخر، مُدركًا أن كل الأحداث التي مروا بها كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتهور بابادوك في إطلاق الوحوش، وبأن الصراع الحالي لم يعد صراعًا محليًا، بل صراع على مستوى الأكوان والكيانات الغريبة. كان عليهم أن يجدوا إليزابيث، وأن يعيدوا الوحوش إلى الكتب، قبل أن يركزوا على إنقاذ أخت ني يان وإسقاط المليارديرات. المهمة كانت أصعب مما تصوروا بكثير.

كان المشهد أشبه بلوحة كئيبة رُسمت بمسحوق البارود ودم الغاما. تجمَّع الأبطال فوق حطام مبنى مُنهار، كانت قمته الوحيدة هي التي صمدت أمام موجة الهجوم الكوني والهالكي الأخير. جلسوا بوهن، وكل منهم يحاول التقاط أنفاسه المتقطعة، كانت الإصابات ظاهرة في ملابسهم الممزقة وجروحهم التي بدأت تتخثر ببطء.

على الرغم من الإرهاق الشديد، اندفع بليك نحو حافة الركام، عندما اهتزت كومة أنقاض قريبة. لم يكن اهتزازًا عنيفًا، بل تحرُّكًا محسوبًا ومُتَأنِّيًا.

خرج من بين الحطام ثلاثة كائنات. الأول كان رجلاً نحيلًا، مظهره يوحي بأنه كاتب أو فنان، يحمل تحت ذراعه آلة كاتبة قديمة. كان هذا فيرتشايلد. إلى جانبه، رجل آخر ذو بنية قوية، يرتدي ملابس خشنة تحمل آثار معارك سابقة، كان ماركو. وأخيرًا، كان قط الكذب، القط الأسود الضخم ذو العينين الصفراوين، يمشي بتفاخر بين أقدام الرجال.

اقترب الثلاثة بهدوء. كان بابادوك هو أول من ابتسم وسط حطامه.

"أهلاً بكم أيها الرفاق، يبدو أنكم نجحتم في تجاوز الجنود."

أومأ فيرتشايلد برأسه، وهو يمسح الغبار عن آلة كتابته، وقال بصوت خفيض ومرتَّب: "لقد تطلب الأمر القليل من التلاعب بالواقع وبعض الكلمات الدقيقة، لكننا وصلنا. الجنود ليسوا عقبة بقدر ما هي الوحوش الحقيقية التي تملأ الضفة الشرقية الآن."

تقدم ماركو، ونظر إلى بليك مباشرة. كانت نظراته مليئة بالجدية والهدف.

"أنا ماركو، وهذا فيرتشايلد، وهذا هو قط الكذب. نحن هنا لتحقيق هدفين: إرجاع قومي إلى كوكبنا باستخدام المركبة الموجودة في تلك الضفة، وإعادة تلك الوحوش الملعونة إلى الكتب التي خرجت منها."

كان بليك يحدق في قط الكذب بنظرة غريبة. نسي بليك للحظات الانهيار الكوني والتهديدات.

"يا إلهي..." همس بليك، متجاهلاً ماركو وفيرتشايلد: "إنه قط أسود هائل. هل يمكن... هل يمكنني أن أداعبه؟"

هز بابادوك رأسه بيأس. تجاهل الجميع لحظة بليك العاطفية، وأدركوا أن التحالف قد اكتمل الآن، رغم غرابة أعضائه.

وقف بليك، وارتفعت قامته فوق الحطام. مسح وجهه من الوحل وجمع شتات قوته. لقد انتهى وقت تبادل الاتهامات والسرد.

"حسنًا. لقد اجتمعنا أخيرًا. لا وقت لدينا للجدال أو لتبادل القصص العائلية. لننظر إلى الهدف والتهديدات بشكل واضح جدًا."

وضع بليك يده على الكتاب الذي كان يضعه بجواره، ثم أشار بحركة حاسمة بيده إلى المجموعات المُنقسِمة.

"هدفنا الآن مُنقسم إلى أربعة محاور يجب تنفيذها بتزامن: أولًا، إنقاذ بروس بانر من قبضة الجيش. ثانيًا، إرجاع جميع الوحوش السحرية إلى الكتب قبل أن تُدمر المدينة بالكامل. ثالثًا، إيجاد أكيهيكو والتأكد من سلامته. رابعًا، تدمير المليارديرات وإنقاذ أخت ني يان من قاعدتهم الجبلية."

بدا ميليوداس وكأنه لم يكن يستمع إلى أي شيء سوى الاسم الذي كان يتردد في أعماقه.

"اسمعوني جيدًا،" قال ميليوداس بصوت ثابت لا يقبل النقاش: "إن هدفي الوحيد من الوجود في هذه المدينة، أو حتى في هذا العالم، هو إنقاذ إليزابيث وضمان سلامتها. لقد تركتموها في الغابة مع كيانات غريبة لا تعرفونها. لذا، سوف أذهب إلى مكانها في الغابة حاليًا. لن أشارككم في أي قتال أو تدمير للمليارديرات حتى أضمن سلامة إليزابيث. هذا هو عهدي."

أومأ بليك بفهم، رغم إحباطه لخسارة قوة ميليوداس الهائلة. "نعم، أدرك ذلك. سلامة إليزابيث هي أهمية قصوى الآن."

تدخل بابادوك بعزم مُتجدِّد، وهو يشد على قبضته.

"أنا أيضًا، يجب عليَّ أن أُصلح خطأي وأُعيد الوحوش إلى الكتب. أنا من تسبب في إطلاقهم، وأنا من يجب أن يُعيدهم. لذا، سوف أذهب مع فيرتشايلد إلى الضفة الشرقية من المدينة، حيث تكثر وحوش الكتب، وسنبحث عن تلك الكتابة السحرية التي ذكرتها."

أكد ماركو موقفه: "أنا أيضًا سوف أذهب مع بابادوك وفيرتشايلد. لأن هدفي الأول هو إنقاذ قومي والخروج من هذا الكوكب. ومركبتي الفضائية موجودة في الضفة الشرقية من المدينة أيضًا. هذا هو المكان الذي يجب أن نتجه إليه الآن."

نظر بليك حوله، وشعر بالعبء يزداد على كتفيه مع كل شخص ينسحب من مهمة القتال الرئيسية.

سأل بليك بنبرة متهدجة: "إذًا، من سوف يواجه المليارديرات ويقتحم قاعدتهم لإنقاذ أخت ني يان ومهندسنا بروس بانر؟ لقد خسرت للتو ثلاثة محاربين أقوياء."

رفع ني يان رأسه، وتوهجت عيناه ببرودة قاتلة.

"لا تقلق بشأن ذلك. أنا سأذهب مائة بالمائة لإنقاذ أختي في مقر المليارديرات. إنها حياتي. وكـ معلومة، فجميع مستعملي الستاند الذين قاتلتهم وهزمتهم قد هُزموا بالكامل. ما عاد ذاك اللعين... كاكيوين."

تجمد بليك عند سماع ذلك الاسم. زمجر غاضبًا، وكانت عيناه تشتعلان بغضب قديم ومُتجذِّر.

"كاكيوين! هل ما زال ذلك الوغد حيًا ومُتحالفًا معهم؟ هذا أمر لا يُطاق! يجب عليّ مواجهته!"

رفعت مونو يدها، وكانت تعابيرها هادئة لكنها تحمل إصرارًا لا يتزعزع.

"أنا سوف أذهب وأنقذ بانر إذن. هو بحاجة إلى مساعدة، ولن أتركه يقع فريسة للجيش أو الثمانية."

شحب وجه بليك قليلاً. كان يعرف أن مهمة إنقاذ بانر تعني اقتحام القاعدة العسكرية المحصنة، وربما مواجهة كابتن مارفل مرة أخرى في ذروة قوتها.

"مونو! هل أنتِ متأكدة؟ هذا يعني مواجهة الجيش بالكامل، وربما تلك المرأة المتوهجة مجددًا! إنها ليست مجرد معركة، إنها حرب شاملة!"

تدخلت نيرو على الفور، وقد وقفت إلى جانب مونو، وكانت تضع يدها على كتفها كتعبير عن التضامن غير القابل للكسر.

"لا تقلق يا بليك. أنا سوف أذهب معها. إن قوتنا مجتمعة، المانا الذهبية من مونو والأختام الزرقاء مني، قادرة على إلحاق الضرر بتلك اللعينة كابتن مارفل. سوف نقاتل معًا وسنسقطها."

تنهد غوست رايدر، جوني بليز، وأطلق صوتًا عميقًا أشبه بهدير شاحنة ضخمة.

"حسنًا، سوف أذهب معهما لمساعدتهما في هزيمة ذلك العالم. أنا مدين لهما بمواجهة تلك المرأة المتلألئة. يجب أن أُريها معنى العدالة الحقيقي، وليست عدالة الأوامر العسكرية أو الطاعة العمياء. سأذهب لأُقاتل إلى جانب مونو ونيرو وني يان."

نظر بليك إلى مونو ونيرو، ثم إلى جوني بليز وني يان. شعر بالخوف يتسلل إلى قلبه من هذه التضحيات، لكنه رأى في عيونهم ثقة هائلة لم يسبق لها مثيل. لم يستطع بليك أن يترك ذلك الكاكيوين يفلت، ولا أن يترك الكتاب بحد ذاته يغادر منطقة سيطرته.

أغلق بليك عينيه للحظة، ثم فتحهما بعزم لا يتزعزع، وهو يحمل الكتاب في يده.

"لا. لن أترك الكتاب يغادرني. لا أستطيع أيضًا أن أترك كاكيوين دون مواجهة. يجب أن أذهب مع فريق الضفة الشرقية لسببين. الأول، هو الكتاب، قوتي الوحيدة هي فيه، والثاني، هو أنني الوحيد القادر على التحكم بالسحر القديم اللازم لإعادة الوحوش."

أشار بليك بيده إلى المجموعات المُنقسِمة، وبدا عليه الإصرار والعزم.

"حسنًا! الخطة باتت واضحة الآن. هذا هو التوزيع:

"أولًا: مونو ونيرو وغوست رايدر وني يان، سوف تذهبون لاقتحام مقر المليارديرات. هدفكم هو إنقاذ أخت ني يان وتحرير بروس بانر ومواجهة كاكيوين إن ظهر. يجب أن تكونوا مثل الظلال."

"ثانيًا: أنا (بليك) وبابادوك وفيرتشايلد وماركو وقط الكذب، سوف نذهب إلى الضفة الشرقية. هدفنا هو هزيمة وحوش الكتب وإرجاعها إلى مصدرها، وتأمين مركبة ماركو. وسأبحث عن أكيهيكو أثناء تواجدنا هناك."

مدت كل مجموعة قبضتها إلى الأمام. وضع بليك قبضته على رأس المجموعة، وشعر الجميع بالمسؤولية تنبعث من هذه اللحظة.

صرخ الجميع بصوت واحد يمزق سكون المدينة المهلكة:

"هيا بنا! لأننا في هذا اليوم سوف نحصل على الفوز!"

انفصلت المجموعتان، وبدأ كل فريق يتحرك نحو مصيره المُحدَّد في هذا الليل الطويل والمُحفوف بالمخاطر. كان التفكك هو الطريق الوحيد الآن للنجاة وإعادة ترتيب صفوفهم في وجه العدو الذي

لا يرحم.

2025/11/19 · 14 مشاهدة · 3582 كلمة
TOD18
نادي الروايات - 2025