في قلب المتاهة المظلمة والمُعقدة تحت الأرض، حيث تتشابك شبكات الكهوف الطبيعية مع الأنابيب والقنوات المتروكة لمختبر تراي سيل (TRICELL) القديم، كانت خطوات ثلاثة من عملاء النخبة تتردد بعناية.
كان ليون إس. كينيدي يتقدمهم، ممسكاً بندقيته الهجومية بقبضة خبيرة، ومصباحه اليدوي يمزق الظلام بضوء أبيض بارد.
كانت آثار المعارك الكونية الأخيرة لا تزال واضحة على سترته الجلدية الممزقة جزئياً، لكن تركيزه لم يتأثر. كانت إستراتيجيته واضحة: تجاهل الضجيج الكوني في الخارج والبحث عن مصدر الاضطراب البيولوجي في الداخل.
همس ليون، وصوته كان يرتد على جدران الكهف الرطبة: "وفقاً للتقارير، يجب أن يكون هذا هو المستوى السفلي، المستوى الذي يضم أقدم الأبحاث. هل ما زلتِ متأكدة من أن التهديد هنا له علاقة مباشرة بالفيروسات القديمة، جيل؟".
تبعته جيل فالنتاين مباشرة، وهي تحمل مدفعها الرشاش خفيف الوزن، وعيناها الزرقاوان تتفحصان كل زاوية. "هذا هو شعوري، ليون. المانا، أو الغاما، أو أي شيء سميتموه، هو شيء خارق للطبيعة. لكن الانهيار الهيكلي الذي رأيناه في بعض الأجزاء العلوية يشبه تماماً الضغط البيولوجي لـ الـ Progenitor في أسوأ حالاته. هناك طاقة مجهولة تتجمع في الأسفل، ولا يمكن أن تكون عادية".
كانت ريبيكا تشامبرز تسير في المؤخرة، تحمل مجموعة أدوات طبية متقدمة، وتركيزها منصب على جهاز استشعار الموجات الحيوية الذي كان في يدها. "جيل محقة. جهاز الرصد يلتقط توقيعاً بيولوجياً لم أره من قبل. إنه مزيج غير مستقر من طاقة حيوية فائقة التركيز، تذكرني بـ Uroboros، لكنها أكثر كثافة بآلاف المرات. هذا المختبر ليس مجرد كنز دفين؛ إنه صندوق باندورا".
توقفوا فجأة عند نهاية النفق الحجري، ليجدوا أمامهم باباً فولاذياً ضخماً، مغطى بشعار تراي سيل الذي يبدو شبه ممحو. كانت رائحة الأوزون والصدأ تنبعث من الباب بقوة.
"إذن، هذا هو المكان"، قال ليون. "ماذا وراءه؟ هل هناك نظام أمني مازال يعمل؟".
أجابت جيل وهي تفحص لوحة التحكم الصدئة بجوار الباب: "النظام الأمني كله متحلل. لكن انظروا إلى هذا...". أشارت إلى الكتابات القديمة المنحوتة بجوار الباب. كانت رسوماً بيانية معقدة تتحدث عن "الكمال" و "الخلق". "هذا ليس مجرد مختبر، ليون. هذا ضريح علمي".
نجح ليون في فتح الباب بعبوة بلاستيكية صغيرة متفجرة زرعها بعناية. انفتح الباب على مصراعيه بصرير مرعب، ليكشف عن غرفة أسطوانية ضخمة ومُظلمة. في منتصف الغرفة، كانت منصة دائرية ضخمة تضيء بضوء أخضر خافت، يتصاعد منها ضباب كثيف.
صرخت ريبيكا فجأة، وهي تشير إلى شيء في منتصف الغرفة: "انظروا! هذا هو... درج الشمس!".
في قلب المنصة، كان هناك تركيب معقد من الأوعية الزجاجية والأنابيب المتشابكة، يرتفع في شكل لولبي ضخم نحو السقف. لم يكن درجا بالمعنى الحرفي، بل كان برجاً كيميائياً حيوياً، كان يبدو وكأنه آلة قديمة تعمل على معالجة مادة حيوية نقية. كان هذا التركيب هو مصدر تركيز الفيروس الأول، الـ Progenitor، الذي ولدت منه جميع الفيروسات الكارثية. كان "درج الشمس" هو قلب الشر البيولوجي في هذا العالم.
"إنه مصدر الـ Progenitor الخام"، قال ليون بذهول. "لا أصدق أن تراي سيل احتفظت به في هذا الموقع. هل ما زال نشطاً؟".
قبل أن تجيب جيل، اهتزت الأرض بعنف تحت أقدامهم. بدأ ضباب أخضر كثيف ينتشر بسرعة من قاعدة "درج الشمس"، وكانت الجدران الصدئة تبدأ بالتشقق.
"انتبهوا!" صرخت ريبيكا، وهي ترفع سلاحها. "التوقيع الحيوي ارتفع بشكل جنوني! هذا الكائن كان ينتظرنا عند مصدر قوته!".
من بين الضباب الكثيف المتصاعد، ظهر كائن مرعب. كان عبارة عن كتلة ضخمة ومُتعفنة من اللحم الحي، مغطاة بأشواك عظمية تتشابك مع أشرطة Uroboros الفيروسية التي كانت تتلوى وتتطاير في كل اتجاه. كان له شكل أقرب إلى دودة عملاقة مشوهة، لكنها تمتلك قوة خارقة.
"إنه Uroboros Mkono!" صاحت جيل. "هذا الكائن أقدم وأكبر وأكثر كثافة من أي شيء رأيناه من قبل! لقد تغذى على طاقة الـ Progenitor الخام لسنوات!".
تراجع ليون خطوة إلى الوراء، لكنه حافظ على ثباته. "إنه سلاح بيولوجي من المستوى الخامس. لا يمكننا هزيمته بالرصاص وحده. يجب أن نهاجم نقطة ضعفه! ابحثوا عن أي أنسجة عضوية غير مغطاة بأشرطة Uroboros السوداء!".
بدأ الكائن الهائل يزحف نحوهما، واندفعت أشرطة Uroboros السوداء الملتوية كأفاعٍ غاضبة، تحاول الإمساك بهم وتفجير نفسها بالقرب منهم.
"هذه المرة لا توجد دبابات أو طائرات لتفجره!" صاحت ريبيكا، وهي تطلق النار من مسدسها على نقاط التركيز البيولوجي، لكن الرصاصات كانت تُمتص في كتلة اللحم دون إحداث ضرر يُذكر.
تحركت جيل بخفة، متفادية شريطاً عملاقاً كاد أن يلتف حول جسدها، ثم أطلقت دفعات متتالية من بندقيتها الرشاشة نحو عين الكائن الحمراء المتوهجة.
"أصابوا عينيه!" صرخت جيل. "ربما تكون تلك هي نقطة ضعفه الوحيدة!".
رد ليون بسرعة. أطلق قنبلة يدوية ذات ضوء فلاش ساطع نحو الكائن، مما أدى إلى تشتيت انتباهه للحظة. استغل ليون هذا التشتيت ليقفز فوق كتلة صخرية قريبة وبدأ بإطلاق النار بدقة على نقاط اتصال الأشرطة السوداء بالجسد الرئيسي لـ Mkono.
"إنه يتغذى على درج الشمس!" لاحظت ريبيكا، وهي تطلق قنابل حارقة صغيرة نحو قاعدة البرج الكيميائي. "إذا دمرنا المصدر، قد يضعف الكائن!".
ولكن Mkono كان سريعاً. أطلق موجة صوتية بيولوجية قوية هزت الكهف كله. سقط ليون وجيل وريبيكا على الأرض بعنف، وشعروا بألم حاد في آذانهم.
"لا... لا يمكننا تدمير الدرج مباشرة!" صرخ ليون وهو ينهض بصعوبة. "قد يُطلق هذا تفاعلاً تسلسلياً يمزق المنطقة بأكملها! يجب أن نستخدم البيئة ضده!".
لاحظ ليون شيئاً يلمع في الزاوية، كان عبارة عن أنبوب ضغط بخار عملاق صدئ.
"جيل، ريبيكا! وجهوا إطلاقكم نحو صمام الضغط خلف الكائن! يجب أن نطلق كمية هائلة من البخار الساخن عليه! قد تكون الحرارة هي نقطة ضعفه!".
دون تردد، وجهت جيل وريبيكا بنادقهما نحو الصمام الصدئ خلف Uroboros Mkono وبدأتا بإطلاق النار المستمر والدقيق. كان Mkono يدرك الخطر، فبدأ يطلق أشرطة Uroboros بشكل عشوائي نحوهم، محاولاً حماية الصمام.
كان ليون يتحرك بمهارة عالية، يطلق دفعات قصيرة من بندقيته لجذب انتباه الوحش، ويتفادى الأشرطة الفيروسية ببراعة. بعد لحظات من القصف المُركَّز، انفجر الصمام الصدئ بضوضاء مدوية، مُطلقاً عموداً ضخماً من البخار الأبيض الساخن كالجحيم مباشرة على ظهر Uroboros Mkono.
أطلق الكائن صرخة مؤلمة رهيبة، وبدأت أشرطة Uroboros السوداء على ظهره تتيبس وتتصلب بسبب الحرارة الهائلة. بدأت كتلة لحمه تتقلص بشكل ملحوظ.
"هذه هي فرصتنا!" صرخ ليون. "ري بي كا، جيل! كل ما لديكم على الأنسجة المتصلبة! الآن!".
وجه العملاء الثلاثة نيران أسلحتهم على البقع المتصلبة على ظهر Mkono. تحولت الأنسجة الميتة إلى شظايا تتناثر في كل مكان، وبدأ الوحش العملاق يترنح ويسقط ببطء وثقل هائل على منصة "درج الشمس".
بانفجار أخير، سقط Uroboros Mkono ميتاً، واختفى التوقيع الحيوي الضخم الذي كان يملأ المكان. لكن الأنبوب المُدمر كان لا يزال يطلق البخار الساخن، والمنصة كانت تهتز بعنف.
تنفست ريبيكا الصعداء، وهي تنظف الغبار عن وجهها. "لقد نجحنا. لكنني أظن أننا ألحقنا ضرراً أكثر من اللازم بهذه القاعة. يجب أن نغادر الآن".
نظر ليون إلى الأنبوب المُدمر وإلى منصة "درج الشمس" التي كانت تهتز بشكل خطير. "نعم. لقد أطلقنا الكثير من الضغط. لم نجد شيئاً يربط هذا الكائن بالمانا أو بليك. لكننا وجدنا مصدر الشر البيولوجي الذي يهدد العالم. علينا الآن إبلاغ القيادة العليا. لا يمكن ترك هذه المادة الخام بين أيدي أي أحد".
توجه الثلاثة نحو المخرج، وخطواتهم الآن أكثر سرعة وحذراً، بينما كانت الكهوف والمختبر السري تبدأ بالانهيار خلفهم ببطء وثبات، كأنها تحاول دفن أسرارها البيولوجية إلى الأبد.
لم يكد الثلاثة يصلون إلى ممر الخروج الضيق المؤدي إلى المستوى الأعلى حتى شعر ليون بتيار هوائي غريب لم يكن له مصدر منطقي في هذه الأعماق. توقف فجأة، ورفع بندقيته، مصوّباً نحو الظلام الذي يكتنف الممر.
"توقفوا!" همس ليون، وصوته يحمل تحذيراً بارداً. "لست وحدنا. هناك شخص ما ينتظرنا".
استعدت جيل وريبيكا للهجوم، تحركت جيل بخفة لتأمين مؤخرة ليون، بينما رفعت ريبيكا جهاز رصد التوقيعات الحيوية.
"لا يمكنني رصده، ليون. لا يوجد أي توقيع حيوي في النطاق القريب. قد يكون... كائناً من بعد آخر".
قبل أن تتم ريبيكا جملتها، انبعث صوت عميق ورخيم من الظلام، صوت يقطر بالثقة المطلقة والازدراء: "لقد كنتُ أراقبكم أيها العملاء البلهاء. إنكم تنجحون دائماً في المهام الثانوية، لكنكم لا تدركون أبداً حجم اللعبة التي تلعبونها. كنتم أوفياء في تدمير الدودة، لكنكم حمقى بترك مصدرها".
خرج من الظلام كيان ذو هيبة مرعبة. كان ألبرت ويسكر، يرتدي معطفه الأسود الطويل ونظاراته الشمسية المعتمة، رغم الظلام الدامس للمختبر. كانت حركته تتسم بسرعة خارقة، لم يستطع ليون ولا جيل ملاحقتها بالعين المجردة.
توقفت جيل عن الحركة فجأة، ونظرت إلى ويسكر بصدمة، كأنها رأت شبحاً.
ابتسم ويسكر بابتسامة متغطرسة. "جيل. يا له من لقاء، أليس كذلك؟ كنتُ أبحث عنكِ. لكن ليس للقتال، بل لـ الاستخدام".
تحرك ويسكر بسرعة لا تصدق، فاجأ ليون وريبيكا تماماً. وقبل أن يتمكن ليون من إطلاق رصاصة واحدة، كان ويسكر قد أمسك بكتف جيل بقبضة قوية. شعر ليون بغضب عارم: "اتركها وشأنها، أيها القذر!".
لم يهتم ويسكر. في يده الأخرى، كان يمسك بجهاز صغير ومعقد، جهاز حقنه بسرعة فائقة في عنق جيل. الجهاز، الذي كان يُعرف بـ P30، بدأ يومض بضوء أحمر متقطع.
"ماذا فعلت بها؟!" صاحت ريبيكا، وهي تطلق النار نحو ويسكر.
تجنب ويسكر الرصاصات بسهولة تفوق البشر، ثم تراجع خطوة إلى الوراء، وضحكته المريرة تملأ المكان. "لقد منحتها القوة، ريبيكا. قوة لم تحلمي بها. هذا الجهاز يُطلق مُحفزاً عصبياً يربطها بإرادتي. لقد أصبحت الآن سلعة قتالية لا تُقهر، تابعة لي كلياً".
بدأت جيل تتشنج وتتنفس ببطء، وعيناها كانتا تتوسعان ثم تضيقان ببطء مخيف. تحركت ببطء، لكنها كانت سريعة بشكل مخيف، ورفعت سلاحها وصوبته نحو ليون وريبيكا.
تحدثت جيل بصوت رتيب، لا يحمل أي عاطفة، وكأنها آلة مبرمجة: "هدف... محدد. القضاء... على العملاء الأعداء".
شعر ليون بغصة حقيقية في حلقه. "جيل! لا تفعلي هذا! هذا ليس أنتِ! قاوميه! يجب أن تقاومي إرادته!"
رد ويسكر ببرود: "لا فائدة من هذا، ليون. لقد سيطرتُ على قشرتها الأمامية بالكامل. لن تستطيع أن تكسر حاجز سيطرتي إلا إذا تم تدمير جهاز P30 المُثبت في عنقها. وصدقني، إنها الآن أقوى وأسرع منك بمراحل".
اندفعت جيل نحو ليون بسرعة خاطفة، لم يرها تقترب إلا عندما كانت فوهة سلاحها تلامس صدره. تفادى ليون طلقة سريعة بالكاد، لكنه شعر بقوة غير طبيعية في لكمتها اللاحقة التي كادت أن تسحقه.
"جيل، يجب أن تقاتلي إرادته!" صرخت ريبيكا، وهي تطلق النار بشكل تحذيري على الجدران، مدركة أنها لا تستطيع أن تصيب جيل مباشرة.
تحدث ليون بينما كان يتدحرج على الأرض متجنباً دفعة أخرى من جيل. كانت حركتها الآن دقيقة بشكل مخيف وتفتقر إلى أي تردد إنساني. "ليس لدينا خيار! علينا شل حركتها ونزع الجهاز P30! ريبيكا، تذكري موقع الجهاز في عنقها! يجب أن نهاجمه مباشرة!".
بدأ ليون قتالاً يائساً. كانت جيل سريعة وشرسة بشكل لا يُصدق. كان ليون يحاول شل حركتها عبر ضرب نقاط الضعف في الأطراف، لكن جيل كانت تتوقع تحركاته كلها. كانت لكماتها وقوتها تفوق كل ما عرفه ليون عن القتال البشري.
"أنت تضيع وقتك أيها العميل"، سخر ويسكر، وهو يبتعد ببطء نحو الظلام، تاركاً جيل تقوم بالعمل. "قريباً ستكون جيل فالنتاين هي التي تنتهي من حياتك وحياة ريبيكا، وسأتركها لتقوم بمهام أكثر أهمية في هذا الصراع الكوني المضحك".
بصيحة يائسة، ركضت ريبيكا نحو جيل. لم تكن ريبيكا مقاتلة مثل ليون، لكنها كانت سريعة وخفيفة. قفزت ريبيكا على ظهر جيل، محاولة تثبيتها بذراعيها النحيفتين.
"ليون! ساعدني! إنها قوية جداً! لا أستطيع السيطرة عليها!" صرخت ريبيكا، بينما كانت جيل تحاول طرحها على الأرض بعنف.
استغل ليون هذه اللحظة الحاسمة. وجه لكمة قوية إلى صدر جيل، لم تكن لكمة لإيذائها، بل لكمة تشتيت. نجح ليون في إرباكها للحظة كافية، ثم سحب سكيناً قتالياً من ساقه.
"آسف يا جيل! هذا من أجلك!" صرخ ليون.
مع دقة قناص بارع، سدد ليون ضربة سريعة بالسكين نحو عنق جيل، مستهدفاً جهاز P30 الصغير. لم تكن ضربة عميقة، بل ضربة دقيقة لإتلاف الجهاز.
صرخت جيل صرخة مدوية، لم تكن صرخة ألم، بل صرخة تحرر مفاجئ. سقطت ريبيكا عن ظهرها، وتوقفت جيل عن الحركة، وعيناها متسعتان وفارغتان للحظات. ثم بدأت تتنفس بعمق، وكأنها عادت لتوها من تحت الماء.
"جـ... جيل؟" همس ليون، وهو يبتعد بحذر.
نظرت جيل إليه، وعيناها الآن تحملان نظرة رعب وعذاب. "ليون... ريبيكا... أنا... أنا آسفة. لقد... لقد كان جسدي يتحرك بدون إرادتي... أشكركما... أوقفوه!".
أشارت جيل بيد مرتعشة نحو ويسكر، الذي كان قد توقف عن الابتعاد وكان ينظر إليهم بغضب جحيمي بعد تدمير جهازه. لقد فشلت خطته للسيطرة عليها.
"حمقى! لقد أطلقتم سراحها في اللحظة التي كنتُ فيها أخطط لأخذها إلى قمة مجدها! لن أترككم تدمرون مساعيَّ بهذه السذاجة!".
اندفع ويسكر نحوهم بسرعة فائقة، لكنه لم يكن يستهدفهم جميعاً، بل كان يستهدف جيل بحد ذاتها، لربما لتثبيتها مجدداً.
تحدثت ريبيكا بسرعة، وعقلها الطبي كان يعمل بسرعة الضوء. كانت قد التقطت عبوة صغيرة من حقيبتها الطبية تحتوي على جرعة مركزة من لقاح مضاد لـ Uroboros وغيرها من المواد البيولوجية.
"الجرعة الزائدة! ليون! يجب أن نحقنه بجرعة زائدة من المضادات!" صرخت ريبيكا. "لقد استنزف طاقته للتو في تشغيل الجهاز P30! هذه فرصتنا الوحيدة!".
كان ليون مستعداً. بمجرد أن اقترب ويسكر من نطاق الهجوم، أطلق ليون دفعة نارية متتالية نحو أقدام ويسكر، مما أجبره على التباطؤ والقفز لتجنب الانزلاق. هذا التباطؤ كان كل ما يحتاجونه.
اندفعت ريبيكا بخفة نحو ويسكر، ورمت القنينة الطبية بمهارة نحو ليون.
"أطلق عليه النار بالعبوة!" صاحت ريبيكا.
لم يفهم ويسكر الخطة، لكنه رأى القنينة. "ما هذا الهراء؟!"
في اللحظة التي وصلت فيها القنينة إلى ليون، أمسكها وأطلق عليها النار من مسدسه، مما أدى إلى تفجيرها وتحويل السائل المركز داخلها إلى رذاذ كثيف وصل مباشرة إلى وجه ويسكر وفتحتي تنفسه.
شعر ويسكر باختناق مفاجئ، وتوقف عن الحركة. بدأ يسعل بعنف، ويداه تضغطان على عنقه.
"ماذا... ماذا كان هذا؟" سأل ويسكر بصوت متقطع.
"جرعة زائدة من كل شيء!" أجابت ريبيكا بحدة. "من الواضح أنك تحتاج مضادات حيوية! استمتع بفوضى بيولوجية داخلية!".
كان ويسكر يتألم بوضوح، وقوته الخارقة بدأت تتلاشى مع كل سعال. نظر إلى ليون وجيل وريبيكا نظرة حقد لا توصف.
"لن تنجحوا... سأعود..." تمتم ويسكر بضعف، ثم بدأ ينهار ببطء على أرضية المختبر الرطبة، بينما كانت قواه تتفكك تحت تأثير التركيز البيولوجي الهائل.
تنفس ليون الصعداء، وهو يخفض سلاحه. نظر إلى جيل، ثم إلى ريبيكا. "لنعده إلى الخارج. لقد انتهينا هنا. لكنني متأكد من أنه سيعود، كما قال".
نظرت جيل إلى المكان الذي انهار فيه ويسكر، ثم إلى ليون وريبيكا. كانت عيناها الآن ممتلئتين بالإنسانية مجدداً، لكن ظل العذاب كان يكسوهما. "شكراً لكما. لقد أنقذتماني من... نفسي. الآن، علينا إيقاف كل هذا. علينا إيقاف كل شيء".
بدأ العملاء الثلاثة في سحب جسد ويسكر المنهار، ليأخذوه إلى الأعلى لإبلاغ القيادة العليا. كانت المهمة قد انتهت بنجاح، لكن الثمن العاطفي كان باهظاً، وكان التهديد الكوني والبيولوجي قد زاد للتو تعقيداً في عالم ينهار