كان بابادوك ما يزال مُثبتاً على جدار منزل فيرتشايلد، وقبضتا الكيان غير المرئي تطبقان على عنقه بإحكام قاتل. لم يكن هناك صوت سوى القهقهة المزعجة والطفولية التي كانت تهتز في الهواء حوله، كأنها تأتي من مسجل مكسور، تتردد في أذني بابادوك وتزيد من ضغطه. إنه يضحك، يضحك على فشل بابادوك في إدراكه.
شعر بابادوك بعروق رقبته تنتفخ. الخناق يشتد، وقوته الجسدية العادية لا تُجدي ضد كيان هو في الأساس غياب للوجود. يجب أن يستخدم عيونه الجنية.
أغمض عينيه المتوهجتين بضوء الجن الأحمر. أطلق طاقته الظلية، ليس للهجوم، بل للقياس الوجودي. بالنسبة للجن، فإن العالم المادي يُصدر توقيعات، وحتى الكائنات التي تُخفي ذاتها تترك خلفها فراغاً سلبياً في النسيج المحيط.
انتشر الظل من باطن قدمي بابادوك، كأنه مادة سائلة سوداء تمتص الضوء المُتبقي في الغرفة. عندما وصل الظل إلى النقطة التي كان فيها الكيان الخفي يخنق بابادوك، شعر الأخير بمقاومة. لم تكن مقاومة جسدية، بل مقاومة إدراكية؛ نقطة كانت فيها كثافة الظل أقل، وكأن الضوء يُسحب منها عمداً. كانت تلك هي بقعة الفتى المُختبئ.
توقفت القهقهة فجأة، وحلّ محلها صوت لاهث خفيف، كأنه أدرك أنه قد تم كشفه.
فتح بابادوك عينيه على اتساعهما، مُركزاً قوته الجنية على هذا الفراغ الوجودي تحديداً. لم يرَ جسداً، لكنه رأى التوقيع الطاقي للمخلوق: شكل مُرتجف لصبي نحيل. والأهم من ذلك، رأى شيئاً واحداً لم يتمكن سحر الاختفاء من إخفائه بالكامل، شيء سقط على الأرض عندما ارتجف الصبي: جديلة شعر صغيرة من الشعر البني الداكن.
"أنت لست خفياً،" قال بابادوك بصوت خشن ومُتعب، وقد عرف الآن مكان الكيان بدقة عالية. "أنت لا تريد أن تُرى. لكنني أرى الفراغ الذي تتركه، والشيء الذي لم تستطع إخفاءه."
عندما عرف بابادوك مكانه، فقد الكيان الخفي قوته. كان سحره يعتمد على الجهل والإحباط. الآن بعد أن تم كشفه، أصبح ضعيفاً ومُتزعزعاً.
استخدم بابادوك يديه المرتعشتين للضغط على نقطة الفراغ الطاقي. لم يلكم، بل ضغط بقوة الجني المُتجسد على نقطة الوجود.
بنج!
تراجع الكيان الخفي بسرعة، مُطلقاً صوتاً كالنحيب الخفيف. لم يمت، بل تحول إلى كرة ضبابية بيضاء اندفعت بسرعة جنونية نحو الجدار، واخترقت الطوب في لحظة لتختفي، تاركة خلفها حفرة صغيرة وبقايا الجديلة على الأرض. لقد هرب الفتى الخفي، خوفاً من الرؤية.
تنفّس بابادوك الصعداء وسقط على الأرض، وهو يلهث ويضغط على حنجرته المُصابة. لم يكد يستعد لتقييم الموقف حتى سمع ضوضاء التصادم القوية من الخارج.
في الخارج: قتال ماركو وقط الكذب
في الشارع المُدمّر، كان ماركو (الرجل ذو القرون الفضائية من قبيلة الريف) ينهض من حطام السيارة، ممسكاً بمسدسه الفضائي الصغير. أمامه كان يقف كائنان فضائيان ببدلات فضائية مُشعّة. لم يتكلم الكائنان، بل أصدر أحدهما صوتاً غريباً يشبه حفيف المعدن المُحتك، بينما رفع الآخر سلاحه النحيل.
أطلق الكائن الأول شعاعاً أزرق لامعاً. لم يكن الشعاع مُدمراً، بل مُجمداً. أصاب الشعاع الأرض بجوار ماركو، وتحول الرصيف الأسفلتي إلى بلورات ثلجية في أقل من جزء من الثانية.
تجنب ماركو الشعاع وتراجع خلف سيارة مقلوبة.
"يجب أن نمنعهما من إصابتنا بهذه القوة،" تمتم ماركو لنفسه، وهو يرفع مسدسه الصغير.
انزلق قط الكذب برشاقة من تحت السيارة، وهو يقهقه بصوت يشبه صوت حك الأظافر على السبورة. القط لم يكن كبيراً، لكنه كان مغطى بفرو أسود داكن لامع وعيناه تشتعلان ببريق شرير.
"سياو!" نادى ماركو على القط بلهجة قبيلته. "حاول أن تشغل أسلحتهم. أنا سأستخدم هذا."
لم ينتظر القط أمراً آخر. اندفع قط الكذب نحو الكائنين الفضائيين، مُطلقاً صوتاً كالصفير العالي. كان الهدف واضحاً: الوصول إلى أذرعهما الممسكة بالأسلحة.
تفاجأ الكائنان بسرعة القط الخارقة. حاول الكائن الثاني إطلاق شعاع التجميد على القط، لكن القط كان أسرع. وصل قط الكذب إلى ذراع الكائن الأول، واستخدم مخلبه الفولاذي الحاد لقطع سلك الطاقة الذي يغذي سلاحه.
تشششش!
توقفت قوة السلاح، وبدأ الدخان يتصاعد من ذراع الكائن الأول.
"آآآه!" أصدر الكائن الأول صوتاً غريباً يشبه صوت توقف المُحرّك فجأة، وهو يضع يده على ذراعه.
استغل ماركو تشتت انتباههما. أطلق من مسدسه الفضائي رصاصة طاقة حمراء صغيرة نحو ساق الكائن الثاني. أصابت الرصاصة هدفه، مُحدثة ثقباً صغيراً في بدلة الفضاء. لم تسقطه الرصاصة، لكنها سببت له ضرراً.
غضب الكائن الثاني. أصدر صوتاً كصوت الحمم الغالية ورفع سلاحه المتبقي نحو ماركو.
في تلك اللحظة، قفز قط الكذب بمهارة فائقة على ظهر الكائن الثاني، وبمخلب واحد حاد، قطع عُنق بدلة الفضاء بدقة عالية.
بوششششش!
خرج هواء مضغوط من البدلة، وبدأ الكائن الفضائي الثاني يرتجف ويسقط أرضاً، وهو يطلق صوتاً كـ نقيق الضفادع المُتألمة. سقط سلاحه على الأرض.
سحب ماركو مسدسه، وأطلق رصاصة أخرى في صدر الكائن الأول المُصاب. سقط الكائن الأول على الأرض، وانطفأ التوهج الأزرق في خوذته.
تمت هزيمة الكائنين الفضائيين.
داخل المنزل: مواجهة بليك والكلب الطائر
عادت الأوضاع إلى داخل المنزل. كان بليك قد استعاد كتاب شمس المعارف وسيفه (كاتانا) بعد أن سقطا. كان يقف الآن أمام الكلب الطائر (البودل الغاضب).
الكلب الطائر لم يتكلم، بل كان يطلق نباحاً قوياً وزئيرياً لا يمت لكونه كلباً صغيراً. كان ينفث حرارة شديدة، وغضبه يتصاعد، مما جعله يرتفع قليلاً في الهواء حول آلة كتابة فيرتشايلد.
"هذا هو وقتك، أيها الساحر،" قال فيرتشايلد بصوت يائس، وهو يُحاصر من جديد من قبل تماثيل الجان المُتجددة. "لن أستطيع الصمود طويلاً أمام هذا الغباء السيراميكي!"
تجاهل بليك فيرتشايلد للحظة. نظر إلى الكلب. كان يدرك أن طاقة الكلب تتغذى على الفشل والهزيمة. إذا استمر في القتال المباشر، فسوف يخسر.
"سأفعلها بسرعة،" تمتم بليك.
لم يستخدم بليك أي طاقة سحرية، بل اعتمد على مهاراته البدنية وسيفه فقط. اندفع بليك بخطوات خاطفة نحو الكلب الطائر. كان الكلب يطلق نباحه المدوي في محاولة لإيقاف بليك، لكن بليك كان يتقدم.
استهدف بليك مركز طاقة الكلب: عينيه الغاضبتين.
رفع بليك سيفه عالياً، وبدلاً من توجيه ضربة قاضية، وجه سلسلة من ثلاث طعنات سريعة ودقيقة كإبرة السيف.
* الطعنة الأولى: استهدفت الكلب في الهواء. تجنبه الكلب بحركة التفافية سريعة، وأطلق نباحاً أعلى.
* الطعنة الثانية: استهدفت جانبه. أصابته الطعنة بشكل خفيف، مما أدى إلى تراجع توهج الغضب قليلاً.
* الطعنة الثالثة والأخيرة: كانت سريعة كـ ومضة ضوء، استهدفت منتصف جبهة الكلب.
أصابت الطعنة الأخيرة، لكنها لم تقتل الكلب. بدلاً من ذلك، سببت تشققاً في المادة المُتجسدة التي شكلته.
أطلق الكلب عواءً حاداً ومُتألماً، ثم بدأ ينهار. تحوّل الكلب الطائر مرة أخرى إلى بودل صغير وذابل، وسقط على الأرض بلا حراك، بينما كانت طاقة الغضب تُغادره. لقد عاد إلى شكله الأصلي في القصة، مُنهكاً ومُعادلاً.
دخل ماركو الغرفة حاملاً مسدسه، وبجانبه قط الكذب.
"هل انتهينا؟" سأل ماركو، وهو ينظر إلى الكلب الهامد على الأرض.
"انتهينا من الكلب،" أجاب بليك، وهو يعيد سيفه إلى غمده. "لكن ليس من تماثيل الجان."
كان فيرتشايلد ما يزال محاصراً، وتماثيل الجان السيراميكية تتجدد باستمرار وتزحف نحوه.
"الآن،" قال بليك، وهو يفتح الكتاب، "حان وقت العمل الذي جئنا من أجله."
نظر بليك إلى كتاب شمس المعارف الذي كان يحمله، ثم حول بصره نحو فيرتشايلد الذي كان ما يزال محاصراً بين التماثيل السيراميكية المتجددة. كان الكاتب يجلس خلف آلته الكاتبة، يده تغطي وجهه بينما يتصاعد صوت الطقطقة الخافتة لعودة الجان إلى الحياة.
"الآن، يا فيرتشايلد،" قال بليك بصوت هادئ ومُتحكّم، بينما كان ماركو وقط الكذب يقفان كحراس خلفه، وبابادوك يتكئ على الحائط ليستعيد أنفاسه بصعوبة. "أخبرني ما هو الإجراء اللازم. يجب أن نبدأ عملية الإغلاق، وإلا فإن هذا التجدد اللعين سيستمر إلى الأبد."
رفع فيرتشايلد رأسه، وعيناه تحملان إرهاق سنين من الخيال المُتجسّد. "الإغلاق... يتطلب تركيزاً مطلقاً، يا بليك. يجب أن أكتب جملة واحدة، هي مفتاح العودة، في آخر صفحة بيضاء في الكتاب. ولكن انظر حولك! هل تظن أنني أستطيع التركيز بينما هذا الغباء السيراميكي يحاصرني؟"
نظر بابادوك إلى بليك، وعبّر عن رأيه بصوت مُتعب: "المنزل ليس آمناً. هذا الكلب الطائر المُستنزف، والفتى المُختبئ الذي هرب، وتماثيل الجان التي تتجدد بالحبر المُمزق من قصصه... هذا المنزل هو بؤرة سحر الكاتب. كل ضربة تُوجّهها هنا تزيد من الفوضى وتُغذي قدرة المخلوقات على التجدد. يجب أن نأخذ الكاتب والكتاب ونخرج من نطاق نفوذه السحري الفوري."
تدخل ماركو، وهو يلمس القرنين على رأسه بحركة عصبية. كان يتفحص الكائنين الفضائيين المُتجمدين اللذين هزمهما مع قط الكذب. "نعم، هذا صحيح. الكائنان اللذان حاربتهما لم يكونا هنا مصادفة؛ لقد أرسلا لتعطيل فيرتشايلد والحصول على الكتاب. هذا يعني أن المليارديرات يعرفون أن هذا الموقع هو نقطة الضعف. يجب أن نغادر الآن، قبل أن يصل المزيد من عملاء الغابة أو أي مرتزقة كونية أخرى."
نظر بليك إلى فيرتشايلد، ثم إلى بابادوك. كان كلامهما منطقياً جداً. القتال في مركز سحر الكاتب هو قتال ضد قانون التجدد اللامحدود.
"حسناً، سننسحب فوراً،" قرر بليك، وربط حزام سيفه بإحكام. "إلى أين؟ نحن محاطون بمدينة موبوءة بوحوشك، يا فيرتشايلد. يجب أن نجد مكاناً له توكيدية واقعية قوية، مكاناً لا يمكن لسحر الخيال أن يزدهر فيه بسهولة."
ارتجف فيرتشايلد للحظة، ثم قال: "إلى الثانوية. إلى ثانوية روزالين."
رفع بليك حاجبه: "الثانوية؟ تشرح لي كيف يمكن لمدرسة مليئة بالمراهقين والضوضاء أن تكون محمية ضد الجان وكلابك الطائرة، بينما نحن لا نستطيع حماية هذا المنزل السحري؟ يجب أن يكون تفسيرك واقعياً، يا فيرتشايلد."
تنفس فيرتشايلد بعمق، وبدأ يشرح بلهجة عالم مُنهك: "الأمر يتعلق بالهندسة المعمارية السردية للأحداث. هذا المنزل، وشارعه، كتبتهما وأنا أعيش في أقصى مراحل العزلة والوحدة. إنه مكان خيال خام. أما الثانوية..."
شعر فيرتشايلد بالكلمات تتجمّع في حلقه، لكنه استمر: "لقد توقفت عن الكتابة عنها في رواياتي قبل سنوات. لقد كانت مكاناً مليئاً بالحياة، بالضوضاء، وبالتوقعات الإنسانية البحتة غير الخيالية. المدرسة ليست لي؛ إنها للمجتمع. ثانياً، ثانوية روزالين، هي الآن تقع في نطاق حماية درع البث والتغطية الإعلامية الخاصة بالمدينة. عندما تنهار مدينة، فإن المراكز التعليمية تظل نقاط تجمع، وبالتالي تكون محاطة بضوضاء واقعية لا يمكن للخيال أن يخترقها. الخيال، يا بليك، يزدهر في الصمت والوحدة، وليس في فوضى الحياة اليومية. الثانوية هي نقيض السحر الخام."
أومأ ماركو ببطء: "كلام منطقي. إنها نقطة إدراك جماعي غير خيالي. فيرتشايلد محق. المكان الذي تتواجد فيه الحياة اليومية الصارخة لا يترك مجالاً للخيال ليُجسّد نفسه بقوة."
"حسناً، الثانوية إذن،" وافق بليك، وهو ينظر إلى بابادوك. "هل تستطيع الحركة؟"
نهض بابادوك، ووضع مظلته المكسورة تحت ذراعه. "أستطيع المشي، يا بليك. لكن علينا الإسراع."
اندفع الأبطال الأربعة وقط الكذب نحو الباب الخلفي للمنزل. كان بليك يحمل كتاب شمس المعارف تحت إبطه، ويده على مقبض سيفه، بينما كان ماركو يساعد فيرتشايلد على المشي بسرعة.
"هيا يا فيرتشايلد، لا وقت للحنين إلى الماضي!" حثّه ماركو، وهو يسحبه من ذراعه.
"الحنين؟ بل الرعب، يا ماركو،" قال فيرتشايلد، وهو يلهث.
عندما تجاوزوا عتبة الباب، نظر بابادوك خلفه للمرة الأخيرة نحو داخل المنزل.
ما رآه كان منظراً مرعباً ومُؤكداً لضرورة انسحابهم.
كان الكلب الطائر المُستنزف والمُصوّب عليه السيف قد بدأ بالتجدد!
لم يكن تجدداً سريعاً كالجودة الفائقة، لكنه كان يحدث. بدأت بقع سوداء لامعة، كالـحبر الأسود اللزج، تنساب من تحت جثة الكلب المتهالكة، وتتجمع حول التشقق الذي أحدثه سيف بليك في جبهته. كان الحبر يتصاعد ببطء، يُعيد الكثافة والصلابة للمادة السيراميكية.
الأمر لم يتوقف عند الكلب. نظر بابادوك بسرعة إلى الكائنين الفضائيين اللذين هزمهما ماركو وقط الكذب في الخارج. كانا ملقيان على الأرض، لكن الحبر الأسود ذاته كان يتسرب من الأرض المُتصدعة تحتهما، ويغطي الثقوب التي أحدثها مسدس ماركو ومخالب القط. كان الحبر يلتف حول الأطراف المقطوعة، مُعيداً ترميم السلك المقطوع والخوذة المكسورة.
"بليك! ماركو! الآن!" صرخ بابادوك بصوت جهوري وقلق، اندفع وراءهما. "جميعهم يتجددون! المنزل لم يعد صالحاً للقتال! إنهم يستخدمون حبر الوجود السحري، وبمجرد أن يستعيدوا قوتهم، لن نتمكن من هزيمتهم مرة أخرى إلا بالتضحية!"
ازدادت وتيرة هروبهم. كان ماركو يحمل فيرتشايلد تقريباً، بينما كان بليك وقط الكذب وبابادوك يغطون ظهرهم. كان عليهم أن يقطعوا مئات الأمتار من الشارع المُدمّر والمليء بالأنقاض للوصول إلى الثانوية.
"كم تبعد الثانوية؟" سأل بليك، وهو يركض بكل قوته.
"ليست بعيدة! ثلاث بنايات أخرى، ثم انعطاف حاد يساراً!" صرخ فيرتشايلد من بين ذراعي ماركو. "إنه مركز المدينة! يجب أن نصل قبل أن يتمكنوا من التجدد بالكامل!"
كانت خطواتهم تصدر صوتاً مدوياً على الزجاج المكسور والأنقاض، لكن الأصوات الأخرى بدأت تلاحقهم:
النباح الجهوري للكلب الطائر، الذي أصبح أعلى وأقوى من جديد، مُعلناً عن عودته إلى وعيه وقوته.
القهقهة المزعجة والطفولية للفتى الخفي، التي عادت تتردد من مكان ما خلفهم، تُذكّر بابادوك بأنه ما يزال يطاردهم.
صوت حفيف معدني مُحتك، يليه صوت نقيق الضفادع المُتألمة، مما يدل على أن الكائنين الفضائيين قد استعادا وعيهما وبدآ في ملاحقتهم بأجساد مُرمّمة جزئياً.
نظر بليك خلفه. كانت تلك الكيانات تخرج من المنزل، لكنها كانت تتأخر في الملاحقة، وكأنها تحتاج بضع ثوانٍ لتجميع نفسها بعد التجدد. كان التفسير منطقياً: التجدد بالحبر يتطلب طاقة ووقتاً، وهم يكسبون هذه الثواني الثمينة بالهروب.
"بليك!" صاح بابادوك، وهو يركض بجواره، ويده تضغط على ضلوعه. "إذا وصلوا إلى الثانوية معنا، فسنأخذ لعنة التجدد معنا! يجب أن نكون أسرع!"
أومأ بليك، وعيناه ثابتتان على المبنى البعيد الذي كان يتميز بهندسة معمارية حديثة ومألوفة. ثانوية روزالين. رمز للواقعية الصارمة.
"علينا أن نصل إلى نطاق التوكيدية الواقعية للمدرسة قبل أن تتقدم هذه المخلوقات السيراميكية خطوة أخرى!"
استمروا في الاندفاع عبر الأزقة
المتهدمة، وتلك الأصوات المُشؤومة تزداد قرباً. كانت تلك سباقاً ضد الزمن وضد قدرة الخيال على تجسيد نفسه مرة تلو الأخرى.